حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«الربيع العربي»... توقف في لوكارنو

عثمان تزغارت

تحتل السينما (الشبابيّة) العربيّة مكانة مهمّة على برنامج المهرجان السويسري البارز. إضافة إلى أعمال دانيال عربيد، وتوفيق أبو وائل، ورابح عامر زعيمش، تعرض أفلام عالميّة عدّة موضوعها الثورات العربيّة الراهنة

انطلق قبل أيّام مهرجان «لوكارنو السينمائي» الذي يستمر حتى 13 آب (أغسطس) الحالي في المدينة السويسريّة الواقعة جنوبي الألب على بحيرة Maggiore. ويُفرد المهرجان، في دورته الـ 64، مكانة مميزة للقضايا العربية من خلال أفلام عربية، أو أخرى أوروبية، ذات مضامين مرتبطة بالعرب وقضاياهم. تحتضن التشكيلة الرسمية في «المسابقة الدولية» (ثانية أهم تظاهرات المهرجان)، ثلاثة أفلام لمخرجين عرب هم دانيال عربيد (بيروت أوتيل)، وتوفيق أبو وائل (تناثر)، ورابح عامر زعيمش (أغاني ماندران). بينما يُعرض ضمن التظاهرة الرئيسية Piazza Grande فيلم كندي لفيليب فالاردو بعنوان «بشير لزهر» (بطولة النجم الكوميدي الجزائري فلاق). أما تظاهرة Fuori Concorso (خارج المسابقة) التي تُخصّص للأفلام التوثيقية ولـ«السينما المغايرة»، فتتضمن فيلماً إيطالياً لستيفانو سافونا بعنوان «تحرير» يصوّر وقائع الثورة المصرية.

بعد «رجل ضائع»، تستعيد دانيال عربيد (1970) في «بيروت أوتيل» تيمتها الأثيرة المتعلقة بسبر أغوار علاقات إشكالية وعابرة، بين شخصيات من ثقافات متباعدة تتقاطع مصائرها، في رحلات تيه مطوّلة وغامضة. تصوّر المخرجة اللبنانية هنا قصة حب إشكالية بين زها وماثيو. الأولى مغنية محلّية تسعى إلى التحرّر من قبضة زوج متسلّط، والثاني محامي أعمال فرنسي (أو مراسل في طريقه لإنجاز تحقيق صحافي في سوريا؟)، سرعان ما تلاحقه الشبهات بعد أن يحلّ في بيروت، فيتعرض للمطاردة بتهمة التجسس.

يتعارف ماثيو وزها في إحدى حانات بيروت. تنشأ بينهما علاقة حب، يرصد الفيلم تفاصيلها الحميمة على مدى عشرة أيام وعشر ليال، يتقلبان خلالها بين الفنادق والبارات في رحلة تيه، يحاول خلالها كل واحد الإفلات من هواجسه النفسية.

أما العمل العربي الثاني، فمن المتوقّع ألا يمرّ مروراً عابراً. «تناثر» يحمل توقيع السينمائي الفلسطيني المثير للجدل توفيق أبو وائل (1976). كان المذكور قد أثار زوابع من الانتقادات بفيلمه الأول «عطش» حين عُرض في «كان» قبل سبعة أعوام، ورأى فيه كثيرون مهادنة صادمة للاحتلال الإسرائيلي (راجع الكادر أدناه).

من جهته، يشارك الجزائري رابح عامر زعيمش (1966) بفيلم جديد يراهن فيه على المغايرة. بعد الأعمال ذات النفس الاجتماعي التي طبعت بداياته، من «واش، واش؟» إلى «المعقل الأخير»، مروراً بـ«بلاد رقم 1»، يطرق المخرج الجزائري المقيم في فرنسا، لأول مرة، باب السينما التاريخية. «أغاني ماندران» يستعيد جانباً من سيرة لويس ماندران، أحد أشهر قطاع الطرق في فرنسا خلال العهد الملكي وقبيل اندلاع الثورة.

رغم أنّ زعيمش شرع في الإعداد لهذا الفيلم في أواخر 2009، إلا أنّ تطوّرات الأحداث شاءت لعمله أن يجد طريقه إلى الصالات في خضم الثورات العربية، ما أكسبه رمزية معاصرة. الأبعاد السياسية التي اكتسبتها أعمال «الخارجين عن القانون» عشية قيام الثورة الفرنسية، بعدما تحوّلوا من «قطاع طرق» إلى متمردين ضد الظلم، أسهموا في التأسيس للفعل الثوري، تربطها نقاط شبه ملتفة بالشرارات الأولى التي أشعلت ربيع الثورات العربية، مثل بادرة محمد البوعزيزي الاحتجاجية.

