تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

«رشة جريئة» سياسية.. وجنسية وكل لوازم الشباك!

«بوبوس» عادل إمام.. سينما الموقف المائع والمراوغ

محمد بدرالدين

إذا قال أحد إن عادل إمام فى فيلمه الجديد "بوبوس" ومن قبل فيلمه "مرجان أحمد مرجان" ينتقد الرأسماليين ورجال الأعمال الفاسدين نقداً لاذعاً ويدينهم فهو قول صادق. 

وإذا قال آخر إنه يقدمهم على طريقة (لصوص لكن ظرفاء) ـ وهذا عنوان فيلم خفيف شارك فيه فى شبابه ـ وأنه يقدمهم كرجال أعمال ينبغى أن نتعاطف معهم، وأن قلوبهم طيبة بل ومحبة وعاشقة (فى الفيلم السابق لميرفت أمين وفى الفيلم الجديد ليسرا)، فهو أيضاً قول صادق!. 

ويعبر عن نفس الشيء أيضاً ـ وبدقة ـ موقف فيلمه "السفارة فى العمارة"، فقد اهتمت به صحف إسرائيلية واعتبرته فيلماً مشجعاً ـ أو يستحق التشجيع ـ بينما اعتبره آخرون من المناهضين للتطبيع أنه فيلم "ضد التطبيع" وشجاع!. 

سيجد فيه أنصار التطبيع مع الإسرائيليين ما يناسبهم، وسيجد فيه مناهضوه ما يلائمهم!. 

هذه مع الأسف، هى نوعية السينما التى دأب على تقديمها عادل إمام فى سنواته الأخيرة، يساعده عليها كاتب هو يوسف معاطى، لديه هذه القدرة على تقديم مواقف غائمة أو غير واضحة لترضى جميع الأطراف، ولا يتحمل معها تبعة، أصحاب الفيلم وبطله!. 

أنت تجد فى كل فيلم من هذه الأفلام كل المواقف، وتجد الاتجاه وعكسه، إنها (سينما مراوغة) تستعصى على تحديد الرؤية والموقف والاتجاه، تغازل كل الأطراف ـ ولا تستقر على حال ـ وتحاول أولاً أن تغازل جمهور شباك التذاكر بكل وسائل وعناصر الجذب الجماهيرى لتكسب كل من يمكن أن يأتى ويمنح نقوده للشباك، من قطاعات أو أجيال!. 

وقد صار مفهوماً أن أول تلك الوسائل والعناصر فى تلك الأفلام هو الجانب الحسى أو الجنسى، الذى يجيء فى كثير من الأحيان غليظاً أو غير مستساغ، فعادل إمام فى معظمها إن لم يكن كلها لا يكف وربما منذ أول مشاهدها عن التحرش بالنساء أو معاشرتهن، ومهما بدا عليه كبر السن، إنها فى نظره إحدى وسائله المضمونة!. 

هكذا هو فى "عريس من جهة أمنية"، و"السفارة فى العمارة"، و"التجربة الدنماركية" و"مرجان أحمد مرجان".. وغيرها، وها هو يبدأ فيلمه فى عام 2009 "بوبوس" بلقطات ومشاهد مماثلة، وتظل تتخلل كل الفيلم، بمناسبة وبدون مناسبة. 

ومن العناصر التى يحاول بها إمام فى أفلامه عادة أن يتقرب إلى المشاهد البسيط (المواطن العادي)، أن يقدم (رشة جريئة سياسية) إلى جانب (الرشة الجريئة الجنسية)، فلابد من "غمزات ولمزات" فى النظام ومسئوليه، ويبدو عادل إمام من خلالها شجاعاً، وتحمى أعماله أمام الرقابة مكانته الخاصة التى حققها (عبر أكثر من ثلاثة عقود) إلى جانب صداقته لعدد من كبار المسئولين، التى كثيراً ما يشير إليها باعتزاز ملحوظ. 

وكان (إمام ـ معاطي) فى فيلم "مرجان.." قد جسدا مرجان رجل الأعمال الفاسد الذى استطاع رشوة كل من يريد فى مصر كلها، إلا أن مشكلته والتى أدت به إلى الفساد والإفساد ـ فى زعمهما ـ هى أنه لم يكمل تعليمه الجامعى، فيجلسونه على مقاعد التعليم بجوار ابنته وابنه، مع أننا نرى الكثيرين من حيتان وأباطرة رأس المال وسيطرته على الحكم (أو الثروة وزواجها بالسلطة) محققين لشهادات جامعية ورسائل دكتوراة فليست هذه هى المشكلة أو المسألة!. 

