حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مملكة الضحك (11):

ماري منيب… رفضت العودة إلى الماضي وتجاوزت أحزانها بـ كشكش بك

كتب: القاهرة - ماهر زهدي

انطوت ماري على أحزانها بعد رحيل والدتها المفاجئ، فلم تكن تتوقع ذلك خصوصاً أن قاسمة لم تكن مريضة ولا طاعنة في السن، ولم تتخط العقد الخامس من عمرها إلا بعامين، فازدادت ماري قرباً من شقيقتها أليس التي عوضتها حنان الأم، ومنذ تلك اللحظة لم تعودا تفترقان، كونهما تسكنان في شارعين متقاربين في شبرا، وازداد ولداها فؤاد وبديع قرباً من ظافر وكوثر ولدَي أليس.

لم تطق ماري الابتعاد أكثر عن الكوميديا للخروج من حالة الحزن التي سيطرت عليها منذ طلاقها من فوزي منيب ثم رحيل والدتها، فتركت فرقة «فاطمة رشدي وعزيز عيد» التي عملت معها بعد رجوعها من باريس، وعادت إلى مسارح روض الفرج، حيث التحقت بفرقة «يوسف عز الدين» التي كانت تقدّم روايات كوميدية وتعتمد على مجموعة من الشباب من بينهم إسماعيل ياسين وعبد الفتاح القصري، تاجر ذهب شاب ترك تجارة الذهب مع والده وامتهن التمثيل.

أحبّت ماري العمل في فرقة «يوسف عز الدين» بسبب الحميمية التي كانت تجمع بين أفرادها، وبينما كانت عائدة من المسرح ليلا وتسير من روض الفرج إلى شارع «المبيضة» لتستقلّ «أتوبيس 25» لينقلها إلى شارع شبرا، وجدت نفسها فجأة وجهاً لوجه أمام فوزي منيب، لم تصدّق عينيها، ألحّ عليها طويلاً أن يجلسا عشر دقائق في أحد كازينوهات روض الفرج المطلّة على النيل… وبعد توسلات وصلت إلى حد البكاء وافقت أن تجلس معه:

* شربنا ليمون والعشر دقايق خلصوا يا سي فوزي وإنت قاعد بتفرك في إيديك ومنطقتش بكلمة واحدة.

= مش عارف أقولك إيه.

* طالما مش عارف… عن إذنك مش هقدر أتأخر على الولاد أكتر من كده.

= استني بس أرجوك… هتكلم أهه… كل اللي أقدر أقوله إن ربنا انتقم لك مني.

* تقصد إيه… أنا عمري ما دعيت عليك…

= أقصد إن الست نرجس اللي إديتها كل حاجة… اسمي وفرقتي… وصرفت عليها كل فلوسي… في الآخر خانتني مع ممثل شاب من فرقتي وهربت معاه.

* الحمد لله.

= شمتانة فيا.

* أنا عمري ما اشمت فيك ولا أدعي عليك… لكن أنا اتمنيت من ربنا إنك تشرب من نفس الكاس زي ما حصل معايا… تحبّ وتخلص في حبّك… واللي تحبّه يخونك ويغدر بيك.

= أنا عارف إنك طيبة وقلبك كبير…

* تقصد تقول إني كنت عبيطة ومغفلة.

= أبدا… إنت إنسانة بمعنى الكلمة… وعمرك ما عرفتِ غير الحبّ.

* وإنت قدّرت الحبّ ده.

= ماري… خلينا ننسى اللي فات… ونبدأ من جديد.

* اللي فات مات يا روحي… وإحنا ولاد النهارده… والنهارده كل واحد منا في طريق ومش ممكن الطريقين يتقابلوا تاني.

= بلاش علشاني… علشان ولادنا فؤاد وبديع.

* حمد الله ع السلامة… توك ما افتكرتهم… اسمع بقى يا فوزي أنا اللي بقولهولك دلوقت… علشان ولادنا لازم تختفي من حياتي وحياتهم.

بعد هذا اللقاء شعرت ماري بأنها أصبحت أقوى من السابق وثأرت لكرامتها، انتقم الله لها ممن خانها وباعها، فكرّست وقتها وحبّها لولديها فؤاد وبديع ولشقيقتها أليس وولديها، ورفضت أي كلام من المقربين، بمن فيهم شقيقتها أليس، حول فكرة تكرار تجربة الزواج ثانيةً، على رغم أنها في عزّ شبابها، ولم تتخطَّ الثلاثين إلا بعام واحد.

مرّت الأيام بطيئة رتيبة على فوزي منيب، وهو يصارع محاولاً تكوين فرقته مجدداً لكن بلا جدوى، فاضطر إلى التوقّف عن العمل تقريباً أو إلقاء بعض المونولوجات في مسارح روض الفرج.

