يبدو الحوار في الوقت الراهن مع صانع ضحكات المصريين والوكيل الحصري
للبهجة، نوعا من المغامرة..
فقد غابت عن أبناء النيل البسمة بسبب الدماء التي تجري هنا وهناك على
الشكل الذي رأينا ونرى، حيث هبت رياح العنف بقوة ليعود شبح الحرب الأهلية
البغيض ليطل برأسه ليعيد للأذهان المخاوف من دخول مصر في فلك السيناريو
الجزائري الذي شهدته تلك الدولة في العام 1988 فقضى على الأخضر واليابس
ودفع بالبلد التي قدمت في سبيل الحرية مليون شهيد لأن تدفع رقماً مشابها
على مدار سنوات من العنف.
كان عادل إمام يصور مسلسله الجديد في «العين السخنة» وفي وقت الراحة
بين تصوير مشهد وآخر كان كعادته يطلق القفشات التي تضحك طوب الأرض، لكنه
حينما كانت صور الجنود السبعة المخطوفين تتصدر الفضائيات وهم في وضع مهين
لم يكن نجم الكوميديا وفق من كانوا يجلسون بجواره يصدق ما يراه وأطلق صرخة
ثم اجهش في البكاء.
كنت بالمصادفة اتصل به من أجل أن أحدد معه موعداً فإذا بدموعه تسبق
كلامه: «شفت وصلنا لغاية فين يا حسام؟.. الجنود اللي آباءهم حرروا الأرض
ومحوا العار بيتخطفوا في عز الضهر وفي سيناء». حاولت تهدئته دون فائدة،
فالدموع تواصلت وتحشرج صوته وفقد الكلام لدقائق وعرفت فيما بعد أنه أغلق
باب الغرفة على نفسه واستمر في البكاء .
كررت المحاولة بعد أيام قائلا له: «إيه الأخبار يا أستاذ»، لكن
الأستاذ كان مشغولاً لشوشته في متابعة الكوارث التي تتعرض لها البلاد.
فاجأني بقوله: «انت مش حاسس باللي بيحصل في البلد ؟ قناة السويس عاوزين
يبيعوها، هنخلي إيه للعيال اللي جايه؟. أدركت عندئذ أن إجراء حوار مع النجم
الأكثر أهمية في عالمنا العربي بات صعبا أو مستحيلا .. تركته أسبوعا وقلت
أحاول غير أنه ولسوء حظي كانت أثيوبيا سبقتني وقررت تحويل مجري النيل لبدء
سد النهضة. قلت لأحد النجوم الشبان العاملين معه في المسلسل: «إيه
الأخبار؟»، قال لي: «متحاولش، دا عامل مناحه جوه على سد النهضة».. كان على
أن أنتظر أياماً أخرى لإجراء محاولة جديدة، لكن الأمر كان محفوفاً
بالمخاطر، فالأوضاع على الصعيد الداخلي تزداد اشتعالاً والعد التنازلي
لسقوط دولة الإخوان بات قاب قوسين أو أدنى.. فعلتها واتصلت به في العاشرة
صباحاً بعد ساعات من عزل الرئيس، وقلت له سؤالي المعتاد:» إيه الأخبار يا
أستاذ؟». فجاءني صوته متهللاً: «الحمد لله الحمد لله بان لها نهار».
·
<
قلت له: مين اللي بان لها نهار؟
-
مصر طبعاً.. أجمل ما في البلد دي يا أخي إن عمرها ماتموت.
·
<
إزاى يا أستاذ؟
-
في اللحظة اللي تحس فيها باليأس منها وأنها خلاص وصلت للمعاش
تفاجئك بأنها في عز شبابها.
·
<
مين اللي في قلت عز شبابها ؟
-
مصر يابني، مش شايف بتعمل إيه؟ دي بهرت العالم.
·
<
هي في عز الشباب لكن إحنا طلعنا ع المعاش.
-أبداً، طول ما في الجسد نفس وروح هنبنيها وهنخليها أحسن بلد في
الدنيا، متنساش إن تلتين سكانها شباب. دا كنز محدش واخد باله منه. فيه دول
في أوروبا كبار السن يشكلون 80% من تعداد السكان، لكن عندنا ثروة كانت
بالنسبة لصناع القرار «هَم» ينبغي التخلص منه .. الشباب خلصونا من الليل
الطويل اللي خيم علينا.
·
<
أي ليل، قبل 25 يناير ولا قبل 30 يونيو؟
-
في الحالتين كان هناك ليل والشباب فجروا المفاجأة.
·
<
بيقولوا «السيسي» قام بانقلاب.
- «السيسي» أحد فرسان مصر الذين رمت بهم المقادير في لحظات
استثنائية.. «في الساعة صفر» ليلعب دور البطولة وقت أن خلا المشهد السياسي
من أبطال.
·
<
لماذا أحياناً وصل خوفك من مستقبل البلد لحد الذعر؟
-
رغم ثقتي الكبيرة في المصريين وكراهيتهم للعنف على مدار
تاريخهم حيث إنه مشهود عنهم ميلهم للسلم وحبهم للحياة إلا أننى أعترف لك
بأنني في لحظات كثيرة من قبل كنت مرعوبا وخائفا من أن المستقبل بعد أن رأيت
مشاهد عنف وكأن هؤلاء الذين يفسدون علينا حياتنا يستكثرون علينا أن نعيد
بناء الوطن خاصة بعد أن أبهرنا العالم بعد ذلك الخروج الكبير في الثلاثين
من الشهر الماضي، حينما انشقت الأرض بالملايين من البشر في كل ربوع البلاد
منددين بحكم الإخوان ومطالبين بتصحيح مسار الثورة.
·
<
وما الذي كان يشعرك بالخوف أحياناً؟
-
يعني لما تلاقي الكوارث وصلت لحد تحويل مجرى النيل وإقامة سد
النهضة الأثيوبي إزاي لا نخاف.
·
<
ما الذي دار في ذهنك وقتها؟
-
بصراحة تذكرت جمال عبد الناصر، كان زعيما كبيرا، و قلت في نفسي
عندما قرأت تقارير عن المشروع الأثيوبي: « الله يرحمه عبد الناصر كانت
هتفرق أوى لو موجود معانا في أزمة السد».
·
<
اسم السد على اسم برنامج النهضة.
- (بين ضحك وغضب).. هو دا وقت «إفيهات»؟.. دي كارثة بتحصل والبلد
في حالة خصام وخلاف وفتن كبيرة.
·
<
اختلف الأمر من وجهة نظرك بحلول 30 يونيو؟
-
طبعاً 30 يونيو في نظري كان بمثابة فجر اتولد فجأة في عز
الظلام والإحباط.. الناس كانت محبطة وكل واحد كان يردد يا تري إيه اللي
هيحصل بكره.. بجد كنا وصلنا لحالة من الانسداد.
