تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مقعد بين الشاشتين

الحرب علي غزة في الفضائيات

عندما يغضب العالم ويتظاهر.. عن بعد

بقلم : ماجدة موريس

* بين المشاهد والشاشة عقد غير مكتوب تقضي بنوده الأساسية بأن تقدم الشاشة لمشاهدها ما يريده ويشغله بالفعل في نفس اللحظة. خاصة إذا كان أمراً لا يمكن تأجيله أو تبديله أو التقليل منه مثل العدوان الإسرائيلي البشع علي غزة وأهلها.. وقد قرأت صباح الاثنين الماضي نقلاً عن الأستاذ إبراهيم أبو ذكري أمين عام اتحاد المنتجين العرب أنه اتفق مع 25 قناة فضائية وأرضية عربية. ومع إدارة القمر المصري النايل سات علي إطلاق بث مباشر موحد صباح الجمعة غداً علي هذه القنوات كلها. يشارك فيه نجوم تقديم البرامج ونجماتها. وهذا أمر لا بأس به. لكن السؤال هو. ما الذي سوف يقدمه كل هؤلاء لنا من خلال بثهم الموحد؟ وما هي البرامج أو الأعمال التي استعدوا بها من أجل هذا الجمهور الغفير المتوقع والذي يفوق جمهور أي حدث أو حتي مباراة في بطولة لها جماهيرية كاسحة.. ان اتفاق 25 قناة عربية علي بث موحد من أجل رفض العدوان علي غزة وعلي الشعب الفلسطيني هو أمر هام. لكن الأهم منه أن يكون هناك ما نراه ونسمعه ونشعر بقيمته في تلك اللحظات ولنا عودة للتعقيب.. إذا احتاج الأمر.. لكنني أريد التذكير فقط. بأن أغلب القنوات العربية لا تدرك حتي اليوم أن هناك مراحل وخطوات لتتبع أي حدث ساخن ومستمر مثل هذا الحدث. وأن تقديم وعرض الأفلام الوثائقية والتسجيلية هو جزء مهم من تغطيات الإعلام المرئي لجمهوره. ولو أحصينا عدد القنوات التي قدمت لجمهورها أفلاماً عن نكبة فلسطين وعن الصراع العربي الإسرائيلي لما زاد والعدد علي أصابع اليد الواحدة. ومع ذلك ففي كل وقت ممكن الاستفادة من التاريخ والعلم معاً. ولعل ما رأيناه ونراه علي شاشات الفضائيات خير شاهد علي ما أقول. فقد صنعت هذه الشاشات تاريخاً جديداً للقضية الفلسطينية من خلال رد الفعل الشعبي الغاضب والمتنامي الذي لم يفرق بين دولة وأخري وبين دين ودين وبين جنسية أو عرق بل شمل الكرة الأرضية بأكملها. من العالم العربي الذي تنطلق منه القضية إلي العالم الغربي إلي مظاهرات كندا في أمريكا الشمالية وفنزويلا في أمريكا الجنوبية إلي آسيا. لقد استولت الفضائيات علينا منذ أسابيع ولا تزال. فما يحدث في غزة يفوق كل ما عرفه العالم وشهده من قبل.. وقبل هذا التاريخ. كان الشهداء هم الرجال. والآن أصبح الأطفال شهداء. وأصبحت النساء مطمعاً لنيران القوات الإسرائيلية الوحشية. خرجنا كمشاهدين. في هذه الحرب. من جلد المعتاد لدينا من البرامج والقنوات لنلهث وراء الضحايا ونغضب ونبكي ونحن نشهد "الطبعة الجديدة" من النكبة فقبلها كانت الكلمة تعني بالنسبة لنا استيلاء إسرائيل علي فلسطين وإقامة دولتها عام 1948. أما النكبة الجديدة. طبعة 2008. فتعني تطور دولة العدوان في أساليب القتل والهدم والتدمير والحصار. وتعني توجيه الصواريخ إلي البيوت الآمنة. والمدارس وكل الأماكن التي يتواجد فيها الأطفال "المدنيون" لأن أطفال فلسطين لم يحملوا السلاح بعد وأقصي ما يملكونه هو الحجارة.. وبفضل الفضائيات رأينا الوحشية الجديدة في عنفوانها بدلاً من أن نسمع عنها شهدنا الأطفال الشهداء في أحضان أمهات فارقتهن الروح. وعرفنا معني دموع الرجال عجزاً وقهراً علي أسرهم المغدورة.. النكبة أكبر بكثير ولكن الفارق بينها وبين نكبة الأمس هو أقمار الفضائيات وفرقها الجوالة وبثها المباشر لما يحدث. لقد سرقت إسرائيل فلسطين في صمت منذ ستين عاماً لأنه لم يكن لدينا بث فضائي وقتها. ولكنها الآن تسرق وتقتل وسط فضائح كبري بالصورة والصوت. في الماضي استطاعت دولة العدوان أن تقتل وتكذب وتجد من يصدقها برغم عشرات الأفلام. واليوم ما عاد هذا ممكنا. فقد رآها الجميع. ومن المؤكد أنها إحدي حسنات العولمة أن يشعر الناس في كل مكان بأن هناك من يغتال في سريره وهو يرضع حليب أمه. أو في مقعده وهو يصلي. أو في مطبخها وهي تجهز طعام الأسرة. وبرغم أن البعض يقول إن كثرة مشاهد العنف تصيبنا بالتبلد. إلا أن رد الفعل علي غارات إسرائيل ووحشيتها كان أكبر من هذا المنطق. فكم الصور والمشاهد للبشر بعد أن هزمتهم المدافع والطلقات وشوهت ملامحهم أو دفعتهم إلي العراء لا يمكن أن يمر بسهولة علي الشاشة. حتي لو تقزز المشاهد منه أو أعلن تشبعه بما رأي. وإذا كانت مشاهد شعوب العالم البعيدة علي هذا القدر من الغضب فكيف بمن يتجول القاتل في فنائه الخلفي ومن هنا. فإني أتصور أن الخطوة القادمة في التغطيات الإعلامية للحرب علي غزة والشعب الفلسطيني هي التركيز علي نوعيات أخري من البرامج. وفتح الملفات المركونة. والبحث عن الأفلام التي قدمها عدد من أنبل مخرجينا. ولدينا في مصر عدد لا بأس به من الأفلام التسجيلية القصيرة. فمحاولة إخراجها من مخازنها وتقديمها في وقته تماماً. حتي لا يكون كل هذا الجهد الإعلامي زوبعة في فنجان.

كلمة أخيرة:

* قناة الدراما المتخصصة أصبحت في الفورمة الملائمة لقناة عصرية وذكية. ولهذا تعرض علي شاشتها الآن مسلسلاً مهماً عن القضية الفلسطينية هو "التغريبة الفلسطينية" للكاتب وليد سيف والمخرج حاتم علي والنجم جمال سليمان ومعه مجموعة كبيرة من نجوم الأداء.. انه عمل درامي يستحق المتابعة بحق.. فتحية لمن قدمه إلي المشاهد المصري العريق.

magdamaurice1@yahoo.com

الجمهورية المصرية في 15 يناير 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)