اضغط للتعرف على صاحب "سينماتك" والإطلاع على كتبه في السينما وكل ما كتبه في الصحافة Our Logo
 

    حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار   

ملفات خاصة

رحيل العملاق يوسف شاهين

وداعاً شاهين

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

 

عبدالنور خليل يكتب:«أيامه الحلوة.. والمرة» معه

يوسف شاهين العوده الي قلب الوطن

 
     
  

·         عقدنا محاكمة لشاهين بعد منع «المهاجر» وكان معي د. علي الراعي ورجاء النقاش وصالح مرسي

·         لم يغضب «جو» عندما وصفته بالمجنون بعد فوز «الاختيار» في مهرجان قرطاج لاعتقاده أن المثقفين مصيرهم الجنون!

·     توافق كبير بين شاهين والفرنسي جان لوك جودار وإن اختلفت طريقة العقاب علي حرية الرأي والتعبير احرجني شاهين في ندوة «المهاجر» في مهرجان برلين وهو يطلب مني أن أروي لنقاد وصحفي العالم ظروف منع عرض الفيلم في مصر

·         د.علي الراعي: شاهدت الفيلم مرتين وكتبت «ملحمة سينمائية في حب مصر».. بلا كراهية ولا سخرية من عظمتها

·         رجاء النقاش: الذين يهاجمون شاهين هم الذين اقنعوا الشاب الذي غرس السكين في عنق محفوظ بأنه كافر

·         صالح مرسي: شاهين أعلن في البداية أنه يقدم فيلما عن يوسف الصديق، وظلت ظلال سيدنا يوسف عليه السلام تطارد «المهاجر»

·     د.لويس عوض: سلمني مقاله للمصور ثم طلب مني أن اصطحبه لرؤية «المهاجر» بعد أن حكم بعرضه قلت لشاهين: جاي معايا د.لويس عوض فصاح: هستناكم بره علي الباب  

