تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

نخر الصور وقلب الموازين وفضح النوايا

«ملائكة وشياطين» روعة الرواية وإثارة الإخراج

الوسط - علي نجيب

لا يمكن وصف فيلم «ملائكة وشياطين» «Angels and demons» بعبارات إطراء أقل من كونه فيلماً رائعاً، مستوحى من قصة هي أيضاً من روائع إبداعات الكاتب الأميركي الشهير «دان براون»، الذي أبدع إلى جانب الرواية التي حملت نفس اسم الفيلم، الرواية الأخرى التي تم تحويلها إلى فيلم سينمائي هي الأخرى، وهي شفرة دافينشي «The Da Vinci Code».

ويستمد العمل السينمائي «ملائكة وشياطين» تسلسل الأحداث الزمني من بعد فيلم «شفرة دافنشي» الذي تم إنتاجه وعرضه عام 2006، رغم أن روايته تمت كتابتها بعد رواية هذا الفيلم الذي يعرض اليوم على شاشات دور العرض.

ويستمد من تلك الرواية والفيلم شخصية البطولة في دور البروفيسور «روبرت لانغدون»، الذي قام بتأديته الممثل الكبير «توم هانكس»، كما في الفيلم الأول، والذي يعاود الظهور كباحث مهتم في أمور الرموز وتاريخ المنظمات الإنسانية والحضارات التي قامت عبر التاريخ، إذ يأتي دوره في هذا الفيلم من خلال استدعاء «الفاتيكان» له للاستعانة بما لديه من خبرات في علم فك الرموز التاريخية، بعد أن تمت عدة جرائم مرتبطة بمؤامرة تحاك ضد الفاتيكان من قبل مجموعة تحمل اسم «المستنيرين» وهم الذين عرفهم الفيلم بكونهم جماعة قادها العالم غاليليو، وتمثل طبقة العلماء ورجال الأدب والفن، الذين حاربتهم الكنيسة في ذلك الوقت وقامت بقتلهم وتشريدهم، حتى أقسموا على الثأر من الكنيسة.

ويذكر نص الفيلم أن هذه الجماعة اتخذت لها مراكز تجمع سرية في ذلك الوقت لتجنب البطش الذي نالهم من القوى التي كانت تتهمهم بالكفر فيما كانوا يقومون به من بحوث وكتابات، والتي هي كانت محوراً من محاور اللغز الكبير الذي كان الفيلم يحاول معالجته.

تقل الطوافة «روبرت لانغدون» من الولايات المتحدة إلى الفاتيكان، وهي المدينة التي تخضع لحماية الحرس السويسري والإيطالي، والذين يواجهون معضلة في معرفة من يقف وراء سرقة اختراع يمثل مادة مضادة، تتسم بقدرتها على الانفجار مباشرة بعد ملامستها للأرض، وهي تنفجر أيضاً إذا ما نفذت بطاريتها التي تمنح مدة عمل تقارب الـ 24 ساعة فقط، إذ كان أول الخيوط هو في ذلك الوشم الذي طبعه سارق الاختراع على صدر العالم الذي كان يعمل في مختبره النووي في سويسرا، والذي يمثل شعار «المستنيرين».

من هنا يأتي حدث آخر، وهو الانتخابات التي تنظمها الكنيسة لاختيار خلف للبابا الراحل، والذي يترشح فيها 4 من أكثر الناس تأهلاً لشغل هذا المنصب، إلا أنهم ولدواعي الانتقام، يتم خطفهم وتوجيه رسالة إلى مركز الأمن السويسري الذي يشرف على حماية الفاتيكان، مفادها أن ما يحدث هو عملية انتقام مما قامت به الكنيسة في حق المستنيرين، وأن «الكرادنلة» سيتم قتلهم واحداً تلو الآخر على مدى أربع ساعات، وأن الفاتيكان سينفجر بالنور، وهي حقيقة القنبلة التي تبث نوراً حال انفجارها.

وحدد الخاطفون مكان إخفاء «الكرادنلة» في الكنائس الأربع القديمة للمستنيرين، والتي يجهلها الجميع عدى أعضاء جماعة المستنيرين أنفسهم، والتي كان غاليليو قد أنشأها بشكل سري خوفاً من الفاتيكان، على خط يسمى درب النور السري الذي لا يعرفه سوى من يقوم بحل لغز أخفاه في أحد كتبه.