وتحضر الثورات العربية في «لوكارنو» أيضاً، من خلال الفيلم التوثيقي «تحرير» للإيطالي ستيفانو سافونا.

في مطلع شباط (فبراير) الماضي، تأبط الفنان اليساري كاميراه الرقمية، ويمّم شطر ميدان التحرير. أراد أن يصوّر الثورة المصرية من داخل، عبر بورتريهات متداخلة لثلاثة من شبان الثورة: نهى وأحمد وسيّد. في هذا العمل المينمالي، ركّز المخرج الإيطالي عدسته على أبطاله الثلاثة، لتصوير تطوّرات أحداث الثورة من خلال رصد آمالهم وآلامهم، على مدى الأسبوعين الأخيرين قبل سقوط الديكتاتور.

من السينما التوثيقية إلى الروائية، تسجّل القضايا العربية حضورها من خلال فيلم «بشير لزهر» للكندي فيليب فالاردو. يروي العمل قصة مهاجر جزائري في مونتريال، يكتشف وهو يقرأ الصحف، أن مدرِّسة في حي قريب أقدمت على الانتحار في الفصل، ويقرّر أن يتقدم بطلب للتدريس مكانها. وسرعان ما يرتبط بشير بتلميذين يعانيان تمزقاً نفسياً حاداً. ويكتشف أنهما يعانيان تأنيب الضمير لأنهما أديا ـــــ من دون قصد ـــــ دوراً في انتحار المدرِّسة. ويكتشف التلميذان أن بشير يعاني، هو الآخر، من تأنيب الضمير بسبب ما عايشه خلال الحرب الأهلية الجزائرية...

تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الدورة من «لوكارنو» لن تمرّ من دون توجيه تحية تضامن إلى السينمائي الإيراني جعفر بناهي الذي سبق أن استضاف المهرجان السويسري الشهير العديد من أفلامه.

www.pardolive.ch

تكريم هاريسون فورد

منح «مهرجان لوكارنو» مساء السبت الممثل هاريسون فورد (1942) جائزة عن مجمل أعماله. مدير المهرجان أوليفييه بير (1971) كتب على مدونته تعليقاً على الحدث: «لا يصادف المرء كل ليلة فرصة مصافحة بطل طفولته». وكان الصحافي والناقد الفرنسي قد عدّد في وقت سابق على مدوّنته أسماء الأفلام التي حفرت في ذاكرته وجعلته يحبّ السينما، وخصوصاً الإنتاجات الأميركية التي تنتمي إلى الأكشن والخيال العلمي مثل «حرب النجوم»، و«بلاد رانر» اللذين شارك فورد في بطولتهما. وخلال مؤتمر صحافي السبت، أعرب فورد عن ندمه؛ لأنّه لم يشارك في عدد كبير من أفلام الويسترن، مشيراً إلى أنّ «آخر مرة شارك في أفلام مماثلة كانت منذ 35 عاماً». علماً بأنّ فورد يشارك اليوم في فيلم «رعاة بقر وكائنات فضائية» الذي نزل أخيراً إلى الصالات الأميركية، وهو شريط أكشن يجمع الخيال العلمي وعوالم الويسترن.

الأخبار اللبنانية في

08/08/2011

 

توفيق أبو وائل:

خطاب ملتبس من الاحتلال

عثمان تزغارت 

لم يقدّم السينمائي الفلسطيني توفيق أبو وائل جديداً منذ عمله الروائي الأول «عطش» («أسبوع النقاد» في «كان» ـــ 2004) الذي لفت الأنظار بجودته الفنية العالية. لكنه أثار حينها زوابع من الانتقادات، بسبب خطابه الذي تضمّن مداهنةً واضحة للاحتلال. علماً بأنّ الفيلم كان من إنتاج إسرائيلي كبعض الأعمال الآتية من فلسطين التاريخية.

