كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

تغريداتٌ في حبّ محمد خان

القاهرة - مصطفى فتحي

عن رحيل

محمد خان..

ملك الشخصيات والتفاصيل الصغيرة

   
 
 
 
 

في نهاية العام 2015 أصدر محمد خان، كتابًا يضمّ مقالات ترصد خبراته مع الحياة والناس والسينما، ولم يحوِ الكتاب أي كلمة عن الموت أو الحزن. ربما شعر مخرج «خرج ولم يعد» أن نهايته اقتربت، فأراد أن يمهد الأمر بطريقة مبهجة تشبه أفلامه. وقتها احتفى مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بالكتاب، وحضر العشرات منهم حفل توقيعه، ومنذ إعلان خبر وفاته صباح أمس، وجد عشاق خان في «السوشال ميديا» مكانًا مناسبًا للتعبير عن حبهم لخروج خان من عالمهم الافتراضي..

وعلى العكس من مخرجين كثر، لم ينفصل خان عن مواقع التواصل، فأنشأ حسابًا شخصيًا على «فايسبوك». وآخر ما نشره عبّر عن حزنه جراء غياب الأفلام المصرية عن «مهرجان الفيلم العربي»، وكتب: «عجبي مهرجان الفيلم العربي لا يشمل فيلما واحدا مصريا... آه يا زمن». نشاط خان الافتراضي أرسى بينه وبين جيل الإنترنت ارتباطًا حقيقيًا، وبمجرد إعلان خبر وفاته رسميًا بدأ ما يمكن اعتباره عزاء افتراضيا، أبطـــاله ليسوا نجومًا أو زملاء عمل أو حتى شخصيات رســمية، أبطاله مجرد عشاق للمخرج المتمرد.

كتب أحد محبي خان على «فايسبوك»: «لماذا يصر الحزن على محاصرتنا؟ يكفي مصر فخرًا أنه غادر الحياة مصريًا وطنيًا.. قدم لمصر ما لم يقدمه آخرون حملوا الجنسية بالوراثة!!» (ولد خان لأب باكستاني وأم مصرية وحصل على الجنسية المصرية بقرار رئاسي في آذار العام 2014). واعتبره آخر «صفحه مميزة ومتفردة لها ملامحها الخاصة في كتاب السينما العربية المعاصرة. هو الذي عاش حياته مبتسما ليقابل أحزان الحياه بالفرح والإبداع والأفلام».

على «تويتر» تصدّر وسم #محمد_خان قائمة «الترينزد» في مصر. وغرّد أحد عشاقه: «مقدرش اتخيل حياتي من غير ضربة شمس، الحريف، خرج ولم يعد، أحلام هند وكاميليا، موعد على العشاء (مجموعة من أهم أفلام خان) أنا كبرت وأنا بتفرج على الأفلام دي». وغردت أخرى «ورحل آخر المخرجين العظماء، محمد خان خــــرج ولم يعد». وأعلن ثالث عن حبه لخان مغرّدًا: «أفلامه هي التي حبـــبتني في عالم السينما، وكان أول مخرج أحفظه اسمه جيدًا، ودائمًا كنت في انتظار جديده».

لم تبتعد السياسة عن أفلام محمد خان، كذلك حضرت في كتابات مغردين، فنشر الحساب الرسمي لحركة «6 إبريل» المعارضة على «تويتر» صورة لخان وهو في ميدان التحرير أثناء «ثورة يناير»، وانسحب الأمر على صفحات معارضة أخرى.

كما جمع الناشطون أسماء أفلام محمد خان في تغريداتهم منها: «الحرّيف محمد خان.. خرج قبل زحمة الصيف ولم يعد!» و «وداعاً الأستاذ العبقري محمد خان، من أثرى وجداننا بأحلام هند وكاميليا صغاراً وأخبرنا عن أيام السادات شبابًا ورحل قبل زحمة الصيف». وجاء في إحدى التغريدات: «علمتنا حب الحياة والسينما، اعتقدنا كلنا أنك لن تغادرنا أبدًا، ولكنك كنت دائمًا.. خارج التوقعات!». وما زالت التغريدات في حب خان مستمرة، على وسائل التواصل الاجتماعي.

رحيل المخرج محمد خان

غيب الموت فجر اليوم المخرج السينمائي الباكستاني – المصري محمد خان، (مواليد العام 1948)، إثر وعكة صحية ألمت به.. ويعد خان من أبرز مخرجي السينما وبخاصة في الثمانينيات حيث قدم 21 فيلماً منها "ضربة شمس"، "الحريف"، "عودة مواطن"، "ايام السادات"، "بنات وسط البلد"... وكان آخر أفلامه "قبل زحمة الصيف" الذي قدمه العام الماضي، ونال العديد من الجوائز من المهرجانات الدولية.وخان متزوج من المؤلفة وسام سليمان ولديه ابنة وحيدة هي نادين التي إتجهت أيضاً للإخراج السينمائي.

موسيقار الهزائم النبيلة

جمال الجمل

فشل محمد خان في أن يحقق حلمه كمهندس معماري، لكنه نجح في أن يصبح موسيقاراً! ليس هناك خطأ معلوماتي عن المخرج السينمائي الراحل، الذي انكسرت ساقه، فانفطر قلبه وسالت دموع رئتيه، لتصل به إلى المحطة الأخيرة التي ظلّ يفكر فيها بلا انقطاع طيلة 74 عاماً... إلى الموت.

ذات مرة سألت خان عن «مشروعه السينمائي»، فتحوّل النقاش إلى أزمة عاصفة انتهت بخصام استمرّ سنوات، كان خان يكره حتى الحساسية كلمة «المشروع» ويتخوّف من الحديث عن المضمون، وينفعل وهو يقول بعناد طفولي: «ليس عندي مشروع، والسينما ليست مضامين.. السينما قطعة عفوية من الحياة، أقتلها بمنتهى الخسة لو حبستها في قفص التخطيط والتحنيط».

في مرة ثانية كتبت مقالاً عن المقاربة بين نهايات أفلام خان ونهايات مسرحيات ألبير كامو، ورصدت حالة الضياع والانكسارت التي تسيطر على شخصيات خان، وتأملت اختياره اسم «فارس» في متوالية فيليمة لا تخضع لترتيب زمني، وأخبرني خان بعدها بسنوات أن هذا المقال كان مفاجئاً له حتى الدهشة، فهو لم يفكر في ذلك كله، لكنه شعر أنه صحيح تماماً، وفسّر لي أنه يعمل بحالة من العفوية والتلقائية مخلصاً للتدفق النفسي والشعوري الذي يختزنه تجاه أبطاله، برغم أنه لم يكتبهم، لكن اهتمامه بالإنسان الفرد جعله يتجاوز فكرة السيناريو الذي يكتبه غيره عادياً، بل ينظر إليه باعتباره «قدراً»، ما عليه إلا أن يتعامل معه من خلال الشخصية الإنسانية (الممثل)، لذلك يهتم كثيرا بإدارة الممثل، ويحاول أن يجعل العناصر كلها في خدمة انفعالاته وتعبيراته، لذلك فإن الدراما عنـــده، كما عند مثــله الأعلى أنطونيوني لا تنطلق من «الحدوتة» ولا من الحبكة القصصية، لكنها تنطلق من الشخصيات.

ولماذا يغلب على هذه الشخصيات الحزن والانكسار وتحاصرها الهزيمة والموت؟ سألته، فقال: لأن الشخصيات التي أراها في الحياة دائماً مقهورة.. مطاردة.. مأزومة.. تعاني، لكنها أيضاً تقاوم.. تحبّ.. تأكل بنهم وتلذّذ..

فلاش باك

عندما سافر خان إلى لندن مع والده، انتظم بعض الوقت في دراسة الهندسة المعمارية، وكررت عليه سؤالاً افتراضياً: هل تخيلت علاقتك بالتخطيط وعقلية «الاسكتش» لو أتممت دراستك كمهندس؟.. كان يرفع حاجبية ويهم بالحديث، ثم يبتسم فجأة، ويرد بلهجة طفولية نزقة: مش عارف.. أكيد كنت هكون مهندس البنايات البديعة جداً، لكنها كانت ستسقط على رؤوس مَن يسكنها!

كان خان يتصور أن إجابته مجرد مزحة، لكنني كنت أعتبرها إجابة جمالية صادقة تعبر عن رؤيته للسينما (لم استخدم اصطلاح «مشروعه السينمائي» احتراماً لصاحب «الرغبة»)، وتشكل امتداداً لتأثره الدفين بالمخرج الإيطالي مايكل انجلو أنطونيوني، وبأجواء الموجات الأوروبية في الأدب والسينما، فهناك لمسات واضحة من جودار وفيلليني، بحيث يمكن القول إنه (مع جيل الواقعية الجديدة في الثمانينيات) صنعوا مزيجاً مصرياً من الواقعية الجديدة في إيطاليا، وموجة السينما الجديدة في فرنسا، حيث الانفتاح على الشارع، وكسر النمط الهوليودي التقليدي للشخصيات، والتوسّع في تبنّي نموذج «البطل المضاد» الذي يخاصم التراجيديات الإغريقية القديمة بأبطالها الملحميين، ويقدّم شخصيات ضائعة ومهزومة من المهمّشين (المصوّر الصحافي في «ضربة شمس»، سائق الأجرة في «طائر على الطريق»، صانع الأحذية ولاعب الكرة الشراب في الحريف، تاجر العملة والخادمة وبائعة الخضروات في «أحلام هند وكاميليا»... إلخ) كأنه يحارب أبطال الإلياذة بجيش من المهمّشين المنكسرين الحزانى، دون المرور بعصر دون كيخوته.

الموسيقار

لكن هل كان خان موسيقاراً حقاً؟

نعم.. باستثناء بوستر تمثال الحرية في فيلم «سوبر ماركت» لم يهتمّ محمد خان بالنحت اهتمام أستاذه أنطونيوني به، ولم يتطرّف في إعدام السرد التقليدي كما فعل جان لوك غودار، لكنه أظهر اهتماماً فائقاً ومميزاً بشريط الصوت، بل يمكن اعتباره رائد تحرير السينما من النمط التعبيري التقليدي للموسيقى التصويرية، حيث عزف خان موسيقاه بأصوات الشارع الطبيعية خاصة في المدن.. الأصوات المنبعثة من الراديو، ونفير السيارات، وزمجرة الشجارات العالية في الأحياء الشعبية، وضجيج الورش، والمقاهي...

لم يحرص على تنقية الأصوات أو اختزالها بل كان يبذل مجهوداً كبيراً في تنسيق التداخل المزعج بين هذه الأصوات وإعطاء التشويش حقه في التأثير على الوضوح دون أن يتنازل عن الشحنة التعبيرية لشريط الصوت، حتى أن الخلاصة التعبيرية في نهايات عدد من أفلامه تتضاءل كثيراً إذا حذفنا المؤثرات الصوتية التي ابتعدها خان، ففي نهاية الخريف يبدو صوت «لهاث فارس»، مركزاً للتعبير عن الرحلة المُضنية لبطل ضائع في «مرحلة انتقالية»، فالشاب المتمرّد على عيشته لا بد أن يغادر هواية كرة الشوارع بمباراة أخيرة لإثبات الوجود أمام «حريف صاعد» ومهنة منقرضة، وعندما ينجح في تسديد هدف الفوز بعد الهزيمة يجري نحوه ابنه ويسأله: مش حتلعب تاني يابا صحيح؟ فيجيب من وسط صوت اللهاث المرتفع بتعبيرية تتجاوز الواقع: خــــلاص يا بكر.. زمن اللعب راح»، وتظلم الشاشة لكن اللهاث يتواصل حتى تظهر كلمة النهاية.

(ناقد مصري)

فارس الأحلام المكسورة

علي زراقط

منذ فيلمه الأول «ضربة شمس» (١٩٧٨)، شكلت «تيمة» الأحلام الموضوع الرئيس في أفلام محمد خان. إلا أنّ «أحلامه» هذه تبدو ـ من منظاره ـ محكومة بالخسارة، والانكسار، ومهزومة سلفاً. من سعاد حسني التي تخسر حلم الحب في «موعد على العشاء» فتتحول إلى الانتقام، إلى يحيى الفخراني الذي يبلعه الريف بعد أن تسحقه المدينة في «خرج ولم يعد» (١٩٨٤)، أو الفخراني نفسه الذي يعود إلى بلاده بعد سنوات من العمل في الخليج، ليجد نفسه عالقاً في أكذوبة كبيرة في «عودة مواطن» (١٩٨٦)؛ أما عادل إمام فيضطر للاختيار ما بين أسرته وكرة القدم التي تشكل متعته الوحيدة في «الحريف» (١٩٨٣)، فيما تتدمّر أحلام ميرفت أمين الزوجة التي تطمح إلى حياة رومنسية مع زوج بدا مثالياً، إلا أنه تحوّل إلى كابوس من الأنانية والتسلّط في «زوجة رجل مهم» (١٩٨٨)، لا تتوقف الأحلام عن الانكسار في أفلام محمد خان، كما لا يتوقف الأبطال عن صناعتها من جديد. فيلماً تلو الآخر، يرسم البسطاء أحلامهم على أرصفة الطرقات، في شوارع وسط البلد، مصر الجديدة، في الأرياف القريبة، وفي كل المدينة المتمددة كمارد يحضن أولاده ثم يسحقهم.