يجد «لانغدون» فرصته في الدخول إلى أقبية ومكتبة الفاتيكان السرية من هذا الباب، بعد أن يسمح له السكرتير البابا الراحل «كاميرلينجو باتريك ماكين» الذي أدى دوره الممثل «إيوان ماكجريجور» «Ewan McGregor» بذلك، ويجد في أحد كتب غاليليو بعد حل لأحد الألغاز الرقمية في إحدى الصفحات القصيدة التالية التي يتمحور حولها إيجاد الكنائس الأربع المخفية.

من ضريح سانتي الترابي وثقبه الشيطاني

تتصالب عبر روما العناصر السرية

إن درب التنور قد رسمت وكذلك الاختبار القدسي

فدعوا الملائكة تقودكم في ضالتكم السامية

من هنا، يبدأ «لانغدون» في معالجة السر الكبير بتتبع أسرار هذه القصيدة، التي تقوده إلى كنيسة حيث يقع ضريح سانتي الترابي، ويجد الثقب الشيطاني في الأرض، ليتفاجأ أن عملية البحث الأولى لم تسفر عن وصوله للكردينال الأول، الذي قضى نحبه في ذلك القبو وهو موشوم بعبارة «الأرض»، التي هي إحدى العناصر السرية الأربعة.

يواصل الفريق البحث عن المزيد من المعلومات لمعرفة مكان الكنيسة التالية، والتي كما كان الحال في الأولى، يصلونها فيما الكردينال الثاني مصلوب وهو يحترق، وموشوم على صدره عبارة النار، إلا أن ما يحدث هنا هو هجوم شخص على الفريق الذي يحتوي «لانغدون»، والعالمة «فيتوريا فيترا» التي أدت دورها الممثلة الإسرائيلية «اياليت زورير»، وعدد من رجال الشرطة الذين وثقوا بقدرة «لانغدون» على حل اللغز، فيقتل منهم من يقتل، ويختفي «لانغدون» وسط أنظار القاتل في حفرة، حتى يأتي رجال الشرطة وينتشلونه منها.

تقود تحليلات «لانغدون» الأحداث إلى اكتشاف الكنيسة التالية التي يحتمل أن يتم فيها قتل الكريدينال التالي، والتي تحمل رمز الهواء، إلا أن البحث كذلك لم يساعدهم، رغم أنهم كانوا متواجدين في الموقع المكتظ بالأشخاص، الذين يترقبون نتائج الانتخابات البابوية، إلا أن صراخ طفلة جعلهم يدركون أن الكريدينال يلفظ أنفاسه الأخيرة وهو موشوم بختم الهواء على صدره.

بعد أن بدأت الصورة تتضح، وخطوط درب التنور المتصالب عبر روما يتضح، يصل لانغدون بصحبة رجلي أمن إلى موقع الجريمة الرابعة، التي يقوم فيها القاتل المأجور بمحاولة رمي الكريدينال الرابع في نافورة ماء، بعد أن وشمه باسم العنصر الرابع والأخير، إلا أن الحظ يساعد لانغدون بعد أن قتل رجلي الشرطة اللذان كانا معه، في إنقاذ الكريدينال من الغرق وهو مربوط إلى أحمال ثقيلة، بمساعدة عدد من المتواجدين في المكان.

بعد عملية الإنقاذ الوحيدة التي تمكن منها البروفيسور طوال الفيلم، يعينه الكريدينال للتعرف على الموقع الذي احتجزوا فيه، فيذهب «لانغدون» للحيلولة دون انفجار القنبلة.

في مثل تلك الأثناء، تتضح قضية خطيرة على طرف آخر من الرواية والفيلم، إذ إن البابا الراحل لم يكن قد توفي بسكتة قلبية كما هو معروف، بل تم قتله وفق خطة ظهرت بعد أن تم فتح تابوته، وظهور علامات السم على ملامح وجهه وحلقه.

تقودنا في هذه الأثناء تفاصيل المشاهد للشك في أحد الكرادنلة، الذي يصوره الفيلم بصورة الخبيث المتحايل على لجنة الانتخابات كي يحوز على مركز السلطة البابوية، إلا أن عمليات البحث التي أوصلت فريق «لانغدون» للقنبلة قبل انفجارها بوقت بسيط، تجعل من الحبكة الدرامية أكثر تعقيداً، إذ يهم السكرتير البابوي «ماكين»، ويخطف القنبلة ويستقل طائرة مروحية كان قد أمر قبل مشاهد بسيطة باستحضارها لإنقاذ مجمع الكرادنلة قبل أن تنفجر القنبلة، ويطير بها في السماء، ليتركها تتفجر وهو يهبط بمظلته وسط جموع الأشخاص الذين شهدوا بهذا الموقف.

