تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

«جمعية السينما العربية الأوروبية» و«جبهة تحرير الخيال في السينما»

نحــو رؤيــة مســتقلة وتظاهــرات حــرّة

نديم جرجورة

لا يزال سؤال المشهد السينمائي العربي، عروضاً وتظاهرات ومهرجانات ومؤسّسات، في أوروبا تحديداً، مطروحاً بقوّة. ذلك أن غياب «بينالي السينما العربية في باريس»، الذي توقّف عن تنظيم دوراته في العام 2006 في مبنى «معهد العالم العربي»، برعايته وتمويله، لم يُحرّض المعنيين بالهمّ السينمائي على مناقشة أسباب هذا الغياب والبحث عن حلول بديلة، لتمكين صناعة الأفلام العربية على تأكيد حضورها في القارة القديمة على الأقلّ؛ من دون تناسي أزمة الإبداع في السينما العربية، التي تساهم في تفعيل هذا الغياب، علماً بأن «مهرجان الفيلم العربي في روتردام» في هولندا، الذي أنهى، في حزيران الفائت، دورته التاسعة على التوالي، لم يتحوّل إلى حيّز حقيقي لتواصل ثقافي/ فني بين هولندا والغرب الأوروبي من جهة أولى والعالم العربي، بجانبه السينمائي، من جهة ثانية، لأن المهرجان عاجزٌ عن إيصال السينما العربية إلى المُشاهد الهولندي، لأسباب عدّة لعلّ أبرزها اكتفاؤه بأن يكون معرضاً لأفلام مختارة من هنا وهناك، بعيداً عن المعايير الجمالية والدرامية المطلوبة في صناعة فيلم ما. في حين أن هناك تظاهرات «عابرة» تُقام في أمكنة أوروبية وأميركية متفرّقة، مستندة إلى جهود خاصّة بأفراد، يقعون غالباً في فخّ التبادل التجاري والاستعراض الإعلامي والعنفوان القومي، لا أكثر ولا أقلّ.

لهذا كلّه، تُطرح أسئلة أخرى: هل هناك استفادة ما ناتجة من تنظيم تظاهرات أو إنشاء جمعيات أو مؤسّسات سينمائية عربية في قلب أوروبا؟ أليست الأفلام العربية قادرة على بلوغ الصالات الغربية بفضل منتج وموزّع غربيين، غالباً؟ ألا يُدرك مشاهدون غربيون الحالة التي بلغتها هذه السينما، عند مشاهدتهم نماذج متفرّقة منها معروضة في صالاتهم؟ ماذا يعني تأسيس جمعية سينمائية جديدة في باريس، «معنية» بالسينما العربية؟ للإجابة عن السؤال الأخير، وعبره على الأسئلة الأخرى، وبمناسبة الإعلان عن تأسيس «جمعية السينما العربية الأوروبية» و«جبهة تحرير الخيال في السينما»، يُمكن التمعّن في إجابات الزميلين صلاح سرميني (الجمعية) وصلاح هاشم (الجبهة)، في محاولة جادّة لفهم المعنى الثقافي/ الفني لهاتين المؤسّستين الجديدتين في باريس، علماً بأنهما متشابهتان في مسألة تنظيم المهرجانات/ التظاهرات المعنية بعرض الأفلام العربية في أوروبا.

ملء فراغ وفضح هراء

استعاد صلاح سرميني غياب «بينالي السينما العربية في باريس»، للإشارة إلى أنه «ترك فراغاً كبيراً في ما يخصّ السينما العربية التي شكّل الـ «بينالي» نافذة لها ليس على المستوى الجغرافي الفرنسي فقط، بل الأوروبي أيضاً»، معتبراً أن «الوقائع التاريخية أكّدت أن الـ «بينالي» مهّد الطريق أمام المبادرات كلّها التي ظهرت لاحقاً، إلى جانب مساعدته إياها وتعاونه معها»، مضيفاً أن تأسيس الجمعية وتنظيم «مهرجان السينما العربية» في باريس «ضرورةً قصوى بهدف عدم ترك السينما في أيدي منتفعين وهواة». أما صلاح هاشم، الذي حلّل طويلاً مفهوم الـ«جبهة» تاريخياً، مُدخِلاً السياسة والتاريخ والحروب بالآداب والفنون، فقال إن المقصود بها «أن تكون تجمّعاً سينمائياً أهلياً لفضح «الهراء» العام في السينما ومحاربته، وأن تكون «فضاء عرض حرّ» لعرض أفلام تعاني مشــاكل أو لا تعاني مشاكل في بلدانها، ولعرض أفلام مهمّة أو ترى الجبهة أنها مهمّة»، مضيفاً أن هذا «الفضاء الحرّ والمستقلّ» يختار أفلامه بنفسه ويعرضها على الصحافيين والناس والجمهور، ومعتبراً أن على الجبهة أن «تكون شبيهة بالتظاهرات السينمائية الموازية في مهرجان «كان»، كـ «أسبوع النقد» و«نصف شهر المخرجين»، وأن تكون نقابة للنقّاد والسينمائيين المستقلين وتجمّعاً للسينمائيين الأحرار جميعهم، إلى أن يتمّ توسيع هوامش الحرية والديموقراطية في بلادنا، بالفعل، وهو الشيء الذي لم يتحقّق لغاية الآن».

