حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أبي كورنيش:

ذكرياتي غذائي العقلي وقوتي أمام الكاميرا

باريس - نبيل مسعد

لمعت الممثلة الأسترالية أبي كورنيش (28 سنة) عام 2004 بفضل دورها الجميل والصعب في فيلم «سومرسولت» من إخراج كيت شورتلاند، وقبله ظهرت في «قناع القرد» و«يوم مثالي» و«أكثر من أحمر»... إضافة إلى مسلسلات تلفزيونية مثّلت فيها وهي بعد مراهقة. وبعد ذلك مثلت أحد الأدوار الرئيسة في فيلم «إليزابيث: العصر الذهبي» من إخراج الهندي المقيم في لندن شيكار كابور إلى جوار كيت بلانشيت وكلايف أوين ثم «النجم الساطع» للسينمائية الأسترالية جين كامبيون والحائز تقدير مهرجان «كان» في عام 2009، و«ساكر بانش» المنتمي إلى نوع المغامرات المستقبلية.

غالباً ما تقارن أبي كورنيش بالنجمة نيكول كيدمان، أولاً لأنها أسترالية مثلها، ثم لأنها جميلة مثلها أيضاً.

لمناسبة عرض أحدث أفلام كورنيش «بلا حدود» أمام الإعلام الدولي في باريس، التقت «الحياة» النجمة الأسترالية وحادثتها.

·         حدثينا عن فيلمك الجديد «بلا حدود»؟

- يروي الفيلم حكاية رجل يكتشف وسيلة لزيادة حدة ذكائه وقدرته على استخدام طاقته الجسدية من خلال تركيبة كيماوية خاصة. وهو بالتالي يتفوق في عمله كما تزيد جاذبيته في نظر خطيبته، ولكن المشكلة تكمن في وجود شخص يشكك في الموضوع ويسعى إلى العثور على تفاصيل التركيبة مهما كان الثمن. وهنا تبدأ المطاردة بين الطرفين، علماً أن مفعول التركيبة يسمح لمكتشفها بالفرار من غريمه وباستباق الحدث في كل الحالات إلى أن يصاب جسمه بأضرار وكأنه يتقدم في العمر في شكل سريع فوق العادة.

والفيلم من نوع المغامرات المثيرة وأمثّل فيه دور الخطيبة التي تعشق هذا التغيير في شخصية حبيبها، إلى أن تلاحظ المساوئ المترتبة عليه فتقرر الابتعاد عن المشاكل ولكنها تعود ثانية مفضلة تقديم المساعدة لخطيبها حتى يتخلص من البلاء الذي وضع نفسه فيه.

·         يعتبر فيلم «النجم الساطع» للمخرجة جين كامبيون من أجمل أعمالك فوق الشاشة وأنجحها حتى الآن، فما قولك في شأنه؟

- الفيلم مستوحى من كتابات الشاعر كيتس الذي كان يسبق زمنه بحكايات جريئة ملائمة لعصرنا هذا أكثر مما كانت تناسب العصر الذي عاش فيه، أي القرن التاسع عشر. ويحكي السيناريو العلاقات العاطفية الجنونية والمستحيلة التي تعيشها فتاة تنتمي إلى عائلة متزمتة مع شاب يكتب الشعر. وعرفت المخرجة جين كامبيون كيف تترجم الأحاسيس ببراعة هائلة، ربما لأنها إمرأة، والفيلم في رأيي مخلص لما كتبه كيتس، لكنه يتصف بنبرة إضافية معاصرة تمنحه جاذبية خاصة لا بد من أن تثير الإعجاب.

·         أنت راضية إذاً عن تجربتك تحت إدارة جين كامبيون؟

- أكثر من راضية... فأنا فخورة بكوني عملت بإشراف مخرجة ترفع رأس المرأة في العمل السينمائي، خصوصاً ان الإعلام كثيراً ما يحط من شأن السينما النسائية مدعياً أن المرأة المخرجة غير قادرة على تنفيذ أفلام تنافس تلك التي يصنعها الرجال.

·         شاركتِ النجمة كيت بلانشيت بطولة فيلم «إليزابيث: العصر الذهبي»، فكيف عشت هذه التجربة؟

- عشت بفضل «إليزابيث: العصر الذهبي» تجربة مهنية شيقة إلى أبعد حد، فعلى رغم كوني لم أمثّل الدور الأول في الفيلم الذي هو دور الملكة إليزابيث، إلا انني ظهرت في العدد الأكبر من اللقطات وفي صحبة بطل القصة، خصوصاً أنه يتزوج شخصيتي أنا في النهاية وليس الملكة. وأشكر كيت بلانشيت وأحييها لأنها لم تعترض على أن تأتي ممثلة شابة وناشئة مثلي لتخطف منها الأضواء فوق الشاشة، فهي من أقدر الممثلات في العالم حالياً، الأمر الذي يجعلها واثقة تماماً من قدراتها ولا تحتاج إلى سحق الأخريات كي تحتفظ بنجوميتها وبريقها.