لا شك في أنّ توفيق أبو وائل مخرج موهوب. لفت انتباه النقاد منذ فيلمه القصير الأول الذي تخرّج به من جامعة تل أبيب، واقتبسه من عوالم رائعة محمد شكري «الخبز الحافي». وهو ينادي بحق السينمائي الفلسطيني بأن ينجز أفلاماً حميمة تعبّر عن هموم ذاتية، غير مرتبطة بقضيته الأمّ. وهو هاجس مشروع، لكنّه يأتي مرفقاً بكميّة من الشطط الاستفزازي الذي تتسم به أعماله، ما ينعكس على طريقة تلقّي النقاد والمشاهدين العرب للتجربة عموماً.

المنحى الفرويدي الذي اعتمده في «عطش» لتصوير صراع أجيال في عائلة فلسطينية محاصرة في أم الفحم (مسقط رأسه)، دفعه إلى مداهنة الاحتلال. ووجّه يومذاك سهام النقد إلى المقاومة الفلسطينية، عبر شخصية أب متسلط يدّعي البطولة الزائفة، ما أعطى الانطباع بأنّ الفيلم ينادي الأجيال الفلسطينية الجديدة بالتخلي عن القضية من أجل مشروع «قتل الأب». وها هو يعاود الكرّة في «تناثر»، راصداً الأيام الأخيرة لزوجين فلسطينيين في القدس. وإذا بالمشاهد يكتشف أنّ ما يدفع هذين الزوجين إلى المغادرة ليس الاحتلال الذي يحوّل حياة سكّان المدينة المقدّسة إلى جحيم، بل الشرخ الذي أصاب علاقتهما بعد 20 سنة من الزواج.

لا يقتصر الأمر على الخطاب الملتبس لأفلام توفيق أبو وائل. تصريحاته أيضاً تتسم بالشطط. غداة عرض «عطش» في «كان»، صرّح المخرج بأنه وجد صعوبة في الحصول على تمويل أوروبي؛ «لأنّ المنتجين الأوروبيين توقّعوا فيلماً يظهر الجنود الإسرائيليين وأسيجة الحدود وصور الاحتلال». أما عن التمويل الإسرائيلي لأفلامه، فقال: «ما دامت أفلامي تعبِّر عن رؤيتي الشخصية، فأنا مستعد لقبول التمويل حتى من الشيطان».

هناك منطق سمعناه في الماضي من مبدعين يعيشون ويعملون في فلسطين التاريخيّة. هذا المنطق مفاده أنّ السينمائيين العرب تحت الاحتلال يعدّون بحكم الأمر الواقع من «دافعي الضرائب الإسرائيليين»، وبالتالي يحق لهم الحصول على تمويل المؤسسات الحكومية لأفلامهم على قدم المساواة مع الآخرين في الكيان الغاصب. لكن، يستدرك القائلون بهذا المنطق، شرط ألا يكون ذلك التمويل مقترناً بإملاءات وأجندة سياسية.

قد يكون هذا الكلام قابلاً للنقاش، حتّى حين يصدر عن مبدعين كبار معروفين بنقدهم الجذري للكيان الصهيوني... فكيف بالأحرى عندما يتعلّق الأمر بفنانين يحصلون على التمويل الإسرائيلي، لتصوير أفلام تبيِّض صورة الاحتلال؟

الأخبار اللبنانية في

08/08/2011

 

اليخاندرو غونزاليس إيناريتو:

الكآبة بجرعات كبيرة

يزن الأشقر  

في Biutiful، حافظ السينمائي المكسيكي على السوداوية التي طبعت أعماله، لكنه غاص هذه المرة في كوابيس تؤرق المجتمع الأوروبي، مثل الهجرة غير الشرعية

يتساءل كثيرون عمّا إذا كانت سينما أليخاندرو غونزاليس إيناريتو (1963) تستحق الحفاوة التي تحظى بها من الجمهور والنقاد على حد سواء. في مشواره السينمائي الذي يحمل أربعة أفلام روائية طويلة من عام 2000 وحتى آخر أعماله عام 2010، نشاهد انغماساً في السوداوية من خلال أعمال درامية تتناول ثيمات الموت وعلاقته بالإنسان. لكن الاكتفاء بهذه القراءة، وعدم الخوض عميقاً في سينما إيناريتو، فيه نوع من الظلم لمخرج نستطيع أن نطلق عليه صفة الإنسانية. بالتأكيد، هناك تفاوت في مستوى الأفلام التي أخرجها، وإن كانت تتشابه ثيماتها، أو في طريقة تفاعلها مع الشخصيات ونقلها إلى المشاهد.