ذكر البيان الرسمي، الذي أعلن تأسيس الجمعية، أن نشاطات هذه الأخيرة «تهدف إلى سدّ الثغرة المتمثّلة في قلّة التبادل في مجالات السينما والإنتاج السمعي البصري بين الدول العربية والاتحاد الأوروبي من جهة، والبلدان العربية بين بعضها البعض من جهة أخرى. وتسعى إلى نشر معرفة أفضل بالآخر، من خلال تنظيم عروض منتظمة وتظاهرات دورية للأعمال الفنية في مجال الفنّ السابع، في شمال المتوسّط وجنوبه، وستتيح هذه النشاطات تكوين جمهور جيّد تشدّ اهتمامه بأعمال سينمائية عربية وأوروبية قليلة التوزيع». وردّاً على سؤال خاصّ بالمكوّنات الثقافية والفنية والفكرية المؤسِّسة للجمعية، قال سرميني إن البيان الأولي يكشف عن التوجّهات هذه، مشيراً إلى أن السير المهنية لمؤسّسي الجمعية وأعضاء مجلس إدارتها (ماجدة واصف وكاترين آرنو وماري كلود بهنا وجوزي بيرسفال وميريت ميخائيل وهدى إبراهيم وزينة توتنجي جوفار وجيوفاني ريزو وكريستيان تيسون، وصلاح سرميني أيضاً)، «تكشف خلاصة أعوام طويلة من نشاطهم السينمائي، وكل واحد منهم أثبت، عملياً، جدارته وشغفه وإخلاصه في مجال تطوير الثقافة السينمائية ونشرها والترويج للسينما العربية أولاً والسينما ثانياً». من جهته، حدّد صلاح هاشم المكوّنات الخاصّة بـ «جبهته»، بالقول إنها تتوحّد حول قيم ومثل وقناعات، منها «قناعتها الراسخة بأن السينما، كما قال جان ـ لوك غودار، «أداة تفكير» في مشاكل المجتمعات الإنسانية وتناقضاتها، لأنها ليست للترفيه والتسلية فحسب، بل يُمكن أن تكون سلاحاً في محاربة الظلم والتخلّف والعنصرية والتلوّث والحروب والمجاعات والفساد، و«الهراء» العام الذي تُروِّج له حكوماتنا عبر شاشات السينما والتلفزيون، لأن غالبية الأفلام والمسلسلات رديئة وعديمة القيمة، تصنعها أجهزة إنتاجية من دون رابط أو ضابط».

تمويل

بالنسبة إلى التمويل، قال سرميني إن الجمعية تشبه الجمعيات الفرنسية الأخرى، المؤسَّسة وفقاً لقانون الجمعيات الأهلية للعام 1901، ما يعني أنها معتمدة «على الدعم الحكومي الفرنسي والأوروبي، علماً بأن القانون لا يمنعها من البحث عن مصادر تمويل من الشركات الخاصّة والأفراد، بالإضافة إلى اشتراكات الأعضاء والموارد المادية لنشاطاتها». أما هاشم، فقال إن الجبهة تُرحّب بالرعاية المادية غير المشروطة للمؤسّسات والجمعيات الثقافية العربية والأجنبية معاً: «ليس لديها، ولم تتلقّ، أي دعم أو تمويل من أي جهة لغاية الآن». وردّاً عمّا إذا كانت السينما العربية، التي تعاني أزمات شتّى، محتاجة إلى مؤسّسة ما تُعنى بها خارج الجغرافيا العربية، قال سرميني إن الجمعية والمهرجان المنوي تنظيمه بدءاً من العام المقبل «لا يفرضان أي وصاية على السينما العربية، ولا يسعيان إلى حلّ مشاكلها الفنية والتقنية والدرامية والجمالية، ولن يكونا بديلاً عن السينمائيين والنقاد»، معتبراً أن النشاطات الجادّة تصبّ حتماً في صالح السينما العربية والتعريف بها والترويج لها وتوزيعها في الخارج»، ومشيراً إلى أن الجمعية والمهرجان يساهمان، كما فعل «بينالي السينما العربية» سابقاً، «في أن تكون للسينما العربية نافذة تطلّ من خلالها على الجمهور الفرنسي والأوروبي، ثم العالمي».