في زفة لك الله أيها العزيز «جو» .. فاجأتني بالسقوط في الغيبوبة وفاجأتني «بالرحيل .. لكنك سبتقي في القلب دائما وأبدا»كان فيلم «الاختيار» كما سبق لي أن حللت في الحلقة السابقة هو قمة رؤية يوسف شاهين في أزمة المثقف المصري بشكل خاص والعربي بشكل عام، الذي أصيب بحالة من انفصام الشخصية في زمن وصف بأنه «حالة لا سلم ولا حرب» ولا حتي «حزم»، وأن هذا المثقف صائر في أحسن الظروف إلي الجنون، وهو المشهد الختامي في الفيلم .. وحمل «جو» الفيلم وذهب يمثل به مصر في مهرجان قرطاچ السينمائي الدولي، وفاز بجائزته الأولي الجائزة الذهبية لأحسن فيلم .. ولأنني كنت داخل الفيلم وأمثل فيه وأفهم جيدا ما وراء دوافع «جو» من تقديمه، فقد نشرت مقالا داويا في «الكواكب» عقب الفوز عنوانه «فعلها المجنون وفاز بالجائزة» ولم يغضب «جو» من العنوان فقد كان يؤمن بأن كل مثقف مصري صائر إلي والجنون.بين جان لوك جودار وشاهينفي إحدي دورات مهرجان كان السينمائي الدولي اشترك المخرج الفرنسي الكبير جان لوك جودار بفيلم سماه «مزود يوسف» أو ريبة يوسف «أو اسطبل يوسف» وهي كلها ترجمات تؤدي المعني من الفيلم وجان لوك جودار - مثل يوسف شاهين- أكثر مخرجي فرنسا المعاصريين فلسفة واجرأهم جرأة وتعبيرا وحرية في الانطلاق .. كان الفيلم إنتاجا سويسريا، ربما لأن جودار كان يرفض أي قيد من المتحفظين في اليمين الفرنسي، أو حتي اليسار الفرنسي علي فكره.. وكانت اللقطات الأولي من الفيلم عبارة عن ممارسة جنسية بين خادمة علي ما أذكر ورجل في الزريبة التي أصبحت مكانا ولد فيه سيدنا عيسي عليه السلام وكان يوسف صاحب الزريبة - عرف فيما بعد باسم يوحنا المعمدان - هو الذي عمد طفل العذراء البتول ستنا مريم العذراء عليها السلام، وهو الذي خرج بها وبابنها النبي سيدنا عيسي في رحلة العائلة المقدسة إلي مصر هربا من بطش الرومان.علي أي حال .. كان من المحدد أن يحضر جودار ونجوم فيلمه مؤتمرا صحفيا في صباح اليوم التالي لعرض الفيلم، وكنا نتجمع علي أبواب قاعة المؤتمرات الصحفية في الدور الثالث من قصر المهرجانات .. وفتح باب المصعد وخرج جان لوك جودار محاطا بمئات من عدسات المصورين، وفوجئنا برجل فرنسي يعترض طريقه، وقد حمل علي ساعده «علبة تورتة» وقال له: مسيو جودار.. لقد عبرت عن رأيك في فيلمك بكل حرية .. فاسمح لي أن أعبر عن رأيي فيك وفي فيلمك» وطارت التورتة إلي وجه جودار وصدره علي النحو الكوميدي الذي نراه أحيانا علي الشاشة .. وبالطبع تأجل مؤتمر جودار الصحفي، وأصبحت الحادثة مجال الحديث والتعليقات.«رام» بطل «المهاجر» ليس سيدنا يوسفتذكرت حادثة جودار هذه وأنا أطالع برنامج مهرجان برلين السينمائي الدولي عام 1994، وقد حدد البرنامج عرضا لفيلم شاهين «المهاجر» في بانوراما السينما العالمية، وحدد إقامة ندوة صحفية للمخرج المصري يوسف شاهين مع الصحفيين والنقاد من كل جنسيات العالم عن الفيلم بعد عرضه.