النظرة إلى نشأة المخرج تشي بالملامح التي تأثر بها في اختيار مواضيع أفلامه. ولادته في كنف عائلة من الطبقة الوسطى في المكسيك، عانت لاحقاً من صعوبات مالية بعد فقدان الأب لعمله وانتقالها من الثراء إلى الإفلاس، ثم عمله في سفينة شحن، وترحاله بين أفريقيا وأوروبا، وقراءته كلاسيكيات الوجودية.. وصولاً إلى دراسة الاتصالات في الجامعة... كل هذه العوامل شكّلت تجربة مهمّة في مسيرة إيناريتو، انعكست على أعماله الطويلة الأربعة، خصوصاً «ثلاثية الموت»: «أموريس بيروس» (2000) الذي أطلقه عالمياً، و«21 غراماً» (2003)، و«بابل» (2006). سلّط في أعماله نظرة ثاقبة على التفاوت الطبقي، والعلاقات الإنسانية، وترابط المصائر. وتناول ثيمة الموت التي تشكل تبريراً وجودياً بنيت عليها الأفلام الثلاثة. هذه الثلاثية كتبها صديقه غييّرمو أرياغا، وتعاون معه إيناريتو في كتابة «بابل». بعدها، اختلف الاثنان وأنهيا التعاون بينهما.

ونصل هنا إلى أحدث أعماله الذي يعرض حالياً على الشاشات اللبنانيّة: «بيوتيفول» (2010) الذي شارك في كتابته، يحمل الملامح ذاتها التي اكتنفتها أفلامه السابقة، إذ يعتمد على ثيمة الموت إلى درجة تجعله غارقاً في كآبة هائلة. ما يختلف هنا هو ابتعاد إيناريتو عن المحاور المتعددة للشخصيات، واكتفاؤه بشخصية رئيسية واحدة تحمل ثقل الفيلم ضمن دراما أهداها إلى والده. أوكسبال، الشخصية الرئيسية التي يؤديها ببراعة خافيير بارديم، هو أب لطفلين في برشلونة، انفصل عن زوجته مارامبرا (ماريسل ألفاريز) التي تعاني اكتئاباً حاداً، وهو مريض أيضاً. أوكسبال يدير تجارة لمهاجرين غير شرعيين، تمثّل مصدر دخله الرئيسي، لكنّه يعتني بهم في الوقت عينه كي لا يصار إلى ترحيلهم. إضافة إلى ذلك، يتمتّع أوكسبال بموهبة التواصل مع الموتى فيقوم باستغلالها مادياً أيضاً. وعندما يكتشف مرضه القاتل، يتحوّل موته المحتوم إلى مرشد له في محاولته ترتيب حياته وحياة أطفاله قبل مغادرته العالم.

حبكة تراجيدية وسوداوية بلا شك. وهذا ما يريده إيناريتو من خلال السرد الذي يسير بشكل خطّي وأفقي، عكس أفلامه السابقة. لكن الحبكة لا تتوقف عند المشاكل الوجودية التي يعاني منها أوكسبال في رحلته مع الموت، بل تأخذ بعداً اقتصادياً وسياسياً أيضاً. برشلونة بوصفها أحد الأمثلة على المدينة الحديثة المتعددة الثقافات، تعدّ شخصية كاملة بحد ذاتها. وفي تناول شخصية أوكسبال المتناقضة، طرح لعدد من الأسئلة التي تؤرق المجتمع الأوروبي، بدءاً بالأزمات الاقتصادية، وقضية الهجرة غير الشرعية واندماج المهاجرين في مجتمعهم الجديد.

من هنا يأتي التناقض في شخصية أوكسبال تجسيداً للتناقض الذي تعيشه المدينة الحديثة. والموت الذي يحاول أوكسبال الاستعداد له، هو ما يؤرق هذا المجتمع أيضاً، بسكّانه ومهاجريه، وتجاربهم من نوم ونشوة واحتضار «التي تلمس المخيّلة المنتظرة للموتى» كما كتب جون بيرغر في «اثنتا عشرة أطروحة في عِلم اقتصاد الموتى». كآبة Biutiful قد تبدو أمراً مبالغاً بها بالنسبة إلى بعضهم، لكنها تجربة جمالية بالتأكيد، خصوصاً مع صورة رودريغو بريتو السينمائية، ومن خلال المَشاهد المنغمسة في السرد المحكم.