الانضمام إلى الريحاني

آنذاك، دبّ خلاف بين الممثل حسين إبراهيم، كان يعمل في فرقة «كشكش بك» منذ تكوينها، وبين نجيب الريحاني، لأنه لم يلتزم بقواعد الفرقة وتقاليدها في احترام المواعيد التي كان يحرص عليها الريحاني باعتبارها أمراً مقدّساً، وكان نجيب وبديع خيري يتمسكان به لإتقانه أداء دور «امرأة بمواصفات خاصة»، أي سليطة اللسان وتقدّم وصلات من «الردح» الشعبي في غالبية الروايات، غير أن الريحاني لم يعد قادراً على تحمّل تأخر ابراهيم عن البروفات، فطرده من الفرقة، وبعد مناقشة الأمر مع بديع خيري، طلب منه أن يبحث عن ممثلة:

* ده باين عليه اتجنن… هو فاكر نفسه مين بسلامته؟ إذا كان أنا بذات نفسي مقدرش أتأخر على البروفة ربع ساعة… يقوم هو يتأخر أكتر من ساعة عن البروفات كل يوم.

= أيوه ده شيء زاد عن حده… ومحدش في الفرقة يقدر يعمل كده أبدا…

* ولما أكلمه يتنفخ زي الديك الرومي ويقوللي أنا عمود من أعمدة الفرقة… ده عمود ورق… عمود دخان… أي حاجة غير إنه يبقى فنان… الفنان لازم يحترم فنه وشغله.

= أنا بقول ياسي نجيب كفاية عليه اللى خده مني ومنك… ونديله فرصة أخيرة.

* ده ميقعدش دقيقة واحدة في الفرقة… ده راجل بيشتغل بمزاجه… يروح بقى يشتغل في شارع محمد علي ولا في روض الفرج… ومن الليلة يا سي بديع تشوف حد بداله… بس وحياتك بلاش حكاية الرجالة اللي بيعملوا أدوار ستات… الممثلات على قفا مين يشيل… دلوقت غير زمان.

في تلك الأثناء، اختلفت ماري منيب مع يوسف عز الدين، وكان إسماعيل ياسين سبقها في ترك الفرقة والتحق بفرقة علي الكسار، وراح يبلغها رغبة الكسار في عودتها إلى فرقته ثانيةً، وبعد تفكير وجدت الفرصة سانحة للعودة إلى الفرقة، التي خرجت منها بسبب زكية إبراهيم، التي كان يحبّها الكسار، إنما بشروطها وباسمها الذي بات كبيراً.

لم يمرّ أسبوع على التحاق ماري منيب بفرقة علي الكسار حتى حدث ما لم يخطر ببالها وتمّنته منذ طفولتها، فقد زارها في بيتها الكاتب بديع خيري، وأخبرها رغبته في أن تلتحق بفرقة «أبو الكشاكش» لتعمل مع الفنان الكبير نجيب الريحاني.

لم تتردد ماري منيب لحظة واحدة، خصوصاً عندما شعرت أن أبو الكشاكش نفسه هو من يطلبها، ووجدت في هذا العرض ثأراً لكرامتها من الإثنين، أولاً من مسرح الكسار الذي سبق أن استغنى عنها في وقت كانت في أشد الحاجة إلى وجودها فيه واليوم تخرج هي بإرادتها وباختيارها، ثم من أبو الكشاكش الذي رفض، في البداية، أن تعمل في مسرحه بحجة أنها «مفعوصة وتشبه النسناس».

* فين يا أستاذ بديع الممثلة اللي قلت عليها.

= أهه… اللي جايه هناك في الصالة دي.

* دي!! بس دي مش باين عليها إنها ممثلة أبداً!

= لا إنت مشفتهاش ع المرسح… صحيح هي حشمة شوية مش زي بقية الممثلات. بس على المرسح مفيش أختها.

* لما نشوف.

- صباح الخير عليكم.

* صباح النور… إزي حضرتك.

- الله يسلم حضرتك يا أستاذ.

* اسمك إيه.

- ماري منيب.

* إنت تقربي للجدع اللي اسمه فوزي منيب؟

- كان جوزي واتطلقنا.

* عال قوي… قصدي وعلى كده اشتغلتي في المسرح.

- يوووه… كتير يا أستاذ.

* يعني تعرفي تمثلي كويس.

- جربني وإنت تشوف يا أستاذ.

أدوار الحماة

انضمت مارى منيب إلى فرقة الريحاني عام 1933، وكانت أول مسرحية لها مع الفرقة «الدنيا لما تدّلع» ثم تبعتها مسرحيات تباين فيها وجودها بين أدوار ثانوية وأدوار أساسية، كحال أعضاء الفرقة الذين تختلف مساحة أدوارهم وطبيعتها من رواية إلى أخرى، حتى اكتشف الريحاني في رواية «أحبّ حماتي» أنها برعت بشكل مذهل في دور «الحماة النكدية» استدعت فيه مخزونها مما كانت تلمسه من أساليب النساء اللواتي كانت تشاهدهن في حي شبرا، والأهم أنها استدعت ما كانت تفعله والدتها قاسمة مع زوجها فوزي منيب من «نكد خفيف الدم» يبعث على الضحك والسخرية، حتى نجحت بشكل استفزّ الجمهور نفسه، لدرجة أن تعليقات ساخطة كانت تأتيها من الصالة على هذه الحماة النكدية، وبذكاء كانت ماري تحوّل هذا السخط إلى حبّ، عبر انتزاع الضحكات من الجمهور والدخول معه أحياناً في قفشات حول «الحماة النكدية» لكنها طيّبة بيضاء القلب وليست حاقدة، ما أثار إعجاب الريحاني، فاتفق مع بديع خيري على أن يثبت لها هذه الشخصية في الروايات التي يقدّمها للفرقة.

