اضغط للتعرف على صاحب "سينماتك" والإطلاع على كتبه في السينما وكل ما كتبه في الصحافة Our Logo
 

    حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار   

رحيل العملاق يوسف شاهين

 

وداعاً شاهين

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

 

يوسف شاهين... سينما السيرة الذاتية

كاظم مرشد السلوم*

 
     
  

تمتد السيرة السينمائية والفنية للمخرج الكبير يوسف شاهين لاأكثرمن ستين عاماً.. بدءاً من دراسته للفن السينمائي في الولايات المتحدة الأمريكية لينطلق بعدها في مشواره السينمائي الطويل وليحصل على الشهرة الأوسع بين المخرجين العرب وليرتقي إلى مصاف العالمية مشكلاً لمدرسة سينمائية جديدة كونت منه شخصية إشكالية إلى حد ما..

 ولا يختلف إثنان من محبي ومتابعي السينما على عبقرية شاهين الإخراجية وتفرده بنمط خاص في الإسلوب الإخراجي، فمعظم النقاد يتفقون على أن أفلاماً مثل - باب الحديد - الأرض - المصير، هي أهم ما أنتجت السينما العربية عموماً والمصرية خصوصاً، وقد إختلف النقاد حول خصوصية صنعة شاهين السينمائية بين معجب ومتذمر..

تنوعت أفلام شاهين في مواضيعها فمن أفلام الصراع الطبقي مثل فيلم صراع في الوادي - الأرض - عودة الإبن الضال - إلى أفلام الصراع الوطني والإجتماعي مثل - جميلة - وداعاً بونابرت - إلى سينما التحليل النفسي المرتبط ببعد إجتماعي مثل - باب الحديد - الإختيار - فجر يوم جديد - والتي شكلت تجربة شاهين الفنية والثرية فناً وإبداعاً لينافس بالتالي أشهر المخرجين وليتصدر وبجدارة لائحة الإبداع الإخراجي.

وبعد هذه الرحلة الناجحة يتحول شاهين إلى منحىً سينمائي جديد هو.. سينما الذات.. أو سينما السيرة الذاتية التي نحن بصددها.. باكورة هذه الأفلام السينمائية كان فيلمه الشهير - إسكندرية ليه - إنتاج1978 والذي أدى أدواره كل من - فريد شوقي - محسنة توفيق - أحمد زكي - عزت العلايلي - نجلاء فتحي - يحيى شاهين - محمود المليجي.

هذا الفيلم خلق تغييراً جذرياً في سينما يوسف شاهين فقدم من خلاله محاولة رائعة للمزج بين العام والخاص، المزج بين التأريخ الفردي وتأريخ وقضايا الوطن وقد تضاربت آراء النقاد حوله وبالتالي فسر الفيلم إجتماعياً وسياسياً بطرق مختلفة ومن جهات نظر مختلفة بالأساس، لكن الجميع اتفقوا في النهاية على أن فيلم - اسكندرية ليه - كان حتى ذلك الحين أفضل ما أنتجته السينما العربية.

كان شاهين جريئاً في طرحه لموضوعة الفيلم حتى إن الكثير من الدول التي تربطها علاقة جيدة بالمخرج قد منعت عرضه لسنين طويلة..

ووجد فيه بعض المتابعين تفسيراً للقطتين أساسيتين في إثنين من أهم أفلام شاهين وهما - العصفور إنتاج عام1972 - وعودة الإبن الضال 1976 في العصفور لقطة نشاهد من خلالها شاحنات عسكرية تحمل القوات المصرية لخوض حرب حزيران تتقاطع معها شاحنات تحمل مواد مسروقة من المال العام لحساب لصوص كبار واللقطة في عودة الإبن الضال نشاهد فيها علي الذي تنتظره العائلة لحل مشاكلها يخرج من السجن متأملاً الشوارع فيتقاطع مع جنازة الرئيس عبد الناصر.

يقول شاهين إن فكرة الفيلم قد راودته حين كان يمرّ بأزمة صحية معتقداً أنه بات قريباً من الموت لذلك أراد أن يكرس فنه كلياً للطابع الذاتي.. وبقدر كون - اسكندرية ليه - فيلم سيرة ذاتية عن شاهين نفسه إلا أن الفيلم تحدث عن المدينة والكائنات البشرية التي عاشت في تلك الفترة وخاض في السياسة والحرب والموت والسلام، إستطاع شاهين في هذا الفيلم أن يوفّق بشكل أخّاذ ورائع بين جميع هذه المواضيع.. مزاجاً بين البصري والحدثي بإسلوب لم يسبق لمخرج عربي أن استخدمه.