·
<
أي شعور انتابك وأنت ترى تلك الملايين تخرج للميادين؟
-
عدت لأسابيع قليلة للوراء حينما اختطف الجنود المصريين في
سيناء وعرضوا على الشاشات في موضع مهين.. والله يا أخي شعرت بالعار أن يكون
جنود الجيش الذي أصبح مصدر فخر العرب والمسلمين بعد عبوره الكبير في 6
أكتوبر عام 73 في مثل ذلك الموقف.. لم أستطع أن أمنع الدموع أن تسيل بغزارة
بعد أن رأيت جنودنا الذين هم رمز فخرنا في الوضع المهين ده.. لكن الحمد لله
تم استعادتهم، وبعد أن عادت للشعب ثقته في نفسه كنت أعتقد برغبة الجماهير
الجارفة في إعادة بناء البلد، فالمشهد الحضاري لخروج المصريين قبل أيام
يكشف عن شعب عبقري لا مثيل له وهو قادر على أن يعيد الروح ويثبت للعالم أنه
على مصاف بلدان العالم. لكنني فوجئت بمايجرى كما فوجئ الجميع حينما دخلنا
في حالة صراع واقتتال لا يليق بالمصريين الذين علموا للعالم الوفاء
والتفاني والعمل المشترك.
·
<
هل تشعر بالخوف من أن يتحول الأمر لفتنة كبرى؟
-
رغم ثقتي في المصريين وقدرتهم على رأب الفتنة والخلاف فيما
بينهم إلا أن الأحداث التي نشهدها حالياً باتت تشعرنى بالفزع على مستقبل
مصر. عار على المصري أن يرفع السلاح في وجه أخيه ويقتله.. لايستحق أصلا أن
يشرب من مياه النيل من يقتل ويخرب، وأخشى أن ننجرف لحالة من الفوضى الشاملة
في حال إذا لم نتآلف فيما بيننا ونترك الخلافات.
·
<
أنصار الرئيس محمد مرسي يرون أنهم على حق وأن الرئاسة اغتصبت منهم بعد
أن وصلوا إليها عبر معركة انتخابية نظيفة.
-
دعنى أقل لك إن الشرعية الثورية تجب ما قبلها والملايين التي
خرجت من مشارق البلاد لجنوبها من أجل أن تطالب بتصحيح مسار الثورة جاء
قرارها بمثابة استفتاء على الرئيس وأنصاره والجماعة التي ينتمي إليها.
·
<
هل من نصيحة توجهها للرجل الذي بقى في مقعد الرئاسة عاماً بالكاد؟
-
أذكره بكلامه في ميدان التحرير قبل عام حينما تعهد بالمثول
لإرادة الجماهير حال التظاهر ضده ومطالبته بالرحيل وأقول له: « قلت إن
المنصب ليس غايتك ولا هدفك إذن عليك أن ترضى بما كتبه الله لك وتتنازل
لإرادة الجماهير.
·
<
وبماذا تنصح أنصار الإخوان وشبابهم على وجه التحديد؟
-
أقول لهم اتقوا الله في مصر وفي أنفسكم، لا يليق أن يتصارع
المصريون على المناصب بعد أن أدهشوا العالم بأنبل الثورات التي شهدتها
البشرية.. سوف يذكركم الناس بالخير إذا رضيتم بالمشاركة في معركة البناء
التي ينبغي أن تبدأ الآن.
·
<
بعض الأصوات المتشددة في القوى الوطنية تطالب بإقصاء التيار الإسلامي
من أي مشاركة سياسية خلال المستقبل؟
-
أرفض هذا التشدد وذلك لأن الإسلاميين بشكل عام جزء أصيل من هذا
المجتمع ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نطالب باجتثاثهم وطردهم أو إقصائهم
عن المشاركة السياسية أو المجتمعية، بل ينبغي دمجهم على النحو الذي يؤسس
لمبدأ المصالحة التي دعت لها القوات المسلحة والكثير من عقلاء التيارات
المدنية المختلفة.
·
<
ما الذي تجسده بالنسبة لك اللحظات التي تشهدها البلاد خلال الفترة الراهنة؟
-
سأكون صريحا وأعترف لك بأننى خائف من عودة إنتاج فترة
الثمانينيات والتسعينيات عندما شهدت مصر موجات إرهابية متتالية نجم عنها
العديد من أعمال القتل والتدمير وأصابت الناس بالذعر وأثرت على الحالة
النفسية للمواطنين ، فضلاً عن المشاكل الاقتصادية الصعبة التي عاشتها
البلاد حينئذ والتشويه الذي تعرضت له قيم الإسلام السمحة والتى كان من أبرز
دلالاتها اتهام الإسلام بالدموية والكراهية للآخر.
·
<
وكيف كنت تشعر طيلة العام الماضي؟
-
شعور الكثير من المصريين، فلم أكن يوماً بعيداً عن حركة الشارع
وظل هناك تواصل بيني وبين الناس ، ومن الطبيعي أن الخوف المنتشر طيلة
الفترة الماضية لم يكن يفرق ما بين نخبة وعوام، كلنا كنا نعيش حالة من
الخوف الجماعي على البلد خشية أن تواجه مزيدا من الانهيار.
·
<
يرى كثيرون أن الإخوان لم يحصلوا على فرصتهم الكاملة في الحكم حيث
كانت توجد حالة من الترصد والسعي لافشال مشروعهم؟
-
أرى أنهم حصلوا على فرصتهم وكلنا كنا نتمنى للرئيس السابق
النجاح بدليل أن الكثيرين من أنصار التيار المدني منحوه أصواتهم ولا أقبل
المزاعم التي كانت تتحدث عن مؤامرات كانت تدبر لهم من أجل افشال مشروعهم.
ثم أين هذا المشروع الذي يتحدثون عنه بشأن إنقاذ البلد؟ إن كل ما سمعنا عنه
أثناء الحملات الدعائية لمرشحهم الرئاسي اتضح فيما بعد أنه من قبيل أحلام
اليقظة لم يتحقق منها شيء على الأرض. الناس كانت تنتظر أن تقطف ثمار الثورة
بعد أن ناضلوا من أجلها لكن حالهم مضى من سيئ لأسوأ.
·
<
برنامج النهضة أطلق البعض عليه اسم «الفنكوش» تأثراً بأحد أفلامك..
لهذا الحد ترى الفن لازال من الممكن أن يكون مؤثراً حتى في زمن صعود
الاسلاميين؟
-
وكأننا جميعاً لسنا مسلمين ومتدينين وكأن الفن رجس من عمل
الشيطان!! بالطبع الفن سيظل مؤثراً في الناس على مدار العصور.
