فكر
المخرج حكيم بيضاوي في الخروج عن المألوف في رؤيته الإخراجية لفيلمه
التلفزيوني
القصير «النصف الآخر». فتجربته الطويلة في الإخراج التلفزيوني جعلته يعشق
الصورة،
وعلى أساسها اختار أن يتكلم فيلمه بلغة الصور فحسب من دون
حوار، تماماً كما كانت
الافلام الصامتة تفعل في بدء السينما. وحدها الصور تطرح الفكرة، تناقشها
وتجيب
عنها. ليس ذلك بالأمر السهل؟ إنه تحد بالدرجة الأولى اليس كذلك؟. هذا، على
الاقل،
ما عبر عنه المخرج بيضاوي في حديثه الى «السفير». قال «أردت
التعبير بالصور وليس
بالكلام، كان بالإمكان أن أقحم الحوار في الفيلم، لكنه سيكون بالفعل
إقحاماً، لأن
هوسي الكبير هو بالصورة، وهو هاجسي حتى اللحظة، طيلة السنوات التي قضيتها
في
التلفزة المغربية مخرجاً»، ومضى الرجل الذي بدأ مسيرته الفنية
مهندس صورة لمدة
سنتين، وعمل منذ 1999 مخرجاً لبرامج ثقافية على «الأولى» من قبيل «كنوز»
و«أقواس»،
قائلاً «في العالم العربي الظاهرة اللغوية هي الغالبة، وأنا باختياري الصور
كتعبير
يحكي قصة اجتماعية بمثابة تحد أريده أن يخدم الفيلم».
تحكي صور «النصف الآخر»
قصة شاب أراد إيقاف حياة العزوبية، فقرر البحث عن نصفه الآخر، الذي اشترط
أن يكون
ذا
جمال متكامل. وعندما يعثر عليه، يكتشف أن شيئاً مهماً ينقصه، فهل سيتقبله؟
عن ذلك يعتبر حكيم بيضاوي أن الهدف من هذا الفيلم هو إظهار مدى
تأثير الجمال في
البحث عن النصف الثاني للإنسان، و«لكن عندما يكون هذا الجمال ليس كاملاً،
فماذا
سيفعل الإنسان؟»، يسأل المخرج.
العيون وقسمات الوجه وحركة الجسد هي كل ما سيعول
عليه المخرج حكيم بيضاوي، ليحكي قصة الفيلم في صمت. وربما
سيكون الكلام الوحيد الذي
قد
يرد في الفيلم التلفزيوني «حواراً داخلياً ، يتحدث فيه البطل الى نفسه، ولن
يتعدى ثوانيَ قليلة من مدة الفيلم».
لم يجد حكيــم بيضــاوي أي مشكــل في
اختــيار الممثلين، حســب ما روى، فتجربتــه الطــويلة مع بعض الممثلين في
برنامـج
«مداولة» (وهو برنامج تلفزيوني يشخص درامياً قضايا معروضة على المحاكم،
لتعريف
المشاهدين
بالمقتضيات القانونية) سهل عليه الأمر . يقول لـ«السفير» »لم أجد أي
صعوبة تذكر في «الكاستينغ» (اختيار الممثلين)، اعتمدت على الممثلين الذين
اشتغلت
معهم مدة طويلة في «مداولة»، فأنا أعرف طاقاتهم وكفاءاتهم،
وحتى الكومبارس الذي عمل
معي في الفيلم ذكي ويفهم تقنيات التصوير».
لم يبتعد حكيم بيضاوي كثيرا عن جو
«مداولة»
في فيلمه الجديد. فحتى المقهى الذي صورت فيه معظم مشاهد الفيلم، اعتاد أن
يصور فيه هذا البرنامج. وفي هذا الصدد قال «عند التحضير للفيلم، كان المكان
مهماً
بالنسبة إلي، ونظراً لأنني اعتدت التصوير في مقهى بالمهدية»
(قرية وسط المغرب)
وتعوّد
علي أصحابه، فكرت في التصوير فيه لأنه ينطبق تماما مع القصة».
يذكر ان
بيضاوي قضى أربع سنوات في إخراج برنامج «مداولة» للقناة المغربية «الأولى».
السفير اللبنانية في 4
يناير 2008
|