في مدرسة الريحاني تعلّمت ماري الكثير ونجحت في تشكيل شخصيّتها الفنية، وأضافت إلى تجاربها تجربة جديدة هي الغناء، عندما أراد الريحاني تقديم إحدى الروايات الغنائية:

* إنت غنيتِ قبل كده يا ماري.

= أمال يا أستاذ… ده أنا صوتي فشر المغنية المشهورة دلوقت دي اللي اسمها أم كلثوم.

* لا ماهو باين… لا صحيح تعرفي تأدي يعني ع المسرح.

= والله ولا لك عليا حلفان ياما غنيت على مسارح روض الفرج.

* روض الفرج!!

= آه والله… وكمان غنيت في أوبريت «العشرة الطيبة» بتاع سي السيد درويش الله يرحمه… وكنت عاملة دور «ست الدار».

* طب هايل قوي… خلاص خدي احفضي الكلام ده.

في مدرسة الريحاني، تعلّمت ماري كيف يُضحك الريحاني الجمهور لمجرد أن يحرّك إصبعه وهو ثابت شامخ من دون أن يضطر إلى تصنّع الحركات المبالغ فيها، وعرفت أصول الأداء، كذلك بدأ الريحاني يرسم لها شخصيات كوميدية مميزة فأصبح لها طابع خاص بها وأضحت طرازاً فريداً لم تستطع أي من الممثلات منافستها فيه، سواء في الفرقة نفسها، أو في الفرق الأخرى.

طرق أبواب السينما

قبل أن ينتهي عام 1933، انضمّ بشارة واكيم إلى فرقة الريحاني، وكانت سعادته كبيرة عندما لمس مكانة ماري منيب المهمة بين أعضاء الفرقة عموماً ولدى نجيب الريحاني خصوصاً. حاولت ماري، في بداية الأمر، تجنّب أن يكون ثمة لقاء خاص يجمعها وبشارة واكيم، كي لا يفاتحها في أمر زواجه منها مجدداً بعدما علم بخبر طلاقها من زوجها، حتى حدث ما كانت تخشاه وطلب منها بشارة أن تنتظره بعد العرض ولا تغادر المسرح، كعادتها يومياً، فور انتهاء دورها، من دون أن تنتظر التحيّة النهائية في ختام المسرحية.

أسقط في يد ماري، تأكدت أن بشارة لا بد من أن يفاتحها في أمر الزواج، غير أنه فاجأها بأمر آخر:

* ما خبيش عليكِ أنا زعلت قوي لما عرفت إنك وفوزي يعني سبتوا بعض.

= كل شيء قسمة ونصيب يا بشارة.

* عندك حق… كل شيء قسمة ونصيب… وأهو النصيب خلانا نتقابل تاني عند سي نجيب الريحاني… شوفي الصدف.

= بشارة… خش في الموضوع… إنت طلبت أني انتظرك بعد الرواية… خير؟

* حلمك عليّ شويه.. انتي تفضلي طول عمرك كده بتزقي في الكلام.

= إيه الموضوع يا بشارة.

* شوفي يا ستي الموضوع من غير لف ودوران إني رشحتك للمخرج اليوناني اللي اسمه موريس ابتكمان علشان تمثلي معانا في السيما.

= سيما.

* أيوه سيما وقيمة… شغلانة سهلة خالص… غير شغل المسرح ووجع القلب.

= وهعمل إيه ويا المخرج اليوناني… إنت شايفني بارطن باليوناني.

* لا يا ستي… ده عايش هنا في مصر وبيتكلم عربي كمان… والفيلم عربي اسمه ابن الشعب… هو اللي مألفه وهيخرجه، وهيشتغل معانا في الفيلم سراج منير ومراته أمينة شكيب وحسن البارودي، و…

= وعلى كده هيدفعوا كام؟

* من الناحية دي اطمني قوي… بيدفعوا عال… هو أسبوع واحد هتشتغليه وأجرك هيكون خمسين… أربعين… قولي تلاتين جنيه.

لم تصدّق ماري منيب وهي ترى نفسها على شاشة السينما للمرة الأولى في 5 يناير 1934، ليلة العرض الأول لفيلم «ابن الشعب».

عادت ماري منيب إلى فرقة الريحاني وهي تحمل على كتفيها نجاحاً جديداً يضاف إلى نجاحها المسرحي، وقدّمت في ذلك العام، مسرحيات أمام الريحاني، من بينها: «قسمتي»، «الدنيا لما تضحك»، «الشايب لما يدّلع»، «الستات ما يعرفوش يكذبوا»، «ما حدش واخد منها حاجة»، «ثلاثين يوم في السجن»، «أحبّ حماتي»، «لزقه إنجليزي»، «ابن مين بسلامته»، «وراك والزمن طويل»، «إبليس وشركاؤه»، «حماتي بوليس دولي»، «سلفني حماتك»، «عريس في إجازة»، شارك فيها إلى جانب نجيب الريحاني، بطل الفرقة، عبدالفتاح القصري، حسن فايق، استيفان روستي، أمينة شكيب، زينب شكيب، محمد الديب، اسكندر منسي، محمود لطفي، فيكتوريا حبيقة، سراج منير، وعباس فارس.