·
<
هل انتابتك مخاوف على تقلص المد الفني بوصولهم لسدة الحكم؟
-
رهاني دائما كان ولا زال على الناس والشباب على وجه التحديد
فهم من صنعوا الثورة وهم الذين صححوا مسارها حينما انحرف، ولا أعتقد أن
تأثير الفن سيتراجع في أي عصر ،فالمصريون على طليعة شعوب العالم في
الاهتمام بالفن، بل لا أتجاوز الحقيقة إذا قلت إنهم فنانون بطبعهم بداخل كل
منهم ناقد وبوصلة تهديه إلى سواء السبيل ليس في الفن فقط بل في شئون الحياة.
·
<
هل لازمك اليأس كما لازم الكثيرين بعدم زوال حكم الإخوان؟
-
ظللت على يقين بأن مصر عصية على التغيير مهما واجهت من متاعب.
لقد حاول الكثيرون من الغزاة أن يغيروا هويتها لكنهم حتى في أضعف مراحلها
ظلت قادرة على أن تدافع عن نفسها. لقد استعمرنا غزاة ينتمون لحضارات عدة
لكن أي منهم لم يفلح في مساعيه أن يغير من سمات هذا الشعب ولا من مزاجه
وعاداته وتقاليده. ظل المصريون على الدوام يواجهون المخاطر بدأب وقوة
وعزيمة لا تلين وسيظلون كذلك في المستقبل، هكذا عهدي بهم دائما.ً
·
<
وما رأيك فيمن اتهم الإسلاميين بالغزاة الواجب دحرهم؟
-
ليس إلى هذا الحد.. عموم الإخوان والإسلاميين فصيل وطني دأب
على أن يعمل لحقب طويلة بعيداً عن دائرة الضوء بسبب الملاحقات التي كانوا
يتعرضون لها، وحينما واتتهم الفرصة للصعود بدوا وكأنهم لايصدقون بأي حال ما
هم فيه، لذا حرصوا على أن يسابقوا الزمن في انجاز مكتسبات من أجل ضمان
البقاء للنهاية فيما بات يعرف بأخونة مؤسسات الدولة لكنهم لم يعرفوا أن مصر
التي ظلت بمنأى عن تغيير الهوية لا تقبل بأن تغير جلدها يوماً ما.
·
<
ما هو شعورك فور سماعك لبيان وزير الدفاع ؟
- «مصدقتش
نفسي».. حسيت ساعتها إن مصر لن تنهار.. لحقناها في لحظة مصيرية وأنا بقول
له ربنا يوفقك لخدمة البلد.
·
<
ألا تشعر بأن لديه طموحا سياسيا؟
-
مطلقاً.. هو نفسه ردد أكثر من مرة أن القوات المسلحة لن يكون
لها أي دور سياسي ولا تطمح إلا لحماية الوطن.
·
<
تعتبر 30 يونيو ثورة جديدة؟
-
بالفعل هى ثورة حقيقة أهم ما يميزها أنها غير منتمية لأي حزب
أو تيار وشارك فيها كل أطياف المجتمع المصرى.
·
<
لماذا رفضت أكثر من مرة منصب وزير الثقافة؟
-
أنا فنان ولا أصلح لأن أكون موظفاً فلم أسع يوماً في حياتى
لتولى مناصب قيادية بالدولة، ولم أتخيل أبدا أن أتولى منصباً إدارياً، لا
يمكن لى أن أترك شارع الفن الذي سرت فيه لسنوات عديدة و تعلقت به منذ مطلع
حياتى لأصبح موظفا، ولن أستطيع ذات يوم ترك فنى وجمهورى من أجل منصب حكومي.
·
<
من ترشحه لتولي المنصب في التشكيل الجديد للحكومة؟
-
ليس هناك اسم بعينه في ذاكرتي لكن من المهم أن يتوافر في من
يتولى ذلك المنصب سمات على رأسها أن يكون من كبار المبدعين وله تاريخ في
ذلك المجال ولا ننسى أن ذلك المنصب تولاه في السابق فلاسفة وكتاب مثل ثروت
عكاشة والأديب المبدع يوسف السباعي وآخرون كان لهم رصيد كبير في مضمار
الثقافة والإبداع ولاينبغي أن نتعامل مع ذلك المنصب كما نتعامل بمنطق وزارة
التموين والشئون الاجتماعية.
·
<
ماذا عن مسلسل «العراف» الذى تصوره حالياً؟
-
أعتقد أنه من الأعمال المهمة التي تعالج قضايا عصرية وواقعية
وانتهينا من تصوير المشاهد فى مارينا والإسكندرية والأقصر من قبل كما صورنا
العديد من المشاهد في العين السخنة.
·
<
هل بالفعل عملك الجديد حول شخصية الرئيس «مرسي»؟
-
أي عمل من الممكن أن تعثر به على سمات أو مواقف أو سلوك لشخص
بعينه.
·
<
وهل من جديد بالنسبة لنشاطك السينمائي؟
-
هناك بالفعل عمل سينمائى بعنوان «الواد وأبوه» سيشارك به محمد
إمام.
الوفد المصرية في
09/07/2013
فيلم رسوم متحركة يتصدر المركز الأول في شباك التذاكر
الأميركي
«يا
لحقارتي 2» يتفوق على «ذا لون رانجر»
لندن: محمد رُضا
قياسا على كلفة إنتاجه التي بلغت 250 مليون دولار، في بعض التقديرات،
فإن الـ50 مليون دولار التي أنجزها فيلم «ذا لون رانجر» في أيام افتتاحه
الأميركي الأولى ليست سوى نقطة في بحر. نقطة لا تتجمع بل تذوب، ذلك أن
الفيلم - تبعا لمثل هذه التكلفة الباهظة - يحتاج إلى ثلاثة أضعاف ذلك الرقم
حتى يبدأ بدر دولار الربح الأول. مع مثل هذا الرقم المسجل هذا الأسبوع في
«شباك التذاكر» الأميركي، فإن بلوغ هذه الغاية تبدو مستحيلة.