وفى فيلم "بوبوس" نرى محسن هنداوى (عادل إمام) أحد عتاة الرأسماليين ورجال الأعمال، ومشكلته فى الفيلم كمشكلة عدد كبير منهم أنهم "تعسروا" فى سداد ما عليهم من ديون كبيرة بالملايين للبنوك، والفيلم تارة يدينه ويدين توحشه واستغلاله الرأسمالى (انظر العامل الذى يؤديه ضياء المرغنى ومطاردته العنيفة لمحسن هنداوى للانتقام منه لأنه أحد ثلاثة آلاف عامل فى مصنعه قام بفصلهم فتشردوا وأسرهم والنموذج الذى يؤديه أشرف عبد الباقى الفقير العاجز عن الزواج والذى يعمل لدى السيدة الثرية مهجة "يسرا"..)، وتارة يقدمه الفيلم كرأسمالى طيب لطيف، والمشكلة هى فى الحكومة التى ليس لديها منهج أو معيار واضح فى التعامل مع رجال الأعمال المتعسرين، فهذا تسانده، وذاك تسجنه، وعدد كبير منهم تساعده على الإفلات والهروب إلى خارج البلاد!!. 

ويجسد هذه الحكومة أو النظام أو البنك المركزى الرجل الكبير القابع فى كرسيه الوثير (عزت أبو عوف) الذى يستطيع أن يقوم بكل هذا وذاك والذى يستند إلى معلومات بلا حدود عن الجميع تمده به أجهزة من نوع وصوب..!. وينافقه "محسن هنداوي" بأن يحقق باستمرار كل ما يفوق الخيال والأحلام لنجله الصغير (بوبوس)..!. 

وفى نهاية الفيلم يقوم "هنداوي" بفعل النفاق نفسه تجاه نجل كبير أيضاً من سادة النظام (سامح الصريطي) والذى حين يذكر اسمه يقول (فكرى الجديد) ومن المعروف أن "الفكر الجديد" هو شعار لجنة السياسات التى يقودها "جمال مبارك" نجل الرئيس الذى يتأهب ـ ويتأهل ـ من خلالها لتنفيذ مسألة التوريث، بالتزوير ورغم الرفض الواضح للنخبة الوطنية والجماهير. 

فعادل إمام فى فيلم "بوبوس" يتحدث هكذا عن التوريث بينما يرحب به فى الواقع ويقدم نفسه كأكثر أنصاره المتحمسين فى مختلف أحاديثه (وآخرها حديثه السيئ من كل الوجوه إلى قناة دريم)..!. مثلما هو فى فيلم "السفارة فى العمارة" (ضد التطبيع) و(مع التطبيع).. وهكذا!. 

هو مع كل شيء وضد كل شيء، مع الجميع وضد الجميع. 

وهذه الصناعة (أو الصياغة) المراوغة، أو المائعة، هى ما يتقن تنفيذها، وتقديمها له فى كل مرة على طبق.. كاتب اسمه يوسف معاطي!. 

وفى تقديرنا أن آخر عهد عادل إمام بالسينما الحقيقية هى الخماسية التى حققها مع وحيد حامد مؤلفاً وشريف عرفة مخرجاً (اللعب مع الكبار ـ الإرهاب والكباب ـ طيور الظلام ـ المنسى ـ النوم فى العسل). 

ومن قبلها تميزت له أفلام خاصة "المحفظة معايا" (إخراج محمد عبد العزيز) ـ الحريف (إخراج محمد خان) ـ الأفوكاتو (إخراج رأفت الميهي). 

بل إن أجزاء "بخيت وعديلة" التى حققها مع لينين الرملى مؤلفاً ونادر جلال مخرجاً ـ على الرغم من ملاحظات عديدة عليها ـ كانت بها روح سينمائية مفتقدة فيما قدمه عادل إمام بعد ذلك وإلى الآن من أفلام!. 

ونعرف أنه سوف يعتبر ما نقوله ـ طالما أنه ليس مدحاً ـ "هجوماً وشتماً" كما وصف كتابات الناقدة الكبيرة خيرية البشلاوى عن أفلامه!. 

والحق أننا لسنا ضد موهبته.. بل نعتد بها، لكننا ضد بعض أفلامه.. التى لا موقف ولا معنى لها!. 

العربي المصرية في

23/06/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)