المغامرة
غادرنا المخرج المصري/الباكستاني، محمد خان عن عمر الثالثة والسبعين. المخرج الذي ظلّ وفياً لأحلامه حتى النهاية، وعُرف بأنه عراب ما سمّي بـ «الواقعية المصرية الجديدة»، وهو تيّار انتشر في السينما المصرية منذ نهايات السبعينيات وصولاً إلى نهاية الثمانينيات. مع أبناء جيله (خيري بشارة، عاطف الطيب، وداوود عبد السيد) أخرج خان السينما من الأستوديو إلى الشارع، وتبنّى السرد على طريقة المغامرة. يدخل أبطاله الفيلم في حال من الأمل، في حال من الحركة تصف أصل شخصياتهم. في «أحلام هند وكاميليا» (١٩٨٨) نفهم منذ المشهد الأول أن هند (عايدة رياض) فتاة بريئة تريد السترة، فيما كاميليا (نجلاء فتحي) تبدو متمردة. كلتاهما تريدان التخلص من الشقاء وتجمعهما الصداقة، يشكل اللقاء بينهما مساراً يقود إلى المغامرة المرتكزة على التناقض في بنية الشخصيتين، فتتوالى الحالات التي تستدعي منهما اتخاذ خيارات، كلّ خيار يؤدي إلى مأزق جديد، وتستمر الدوامة إلى ما لانهاية. هي دوامة الخروج من بنية الحماية العائلية لنساء ضمن مجتمع صغار الكسبة. البنية مشابهة أيضاً لفيلم لاحق لخان هو «بنات وسط البلد» (٢٠٠٥) حيث نرى هند صبري، ومنة شلبي الآتيتين من الضواحي البعيدة تحاولان البحث عن الحب في وسط البلد، لتقعا في الكذب.

لا نقاء في أفلام محمد خان، كما أن لا شرّ مطلقا (إلا في استثناءات قليلة) ولا خير مطلقا. كل الشخصيات آثمة بشكل من الأشكال، كل الشخصيات ضحايا لقوة أكبر منهم. حتى أحمد زكي في «زوجة رجل مهم» (١٩٨٨) الضابط المتسلط، القامع لزوجته، والمتزلف للسلطة الأعلى حتى ولو على حساب الحق، يبدو قليل الحيلة أمام الظلم الذي يحيق به، يبدو مخدوعاً من النظام الذي آمن به، ومظلوماً في انسحاق أحلامه. الأمر الذي يجعله يخرج كبته هذا في زوجته، الى أن يؤدي به هذا الصراع الداخلي إلى قتل نفسه. في هذا الفيلم قدّم أحمد زكي أحد أفضل أدواره من حيث تركيب الشخصية، كما قدّم خان قراءة فنيّة مبدعة لحالة من الفراغ الشعوري لشخصيات تسبقها الأحداث، فتتآكل داخلياً في حيز مكاني ضيق هو عبارة عن شقة.

انتفاضة الخبز

نوع من البورتريه لزوجين لا يشبهان الواحد الآخر في شيء، في لحظة مفصلية سياسياً واجتماعياً في مصر، ألا وهي «انتفاضة الخبز» سنة ١٩٧٧، والتي شكّلت وصفاً لتغير المجتمع المصري مع حالة الانفتاح والتخلي عن قيم الثورة الناصرية. هذه اللحظة المؤسسة في تاريخ مصر الحديث، تبدو لحظة مؤسسة أيضاً في قراءة حالة محمد خان السينمائي، الذي عمل في كلّ ثمانينيات القرن الماضي، للتعبير عن هذا الانهيار في الحلم الناصري المتمثل برومانسية عبد الحليم حافظ والأب مهندس الري، ونشوء ما سمّي بمراكز القوى حيث تتبلور القوّة في يد مجموعة من الضباط المرتبطين بمجموعة من رجال الأعمال. في كلّ أفلام خان، نشاهد هذا التعبير عن الهزيمة، الذي شهد ذروته في فيلم «زوجة رجل مهم». هذه الهزيمة التي تبدو محورية، وقاتلة، هي المولّد الأساس للاحساس الرئيسي في قعر الشخصيات التي يقدّمها خان، نوع من الاحساس بالانسحاق الذي يولّد التواتر بين الرغبة في المقاومة والرغبة في الاستسلام. قد يكون هناك دور في هذا الموقف من الحياة، لسيرة خان المحكوم بأن يعيش «غريباً» في البلد التي ولد فيها، ونشأ وعمل، وهو الذي لم يحصل على الجنسية المصرية إلا مؤخراً قبل سنتين من وفاته. وللمفارقة العجيبة أنه توفي قبل أن يتم تكريمه من قبل مهرجان القاهرة السينمائي، الذي كان مقرراً في هذه السنة. كأنه في ذلك يقلّد شخصياته التي تدور في «الساقية» (كما يقول المصريون) وعندما يلوح الأمل تنقلب على نفسها، وتغتال الحلم.

رحل محمد خان أحد صانعي ذاكرتنا السينمائية عن مصر والقاهرة، أحد أفضل مديري الممثلين، والواصف للعلاقات المدينية الحديثة في قاهرة تنمو يوماً بعد يوم لتأكل سكانها. هو الذي حضر الأفلام صغيراً في صالة قرب بيته وواظب على الهرب من المدرسة لأجل المشاهدة، في مغامرة تبدأها الصدفة ويكملها القدر. يبدو لنا في استعادة شريط الأفلام التي أخرجها أنه لم يخرج عن أصل الحكاية. والحكاية في الأصل هي مغامرة تبدأ برغبة، يستدعيها الأمل ووعد بالمستقبل، إلا أنها تنتهي في انكسارات ضرورية لأجل انتاج أحلام جديدة.

محمد خان يغادر المشهد.. من يعيد اللقطة؟

منذ فيلمه الأول، خطّ محمد خان طريقا مختلفا لما كانت عليه السينما المصرية، في سبعينيات القرن المنصرم. قدم لغة طازجة، نضرة، بعيدا عن غالبية «الكليشيهات» التي اعتدنا عليها، لهذا بدت أفلامه للوهلة الأولى وكأنها تحفر مسارا جديدا. هذا المسار، لم يسلكه وحده، بل سار عليه مع عدد من مخرجين تميزوا بتقديم فن احترم عقول المشاهدين، مثلما أعاد تقديم صورة مختلفة لـ «نجوم» الشاشة المصرية الذين كانوا توقفوا عند عتبات لم يعرفوا كيف يتخطونها في أفلامهم، نظرا للصورة النمطية التي رُسِمت عنهم.

محمد خان، ليس تاريخا عابرا في السينما العربية: يكفي أن أربعة من أفلامه اختيرت ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية.. رقم ليس بقليل. مثلما ليس بقليل هذا «الريبرتوار» الفني الذي خلفه وراءه، والذي عرف بتنوعه كيف يجعلنا نعيد التفكير بما نشاهده.

محمد خان.. يغادر المشهد.. من سيعيد تصويب اللقطة؟

محطات
مواليد 26 تشرين الأول 1942في مصر لأب باكستاني وأم مصرية.

متزوج من وسام سليمان كاتبة السيناريو لفيلميه «بنات وسط البلد» و»في شقة مصر الجديدة». له ابنة تدعى نادين وتعمل في مجال الإخراج السينمائي.

كانت الهندسة المعمارية هي حلم طفولته، فسافر في العام 1956 إلى إنكلترا لدراستها، إلا أنه التقى بالصدفة بشاب سويسري يدرس السينما هناك وذهب معه إلى مدرسة الفنون، فترك الهندسة والتحق بمعهد السينما في لندن.

عاش في إنكلترا سبع سنوات، حيث أنهى دراسته في معهد السينما عام 1963.

عاد إلى القاهرة وعمل في شركة «فيلمنتاج» (الشركة العامة للإنتاج السينمائي العربي)، تحت إدارة المخرج صلاح أبوسيف، وذلك في قسم القراءة والسيناريو مع رأفت الميهي ومصطفى محرم وأحمد راشد وهاشم النحاس.

في العام 1965 سافر إلى لبنان ليعمل مساعداً للإخراج مع يوسف معلوف ووديع فارس وكوستا.

في العام 1967 سافر مرة أخرى إلى إنكلترا حيث أنشأ دار نشر وأصدر كتابين، الأول عن السينما المصرية والثاني عن السينما التشيكية.

في عام 1977 عاد إلى مصر وأخرج فيلماً قصيراً.

بدأ مشواره السينمائي بفيلم «ضربة شمس» في العام 1978، تجربته الروائية الفيلمية الأولى، والذي أعجب به نور الشريف عند قراءته للسيناريو، لدرجة أنه قرر أن ينتجه.

شارك في كتابة 12 قصة من 21 فيلماً قام بإخراجها.

أختير أربعة من أفلامه ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي: «زوجة رجل مهم» و «أحلام هند وكاميلا» و «خرج ولم يعد» و «سوبرماركت».

ألَّف مع بشير الديك وسعيد شيمي ونادية شكري وعاطف الطيب وخيري بشارة وداود عبدالسيد جماعة سينمائية أطلق عليها «جماعة أفلام الصحبة»، والفيلم الوحيد الذي قامت الجماعة بإنتاجه هو «الحريف».

بعد ثورة 25 يناير أطلق عدد من السينمائيين والمثقفين المصريين حملة إلكترونية تطالب الحكومة التي يرأسها الدكتور عصام شرف بمنحه الجنسية المصرية.

جوائز
جائزة تقديرية ذهبية عن الإخراج الأول من «مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي الأول»، و«جائزة العمل الأول» من «جمعية الفيلم»، و «جائزة الدولة التقديرية» عن فيلمه «ضربة شمس».

«جائزة لجنة التحكيم» في «مهرجان القارات الثلاث» (نانت) فرنسا (1981)، جائزة «لجنة التحكيم الخاصة» في «مهرجان جمعية الفيلم» (1982)، «جائزة التقدير الذهبية» من «الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما» (1981)، الجائزة الأولى في «ليالي الإسكندرية السينمائية» (1981) عن فيلمه «طائر على الطريق».

الجائزة الأولى (مناصفة مع فيلم «العار») في «مهرجان القاهرة الدولي» (1982) عن فيلمه «نص أرنب».

جائزة أفضل إخراج من جمعية الفيلم (1985)، الجائزة الثانية في «مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي الثالث» (1983)، «شهادة تقديرية» في «مهرجان برلين الدولي»(1983)، كما عرض داخل المسابقة الرسمية في «مهرجان موسكو الدولي» (1983) عن فيلمه «الحريف».

شارك في «مهرجان فالنسيا لدول البحر المتوسط»، بإسبانيا (1986)، عرض خارج المسابقة في «مهرجان كان الدولي» (1987) عن فيلمه «عودة مواطن».

جائزة «التانيت الفضي» وجائزة «أفضل ممثل» (يحيى الفخراني) في «مهرجان قرطاج الدولي» (1984)، الجائزة الخامسة في «مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي الرابع» (1984)، وشارك في مهرجانات «ستراسبورغ» بفرنسا (1985)، ومهرجان «السينما العربية» في باريس (1985)، ومهرجان «فالنسيا لدول البحر المتوسط» بإسبانيا (1985) عن فيلمه «خرج ولم يعد».

جائزة «السيف الفضي» و «جائزة أفضل ممثل» (أحمد زكي) و «جائزة النادي السينمائي الطلابي» في «مهرجان دمشق الدولي» (1987)، عن فيلمه «زوجة رجل مهم» الذي شارك كفيلم افتتاح وداخل المسابقة في «مهرجان موسكو الدولي» (1987)، وعرض في «سوق مهرجان كان الدولي» (1987) شارك في مهرجان ستراسبورغ بفرنسا 1987، ومهرجان فالنسيا لدول البحر المتوسط بإسبانيا 1987، ومهرجان مونتريال بكندا 1987، عرض على هامش المسابقة الرسمية في مهرجان القارات الثلاث (نانت) فرنسا 1987، ومهرجان القاهرة الدولي 1987 «.

جائزة أفضل ممثلة نجلاء فتحي في فيلم «أحلام هند وكاميليا» في مهرجان طشقند الدولي بالاتحاد السوفياتي 1988.

جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان دمشق السينمائي 2007 عن فيلم «في شقة مصر الجديدة».

جائزة الخنجر الفضي والجائزة الخاصة للجنة النقاد والصحافيين في مهرجان مسقط السينمائي 2008.

