أنهي دورته الثانية الأسبوع الماضيتجاهل إعلامي لمهرجان بغداد
السينمائي وغياب تام للنجوم تحت شعار الحق في حياة آمنه مستقرة أقيمت
الدورة الثانية لمهرجان بغداد السينمائي الدولي الذي أقامته جمعية
سينمائيون عراقيون بلا حدود تحت رعاية قناة الحرية الفضائية والذي استمرت
فعالياته أربعة أيام تم خلالها عرض ما يزيد علي خمسة وستين فيلماً ما بين
التسجيلي والروائي القصير والتجريبي .ومع بداية الدورة الثانية لمهرجان
بغداد نلمس حضورا كبيرا للفيلم العراقي حيث شارك أكثر من ستة وعشرين فيلماً
ما بين الروائي والتسجيلي القصير لصناع السينما الشباب في العراق، طرحت هذه
الافلام زوايا مختلفة لحياة الإنسان لكنها كانت ترتكز علي محور واحد وهو
عرض القضية السياسية في العراق وأحوال المواطن العراقي قبل وبعد الإحتلال،
أفلاماً تعبر بشكل مباشر عن وجهة نظر صانعيها من جيل الشباب، مما يعطينا
الحق أن نطلق عليها مصطلح سينما الواقع السياسي .من الأفلام العراقية التي
شاركت في هذه الدورة فيلم ذبذبة مفقودة والذي يتناول فكرة المأساه التي يمر
بها الإنسان العراقي عبر جيلين مختلفين لكن واقعهم مشترك، فبين ما كان، وما
هو الآن ليس إلا تبديلاً للمصطلحات ما بين حرب واحتلال، وعلي هذه الشاكلة
تأتي معظم قصص الأعمال المشاركة، حيث نبذ الماضي والاستغاثة للحاضر .ففي
فيلم تصريح بالجنون يروي كاتبه قصته الواقعية التي مر بها عبر سجون
ومستشفيات الأمن العام في بغداد حيث تضييق الخناق علي حرية الإبداع .وفي
فيلم آخر بعنوان أحلام نشهد حياة ثلاث أسر لا يجمع بينهما غير المعاناه في
زمن النظام السابق وما تبعه من احتلال .نشهد ايضاً فيلماً بعنوان مقبرة وهو
فيلم إنتاج مشترك بين العراق واسبانيا يحكي قصة بعض الاصدقاء الذين شهدوا
فترة سقوط النظام السابق وهم خارج الوطن، ومشاركة منهم للحدث يذهبون
للاحتفال علي قبر أحد أصدقائهم المدفون في إحدي مقابر مدريد، ومن ثم يبدأو
بالنقاش فيتحول الي عراك، تلك السمة التي طالما التصقت بالعرب في أي مكان
حينما يتناقشون .مشاركات الأفلام العراقية بشكل عام داخل هذه الدورة، تأتي
أحداثها في سياق يكاد يكون متوحدا وهو محاولة ربط الواقع السياسي العراقي
بما كان قبل الاحتلال الأمريكي وسقوط النظام السابق، ذلك ربما لطرح مفهوم
محدد وهو استمرار الاحتلال والقهر والمعاناه التي يعيش فيها العراقيون وأن
هذه الأحداث هي أحداث متعاقبة وليست بجديدة، فقط الجديد هو تغيير المسميات
من حكم ديكتاتوري إلي احتلال خارجي .مهرجان بغداد هل يقول وداعاً للكساد
السينمائي في العراق، علي الرغم من قلة الإنتاج الفني والسينمائي تحديداً
في العراق في ظل الظروف الأمنية الحالية، إلا أن هناك بعض المحاولات من
جانب الشباب لإنتاج أعمال سينمائية أغلبها تسجيلي أو روائي قصير، سواء كانت
إنتاجاً خاصاً أو إنتاجاً مشتركاً مع إحدي الدول الأوربية، هذه المحاولات
تعتبر نواة من الممكن أن تنمو وإن كانت ببطء، لتعطي روحاً جديدة ودفعة
حقيقية للحياة الفنية، تحت أصوات الرصاص .غياب الدعم المادي من قبل وزارة
الثقافية العراقية لهذا المهرجان يرسم لنا أكثر من علامة استفهام لا نستطيع
أن نخمن لها إجابة محددة، هل وزارة الثقافة العراقية لا تهتم حقاً لفكرة
تنشيط الحركة السينمائية داخل العراق، أم أنها ترغب ذلك دون أن تتكبد عناء
التكلفة المادية، أم أن هناك أحداثاً أخري أكثر أهمية تنصرف إليها جهودها
كاملة .التجاهل المادي من قبل الجهة الأكثر اعتناء بدعم الفنون والثقافة،
تبعه بالطبع تجاهل إعلامي من قبل العديد من المحطات الفضائية، مما يبرز
تكاسل بعض الفضائيات في رصد أحداث، أحدث مهرجان سينمائي دولي في الشرق
الأوسط، ربما لانه لم يأت بفنانين عالميين يرتدون ما تيسر لهم من خطوط
الموضة، التي يتنافسون بها في مهرجانات اخري وهم علي البساط الاحمر، إلي
جانب منافستهم الفنية، لذلك اقتصرت المشاركات المصرية علي تقديم الأفلام
التسجيلية والروائية القصيرة، في غياب واضح للأعمال الروائية الطويلة .إذا
غاب نجوم الصف الأول عن المشاركة وإن كان بأعمالهم الفنية في المهرجان الذي
يشهد نمو بذوره الأولي، فهناك حضور قوي لجيل الشباب المستقل بأفلامه التي
لا تقل قيمة فنية أو إبداعية عن الفيلم الروائي الطويل، فقد شارك تسعه من
شباب السينما في مصر بأعمالهم في المسابقة الرسمية للمهرجان وقد حصد فيلم
همس النخيل لشيرين غيث الجائزة البرونزية لأحسن فيلم تسجيلي .ونظل تحت وطأة
التخمين، هل هذا التكاسل الإعلامي لتغطية فعاليات المهرجان متعمد، لكي لا
يحظي المهرجان بالإنتشار الإعلامي الواسع حتي لا تصل رسالته إلي العالم، كي
ينتبه أن هناك أفكاراً ريثما تتحرر لتعبر فوق قهر الماضي وعنف الحاضر .أم
أن رعاية محطة فضائية للمهرجان جعلت العديد من القنوات الفضائية تنصرف عن
متابعة أحداثة اليومية، والاكتفاء بتغطية القناة الراعية .رانيا يوسف
جريدة القاهرة في 8
يناير 2008
|