لاقت ماري نجاحا كبيراً ظنت أنه سيكون لافتاً لصناع السينما بعد تجربتها الأولى في فيلم «ابن الشعب»، غير أن ذلك لم يحدث، حتى جاء العام الجديد 1935، وتوقعت ماري أن يحمل إليها آمالا جديدة. لكنّ وقعاتها خابت فقد حمل إليها مأساة جديدة.

فاجعة أليس

مرضت شقيقتها أليس مرضاً شديداً، فشل الأطباء في تحديده، ورحلت قبل أن يمرّ شهر على مرضها، رحلت في ريعان الشباب بعدما أكملت عامها الخامس والثلاثين، تاركة ماري منيب وحيدة في الدنيا، فقد كانت أليس كل ما تبقى من أهلها بعد رحيل والديها، رحلت وتركت طفليها ظافر وكوثر، أمانة في عنق ماري التي ضمّتهما إلى ولديها فؤاد وبديع واعتبرت أنها أنجبت من فوزي منيب أربعة أولاد وليس اثنان.

كتمت ماري أحزانها في قلبها، كي لا تظهر عليها، فلا وقت للحزن، المسؤولية زادت وأصبح لديها أربعة أولاد، على رغم أن زوج شقيقتها فهمي عبد السلام المحامي، يشاركها المسؤولية في التربية، إذ يمرّ للاطمئنان على ولديه صباحاً، قبل الذهاب إلى عمله، وفي المساء عند عودته وعودة ماري من المسرح، وكان همّ ماري جمع المال، بأي شكل، لتأمين مستقبل أولادها الأربعة…

شعرت أن العمر قصير، فقد توفي والدها ووالدتها في الخمسينيات من عمرهما، وتوفيت شقيقتها في الخامسة والثلاثين، فمن المؤكد أن الدور سيصيبها قريباً، خصوصاً أنها بدأت عامها الرابع والثلاثين، لذا لا بد من تأمين مستقبل هؤلاء الأطفال الذين ليس لهم أهل ولا سند في الدنيا، سوى هي وزوج شقيقتها فهمي عبد السلام.

بهذا المنطق الذي باتت تفكر فيه ماري، كانت تقبل أي عمل يسند إليها، وعلى رغم عملها الدائم في فرقة نجيب الريحاني، قبلت أن تشارك في روايات كانت تقدمها «فرقة رمسيس» في فترة الماتينيه، فعملت مع يوسف بك وهبي روايات: «بنات الريف»، «رجل الساعة»، «نجم هوى»، حتى ظنّ الجمهور والفنانون الذين يعملون في فرقة «رمسيس» أنها اختلفت مع الريحاني وتركت فرقته، غير أنها كانت ما إن تنتهي من رواية رمسيس، حتى تسارع إلى مسرح الريحاني القريب من مسرح رمسيس في شارع عماد الدين، كذلك قدمت أدواراً صغيرة في السينما لجمع المال، كما في «الحبّ المورستاني» (1936) مع بشارة واكيم ومحمود المليجي وأمينة محمد، تأليف ماريو فولبي وإخراجه.

في العام نفسه، قدّمت ماري فيلم «أنشودة الراديو»، كتابة بديع خيري، وأدى بطولته: أحمد عبد اللطيف، نادرة، أحمد علام، بشارة واكيم، وفؤاد فهيم، وأخرجه الإيطالي توليو كاريني، الذي أعجب بأداء ماري، وقبل أن ينهي تصوير الفيلم وقّع معها عقداً جديداً لفيلم «مراتي نمرة 2» شاركها بطولته: عبد الحميد القلع وصفية حلمي، وعبد الحميد زكي، حسين إبراهيم في دور «سيدة» وهو الدور الذي طالما أداه ببراعة في روايات فرقة الريحاني.

أدت ماري دور الأم وهي في الخامسة والثلاثين من عمرها لشابة في مثل عمرها تقريباً في فيلم «نشيد الأمل» (1937)، غير أن هذه المرة ليس سعياً وراء المال، إنما لرغبتها في أن تشارك الآنسة أم كلثوم أي عمل فني، وفور علمها أن الأخيرة ستقدّم فيلمها الثاني في السينما، وافقت حتى من دون أن تعرف أجرها، وعندما أخبرها المخرج أحمد بدرخان أنها ستؤدي دور الأم لم تمانع، وشاركها التمثيل: زكي طليمات، عباس فارس، محمود السباع، عبد العزيز خليل، استيفان روستي، عبد المجيد شكري، حسن فايق، محمود رضا. كانت سعادتها بالغة وهي تحضر مع الآنسة أم كلثوم العرض الأول في دار سينما «رويال» في القاهرة في 11 يناير (كانون الثاني) 1937.