Biutiful: «بلانيت أبراج».

للاستعلام: 01/292192

بوند 23

عن أدائه في «بيوتيفول» نال خافيير بارديم جائزة أفضل ممثل في «مهرجان كان» العام الماضي. لفت الممثل الإسباني الوسيم الأنظار منذ مطلع التسعينيات، بعد دوره في Jamón, jamón. سار نحو التكريس بخطوات بطيئة، ويستعدّ اليوم لأداء دور الشرير في «بوند 23» النسخة القادمة من سلسلة أفلام جايمس بوند البوليسية.

الأخبار اللبنانية في

08/08/2011

 

زوم

الجمهور هزم النُقّاد بدعم مُطلق من النجوم···

مَنْ يدعم بقاء نجم على رأس الهرم، ويضاعف أجره الجمهور أم النقاد؟!·

محمد حجازي 

من دون تردُّد: الجمهور، وهو نفسه الذي قال عنه آدم ساندلر: <حتى لو لم يحب النقاد أفلامي فإنها تحظى بشعبية لدى الجمهور الذي يشتري التذاكر>، وبناء عليه فإنّ هذا الممثل يقبض أربعين مليون دولار عن الدور الواحد·

المال يتكلم بكل بساطة·

يُعطى هذا الرقم فقط، لأن أفلامه تسترد ميزانيتها من العرض الأول في الصالات الاميركية وقبل أن تنتقل الى العالم المستهلك للسينما من متحضر أول الى متواضع ثالث·· وهنا المشكلة·

الجمهور مجدداً، وهل هو دائماً على حق؟!

عند المنتجين نعم، لأنهم أصحاب القرار في السينما بدءاً من الافكار، الى النجوم الى نمط التعاطي مع الازمات والقضايا والشخصيات التي تطرح منهم من يظل أمامنا في الصالات المظلمة، ومَنْ يمكن أن نراه لفترة ثم ينقطع لسنوات، ليعود بعدها أو لا يعود، فالمهم ما الذي يستطيع أنْ يحقّقه من إيرادات عندما يُعلَنْ عن فيلم له·

هذا حق ومنطق، وعندما سئل منتج أميركي عن سبب تعامله مع ممثلين ظلّهم ثقيل؟!، قال: أنا أعرف ذلك لكن أفلامهم تدرُّ أرباحاً أفضل من غيرهم·· وهذا يذكرنا بما قاله سيد الـ CNN، حين سئل: لماذا نجحت محطتك الى هذا الحد (الكلام منذ سنوات عديدة) فردّ: لأنني أتعامل مع أفشل صحافيين وأقل المذيعات جمالاً·

إذن المهم النتيجة، لا أحد يسأل عن الحيثيات يعني <هات من الآخر: ربح أم خسارة، فإذا كان ربحاً لا تُدخلنا في التفاصيل>··· وهذا يصب في جملة ما سبق وقاله الراحل مصطفى العقاد عندما سئل: لماذا سلسلة هالوين، وأنت مخرج كبير قادر على تقديم الروائع، فجاء ردّه: مثل هالوين يؤمن لي سُبُل العيش المريح، أرباحه مضمونة، لكنّني من أجل فيلم جيد مضطر لاستخدام مال الآخرين، أمّا مالي فهو خبرتي وقدراتي·

بالمقابل المساحة المتاحة للنقد رحبة، لكنها في أفضل الحالات ليست الحاكمة، ليست الآمرة بمشاهدة فيلم، ولا الناهية عن عدم مشاهدة آخر، نعم متاح لها أن تخلل وتستنتج وتعلن انسجامها من عدمه، لكنها تدرك عن أنّها لا تستطيع توجيه الجمهور، وإذا ما دخلنا في التفاصيل فإن الشريط الذي يتم التعامل معه سلباً يستفز الناس لمشاهدته، وهي صورة لطالما رُسِمَتْ عن مقالات الزميل الراحل سمير نصري، فكان يُقال: كل ما لا يعجبه شاهدوه، وهو ما دفع بمحب السينما والناس المنتج الراحل خالد عيناني لأن يتمنّى على نصري مرة أنْ يكتب ضد فيلم: الجلد، للمخرجة ليليانا كافاني، حتى تتأمّن له إيرادات جيدة، فردّ سمير بلهجته المصرية المعروفة: دة تحفة سينمائية، إزاي عاوزني زقول عنه كلام مش ولا بد··· فداعبه عيتاني قائلاً: خيي سمير بدك خسارتي يعني·

