حققت أفلام موسم عيد الأضحي ارتفاعا ملحوظا في الايرادات وصلت
إلي أرقام غير مسبوقة في تلك الفترة من العام حيث برد الشتاء وقرب قدوم
امتحانات نصف العام حتي فيلم "هي فوضي" للمخرج الكبير يوسف شاهين حقق لأول
مرة "12" مليونا من الجنيهات ومازال بدور العرض وهو ما لم يحدث طوال تاريخه
الفني هل جاء الإقبال الجماهيري بسبب القضايا السياسية الساخنة في الفيلم؟
وهل نجحت أفلام أحمد السقا وكريم عبدالعزيز بسبب "الأكشن"؟ أم أن الدعاية
المكثفة علي القنوات الفضائية ساهمت في رواج أفلام هذا الموسم. ما الذي جذب
الجمهور لمشاهدة تلك الأفلام؟
يقول المخرج محمد خان ان ارتفاع ايرادات أفلام عيد الأضحي يسعد
كل العاملين في صناعة السينما المصرية وكل الحريصين علي مستقبل هذه الصناعة
ويضيف: الناس اشتاقت إلي الأفلام الجماهيرية القوية- بتاعة زمان- وأثبتوا
انهم مازالوا يحبون "التنويع" بعد ان ظلوا يشاهدون الكوميديا طوال العشر
سنوات الماضية فأفلام هذا الموسم فيها السياسي والأكشن والجريمة وهي مواضيع
"حراقة" تجذب الجمهور وقام ببطولة هذه الأفلام نجوم أحبهم الشباب مثل السقا
وكريم إلي جانب المستوي الفني الجيد لتلك الأفلام كلها عوامل ساهمت في
الإقبال الجماهيري وبشكل عام الناس في مصر تحب الذهاب إلي السينما في
الأعياد المهم ان الجمهور عاد بقوة إلي دور العرض واستمتع بالسينما التي
كان محروما منها خلال السنوات القليلة الماضية.
* الناقد مصطفي درويش الرئيس الأسبق للرقابة علي المصنفات
الفنية يقول: لا شك ان "الصنعة" في أفلام العيد موجودة سواء في الكتابة أو
الإخراج وقد سعدت بأسلوب ناصر عبدالرحمن كاتب سيناريو فيلمي "هي فوضي"
و"حين ميسرة" وهما من الأفلام التي نجحت جماهيريا وأعتقد ان "هي فوضي"
ينتمي لخالد يوسف أكثر من يوسف شاهين وقد يكون ذلك هو السبب في إقبال
الجماهير علي مشاهدته أما "الجزيرة" فهو أشبه ب "الأب الروحي" الصعيدي
والناس عادت مرة أخري إلي حب أفلام الأكشن المهم ان يكون الفيلم علي
المستوي الفني المقنع والجذاب.
ويضيف درويش "هي فوضي" أشبه بالمنشور السياسي والجمهور في حاجة
إلي طرق مثل هذه المواضيع لأنه يعاني بالفعل من مشاكل سياسية كثيرة وهموم
عامة أراد ان تشاركه السينما في الحديث عنها وميزة موسم عيد الأضحي أنه لا
يأتي بعد شهر رمضان مثل عيد الفطر لأن الناس بعد هذا الشهر الكريم تكون
"شبعانة" دراما من المسلسلات اليومية لذلك لا تحقق أفلام عيد الفطر النجاح
الذي تحققه أفلام عيد الأضحي أما موسم الصيف فأعتقد ان الكوميديا سوف تظل
في المقدمة وسوف تحقق المزيد من النجاح الجماهيري بشرط الاستفادة من تجربة
عيد الأضحي بمعني ان تحافظ علي المستوي الفني الجيد في الكتابة والإخراج.