البقية في الحلقة المقبلة

الجريدة الكويتية في

25/08/2011

 

مملكة الضحك (12):

ماري منيب… مرحلة جديدة في الفن والحياة عنوانها أمينة عبد السلام

كتب: القاهرة - ماهر زهدي  

مع بداية عام 1937 ظنّت ماري منيب أن الدنيا بدأت تبتسم لها مجدداً، لكنه مجرد ابتسام لم يصل إلى مرحلة الضحك بعد، فبعد النجاحات التي حققتها في السينما والمسرح، أراد القدر ألا يمر ذلك العام إلا وهو يضفي لمساته السعيدة على حياتها.

تصوّرت ماري أن حياتها انغلقت على التمثيل وتربية أولادها الأربعة فحسب، على رغم أن عمرها لم يتخطَّ الخامسة والثلاثين، إلا أنها لم تعد تفكّر في نفسها كأنثى، كل ما تفكر فيه أنها وحيدة في هذا العالم مع أربعة أطفال هم كلّ عائلتها وحياتها وهي كلّ أملهم في هذه الحياة، وإن كان يعينها عليهم المحامي فهمي عبد السلام، زوج شقيقتها الراحلة أليس، الذي يتكبد عناء الذهاب والإياب يومياً لرؤية ولديه والاطمئنان عليهما وعلى ماري وولديها وبات يشعر بأنه مسؤول عنهم أيضاً، وكانت ماري تحرص على ألا يتناولوا طعام العشاء إلا عندما يأتي «بابا فهمي»، هكذا أرادت أن يناديه الأبناء الأربعة، فشعر فهمي بأنهم أصبحوا أسرة واحدة، وخطر بباله أمر كان يفكر فيه منذ فترة، غير أنه كان يخشى مفاتحة ماري فيه خوفاً من طباعها، فهي كتلة من المشاعر والحنان والحب والعطاء، غير أنها عندما تغضب تتحوّل إلى شخصية أخرى، وكان يتمنى ألا يرى هذه الشخصية الأخرى ليس خوفاً على عدم خدمتها ورعايتها لولديه، فهو قادر على أن يوفر لهما حياة كريمة، سواء من خلال مربية، أو يتزوج بأخرى تقوم بهذ المهمة.

لكن المدهش أن فهمي شعر بحبّ ماري يتسرّب إلى قلبه، لم يكن في حاجة إلى أن يطمئن على ولديه مرتين يومياً صباحاً ومساء وتمضية يوم الجمعة كاملاً بينهم، إنما اكتشف أنه يريد أن يكون قريباً من ماري، أن يشاهدها صباحاً ومساء، كل ساعة وكل يوم، فقد ملأت عليه حياته.

الزواج الثاني

كان يمكن أن يتجرأ فهمي ويفاتح ماري، منذ اللحظة الأولى، التي شعر فيها بهذه العاطفة النبيلة تجاهها، لو أنه لقي تشجيعاً منها، غير أنه وجدها ثابتة على حالها، الحنان نفسه والابتسامة الصباحية والمسائية، المشاعر نفسها التي تستقبله وتودّعه بها منذ اليوم الأول الذي تكفلت فيه برعاية ولديه، غير أنه فاض به، فاستجمع شجاعته وقرر مفاتحتها، وما أن انصرف الأولاد إلى غرفهم، وحانت لحظة رحيله، حتى وقف مرتبكاً متردداً، كأنه طفل ارتكب خطأ ويخشى عقاب والدته، ولاحظت هي ذلك فبادرته:

* خير يا سي فهمي… إنت تعبان ولاّ حاجة يا خويا؟

= هه… أبداً… أبداً… أنا بس… كنت يعني عاوز أقول.

* إتفضل اقعد خد راحتك وقول اللي إنت عاوزه.

= ست ماري… كان فيه موضوع كده يعني… كنت عاوز آخد رأيك فيه.

* خير يا أخويا.

= طبعا أنا عارف إنك دلوقت فنانة كبيرة ولك اسمك…

* يا خويا ماتخدش في بالك وتدق ع الكلام ده… ده كله وحياتك أكل عيش…

= برضه يعني… مهما كان إنت دلوقت واحدة مشهورة والناس بتشاور…

* دي نعمة وفضل من ربنا… تكونش الحكاية دي مزعلاك؟

= أنا؟ أبدا والله… بالعكس إنت ست أي واحد يتشرف بيك… وده اللي خلاني أتشجع وأطلب منك إنك يعني… لو معندكيش مانع يعني توافقي…

* وأنا موافقة.

نظر إليها، ثم نظر في الأرض، ثم أعاد النظر إليها بسرعة عندما نطقت بالموافقة على الزواج منه قبل أن يطلب هو منها ذلك، لم يدرِ أنها تعلمت الكثير من خبرتها في الحياة وعشرات الروايات التي شاركت فيها على خشبة المسرح، ويمكن أن تعرف ماذا يريد من يقف أمامها حتى وإن لم ينطق بلسانه.

وافقت ماري منيب على الزواج من زوج شقيقتها الراحلة، ليكتمل شمل الأسرة قبل أن ينتصف عام 1937، وتنتقل الأسرة الجديدة إلى فيلا صغيرة في شارع «الفرماوي» في روض الفرج، كأن الله أراد أن يعوّض ماري عن سنوات الشقاء والحرمان والخداع، فقد عوضها فهمي عبد السلام ذلك كله بحبّه وتقديره لها، واحتوت هي، بما لديها من حبّ غامر، الأسرة ومنحتها الدفء والحنان، فشعر أفرادها أنهم بالفعل أسرة واحدة وليس شتاتاً اجتمع حديثاً.