هذه الإشكالات لا تلغي أبداً وجود نمطين من السينما التجارية والنخبوية، ولكلا النموذجين جمهور حاضر وكبير، يصل الى حد التضاد الكامل، لذا فمن الصعب استبعاد الاول لأنه يؤمّن للناس الترفيه وتمضية وقت لطيف مع قبلات باتت معروفة لدى القيّمين على موجات هوليوود المتعاقبة عاماً بعد عام، وأحياناً في فترات متقاربة، ولقد تحوّل الفنان الى سلعة، وسيماً كان أو جميلة كانت، فسعره أو أجره على محك ما تحمله الافلام من ايرادات فإذا ما جنى المال وجد المنتجين في خدمته وهم مستعدون لمضاعفة أجره عدة مرات شرط أن يبقى راضياً طالما أنّه مضمون الإيرادات ولا توجد مخاطر تحد من الرهان عليه·

كل هذا عن النجوم الأجانب الذين يتلاعبون بالملايين·· أما نجومنا فهم بعيدون عن هذا الإطار، ولا يعرفون قيمة ما يقدّمونه سوى في الوقت الذي يُطلبون فيه للعمل في أفلام أجنبية، عندها يُدرِكون أنّ للممثل قيمة كبيرة وهو ما كان أعلنه غسان مسعود عندما شارك في دور صلاح الدين الأيوبي ولدقائق قليلة عالمياً، فكان أنْ تبدّلت حياته تماماً، فاشترى ونفّذ عدداً من المشاريع وعرف قيمة ما يمارسه في حياته عندما عرف أنّ هناك مكاناً في العالم يُقدّر الممثلين، ويكافئهم بكرم زائد·  

نقد

Biutiful للإسباني <إيناريتو> بعد عام على عرضه عالمياً

شريط يحمله <بارديم> لوحده مُثبِتاً عبقريته كممثل··

محمد حجازي

في مهرجان كان السينمائي الدولي العام المنصرم 2010 حاز الإسباني خافييه بارديم جائزة أفضل ممثل عن دوره في (Bitutiful) للمخرج اليخاندرو غونزاليس إيناريتو، وبيروت التي لم تعتد التأخّر في عرض الجديد على شاشاتها التي تفوق المئة وعشرين صالة، شاهدت الشريط أخيراً، وكانت المفاجأة كم كان للممثل بارديم من ثقل نوعي أسهم في حمل هذا المصنّف السينمائي الى مرتبة العمل الكبير الذي يليق بالجوائز ولا يتقهقر أبداً الى المستوى التجاري العادي·

شريط إيناريتو يحمله ممثل· نعم·· لكن هذا الفنان محاط بفريق نموذجي رائع في خيار المخرج نجده يضع المناسب في مكانه خصوصاً الممثلة ماريسيل ألفاريز في دور مارامبرا، مُطلّقة أوكسبال (بارديم) التي تجسّد دور المرأة المجنونة، العبثية، وغير المسؤولة عن شيء، لكنها متعلّقة بولديها منه: آنا (هناء بوشايب) وماثيو (غيلليرمو إيستريلا)، وهو يعيش أيامه الاخيرة لإصابته بسرطان قاتل، يجعله يبوّل دماً على الدوام وأمامه شهران ويموت بعدهما·

كل هذا يحصل في حي فقير يكثر فيه الصينيون وهم يتعاطون بعض اعمال التهريب وهذا سر علاقة اوكسبال بهم، ورغم حبهم له الا انه بعدما قدّم لهم عدداً من <الدفّايات> لزوم تجمعاتهم مع عائلاتهم، جاء من يطرق بابه في احدى المرات لإبلاغه بأنّ مجموعة كبيرة منهم قضية اختناقاً بالغاز المنبعث من هذه الآلات وجن جنونه·

