تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

متهمــون لــم تثـبت إدانتهــم

طارق مرسي

فى مصيدة «التطبيع» وقع أكثر من فنان وقامت الدنيا وقتها ولم تقعد باتهامات تراوحت ما بين الخيانة والعمالة، أما الأحكام فقد خرجت ما بين توجيه اللوم والتهديد بإصدار قرار الوقف عن العمل وتجميد النشاط.. لكن المحصلة النهائية للحالات التى بين أيدينا كانت هى «البراءة» لعدم ثبوت الأدلة وسقطت جميعها بالتقادم ونتصور أيضا أن القادم منها سيلقى نفس المصير لسبب بسيط وهو: ما بنى على خطأ فهو خطأ فبعد ثبوت «التطبيع» لم نسمع أو نرى أن فنانا ذاق حرارة العقاب الأليم الذى يتردد فى مثل هذه الحالات التى رفع معظمها شعار «امسك مُطبع».. وإن المطبعين كانوا إخوان الشياطين، وغيرها من الشعارات، لأنه باختصار شديد لا يوجد لدينا برنامج واضح.. فقط نتبع سياسة الرفض بدون حيثيات، والارتكاز على فضيلة التعاطف، تعاطفنا جميعا مع القضية الفلسطينية دون الاهتمام بفضح المعتدى وإبراز ممارسته الكريهة أمام العالم. ما سبق ليس معناه أننا نرفض أو نقبل التطبيع مع العدو، لكننا نطالب باستخدام أسلحة تمكننا من التغلب عليهم فى عالم مفتوح لا يعترف بالأبواب المغلقة على نفسها بعيدا عن فرض الوصايا

أحدث سيناريوهات التطبيع عندما اتهم المغنى الشعبى سعد الصغير بذات التهمة لأنه قدم وصلته الغنائية فى إحدى المهرجانات الاستعراضية وأمامه راقصة إسرائيلية تدعى «ميتال سياسى» ودخلت الراقصة دينا طرفا فيها كمستند لأنها شاركت نفس الراقصة فى إحدى الوصلات فى مهرجان الرقص نفسه، وترك الجميع المسئول عن دخول أو مشاركة هذه الراقصة فى مهرجان فى قلب القاهرة.. الصغير وقتها صرح بقوله: هى راقصة وطلعت ترقص وأنا أغنى معقولة قبل ما أغنى أسألها عن جواز سفرها.. سعد لم يكتف بذلك بل زايد بقوله: رفضت مليون دولار مقابل الغناء فى إسرائيل من خلال متعهد أمريكى.. الطريف أن الراقصة الإسرائيلية عادت وأكدت أنها تنوى افتتاح كباريه فى تل أبيب وتدعو فى افتتاحة سعد الصغير ودينا لأنها حسبما تردد وقتها تدعو للرقص من أجل السلام !! ورغم قرارات المؤسسات الثقافية والنقابات الفنية، رفض التطبيع تردد مؤخرا أن هناك مهرجان يعقد لأول مرة فى السويس تحت رعاية هيئة قصور الثقافة وأن المهرجان وجه الدعوة لإسرائيل للمشاركة باعتباره يضم دول البحر الأحمر، وأن هناك ضغوطا سياسية لمشاركتها، رغم أن كل هذا لم يحدث وسارع بنفيه رئيس هيئة قصور الثقافة بنفسه.. شائعة مشاركة إسرائيل كانت محاولة خبيثة وغامضة لإثبات أن الدولة تمارس ضغوطا لمشاركة إسرائيل وهذا لم يحدث..