كان لدى فهمي إحساس أنه لم يتزوج سوى ماري، ولولا اسمها الفني لكان لدى ماري إحساس أن فهمي هو الرجل الأول في حياتها، كذلك شعر الأولاد الأربعة بأنهم يعيشون بين والدهم ووالدتهم.

العائلة الكبيرة

كان تتمنى ماري، طوال الوقت، أن تكون لها عائلة، بل وعائلة كبيرة، فقد حُرمت من هذا الكيان الذي يشعر أي إنسان بالدفء و{العزوة»، ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟

وجدت ماري منيب ضالتها في عالم بريء أضافته إليها وأضافت نفسها إليه، فقد لجأت إلى عالم الطيور والحيوانات، وعشقت تربيتها، خصوصاً أن لديها مساحة في الفيلا الجديدة تسمح بذلك، فجلبت القطط، الكلاب، الدجاج، الديوك الرومية والبلدية، البط، الوزّ، الماعز، الخراف، الحمام والعصافير، وعملت منها ما يشبه عائلة كبيرة تسعد بها، حتى تحوّل بيتها إلى ما يشبه حديقة حيوانات صغيرة، وباتت هذه الطيور والحيوانات تملأ عليها حياتها.

لم يكن اهتمام ماري منيب بالحيوانات والطيور لمجرد ملء الفراغ، فلم يكن لديها فراغ لتبحث عن ملئه، إذ يملأ فهمي عبد السلام وأولادها الأربعة، إضافة إلى عملها، عليها حياتها، بل كان هذا الاهتمام لفائض كبير من الحبّ والحنان رأت أن تخصّ بهما بقية مخلوقات الله بعد الأهل والأصدقاء وكل من تعرفهم.

امتدت هوايتها هذه معها إلى خارج البيت وجمعت شمل القطط الشاردة حول مسرح الريحاني في شارع عماد الدين، وكانت تقدم لها الطعام كل ليلة، وتخصص نصف ساعة يومية، قبل صعودها إلى خشبة المسرح، لتضع لها الطعام، هكذا تحول الأمر إلى علاقة أشبه بالأمومة والبنوة، ووفقاً لنظرية الارتباط الشرطي، كانت القطط، عندما تشعر بقرب وصول ماري في الموعد المحدد لها، تنتظر في ما يشبه التظاهرة في جوار باب المسرح وعندما تنزل ماري من سيارة الأجرة، كانت تركض صوبها وتصطحبها من الباب الخارجي للمسرح حتى المكان المخصص لوضع طعامها خلف الكواليس، وهي في مواء مستمر، كأنها ترحب بها، حتى تبدأ فتح اللفائف ووضع الطعام لها لتهدأ ثورتها، وعندما كان الريحاني يجد القطط بهذا الشكل في انتظار ماري، باعتبار أنه يأتي إلى المسرح قبل ماري والممثلين كافة، كان يداعب «عم مجانس» حارس المسرح قائلاً:

* هي القطط دي أمهم لسه ماجتش؟

= (ضاحكا) لا لسه يا أستاذ… مدام ماري قدامها لسه ربع ساعة.

* ماري دي حدوتة كبيرة… خّلت حتى القطط والكلاب يحبوها.

كان للسعادة التي تعيشها ماري أثر كبير على حياتها الفنية، فما إن شعرت بالاستقرار، حتى أطلقت العنان لنفسها على المسرح لدرجة كانت تدهش نجيب الريحاني نفسه والمخرجين الذين يطلبونها للعمل معهم في السينما، وإن كانت ماري، على رغم أنها تتحدث الفرنسية بشكل جيد، تجد صعوبة في التعامل مع غالبية المخرجين، سواء من الإيطاليين أو اليونانيين أو غيرهم، ما كان يحدّ من انطلاقتها السينمائية، حتى جاءتها الفرصة، بل وجاءت للسينما المصرية بأكملها، عبر تدشين أول فيلم واقعي مصري بأيدٍ مصرية مئة بالمائة، يتناول الحارة المصرية وطبيعة الشعب المصري الحقيقي، ليس البكوات والباشاوات الذين يسكنون القصور، بل الذين يعيشون في الشارع والحارة المصرية.

ذهب المخرج كمال سليم إلى مسرح الريحاني برفقة مساعده والتقيا ماري منيب، بعدما رشّحها له الكاتب بديع خيري، وكادت تطير فرحاً وهو يخبرها على استحياء أنه اختارها لتؤدي دور «أم فاطمة رشدي»:

* شوفي بقى يا ست ماري… أنا عارف إن سنك قريب من سن فاطمة رشدي، يعني الفرق بينكم مش كتير… كام سنه كده، بس مفيش غيرك يعرف يعمل دور أم فاطمة رشدي في الفيلم ده.