جائزة أحسن مخرج وأحسن ممثلة غادة عادل في مهرجان المركز الكاثوليكي 2008.

أفلامه
«ضربة شمس» (1978)، «الرغبة» (1979)، «الثأر» (1980)، «طائر على الطريق» (1982)، «موعد على العشاء» (1982)، «نصف أرنب» (1982)، «الحريف» (1983)، «مشوار عمر» (1985)، «خرج ولم يعد» (1984)، «عودة مواطن» (1986)، «زوجة رجل مهم» (1988)، «أحلام هند وكاميليا» (1988)، «سوبرماركت (1990)، «فارس المدينة» (1991)، «مستر كاراتيه» (1992)، «الغرقانة» (1993)، «يوم حار جداً» (1995)، «أيام السادات» (2001)، «كليفتي» (2004) (فيلمه الوحيد المصور بتقنية الديجيتال)، «بنات وسط البلد» (2005)، «في شقة مصر الجديدة» (2007)، «الأستاذ إحسان» (2010)، «المسطول والقنبلة» (2011)، «نســــمة في مهب الريح» (2012)، «عشم» (2013، تمثيل)، فتاة المصنع» (2014)، «قبل زحـمة الســـير» (2015).

السفير اللبنانية في

27.07.2016

 
 

رحيل محمد خان: انتهى زمن اللعب... وبقي زمن الأفلام

محمد جابر

بشكل أو بآخر يمكن النظر إلى تاريخ السينما المصرية إلى ما قبل محمد خان وما بعده، فالرجل الذي رحل بشكل مفاجئ عن عمر 74 عاماً قدم للفن في مصر ما هو أكثر من "أفلام جيدة"، بقدر ما فتح الطريق لجيل كامل عن طريق الخطوات الثورية التي صنع بها أفلامه.

محمد خان، الذي ولد في القاهرة عام 1942، عاش طفولة ملتصقة بالسينما حرفياً، حيث كان البيت الذي يسكنه يقع تماماً بجانب دار عرض سينمائي، كان يشاهد الفيلم في يوم عرضه الأول، ثم يجلس في بلكونة البيت يستمع للـ"صوت" ويتخيل الصور في بقية الأيام، تلك التفصيلة جعلته مرتبطاً بهذا الفن منذ الصغر.

حين عاد للقاهرة من لندن منتصف الستينيات كان ممتلئا بالرغبة في صناعة الأفلام، وبالفعل صور بعض الأعمال القصيرة وعمل في مؤسسة السينما، ولكن الوضع السياسي والاقتصادي الذي تدهور بعد حرب 1967 أدى به للسفر إلى لندن مرة أخرى والعمل في أشياء لا علاقة لها بالسينما، قبل أن تتغير حياته في منتصف السبعينيات، حين أصبح في قرابة الأربعين من عمره، حيث أتت المونتيرة نادية شكري في زيارة لإنكلترا وشجعته أن يبيع كل ما يملك ويعود للقاهرة كي ينتج فيلماً.

كان خان خفيفاً، باع فعلاً كل ما يملك، وعاد إلى القاهرة، تحديداً إلى بيت صديقه ومدير التصوير "سعيد الشيمي"، وقال له "هيا نصنع فيلماً"، وبدأا العمل على ما سيصبح بعد ذلك أول أفلامه وواحد من أفضلها "ضربة شمس".

نجاح "ضربة شمس" ووجود "خان" في القاهرة أدى لبداية تكوين "جيل جديد" من السينمائيين، ضم إلى جانبه خيري بشارة وعاطف الطيب ورأفت الميهي، وتكوين ما عرف بعد ذلك بالموجة الواقعية الجديدة في سينما الثمانينيات في مصر.

رومانسية السفر والطريق في "طائر على الطريق" عام 1981، أو مثلث الحب الممتلئ بالحدة في "موعد على العشاء" (1982)، فيلم الحركة ذو النكهة الفرنسية ومشاهد مطاردات الشارع التي لا تنسى "نص أرنب" (1983)، الشخصية والتفاصيل والمدينة في "الحريف" (1984)، كوميديا "خرج ولم يعد" في هجاء القاهرة والاحتفاء بالريف أو الحس الساخر في فيلم طريق جديد مثل "مشوار عمر"، بداية مرحلة من الاهتمام السياسي والاجتماعي بصورة أكبر مثل في "عودة مواطن" (1986) وأحلام هند وكاميليا (1988) وسوبر ماركت (1989) حيث يدور كل شيء على خلفية التغيرات الاجتماعية التي طاولت المصريين وتغير البنية العائلية بفعل المال والاقتصاد، إلى جانب فيلم العظيم "زوجة رجل مهم" الذي يحمل داخله دراسة سلوكية استثنائية لرجل الشرطة.. وعلاقة رومانسية تتجه للدمار.. مع الكثير من التفاصيل وسينما "خان".

مع نهاية الثمانينيات، انتهت الفترة الأهم والأكثر تألقاً في سينما "خان"، وبدأت المرحلة التي أصبح يرهق فيها جداً من أجل تمويل "فيلم جديد"، وهي مرحلة شهدت بالطبع خفوتاً في مستوى الأفلام، فبعد إنتاجه لفيلمه المهم "فارس المدينة" (1991)، خسر الكثير من الأموال بعد فشل الفيلم في دور السينما، وبدأ يصنع أفلاماً بها لمسة تجارية مع تدخل أكبر لشروط "السوق"، فأخرج "مستر كارتيه"، و"الغرقانة" و"يوم حار جداً" في النصف الأول من التسعينيات، مع محاولة في كل منهم لتحقيق نجاح تجاري يبقيه في اللعبة، ولكن هذا لم يحدث، وبدلاً من ذلك ظل 7 سنوات كاملة دون إخراج فيلم واحد بسبب عدم حماس أي من المنتجين للوقوف وراءه، وعدم وجود أموال لديه تجعله "منتجاً" مرة أخرى، ليعود مع "أيام السادات" (2001) رغبة في أن يقف وراء الكاميرا وتحقيقاً لطموح واحد من أصدقاء عمره أحمد زكي في تجسيد شخصية الرئيس الراحل أنور السادات في فيلم.

5 أفلام أخيرة

في الـ12 سنة الأخيرة أخرج "خان" 5 أفلام" في 2004 قدم "كليفتي" وهو فيلم دون تكلفة تقريباً وتم تصويره "ديجتال"، ثم في 2005 أخرج "بنات وسط البلد" محاولاً تقديم عالمه المعتمد على تفاصيل الشارع والمدينة من خلال نجوم شباب، وفي 2007 فيلمه الأكثر رومانسية في مسيرته كلها "في شقة مصر الجديدة" حيث حنين مخرج كبير لعالم أكثر خفة وبساطة على أنغام صوت ليلى مراد.

ورغم النجاح النسبي لـ"شقة مصر الجديدة" إلا أنه اضطر للانتظار 7 سنوات أخرى لإخراج فيلمه "فتاة المصنع" عام 2014، ثم "قبل زحمة الصيف" الذي عرض في وقت مبكر هذا العام، ورغم مشاكل الفيلمين الكبيرة على المستوى الفني، إلا أن ميزتهم الوحيدة الآن هي بقاء "خان" داخل اللعبة –كما أراد- حتى اللحظة الأخيرة في حياته، أخرج فيلماً ويحضر لأعمالٍ أخرى، ولكن الموت غيبه بأزمة قلبية مفاجأة.. لينتهي زمن اللعب وتبقى الأفلام.

مفارقات مرآة عربية مكسورة

شوقي بن حسن

في 2001، ظهر على شاشات السينما العربية فيلم "أيام السادات" للمخرج الراحل، أمس، محمد خان (1942 – 2016)، عملٌ من الأعمال السينمائية العربية القليلة التي تصنّف كفيلم تاريخ سياسي، غير أن تسمية "أيام السادات" يمكن أن تنطبق ليس فقط على هذا الفيلم الذي يتناول كواليس السلطة، بل على العديد من أفلام خان، خصوصاً في فترة دخوله المشهد السينمائي في ثمانينيات القرن الماضي.

إن أعمالاً مثل "طائر على الطريق" أو "عودة مواطن" أو "نص أرنب" أو زوجة رجل مهم" هي كلها أعمال تتحدّث عن "أيام السادات" لكن من زاوية مختلفة، إذ تتناولها كمناخ عام من موقع الشارع والمواطن المصري الذي أصبح يعيش كذرّة في مركبة تتقلب في الهواء بعد انتفاء قوانين الجاذبية مع دخول مرحلة "الانفتاح" الاقتصادي.

ثمة روابط عدة بين زمننا هذا وبين أيام السادات، بداية من كون هذه الأيام امتداداً لتلك، وصولاً لكون معارك عدة تتكرّر وإن اختلف اللاعبون فيها، معارك مثل تعرية الفساد أو مقاومة تردّي الأخلاق والذوق العام وتفشي أحلام الإثراء السريع وغيرها.

"انتقل إلى نزعة ميكرواجتماعية منكمشة على شخصيات تسرد حكاياتها"

كانت السينما التي اقترحها الجيل الذي دخل الساحة مع محمد خان مرآة صافية عن ذلك الزمن، كانت صدامية وحالمة في آن. لعلنا لا نملك اليوم إلا أن ننظر بحسرة وحنين إلى ذلك الزمن، وقد لا نملك تفسيراً محدّداً لسرّ ارتفاع أصوات تلك الأعمال وهي تدين الجو السائد، وتتتبّع في حكايات صغيرة تفاصيل الحياة اليومية والعقليات التي تحكمها.

بعد أكثر من ثلاثة عقود، تطوّرت أدوات السينما وتقنياتها في البلاد العربية، وتشعّبت مواضيعها وأنماطها. ظهرت أجيال من السينمائيين احتكّوا بكواليس الفن السابع في العالم وبعضهم تخرّج من أبرز معاهده، وأنتجوا أفلاماً كثيرة، لكن لا يزال الجمهور العربي متعلقاً بأفلام الثمانينيات بلغتها البسيطة وشفافيتها العالية واندماج جمالياتها في المضامين.

من المفارقات العربية أن ذلك الزمن الذي برع فيه المخرجون والكتّاب في مقاومة التردّي العام، كان فيه الجمهور غير قادر على الاحتجاج حيث كان الفضاء العام مغلقاً أو يكاد.

أما اليوم، فتبدو الآية وقد قلبت، إذ تتحرّك الحشود على الأرض أو في الفضاءات الافتراضية بعد أن جرى تعميم أدوات الضغط وجعلها شعبية، لكنها قلما تجد تعبيرات فنية راهنة متبلورة ومندمجة في خطابها أو مستبقة للتعبير عنه كما حدث في سينما جيل الثمانينيات، وحتى إن وُجدت بعض الأعمال التي تتبنّى مقولات فإنها لا تحقق شعبية كاسحة.

محمد خان، وإن حافظ على توجّهاته العامة، فقد غابت في أعماله التي أخرجها في الألفية الجديدة تلك النبرة الجماعية المتفاعلة مع كامل المشهد السوسيوثقافي والسياسي التي كانت تلف أعمال الثمانينيات، وانتقل إلى نزعة ميكرواجتماعية منكمشة على الشخصيات التي تسرد حكاياتها.

إنه نموذج من مشهد عام، ولعلها حالة من التشظي أصابت مجمل السينما العربية. سينما قد لا تكون سوى مرآة انكسرت حين انكسر كل المشهد العربي بفعل الهزّات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

الناجي الوحيد من جيل النكسة

سلامة عبد الحميد

في مطلع الألفية الثالثة، بدأ عدد من صنّاع السينما المصرية البارزين بالهجوم على موجة السينما الجديدة، والتي بات يطلق عليها لاحقاً "سينما الشباب"، متّهمين إياهم بالسطحية وتقديم أعمال بعيدة عن هوية المجتمع المصري.

في تلك الفترة، كنت حاضراً إحدى ندوات "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، والتي جمعت عدداً من المخرجين المصريين البارزين، على المنصة وفي القاعة، وكانوا – للمفارقة - من جيل واحد؛ حيث بدأ معظمهم العمل بالسينما في نهاية الستينيات، في أعقاب هزيمة 1967، والتي يطلَق عليها في الإعلام المصري اسم "النكسة".

شن مخرج كبير السن من على المنصة هجوماً حادّاً على الأفلام الجديدة التي قال إنها "بلا لون أو طعم أو هوية"، مذكّراً بعدد من أفلامه المعروفة وأخرى لمخرجي جيله، وفور انتهاء كلمته الطويلة الحادة، دوّى تصفيق في القاعة المكتظّة بالشباب، من سينمائيين وصحافيين، فلما التفتُ إلى مصدر التصفيق، وجدتُ أن المصفّقين هم ثلاثة مخرجين من جيل المتحدّث.