تحاول مارمبرا العودة اليه الى المنزل، الى حياة طبيعية بحيث تترك حياة الليل ومشاكله، لكن الصورة لم تكن ابداً ممكنة لأنها سرعان ما أصبحت تصرخ وتتحدّث بشكل مستمر ولا تكف عن الكلام أبداً، بحيث لا يُطيقها احد في هذه العادة، لذا لم يلبث ان طلب منها الذهاب· ويجيء التعويض من السنغالية آيجي (دياريا توراف) التي خسرت زوجها إيكويمي (شيخ ندياي) خلال احدى مداهمات البوليس الإسباني للحي والقبض على الذين يتعاطون التهريب والمتاجرة بالمخدرات، ووجد اوكسبال نفسه مجبراً على خدمتها، والدفاع عنها وعن ابنيها أحدهما بين ذراعيها والآخر في بطنها، وإذا بـ آيجي التي حصلت على ما تصرفه على نفسها منه، تتحوّل الى حل مهم له فهي ساعدته في توصيل الولدين وإعادتهما من المدرسة، والتالي طلب منها ان تكون السيدة الحنونة التي تبقى معهما وترعاهما بعد وفاته، لأن الموعد بات قريباً، ورغم انها كانت راغبة في العودة الى داكار، وقصدت المطار من اجل ذلك، الا انها شعرت بمسؤولية ملقاة على عاتقها تتعلق بالولدين والرجل الذي كان وفياً لصداقته مع زوجها، فعادت وأكملت معه حتى لحظة موته·

وكما انفتحت الشاشة عليه في بداية الفيلم، كذلك هي انغلقت على صورته في الختام حين سقط ميتاً·

في Biutiful شحن عاطفي صادق وعميق، واشتغال على بعض الشخصيات التي ادت ادوارها نماذج رائعة من الممثلين بدءاً من بارديم، وصولاً الى الطفل ماثيو، والمناخ واحد، والإيقاع لم يتبدل او يهتز، والشحن العالي عندما تصله الاحداث يظل مضبوطاً بحدود واقعية، فلا يتدخّل المخرج في السياق سوى للملمة الاجواء على تنوّعها وتداخلها، لكن النتيجة تكون لصالح الشريط ونمط الاندفاع فيه وسط حالة من الميلودراما الاجتماعية التي ذكّرتنا سريعاً بمناخ ايتوري سكولا في فيلم: بشعون، قذرون، أشرار·

شارك في باقي الادوار: ادوارد فرنانديز، شنغ تاي شن، وو جن، جورج شيبويكويم شوكووما، ولانغ صوفيا كنا، اما نص الفيلم فاشتغل عليه مع ايناريتو كل من: نيكولاس جياكوبون، وآرماندو بو·  

عروض

<فاريل> سيد ساحته مافياوياً وعاشقاً·· وبطل مات في نهاية الفيلم

<بيل نيغي> محترف المهمات الصعبة سقط بين يدي محتالة·· ولم يقتلها···

محمد حجازي

شريطان جيدان على برمجة هذا الأسبوع، صورا في بريطانيا، ولكل منهما نكهة· London Boulevard هنا أيضاً كولن فاريل في دور السجين الطليق ميتشل، يضع كامل ثقله كممثل في الشريط، الذي يديره عن نص له وويليام موناهان استناداً الى كتاب لـ كن برون، يضيء على حياة صاحب السوابق ميتش الذي يخرج من السجن راغباً في حياة مختلفة، لكن يبدو ان امنيته بعيدة المنال، فهو التقى لحظة خروجه بصديقه القديم بيلي نورتون (بن شابلن) الذي يعمل بإمرة رجل العصابات السادي غانت (راي ونستون) وأمّن لقاء له معه، ومنذ اللحظة الاولى لم تكن هناك كيمياء بين الطرفين·

تزامن ذلك مع مصادفة جمعت ميتش بصبية خلّصها من شابين سارقين، فعرّمته الى صديقتها النجمة شارلوت (كايرا نايتلي) التي تبحث عمّن يحميها من صحافيي الباباراتزي، بعدما حوّلوا حياتها الى جحيم، ولم يستطع مساعدها الوحيد جوردان (ديفيد نويليس) القيام بأي مهمة في هذا الاطار، لكنه وفيّ لها ولخدمتها ومنذ اللقاء الاول بين الطرفين كان استحسان، ووزّع ميتش نفسه بين غانت وشارلوت·

