كتاب «صنع في ارابيا»..
فرص السينما العربية الضائعة
عمان - ناجح حسن
احتوى كتاب (صنع في ارابيا: السينما العربية بين الفرص
الضائعة والحاضر الصعب) الصادر حديثا عن مهرجان دبي
السينمائي، لمؤلفه الزميل الباحث والناقد السينمائي
اللبناني محمد رضا، جملة من القضايا والموضوعات
المليئة بالاسئلة والاشكاليات التي تناقش هوية وحراك
وتاريخ صناعة الافلام العربية في اكثر من بيئة.
توزعت صفحات الكتاب الذي جاء باللغتين العربية
والانجليزية على خمسة فصول رئيسة هي : مفاتيح حول
ماهية الفيلم العربي، السينما العربية: مشاكل الهوية
والتاريخ، تجارب السينما المستقلة، افكار حول وضع
السوق العربية وطرق حل مشاكلها، العقد الفريد والحال
الراهن للسينما الخليجية، وفي جميعها قراءات نقدية
واعية لاهمية صناعة الفيلم العربي وامتداداته على سائر
المنطقة العربية، لافتا الى مقومات الهوية في منجزه
الابداعي طيلة اكثر من قرن من الزمان .
يتوقف رضا في بدايات الكتاب حول اشكالية تعيين جنسية
الفيلم فيما اذاكان يتبع هوية مخرجه أو موضوعه او
اللغة التي ينطق بها وما هو مشترك بين تلك الاعتبارات
في تركيز على البعد التمويلي والانتاجي الذي يحكم
اساسا هوية العمل السينمائي، مبينا بهذا الصدد عدة
امثلة ونماذج تطبيقية لافلام مخرجين عرب وعالميين
انجزت بتمويل مؤسسات وشركات عربية من بينها : (ظل
البحر) للاماراتي نواف الجناحي، (هرج ومرج) للمصرية
دينا فاروق، (هلأ لوين؟) للبنانية نادين لبكي، (باب
الحديد) للمصري يوسف شاهين ومنها الى افلام تحمل السمة
العالمية كافلام : (اسمي خان) للهندي كاران جوهار،
(لعبة عادلة) للاميركي دوغ ليمان، و(الاصولي المتمنع)
للهندية الاميركية الاقامة ميرا نير.
ويتناول الكتاب تأثير السينما المصرية على المتلقي من
خلال نجاحاتها في صالات العرض في المنطقة العربية
بخلاف ذلك الانتشار المحدود لافلام عربية اتية من
بلدان المغرب العربي ومشرقه او القادمة من بلدان
الخليج، طارحا ان مصر كانت مشروعا ثقافيا وفنيا طموحا
منذ مطلع القرن الفائت، استند الى عشرات ملايين
المشاهدين بالمنطقة تأسس وفق مشروع استثماري صحيح سواء
بايجاد بنية سينمائية تحتية راسخة او من خلال شبكة من
الموزعين المصريين والعرب والاجانب وجدو في الفيلنم
المصري الاكثر رسوخا وقدرة على مجاراة نوعيات الأفلام
المنجزة التي يتهافت عليها رواد الصالات في السوق
السينمائية، الا ان المؤلف يرى ان صناعة الفيلم المصري
اخذت في العقود الاربعة الاخيرة تصطدم بمعوقات توزيعية
وتمويلية اجبرها على تقديم افلام بخلاف تلك السوية
الجمالية او الدرامية التي اعتاد عليها رواد السينما
المصرية نتيجة لركاكة وفقر الميزانيات الانتاجية ويضيف
اليها اسباب اخرى على غرار ثورة الاتصالات العالمية
وانتشار هذا الكم الوفير من القنوات الفضائية
والانترنت .
ثم يعرض الكتاب لالوان من الانتاجات السينمائية
المصرية وفي العديد من البلدان العربية مثل لبنان
والكويت الذي تحقق من خلال تجارب السينما المستقلة
وفيها جرت محاكاة لهموم وتطلعات سياسية واجتماعية
وثقافية باساليب واقعية وتأملية لا تتمتع بمفردات
تجارية بغية الخروج من نطاق السينما الاستهلاكية
السائدة في الصالات المحلية.
يؤشر الكتاب الى اكثر من حل لمأزق السينما العربية عبر
توجهها الى احتضان مشاريع تصوير افلام الشركات
السينمائية العالمية او عبر التوجه الى الانتاج
المشترك ومبادرات المهرجانات السينمائية العربية
الدولية – دبي – مثلا ولاحقا مهرجاني ابو ظبي والدوحة،
والتوجه الى ايجاد شركات توزيع وصالات متخصصة في عرض
نتاجات السينما العربية والمثابرة على اقتحام الفيلم
العربي للاسواق العالمية.
في السياق ذاته يدرس المؤلف ظاهرة تنامي تجارب لافتة
في حقل صناعة الفيلم الخليجي شرط ضرورة تكيفه مع
متطلبات واساليب صناعة السينما التي تنهض على سعة
المخيلة وامتلاك عناصر اللغة السينمائية كي تشق طريقها
عبر اسس توزيعية محلية وعالمية.
الكتاب يجيب عن العديد من تلك التساؤلات الملحة التي
طالما افردت لها ملتقيات ومهرجانات ومؤسسات سينمائية
وثقافية وفكرية متنوعة فضاءات خاصة لمناقشتها في اكثر
من مناسبة وبيئة عربية، مثلما يرفد المكتبة السينمائية
العربية بقراءة نقدية جديدة ومكثفة وبليغة لابرز
العوائق والتحديات التي ما زالت تعصف بمسيرة السينما
العربية مدعم بعينات من نتاجاتها طيلة سنوات مديدة .
الرأي الأردنية في
22/ 12/ 2013 |