كان قد صدر في مصر قرار بمنع عرض «المهاجر» مؤيدا بحكم محكمة رسمي حملت حيثياته أن الفيلم يتعرض لحياة سيدنا يوسف عليه السلام وأنه في الوقت الذي حملت فيه مقدمة الفيلم باللغة العربية نفيا قاطعا بأنه لا علاقة له بقصة سيدنا يوسف، إلا أن نفس المقدمة حملت في ترجمتها الفرنسية أن قصة الفيلم تستوحي الأحداث التي عاشها سيدنا يوسف في مصر ، وتستلهم أعماله الطيبة كنبي وكان الجانب الفرنسي المشارك في إنتاج الفيلم هو الذي دفع به إلي برلين لعرضه في المهرجان، في وقت كان يوسف شاهين قد استأنف حكم المحكمة الجزئية بمنع عرض «المهاجر» وينتظر حكم القضاء الأخير.المهم كان علي وعلي كل النقاد المصريين والعرب أن نحتل الصف الأول في ندوة يوسف شاهين بعد أن شاهدنا «المهاجر»، ومن الطبيعي أن يكون السؤال الذي بدأ به الصحفيون العالميون المساهمون في الندوة : لماذا منعت مصر عرض الفيلم.. وبدأ يوسف رده بأنه قال .. أنا لن استعرض ظروف المنع، ولن أحكي ما حدث للفيلم لكنني أحب أن أقدم لكم هنا صديقا لي - وأشار إلي- وهو ناقد سينمائي عالمي مثلكم وتخصص في حضور دورات برلين وكان وفينسيا لكي يحكي لكم ظروف المنع وموقف «المهاجر» في مصر .. وضعني «جو» في موقف لا مفر منه وبدأت أشرح أن قوانين الرقابة في مصر تمنع ظهور الأنبياء علي الشاشة، بل وهناك سلطة الأزهر الدينية التي توسع هذا المنع إلي الشخصيات الدينية مثل الصحابة العشرة المبشرين بالجنة، وقد تعرض لهذا الموقف المخرج السوري العالمي مصطفي العقاد عندما طلب أن يصور فيلمه العالمي «الرسالة» في مصر واضطر أن يصوره في المغرب، وظل الفيلم ممنوعا من العرض في مصر لسنوات طويلة، وغلطة يوسف شاهين هو أنه أعلن منذ البدأ أنه ينوي تقديم قصة سيدنا يوسف عليه السلام في مصر، واصطدم برفض الهيئات الدينية وعلي رأسها الأزهر ثم الرقابة السينمائية في مصر.وتحول يوسف بسبب هذا الرفض إلي تخليه عن فكرة تقديم سيدنا يوسف علي الشاشة وأنه سيكتفي فقط باستلهام قصة سيدنا يوسف في فيلم سينمائي حمل اسم «المهاجر»، وأكد في «الندوة» العالمية أن بطله رام «خالد النبوي» ليس سيدنا يوسف عليه السلام وأنه حمل بعض صفاته وخصائصه النبيلة.الحملة ضد «المهاجر» تزداد ضراوةازدادت الحملة ضد المهاجر وضد يوسف شاهين ضراوة .. وأججتها بعض الأوساط الدينية المتطرفة في مصر ورغم أن قناعة الرقابة بابتعاد شاهين عن تقديم قصة سيدنا يوسف في فيلمه «المهاجر» ورخصت للفيلم بالعرض إلا أن هناك من تطوع برفع قضية يطلب فيها سحب الترخيص بعرض الفيلم ومنعه بل وإعدام نسخه، وهو محام يدعي محمد أبو الفيض وأصدر قاضي الأمور المستعجلة المستشار جبر إبراهيم جبر حكما بوقف عرض فيلم «المهاجر».