فى المقابل فإن قائمة «نجوم التطبيع فى الوسط الفنى قد بدأت بهجمة سفر المخرج الراحل حسام الدين مصطفى ومدحت صالح وحكيم بتأشيرات إسرائيلية إلى تل أبيب للغناء هناك ووقتها خرجت تهديدات بالتحقيق معهما وإصدار قرار بتجميد نشاطهما وسط ردود أفعال غريبة وتبين فى النهاية العكس وخروج الفنانين من فخ التطبيع الذى نصبوه بدون مستند واضح ومن المطربين إلى المخرجين بعدها قامت الدنيا فور تصدر اسم خالد الحجر لإخراج فيلمه ينتجه جهاز السينما وتردد وقتها كيف أن جهة رسمية تساند مخرجا ينادى بالتطبيع بحجة أن له فيلما قصيرا بعنوان «حاجز بيننا» تدور أحداثه حول قصة غرام شاب عربى بفتاة يهودية ورغم ذلك قدم المخرج فيلمين دون تجميد وهما «حب البنات» و«مافيش غير كده» ولم تفلح المحاولات الإرهابية لوقف عرضهما لعدم كفاية الأدلة خرج الممثل عمرو واكد من مذبحة التطبيع بعد ترديد أنه شارك ممثلا إسرائيليا «إيجال نؤور» فى فيلم «بين النهرين». ملحوظة : الممثل الإسرائيلى المذكور شارك فى الفيلم العالمى ميونخ للمخرج «ستيفن سيبلبيرج الذى شاهده الجميع وشارك فى مسلسل تليفزيونى عرضته قناة mbc العربية.. الطريف أن الممثل نفسه واجه تهمة التطبيع لاشتراكه فى فيلم بريطانى عالمى بعنوان «مقتل توم هرندل» وتردد أنه قام بتصويره فى تل أبيب رغم أنه صور فى مخيم فلسطينى فى الأردن، أما المفاجأة الكبرى فهى أن الفيلم يصور إسرائيل كمعتد، ويتناول ملف القضية الفلسطينية وشارك فيه فنانين من فلسطين، وبعض الدول العربية، وتدور أحداثه حول مقتل ناشط سلام بريطانى يدعى توم هرندل أثناء مظاهرة فى رفح ضد ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلى.. وتظل معركة التطبيع.. بدون ملامح مادامت الفوضى هى السائدة.

منذ ولاية الفنان الراحل السيد راضى والتطبيع مرفوع من الخدمة، ربما كانت هذه القضية من ثوابت اتحاد النقابات الفنية وقضية حياة رئيس الاتحاد حتى قبل أيام من رحيله وهى نفسها قضية الرئيس الحالى للاتحاد ممدوح الليثى حملها مكملا وفى الوقت نفسه وجدها تتناغم مع شعاره كنقيب للسينمائيين ومشرف عام على مهرجان الإسكندرية السينمائى الدولى الليثى يعود ليؤكد لنا بقوله: موقفنا من إسرائيل واضح وهو لا علاقات معها فى أى شكل فنى لازيارات وتبادل فرق أو عرض أفلام ولا استقبال وفود وهذه هى سياسة اتحاد النقابات، وكنقيب سينمائيين ومسئول بمهرجان الإسكندرية.. فالسياسة شىء والفن شىء آخر، هكذا رد عندما سألناه عن وجود علاقات على مستويات أخرى، وأضاف: لاتطبيع مع إسرائيل إلا بعد استقلال فلسطين. بنفس الحدة رغم ظروفه الصحية الصعبة، أضاف الفنان محمد نوح وهو أحد الأصوات التى اشتهرت عبر تاريخها الطويل بالمواقف الوطنية والقومية: لا تطبيع مع إسرائيل على المستوى الغنائى مالم تحرر القدس وفلسطين.. وهنا يطالب «نوح» بأن نتفهم الآن بالمقصود بالتطبيع ولازم نفهم يعنى إيه تطبيع وهذا لن يتحقق إلا بأن نعرف أولا أنفسنا، فقد كنا من قبل نطبق شعار «اعرف عدوك» وأذكر أننى بعد هزيمة 67 شاركت مع الزملاء عزت العلايلى وحمدى أحمد فى تقديم عمل إذاعى بعنوان «اعرف عدوك» كان مأخوذاً من كتاب شهير للكاتب الراحل أحمد بهاءالدين، وكان يلقى صدى كبيراً فى الشارع المصرى، ولكنه توقف الآن، لابد لنا أن نعيد التفكير فى ضوء المتغيرات الجديدة، وفى رأيى لايتحقق إلا بأن نعرف أنفسنا أولا ثم نعرف المزيد عن العدو لمواجهته بدلا من رفع شعارات بدون تأثير.. فللأسف الشديد يختتم نوح - معظم فنانين هذا الجيل بعيدون عن السياسة وليس لهم وجهة نظر واضحة، وأغلب ما يحدث مجرد مزايدات فارغة، ولابد من وجود أساسات واضحة.

