أصابت أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من غزو أفغانستان
والعراق
وما سمي
بالحرب علي الإرهاب العقل والوجدان الأمريكي بصدمة بالغة هزت الكثير من
مسلماته وكان لا بد من أن تمتد هذه الصدمة لتشمل مواقف المثقفين والمبدعين
وما
يعنينا هنا هو تجليات هذه الصدمة علي السينما العالمية
والأمريكية علي وجه الخصوص
التي كان من أبرزها حالة من الذهول والصمت حيال الحدث الرئيسي الذي بدا في
حد ذاته
أشبه ما يكون بمشهد سينمائي من فيلم من أفلام الكوارث وامتد هذا الصمت لا
يشمل عدم
تناول الحدث وما تلاه في أفلام جديدة فقط بل ليمتد الي الصورة
النمطية في الأفلام
التجارية للعربي الإرهابي التي اعتادت تقديمها طوال تاريخها والتي اختفت أو
كادت
بعد تلك الاحداث.. وكان أول من كسر هذا الصمت الغريب هو المخرج اليساري
المتمرد
مايكل مور صاحب المواقف المتطرفة من انتقاد ادارة المحافظين
الجدد وجورج دبليو بوش
الذي خرج علي العالم بفيلمه التسجيلي (9/11 فهرنهايت) والذي يشبه قصيدة
هجاء
سينمائية قاسية.. وكانت المفاجأة الكبري هي فوز هذا الفيلم بجائزة مهرجان
كان
الدولي الكبري كأفضل فيلم تسجيلي وروائي وهي المرة الأولي التي
تمنح فيها هذه
الجائزة لفيلم وثائقي حدث هذا في عام 2004 أي بعد ثلاث سنوات من الأحداث
وتداعياتها
لكن الأمر احتاج لثلاث سنوات أخري حتي تبدأ ماكينة صنع الأفلام في هوليود
في
الاستفاقة وتناول هذا الحدث المزلزل بأشكال مباشرة وغير مباشرة
وكان أول هذه
الأفلام هو فيلم الرحلة يونيتد 92 والذي تناول ما تخيل انه حدث في داخل
الطائرة
المختطفة والتي كان يفترض ان تصطدم بالبيت الأبيض لكنها سقطت قبل أن تصل
لهدفها ثم
جاء بعد ذلك فيلم المخرج المعارض الشهير أولفرستون مركز
التجارة العالمي والذي ركز
علي الجانب الإنساني من حادث انهيار برجي مركز التجارة ومن خلال عاملي
انقاذ وحمل
النصف الأخير من عام 2007 ما يشبه الموجة السينمائية الكاملة لنوعية من
الأفلام
التي تتناول تداعيات الحرب علي العراق وأفغانستان علي المجتمع
الأمريكي كان من
أهمها فيلم في وادي إيلاه الذي يصور بحث اب عن ابنه الذي عاد من العراق
ليختفي في
ظروف غامضة وفيلم جريس قد رحلت والذي يحكي قصة زوج وأب فقد زوجته المجندة
في العراق
أيضاً وكيف يخبر أولاده بهذه المأساة أما فيلم أرض الشجعان
فيحكي قصة وحدة عسكرية
يتقرر عودتها من العراق لكنها قبل العودة تشتبك في معركة دامية تكون من
نتيجتها ان
يعاني أفراد هذه الوحدة من آثار نفسية فادحة بعد عودتهم.. ويتطرق فيلم أسود
من أجل
الحملان الذي أخرجه ولعب بطولته روبرت ريدفورد أمام توم كروز
لموقف المثقفين من
الحرب علي الإرهاب كما تناول فيلم حرب شارلي ديلسون مطبخ القرارات السياسية
وكواليسها من خلال سيناريو امريكي داعر يقوم بدور أساسي في دفع المخابرات
الأمريكية
لتمويل المجاهدين الأفغان إبان حربهم ضد القوات السوفييتية في