= ما تاخدش في بالك يا أستاذ كمال… أنا مش مهم عندي أعمل دور أم ولا حتى جدة… المهم الشغل يطلع مظبوط… وبعدين يا سيدي ما أنا عملت دور الأم وأنا أصغر من كده… وكمان لواحدة أكبر من فاطمة رشدي… هتفرق إيه يعني؟

* وده عشمي فيك… الفيلم ده تحدي بالنسبة لينا كلنا… عاوزين السينما المصرية تبقى مصرية بجد، تعبّر عن المصريين الحقيقيين ومشاكلهم… وأنا كليّ عزيمة وأمل إن الفيلم ده يكون بداية تغيير حاجات كتير في السينما المصرية.

= إن شاء الله ربنا هينصرك… ألا قولي أنا لحد دلوقت معرفتش اسمه إيه؟

* اسمه «العزيمة»، كتبت له القصة والسيناريو، وبديع خيري كتب الحوار، وده زميلنا الأخ صلاح أبو سيف… مساعد المخرج وهو اللي هيتابع معاك دورك وتفاصيله كلها عنده.

= أهلا وسهلا اتشرفنا يا أستاذ أبو سيف.

نجح فيلم «العزيمة» في العرض الأول له في دار «سينما استوديو مصر» في 6 نوفمبر 1939، وكتب شهادة ميلاد سينمائية حقيقية لكل من عمل فيه، بداية من أبطاله: فاطمة رشدي، حسين صدقي، أنور وجدي، زكي رستم وماري منيب، وحتى المخرج كمال سليم، الذي قدّم أول فيلم ينتمي إلى الواقعية المصرية، ومساعد المخرج صلاح أبو سيف، الذي وضع بصمته في السينما في هذا الاتجاه، بعد هذا الفيلم.

أمينة عبد السلام

عاشت ماري منيب نشوة النجاح بالمشاركة في أول فيلم واقعي مصري، وأصبح اسمها حديث الصحف والمجلات المصرية، لم يكن ينقصها سوى وجود زوجها فهمي عبد السلام إلى جوارها في هذه اللحظات المهمة في حياتها، ولولا سفره إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج، لعاش معها هذه الأيام الفارقة في حياتها، كفنانة.

غير أن غيابه لم يطل، وعاد بعد أيام من نشوة هذا الانتصار، ليكتشف أن أموراً تغيرت في حياة ماري الفنانة، التي أصبحت حديث الصحف المصرية بسبب نجاحاتها المسرحية في فرقة «كشكش بك» أو السينمائية، بل وتغيّر ماري الإنسانة، فما إن عاد فهمي إلى بيته ودخل حجرتها حتى وجدها ساجدة تصلي، لم يصدّق ما رآه، غير أنه عرف حقيقة الأمر منها، فقد أشهرت ماري إسلامها أثناء وجوده في الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج، وأثبتت ذلك في وثيقة رسمية، ليتسنى لها تغيير اسمها من ماري منيب، إلى أمينة عبدالسلام، وتحمل لقب اسم زوجها الثاني فهمي عبد السلام، غير أنها أبقت على اسمها الفني:

* أنا بس كنت عاوزة استسمحك إني مش هقدر أكتب اسمي الجديد على المسرح ولا في الأفلام… الجمهور ميعرفش غير ماري منيب… ومش هاجي النهارده بعد أكتر من عشرين سنه وأقوله أنا غيرت اسمي.

= انت عارفة إن ده كله ميفرقش معايا… المهم عندي هو إنك تكوني مقتنعة باللي إنت بتعمليه… ويا ستي كفاية تكوني معايا لوحدي باسم أمينة ومفيش حدّ بيشاركني في الاسم ده.

في منتصف عام 1940، عرض المخرج محمد العقاد على ماري أن تشارك في فيلم «أصحاب العقول»، فوافقت فوراً، لكنها فوجئت في اليوم الأول للتصوير بوجود فوزي منيب بين الممثلين المشاركين في الفيلم، وللمرة الأولى تلتقي به وجهاً لوجه منذ اللقاء الأخير بينهما في «كازينو روض الفرج» قبل سبع سنوات. لاحظ بشارة واكيم ـ المشارك في بطولة الفيلم ـ أن غيوماً ترتسم في سماء الاستوديو، فحاول أن يخفف من حدّة توتر اللقاء:

- هو إيه أصله ده… إنتو لسه متعرفتوش على بعض… أقدملك يا سيدي مدام ماري منيب، ست الستات… وممثلة أشهر من نار على علم… وأقدملك بسلامته سي فوزي منيب… ممثل ومغنٍ شغل زمان… متلقيش منه دلوقت.

= إزيك يا مدام ماري… عاملة إيه؟

* الحمد لله… في نعمة من ربنا.

= إزي فؤاد وبديع… عاملين إيه… تعرفي إنهم واحشيني قوي.

* ماتشفش وحش… تقدر تتفضل في أي وقت تشوفهم… البيت بيتك… بس ابقى أديني خبر بمعاد مجيئك علشان سي الأستاذ فهمي عبد السلام… جوزي يكون في انتظارك.

= وهو كذلك.

كان الفيلم بداية صداقة وإخاء ونسيان لجراح الماضي بين ماري وفوزي، فقد أصبح ولداهما فؤاد وبديع في سن الشباب، وكان لا بد من أن تتوطد علاقتهما بوالدهما، بل حرصا على حضور عرض الفيلم برفقة والدتهما وظافر وكوثر في 14 نوفمبر 1940. وقد غنى فوزي منيب في الفيلم وشاركه الغناء المونولوجست سيد سليمان، والمغنية بهيجة المهدي، وشارك في التمثيل حسن راشد وبشارة واكيم وعبده يوسف وفريد أبو زيد.