الفيلم العربي والغرب

وافق هاشم على أن السينما العربية محتاجة إلى مؤسّسة تُعنى بها في الغرب، لكنه قال إن «أغلب التمثيل السينمائي العربي في الخارج رسمي دبلوماسي عقيم، لأن الأشخاص الذين يعملون في «التمثيل الرسمي» موظّفون لن تجد فيهم الرجل المناسب في المكان المناسب، ولأن لهم اهتمامات أخرى غير السينما. لهذا، فشل مشروع «بينالي السينما العربية في باريس» لأنه كان تابعاً لسياسات «معهد العالم العربي» ولم تكن له استقلاليته عن سياسات المعهد وتوجّهاته». وعن مدى استقطاب المدن الأوروبية جمهوراً مهتمّاً بالسينما العربية، بما فيها من أزمات ومشاكل، قال سرميني إن الجمهور الأوروبي منفتح ذهنياً وثقافياً على السينمات كلّها المقبلة إليه من أي بلد في العالم، على عكس الجمهور العربي المقيم في أوروبا»، لافتاً الانتباه إلى أن الجمهور العربي غائبٌ عن صالات السينما، ومعتبراً في الوقت نفسه أن شريحة منه ستتحرّك وتنشط لمتابعة مهرجان للسينما العربية لا يُقدّم عروضاً منعزلة، بل متكاملة والمناسبة الاجتماعية أيضاً: «أعتقد أن الهدف الذي يُفترض بمهرجان للسينما العربية أن يسعى إليه كامنٌ في استقطاب الجمهور الأوروبي أولاً، الذي تُعتبر السينما بالنسبة إليه جزءاً من نشاطه اليومي والحياتي».

من جهته، رأى هاشم أن هناك تعطّشاً معرفياً هائلاً عند الأوروبيين، خصوصاً عند الفرنسيين، «لمعرفة ثقافتنا وحضارتنا وذاكرتنا وتاريخنا من خلال السينما»، مقدّماً أمثلة استقاها من حضوره مهرجانات سينمائية فرنسية وأوروبية مختلفة: أقبل كثيرون على مشاهدة أفلام صلاح أبو سيف في «مهرجان لاروشيل» مثلاً، وهناك من تابع بشغف واهتمام عروض التكريم الخاصّة بالمصوّر السينمائي رمسيس مرزوق في سلوفاكيا. وأضاف أن الإقبال والتعطش والفضول المعرفي «سمة من سمات مجتمعات الحرية والديموقراطية المتحضّرة».

إلى ذلك، شدّد صلاح سرميني على أن الجمعية «ليست المبادرة الأولى في فرنسا، بل نتيجة تراكم نشاطات ومبادرات بدأت منذ الثمانينيات واستمرّت مع الفاعلين في مجال الثقافة السينمائية». لكنه رأى أن الجمعية لا تسعى إلى «إضافة نوعية جديدة وجدّية، لأن المشهد السينمائي الأوروبي متخمٌ بها. إن طموح الجمعية والمهرجان كامنٌ في أن تتواجد السينما العربية دائماً في الصالات الفرنسية، في إطار مهرجان سنوي أو تظاهرات معينة او أسابيع وعروض شهرية»، منتهياً إلى القول إن الجمعية لن تكتفي بتنظيم مهرجان سنوي، «لأنها ستقدّم خدماتها للمهرجــانات والمؤسّسات العامة والخاصة، لتحقــيق برمجــة عامـة أو محدّدة».

بينما أصرّ هاشم على أن أي تجمّع قادر على تحقيق مثل هذه الإضافة، «لأن مجرّد حضور التجمّع أو الإعلان عن حضوره معناه أننا لن نترك الساحة نهباً للآخر ليعيث فيه فساداً، وليروّج لتصوّراته ومغالطاته وأفكاره السيئة عن العرب».