انتقاد مباشر للسياسة
الأمريكية التي ساعدت في بروز تنظيم القاعدة. أما أخطر الأفلام وأهمها
وأوضحها في
انتقاد إدارة بوش لما تطلق عليه الحرب علي الإرهاب فقد جاء في مجموعة من
الأفلام من
بينها فيلم المخرج الشهير بريان دي بالما
REDACTED (المنقح) والذي مزج فيه بين
الأسلوب الروائي والأسلوب التسجيلي في تصوير حادثة قيام بضع جنود أمريكيين
بإغارة
علي أحد المنازل في العراق وقتل الأب والأم واغتصاب الابنة ثم
قتلها في حين تناول
فيلم معركة حديثة احدي الفظائع التي ارتكبها الجيش الأمريكي في قرية حديثة
حين قامت
مجموعة من مشاة البحرية في شهر نوفمبر 2005 بقتل 24 مدنياً عراقيا من بينهم
نسبة
كبيرة من النساء والأطفال انتقاماً لمقتل أحد زملائهم. أما
فيلم التسليم RENDITION
فهو يركز
إدانته علي انتهاك الإدارة الأمريكية لكل الأعراف والقوانين من خلال
قيامها باعتقال بعض المشتبه بهم من العرب والمسلمين وتسليمهم لأجهزة
المخابرات في
بعض الدول العربية لممارسة أشد أنواع التعذيب عليهم بهدف
الحصول علي اعترافات
ومعلومات قد تفيد الأمن القومي ويحكي الفيلم قصة عالم كيميائي مصري تختطفه
المخابرات الأمريكية في مطار واشنطن وتقوم بتسليمه لأحد أجهزة المخابرات في
دولة في
شمال أفريقيا ليتم تعذيبه هناك ومعاناة زوجته وأسرته من آثار
هذا الاختطاف ورحلة
الزوجة بحثاً عن زوجها البريء.
وإذا كانت هذه هي بعض أهم الأفلام الروائية التي تناولت سياسة
جورج بوش
والإدارة
الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وما اطلقوا عليه الحرب علي الإرهاب فإن هناك
عدداً أكبر بكثير من الأفلام التسجيلية والوثائقية التي تتناول الأمر
بأشكال مختلفة
من بينها فيلم أشباح أبوغريب الذي انتجته وأخرجته روري كنيدي
ابنة شقيق الرئيس
الأمريكي جون كنيدي والذي يصور حكايات التعذيب في هذا المعتقل الرهيب
وتعليقات عدد
من
السياسيسن وستة جنود ممن شاركوا في هذه الاعمال أما أكثر الأفلام إثارة
للدهشة
والاستغراب فقد كان فيلم التغير الكبير أو التغير الواسع
LOOSE CHANGE
الذي انتجه
وأخرجه ثلاثة من الشبان الأمريكيين أحدهم جندي سابق حارب في العراق
وأفغانستان وقد
عرض الفيلم بشكل واسع في أمريكا وأوروبا حتي يقال إن من شاهدوه بلغوا 30
مليون شخص
ويقدم الفيلم نظرية غريبة ومعروفة في آن واحد وهي أن أحداث 11
سبتمبر 2001 هي من
صنع المخابرات الأمريكية وأن الجريمة خططت لها عصابة بزعامة ديك تشيني ودون
رامسيفيلد ومن بين الأفلام التسجيلية الهامة ايضاً فيلم شرائط الحرب وهو
الفيلم
الذي اعتمد علي إعطاء عدد من الجنود المشاركين في الحرب آلات
تصوير رقمية لتسجيل
الوقائع الحقيقية للحرب ومن خلال اكثر من 800 ساعة تصوير خرج الفيلم الذي
لا تزيد
مدته علي 90 دقيقة والذي حمل كماً هائلاً من المشاهد المفزعة والمؤثرة مما
جعله
يحصد العديد من الجوائز في المهرجانات التي شارك بها.
الراية القطرية في 23
يناير 2008
|