وفي خلال هذه الحملة الضارية قررت أن أعقد ندوة المصور الفنية تحت عنوان «يوسف شاهين وفيلمه المهاجر في الميزان»، وقد جاء في ورقة الندوة مقدمة تقول: هذه الضجة المثارة الآن حول فيلم «المهاجر» ليوسف شاهين .. وصلت إلي حد التقاضي لوقف عرض الفيلم بدعوي أنه يسيء إلي سيدنا يوسف عليه السلام ويسيء إلي مصر في فترة من تاريخها، والذين يتبنون هذا الرأي يحاولون فرضه بضراوة لوقف الفيلم ومنع عرضه في الداخل والخارج، بل وقد يصلون إلي حد «تكفير»صاحبه وحجتهم أن الأزهر رفض الموافقة علي الفيلم منذ البداية وأنه طلب من رقابة السينما ألا تصرح ليوسف شاهين بتصوير فيلم عن يوسف الصديق عليه السلام.. وعلي الجانب الآخر نجد يوسف شاهين يرفع شعار أنه لم يقدم فيلما عن سيدنا يوسف عليه السلام. وبطله «رام» بكل نوازعه الإنسانية شاب عادي وأنه لا يقدم فيلما تاريخيا، وأنه استوحي التاريخ ليقدم فنا سينمائيا تقبلته الجماهير وتقبله النقاد بحماس .الخلاف بين التوجهين كبير وعميق ولهذا دعونا يوسف شاهين في مواجهة ثلاثة من نقاد المصور الأساتذة د. علي الراعي ورجاء النقاش وصالح مرسي ومعهم بالطبع من القسم الفني والثقافي في المصور عبدالنور خليل وبدوي شاهين وأمنية الشريف.د. علي الراعي يبدأ الحواركان الذي بدأ الحوار هو د. علي الراعي.. وأنا التزم بنقل الحوار عن «المصور» الصادر في 11 نوفمبر 1994 وقبل نظر استئناف يوسف لعرض الفيلم بشهرين - قال د. الراعي : أريد أن أبدأ من قصة التقاء الفيلم مع قصة سيدنا يوسف .. ما موقفك من الناس الذين قالوا أنك قدمت فيلما يحكي قصة سيدنا يوسف وأسأت إلي نبي من أنبياء الله.. قدمت فيلما خرج عن منظوم الآداب والطاعة الدينية وعرضت مناظر خليعة .. ما موقف يوسف شاهين من هذا؟!ويجيب «جو»: «لو أنني كنت أقدم فيلما دينيا كان إنتاجه وإخراجه قد تم بنظام محدد.. فيه وضوح شديد، وفي نطاق قواعد وحدود يعرفها رجال الدين .. وكان شيخ الأزهر ووكيل الأزهر والمفتي يعرفون الخطوات التي أقوم بها وعندما رفضوا ومنعوا تجسيد قصة سيدنا يوسف أنا اقتنعت.. قالوا بلاش وقلت بلاش.. عملت فيلماً آخر لقصة أخري لم تعد قصة سيدنا يوسف موجودة .. والنبوة غير موجودة إطلاقا».د. الراعي:« في الفيلم بطلنا رام يتنبأ بالجو والتنبؤ من علامات النبوة وإن كنت اعترف أن التنبؤ في الفيلم جاء بشكل علمي.شاهين :«ما في الفيلم ليس تنبوءا .. دا شيء ممكن أي واحد يهتدي إليه ويعمله.. وزير ياخد شوية رمل يرميها لفوق ليعرف اتجاه الريح .. دي حاجة تعملها أنت وأعملها أنا.. أنا ابتعدت بالشخصية تماما عن «النبوة» وحذفت كل ما يمكن يدلل عليها.. الشيء الذي قيل لي ممنوع حذفته من الشخصية .. والذي حدد هذا الممنوع هو الأزهر ورجاله الأفاضل.د. الراعي: شاهدت الفيلم مرتين.. وأنا معك في أن الناس ماقالوش إن هذه قصة سيدنا يوسف بالذات .. البعض قال إن الفيلم «شبه تاريخي» يتكلم عن قصة شاب من الشباب يتلقي المعلومات الكثيرة عن مصر ويمتدح مصر قبل أن يأتيها ويظل يمتدح فيها حتي النهاية، ومن هنا اندهشت مما يقوله البعض أن الفيلم ضد مصر وضد المصريين ويسخر من المصريين.. كتبت وقلت أن الفيلم «ملحمة سينمائية في حب مصر» .. وكتب د. جلال أحمد أمين في مقال له أن الفيلم ليس في حب مصر وأورد كلاما غريبا عن «سمهنيت» رمز لمصر و«رام» رمز لإسرائيل.النقاش: إنه التفسير السهل المبتذل.المصور: «رام» اسم هندي وهو في الأصل إله من آلهة الهندوس.