 

كلاكيت

أحمر أكثر من اللزوم

نديم جرجورة

تختزل السيرة السينمائية للّبناني كريستيان غازي فصلاً أساسياً من تاريخ صناعة الأفلام في لبنان والحرب الأهلية اللبنانية معاً. فالرجل، الذي جاء السينما من الموسيقى والشعر المكتوب بالفرنسية، رسم معالم مرحلة طويلة ومريرة من الغليان الاجتماعي والسياسي بأفلامه النضالية النابعة من إيمان عميق بفكر يساري يُقارع الفساد والطبقية والظلم. والسينمائي، الذي حوّل عدسة الكاميرا إلى عين تراقب وتحاسب وتبحث عن الخلل لتضيئه بعين الكاميرا، غاص بأفلامه في متاهة الحروب اللبنانية المتفرّقة المؤدّية إلى اندلاع الحريق الكبير الذي التهم بلداً ومجتمعاً وناساً... وأفلامه كلّها.

ذلك أن السيرة المهنية التي انطلقت مطلع الستينيات المنصرمة، عكست متغيّرات صعبة عاناها البلد ومجتمعه وناسه، في لحظة التحوّلات العربية الخطرة، التي لا تزال آثارها السلبية فاعلة في المجتعمات العربية لغاية الآن. وعلى الرغم من أن غالبية أفلامه حفرت في العمق اللبناني، إلاّ أن الامتداد العربي حاضرٌ في نشاطه وإنتاجه. بهذا المعنى، جسّد غازي، حرفياً، مقولة المثقف العضوي المرتبط ببيئته الاجتماعية والإنسانية والثقافية والحياتية وهمومها، مستخدماً الكاميرا أداةَ تَقَصٍّ في الواقع وعنه، وأسلوبَ دفاعٍ عن حقّ مهدور وقيمة إنسانية يُراد لها الخراب. بهذا المعنى، قدّم غازي نموذجاً نادراً في صناعة الأفلام اللبنانية والعربية، عن السينمائي المنبثق من حكاية الأفراد، والمنفتح على المدى الجغرافي والتاريخي للمحيط القريب منه، وللفضاء الأممي كلّه. ولم يكن وصفه بأنه «أحمر أكثر من اللزوم» غريباً عنه أبداً أو مزعجاً له إطلاقاً، بل كان سبباً أكيداً لفرح ذاتيّ حقيقي وعميق، ودافعاً الى تمسّك أقوى بتاريخه الشخصيّ، المرادف لأجزاء كبيرة من التاريخ العام.

ربما لأنه «أحمر أكثر من اللزوم»، طاولته الحرب الأهلية اللبنانية بأسوأ أشكالها: حرق أفلامه كلّها، باستثناء «مئة وجه ليوم واحد» (1970)، على غرار المشهد الرهيب والمتكرّر في الذاكرة الإنسانية العامّة، المتمثّل بسلوك الأنظمة الديكتاتورية المناهضة للفكر والإبداع والحرية. إن حرق أفلامه عاملٌ جوهريّ في انسحابه المطلق من الساحة الإبداعية في الثقافة والفن البصريّ والعمل السياسي، وفي انزوائه المديد الذي كسره شابٌ متحمّس له يُدعى رامي صبّاغ، أعاده إلى واجهة المشهد عندما عثر على نسخة من فيلمه الوحيد الناجي من المحرقة، فإذا بكريستيان غازي يطلّ ثانية على الحياة العامّة، وإن بخفر وهدوء وعزلة. ولأن صبّاغ حرّضه على الخروج من أسره الطوعيّ، رأى المخرج أن اختبار الأدوات البصرية الجديدة ضرورة حياتية وثقافية، فإذا به يُنجِز «نعش الذاكرة» (2001)، معتبراً، كقلّة من السينمائيين اللبنانيين والعرب الشباب، أن التطوّرات التقنية البديعة والمهمّة لن تحجب عن العينين المفتوحتين على المدى الإنساني بؤس الحياة وشقاء الواقع ونزف العالم، ولن تمنع السينمائي من الاستمرار في إضاءة الراهن مهما كان بشعاً وقاسياً وممزّقاً (يصدر الفيلمان هذان في نسخ «دي في دي» قريــباً، بجهد من «نادي لكل الناس»).