"لم يصبح موظّفاً في المؤسّسة الرسمية عكس كثير من مجايليه"

طلبت التدخّل على المنصّة، ولما أتيح لي الكلام، انتقدتُ المخرج وجيله الذي قرّر أن يعاير صنّاع السينما الشباب بالمستوى الرديء لأعمالهم، وقلت له: متى كان آخر أفلامك؟ متى كان آخر أفلام كلّ من ذكرت أسماءهم؟ كيف تهاجم صنّاع السينما الشباب بينما لم يُعرض لك فيلم على مدار الأعوام الخمسة عشرة الأخيرة، وعدّدت له أسماء مجموعة من مخرجي جيله الذين استدل بهم في المقارنة، والغائبين عن دور العرض، مثله، تماماً.

سيطر الوجوم على القاعة للحظات، قبل أن أكمل مداخلتي التي قلت فيها، أيضاً، إن ما يردّده المخرج الكبير عن نفسه وعن جيله من مبرّرات لتوقّفهم عن العمل؛ يعد جريمة في حق السينما والجمهور، الذي يدّعي، هو وجيله، أنهم حريصون على أن تُتاح لهم فرصة متابعة أفلام جيدة بدلاً من الأفلام الرديئة من وجهة نظرهم.

من بين تلك المبرّرات أنهم لا يجدون نصوصاً جيّدة، وأنهم لا يجدون منتجين يتحمّسون لأعمالهم، وأن تراجع الإنتاج الحكومي أصاب عدداً كبيراً من المخرجين بالبطالة، وهي تبريرات، وإن كان فيها جانب من الحقيقة، إلا أنها تبدو مسوّغاً لكل متكاسل، وليس لفنان حقيقي.

بدأت بعض الهمهمات، وبدا بعض الكبار يتميّزون غضباً، فقرّرت أن أنجو بنفسي بسرد مثال واقعي، فقلت إن عاطف الطيب رحل باكراً، ولو أنه حي بيننا لما استسلم لتلك المبرّرات الرائجة وواصل صنع أفلامه الجيدة بدلاً من جلد "أصحاب الأفلام الرديئة". ثم أضفت بالقول إن استسلامكم لما تقولون إنه مشكلات نجا منه أحد أفراد جيلكم، هو محمد خان الذي قرّر أن يواصل العمل مواجهاً تلك الظروف، وقدّم أفلاماً جيدة تناسب روح العصر وتطرح موضوعات يهتم بها الجمهور، خصوصاً الشباب الذين هم الشريحة الأكبر من متابعي السينما.

انتهت مداخلتي، ومعها الندوة الساخنة، وشهد ما بعدها جدلاً أوسع مما كان فيها، حيث تحوّل الأمر إلى مواجهة مباشرة بين الجيل القديم والشباب.

بعدها بأيام، قابلت خان في أروقة المهرجان، لم تكن بيننا معرفة وثيقة، لكني فوجئت به يستوقفني ويسلّم عليّ بحرارة ويشكرني على ما قلته في "ندوة العواجيز"، كما أسماها، موضّحاً أن عدداً من الزملاء حكوا له تفاصيل ما حدث فيها.

وجدتها فرصة لتوثيق معرفتي بمخرج أحب أفلامه، فدعيته إلى الجلوس لتبادل أطراف الحديث، فوافق.

في لقائنا، الذي امتد نحو عشرين دقيقة في فندق مخصّص لضيوف المهرجان، فوجئ بتوصيفي لجيله من مخرجي السينما المصرية بأنهم "جيل مخرجي النكسة". ورغم رفضه الوصف الذي اعتبره مهيناً، إلا أنه طلب مني، ببساطته المعهودة، أن أشرح له أسباب وصفي، فقلت إن النكسة أثّرت في جميع أبناء جيله بأشكال مختلفة.

راح يعدّد لي أسماء أشخاص قال إنهم كانوا مشاريع مخرجين مهمّين؛ لكن النكسة قضت على مستقبلهم تماماً، قبل أن ينتقل بي إلى أزمة أكبر لم أكن منتبهاً إليها، وهي سيطرة الحكومة على الإنتاج السينمائي من خلال مؤسّسة السينما الرسمية التي اختار عدد كبير من أبناء جيله أن يصبح موظّفاً لديها، يحصل على راتب شهري مجز، سواء عمل أم لم يعمل، ما تسبّب في تدمير مواهبهم.

قبل نحو عامين من لقائنا، كان خان قد أنجز فيلم "كليفتي"بطريقة الديجيتال، وهي التقنية التي كان يهاجمها أبناء جيله بقسوة، ويعتبرونها تدميراً لصناعة السينما، بينما قرّر هو أن يخوض غمار التجربة وأنتج الفيلم على نفقته، وكان يُعرض له حينها، فيلم "بنات وسط البلد"، محقّقاً إيرادات كبيرة، رغم أنه ينتمي إلى سينما الشباب، وكان منتجه شركة "السبكي" التي بات اسمها مرتبطاً بأفلام تجارية يعتبرها مخرجو جيله "رديئة".

راح يحدّثني عن فيلمه الجديد، وهو "في شقّة مصر الجديدة"، وقال لي إن نجاح "بنات وسط البلد" كان سبباً مباشراً في حصوله على عروض عدة لإنتاجه، عكس ما كان عليه الوضع في السابق، مكرّراً أن ما يقوله أقرانه من أنهم لا يجدون من يتحمّس لإنتاج أعمالهم غير صحيح. علّقتُ قائلاً إن المبدع، كما تعلّمنا، لا ينتظر أن يدق المنتج بابه، وإنما يسعى لإيجاد منتج لفيلم، فقال: "طبعاً، وغير كدا استهبال، وهم بيستهبلوا فعلاً".

الحريف يغادر الحارة المصرية

القاهرة ــ مروة عبد الفضيل

تلقّى الوسط السينمائي صدمة كبيرة بعد مع خبر وفاة مخرج الواقعية، محمد خان، عن عمر يناهز 74 عاماً، بعد أزمة صحيّة أنهت حياته وكان برفقته المخرج الكبير سعيد الشيمي، الذي أخبر الوسط الفني بنبأ الوفاة الحزين. 

يعد خان من القلائل ممن انتهجوا الواقعية في أعمالهم، فقدم أفلاماً سينمائية ترصد الواقع بمره قبل حلوه. ويأتي ذلك في الوقت الذي لم يكن حلم خان أن يكون مخرجاً، بل كان يرغب في أن يكون مهندساً معمارياً، لذا التحق بكلية الهندسة وقرر أن يكمل باقي حياته في هذا المجال الذي يحبه على أن تكون مشاهدة الأفلام المصرية والعالمية والبحث عن تفاصيلها من خلال المراجع السينمائية مجرد هواية. لم يكن خان يتخيّل يوماً أن تكون هي مهنته الأساسية ويترك الهندسة جانباً، ولكن وفي إحدى مراحله الدراسية بالهندسة خطفته السينما أثناء مقابلته مع أحد الشباب في إنكلترا ممن يدرسون السينما وجلس معه ليحكي تفاصيل عالمه السينمائي المبهر، فخطفت خان هذه الحكايات. وما بين ليلة وضحاها، قرر محمد خان أن يتخلى عن الهندسة التي أحبها من أجل السينما التي وجد نفسه سيبدع فيها. وبالفعل التحق بمعهد السينما في إنكلترا لتبدأ رحلته الدراسية مع عالمه الجديد، وبعد انتهاء دراسته سافر إلى لبنان الذي كان مهتما بالسينما في حقبة الستينيات وعمل مساعدا للمخرج يوسف معلوف الذي تعلم منه الكثير، ولكنه من جديد قرر العودة إلى إنكلترا ثم عاد إلى مصر بعد حوالي ثلاثة أعوام من سفره لتكون التجربة السينمائية الفعلية لخان على أرض مصر عام 1978 بفيلم "ضربة شمس"، الذي حقق نجاحا كبيرا فتح شهية محمد خان على مواصلة المشوار. 

سرادق مواقع التواصل 

وبمجرد معرفة نبأ وفاة محمد خان، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى سرادق للعزاء، وكثرت عبارات النعي والذكريات عن هذا المخرج الذي بالطبع ترك فراغاً كبيراً. 

وفي تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، قالت الفنانة هنا شيحة التي كان لها التجربة الأخيرة مع خان في فيلم "قبل زحمة الصيف" إنها حتى الآن لم تصدق خبر رحيل المخرج محمد خان، وأوضحت هنا أنها كانت تعتبره أباها الروحي، وتعتبر فيلمها معه نقطة تحول في حياتها، ويكفي أن يكتب في سيرتها الذاتية أنها مثّلت يوما مع هذا المخرج. وأوضحت هنا أنها خسرت أبا وإنسانا، وفقدت السينما كلها رجلا عشق السينما واحترمها. 

وعن ذكرياتها معه بسبب صداقة زوجها السيناريست الراحل فايز غالي به، قالت الناقدة ماجدة موريس على فيسبوك: كأن أوراق الشجرة ترحل وراء بعضها البعض. منذ خمسة وثلاثين عاما، تقابل فايز غالي مع مخرج جديد قادم من إنكلترا التي عاش فيها سنوات بعد تركه مصر صغيرا مع أسرته. "كانت لديه أحلامه في صناعة أفلامه التي سجل قصص بعضها على لوحة ورقية عريضة، لكن كانت العقبة هي الإنتاج كالعادة، وحتى هذه اللحظة، المهم أن فايز غالي أعجب بقصة من قصص خان وكتب لها السيناريو والحوار، وجاء الإنقاذ على يد نور الشريف، الذي عرض عليه بطولة الفيلم، وأحب هو أن يقدم شخصية مصور متجول في "ضربة شمس". وحين علم منهما أنه لا يوجد منتج قرر أن ينتجه، رحمة الله على ثلاثتهم، وعزاء مصر كلها، بل العالم العربي، في رحيل فنان السينما الكبير محمد خان"، تقول شيحة. 

وقالت الفنانة غادة عادل عن محمد خان، لـ"العربي الجديد"، إنها سبق وعملت معه في فيلم "شقة مصر الجديدة"، هذا الفيلم الذي كان بالنسبة لها حالة فريدة وعاشت من خلاله مرحلة نفسية غريبة، "لأنه يعتمد على التمثيل فقط من الألف إلى الياء، من دون اتكال ولو واحد في المائة على ملامح أو ملابس وما شابه ذلك".

وأشارت إلى أنه كان يهتم حتى بتفصيلة تسريحة شعرها، فلم يكن يتهاون أبداً مع أي ثغرة موجودة في العمل، لذا فالفيلم حقق نجاحا جماهيريا كبيرا، وعلى الرغم من قول الكثيرين في بداية عرض الفيلم إنه فيلم مهرجانات إلا أن نجاحه الجماهيري كسر النظرية وحقق حتى بعد عرضه على القنوات الفضائية نجاحا مبهرا، مشيرة إلى أن هذا الفيلم جعلها تشعر بالمسؤولية أكثر في اختياراتها، لذا رفضت عددًا كبيرًا من الأعمال التي لولا تواجدها في "شقة مصر الجديدة" كانت قبلت العمل بها. 

أزمة أوراق الجنسية 

وعلى الرغم من أن المخرج محمد خان عاش في حارة طه السيوفي، وهي إحدى الحارات الشعبية في منطقة حي غمرة وقدم أفلاماً سردت الواقع المصري بتفاصيله، إلا أنه بقي يحمل الجنسية الباكستانية، فقط هو الذي عاش في الحارات الشعبية وأبدع في تقديم الواقع المصري من خلال سلسلة أفلامه، حيث ظل يجمع أوراقه ليحصل على الجنسية ولم ييأس أبداً. وبعد أن كافح لسنوات وتضامن مع مطلبه عدد كبير من محبيه في الوسط السينمائي، حصل على الجنسية أخيرا في عام 2014 أثناء تقديمه فيلم "فتاة المصنع" للفنانة الشابة ياسمين رئيس. وأشار خان في السياق نفسه إلى أن أول مدرسة دخلها كانت مدرسة أجنبية تدعى فيكتوريا كوليديج، فأصر والده على أن يخرجه منها بعد عام واحد فقط من دراسته فيها وألحقه بمدرسة "النقراشي" الموجودة في حي حدائق القبة الشعبية، وبرر له والده تصرفه قائلاً: "دي مدرسة بلدك مصر ولازم تدرس فيها". 

وسبق وصرح خان في أحد البرامج بأنها لم تكن أزمة لديه من قبل، موضحا أنه من مواليد غمرة وتتلمذ في مدرسة حكومية، ولكن بعد أن كبر أصبحت الأزمة تتسع أثناء قيامه ببعض الإجراءات الخاصة به كدراسة أبنائه مثلا، موضحا أن انتماءه للأرض وليس الوطن، وأن أفلامه هي التي أتت له بالجنسية، مشيرا إلى أنه لم يشعر أبدا باغتراب في مصر، فهو واحد من أبنائها. 