شاهين: «رام» معناه أنه هو الذي ينطح الصخر ويحطمه برأسه.د. الراعي: في العصور الوسطي كانوا عندما يريدون هدم باب حصين يحضرون قطعة خشب كبيرة جدا ويسمونها «رام باترنج رام» يضربون بها الباب حتي ينهدم أي أنها تعني التصميم وهذا موجود عند البطل رام.مرسي: رأيت «المهاجر» مرتين في يومين متتاليين .. وفي فترة ما كنت خبيرا في الإسرائيليات، وعندي مجموعة من الملاحظات .. بداية أنت كنت تعد فيلما عن سيدنا يوسف عليه السلام وعندما ذهبت إلي الأزهر منعوك، لكن ظل سيدنا يوسف عليه السلام لا يزال موجودا علي الفيلم سواء أردت أو أبيت .. قدمت قصتك أنت أو قصة ثانية ما زال ظل سيدنا يوسف موجودا في الفيلم، عملت خلطاً بين الطرح الديني لمرحلتي سيدنا موسي وسيدنا يوسف عليهما السلام، ففي مرحلة سيدنا يوسف لم يكن «أتون» قد ظهر وجبته علي أنه موجود أساسا، وقدمت اخناتون في لقطة سريعة جدا، ولم يكن ضعيفا ولا نحيفا بهذا الشكل بل كان قوياً وله «كرش»، الخناقة بين آمون وأتون كانت موجودة بعد سيدنا يوسف بنحو 300 سنة.. أتون لم يكن موجودا أيام سيدنا يوسف علي الإطلاق لدرجة أن البعض مثل «فروديد» قال: إن هناك شكا أن يكون سيدنا موسي هو اخناتون نفسه أو أحد قواده .. ولما نيجي نشوف شكل مصر في الفيلم .. أنا آلمني جدا أن يكون قائد جيش مصر «عنين» عاجز جنسيا .. لماذا؟!شاهين: أريد أن أوضح نقطة مهمة جدا.. أنا في «المهاجر» لم أكن أؤرخ لأحد كنت أؤرخ حدوتي أنا.مرسي : أنا أدرك هذا لكني قلت في البداية أن الفيلم كان معمول عن سيدنا يوسف عليه السلام، وعندما توجهت إلي لأزهر منعوك وقالوا لك بأن النبي لا يجسد فاقتنعت بهذا، لكن ظل سيدنا يوسف عليه السلام موجوداً والقصة أيضا.شاهين:لا الزمان ولا المكان.. والمواقف مختلفة اخترت زمنا يعطيني الفرصة لكي اتكلم وأناقش اجتماعيا وسياسيا.. أحكي لكم من أين جاءت القصة ومن أين جاءت جذورها.. أنا أخذت مركبا وعمري 18 سنة لكي توصلني إلي أمريكا.. وفي فيلمي «إسكندريه .. ليه» حكيت إزاي جبت الفلوس بالعافية علشان رحلة أمريكا لأنني مقتنع أن الموهبة مش كفاية وأني لما أشوف أفلام مالهاش عدد مش كفاية ولازم اتعلم.. المهم ركبت المركب وكان المفروض أن تمر علي حيفا - في فلسطين قبل 1948 ثم مرسيليا قبل أن تعبر جبل طارق إلي المحيط .. نزلت في حيفا مع ثلاثة ركاب وسمعنا ضرب نار وناس تجري هنا وناس تجري هناك وجري ورانا ناس من المركب وقالوا لا أرجعوا .. وجريت راجع وأنا لا أفهم راسي من رجلي .. كان فيه صراع أنا مش فاهمه.. وهذا بالضبط ما حدث لبطلي «رام» وهو يحلم يريد الدخول إلي هنا لكنه لا يفهم حقيقة الصراع .. الصراع الذي يسود الناس حوله.. كان هذا الموقف أول مواجهة لمجتمع فيه صراع.. مثلما حدث معي في الرحلة كان فيه ضرب نار وأنا مش فاهم ليه.. أريد أن أوضح وأعلن بأن سيدنا يوسف موجود بشكل مافينا كلنا، كل واحد منا فيه «حتة» من سيدنا يوسف عليه السلام .. وإلا فلماذا نحبه؟!.. لماذا أنزل الله سورة سيدنا يوسف لأن فيها شيئا هو «القدوة» أنا أخذت منها القدوة بمعني الكلمة التي أريد أن أقولها للشباب .. لا تيأس .. فيه ضرب من هنا ومن هناك وفي كل مكان مما يبعث علي اليأس.. القدوة في أجدع ناس زي صلاح الدين وغيره من الأبطال .. أنا لا أحفظ التاريخ عن ظهر قلب، لكن «الحتة» التي أعرفها أروح لها .. ومن هذا المنطلق فكلنا فينا شوية من سيدنا يوسف ..