«ذا لون رانجر» من تمويل ديزني وإنتاج جيري
بروكهايمر وإخراج غور فربنسكي وبطولة جوني ديب وأرمي هامر. الثلاثة الأول
شركاء في سلسلة «قراصنة الكاريبي» الذي حقق لديزني ولكل منهم ثروة كبيرة إذ
جمعت الأجزاء الأربعة ما يقارب ملياري دولار حتى الآن. فهل كانت الثقة
الزائدة بالنفس السبب الذي من أجله أقدم الجميع، بمن فيهم ديزني، على منح
الضوء الأخضر لفيلم يعاني أولا من أنه وسترن (بما في ذلك من تحديد مشاهديه)
وثانيا من أنه موقع باسم مخرج يدير أفلامه كما يدير مصمم الإضاءة مسرحا
راقصا؟
حسب مصادر هوليودية فإن كلفة الفيلم المذكورة أعلاه ليست إجمالية إذا
ما أضيف عليها مبلغ 175 مليون دولار كلفة حملات الدعاية والترويج. صحيح أن
هذه الميزانية مقتطعة من قسم منفصل في أستوديو ديزني، لكنها في نهاية
المطاف عبئا إضافيا على فيلم تقدر ذات المصادر الآن أنه سيدخل الخانة
الحمراء وأن مجمل ما ستخسره ديزني قد لا يقل (إذا لم يتجاوز) عن 150 مليون
دولار. وهذه ثاني خسارة كبيرة تتعرض إليها ديزني في عامين إذ سجلت على
نفسها سنة 2011 مبلغ 200 مليون دولار عندما أخفق فيلم «جون كارتر» إنجاز
عائدات كافية لردم كلفته التي بلغت أيضا نحو 250 مليونا.
* ثغرات
* هذا ما يضع اسم جوني ديب على المحك في سوق النجوم.
قبل أسابيع قليلة أعلن جوني ديب انسحابه من بطولة فيلم كان البحث جار
للقيام ببطولته وذلك بسبب قيام الأستوديو بالطلب من الممثل خفض أجره الحالي
(خمسة عشر مليون دولار في المتوسط). الآن، وبما أن الأسعار تحدد تبعا
لبورصة الإيرادات سيجد ديب أنه من الصعب عليه الحفاظ على ذلك المستوى خصوصا
بعد ما سقط له، مباشرة قبل هذا الفيلم، «مفكرة الروم». لذلك سيكون بحاجة
للبدء فورا ببطولة حلقة جديدة من «قراصنة الكاريبي» لكي يبرهن على أنه ما
زال في أفضل حالاته رواجا.
لكن من الخطأ وضع اللائمة على جوني ديب حين النظر إلى نتائج هذا
الفيلم المخيبة للآمال، فهو ليس سوى عنصر وحيد واسمه لم يستطع إنقاذ فيلم
مليء بالثغرات التي وجد فيها النقاد مناسبة للنيل من الفيلم وتسديد اللكمات
إليه. من ناحية أخرى، ديزني ليست راضية عن أن النسخة المعروضة من الفيلم
تبلغ نحو 150 دقيقة.
أقبل على العروض الأميركية جمهور من الراشدين (فوق الخامسة والعشرين
من العمر) فشكلوا النسبة الأعلى من الرواد التي بلغت 68 في المائة. ضمن هذه
النسبة هناك 24 من الذين تجاوزا الخمسين من العمر. أما نسبة الشباب (دون
الثامنة عشر من العمر) فلم تزد على 16 في المائة.
ضمن هذه المعطيات فإن قائمة العشرة الأولى هذا الأسبوع تشكلت على
النحو التالي:
* المركز الأول ذهب إلى فيلم «يا لحقارتي 2» (Despicable
Me 2 ) وهو الجزء الثاني مما لم يعد مستبعدا أن يصبح سلسلة طويلة الأمد.
فيلم أنيماشن بأصوات ستيف كارل وكرستن ويغ كما بنجامين برات. وقد أنجز 142
مليون دولار في خمسة أيام. عالميا سجل الفيلم 89 مليون دولار إضافية واحتل
المركز الأول أيضا
* «ذا لون رانجر» في المركز الثاني بنحو 48 مليون و940 ألف دولار.
* الفيلم الكوميدي «الحرارةThe Heat
» من بطولة ساندرا بولوك وماليسا مكارثي أنجز 25 مليون دولار أخرى منتقلا
من المركز الثاني إلى الثالث ومسجلا حتى الآن 86 مليونا.
* في المركز الرابع (وهبوطا سريعا من الأول) «جامعة الوحوش»، ثاني
الأفلام الكرتونية في هذه القائمة وقد جمع للآن 216 مليون دولار من بينها
20 مليونا هذا الأسبوع.
* فيلم براد بت «الحرب العالمية ز» لا يتراجع كثيرا: كان في المركز
الثالث في الأسبوع الماضي وهو الآن في الخامس جامعا 18 مليون دولار ما يرفع
إيراداته إلى 159 مليونا.
* في المركز السادس «سقوط البيت الأبيض» ملهاة خيالية من بطولة
تشانينغ تاتوم وجايمي فوكس كانت موضع إخفاق في الأسبوع الماضي عندما حل
بإيراد ضعيف (نحو 30 مليون دولار) ثانيا ثم انكفأ سريعا إلى المركز السادس.
إجمالي إيراداته للآن تزيد قليلا على 50 مليون دولار.
* وسوبرمان لم يطر بعيدا ولا حلق طويلا هو الآخر. على الرغم من أن
«رجل الفولاذ» جمع 271 مليون دولار في شهر، إلا أن ذلك لن يعفه من حقيقة
أنه أضعف مما توقعت له شركة وورنر. هذا الأسبوع: 11 مليونا و415 ألف دولار.
الفيلم لا يزال يمسك زمام القمة في سوق الأفلام البريطانية.
* هناك فيلم جديد ثالث (بالإضافة إلى الفيلمين في المركزين الأول
والثاني) هو «كن هارت: دعني أشرح». هذا فيلم تسجيلي يصور الكوميدي كفن هارت
خلال حفلاته المسرحية ومن غير المتوقع أن يبقى بيننا طويلا إذ اكتفي بـ5
ملايين و600 ألف دولار في أسبوعه الأول.
* المرتبة التاسعة من نصيب «هذه هي النهاية»، كوميديا حول نهاية
العالم ولو أنه بلغ النهاية قبلها. سجل الفيلم 3 ملايين دولار وبالإجمال 86
مليون دولار خلال شهر من العروض.
* أخيرا، في المركز العاشر الفيلم التشويقي «الآن تراني» مع مارك
روفالو وجيسي آزينبيرغ ووودي هارلسون. أنجز في ستة أسابيع 110 ملايين و400
ألف دولار.
الشرق الأوسط في
09/07/2013
عبد الله حبيب عاش في كل واحد من السينمائيين
نديم جرجورة
تتنوّع الاهتمامات الثقافية والإبداعية للعُماني عبد الله حبيب. كتب
القصّة والشعر. ترجم. حلّل، نقدياً، أعمالاً وقضايا سينمائية مختلفة. لكنه
قبل هذا كلّه درس الفلسفة في جامعة أميركية. في كتاباته النقدية، اختزالٌ
وتكثيف وعمق. في قراءاته التحليلية السينمائية، إضاءة وتفكيك وتشريح. جُمله
قصيرة، لكنها قادرة على قول الأشياء باختصار ووضوح. كتاباته الأخرى مليئة
بأسئلة واحتمالات أجوبة. مليئة باحتمالات حياة أفضل أيضاً. لكن، لعلّ
الاحتمالات معه تُصبح هي الأفضل والأجمل.