أحمد زكي ونقطة تحول 

كانت مرحلة عمل محمد خان مع الفنان الراحل أحمد زكي على مدار ستة أفلام، نقطة تحول كبيرة في حياة الاثنين، وعلى الرغم من كثرة خلافاتهما المهنية، إلا أن صداقتهما تكون لها الكلمة الفصل في النهاية. 

قدم الاثنان معا ستة أفلام هي "أحلام هند وكاميليا "وكاراتيه" و"موعد على العشاء" و"زوجة رجل مهم" و"طائر على الطريق" و"أيام السادات"، وكان خان ينادي على أحمد زكي في الكواليس قائلا له "يا ريس".. وهذا يعود إلى تقمص زكي شخصية السادات حتى في الكواليس أثناء تناوله الطعام وفي شكل خطوته وهو يسير، وكل التفاصيل الأخرى.

محمد خان: ممثل عظيم أيضاً

القاهرة ــ العربي الجديد

يعد واحداً من أهم مخرجي السينما الواقعية في مصر فله رؤية جعلته صاحب مدرسة سينمائية خاصة به، إنه المخرج القدير محمد خان الذي رحل عن عالمنا اليوم بعد أزمة صحية مرت به ومات بسببها في المستشفى، تاركًا فراغًا كبيرًا لتلاميذه ولمحبيه من الوسط السينمائي.

ولمن لا يعرف، فلم يكن محمد خان مكتفيًا بالنظر إلى السينما من وراء كاميراه كمخرج فقط بل وقف أيضاً داخل جدران الأستوديو وكان ينظر إليه من وراء الكاميرا مخرجون آخرون أثناء عمله في ستة أعمال سينمائية ممثلا في أدوار بسيطة للغاية قد لا تتعدى المشاهد القليلة، لكن ولأن السينما هي عالمه الخاص فكان باحثاً بشغف عن أي عمل ليظل بداخلها مستنشقا لهواها الذي كان يحيا به. 

فعمل المخرج محمد خان ممثلاً في فيلم "العوامة 70" مع صديق دربه المخرج خيري بشارة، كما عمل في فيلم "واحدة بواحدة" مع عادل إمام وميرفت أمين، وفي دور بمساحة كبيرة شارك خان في فيلم "عشم"، وفاجأ خان المخرجة ماغي مرحان بأن خان ليس مخرجا عظيما فقط بل هو ممثل بارع أيضاً. 

وفي تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد" وعن كيفية عملها مع خان كممثل في فيلم "عشم" قالت المخرجة ماغي مرجان إنها كانت خائفة جداً من التجربة لأنه مخرج مبدع وتساءلت كيف ستتحدث معه في موقع التصوير، ففوجئت أنه متواضع للغاية وكانت تتناقش في التفصيل معه واستفادت منه جدًا. 

وأضافت أن خان بنفسه هو الذي طلب منها أن يشارك في العمل بعدما تقابلت معه في أحد الأعمال بالصدفة، وتحدثت عن فكرة العمل أمامه فأعجبه جدا وأراد أن يشارك به، وأشارت ماغي إلى أنها كانت سعيدة جدا بالتجربة معه، واكتشفت أنه ممثل جيد لديه مخزون سينمائي عظيم. 

كما شارك محمد خان كضيف شرف في مسلسل "إمبراطورية مين" مع هند صبري التي كان مخرجا لفيلمها "بنات وسط البلد"، كما قدم خان دورًا قويًا أيضًا مع محمود حميدة في فيلم "ملك وكتابة" مع المخرجة كاملة أبو ذكرى. 

العربي الجديد اللندنية في

27.07.2016

 
 

يوم حزين في الوسط الفني

خان و الأصالة لا تموت كامل

شريف نادي

يوم حزين في الوسط الفني هذا أبرز توصيف لحال جموع الفنانين الذين تلقوا صدمتين صباح أمس بوفاة اثنين من المبدعين أثرا الحياة الفنية محمد خان‏,‏ والفنان محمد كامل حيث توفي الأخير بعد صراع مع المرض بمستشفي المعادي العسكري الذي كان يتلقي به العلاج في أيامه الأخيرة‏,‏ لتشيع جنازته أمس من مسجد السيدة نفيسة وسط حضور متواضع من زملائه الفنانين‏,‏ ومن المقرر أن يقام العزاء مساء غد الخميس من مسجد عمر مكرم‏.‏

بينما توفي محمد خان فجر الثلاثاء عقب نقله إلي مستشفي الاندلس الذي توفي به وشيعت الجنازة أمس من المسجد الكويتي بالمعادي وسط صدمة من أقاربة ومحبيه الذين حرصوا علي التواجد في وداع صديقهم الراحل إلي مثواه الأخيرة, حيث دفن بمدافن الاسرة بالمعادي.

وعلي الرغم من الاختلاف الشديد بين الفنانين اللذين جمعهما الموت في يوم واحد وقليل من الأعمال السينمائية, إلا أن التمسك بالحلم, وموهبتهما العظيمة, واعتزازهما بنفسيهما, وعدم تقديم أعمال إلا بما يتناسب معهما وحجم موهبتهما, وهو ما ساهم في أن يكون محمد كامل صاحب الـ72 عاما رغم عمره الطويل حريصا علي الظهور في الأعمال التي تتناسب مع موهبته حتي وإن كان هذا الدور بضعة مشاهد, ولم يطرق باب المنتجين ليقدم نفسه في أي دور والسلام, ولعل من أبرز أعماله أم كلثوم, عباس الأبيض, أرابيسك, الليل وأخره, زيزينيا, بوابة الحلواني, الحاوي, دموع صاحبة الجلالة, ضمير أبلة حكمت, وفي السينما امرأة آيلة للسقوط, دنيا عبد الجبار, مبروك وبليل, جاءنا البين التالي, المغتصبون, حسن وعزيزة, وحبيبي دائما.

نفس النموذج كان يتحلي به المخرج الكبير محمد خان حيث لم يقدم إلا ما اقتنع به حتي لو كلفه الأمر الجلوس في منزله لسنوات يستغلها ليقدم مفاجأة جديدة في كل مرة من مفاجأته التي كان يبهر بها الجمهور بدءا من ضربة شمس ومرورا بـ خرج ولم يعد, موعد علي العشاء, أحلام هند وكاميليا, عودة مواطن, زوجة رجل مهم, الحريف, مستر كاراتيه, بنات وسط البلد, أيام السادات, وغيرها وحتي قبل زحمة الصيف.

ورغم التشابه الذي يرتبط به نجما التمثيل والإخراج إلا أن تعاونهما سويا جاء من خلال عدد قليل من الأفلام, حيث كان اللقاء الأول بينهما لم يكن فيه خان مخرجا ولكن مؤلفا في فيلم سواق الأتوبيس انتاج عام1982, بطولة نور الشريف وميرفت أمين, وقدم خلال كامل دور وكيل نيابة, بينما كان اللقاء الثاني في فيلم أحلام هند وكاميليا عام1989 بطولة نجلاء فتحي وعايدة رياض, حيث قدم دور سيد شقيق كاميليا.

رحل خان ولحق به كامل في نفس اليوم, ليفقد الفن إثنين من أهم نجومه, منهم مخرج حارب من أجل تقديم ما يريد ليحفر اسمه في كتاب تاريخ السينما, إلا ان هذا الصراع لم يكن الوحيد حيث كان هناك صراع أخر شخصي يتمثل في محاولاته المستمرة للحصول علي الجنسية المصرية التي حصل عليها قبل أعوام قليلة من وفاته, بينما اختار كامل أن يمارس مهنته فقط لا شيء اخر لم يكن اجتماعيا أو حريصا علي المجاملات من أجل الحصول علي دور في مسلسل أو فيلم, مستندا فقط علي موهبته, ليكون واحدا من النجوم القلائل الذين تعرف وجوههم ولا تعرف اسماءهم, تعجب بأدائهم وفنهم الذي يكون أشبه بالملح بدونه لن تكتمل الطبخة.

الحريف‏..‏ خرج ولن يعود

هبة إسماعيل

لم يكن المخرج الراحل محمد خان أبرز مخرجي السينما الواقعية التي بدأت في الانتشار نهاية السبعينيات وفترة الثمانينات‏,‏ لكن أفلامه كانت بمثابة شهادة ووثيقة عن الحياة في مصر الاجتماعية والسياسية‏ وأيضا حملت شخصيات ابطاله هموما انسانية كثيرة فكانت دائما باحثة ومتمردة ووحيدة, فكان خان مهموما بالمشاعر الإنسانية وكيفية التعبير عنها والمنطقة الرمادية التي يكون بها الإنسان ولم يعتبر في افلامه ان الحياة قائمة علي الأبيض والأسود فقط, لذلك لم يهتم في الأعوام الأخيرة خاصة بعد منتصف التسعينيات بالوجود الدائم بأعمال جديدة.

وكانت الصدفة دائما لاعبا أساسيا في مشوار خان ولكنها صدفه وقودها تطلعه لاكتشاف عالم الشاشة الفضية وتفاصيلها, تلك التفاصيل التي كانت عنصر اساسي في اعماله, محمد خان الذي ولد لأب باكستاني وأم مصرية, كان مبدعا سينمائيا وايضا له مشاركات في الكتابة في كتابة12 قصة من21 فيلما قام بإخراجها. وهو متزوج من وسام سليمان كاتبة السيناريو لفيلميه بنات وسط البلد و في شقة مصر الجديدة.

بدأت الصدفة مع خان عندما نشأ في منزل مجاور لدار سينما مزدوجة وكان يري مقاعد إحداها ولا يري الشاشة, وكان يشاهد الأفلام في اليوم الأول ويتابع شريط الصوت بتركيز بقية الأيام, كما انه كان حريصا علي جمع إعلانات الأفلام من الصحف, وشراء مجموعات صور الأفلام, لكن هذا الحب للسينما لم يجعله يفكر في ان تكون هي مستقبله وعمله وشغفه, حيث كانت الهندسة المعمارية هي حلم طفولته.

وعندما سافر عام1956 إلي إنجلترا لدراسة الهندسة المعمارية, التقي بالصدفة شابا سويسريا يدرس السينما هناك وذهب معه إلي مدرسة الفنون, فترك الهندسة والتحق بمعهد السينما في لندن. ولكن دراسته في المعهد اقتصرت فقط علي الاحتكاك بالآلات ومعرفته للتقنية السينمائية.

لذلك لم يكن المعهد هو المدرسة الحقيقية لخان فكانت مدرسته أكبر بكثير من ذلك فشغفه بالسينما جعله يتعرف علي السينما العالمية في الستينيات, ومعاصرته لجميع التيارات السينمائية الجديدة في نفس وقت نشئها فقد شاهد أفلام الموجة الفرنسية الجديدة, وأفلام الموجات الجديدة للسينما التشيكية والهولندية والأمريكية, وجيل المخرجين الجدد فيها, كما تابع أفلام أنطونيوني الذي تأثر به, وفلليني وكيروساوا وغيرهم من عمالقة الإخراج في العالم. كما تابع مدارس النقد السينمائي المختلفة, مثل كراسات السينما الفرنسية والمجلات السينمائية الإنجليزية الأخري, هذا الاطلاع جعله ينظر إلي السينما نظرة جادة ومختلفة عن ما هو سائد في مصر والعالم العربي.

وبعد أن أنهي دراسته في معهد السينما في انجلترا عام1963 عاد إلي القاهرة وعمل مع المخرج الكبير صلاح أبو سيف في( الشركة العامة للإنتاج السينمائي العربي) بقسم القراءة والسيناريو مع رأفت الميهي و مصطفي محرم و أحمد راشد و هاشم النحاس. ولم يستطع خان الاستمرار في العمل في هذا القسم أكثر من عام واحد, سافر بعدها إلي لبنان ليعمل مساعدا للإخراج مع يوسف معلوف و وديع فارس وكوستا وفاروق عجرمة, لكنه سافر بعد عامين إلي إنجلترا وكانه في رحلة بحث عن سينما خان ومدرسته الخاصة و أنشأ دار نشر وأصدر كتابين, الأول عن السينما المصرية والثاني عن السينما التشيكية, وكان يكتب مقالات عن السينما. وفي عام1977 عاد إلي مصر وأخرج فيلما قصيرا.

وبدايته السينمائية كانت عام1978 مع فيلم ضربة شمس الذي يعد أولي تجاربه الروائية السينمائية, والذي أعجب به نور الشريف عند قراءته للسيناريو, لدرجة أنه قرر أن ينتجه.

وبعد ذلك كون خان مع بشير الديك و سعيد شيمي و نادية شكري و عاطف الطيب و خيري بشارة و داود عبد السيد جماعة سينمائية أطلق عليها( جماعة أفلام الصحبة), جمعتها رابطة الصداقة ومجمل القضايا والهموم الفنية والثقافية بشكل عام. وكان الهدف من إنشاء هذه الجماعة هو إنتاج أفلام ذات مستوي جيد وتقدم جديدا, والفيلم الوحيد الذي قامت الجماعة بإنتاجه هو الحريف. كما ارتبط في أفلامه بأسماء معينة في أكثر من عمل, وهذا كان سلوكا اساسيا له في افلامه ومن ابرز تلك الأسماء المونتيرة نادية شكري التي قامت بمونتاج جميع أفلامه حيث كان يري أن المونتير العنصر الوحيد غير القابل للتغيير, لأن علاقة المخرج والمونتير تتطور وتنضج بتكرار التعاون, ومع كثرة التعاون يدرك ويتكيف المونتير مع مدرستك وأسلوبك الإخراجي.