فينا حاجة من القدوة ومادمت تبحث عن الصواب والشيء الطيب فلابد أن تشبه أحدا من الطيبين.النقاش : أفهم أنك بابتعادك عن سيدنا يوسف عليه السلام أصبحت حرا وتريد أن تعطي العصر كلمة .. هل هذا مقبول فنيا؟!د. الراعي: هناك نقطة أهم .. هي أن يوسف شاهين لم يكن يكتب التاريخ هذا ليس تاريخا أخذ مفردات وجمعها في الخطة التي رسمها لنفسه، وهي أن يظهر في حالة غليان .. قوي ثائرة وأناس مضطهدون .. وشعب جائع.. شعب ليس له حتي حق البعث .. لأن الميت لا يمكن أن يحنط إلا إذا كان عنده فلوس .. وبالنسبة لنقطة القائد «العنين» كان يجب أن يكون عنيفا ليكون هناك تعبير فني لأن تنظر زوجته إلي غيره رغم أنه جميل الجسد ومملوء بالقوة.النقاش: زوجة نابليون كانت تخونه.. أنا عندي تعليق علي موضوع القائد «العنين».. أنا في الحقيقة الرسالة التي وصلتني بكل تواضع كمواطن .. شعرت أن فيه نقدا قاسيا للعسكرية العربية كلها، ولا يمكن أن يتجسد إلا بهذا الشكل .. لأن العسكرية العربية لم تحقق لنا إلا نصرا واحدا كبيرا هو نص أكتوبر العظيم.شاهين: أحب أن أقول إن حدوتة «أميهار» هي فيدرا التي سبقته بثلاثة آلاف سنة .. المرأة التي أحبت الولد الذي تبناه زوجها أو كان ابن زوجها «أميهار» شخصية نبيلة جدا.. أعطي للولد «رام» الفرصة ليتكلم .. صدقه.. ولم يأخذها مسألة كبرياء أو كرامة.. وأنا أوافق علي تفسير رجاء.النقاش: شخصية «أميهار» القائد شخصية مركبة وعالية جدا فهي ليست شخصية مسطحة .. شخصية معقدة وجميلة كنموذج درامي.د. الراعي : «أميهار» شخصية نبيلة جدا في عدة مستويات .. في كونه يحمي ثورة الشعب لأنه ينزل الجيش ليحميه من مذبحة وانضمامه الواضح للشعب، أما نقطة أنه «عنين» وتفسير الأستاذ رجاء تفسير زكي.. فعلي المستوي الشخصي هو شخصيا .. إنسان قادر ويحب زوجته فعلا ويريد أن يمارس حقوقه لكنه غير قادر.. وأقول أنه سجين نفسه وهذه نقطة درامية قوية جدا.شاهين: ما أحب أن اثبته أن 80% من الجمهور طلع من الفيلم مبسوط، وكان جمهور الشباب غالبا ويملأ دور العرض ومن ناحية أخري جمال مصر في الفيلم.. يمكن أن أقول بكل تواضع أنه لم يأتي مصادفة .. أنا اشتغلت رحالاً خمسة شهور أخذت أكثر من أربعة آلاف صورة لأعرف الشمس فين والطبيعة تقول لي أنا جميلة الساعة كام والريح من أين تأتي مثلما يفعل «رام»، ولا تنس شيئا مهما جدا لم يطلع بهذه الخزعبلات عن الفيلم إلا % أو 3% من مشاهدي الفيلم وفي رأيي ألا نعطيهم أي أهمية.مرسي: من رأيي أن هذا النقد احتفاء بالفيلم ورحلتك مع الفكر في السينما المصرية محترمة للغاية ، لنترك اللي عايز يقول يقول لأن الفيلم مهم جدا في تاريخ السينما المصرية.