في اليوم التالي لعرض «أصحاب العقول» كان نجيب الريحاني يعرض على ماري منيب سيناريو فيلم سينمائي جديد، ستشاركه فيه.

* تعالي يا ست ماري… امسكي الورق ده.

= إيه ده.. سي عمر… ده يطلع مين… سي عمر أفندي.

* حلوة… لا وإنت الصادقة سي عمر الأزمرلي… دي رواية جديدة.

= أيوه بس الرواية اللي شغالين فيها لسه يا دوب بادئه الأسبوع ده

* لا ياستي… سي عمر أفندى ده للسيما مش للمسرح.

= ربنا يزيدك يا سي نجيب.

* أهو… أدينا بنعمل اللي علينا علشان نسيب حاجة للأجيال اللي بعدنا… مش كفاية إنهم مش هيشوفوا المسرح اللي نعمله… أهو يشوفوا حاجة من ريحتنا وخلاص.

= ربنا يديلك طولة العمر وتملا الدنيا كلها فن.

* ولا ما يديش… أهو كله محصل بعضه… القصد… إحفظي الدور بتاعك علشان هنبدأ تصوير الأسبوع الجاي علشان الفيلم يلحق العيد.

= عيد… إحنا فين والعيد فين اسم الله عليك.

* عيد سبعة يناير يا ماري… ولا نسيتي.

= آي والنبي يا سي نجيب الدنيا تلاهي… بس يا رب بقى يبقى دور حلو كده… لأني هموت وأعمل وياك في السيما دور كده ملو العين زي اللي بنعمله ع المسرح.

* لا بعد الشر عنك… اطمني… ده دور هيعجبك قوي… هي مش فاطمة رشدي عملتك أمها في العزيمة.

= آي والله وأنا في عز شبابي.

* أنا بقى يا ستي رأفت بحالك وهعملك خالتي في سي عمر.

فاكهة السينما

عُرض «سي عمر» في 6 يناير، ليلة عيد الميلاد المجيد 1941، في دار «سينما استوديو مصر»، وسط احتفال كبير، وقد حمل رقم 120 في تاريخ السينما المصرية. كتب له الحوار والأشعار بديع خيري، وكتب السيناريو نيازي مصطفى وأخرجه أيضاً، وشارك في الغناء أهل الطرب من بينهم: بديعة صادق (خالة إسعاد يونس)، إبراهيم حسين، إجلال زكي، محمد الكحلاوي. وضع الألحان رياض السنباطي، وشارك في التمثيل إلى جانب نجيب الريحاني، ماري منيب، زوزو وميمي شكيب، عبد العزيز أحمد، فؤاد الرشيدي، فيكتوريا حبيقة، عبد العزيز خليل، استيفان روستي، سراج منير، محمد كمال المصرى (شرفنطح)، وعبد الفتاح القصري.

جعل هذا النجاح من ماري منيب «فاكهة السينما المصرية»، فتهافت عليها المخرجون، ولم تعد تقدم أقلّ من أربعة أو خمسة أفلام في العام.

ففي العام نفسه، 1941، شاركت في فيلم «مصنع الزوجات»، سيناريو نيازي مصطفى وإخراجه، وقد دفع فيه زوجته تحية إبراهيم بلال، التي أطلق عليها اسم فني «كوكا»، للمرة الأولى في فيلم من إخراجه، لتؤدي دور البطولة وشاركها: أنور وجدي، ليلى فوزي، محمود ذو الفقار، إسماعيل ياسين، دولت أبيض، عبد الفتاح القصري، إحسان الجزايرلي، عبد العزيز خليل، إلى جانب ماري منيب، كذلك تضمن مجموعة من الأغنيات أدتها المطربة ليلى حلمي وشقيقتها ثريا حلمي والمطربة شهرزاد. حقّق الفيلم نجاحاً لدرجة أن ماري منيب أصبحت مصدر تفاؤل أبطال أفلام السينما، وكان البعض يشترط وجودها في العمل.

في اللقاء الثاني له مع السينما، استعان فريد الأطرش بماري منيب، تفاؤلاً بها بعد نجاح فيلمه الأول الذي شاركت فيه أيضاً، وعندما علمت أم كلثوم بذلك، كانت تستعد لخوض تجربتها الرابعة مع السينما، أخبرت المخرج أحمد بدرخان أنها تريد أن تشارك ماري منيب في فيلم «عايدة»، ولا بد من أن يوقّع معها العقد قبل أن تبدأ العمل مع كمال سليم وفريد الأطرش في فيلم «أحلام الشباب»، فما كان من كمال سليم إلا أن انتظر انتهاء ماري من العمل مع أم كلثوم وبدأ تصوير فيلمه الذي انتهى منه وطرحه للعرض في 16 نوفمبر 1942، قبل فيلم أم كلثوم «عايدة»، الذي عرض في 28 من الشهر نفسه.

البقية في الحلقة المقبلة

الجريدة الكويتية في

26/08/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)