تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

إيلاف" تفتح ملف الذاكرة المرئية في العراق، وتستجلي أسباب فقرها وقصورها (16)

شوكت أمين: إن كل ما يفعلة التلفزيون لا يرقى في أهميته الى ما تصنعة السينما

حاوره عدنان حسين أحمد من لندن

تشكّل الذاكرة الثقافية رصيداً بالغ الأهمية لأي شعب من الشعوب، فكيف اذا كان الأمر يتعلق ببلد عريق ذي  حضارات متعددة وموغلة في القدم مثل العراق. ولأن الذاكرة الثقافية مفردة واسعة وعميقة الدلالة، وتضم في طياتها الذاكرة المرئية والمسموعة والمكتوبة، إلا أن استفتاء "إيلاف" مكرّس للذاكرة المرئية فقط، والتي تقتصر على السينما والتلفزيون على وجه التحديد. ونتيجة للتدمير الشامل الذي  تعرضت له دار الإذاعة والتلفزيون، ومؤسسة السينما والمسرح، بحيث لم يبقَ للعراق، إلا ما ندر، أي وثيقة مرئية. فلقد تلاشى الأرشيف السينمائي العراقي بشقيه الروائي والوثائقي. وعلى الرغم من أن السينما العراقية لم تأخذ حقها الطبيعي على مر الأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق، كما لم يحظ السينمائيون العراقيون بأدنى اهتمام من مختلف الحكومات العراقية التي كانت منشغلة بموازناتها السياسية، وبأرشفة أنشطتها المحدودة التي لا تخرج عن إطار الذات المرَضية المتضخمة. وقبل سقوط النظام الدكتاتوري في بغداد كان السينمائيون العراقيون يعلِّقون الآمال على حكومة العراق الجديد التي تمترست خلف أطاريح الديمقراطية، والتعددية السياسية، والتناوب السلمي على السلطة من دون انقلابات أو ثورات يفجرها مغامرون عسكريون مصابون بعقدتي السجادة الحمراء والموكب الرئاسي، غير أن واقع الحال يكشف، خلافاً للتمنيات المعقودة، بأن نصيب الذاكرة المرئية من الرعاية والاهتمام يكاد يكون معدوماً، بل أن بعض السينمائيين العراقيين قد بات يخشى تحريم هذا الفن الرفيع أو اقامة الحد عليه. لقد عنَّ لـ "لإيلاف" أن تثير خمسة محاور أساسية في محاولة منها لاستجلاء واقع السينما العراقية عبر تفكيك منجزها الروائي والوثائقي على قلته، ورصد حاضرها المأزوم، واستشراف مستقبلها الذي نتمنى له أن يكون مشرقاً وواعداً بحجم تمنيات العراقيين وتطلعاتهم نحو حياة حرة، آمنة، مستقرة، كريمة.

أسئلة الملف السينمائي

1- على الرغم من غنى العراق وثرائه الشديدين، مادياً وبشرياً، إلا أنه يفتقر إلى الذاكرة المرئية. ما السبب في ذلك من وجهة نظرك كمخرج "أو ناقد" سينمائي؟

2- أيستطيع المخرجون العراقيون المقيمون في الداخل أو المُوزَعون في المنافي العالمية أن يصنعوا ذاكرة مرئية؟ وهل وضعنا بعض الأسس الصحيحة لهذه الذاكرة المرئية التي بلغت بالكاد " 105 " أفلام روائية فقط، ونحو 500 فيلم من الأفلام الوثائقية الناجحة فنياً؟

3- في ما يتعلق بـ " الذاكرة البصرية " كان غودار يقول " إذا كانت السينما هي الذاكرة فالتلفزيون هو النسيان " كيف تتعاطى مع التلفزيون، ألا يوجد عمل تلفزيوني ممكن أن يصمد مدة عشر سنوات أو أكثر؟ وهل كل ما يُصْنَع للتلفاز يُهمل ويُلقى به في سلة المهملات؟

4- كيف نُشيع ظاهرة الفيلم الوثائقي إذاً، أليس التلفاز من وجهة نظرك مجاله الحيوي. هناك المئات من الأفلام الوثائقية التي لا تحتملها صالات السينما، ألا يمكن إستيعابها من خلال الشاشة الفضية؟

5- في السابق كانت الدكتاتورية هي الشمّاعة التي نعلّق عليها أخطاءنا. ما هو عذرنا كسينمائيين في ظل العراق الجديد؟ وهل هناك بصيص أمل في التأسيس الجدي لذاكرة بصرية عراقية ترضي الجميع؟

 

في ما يلي الحلقة السادسة عشرة التي يجيب فيها المخرج السينمائي شوكت أمين كوركي على أسئلة ملف السينما العراقية.