تنتهي معظم القصص عند هذا الحد من السعادة والرخاء، إلا أن دان براون آثر ألا يكون لغزه المحير بسيطاً، إذ يقرر مجمع الكرادنلة التصويت الجماعي لصالح سكرتير البابا كي يكون خلفاً له، ويتم طلب استدعائه للحضور إلى مجمع الكرادنلة كي يتم انتخابه، إلا أن لانغدون يواصل العبث بموجودات مدير الأمن الذي قتل فيما كان يحاول قتل السكرتير البابوي، وترك مفتاح شاشات التسجيل، كي يكتشف «لانغدون» حواراً، قلب موازين الأحداث، إذ وجد في الفيلم المسجل اعترافاً من السكرتير بقتله للبابا نتيجة توجهه لتشجيع العلم إلى جانب الدين، وهو ما وجده مخالفاً لتقاليد الكنيسة، فتدبر أمر قتله، وقتل الكرادنلة الأربعة الآخرين المرشحين لمنصب البابا من بعده، مستغلاً ستار المستنيرين كشماعة يعلق عليها التهمة.

هنا نستطيع القول إن الأحداث الدرامية المتشابكة قد انتهت، وذلك بعد أن ينتحر السكرتير البابوي ويتم تنصيب الكريدينال الرابع الذي نجا من عمليات الاغتيال، خلفاً للبابا الراحل.

الفيلم وأصداؤه المترددة في كل مكان والنجاح الذي حققه يبقى محيطاً بالفيلم حتى من بعد الانتهاء من مشاهدته، إذ كان هذا الفيلم قد حقق إيرادات قدرها 4ملايين دولار خلال الأيام الثلاثة من طرحه بدور السينما متصدراً إيرادات السينما الأميركية.

وكان هذا الفيلم الخلف لفيلم «شفرة دافنشي» كما سبق وذكرنا، وهو الفيلم الذي لاقى اعتراضات واسعة من الفاتيكان حول ما كان يطرحه من فكر مخالف لأسس معتقدات الديانة المسيحية، إلا أن الكنيسة هذه المرة قد تجنبت نقد الفيلم كما حدث مع فيلم «شفرة دافنشي»، إذ على عكس التوقعات, فقد تجنب الفاتيكان حتى الآن انتقاد «ملائكة وشياطين» على عكس ما فعل مع فيلمي شفرة دافنشي و»البوصلة الذهبية» حينما أثار فيلم «شفرة دافنشي» استياء الفاتيكان وبعض الكاثوليك بسبب قصته التي تفترض أن السيد المسيح تزوج مريم المجدلية وأنجب منها أي أن هناك سلالة للمسيح أبقاها مسئولو الكنيسة سرا لقرون.

إلا أنه، وحسب عدد من التقارير كانت أبرشية كبير الأساقفة في روما قد رفضت منح «ملائكة وشياطين» حق التصوير في الكنائس التاريخية، مما اضطر طاقم الفيلم إلى بناء ديكور للكنائس في الولايات المتحدة.

ونقلت مجلة «سوريسي إي كانتزوني» الإيطالية عن المتحدث باسم أسقفية روما الأب «ماركو فيبي» قوله: «قرأنا السيناريو كما جرت العادة، لكن هذه المرة لم يكن الأمر ضروريا لأن اسم دان براون كان كافيا».

وأضاف الأب «ماركو فيبي»: «غالبا ما نسمح للأفلام التي تراعي الشعور الديني بالتصوير داخل كنائسنا، لكننا لا يمكن أن نسمح بذلك لفيلم يحمل قدرا من الخيال يؤذي المشاعر الدينية».

وأشار: «إنه فيلم يتناول مسائل دينية بطريقة تتعارض مع الأعراف الدينية الشائعة. كنا سنساعدهم بالتأكيد في عمل فيلم جيد، لكن في الوقت نفسه لا يتعارض مع أرائنا».

من جانبها، شركة «سوني» منتجة الفيلم أو مخرج العمل رون هوارد أو بطله هانكس لم يعلقوا على قرار الكنيسة الكاثوليكية في روما.

ومع ذلك، فقد ظل متاحاً التصوير في المناطق المفتوحة بروما، وتصوير كنيستي القديستين من الخارج، طالما لم تطأ كاميراته أرض الفاتيكان.

واقتصر التصوير بالكنيستين بالإضافة إلى كاتدرائية القديس بطرس على المشاهد الخارجية فقط.

الوسط البحرينية في

11/06/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)