تكريم خاص لخان في ختام مهرجان وهران للفيلم العربي‏..‏ ومرزاق علواش‏:‏ حزين لفراقه

رسالة الجزائر‏:‏ مني شديد

قررت إدارة مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي تكريم المخرج الراحل محمد خان في حفل ختام المهرجان المقرر إقامته مساء اليوم في المسرح الجهوي مسرح عبد القادر علولة بمدينة وهران‏,‏ ويتضمن إعلان الجوائز وعددا من التكريمات‏.‏

وأشار محمد علال المدير الفني للمهرجان إلي ان محمد خان قامة فنية كبيرة يعتز بها الجزائريون ويقدرونه, مضيفا ان خبر رحيله عنا بالأمس شكل صدمة كبيرة لكل السينمائين والحضور في الدورة التاسعة لمهرجان وهران, خاصة وأنه كان من المفترض أن يكون موجودا في هذه الدورة وحالت الظروف دون ذلك.

وأكد أن هذا التكريم لقامة فنية وعربية مهمة مثل الراحل محمد خان لهو أقل شيء يقدم واحدا من أهم مخرجي السينما العربية, مشيرة إلي أنه تكريم رمزي وسيتم تسليم التكريم لأحد المخرجين المصريين المشاركين في المهرجان, بالاضافة إلي إلقاء كلمة تحية عن المخرج الكبير الراحل.

وأضاف أنه لا يعتقد أن هناك جزائريا لم يشاهد ولو فيلما واحدا لمحمد خان وأعجب به, حيث كان يهتم في أعماله بالتعبير عن الواقع المصري لهذا هي قريبة من قلب الشعب الجزائري.

وعبر المخرج الجزائري الكبير مرزاق علواش عن حزنه علي رحيل محمد خان الذي كان يعرفه جيدا ويحبه, مشيرا إلي أن السينما تفقد رموزها فبعد فقدان نور الشريف نفقد الآن المخرج محمد خان.

واصدر مهرجان وهران بيانا رسميا يعزي فيه الشعب المصري في رحيل خان جاء فيه يتقدم مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي, وعلي رأسهم السيد المحافظ إبراهيم صديقي, وكافة المشاركين في الدورة التاسعة, بأصدق التعازي للأسرة السينمائية المصرية والعربية, علي إثر رحيل المخرج المصري محمد خان, متمنين لأسرته الصبر والسلوان, و أن يتغمد الفقيد العزيز بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته, إنا لله وإنا إليه راجعون

وقالوا عن خان في البيان انه نجم الواقعية بالسينما المصرية, وهو من مواليد القاهرة سنة1942, عشق السينما منذ صباه, و سافر في عام1956 إلي لندن لدراسة الهندسة المعمارية لتتغير حياته حينما قرر الإلتحاق بمعهد السينما في لندن, وهو واحد من رواد السينما الواقعية في مصر, له مساهمات غنية في النقد عبر كتابين; أحدهما عن السينما المصرية والآخر عن السينما التشيكية.

من جانب آخر تعلن اليوم جوائز الدورة التاسعة لمهرجان وهران والتي ينافس عليها فيلم نوارة ضمن12 فيلما في مسابقة الأفلام الطويلة, وهي صمت الراعي لرعد المشتت من العراق والطريق إلي اسطنبول لرشيد بوشارب من الجزائر وساير الجنة للمخرج سعيد سليمان من الإمارات, والفيلم التونسي خسوف للمخرج فاضل الجزيري, وفيلم المدينة لعمر الشرقاوي من فلسطين, وفي انتظار الخريف لجود سعيد من سوريا, والبئر للمخرج لطفي بوشوشي من الجزائر وكتير كبير من لبنان إخراج ميسان ابو شعيا, والظل والقنديل لريم الأعرج من الجزائر ومسافة الميل بحذائي لسعيد خلاف من المغرب, وفانية تتبدد لنجدت انزور من سوريا.

ماجدة واصف لـالأهرام المسائي‏:‏

تكريم خان في القاهرة السينمائي كما هو وعرض‏7‏ أفلام في المهرجان اختارها بنفسه

إنجي سمير

اكدت د‏.‏ماجدة واصف رئيسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أن إدارة مهرجان القاهرة السينمائي مستمرة في قرارها الخاص بمنح المخرج الراحل محمد خان الذي رحل عن عالمنا صباح أمس جائزة فاتن حمامة التقديرية‏,‏ والتي تمنح للشخصيات السينمائية التي ساهمت ومازالت في الارتقاء بالفن السينمائي و ذلك تقديرا لمسيرته الفنية الحافلة والمتميزة‏.‏

واوضحت ان الترتيبات ستظل جارية كما هي, حيث اوشك الكاتب الصحفي محمود عبد الشكور علي الانتهاء من كتابة وإعداد كتاب عن المخرج الراحل الذي شرع في كتابته منذ عدة أشهر تحت عنوان سينما محمد خان, مشيرة إلي ان خان قام بنفسه باختيار7 أفلام في قسم خاص به وسوف يتم عرضها في الدورة الثامنة والثلاثين للمهرجان والتي ستقام في الفترة15 إلي24 نوفمبر وكان اختيار هذه الافلام بناء علي اختياره الشخصي حيث فضل عرض الافلام المتميزة والتي لم تحصل علي نسبة مشاهدة عالية وقتها ليعطيها فرصة مرة اخري بعرضها في المهرجان.
واشارت إلي انه كان من المفترض عقد ندوة في فترة المهرجان بحضوره ولكن لم يتم الاستقرار بعد من سيحضر الندوة بدلا منه للحديث عن تاريخه الفني الثري بكل المعاني والقيم الانسانية مؤكدة أنها اصيبت بصدمة عبر سماع الخبر وبالتالي ستنتظر قليلا ثم تعقد اجتماع مع اللجنة الاستشارية للمهرجان برئاستها مع الناقد يوسف شريف رزق الله المدير الفني للاتفاق علي التجديدات التي سيتم اضافتها بجانب التكريم لاعطاؤه حقه الذي يستحقه
.

الفنانون يعبرون عن حزنهم لفراق خان عبر التواصل الاجتماعي

إنجي سمير

اعرب عدد من الفنانين عن حزنهم الشديد عقب وفاة المخرج الراحل محمد خان حيث امتلأت صفحات النجوم ومحبي المخرج الراحل علي مواقع التواصل الاجتماعي بالحزن حيث كتب الفنان أحمد داود علي الفيس بوك حيث تعاون معه في اخر افلامه قبل زحمة الصيف قائلا‏:‏ البقاء لله علمتني دايما أقول اللي بعده وأفكر في اللي جاي علمتني البساطة و السعادة علمتني التفائل والأصرار والصبر علمتني من حكاويك معني الحياة مع السلامة ياحبيبي الي ان نلتقي أسألكم الفاتحة‏.‏

وقال الفنان وليد فواز علي صفحته الشخصية:

بوست طويل نسبيا. حدث بالفعل. عام2003_2004 ذهبت لأجري كاستنج في فيلم( بنات وسط البلد) في مكتب المنتج محمد زين الله يرحمه..لمجرد أن الفيلم إخراج/ محمد خان جلست امام الاستاذ وعملت كاستنج علي مشهد ولم يبدو عليه انه اقتنع وصلت بيتي وانا احلم بالعمل مع الاستاذ/محمد خان مالا يعرفه احد أن محمد خان كان سببا في تشكيل حلمي في ان اصبح ممثلا بعدما شاهدت فارس المدينة لمحمود حميدة في سينما سلمي بالزقازيق واحببت احمد زكي في زوجة رجل مهم والفخراني اصبح عشقا في عودة مواطن وخرج ولم يعد ونظرة مختلفة للفيشاوي في مشوار عمر واحترام متزايد لموهبة غادة عادل وابو النجا في شقة مصر الجديدة وفي عام2009-2008 تلقيت أهم مكالمة تليفونية وهي وقع إختيار الاستاذ/محمد خان لاداء دور مهم في فيلم( المسطول والقنبلة) ذهبت إلي مدينة السينما وانا أطير من السعادة وقابلت الاستاذ الذي اخبرني قائلا انت ممثل كويس وعجبتني مع خيري(يقصد خيري بشارة).

لا تتصور اخي قارئ البوست مدي فرحتي وسعادتي وكنت اري الحياة وردية وشاء الله سبحانه وتعالي ان يتوقف الفيلم وحزنت فترة ولكن رجعت للحياة مرغما او بإرادتي وتستمر باداء الادوار وتقابل الاستاذ احيانا وتصلك عبارات اشادته بموهبتك في غيابك ولكن حلمي لم يتحقق بالعمل وأعرف أن هذا البوست طويل ولكن أنا اليوم في غاية حزني.

الأهرام المسائي في

27.07.2016

 
 

10 نجوم يكشفون أسرار رحلة المخرج محمد خان

العربية.نت - عنتر سعيد

على الرغم من جذوره الباكستانية ورحلته التعليمية إلى إنجلترا عام 1956 والتي حمل جنسيتها طوال حياته قبل أن يحصل على #الجنسية _المصرية قبل عامين فقط إلا أنه يعد من أهم مخرجي #السينما_المصرية الذين غاصوا في أعماق #المجتمع_المصري وعبروا عنه بصدق في 24 فيلما سينمائيا وذلك كما جسدتها شخصية جابر في "سواق الاتوبيس" الذي كتب سيناريو الفيلم الذي أخرجه المبدع عاطف الطيب أو فيلم "زوجة رجل مهم" مع الراحل أحمد زكي.

إنه المخرج الراحل محمد خان الذي أصبح #البطل الحقيقي في حياة العشرات من #مشاهير السينما المصرية والعربية الذين كان لخان الفضل في تقديمهم في أعمال ناجحة لأول مرة أو تشارك معهم في أعمال بارزة أثرت الحياة الفنية وتركت بصمة في مسيرتهم.

"العربية.نت" رصدت أبرز 10 أسماء في مسيرة حياة المخرج #الراحل محمد خان تلك الرحلة التي بدأت فعليا بفيلم "ضربة شمس" عام 1978.

1- المخرج صلاح أبوسيف

يعد المخرج صلاح أبوسيف من أوائل الشخصيات الفنية التي أثرت في حياة المخرج الراحل محمد خان حيث بدأ أول تجاربه السينمائية معه حيث عمل بقسم السيناريو في شركة إنتاج سينمائي تحت إشرافه، ثم ما لبث أن غادر إلى#لبنان وعمل مساعد #مخرج قبل أن يعود ويتعاونا في فيلمه الشهير" ضربة شمس".

2 – المخرج عاطف الطيب

كان للمخرج عاطف الطيب محطة مهمة في حياة المخرج الراحل #محمد_خان حيث شاركه أول عمل سينمائي لاقى نجاحا كبيرا ويعد من علامات السينما المصرية ومن أبرز أعمال الفنان الراحل نور الشريف وهو "سواق الاتوبيس" عام 1982 لم يكن خان فيه مخرجا بل كان كانت أولى تجاربه الناجحة في #مجال السيناريو.

3 -الفنان أحمد زكي

يحتل الفنان الر.احل نصيب الأسد في حياة المخرج الراحل محمد خان حيث قدم خان أهم أفلامه التي جسد زكي دور البطولة فيها أيام #السادات والذي كتب قصته الكاتب أحمد بهجت والذي سلط الضوء على حياة الرئيس الراحل أنور السادات، وفيلم "زوجة رجل مهم" الذي يعد أيضا من علامات السينما المصرية وكذلك فيلم "مستر كارتيه" وفيلم "أحلام هند وكاميليا".

4 - الفنانة ميرفت أمين

تعد الفنانة مرفت أمين من أبرز الفنانات اللاتي جسدت أدوار البطولة في أفلام للمخرج الراحل محمد خان وكان أهمها أمام الفنان الراحل أحمد زكي في فيلمي "زوجة رجل مهم" عام 1987 وفيلم "أيام السادات" عام 2001 كما لعبت دور البطولة في فيلمه "عودة مواطن" عام 1986.

5 - الفنانة سعاد حسني

لعبت الفنانة سعاد حسني دور البطولة في فيلمين من إخراج محمد خان وهما "موعد على العشاء "عام 1981 مع الفنان أحمد زكي والفنان حسين فهمي، كما لعبت دور البطولة بفيلم "فارس المدينة" عام1993.