شاهين: لا اعتراض عندي علي أي نقد بل استفيد منه .. لما أقدم فيها فأنا مسئول عن كل شيء .. مفيش نقطة عاملها إلا ودارسها جيدا وعلي أن أدافع عن الوحدة الدرامية التي أوردتها في فيلمي وأدافع عن الفكر الذي أريد أن أقوله .. أنا مايهمني هو أن الشباب اليوم يائس ومضروب ولا أحد يتحدث عن هذه النقطة.. ما المناخ الذي نعيشة اليوم .. حكاية التشكيك أصبحت عادية جدا كل واحد يشكك في الثاني .. عايز اشكك في واحد ممكن أقول أنا سمعت أن والدته أو زوجته اتمسكت في قضية دعارة مش ممكن.النقاش: الشاب الذي ذهب لقتل نجيب محفوظ قالوا له إنه كافر.شاهين: هذا الشاب مساق.. غلابة ويموتون .. والذين يعطون الأوامر قاعدين في سويسرا والدنمارك وواحد منهم لسه في أمريكا .. وأنا أسأل .. إحنا في حالة زي دي ليه؟ أنا أجلس في كرسي المتهم ليه؟!النقاش : أنت في الحالة نفسها التي فيها محفوظ نفسه.شاهين: كيف يجيء اتهامي في الأسبوع نفسه الذي اعتدي فيه علي محفوظ .. ما المناخ الذي يولد فيه ما يحدث؟! ولماذا كلمة اليأس .. إن بعض الناس أصحاب مبادئ ليست بتاعتهم يريدون ضرب الشخصية المصرية .. هل يريدون أن ينزعوا الابتسامة عن وجه مصر .. احنا بتوع «الفرفشة» والجمال والإبهار ماذا جري لنا ! أصبح دمنا ثقيل وأصبحنا نخاف .. وتصاغرنا..من أمتي؟! رأيي .. لن تضرب الشخصية المصرية.أخذناه بعد هذه المحاكمة المضنية فيما يشبه رحلة الترفيه.. لقد كان قاضي الأمور المستعجلة كما قلت قد أصدر حكما بوقف عرض «المهاجر وسحب نسخة من دور العرض بل ومصادرته، ونفذ الحكم فعلا .. وقال لي يوسف شاهين: لقد استأنفت الحكم، وهذه المرة سيجلس علي منصة الحكم ثلاثة قضاة لا واحدا وأنا واثق أن الفيلم سيتحرر في النهاية .. وكانت جلسة الاستئناف محددة بعد شهرين.وقلت ليوسف ضاحكا .. أحمد ربنا أن الجمهور لم يعاملك مثلما عومل جودار في فرنسا.. ولمعت عيناه وهو يقول لي: التورتة أهون من السكين التي أخذت طريقها إلي عنق نجيب محفوظ.د. لويس عوض أصر علي أن آخذه إلي «المهاجر»كان يوسف شاهين محقا فقد انصفه قضاة الاستئناف الثلاثة والغوا حكم منع «المهاجر» ومصادرته .. وأعاد يوسف تحديد عرض احتفالي للفيلم في دار سينما «فيلمينا» التي كان يستأجرها من نقابة السينمائيين ويخصصها لعرض أفلامه .. في هذه الفترة كان المفكر الكبير الدكتور لويس عوض قد اختار «المصور» ليكتب فيه مقاله الأسبوعي إثر جفاء نشب بينه وبين الأهرام .. جاءني بمقاله ثم قال مبتسما: لي عندك طلب هو أن تأخذني لكي أري فيلم «المهاجر» في العرض الذي أعلن عنه يوسف شاهين.. واتصلت بيوسف لأخبره ، فضحك من قلبه قائلا:«حتلاقيني عامل زفة علي الباب في انتظار الدكتور لويس » وبالفعل قابلنا بزفة محاطا بكل تلاميذه، وبعد العرض قال لي د. لويس عوض: معه حق ففي الكلمة الفرنسية التي سبقت عرض الفيلم قال: أن يتخذ من سيدنا يوسف «قدوة» نبيلة للشباب.

جريدة القاهرة في 29 يوليو 2008

 
     
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2008)