من أفضل
مسلسلات العام الماضي مسلسل أردني من إنتاج مشترك مع شركة خليجية هو
«الاجتياح» الذي يقدم في ثلاثين حلقة قصة اجتياح القوات الإسرائيلية للقري
والمدن الفلسطينية في أسلوب يجمع بين الدراما والتوثيق.
أي يمكننا
اعتباره دراما نصف وثائقية لكونه يتناول قصة عائلة فلسطينية وما تتعرض له
من هجوم وانتهاكات ورعب مستمر هي وجيرانها بسبب الدوريات والغارات
الإسرائيلية التي تنتهك كل المحرمات في القوانين الدولية والإنسانية..
المسلسل يتميز بإيقاع ملائم لموضوعه وربما كان هذا إحدي مشاكله برغم ميزته،
لأنه من الصعب أن يحتفظ عمل قريب من إيقاع مشاهد العنف الحقيقية التي نراها
من خلال نشرات الأخبار والبرامج السياسية اليومية بمشاهد يستكمل «الجرعة»
بمسلسل يضيف إليه المزيد منها.. ومع ذلك فهذه رؤية متعجلة وغير مكتملة
أقدمها بعد رؤية عدد من الحلقات فقط، وليس كل العمل كما هو مفترض في حالة
كتابة نقد يخص العمل، وقد ناقش هذا المسلسل بمستواه الحرفي العالي وموضوعه
الذي لا تفضله شركات ومؤسسات الإنتاج التليفزيوني، ناقش بقية الأعمال في
مسابقة الدراما التليفزيونية في مهرجان الإذاعة والتليفزيون الأخير والذي
سمي بـ «مهرجان الإعلام العربي» في نوفمبر الماضي ويا ليت إحدي القنوات
المصرية تعرضه كاملا لنري نوعا مختلفا من الأعمال الدرامية العربية..
ومناسبة الحديث عن «الاجتياح» الآن هو وجود مخرجه في القاهرة قريبا من أجل
مسلسل جديد، هو المسلسل الذي يتناول حياة «أسمهان» النجمة الشهيرة، والتي
مازالت بعد ما يزيد علي نصف قرن من رحيلها تحتفظ بمكانة مهمة في التاريخ
الغنائي العربي، وكشخصية مميزة للغاية سواء كمغنية ذات صوت ذهبي عصي علي
التكرار، أو كنجمة سينما برغم قلة أعمالها.. أسمهان أيضا - وهذا مهم في
إطار دراما من ثلاثين حلقة - شخصية درامية من الدرجة الأولي، حياتها مليئة
بما يغري أي كاتب ومخرج بالكتابة عنها، وقد سبق ورفضت أسرتها الإشارة إليها
بأي كلمة أو مشهد ضمن أحداث مسلسل «أم كلثوم» للكاتب محفوظ عبدالرحمن
والمخرجة إنعام محمد علي، وبالتالي تم حذف مشاهدها من المسلسل.. أخيرا رضيت
الأسرة، وقد وقع شوقي الهاجري، المخرج العقد مع أحد طرفي إنتاج المسلسل
الذي يأتي كخطوة متطورة إنتاجيا كما توقعنا في مقالات سابقة وحيث يشارك فيه
من مصر المنتج الكبير إسماعيل كتكت منتج «الملك فاروق» ومن سوريا فراس
إبراهيم وهو ممثل ومنتج معروف.. الهاجري سيخرج نصا كتبه - وهذه مفاجأة
جديدة - نبيل المالح المخرج السوري الكبير والذي حصل منذ سنوات علي إحدي
جوائز مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلمه «كومبارس»، وبعدها حصل علي
ذهبية مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون عن مسلسل كوميدي ساخر مدة الحلقة
20 دقيقة وعلي جائزة ثالثة عن سهرة درامية بعنوان «غراميات نجلاء» من
مهرجان القاهرة أيضا، نبيل المالح شارك وكتب العديد من أعماله لكنه هنا
يكتب فقط عن حياة أسمهان، ويقوم كاتب السيناريو المصري بسيوني عثمان
بالمشاركة في الجزء «المصري» في المسلسل، أي الذي يتناول حياة أسمهان في
مصر، ولا نعرف هل يقوم بسيوني بكتابة هذا الجزء كاملا أم تمصير الحوار
ليحتفظ بالروح المصرية.. ومن الجدير بالذكر أيضا أن الهاجري تونسي، وأن
أغلب أعماله كانت لشركات أردنية وسورية، والمعني من هذا كله أن عملية إنتاج
الدراما التليفزيونية التي سنراها في موسمها الجديد، رمضان القادم، تمضي
بخطوات واسعة من أجل تجاوز كثير من القواعد القديمة، وأن التعاون العربي هو
أمر حتمي طالما كان الهدف إنتاج أعمال قوية ومتميزة، وتجاوز أسقف الحساسيات
الرقابية المقامة في كل الأقطار العربية وأيضا الكشف عن مزيد من المبدعين
وإبداعاتهم وإضافة المزيد من الأسماء الواعدة إلي كشف الاستحقاقات..
ولنتذكر هنا أننا منذ خمس سنوات فقط لم نكن نعرف أسماء كثيرة مبدعة في مصر
علي المستوي العام، بل إن الأعمال العربية الفائزة في مسابقات مهرجان
الإذاعة والتليفزيون كانت تأتي وتذهب بدون أن يراها أحد بينما أصحابها
آمالهم وأحلامهم معلقة علي النفاذ إلي الجمهور المصري الكبير.. والذواقة..
أخيرا، فإن دور «أسمهان» ستقوم به الممثلة الفنانة «سولاف فواخرجي» بطلة
فيلم «حليم» لشريف عرفة ومسلسل «عصي الدمع» لحاتم علي وأعمال أخري سورية
متعددة.. ومازال البحث عن ممثل دور شقيق أسمهان، المطرب الكبير فريد
الأطرش.. جاريا.
الأهالي المصرية في 16
يناير 2008
|