الدعاية
قوية
تؤكد كاتبة السيناريو زينب عزيز ان الجمهور ذهب لمشاهدة أفلام
عيد الأضحي بسبب الدعاية المتميزة علي القنوات الفضائية السينمائية وتقول:
كان مستوي الدعاية جذابا بالفعل وبعض اشارات الأفلام أعطت انطباعا أقوي من
مستوي الفيلم نفسه وأعتقد ان الجمهور مازال يحب الأفلام التي تدور في أجواء
الانتقام وفكرة الأخذ بالثأر وهذا متوافر في فيلمي السقا وكريم وكذلك في
فيلم "هي فوضي" لأن الجرائد كتبت كثيرا عن قضايا التعذيب وجاء الفيلم ليكشف
هذه الجرائم من خلال شخصية حاتم التي قدمها خالد صالح ببراعة رغم ان الفيلم
قدم المبرر لفساده عندما تحدث عن حرمانه في طفولته وحبه الجنوني لجارته
"منة شلبي" والحقيقة ان هذه الأفلام تستحق النجاح الجماهيري لأن مستواها
الفني جيد وقليلا ما يتفق الجمهور والنقاد وهذا ما حدث هذا الموسم.
عودة
الوعي
* الناقد السينمائي فوزي سليمان يري ان الجمهور أثبت انه مازال
قادرا علي الاختيار وعنده من الوعي لكي يختار الفيلم الجيد ويترك الفيلم
الضعيف ويقول: ما حدث من إقبال جماهيري علي أفلام عيد الأضحي هو جرس انذار
لمنتجي الأفلام الهزلية لم تعد الكوميديا ماركة مسجلة يدخلها الجمهور وهو
"مغمض" بل الجمهور أصبح يختار الفيلم الجيد سواء كان كوميديا أو تراجيديا
سواء كان أكشن أو اجتماعياً أو سياسياً لأن كل تلك الأنواع نجحت هذا الموسم
وهذه اشارة واضحة ان الجمهور "مش عايز" كوميديا فقط.
ويضيف فوزي سليمان: المسألة ليست فقط القضايا التي تثيرها
الأفلام المهم كيف يتناول المخرج موضوع فيلمه ولا يتعالي علي الجمهور
ويتفلسف لذلك نجح فيلم "الجزيرة" لشريف عرفة و"حين ميسرة" و"هي فوضي" لخالد
يوسف ولم يهمل صانعو تلك الأفلام الاهتمام بالمشاهد الجنسية وهي بالطبع
تجذب الجمهور خاصة مشهد اغتصاب سمية الخشاب في "حين ميسرة" ومشاهدها مع
غادة عبدالرازق.
السينما
الحقيقية
* يعتقد الناقد والباحث السينمائي يعقوب وهبي ان الناس "شبعت"
من عوكل وكركر والعندليب وأصابتها "التخمة" وأرادت الاتجاه إلي السينما
الحقيقية ويقول: النجاح الذي حققه فيلم "هي فوضي" يذكرني بالنجاح والاهتمام
الجماهيري والصحفي بفيلم "الكرنك" في السبعينيات لأنه فيلم "جاي علي الجرح"
فيلم يتحدث عن وقائع يعاني منها الناس يوميا ومعظم أفلام هذا الموسم أعادت
القيمة والهيبة لعمل المخرج في صناعة الفيلم لأنه هو القائد في حين ان
أفلام كركر وأعوانه كادت ان تلغي عمل المخرج في السينما ومحمد سعد بالفعل
يعمل بدون توجيه فني في الاستوديو وهذا شئ خطير جدا مهما كانت القدرات
الفنية للممثل.
ويضيف يعقوب وهبي: مخرج مثل شريف عرفة في فيلم "الجزيرة" أعاد
واحداً من جيل العمالقة إلي السينما وهو الفنان محمود ياسين ولابد ان يعود
هؤلاء للشاشة إلي جانب النجوم الشباب وهذا طبيعي والاقبال الجماهيري يعني
ان الناس أصابها الملل من أفلام النجم الواحد الذي يأخذ الفيلم من الجلدة
إلي الجلدة وكل من معه "كومبارس".
لقد عادت البطولات الجماعية مرة أخري وهذا سبب اعجاب الجمهور
بأفلام هذا الموسم الناس زهقت من "التهريج" وحان وقت السينما الجادة التي
تحترم عقلية الجمهور وأعتقد ان أفلام "المهرجين الجدد" أصبحت في مأزق
وعليهم الاتجاه إلي تطوير أفلامهم إلي الأفضل وإلا الخسائر الفادحة سوف
تكون في انتظارهم.
الجمهورية المصرية في 10
يناير 2008
|