وصودف ان رجلاً مشرداً يعيش في الشارع تقدّم منه ميتش وأعطاه بعض المال وعرف لاحقاً ان شاباً مراهقاً كان بصحبة صديق له، اقدم على قتله، ففعل المستحيل كي يعثر عليه، الى ان اهتدى اليه ووضع له المسدس في مؤخرة رأسه ولم ينتبه الشاب لأنه كان يستمع الى تسجيلات والصوت تقع في اذنيه، لكن ما حصل لاحقاً كان مدمراً، فلو قتله لكان سلم منه بعد ذلك، حيث انغمس ميتش في علاقة مع شارلوت واتفقا على المغادرة والعيش في لوس انجلوس لأن الامور هناك افضل، لكن الاتفاق لم ينجز ولم يلتقيا بعد ذلك لأن القاتل المراهق كمن له عند باب المنزل وانهال عليه بعدة طعناة حتى اسقطه مقطوع الانفاس غارقاً في دمه·

وكما انفتح الشريط على صورة لـ ميتش ممداً في بداية الفيلم داخل سجنه قبل وقت قصير من اطلاقه، اختتم على لقطة له ممداً وهو ساهم النظرات قبل ان يلفظ انفاسه·

الشريط جيد ومُصاغ بشكل متماسك، ويكاد يكون العمل بكامله ملقى الثقل على <فاريل> الذي بدا في اروع وأحلى حالاته، وفي شخصية ملائمة جداً له، وقد كان دور ونستون جد موفّق حتى وهو يُقتل على يد ميتش في سريره داخل فيللته·

اجواء المؤثرات الخاصة والمشهدية اشرف عليها الخبيران: ستيوارت بريسدون، وسيمون كار·

Wild Target بميزاينة بسيطة لا تتعدى الثمانية ملايين دولار أُنتج هذا الشريط للمخرج جوناثان لين عن سيناريو لـ لوسيندا كوكسن، وشريط (Cible Emouvante) لـ بيار سالفادوري، ولنشاهد على مدى 98 دقيقة مادة رشيقة لافتة، كوميدية بامتياز، خصوصاً الدور الرئيسي لـ بيل نيغي في دور القاتل المحترف فيكتور مانيار والمعروف بأن مهماته كثيرة، وهي تنفذ بدقة ونجاح، ويتقاضى اعلى سعر بين اترابه عن الخدمات التي يقوم بها·

بالمقابل نتعرّف على الهدف الذي قلب له حياته رأساً على عقب·· إنّها الصبية روز (إيميلي بلانت) التي تتعامل مع رسام ماهر استطاع نقل احدى لوحات رامبرانت وإعطاء اللوحة لـ روز التي استغفلت الزبون الثري فيرغسون (روبرت ايفيريت) وباعته اياها بـ 900 ألف جنيه استرليني على أنّها اللوحة الاصلية، وما ان قبضت المبلغ وغادرت حتى بدت بقعة سوداء على انف الزبون، وجن جنونه حين علم بأنّ المسألة انطلت حتى على خبير اللوحات الذي اكد انها غير مزوّرة·

تتوارى المحتالة، ويكلف فيرغسون القاتل المحترف مانيار ومطاردتها وقتلها، لكن المهمة لم تكن سهلة لأن عامل الصدف المتتالية حماها من الاصابة، لا بل سقطت قتيلة خطأ بسببها، وعندما وصل اليها تصرّفت معه على اساس انه مخلصها من الذين يطاردونها لقتلها وهي لا تدري ان مهمته القضاء عليها، وتظل معه في وقت يقوم قاتل محترف آخر كلّفه فيرغسون إتمام المهمة بمطاردة زميله القاتل والمحتالة روز·

القاتل الجديد هيكتور ديكسون (مارتن فريمان) ينجح مع مرافق له في الوصول الى منزل مانيار حيث يقطن مع والدته، وفي اللحظة المناسبة، وبينما الكل تحت رحمة ديكسون يسمع اطلاق نار مركز من بندقية، وإذا بها لويزا (آيلين آتكنز) العجوز صاحبة الخبرة الطويلة في المهمات القتالية المماثلة، وهي من ربّت ابنتها ليكون قاتلاً محترفاً لا يتراجع بل يُقدِم وينفّذ·

مانيار يكون قبل بمشاركة الشاب طوني (روبرت غرانت) خبرته لكي يكون مستقبلاً متمكّناً في مجال القتل الاحترافي، وترسو الامور نهائياً على ألفة بين مانيار وروز·

اللواء اللبنانية في

08/08/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)