السفير اللبنانية في

09/07/2009

 

«يسـرا فنانـة فـي زمـن التكفيـر» لسـمير فريـد

التاريـــخ أكثـــر مـــن النقـــد  

لم تكن الممثلة المصرية يُسرا الفنانة الأولى التي يختارها الناقد السينمائي المصري سمير فريد مادة لكتاب، أصدره بعنوان «يُسرا، فنانة في زمن التكفير»، عن «صندوق التنمية الثقافية» التابع لوزارة الثقافة المصرية، في إطار «المهرجان القومي الخامس عشر للسينما المصرية، 2009»؛ كما أن التعاون بين فريد والصندوق والمهرجان لم يكن الأول، إذ أصدر الناقد المخضرم كتباً متفرّقة عن الصندوق بمناسبة المهرجان، من بينها «فاتن حمامة» (1995) و«زوزو حمدي الحكيم: رائدة التمثيل والتنوير» (2000). وإذا ربط فريد بين الحكيم والتنوير، فإنه اختار الكتابة على يُسرا في زمن التكفير، لأنها بدأت التمثيل ولا تزال تمثّل «في الزمن الذي شهد تكفير الفنون كلّها، نتيجة مفاهيم خاطئة في ظلّ تصاعد التعصّب الديني، وهو الزمن الذي لا نزال نعيشه حتى اليوم» (ص. 3).

لكن الكتاب لا يرتكز على تحليل ثقافي وفني متكامل للسيرة المهنية الخاصّة بيُسرا، ولا يتسعين بالقراءة النقدية لأفلامها وارتباط هذه الأفلام بالواقع الاجتماعي والحالة السياسية والسياق الإبداعي السينمائي والتحوّلات الثقافية والفنية، في مصر والعالم العربي، ولا يروي فصولاً أساسية متعلّقة بسيرتها الذاتية، إلاّ بشكل عام وأفقي، لأن سمير فريد اكتفى بسرد تأريخي للفنون في مصر، واستعاد تاريخاً طويلاً من العناوين المفصلية الخاصّة بمصر، وصولاً إلى صعود التيار الإسلامي ومقاومته أو الانصياع إلى مشروعه، إذ كان على «النجوم الذين برزوا منذ الثمانينيات» أن يختاروا «بين الاعتزال والحجاب أو «التوبة» عن التمثيل، كأنه جريمة يطلبون من المجتمع أن يغفرها، أو رفض ذلك والدفاع عن فن التمثيل كفن»، أو كان عليهم «الاختيار بين اعتبار التمثيل تمثيلاً وقبول الأدوار كلّها التي تعرض عليهم ويقتنعون بها، أو رفض بعض الأدوار التي يُمكن أن تُعرّضهم لمن يربطون بين الواقع والتمثيل، ويتصوّرون أن الشرير هو كذلك في حياته» (ص. 23 ـ 24).

بهذا المعنى، اكتسب الكتاب أهمية متواضعة، لأنه عكس موقف الناقد من الحالة الأصولية والرقابة الاجتماعية، قبل تقديمه يسرا من خلال أفلامها ومختارات من حواراتها، معتمداً، في الفصل الثالث «بورتريه وثلاثة حوارات وتحقيق»، على كتابات وحوارات أنجزها آخرون عنها ومعها (خيري شلبي، سمير نصري، منى غندور، حنان مفيد ووائل لطفي)، مفرداً، في الفصل الرابع والأخير، حيّزاً لفيلموغرافيا بدأت من فيلمها الأول «فتاة تبحث عن الحبّ» (1977) لنادر جلال، وانتهت مع «ما تيجي نرقص» (2006) لإيناس الدغيدي.

السفير اللبنانية في

09/07/2009

 

«كرنتينـة» للعراقـي عـدي رشـيد: بغداد حقول القتل  

انتهى المخرج السينمائي العراقي الشاب عُدي رشيد من تصوير مشاهد فيلمه الجديد «كرنتينة» (90 د.)، الذي يروي فصولاً من المتغيّرات التي طالت المجتمع العراقي والحياة في بغداد بعد اجتياح العراق في آذار 2003، مع ممثلين عراقيين، كسامي عبد الحميد وحيدر منعثر وعواطف السلمان وأسعد عبد الحميد وولاء نجم وزهرة بدن وحكيم جاسم وازادوهي صاموئيل، وآخرين. وصُوِّرت المشاهد كلّها في المناطق القديمة والعريقة في بغداد، كشارع الرشيد والمناطق المطلّة على نهر دجلة وساحة التحرير ونصب الحرية في قلب العاصمة، في إطار التذكير بالمعالم التاريخية لبغداد، التي تعرّض قسم منها للتخريب والدمار. ويحتاج الفيلم إلى مونتاج يُتوقّع تنفيذه في ألمانيا قريباً، لأن معوقات فنية تحول دون إنجازه في العراق.