قبل عامين، تمّ تكريمه في بلده. مُنح «جائزة الإنجاز الثقافي» لعام
2011، من قِبَل مبادرة «القراءة نور وبصيرة». المبادرة مدنية «ترنو إلى
تأصيل فعل القراءة، وثقافة الحوار الحرّ، من خلال التواصل بين الأفكار
واحترام اختلافها، وخلق جسر من التثاقف الحضاري بين التجارب الإنسانية
المتنوّعة». أما لماذا عبد الله حبيب؟ فلأنه «المثال الأبرز بين مثقفينا
المعاصرين الذين نرى أنهم يساهمون بصدق في رؤيتنا التي حدّدناها من أجل
حوار متمدّن وواع وحر ومسؤول»، كما قال سعيد سلطان الهاشمي. في العام 2013،
صدر كتاب بعنوان «ليس من زماننا، عبد الله حبيب» (تحرير سليمان المعمري،
«مؤسّسة الانتشار العربي» في بيروت)، اعتُبر استكمالاً للتكريم. مقالات
وشهادات. بوح حقيقي لم يخرج على مبدأ التكريم، لكنه التزم بقراءة حيوية
تناولت اشتغالات الكاتب والناقد، ورسمت شيئاً من سيرته. أصدقاء عرفوه عن
كثب، وآخرون تسنّت لهم معرفة متواضعة بشخصه، وكبيرة بنتاجاته.
ليس الكتاب مجرّد تحية، بقدر ما ساهم في إضاءة نصوصه، وجوانب من
شخصيته. الحوار الطويل الذي أجراه المعمري معه، والمنشور في مطلع الكتاب،
دليلٌ على أمور عدّة: عمق الاختبارات الحياتية القاسية طريقٌ إلى تنمية وعي
معرفيّ هائل، وقوّة تحدّ. الثقافة مدخلٌ إلى تحصين الذات في مواجهة خراب
العالم، وتحوّلاته أيضاً. الانتماء إلى بيئة معينة لا تمنع انفتاحاً واسعاً
على الدنيا وما فيها. لا تمنع تواصلاً حقيقيّاً مع الآخر، أياً كان هذا
الآخر. يومياته؟ من داخل الموت الذي رافق المراحل الأولى في حياته، إلى
أعماق الحياة التي أتقن عبد الله حبيب عيشها، متسلّحاً بخفّة دم، وثقافة
حيّة، ورهافة إحساس، وقسوة في التحليل لا تنفي عن النقد سويته التحليلية:
«صحيح أن الفلسفة على رأس ضرورات فهم العالم، ولا بُدّ من مواصلة القراءات
الفلسفية، بغض النظر عن انعكاساتها أو عدمها في النتاج الإبداعي المباشر»
(ص 31).
كتابات وشهادات جمّة، وضعها من عرف عبد الله حبيب، وتابع مساره
الإبداعي. من قاسم حداد، الذي قال فيه إنه «كان مأخوذاً بالأسئلة» (ص 89)
ومسعود أمر الله آل علي، الذي كتب أن حبيب يعيش في كل واحد من هؤلاء
السينمائيين الكبار، أمثال بازوليني وبريسون وجبريل ديوب مامبيتي وغيرهم (ص
133)، إلى ميسون صقر القاسمي، التي رأت أنه «مثقف يدور حول فكرة الثقافة
بشكلها المستمر، والمغامر» (ص 154) وأمين صالح، الذي لم يعرفه جيداً، لكنه
يؤكّد أن من يلتقيه صدفة أو عن سابق موعد، سوف يُعانقه بعفوية وصدق، ويأخذه
إلى «حضن عامر بالودّ ودفء الصداقة» (ص 130) وآخرين.
كتاب تحية؟ أكثر من ذلك. كتاب مفتوح على قراءة الشخصي والعام؟ أكثر من
ذلك. إنه كتاب عن عشق واضح يعيشه عبد الله حبيب يومياً مع الحياة والثقافة
والسينما والإبداع.
السفير اللبنانية في
09/07/2013
نقيب الفنانين أرفق برسالته قرصاً يحتوي صوراً لانتهاكات
أقدم عليها الإخوان
فنانو مصر يراسلون قادة العالم لتأكيد شرعية ثورتهم
القاهرة - أحمد الريدي
وجّهت نقابة السينمائيين المصريين عدة رسائل إلى عدد من قادة الدول
لإيصال وجهة نظرهها بشأن عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي، في مساهمة
منها لإعطاء ما حدث في مصر مؤخراً "شرعية دولية".
ومن بين رؤساء الدول التي وجهت لها النقابة رسائل رئيس الولايات
المتحدة الأميركية والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي
فلاديمير بوتين، وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون.
وصدرت الرسائل باسم "مبدعي وفناني مصر"، بعد أن تلقى مسعد فودة نقيب
السينمائيين تفويضاً للحديث باسم الفنانين.
وأكدت الرسائل أن ما حدث في مصر هو استكمال لأهداف ثورة 25 يناير،
مشددة على أن ما حدث لا يشكل انقلاباً عسكرياً كما يروّج البعض، خاصة أن أي
انقلاب عسكري لا يتم الترويج له قبل حدوثه بشهور مثلما حدث مع "حركة تمرد".
كما أكدت الرسالة أن الثورة حظيت بتأييد ما يقارب من 33 مليون مصري.
اضطهاد الفنانين
وأكد المبدعون أن الفن عانى كثيراً خلال العام الذي تولى فيه الإخوان
المسلمين الحكم، حيث تم تجريمه والمطالبة بإلغاء فن الباليه ومنع تواجد
المرأة في أي عمل فني.
كما تطرقت رسالة الفنانين إلى تعيين وزير الثقافة الدكتور علاء
عبدالعزيز الذي "أقام المذابح للمبدعين والفنانين"، حسب تعبير الفنانين.
وأرفقت النقابة مع الرسائل الصادرة إلى قادة الدول، قرصاً مدمجاً
يحتوي على عدد كبير من لقطات القتل والعنف التي عاشها الشعب المصري على يد
جماعة الإخوان المسلمين، حسب تأكيدهم.
استقواء بالخارج
ومن جهته أوضح نقيب السينمائيين مسعد فودة في حديثه لـ"العربية.نت" أن
القرص المدمج احتوى على لقطات لإلقاء عناصر من الإخوان أطفالاً من فوق أسطح
البنايات، وكذلك لأعمال العنف ضد القوات المسلحة في محيط دار الحرس
الجمهوري.
وأكد أن هذه الخطوة جاءت عقب لجوء قيادات جماعة الإخوان المسلمين
للاستقواء بالخارج، وإبراز صورة غير صحيحة عن الثورة المصرية وتصويرها على
أنها انقلاب عسكري. وكشف أن الفنانين قاموا بشرح الموقف ذاته لعدد من الدول
العربية.