أحداث الفيلم تدور في مدينة الإسكندرية في أربعينات القرن الماضي وتتحدث عن مراهق (يحيى) يوسف شاهين فتىً يحلم بالسفر إلى أمريكا لدراسة السينما.. لكنه كان يتابع كل ما يجري في مدينته وتأثير الحرب العالمية عليها وإحتلال الإنكليز لها والتمهيد لإقامة دولة إسرائيل وهجرة اليهود.. كل هذه التفاعلات والتداخلات تبقى تتفاعل في داخله حتى وصوله إلى نيويورك في لقطة لتمثال الحرية وهو يضحك بهستريا من الفتى المغترب من شواطئ نيويورك.

يوسف شاهين عاش كل هذه الأحداث ووضعها في بودقة التحليل السينمائي بكامل شخصياتها: الإنتقائي “عزة العلايلي” الباشا “فريد شوقي” اليهودي “يحيى شاهين” كل هذه الشخصيات هي شخصيات عابرة لو قورنت بيحيى “محسن محيي الدين” وسارة “نجلاء فتحي” وبقية الشخصيات.

حين عرض هذا الفيلم في صالات السينما إعتقد الكثيرون أن شاهين إنتهى سينمائياً وهو في هذا الفيلم إنما يختم سيرته ويعلن عن وصيته. لكنه في الحقيقة كان يعد العدة للمضي قدماً في إستكمال سيرته الذاتية ليخرج رائعته السينمائية التالية، حدوتة مصرية إنتاج عام1982.. يستعيد من خلالها نفسه منذ الطفولة من خلال يوسف الصبي الصغير.

الفيلم من بطولة نور الشريف - يسرا - محمود المليجي - ماجدة الخطيب - سهير البابلي - ليلى حمادة وغيرهم.. حدوتة مصرية تزاوج غريب بين أجواء غرائبية وواقعية شديدة النبرة، حدوتة شاهين مع ثلاث نساء أمه وأخته وزوجته.. حدوتة يمزج فيها صبي صغير هو يوسف الذي يخرج من أعماقه ليسأله عن أفعاله في إستعادة رؤى مساره السينمائي والحياتي.

يحاول شاهين أن يعقد مصالحة عميقة مع الذات من خلال محاكمتها ومحاكمة الشخصيات التي رافقت رحلة يحيى الرجل ويحيى الطفل (تلك الرحلة هي رحلة ذكريات شاهين في صحبة فرويد وماركس ويوسف شاهين السينمائي اللامع الذي تتعمق نزعته الإنسانية مع السنين” محكمة تعقد جلساتها داخل قفص صدري، محكمة يحاول من خلالها يحيى “الرجل” أن يهرب من يحيى الطفل ويهرب من تذكره.

الفيلم مأخوذ من فكرة وضعها الكاتب يوسف إدريس في قصة عنوانها “القاتل” مستوحاة من تجربة مر بها إدريس ووضعها في تصرف شاهين الذاتي الذي يتصور حالة من الصراع في قلب رجل يحاول دفن ماضيه.

بعد ذلك يأتي فيلمه الجريء جداً، هذه الجرأة متأتية من تعرية ذاته عاطفياً وجنسياً، وهو ثالث أفلام السيرة الذاتية لشاهين هو فيلم اسكندرية كمان وكمان إنتاج عام1990.

فيلم نشاهد فيه شاهين وقد أصبح سينمائياً معروفاً حيث يلعب شاهين بنفسه دور البطولة فيه ليتحدث من خلاله عن سيرته الذاتية وعن مهنة السينما وعن الحب حيث يتطرق لعلاقة المخرج بممثلة شابة إكتشفها وأغرم بها، ولا يفوت شاهين في فيلمه هذا الحديث بصراحة وواقعية عن أسباب تراجع السينما المصرية من خلال تطرقه إلى إضراب يخوضه فنانو السينما ا لمصرية أواخر الثمانينات، ورغم خصوصية الفيلم كونه فيلم سيرة ذاتية الا أنه حقق نجاحاً كبيراً من خلاله يوسف شاهين، جمهوراً جديداً متعاطفاً ومقدراً للمنجز السينمائي الكبير والثر الذي حققه من خلال سيرة فنية رافقت الحدث السياسي والإجتماعي وجسدته بصورة سينمائية رائعة.

اليوم وبعد تسعة عشر عاماً على إنتاج آخر أفلام شاهين التي تعنى بالسيرة الذاتية وبعد وفاته هل سنشاهد فلما يتحدث عن سيرة شاهين الفنية والحياتية من اخراج احد تلامذته الكثيرين اللذين تتلمذوا على يده... اعتقد حتى لو حصل هذا فأن شاهين افضل من تحدث عن شاهين في مجموعة افلامه عن سيرته الذاتية.......

* سينمائـــــــــــــي واعلامـــــي عراقي

صحيفة المصقف في 30 يوليو 2008

 
     
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2008)