تبدو الحاجة إلى تظاهرة سينمائية سعودية للأفلام المحلية ملحة
وضرورية، إذا نحنا نظرنا إلى حجم المشاركة السعودية خارج
الوطن، والإقبال الكبير
للسينمائيين الشباب على التفكير في دخول هذه الصناعة الإبداعية رغم غياب
الدعم
المادي عنها. وقد أثبتت الأيام أن هؤلاء المبدعين السينمائيين، ورغم حداثة
بعضهم
بالفن السابع إلا أنهم يتوقون دوما إلى الحضور في كل التظاهرات
المحلية والعربية
والدولية، وذلك إيمانا منهم في إثبات وجودهم المعنوي ومنها إعطاء إشارة عن
أن طاقات
المملكة قادرة على المساهمة في هذا الحراك السينمائي الذي نزل على منطقة
الخليج مرة
واحدة جعلها تنتزع اهتمام صناع ومتتبعي وهواة الفن السابع في
العالم كله.
وتظاهرة سينمائية كيفما كانت تسميتها، ستسهم محليا في تحفيز
المخرجين وكتاب
السيناريو والممثلين وغيرهم على تكثيف الجهود من أجل الظهور في هذه
التظاهرة
الإبداعية بكثير من الجدية والحزم، وذلك لأنهم سيعرضون أعمالهم بين جمهورهم
وأمام
المهتمين المحليين بالثقافة السينمائية والوطنية عموماً، وكذا
أمام أعين الصحافة
التي ستتمكن من تغطية وقراءة هذه العروض والمناقشات بشكل أكثر مهنية.
وحقيقة أن
الدعوة إلى تنظيم هذه التظاهرة السينمائية ستزيل الكثير من اللغط وستكشف عن
ذلك
الفرق الصارخ بين السينما التي كانت تستجدي الإثارة والتواجد
الفارغ، وبين تلك
السينما التي مازالت تنشد الجمالية وتأسيس ثقافة سينمائية، الهدف منها
إقناع
المسئولين على الشأن الثقافي بأن السينما جزء لا يتجزأ من المشهد الثقافي
ومن
الواجب العمل على توفير ظروف عمل صحية تضمن لصناعها وهواتها
ممارسة أكثر تنظيماً
وأوفر دعماً.
وقد اتضح جلياً أن هناك اهتماماً لا بأس به من أكثر من جهة،
خصوصاً النوادي
الثقافية التي بدأت تتعاطى بكثير من الواقعية مع الشأن السينمائي المحلي
وأضحت
واعية أن الفن السابع ليس جسماً غريباً عن الثقافة بل إنه ينهل من نفس
المحاور
الأساسية التي تهتم بها هذه النوادي وعلى رأسها النص الأدبي في
مختلف تجلياته من
قصة ورواية وغيرها. ولا أدل على هذا، العمل الكبير الذي قام به نادي الرياض
الأدبي
الذي خصص حيزاً كبيراً من مجلته الفصلية "قوافل" لشهر أكتوبر للحديث عن
السينما وعن
بعض هموم
الشباب السينمائيين، وتوجت هذا الملف بإصدار قرص صلب يضم ستة أفلام
سعودية، وهو في نظري إنجاز يحسب للمجلة وللنادي الأدبي، الهدف منه هو تقريب
المثقف
السعودي خصوصاً والقارئ المحلي عموماً من هذه التجارب التي لم
يتسن للكثير مشاهدتها
ومتابعة حلقات النقاش التي واكبتها.
ومواكبة لاهتمام النوادي الأدبية بموضوع السينما، يبرز نادي
حائل الأدبي كواحد
من
النوادي التي حاولت أن تساهم في هذه الفرجة السينمائية بإدراج عدة عروض
سينمائية
أثناء الفعاليات المصاحبة لرالي "حائل"، إلى جانب عرضها لثلاثة أفلام
سينمائية في
أسبوع
الصيف الثقافي، كما تعهد رئيس النادي الأستاذ محمد الحمد على برمجة أنشطة
سينمائية لرواد النادي وهو في حقيقة الأمر إنجاز جبار نتمنى أن يجد دعماً
مادياً
وحضوراً قوياً من جمهور حائل الذي عودنا على التواجد بكثرة
كلما تعلق الأمر
بالسينما.
إن تنظيم مهرجان سينمائي -إذا صحت التسمية- سيسهم لا محالة في
تجميع السينمائيين
الشباب السعوديين مع كل الوجوه الثقافية والإبداعية المحترفة في المملكة،
كما سيفتح
آفاقاً واسعة أمام كل هواة وجمهور السينما للوقوف على حقيقة البداية الصعبة
للسينمائيين وكذا الإطلاع على الظروف العملية المضنية التي
يشتغل فيها هؤلاء
المخرجين المبتدئين، كما سيوفر فضاءً واسعاً لهؤلاء المبدعين الشباب قصد
البحث عن
ممولين لأفلامهم ومسوقين لإنتاجاتهم السينمائية على الأقل على المستوى
الخ
الرياض السعودية في 3
يناير 2008
|