العربية نت في
09/07/2013
إذا أردت أن تكتب ما يشبه . . الأوذيسة
لينا هويان الحسن
«
دليل السيناريست» عنوان كتاب شيّق للكاتب الأميركي «كريستوفر
فوغلر» (تعريب زياد خاشوق، صادر حديثا عن مؤسسة السينما، دمشق) الذي بدأ
بالعمل محللاً للقصص لاستوديوهات سينمائية ذات أهمية بالغة، مثل شركة «والت
ديزني» وشركات هوليوودية أخرى، جعلت مسيرته محفوفة بالقصص. أغنت تجربته
وعمله محللاً للقصص حيث يعترف في مقدمة كتابه بأنه قيّم آلاف القصص
والسيناريوهات. وعلى مرّ السنين، بدأ يدوّن بعض العناصر المشتركة في قصص
المغامرات والأساطير، وشيئا فشيئاً بدأت تتكشف له ما يشبه إجابات عن أسئلة
جدية حول مصادر القصص، مع كل نماذجها المتكررة، بشكل غريب، وتلميحاتها
وتساؤلاتها.
من أين تأتي هذه القصص وكيف تعمل وتؤثر؟ ما الذي تقوله عن أنفسنا؟ ما
الذي تعنيه؟ ما الذي يجعلها ضرورية لنا؟ كيف نستطيع استخدامها من أجل تحسين
العالم؟ وفوق كل شي، ماذا يفعل المؤلف كي يجعل القصة تعني شيئا ما؟
من خلال هذه التساؤلات، استطاع كريستوفر فوغلر إنجاز كتابه هذا الذي
يهدف من خلاله إلى تحليل رحلة الكاتب - مسيرته عبر المتاهة المذهلة، متاهة
الأسطورة والحلم وعلم النفس والكتابة والحياة عامة - ربما لهذا استخدم
الكلمات الأولى التي قالها ذات يوم هوميروس ليبدأ ملحمته الخالدة «الالياذة»
فنقرأ: «هي ذي الحكاية التي ألتمس من ربة الفن الإلهية أن ترويها لنا.
ابدئي أيتها الإلهة من حيث ترغبين». وبعدها سنرافق الكاتب في مهمة نستكشف
فيها التخوم المبهمة بين الميثولوجيا والكتابة العصرية، أي رحلة الكاتب.
ستقودنا في ذلك فكرة بسيطة: إننا نجد في القصص كافة بضعة عناصر بنيوية
عمومية موجودة في الأساطير وحكايات الجنيات والأحلام والأفلام. إنها معروفة
باسم «رحلة البطل» ويشكل فهمُ واستخدامُ هذه العناصر في الأدب المعاصر هدف
بحث هذا الكتاب. حين توظف هذه الأدوات القديمة وتستخدم في فن الكتابة
بحكمة، تحتفظ دائما بقدرة هائلة على جعل العالم مكانا أفضل.
ينطلق الكاتب من تحليل الأسطورة ليصل إلى مصادر أشهر أفلام هوليوود،
وتبرز قدراته كمحلل قصص، عبر إحالتنا على الأسطورة المصدّرة للأبطال الذين
نراهم في أفلام مثل حرب النجوم، وساحر أوز، رجل المطر، من روسيا مع حبي،
شرقي عدن، العرّاب، قطار الظهيرة، سيدة من شنغهاي.
يعتمد الكاتب على يقينه بكون الأسطورة قصة نوع خاص من الروايات تحكي
عن الآلهة أو عن قوى الخلق وعن علاقة هذه القوى مع الكائنات البشرية. القصص
الحديثة ليست كلها أساطير وليس لها دائما أبعاد أسطورية. لكن قصص هذه
الأيام تشترك في كثير من النقاط مع الطاقة الأبدية التي تتضمنها الأساطير.
تقوم مورفولوجيا الأساطير وشخصياتها النموذجية بتأمين أرضية للقصص الحديثة،
بحيث يُغني كل كاتب أعماله باستزادته من المعرفة فيها. والكاتب في عمله هذا
يرسم بعضاً من أبنية الميثولوجيا، ويقرّبها من عمل الكاتب والسيناريست.
على امتداد الكتاب يشير الكاتب إلى أفلام كلاسيكية أو حديثة، وينصح
القارئ بمشاهدة بعض هذه الأفلام لرؤية كيف تعمل رحلة البطل بشكل ملموس.
وكيف تتشكل «موضوعة» كونية مشتركة مع الثقافات كافة وتوجد في كل الأعصر،
بتنوع يعادل تنوع الجنس البشري، مع بقائها متماثلة في شكلها الأساسي. هذه
المجموعة من العناصر الثابتة إلى حد لا يصدق تنبثق إلى ما لا نهاية من أعمق
أعماق الروح البشرية ولا تختلف إلا بالتفاصيل بحسب الثقافات.
إنه كتاب تخصصي بامتياز. ليس مخصصاً للمطالعة المسترخية السهلة، بل
للقراءة المتمعنة الممحصة. وتبدو أهميته من خلال ما يمكن أن يقدمه من نصائح
لكل من يعمل في مجال القصة والسيناريو والإخراج.
السفير اللبنانية في
10/07/2013
لا أحد يمكنه تجسيد مشوارها أو حتى كتابة قصتها
صباح رقم صعب في الفن ... عاشت ميلودراما مفعمة بالإثارة
القاهرة - سيد محمود:
حياتها أشبه بميلودراما شديدة الاثارة, وكل مشهد يحتاج الكثير من
الحكايات, فهي لم تعش حياة أسرية متكاملة, لم تشعر بالأمومة الحقيقية التي
تتمناها كل أم بسبب الخلافات مع ابنتها هويدا, وهجرة الابن الاول الى
الخارج.
لا تنكر الاسطورة صباح أن حياتها مرت بمنعطفات, الفشل فيها أكثر من
النجاح خصوصاً على المستوى الانساني والأسري, تزوجت أكثر من تسع مرات ولم
تنجب سوى صبي وصبية, والابن الاكبر من نجيب شماس وهو الدكتور صباح شماس ثم
هويدا من أنور منسي الموسيقي المصري.
حياة الشحرورة مازالت رغم انحسار الأضواء عنها لكبر السن والمرض مثار
جدل وفيها الكثير من الأسرار نتعرف هنا على بعضها.
عن بدايتها تقول صباح انها انطلقت من مصر, ولولا لقاء أسرتها التي
كانت تعشق الفن وخاصة التمثيل بالمنتجة آسيا داغر وهي من أصل لبناني لما
أصبحت جانيت فغالى هي صباح التي نعرفها.