6 – الفنانة نجلاء فتحي

شاركت الفنانة نجلاء فتحي دور البطولة في فيلمين للمخرج محمد خان وهما، "أحلام هند وكاميليا" عام 1988، مع الفنان أحمد زكي، و"سوبر ماركت" عام 1990 مع الفنان الراحل #عادل_أدهم.

7 - الفنانة مديحة كامل

التقت الفنانة مديحة كامل بالمخرج محمد خان في فيلمين هما، "الرغبة" عام 1980، مع الفنان نور الشريف، والفنانة مديحة كامل، وفي فيلم "مشوار العمر أمام الفنان فاروق الفيشاوي عام 1986.

8- الفنانة نبيلة عبيد

جسدت الفنانة نبيلة عبيد دور البطولة في فيلم واحد من المخرج الراحل محمد خان هو فيلم "الغرقانة"، الذي لعبت بطولته عام 1993 أمام الفنان محمود حميدة.

9- الفنانة شريهان

شاركت الفنانة شريهان بعمل سينمائي واحد مع الراحل محمد خان، هو فيلم "يوم حار جدا" الذي لعبت بطولته عام 1993 .

10- الفنانة يسرا

جسدت الفنانة يسرا دور البطولة في فيلم وحيد لخان وهو "الثأر" عام 1982 أمام الفنان محمود عبد العزيز.

العربية نت في

26.07.2016

 
 

محمد خان رحيل «حرّيف» السينما الواقعية

دبي ـ غسان خروب

بعد تقديمه لنحو 25 فيلماً، لامس فيها واقع ملايين البسطاء والفقراء، ترجل المخرج محمد خان، أمس، عن حصانه السينمائي، تاركاً خلف ظهره أعمالاً لا يزال بعضها يتربع على واجهة كلاسيكيات السينما العربية، لتظل »أحلام هند وكاميليا« معلقة في ذاكرة عشاق خان الذي رحل عن دنيانا دون سابق إنذار بمستشفى في القاهرة..

ولتظل »فتاة المصنع« تحلم بذلك اليوم الذي يخلصها من حالة الفقر الذي ولدت فيه. لم ينتظر خان رائد السينما الواقعية، أن يبدأ الصيف بكل زحمته وسفرياته، ليقدم عملاً جديداً، يجد له مكاناً على شباك تذاكر الصالات ليخلف »ما قبل زحمة الصيف«، رحل خان الذي اعتاد صناعة النجوم عبر أفلامه التي أسس عبر نصوصها وأحداثها مكاناً للسينما الواقعية في العالم العربي، والتي كان هو أحد أبرز روادها في السينما المصرية بجانب زملائه عاطف الطيب وخيري بشارة.

خان ترك »شقة مصر الجديدة« ليرحل عنا إثر أزمة صحية طارئة داهمته، أمس، شكّلت سبباً بوفاته عن عمر يناهز الـ 74، ظل وفياً للسينما حتى رمقه الأخير، فهو من الذين لم يحيدوا عن خطهم السينمائي، فظلت أفلامه قريبة من البسطاء الذين لامس واقعهم في »أحلام هند وكاميليا« و»زوجة رجل مهم« ذاك الفيلم الذي لعب بطولته الراحل أحمد زكي وميرفت أمين..

ليحتل به مكانة بارزة في تاريخ السينما المصرية، ففيه وثق خان حدثا سياسيا مهما هو الانتفاضة التي شهدتها مصر بمنتصف عصر السادات، الرئيس الذي تناول ملامح حياته الرئيسية في »أيام السادات« ليعتبر ذلك وثيقة مهمة جسدها أحمد زكي، بدأها خان منذ بدء اشتغال السادات بالسياسة وحتى اغتياله في 1981.

فيما لم تغب هموم البسطاء عن »الحريف« الذي عبر فيه من خلال »فارس« (الممثل عادل إمام) عن الطبقة المصرية العادية التي تبحث عن لقمة عيشها، وليتعرض فيه لعملية التغيير التي تصيب الناس وتجبرهم على التخلي عن أحلامهم، ففي هذا الفيلم يقرر »فارس« ترك لعب كرة »الشراب« والعمل مع »شعبان« في التهريب، ليخبر ابن عمه بأن (كلنا غلابة يا محسن).

ضربة شمس

ولع خان بالسينما بدأ في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات، فقد كان بيته بحي السكاكيني الشعبي بالقاهرة مجاوراً لإحدى صالات السينما التي كان يرى مقاعدها وليس شاشتها بسبب طفولته، ورغم شغفه الطفولي بالسينما إلا أنها لم تشغله كثيرا .

فقد كان يرغب بأن يكون مهندساً معمارياً، المهنة التي سافر لأجلها للندن، المدينة التي حولت مسار حياته ليكون الإخراج السينمائي وجهته الجديدة بعد أن قصد مدرسة الفنون، ليعود لموطنه مصر لممارسة لعبة الإخراج ويكون باكورة أفلامه الطويلة »ضربة شمس«.

جواز سفر

ابن السينما المصرية، ظل بلا جواز سفر وجنسيه مصرية، حتى عامين من وفاته، ليكون حصوله على الجنسية بمثابة إنجاز هلل له صناع السينما. خان لم يكن بحاجة إلى ذلك الجواز فقد استعاض عنه بـ 25 عملاً سينمائياً ظلت تقدمه على أنه مصري، فهو الذي ولد في القاهرة عام 1942 لأم مصرية وأب باكستاني، وعاش في أحيائها الشعبية التي اقتراب فيها من هموم بسطاء المجتمع.

جرأة الحريف

خان رحل ولا يزال يحمل بداخله روح الشباب، تلك التي ترجمها في عموم أفلامه، فهو المتمرد والمبدع والمكبوت والمتفائل، وعاش محاولاً تحطيم التابوهات التي حُرمت السينما مرات من ولوجها، والتي حطمها عبر تنهيدة عادل إمام في »الحريف«، وغطرسة أحمد زكي في »زوجة رجل مهم«، وجرأة هنا شيحة في »قبل زحمة الصيف« الذي عرضه في دورة مهرجان دبي السينمائي الأخيرة.

»وداعًا محمد خان مخرج السينما الواقعية الذي لمست أعماله قلوب الملايين، وعكست حياتهم وواقعهم. أعماله باقية في الذاكرة«، تغريدة أطلقها مهرجان دبي السينمائي الدولي، عبر حسابه على تويتر، لا سيما وأن خان عرف طوال الوقت بأنه صديق »دبي السينمائي«، حيث كان حريصاً طوال الوقت على التواجد في أروقته وأنشطته، سواء كان مشاركاً فيه أم لا.

ألم الوداع

ألم الوداع والفقدان لخان بان واضحاً في كلمات النقاد الذين استطلعتهم »البيان«، حيث قال الناقد بشار إبراهيم: »لم تكتمل الدورة عاماً منذ أن حضر المخرج محمد خان برفقة فيلمه »قبل زحمة الصيف« للمشاركة في مسابقة المهر الطويل في الدورة الـ 12 لمهرجان دبي السينمائي الدولي.

كان خان عامر البهجة والألق والشباب، وهو الذي رسّخ صورته الفريدة في أذهان مجايليه من رواد سينما الواقعية المصرية أمثال خيري بشارة وداود عبد السيد، تماماً كما رسمها في أجيال متتالية من السينمائيين الشباب. حتى وهو يبحر في سبعينيات العمر، لم يفقد خان حماسته ومبادرته وجرأته في التجديد والتطوير.

قبل سنتين حضر برفقة »فتاة المصنع«، وحتى يوم أمس كان يحدثنا عن مشروعه الجديد. لم يفكر أبداً في التوقّف أو الاستراحة، إذ طالما كانت السينما لديه أسلوب حياة. وعندما آلمه وركه بادر للتدرب على مسند التحرك حتى لا يعيقه شيء عن الدخول في تصوير جديده.

إن كان لنا أن نشير إلى رائد السينما الواقعية، في السينما المصرية، في جيل ما بعد صلاح أبو سيف، فلا شك أن خان هو الأجدر بهذا اللقب. خان الذي وضع توقيعه على »زوجة رجل مهم«، و»الحريف«، و»أحلام هند وكاميليا«، و»موعد على العشاء« وكثير غيرها، ومن طرازها، كان مبدعاً متعدداً، من طراز عالي الثقافة، يندر أمثاله في الوسط السينمائي العربي.

أما الناقد زياد عبد الله، فقال:«قد يقود الحديث عن المخرج محمد خان نحو الواقعية المصرية واتصالها بجيل سينمائي مصري من المخرجين وجدوا في الواقع والبنية الفيلمية المتقشفة مساحة للسرد والحكايات القادمة من القاع والهامش في تعرية للواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، ولعل محمد خان كان من أبرزهم..

لكن في حضور هام واستثنائي للمرأة في أفلامه وما يترصدها في مجتمع يحصي عليها أنفاسها، وتقديم صراعها المرّ مع المجتمع من وجهة نظرها ولعل إيراد عناوين مثل »موعد على العشاء« و»زوجة رجل مهم« و»أحلام هند وكاميليا« و»فتاة المصنع« وغيرها تضعنا أمام سجل خيبات المرأة المصرية - العربية وصراعاتها التي تزداد وعورة مع كل فيلم من أفلامه".

مواقع التواصل الاجتماعي دفتر عزاء

حالة حزن شديدة أصابت رواد مواقع التواصل الاجتماعي، التي تحولت إلى دفتر عزاء، نعى فيها الجميع خان، منهم طارق لطفي الذي قال: »وداعاً الأستاذ العظيم العبقري محمد خان، من أثرى وجداننا بـ»أحلام هند وكاميليا« صغاراً وأخبرنا عن »أيام السادات« شباباً ورحل في هدوء قبل زحمة الصيف«، وقال محمد حفظي:

»كان أكثر حاجة خان نفسه يفعلها أنه يفضل يشتغل ويخرج أفلام. رحيله هيبقى صعب علينا لكن هيفضل عايش من خلال أفلامه ومن خلال روحه في أفلام الشباب اللي ألهمهم«. أما إياد نصار فقال: »البقاء لله في وفاة المخرج محمد خان، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته«.

وقال محمد دياب: »أنا فاكر اللحظة اللي قررت فيها أني أخرج كنت قريت إنترفيو محمد خان، بيقول فيه إن كل إنسان من حقه يخرج لأن كل واحد شايف الدنيا بطريقته«. وقدمت السفارة البريطانية بمصر نعياً عبر »تويتر« قالت فيه: »تنعى السفارة البريطانية والعاملون فيها المخرج محمد خان. يرحل المبدعون ولكن تظل أعمالهم خالدة«. القاهرة ــ البيان

1979

خلال مسيرته، حصل محمد خان على جوائز كثيرة، أولها كانت خلال مهرجان الاسكندرية الدولي عام 1979، الذي حصل فيه على جائزة تقدير ذهبية عن فيلمه »ضربة شمس«، فيما حصل »طائر على الطريق« على جائزة لجنة تحكيم مهرجان القارات الثلاث بفرنسا عام 1981، وجائزة التقدير الذهبية من الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما عام 1981..

بالإضافة إلى الجائزة الأولى في ليالي الإسكندرية السينمائية. أما فيلمه »نص أرنب« فقد حصل في عام 1982 على الجائزة الأولى في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي مناصفة مع فيلم »العار«، كما حصل على جائزة أفضل إخراج لفيلم »الحريف« من جمعية الفيلم، وفي عام 1984 حصل فيلم »خرج ولم يعد« على جائزة التانيت الفضى.

أما فيلم »في شقة مصر الجديدة« فقد حصد جائزة أفضل فيلم عربى فى مهرجان دمشق السينمائى 2007، وشارك في مهرجان دبي السينمائي 2007، ومهرجاني »بالم سبرينجز« و»سان رفايل« في الولايات المتحدة عام 2008.

كتب

مخرج على الطريق

لم يكن خان مخرجاً سينمائياً فقط، وإنما كان مؤلفاً، حيث أطلق قبل رحيله في معرض أبوظبي للكتاب، الطبعة الثانية من كتاب »مخرج على الطريق«، الذي قدم فيه خلاصة وحصاداً لتجربة عريضة وممتدة مع فن السينما، حيث يعتبر الكتاب الذي يقترب من 600 صفحة، درساً عملياً لكافة عشاق السينما، والراغبين بمعرفة ما وراء كواليس أفلامه، وتجربته مع السينما.

الكتاب قدم خلاصة لمشوار خان الطويل مع السينما، والذي قضاه عشقاً وصناعة وإخراجاً، نثر فيه مقالاته التي تناول فيها هموم وأوجاع السينما، وبعضاً من ذكرياته التي سجلها على مدار اكثر من 25 عاماً على أوراق الصحف العربية مثل »القبس« و»الحياة« والتحرير»وغيرها.