يأمل رشيد أن يثير فيلمه الجديد جدلاً في الأوساط الثقافية العراقية «لأنه يتحدّث بجرأة كبيرة عن مجمل متغيرات حدثت في العراق في الأعوام الستة الماضية، التي مرّت على البلاد في ظلّ الاحتلال الأميركي»، كما نقل عنه تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويواجه الفيلم مصاعب عدّة، منها غياب دار عرض ملائمة لعرضه بعد تخطّيه مصاعب رافقت مراحل التصوير، فضلاً عن غياب وسائل الإنتاج والمعدّات الفنية المتطوّرة. ويُرجّح رشيد عرض فيلمه في عدد من الدول الأوروبية قبل عرضه في بغداد، بسبب عدم وجود صالة للعرض. ويُعدّ «كرنتينة»، بحسب التقرير نفسه، خطوة باتجاه عودة عجلة السينما العراقية إلى الدوران مجدّداً، بعد توقّف استمر قرابة عشرين عاما، سبقه إنتاج فيلم «الملك غازي» للمخرج العراقي المعروف محمد شكري جميل في العام 1991، وهذه معلومات غير صحيحة كلّياً، إذ تمّ انجاز أفلام عراقية عدّة، خصوصاً في الأعوام القليلة الفائتة. وتعني كلمة «كرنتينة» العزل أو الحظر، ويطلق البغداديون الاسم نفسه على منطقة الوزيرية (في الشمال)، واتّخذ الفيلم عنوانه من هذه الكلمة في إشارة إلى المتغيرات التي طرأت على البلاد بعد الاحتلال، من خلال قصة شاب يهوى قتل الناس وإيذاءهم، كاشفاً سيكولوجية هذا القاتل وما يحيطها من مخاطر. وأُنتج الفيلم بمشاركة إحدى الشركات الفنية الألمانية، وهي ثاني تجربة إنتاجية على هذا الصعيد بعد فيلم «ليلى في العراق» في خمسينيات القرن الماضي.

أعرب المخرج عن أمله في إيجاد صيغة لتوزيع الفيلم وعرضه في العراق. والمخرج عدي رشيد سبق أن أخرج فيلم «غير صالح للعرض» في العام 2005 (تمثيل يوسف العاني وعواطف سلمان)، وحصل على جوائز خارجية عديدة. وقال الناقد السينمائي العراقي علاء المفرجي في تقييمه لتجربة رشيد، إن «اسم عدي رشيد يرتبط بالفيلم الروائي الطويل الأول الذي أعقب سقوط النظام السابق «غير صالح للعرض»، الذي حقّق نجاحاً جماهيرياً ونقدياً. إن عدي رشيد بدأ يخط لنفسه أسلوباً خاصاً في تعاطيه مع موضوعات أفلامه، وبغداد هي موضوع عدي المفضّل، ويتمنّى أن تكون عنده تماماً مثل روما عند فيلّيني ونيويورك عند سكورسيزي. هذه المرّة، فيلم «كرنتينة»، الذي يعود اسمه إلى إحدى المناطق القديمة في بغداد، يتناول المنطقة على خلفية التداعيات والظروف التي مرّت بها جرّاء صراعات طائفية وشيوع الجريمة المنظّمة، في مقابل محاولاته لترسيخ القانون».

من جهته، قال الفنان العراقي حيدر منعثر: «سأظهر في الفيلم عبر تجربة جديدة غير التي اعتادها المشاهدون في أعمالي المسرحية والتلفزيزنية السابقة. أؤدّي شخصية شريرة عُرفت باسم «العلاس» في المجتمع خلال الأعوام الستة الماضية، أي الذي يمهّد لجرائم القتل. الفيلم مثير، فهو يتصدّى لعمليات التصفية والقتل التي تعرّضت لها نخبة من أبناء البلد، سواء كانوا مفكرين أو أطباء أو غيــر ذلك من الدرجات العلمية. دوري هــو العــلاس، أي الذي يعــطي معلومات عن الضحايا ويمهّد الطريق أمام القاتل للوصول إليهم»، واعتبر أن «الفيلم لا يمثّل رسالة سوداء عن المجتمع، بل يؤكّد وجود بذرة الخير فيه»، مشيراً إلى «ظهور طفل صغير في الفيلم يعــمل ماسح أحذية وهو يحمل كتاب رياضيات، كإصــرار على العودة إلى المعرفة والتعــليم التي حُرم منها للبحث عن كسب رزقه».

السفير اللبنانية في

09/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)