فعندما سمعتها آسيا داغر ولفتت انتباهها أجرت اتصالات بمكتب تسويق
أعمالها السينمائية في لبنان لاجراء مقابلة مع أسرة جانيت, وتولى مدير مكتب
آسيا في لبنان قيصر يونس عرض الفكرة عليها لتشارك في أفلام شركة آسيا داغر.
وكانت المفاجأة لأسرتها أن آسيا داغر معجبة جدا بجانيت وأنها استدعت
الملحن رياض السنباطي لتدريبها على الغناء بعد الاتفاق على أن تقدم جانيت
ثلاثة أفلام لقاء 150 جنيها عن كل فيلم, وهو مبلغ كبير بالنسبة لوجه جديد
آنذاك.
القلب له واحد
عانت جانيت كثيرا في طفولتها, اذ حاولت أسرتها أن تقدمها في المسابقات
الغنائية او الفنية ولكن لم تحقق نجاحا حتى أن احدى هذه المسابقات كان فريد
الأطرش هو الحكم فيها ولم يعجب بصوتها في البداية.
وتعد رحلتها الحقيقية من مكتب آسيا داغر هي نقطة الانطلاق كما يقول
الكاتب الصحافي اللبناني بديع سربية ان صباح ولدت نجمة من القاهرة ويقصد
أنها بدأت مشوار ال¯85 فيلما من أرض الكنانة مصر في عام 1945 عندما وقفت
صباح أمام كاميرا السينما في القاهرة لأول مرة تؤدي دورها في فيلم للمخرج
بركات هو "القلب له واحد" وكان أجمل البدايات مع أنور وجدي وسليمان نجيب
وميمي شكيب واسماعيل يس, وكانت المفاجأة أن الفيلم حقق نجاحا ملحوظا بسبب
أغنيات الوجه الجديد صباح واسماعيل يس ومن هنا عرف الشارع العربي اسما
جديدا من بلد الجمال لبنان هو صباح ونسي اسم جانيت جرجس فغالي .
صباح كانت الاكتشاف الغنائي اللبناني الذي أرادت المنتجة آسيا داغر
أن تنافس به نور الهدى الاكتشاف اللبناني الغنائي الذي قدمه يوسف وهبي في
فيلم "جوهرة", فاكتسح به السينما المصرية عام 1943 وتأثرت سلباً شركة آسيا
داغر.
تقول صباح عن حياتها وما تعرضت له من تشويه في مسلسلات درامية: قصة
حياتي تحتاج الى سنوات من العرض وليس 30 حلقة فقط, وفيها من القصص والاثارة
والدراما ما لا يعرفه أحد.
باختصار, لا أحد يستطيع أن يجسد حياتي أو يكتب قصتي, حياتي ليست لعبة
أو مجرد رقم, بل مسيرة صعبة وجميلة في الوقت نفسه. حكايتي تشبه الحياة
بحلوها ومرها. أنا رقم صعب في الحياة والفن.
وكل من يريد أن يشتهر, يتحدث عن صباح, فيهاجمني أو يضع قصته ضمن قصصي.
حتى وأنا في هذا العمر, يغارون مني, أقسم أنني لم آخذ أي شيء من دربهم.
الله يرزق, ويشرح القلوب كي ننجح. لا أعرف لماذا هذا الجهل في الأرزاق. كل
فترة يقولون صباح ماتت?
وتتابع: عشت حياتي متصالحة مع ذاتي, وهذا سري الذي لا يعلمه أحد. نجحت
واختلفت عن الجميع, فشعروا بالنقص, حتى بعض الرجال من الفنانين شعروا
بالغيرة مني, لكني أطبق المثل القائل "طنش تعش", وعلينا معرفة من هم حولنا
ونطنشهم ونأخذ حذرنا منهم.
وقد تكون حياة صباح الأسرية أكثر دراما وهي تعترف بذلك كونها تزوجت
عددا من المشاهير, منهم من كان نجما على قائمة المع النجوم كرشدي اباظة
الذي تقول عنه صباح: عندما تزوجت رشدي, أخبرني أنه طلق سامية جمال, وكثيرون
لا يعرفون أنني تزوجت رشدي نكاية بكل النساء, هو كان هدفهن, ومحورهن
ومعشوقهن, دخلت على الخط وفزت به, وأنا التي تركته وليس هو, لأنني شعرت
بالغرور يتملكه عندما قال أثناء جولتنا في بيروت انه أهم انسان على الأرض
فتركته لينتهي زواجي به قبل أن يبدأ.
ولعل رشدي كان رقما في حياتها من تسعة أرقام أو أكثر, فأول زواج في
مشوارها كان من نجيب شماس والد ابنها الدكتور صباح شماس ومرورا بأنور منسي
والد ابنتها هويدا ثم الاعلامي الراحل احمد فراج وانتهاء بشائعة زواجها من
ملك جمال لبنان عمر محيو. وكان أطول زواج لصباح من المطرب اللبناني فادي
لبنان ودام 17 سنة.
عاش في الظل
أنجبت صباح ابنها الأول عندما كانت في بيروت, حيث تزوجت مثل كل
اللبنانيات من الأصول الريفية في سن مبكرة, فالرجل الأول في حياتها نجيب
الشماس, تزوجته وهو في عمر والدها آنذاك, وكان غيورا جدا عليها, ونجيب
الشماس, اختار طرابلس لاقامته. فالمدينة تبعد عن بيروت كثيراً. وبيروت هي
البؤرة التي تتركز فيها أشعة الفن, ولم تقبل صباح بالعيش بعيداً عن العاصمة
والفن, فطلبت الطلاق بعد سنوات قليلة كانت قد أنجبت خلالها ابنها الأول
والوحيد صباح الذي رفض أن يتدخل في حياتها, لكنه يتابعها ويحتفل أحيانا
بمناسباتها الخاصة وتهتم هي بالسؤال عن الأحفاد ولم يكن له علاقة بالفن
ويعيش خارج لبنان.
ورغم بعده عن والدته الا أنه عندما تسأل صباح عن أهم شيء في حياتها
ترد دائما ", ابنتي هويدا وابني صباح, هما أهم شيء بالنسبة لي في هذه
الدنيا, يعيش ابني الدكتور صباح في الولايات المتحدة, ولم يتعبني أبدا
عندما كان صغيرا, ولم يفكر يوما لا في التمثيل ولا الغناء لأنه ليس شغوفا
بذلك, لكن هويدا أتعبتني قليلاً وهي تعيش اليوم في كاليفورنيا ".
عندما تسأل صباح عن نقطة الضعف الوحيدة في حياتها ترد دون تفكير أنها
هويدا الطفلة التي عاشت سنوات أشبه بسنوات اليتم, لم تستمتع كغيرها من
الأطفال بحنان الأم.
