تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

/كتاب عن الشاشة/

«60 دقيقة... معهم» لريميال نعمة شهادة متواضعة عن واقع مهنيّ متأزّم

نديم جرجورة

لم تشأ الزميلة ريميال نعمة أن تُحاصر مهنتها في إطار إعلامي واحد. أطلّت على الشاشة الصغيرة بعدما اختبرت العمل الإذاعي، المستمرّة فيه لغاية الآن. ومعهما، اشتغلت في الصحافة المكتوبة، محاولة تطوير أسلوبها المهنيّ بالاستفادة من أدوات العمل في هذه المجالات الثلاثة. ولعلّ كتابها الجديد «60 دقيقة... معهم» («الدار العربية للعلوم ناشرون»، بيروت، الطبعة الأولى، 2009) دليل حسّي على المدى الذي بَلَغه تطويعها التجارب المتفرّقة، لحساب مهنة وجدت فيها عالمها الخاصّ. وعلى الرغم من أن الكتاب تضمّن حوارات مع نجوم تلفزيونيين أجرتها نعمة لحساب الصحافة المكتوبة (دليل النهار)، إلاّ أن أسلوبها بدا انعكاساً لخبرة مستمدّة من القواعد الأساسية لمهنة الصحافة، وتحديداً لـ«فن الحوار». ومع أنها استهلت المقدّمة بالقول إن كتابها «ليس محاولة أكاديمية للتلقين والتعلـيم» (ص 9)، لكنها لم تلتــزم قرارها هذا، لأنها أطالت في تحديدها أصول الحوار والعمل الصحافي من جوانبهما كافة، كأنها تــحرّر مادة تعليمية لمن لا يُتقن المهنة. بهذا المعنى، يُمكن تبرير المضمون التحليلي لأصول المهنة وفن الحوار في المقدّمة، التي أفردت حيّزاً صغيراً فيها للتأكيد على الأهمية الفنية والمهنية للصورة في الصحافة المكتوبة (صُوَر النجوم التلفزيونيين في الكتاب بعدسة الزميل وائل اللادقي).

ثلاثون شخصية تلفزيونية لمعت في الفضائيات اللبنانية والعربية في الأعوام الفائتة، اختارتها ريميال نعمة لحوارات لامست بعض المخفيّ فيها، وحرّكت شيئاً من المبطّن في سلوك حياتي أو أسلوب مهنيّ. شخصيات أثبتت حضوراً إعلامياً لافتاً للانتباه (من دون التغاضي عن الجانبين السلبي والإيجابي في هذا الحضور)، واستقطبت شعبية متفاوتة الأعداد والمستويات، وباتت فاعلةً في المشهد التلفزيوني، باشتغالها في مجالات السياسة والفنون والمنوّعات والبرامج الحوارية، باستثناء رسّام الكاريكــاتور الأشــهر في لبـنان والعالم العربي بيار صادق، الذي عرف نجومية تلفزيونية مهمّة بفضل رسومـاته الكاريـكاتورية المبثوثة على شاشتي «المؤسّسة اللــبنانية للإرسال» أولاً و«تلفزيون المستقبل» لاحقاً (من دون التخلّي عن موقعه في «النـهار»). ذلك أن العلاقة الــناشئة بين هؤلاء النجــوم التلفزيونــيين ومشــاهديهم بلغت مرتبة رفيعة المستوى، من دون أن تتحــوّل إلى مؤثِّر ومتأثّر، لأن الصحافة والإعـلام المرئي لم يعـودا «ســلطة رابعة»، بالمعنى الحقــيقي للتعـبير المعروف، على الرغم من أن مــشاهدين كثيرين ينتظـرون هذا البرنامج أو تلك الفترة، لمشاهدة نجمهم المفضّل ومتابعة حلقاته. في هذا الإطار، قال سلـطان سلــيمان إن الإعلام في لبــنان اليوم «إعلام حزبي»، وليس «سلطة أولى ولا حتى عاشرة»، مضيفاً إنها «تفنيصة» أطلقها بعض السياسيين (ص. 43)؛ في حين أن غادة عيد أشارت إلى وجود فساد في الإعلام: «هناك ابتزاز وهدر حقوق. الإعلام ليس بخير»، مضيفة أن الإعلام «مســيَّس ونفعي»، وأنه كان عليه «في مرحلة مهمة في لبنان أن يلعب دوراً كبيراً، لكنه لم يفعل»، ومعتبرةً أن عــلى الإعلام أن يكون سلطة أولى عندما تكون السلطـات الثلاث في أي بلد ضعيفة، وهذا ما لم يحصل في لبنان (ص. 153/ 154). والشخصيات، المنتقلة إلى «كرسيّ الاعتراف» الذي برعوا في استدراج أناس كثــيرين إليه قبل أن يجلسوا هم عليه بطـلب من نعمة، حــافظوا، غالباً، على كلام ملطّف وتحايل محبّب في مسألة التعبير عن رأي متعلّق بزميل آخر (هناك وضــوح لدى البــعض في نقده الآخرين أحياناً قليلة)، مع أن «نقداً ذاتياً» مارسه نيشان ديرهاروثيونيان، مثلاً، على نفسه. والحوارات، إذ ذهبت أحياناً إلى الحميميّ انطلاقاً من قناعة بأن النجم مُطالَبٌ ببوح ما أمــام جمهوره بالتوازن مع العام (كيفية الاشتغال والمشاكل التي يواجهها والعلاقة بالمؤسّسة والموقع الثقافي والمهــني وغيرها من العناوين)، محتاجة إلى تحليل سوسيولوجي ونفسي وثقافي، لأنــها انعكاس واضح لجزء أساسي من العمل الصحافي/ الإعلامي اللبــناني، بأزماته المتـفرّقة، في بلد مصـاب بانهيـارات جمّة.

بعيداً عن مضامين الأجوبة كلّها، التي رسمت ملامح عدّة لشخصيات هؤلاء النجوم التلفزيونيين، يمكن القول إن أسلوب ريمــيال نعمة في إدارة الحوار ارتكز على متــابعة شبه دقيقة لسيرة النجم وحكاياته وعالمه المهني والحياتي، في حين إن آلية طرح الأسئلة اعتمدت على مكانة النجم وموقعه إزاء مسألة أو تفصيل أو حادثة، من دون التغاضي عن الجانب الشخصي البحت أيضاً. غير أن ملاحظات عدّة يُمكن سوقــها هنا، إذ بدت الحوارات غــير مُحـرَّرة بطريقة لائقة مهنــياً، وإن ارتــأت الزميلة نعمة ترك الأجوبة كما نطق بها أصجابها، بمزيج العامية والفصحى أحياناً، وبانفعال «عفوي» أحيانـاً أخرى. ثم إن نقــاطاً كثــيرة نُثرت بين الكلمات، «على الطريقة المصرية» في الكتابة الصحافية، ولم يكن هناك اهتمامٌ بالفواصل والنقاط بين الجمل.

غــالب الظنّ أن «60 دقيــقة... معــهم» لريميال نعمة يبـقى شهــادة متواضعة عن واقــع مهنيّ متأزّم، في بلد يعاني أقسى الحالات عنفاً وخراباً.

السفير اللبنانية في

10/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)