اضغط للتعرف على صاحب "سينماتك" والإطلاع على كتبه في السينما وكل ما كتبه في الصحافة Our Logo
 

    حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار   

رحيل العملاق يوسف شاهين

 

وداعاً شاهين

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

 

عبقريته هي المحافظة علي الطفولة

گيف جئت بگل تلك الرحابة يا جو؟

هبة عادل عيد

 
     
  

طاقة تشع بالحيوية والبساطة والعفوية لا تملك معها إلا أن تحبه، يمتزج وعيه بالإنسان فيه فتقتنع بولعه - غير المشروط - بمصريته، يشعرك بهذا الوعي ببساطة شديدة علي طريقة المخرج ميشيل خليفي حين يقول: «أخذوا أرضي.. أريد أرضي».. التقيته مرة في لقاء نظمته له لجنة الدفاع عن الثقافة الوطنية فسألته من أين تأتي بكل تلك الرحابة؟.. فقال لي لا تنس أنني جئت من الإسكندرية المتعددة الثقافات، فإسكندرية الثلاثينيات والأربعينيات كانت مختلفة عن باقي مدن مصر وقتها.. فقد كان فيها كل الجنسيات والثقافات.

ولد يوسف شاهين بالإسكندرية عام 1926 لعائلة من أصل لبناني.. والده أديب شاهين كان يعمل بالمحاماة ولكن ظروف الحرب العالمية أثرت في عمله فمرت العائلة بظروف مادية صعبة، سافر يوسف شاهين ليدرس الإخراج السينمائي بمعهد «باسادينا» بكاليفورنيا.. هو نفسه لا يعرف متي تحديدا بدأ شغفه بالسينما.. ولكنه عرف مبكرا أنه لن يكون غير صانع أفلام، بعد فترة تأثره بجين كيلي والسينما الأمريكية التقليدية في مرحلة الشباب المبكر، بدأ شغفه بالمخرج الإيطالي «فردريكو فيلليني» أحد أهم مخرجي سينما الواقعية الشعرية، وهي سينما أبطالها هم البشر العاديون بضعفهم وحبهم للحياة، وتتميز بلمحات من الفانتازيا والكوميديا.. يقول عنها فلليني «.. ذكريات شخصية حقيقية أو مخترعة، مخاوف هواجسية قديمة، مقاطع غنائية لا تبرح الخيال أبدا، وأمورا تقترحها قراءات أخري، شخصيات من حكايات وقصص أخري.. وبسبب عدم تقليديته تلك وتمرده ورفضه السائد السياسي والاجتماعي دخل في معارك كثيرة مع الدولة أحيانا ومع تيارات كانت تريد تحجيمه.. واتهمته بتهم أوصلته إلي المحاكمة، يقول عن تجربته في أعقاب منع عرض فيلم «المهاجر».. والذي سمح له القضاء بعرضه بعد ذلك.. «لقد عرفتني تلك التجربة علي حجم الفساد الذي يشوب نظامنا القضائي».. علمنا يوسف شاهين كيف يكون الفيلم السينمائي، حتي إن بعض مشاهد أفلامه صارت مشاهد في حياتنا الخاصة، حتي أفلامه التي قال عنها «عملتها علشان كنت محتاج فلوس» مثل «انت حبيبي» و«بياع الخواتم» لفيروز أحببناها لأنها تذكرنا بطفولتنا وبما قاله بيكاسو عن أن العبقرية هي المحافظة علي الطفولة بمعني المحافظة علي فطرية الموهبة، فموهبة يوسف شاهين لم تفسدها حرفيته ودقته الشديدة.. ومشاهد نسائه وبطلاته اللاتي تنبع قوتهن من قدرتهن علي البوح، العفويات إلي حد الاندفاع أحيانا.. والمميزات بملامحنا المصرية.. ومن المشاهد خارج أفلامه مشهد يوسف شاهين وهو يتسلم جائزة مهرجان كان عن مجمل أعماله عام 1997 في الذكري الخمسين لتأسيسه.. تميزت أفلام يوسف شاهين بأغنيات هي من أجمل أغنيات السينما المصرية، فالأغنية عند يوسف شاهين، بالإضافة إلي أنها عشقه الخاص - يمتلئ به بيتها من شرائط واسطوانات وشرائط سي دي.. عرف شاهين أنها السجل الوجداني للمصريين في كل أحوالهم، نظرا للأمية السائدة عند قطاعات كبيرة.. ولأن أغلب المصريين لا تدخل القراءة ضمن عاداتهم بشكل كبير.. فمن ينسي «حبيبي سكر مر طعم الهوي» للرائع صلاح جاهين والأداء المتميز لماجدة الرومي.. أغنية تنطبع في الذاكرة وتعيش معنا كل يوم نصحو فيه بقلب حزين.. لم يخل فيلم ليوسف شاهين من أغنية.. وبالنسبة لكثيرين بقيت أغنياته، بالرغم من عدم إمكانهم التواصل الكامل مع الفيلم، وبالرغم من أن حذف الأغنية سيؤثر سلبيا في الفيلم.. فالأغنية ليست مجرد موسيقي مصاحبة بل هي أحيانا بديل للمونتاج تقطع وتروي.. أحداث الفيلم.. والأسبوع الماضي امتلأت الصحف والشاشات بصوره والحديث عنه.. ولكن يبقي الأصعب لنا هو ألا ننتظر فيلمك القادم يا جو.

 

سبــــــوت: مات يوسف ..

فاطمة خير

مات "يوسف" .. ولن يعود.. الموت سنة الحياة .. ولا اعتراض علي مشيئة الله ، لكن الإنسان خليفة الله في الأرض ، يعمرها ، تتوارث الأجيال علومها ، فتتقدم البشرية ، هكذا كانت القاعدة دوماً ؛ فإذا مات فرد بكاه الآخرون للوعة الفراق ، لكنهم يدركون جيداً أن الحياة تستمر دوماً.

فهل تغيرت القاعدة في مصر .. الآن ؟ مات "يوسف " فهل سيكون "يوسف" آخر ؟ أو مثله ؟ أو أفضل منه ؟ أشك كثيراً في ذلك ؛ فرغم أن مصر "ولادة" ، إلا أن الملايين المتزايدة سنوياً ليست إلا أرقام في التعداد لا أكثر ، لا يأتي الإبداع بالكثرة ، الإبداع الفني والثقافي ، هو نتاج مجتمع يطمح إلي الأفضل .. ولم تعد مصر كذلك .

نبكي "يوسف" المبدع .. الرائع .. العنيد .. والمختلف ، ونبكي معه مصر ، التي ستتعسر كثيراً كي تنجب مثله ، "يوسف" شبه مصر التي ولد فيها ، ونشأ وكبر في ظلها ، ومصر الآن ، لا تعترف «إلا برجال الأعمال» والسماسرة ، ترغب فيهم وحسب ، لا مكان فيها للمبدعين : لا الهواء لهم .. ولا الأرض ، ولا حتي الناس .

مات "يوسف".. ولن يعود .

تموت مصر كل يوم ألف مرة ، ولن تتجدد خلاياها .. إلا بمعجزة وطنية .

الأهالي المصرية في 6 أغسطس 2008

 
     
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2008)