هروب
أما هويدا فرغم ما قيل حول علاقتها بوالدتها مازالت تؤكد أنها "ربة
العائلة" وهو التعبير الذي تحب أن تقوله دائما عنها.
هويدا عانت حالة نفسية غير مستقرة وتركت بيروت لتعيش في الخارج مثل
شقيقها لكنها عادت منذ فترة لتكشف تفاصيل كثيرة عن حياتها.
تقول هويدا: عشت طفولة قاسية بسبب انفصال والدى أنور منسي عن والدتي
في بداية حياتهما, اذ حدث الانفصال وأنا في الثالثة من عمري ولم أكن كأي
طفلة تستمتع بحنان الأم والأب فتم ايداعي في مدرسة داخلية, ولم أكره في
حياتي شيئا مثلما كرهت المدرسة الداخلية ما دفعني الى الهروب منها مرات
عدة.
كانت طفولة معذبة وقاسية بسبب الخلافات المستمرة بين والدي أنور منسي
وهو موسيقار كبير وبين والدتي, وبسبب كثرة الخلافات التي كنت أنا فيها
الضحية قام والدي باختطافي من المدرسة الداخلية, ووضعني عند أهله للاعتناء
بي.
وكثيرون لا يعرفون معاناة هويدا التي أدت بها الى الادمان ثم المرض,
فبسبب كثرة أزواج والدتها أصيبت هويدا بحالة نفسية وازمة صحية نتيجة
ادمانها المخدرات عام 2006, ما أجبر صباح على بيع بيتها والاقامة في الفندق
وادخال ابنتها مصحة في كاليفورنيا بالولايات المتحدة.
وأكثر ما يمكن الربط به بين هويدا ووالدتها صباح أن هويدا ورثت الفن
من أمها وليس التمثيل فقط, فعند اطلالتها في برنامج "أنا والعسل " مع
الاعلامي نيشان في شهر رمضان الماضي غنت بصوتها ولم يشعر أحد بفارق بين
صوتها وبين صوت والدتها في شبابها.
ومع ذلك لم تمتهن هويدا الغناء بل امتهنت التمثيل وقدمت أكثر من عشرة
أفلام منها "نار الشوق " و"زوجتي من الهيبز " و"موعد مع سوسو " و"رحلة
النسيان " و"المغامرون " و" لعنة النساء " وفي عام 1980 "الحسناء والعمالقة
".
تزوجت مرتين, الأولى من لبناني عام 1972 وانتهي الزواج بطلاق سريع,
والمرة الثانية من العازف المصري عمر خورشيد مطلع الثمانينات وانتهي أيضاً
بالطلاق, وقامت والدتها صباح بتسجيلها كمارونية مسيحية عندما استقرت صباح
في لبنان في الستينات بعد أن تم منعها من الغناء في مصر رغم أن والدها مسلم
الديانة لتسهيل حصولها على الجنسية اللبنانية الا أن هويدا عادت واعتنقت
الاسلام في مطلع الثمانينات عندما تزوجت عمر خورشيد. لكن لديها تركيبة
دينية غريبة فهي من أب مسلم وأم مسيحية وجدة يهودية اعتنقت الاسلام. قالت
انها تؤمن بجميع الأديان السماوية وانها تشعر بأنها لبنانية أكثر من مصرية
لانها عاشت معظم حياتها في لبنان.
والمتأمل لمشوار هويدا يكتشف أنها كتلة من الهموم والأزمات, نفسية
وصحية واجتماعية, ولم تستفد من شهرة والدتها بل كانت شهرتها ومواقفها
وبالاً عليها, وكادت تدمر حياتها بسببها.
استفادت منها في بداياتها الفنية فقط, وكادت تصبح نجمة مشهورة
بتقديمها أفلاما كوميدية ورومانسية. وبزواجها من الموسيقار عمر خورشيد لكن
سرعان ما انحرفت بها موهبتها الى نوعية من الأعمال الفنية وضعتها في قائمة
فنانات المشاهد الساخنة ومنها أفلام قدمتها خارج مصر, لم تكن مميزة عن امها
ولم تحقق نصف ما حققته والدتها من نجاح, حتى التجربة التي قيل انها لو
اكتملت لجعلت من هويدا نجمة عربية كبيرة لم تستمر طويلا, وهي مسرحية
"المتزوجون " مع سمير غانم وجورج سيدهم, اذ اعتذرت هويدا عن دور "لينا "
ليتم ترشيح الوجه الجديد شيرين لتصبح نجمة شهيرة.
أما علاقتها بوالدها الموسيقار الراحل أنور منسي فلم تكتمل لأنه رحل
قبل أن تكتشف أضواء الحياة والشهرة ولكنها لمست منذ الطفولة معاناة الطلاق
بين الأب والأم.
الأب فنان والأم فنانة والابنة فنانة ولكن لا رابط قويا بين الثلاثة
غير أن هويدا استفادت بعض الشيء من مساندة الأم لها في بعض الأعمال
السينمائية.
وهويدا لم تحتفظ بالكثير عن والدها أنور منسي, بل أثار غضبها ما جاء
عنه في مسلسل "كاريوكا " من تشويه لشخصيته وعلاقته بوالدتها صباح.
جوقة
ولد أنور منسي عام 1922 من عائلة موسيقية مصرية فهو ابن الأزهري
عبدالوهاب منسي وكان عوادا مشهورا في بداية القرن العشرين وصاحب جوقة
معروفا, سافر الى العديد من البلاد العربية بجوقته, وكان لأنور منسي شقيق
أكبر هو عازف القانون عبدالفتاح منسي والاثنان من أم يهودية أسلمت على يد
والدهما تدعى الماظ وهي بنت حاخام يهودي سافرت مع عبد الوهاب منسي الى
العديد من الدول وأنجبت عبد الفتاح في العراق وأنور بعده بعامين في دمشق
ولأنور منسي أخ غير شقيق من والده عازف كمان غير مشهور جميل منسي.
لم يكن أنور منسي عازفا عاديا, لدرجة أن الصحف لقبته (موزارت مصر) كما
شمله القصر برعايته فأصبح ضمن العازفين المعتاد ترددهم على القصر الملكي
للعزف وهو في سن العاشرة فكانت تأتي سيارة القصر لاصطحابه وهو طفلا, لتعيده
بعد الحفل وقد تسلم مظروفا عليه شعار الملك. كما أن أنور اصغر عازف يقف
وراء أم كلثوم ممسكا بالكمان.
توفي أنور منسي عام 1961 في أوج شبابه عن 39 عاماً اثر حادث أليم حيث
سقط عن ظهر حصانه في نادي »الجزيرة« وليس كما جاء في مسلسل "كاريوكا " أنه
توفي في منطقة الأهرامات بالجيزة نتيجة سقوطه من على حصانه.
السياسة الكويتية في
10/07/2013 |