«الشخصيات والتفاصيل الصغيرة»

يقول مؤلف الكتاب حسن حداد في معرض تقديمه لكتابه"محمد خان: سينما الشخصيات والتفاصيل الصغيرة":محمد خان هو أحد أبرز الذين جددوا وغيروا في السينما المصرية، فهو يعيش في بحث دائم عن إطار وشكل جديد لأفلامه، يميزها عن بقية ما أنتجته وتنتجه السينما السائدة.

الكتاب اشتمل على قسمين أساسيين، الأول استعرض فيه حداد نحو 17 فيلماً لخان، مقدماً عنها ملخصاً لموضوعاتها بشكل متتابع، وبحسب التسلسل الزمني، منذ أول أفلامه"ضربة شمس"وحتى "أيام السادات"بما مجموعه 17 فيلماً سينمائياً. أما في القسم الثاني فيقدم تحليلاً فنياً وتقنياً لسينما خان. كما يحتوي الكتاب على ملاحق تتضمن معلومات عن المخرج وعن الجوائز التي حصل عليها، وفيلموغرافيا لإنتاجه.

«سينما محمد خان»

لم ينتظر المخرج خان ليرى لحظات تكريمه في دورة مهرجان القاهرة السينمائي المقبلة والمقررة في نوفمبر المقبل، وليشهد أصداء اطلاق كتاب سينما محمد خان الذي ألفه الكاتب الصحفي محمود عبدالشكور الذي قال عنه:«كنت قد بدأت منذ فترة في إعادة مشاهدة كل أفلام محمد خان وهي، 24 فيلماً روائياً طويلاً، وفيلم روائي قصير بعنوان البطيخة.

واستلزم الأمر تفريغا تفصيليا لتتابع المشاهد لكل فيلم، مع تسجيل لديكوباج تقطيع مشاهد بعينها تستحق التحليل كالمشهد الأخير من فيلم سوبر ماركت، والتوقف لرسم بعض الكادرات على الورق لتحليل تكوينات الصورة، كل ذلك شكّل مادة أولية ضخمة جدا عملت عليها للكتابة عن معالم سينما محمد خان، ولتحديد سمات أسلوبه، وملامح عالمه الخاص ومفاتيحه، مع التحليل الشامل لكل فيلم من أفلامه.

البيان الإماراتية في

27.07.2016

 
 

تعرض لوعكة صحية مفاجئة

رحيل محمد خان عبقري السينما الواقعية

القاهرة: «الخليج»

وسط حالة من الذهول من أسرته وأصدقائه والمقربين منه والجماهير، شيعت أمس جنازة المخرج الكبير محمد خان عبقري السينما الواقعية، الذي وافته المنية إثر أزمة صحية مفاجئة نقل على أثرها إلى المستشفى مساء أمس الأول، وفاضت روحه فجراً، عن عمر يناهز 73، إثر إصابته بنزلة معوية حادة أدت إلى انخفاض كبير في ضغط الدم ما أودى بحياته بشكل مفاجئ. وأصيبت عائلته بصدمة، خاصة أنه لم يكن مريضاً خلال الفترة الماضية.

سيطر على الجنازة مشهد الحزن والهدوء، حيث لم يحضر سوى عدد قليل من الفنانين، إذ لم يتمكن أغلبهم من معرفة الخبر، فضلاً على تواجد عدد كبير منهم خارج القاهرة لقضاء الإجازة الصيفية.

كانت أسرة الفقيد قد نقلت جثمانه من مستشفى «الأندلس» الذي توفي فيه بعد الانتهاء من استخراج تصاريح الدفن، إلى المسجد «الكويتي» بضاحية المعادي لتشييع جثمانه إلى مقابر الأسرة في منطقة «القطامية» نفسها، ورافق الجثمان مع الأسرة من المستشفى مدير التصوير سعيد شيمي، الصديق المقرب لخان، ليتم تشييع جنازته وسط حزن وبكاء شديدين من المتواجدين، بفقدانهم مخرجاً عظيماً ومهماً، أثرى السينما المصرية والعربية بأفلامه

حرص على حضور الجنازة كل من الفنانين خالد النبوي، سيد رجب، سامح الصريطي، والمنتج محمد حفظي، والإعلامي محمود سعد، والمخرج يسري نصر الله، والمنتج جابي خوري، والمخرجة كاملة أبو ذكري، والفنانة ابتهال الصريطي، وسلوى محمد علي، وأشرف زكي نقيب الممثلين، ونقيب السينمائيين مسعد فودة، وظهرت زوجة المخرج الراحل الكاتبة وسام سليمان في حالة انهيار تام ولم تتمالك نفسها من البكاء ومعها أسرة محمد خان ابنته نادين خان وأبناؤه، كما خيم الحزن الشديد على المخرجة كاملة أبو ذكري، التي سالت دموعها بمجرد خروج جثمان خان من المسجد عقب انتهاء صلاة الجنازة بعد ظهر أمس، وخروج الجثمان من المسجد.

قال أشرف زكي: خسرت مصر والأمة العربية مخرجاً كبيراً بقامة الراحل محمد خان، ذلك المخرج المصري قلباً وقالباً، الذي حمل هموم الوطن في قلبه وعقله.

أما الكاتب مدحت العدل فقال: المخرج العبقري محمد خان واحد من أعظم من قدموا مصر الحقيقية في أفلامه، وللأسف لم يحصل على جنسيتها إلا قبل عامين فقط، فقد قدم الكثير للسينما المصرية والعربية.

فيما نعت السفارة البريطانية المخرج الراحل وكتبت على موقع التدوينات القصيرة تويتر: «تنعى السفارة البريطانية والعاملون بها المخرج محمد خان، يرحل المبدعون لكن تظل أعمالهم خالدة».

يعد محمد خان من أبرز مخرجي السينما الواقعية التي انتشرت في جيله من السينمائيين نهاية السبعينات وطوال ثمانينات القرن الماضي، وانحسر نشاطه السينمائي خلال السنوات الأخيرة، شارك في كتابة 12 قصة من 21 فيلماً قام بإخراجها، متزوج من وسام سليمان كاتبة السيناريو التي كتبت له فيلمي «بنات وسط البلد» و«في شقة مصر الجديدة»، وتعمل ابنته نادين خان في مجال الإخراج السينمائي، وكان آخر أفلامه «قبل زحمة الصيف» الذي عرض مؤخراً في دور العرض السينمائية، بطولة هنا شيحة وماجد الكدواني وأحمد داوود، والذي كان مطروحاً في دور العرض أوائل العام الجاري، ونال على أثره خان جائزة من مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، فيما كان يستعد لدخول فيلم جديد بعنوان «بنات روزا» بطولة غادة عادل، وكان مقرراً أن يبدأ في تصويره نهاية أغسطس المقبل، إلا أن القدر لم يمهله لذلك

وترك خان وراءه رصيداً كبيراً من الأعمال السينمائية من بينها، ضربة شمس (1978)، والحريف (1983)، ومشوار عمر (1985)، وزوجة رجل مهم (1987)، وأيام السادات (2001)، وفي شقة مصر الجديدة (2007).

«دبي السينمائي» ينعى مبدع «قبل زحمة الصيف»

نعى مهرجان دبي السينمائي الدولي على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، محمد خان، وقالت صفحة المهرجان: «وداعاً محمد خان، مخرج السينما الواقعية الذي قدّم للسينما العربية الكثير وكرّس حياته لإثراء الفن السابع بأعمال رائعة لمست قلوب الملايين وعكست حياتهم وواقعهم. أعماله باقية في ذاكرة السينما وفي قلوب الجماهير العربية».
شارك خان في الدورة الأخيرة للمهرجان بفيلم «قبل زحمة الصيف»، ضمن مسابقات المهر العربي الطويل
.

فرحة بعد 40 عاماً

بعد انتظار دام لأكثر من 40 عاماً، يحاول فيها جاهداً نيل الجنسية المصرية، حصل عليها محمد خان مؤخراً وتحديداً منذ 3 أعوام، وبقرار من رئيس جمهورية مصر السابق المستشار عدلي منصور، الذي منح الجنسية المصرية للراحل، طبقًا للمادة الخامسة من القانون رقم 26 لسنة 1975.
وبعد حصوله على الجنسية المصرية والتي كانت بمثابة حلم بالنسبة له، ظل يلتقط صوراً تذكارية مع جواز السفر المصري، وبطاقة الرقم القومي المصرية ونشرها على مواقع التواصل
.

اكتفوا بالعزاء والرثاء على مواقع التواصل

الفنانون يودعون «الحريف» إلكترونياً

متابعة: محمد حمدي شاكر

نعى عدد كبير من الفنانين والإعلاميين من مختلف الدول العربية، المخرج المصري الكبير محمد خان، الذي وافته المنية، صباح أمس الثلاثاء، عن عمر ناهز 73 عاماً. وقد نشر هؤلاء على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، كلمات مؤثرة ترثي المخرج والفنان والصديق الذي فقدوه، كما حرص بعضهم على نشر صور تجمعه بالراحل، إلى جانب غلبة اللون الأسود على عدد من هذه الصفحات.

ورغم توالي التغريدات و«البوستات» والصور، التي تتضمن رثاء محمد خان، والمنشورة على صفحات التواصل الاجتماعي، لكن المفارقة أن هؤلاء الفنانين والإعلاميين، كلهم تقريباً، وتحديداً المصريين بوصفهم أصحاب العدد الأكبر من تلك الرسائل والتغريدات، تغيبوا عن حضور صلاة الجنازة على الفقيد، ومراسم الدفن، واكتفوا بالعزاء والنعي «الإلكتروني»، كما أظهرته صور وفيديوهات الجنازة، التي نشرت على عدد من المواقع الإخبارية وصفحات الإنترنت.

خالد النبوي كان من بين عدد محدود من الفنانين الذي حضروا جنازة خان، ونشر على صفحته بموقع «تويتر»، صورة تتضمن إهداء من المخرج الراحل.

وبمجرد معرفتها بخبر الوفاة، وحتى صلاة الجنازة التي حرصت على حضورها، نشرت المخرجة كاملة أبوذكري على «فيس بوك» كلمات ترثي بها خان، منها «يا أستاذ خااااااان».

أمّا الفنان خالد الصاوي، فأسهب في الكتابة على صفحة «فيس بوك» الخاصة به؛ حيث سرد ملخصاً للتاريخ الفني لمحمد خان، من البداية إلى النهاية. فيما نعى محمد عادل إمام، المخرج الراحل، قائلاً: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون».

الكاتب والسيناريست مدحت العدل، علق على وفاة خان، على صفحته بموقع «تويتر» قائلاً بنبرة من الحزن: «وداعاً الصديق العزيز». فيما كتبت وفاء عامر على صفحتها على الموقع نفسه: فقدنا علماً من أعلام السينما المصرية.

الفنانة ناهد السباعي التي كانت تعتبر خان الأب الروحي لها، ودائماً ما كانت تظهر معه في مختلف الأماكن، نشرت صوره برفقة الراحل على صفحتيها في «تويتر» و«إنستغرام»، معلقة عليها ب«إيموشن» بكاء وورود.

أما المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، فقد عبر عن حرنه وألمه لوفاة خان، فكتب على «فيس بوك» كلمات أرفقها بصورة للراحل. في حين عبرت الفنانة هنا شيحة عبر حسابها في موقع «فيس بوك»، عن صدمتها وبالغ حزنها لوفاة «المخرج العبقري»، في كلمات باللغة الإنجليزية. وهو ما فعله المخرج خالد الحجر.

إلى ذلك، نعت أسماء فنية وإعلامية عدة، الراحل عبر صفحاتها، أيضاً بالصور والكلمات، من هؤلاء: ماجد الكدواني، ومحمد نجاتي، وطارق لطفي، والمخرج كريم العدل، والناقد الفني طارق الشناوي، والإعلاميتان مهيرة عبدالعزيز ورشا قنديل.

تلاميذ محمد خان والمخرجون الشباب من أكثر من دولة عربية، شاركوا بنصيبهم في كلمات الرثاء والعزاء إلكترونياً. من ذلك ما كتبته المصرية بتول الحداد، والتي سبق أن عملت مساعد مخرج في فيلم «فتاة المصنع»، وعلقت على صورة تجمعها بالراحل قائلة: «وداعاً الأستاذ، الفنان، العالمي، العبقري». 

أما المخرج السعودي الشاب علي الكلثمي، فكتب على «إنستغرام»: «وفاة المخرج العبقري الأستاذ الحريف محمد خان، رحمك الله وغفر لك»، مع صورة له. بينما كتب المخرج الشاب حسين الكعبي، على الموقع نفسه «قبل زحمة الصيف. غادرنا.. المخرج الكبير القدير محمد خان في ذمة الله». 

ونشر المخرج الإماراتي الشاب حمد الريامي، صور للراحل على «إنستغرام» مكتوباً عليها «الله يرحمك يا خان». وبالمثل الكاتب والمخرج البحريني الشاب سلمان يوسف، صورة تجمعه بخان، وأرفقها ببعض كلمات الرثاء.

الخليج الإماراتية في

27.07.2016

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)