شوكت أمين كوركي: الناس فى العراق يميلون الى الكلام أكثر مما يميلون الى لغة الصورة

الثقافة المرئية مهددة

1- هذا سوال صعب، لأن هناك أسباباً عديدة تتعلق بهذا الموضوع.  وأنا ربما لا أعلم ببعض هذه الأسباب التي تتعلق بنظرة الدولة لموضوع الذاكرة المرئية في العراق، وهل تتعمد الدولة في خلق هذا الفقر بشكل مقصود أم لا؟ ومع ذلك أريد أن اقول إن فقر الذاكرة المرئية فى العراق، وفى الشرق الاوسط بصورة عامة يعود الى أن ثقافة الصورة عندنا ليست غنية كما هي فى الغرب، والناس فى العراق يميلون الى الكلام والنقاش أكثر مما يميلون الى لغة الصورة، وهناك أسباب سياسية و دينية و اجتماعية أثرت فى ثقافة الفنون المرئية، وبالأخص منذ أواسط القرن الماضى وحتى الان حيث انشغلت الدولة بالحروب المتلاحقة، وأثر ذلك بات واضحاً في الفنون بأكملها البصرية والقولية، غير أن واقع الحال يكشف أن الثقافة المرئية قد باتت مهددة وهي تشهد انحساراً في الانتاج، وضعفاً في الجانب الإبداعي بشكل عام.

جهود متظافرة

2- باعتقادى يستطيع المخرج السينمائى اذا ما تهيأت له فرص العمل أن يخرج فيلماً جيدا يكون ذا تأثير واضح، ولكن السينما ليست عملية سهلة فى كل العالم، حتى في الدول المتقدمة تواجة صعوبات، فاذا لم تتعاون الحكومة فى النهضة، فلا يستطيع المخرجون أن ينتجوا فلماً جيدا لأن السينما صناعة تحتاج الى جهود متظافرة كثيرة وتحتاج الى دعم مادى كبير، ولذلك فان السينما فى العراق و فى اقليم كوردستان لم تلقَ حتى الان مساندة جدية من قبل الحكومة، ربما فى كوردستان لاقت فى الآونة مساندة ملحوظة، ولكنها لم تكن بالمستوى المطلوب،  أما الجانب الاكثر ايذاءً من وجهة نظري فهو تلك الظروف الصعبة وهذا الفضاء السقيم والحروب التي أقفلت كل الابواب فى وجهنا ومنعتنا من أن نتحرك نحو آفاق بعيدة لكي نصنع مستقبلاً مشرقاً، والحكومة الآن ليس لها أى برنامج لتطوير آفاق صناعة السينما فى العراق. نتمنى أن تتدارك الموضوع وتفكر بالأمر بشكل جدي يتناسب مع طموحات المخرج السينمائي العراقي.

أفلام وثائقية في الأقل

3- بما أن التلفزيون يميل أكثر الى الجوانب الإعلامية التي تقدم أخباراً وبرامج يومية سريعة لها علاقة بمتابعة الأحداث الراهنة، ولا يركز كثيراً على الفنون الجميلة التي تحتاج الى وقت طويل لانجازها كما هو حال السينما، ولكنه، أي التلفزيون، يستطيع أن ينتج أفلاماً وثائقية في الأقل. أو أن يكون عاملاً رئيسياً ومساهماً فى إنتاج أفلام سينمائية متنوعة الأجناس كما هو الحال فى أكثر دول العالم المتطورة والنامية. وبإعتقادى إن كل ما يفعلة التلفزيون لا يرقى في أهميته الى ما تصنعة السينما، فاهتمامه  يتركز على الأخبار والتقارير والتغطيات الميدانية السريعة، علماً بأن القائمين على التلفزيون يشكلون في بلداننا على الأقل جزءاً من السلطة، و ينشغلون بالجلسات و اللقاءات والمؤتمرات وما الى ذلك.

روح العصر

4- نعم، باستطاعة التلفزيون أن يهتم بانتاج أفلام وثائقية وروائية قصيرة، لأن فرصة عرض هذة الافلام فى صالات السينما قليلة، غير أن السؤال المُلِّح هو: هل تتواجد في العراق الآن صالات جيدة ومهيأة بأجهزة حديثة لعرض هذه الافلام؟ علماً بأن ما هو موجود الآن أصبح قديماً ولا يتلاءم مع روح العصر، لأن هذه الأجهزة لم تعمر أكثر من عشرين سنة، حتى أجهزة الصوت عمرها يتحدد من 20 الى 30 سنة بمقابل ما أُبتكرت من أجهزة صوت وصورة حديثة اعتاد عليها الجمهور في البلدان المتطورة.

وضع حد للحروب

5- أنا لا ألوم المخرجين، وهم ليسوا مقصّرين فى هذا الوضع الحالى فى العراق، لان السينما تحتاج الى ظروف هادئة وآمنة للعمل، وتحتاج أيضا الى دعم مادى. وهذان الشرطان الان غير متوفرين الآن فى العراق. ولهذا تتحمل الحكومة أعباء ذلك، ويجب عليها أن تفكر فى هذة الكارثة بأن السينما بدأت تتلاشى و الجمهور أخذ يتضاءل يشكل ملحوظ. أتمنى أن ينتهى القتال ويوضع حد للحروب فى العراق، لأن الحروب تقتل كل ما هو جميل فى عالمنا.

إيلاف في

09/06/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)