ما يلمح به الفنان الكبير محمد نوح تؤكده بشكل أكبر د.هدى وصفى رئيس مسرح الهناجر، حيث إن قضية «التطبيع» تأخذ عندها دلالات أخرى.. تحدد د.هدى: الالتباسات السائدة والمبالغات بقوله: أريد توضيح أولا نقطة مهمة وهى أننا نستهلك مجموعة كبيرة من المنتجات الفنية على مدار سنوات مضت أغلبها منحازة لإسرائيل، وهذا يتضح فى الأفلام الأمريكية وبعض الأفلام الأوروبية والمنتجات الفنية الأمريكية الأوروبية وكلها تؤكد وبشكل لافت سواء على مستوى الأفلام أو الكتب والمؤلفات أن محرقة النازية لليهود كأنها الاضطهاد الوحيد الذى حدث فى العالم منذ بداية الكون مع أن ما حدث ليهود ألمانيا حدث عبر التاريخ فى إسبانيا أيام محاكم التفتيش والحروب الدينية فى أوروبا، وأثناء الحكم الشمولى فى روسيا البيضاء والمعنى الذى أقصده أن الكثيرين عانوا من الاضطهاد بسبب معتقدات أو انتماءات وليس فقط بسبب اليهود، ولو اقتربنا من العصر الحالى نجد أن فلسطين عانت أيضا معاناة فادحة وتبدو وكأن قدرها أن تدفع ثمنا ليس لها أى ذنب فيه، ورغم ذلك لا نسمع مثل هذه المواساة أو التعاطف مع مجازر اليهود فى فلسطين. ما سبق - الكلام لـ د.هدى - يرجع إلى أننا لم نقم بدورنا كعرب مثلما قام الأمريكيون رغم أننا نملك الإمكانيات.. من خلال أموال النفط مثلا بثقافة الصورة وحاربنا بها بدلا من أفلام أو مسرحيات تبرز هذا الدور، لكن شعرنا أننا على المستوى استطعنا أن نوازن بين ما وقع علينا من ظلم وبين هذا الإحساس السائد بتفوق الآخر الذى يجعلنا نشعر بغياب الندية بيننا، هم يتبعوننا ويترجموننا ويزرعون بداخلنا ما يجعلهم يروننا فى المقابل نحن نرفض الاعتراف بأنهم موجودون على حدودنا.. نحن للأسف نتحدث عن التطبيع وكأنه وحش كاسر ينقض علينا سواء من خلال ندوة أو كتاب، والمفترض أننى لا أكون مفعولا به، بل أبادر بالفعل. وأنا لا أفعل سوى البكاء على الأطلال ولا للتطبيع ولا ولا.. رغم أن هذا يحدث فى الخارج، حيث يلتقى العلماء والمفكرون والممثلون حتى فى المهرجانات العالمية وفى كل الأماكن.. فهل عندما أرفض أن أزور إسرائيل هل هذا هو المطلوب منى؟ أم أن أقوم بدور حقيقى كاشف لآليات التفكير والشر الموجود فى هذا العدو، كيف أنه يساوم دون أن يكون لديه الرغبة الحقيقية فى السلام.. لابد أن أكشفه ولابد أن أتعرف على آليات تفكيره وعلينا هنا أن نقتدى مثلا بشخصية مثل رأفت الهجان الذى كان مزروعا فى المجتمع وكان يعاشرهم حتى ولو كان هناك من يشكك فى هذه الشخصية.. أعتقد أننا كان لابد أن نقوم بدور أفضل بكثير من اللطم على الخدود.. نحن لانفعل شيئا لافيلم يفضحهم أو كتاب لنشر مزاعمهم أو حتى فيلم وثائقى تكشف فيه عدالة القضية، فين كل هذا؟! مفيش للأسف رغم أن لغة السينما عالمية من الممكن أن تعرض فى كل العالم ليس من المهم أنك تقابل ناسا أو لا تقابل، المهم أن تفعل شيئا له رد فعل بوثائق مكتوبة ومصورة، هذه هى المحاربة وليس المحاربة أننى أسلم على شخص أولا أسلم كلها حاجات ساذجة واتهامات التخوين حتى لمجرد أن فلان شافى فيلم إسرائيلى أو قرأ كتاب.. للأسف الشديد القضية تحولت إلى متاجرة ومزايدة دون إحداث فعل يؤدى إلى التفاف حقيقى.. فماذا يحدث مثلا لو انتجنا فيلما يصدر إليهم ونحن نصدر إليهم مثلا الغاز ماذا يحدث ومن هنا لابد من إعادة صياغة القضية بشكل منهجى وتنفيذ برنامج بدلا من رفع شعارات غير مجدية.

روز اليوسف المصرية في

18/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)