والفيلم عبارة عن سرد لصفحة من التاريخ البريطاني، بكثير من الواقعية ولكن أيضاً الرومانسية وبإخراج هائل، خصوصاً في المشاهد التي تصور الحروب البحرية بين إنكلترا وإسبانيا.

محللة نفسانية

·         دورك في فيلم «سومرسولت» الذي أطلقك في سماء السينما في عام 2004 تميز بصعوبة واضحة، فكيف واجهت ذلك؟

- تدربت مع مخرجة الفيلم طوال أسابيع قبل بدء التصوير، والطريف أنها حضّتني على عمل أشياء لا علاقة لها بالفيلم أو بدوري فيه، بمعنى أنني بقيت ساعات طويلة أتكلم معها وأسرد لها ذكريات طفولتي مثلاً وأشياء ثانية تخص عائلتي وزميلاتي في المدرسة وصديقاتي الحاليات، وكأنني في جلسة عند محللة نفسانية. وأصرت المخرجة من ناحية ثانية على خضوعي لتدريبات رياضية يومية مع مدربة محترفة، وتصرفت شخصياً مثل التلميذة المطيعة وفعلت كل ما كان مطلوباً مني من دون أي اعتراض أو تعليق، مانحة ثقتي الكلية للمخرجة على رغم سنّها الصغيرة إلى حد ما وبالتالي قلة خبرتها السينمائية.

·         كم كان عمرها حينذاك؟

- أعتقد أنها لم تكن قد بلغت الـ 25 سنة بعد، فهي كانت متخرجة حديثاً في معهد السينما ولم تنفذ سوى ثلاثة أفلام قصيرة قبل «سومرسولت»، وكلها أعمال ممتازة نالت جوائز أينما عرضت.

·         وهل اتضحت لك في ما بعد فائدة كل هذه التدريبات؟

- نعم وفي شكل لا يزال يثير تعجبي، فقد وجدت نفسي أستعين في كل مشهد مطلوب مني تمثيله تقريباً بشيء أو أكثر من الذكريات التي سردتها في خلال الجلسات وكأن البوح بحكايات حقيقية تخصني أو تمس صديقاتي أو عائلتي هو شيء غذاني عقلياً وروحياً وجعلني أقوى أمام الكاميرا وأصبح أكثر صدقاً. أما عن التدريبات الرياضية فهي رفعت بلا شك من مستوى قدراتي الجسمانية من أجل مواجهة دور فتاة تتشاجر مع الغير وتبدي بطريقة مستمرة استعداداً للتهجم على الآخر وكأنها تتخذ العنف وسيلة للتخلص من ثورتها الداخلية ضد المجتمع الذي يظلمها في رأيها.

·         كيف بدأت احتراف التمثيل؟

- مثلت للمرة الأولى وأنا في الخامسة عشرة من عمري بعدما قرأت أمي في الجريدة خبراً حول شركة تلفزيونية منتجة تبحث عن مراهقة لأداء دور فتاة مصابة بعاهة جسدية كبيرة، فسجلت اسمي وأرسلت صورتي إلى الشركة إياها من دون أن تخبرني بالأمر. وفوجئنا بعد فترة بمكالمة هاتفية من مسؤول في شركة الإنتاج يطلب مني الحضور لإجراء الاختبار على هذا الدور أمام الكاميرا.

لقد تصرفت أمي بأسلوب غريب، فهي لو كانت روت لي الحكاية لكنت بدأت أستعد للتمثيل، لكنني بطريقتها هذه وصلت إلى الاستوديو جاهلة تماماً في أمور الفن الدرامي وبالتالي تصرفت بأسلوب عفوي وحصلت على الدور من دون أن أعرف ما الذي دفع أصحاب الشأن إلى اختياري، خصوصاً أن المرشحات الأخريات جرّبن التمثيل التلفزيوني أو السينمائي من قبل. ولا تزال أمي فخورة بما فعلته حتى الآن إذ تعتبر نفسها خبيرة في الأمور النفسية.

·         وكيف فتح لك هذا الدور الكبير الأول باب العمل الفني في ما بعد؟

- لقد تسلمت الكثير من العروض في شكل سريع في ما بعد، فكانت أمي تقرأ السيناريوات وتختار لي ما كانت تراه يناسبني، وهكذا ظهرت في حلقات تلفزيونية كثيرة واشتهرت إلى حد ما قبل أن تدخل السينما إلى حياتي من طريق عروض مختلفة كلياً عما كنت قد اعتدت تمثيله فوق الشاشة الصغيرة.

·         وهل تدخلت أمك في اختيار أدوراك السينمائية أيضاً؟

- حاولت ذلك طبعاً، لكنني كنت قد بلغت الثامنة عشرة ولم أعد في حاجة إلى موافقتها حتى أوقّع العقود، فرحت أختار بنفسي ما أجده الأنسب مما لم يمنعني من أن أطلعها على النصوص التي كانت تصلني ولو ذوقياً وعلى الأقل في بداية الأمر، لكنني بعد ذلك تصرفت وحدي وأفهمتها أنني لست في حاجة إلى نصائحها حتى أقبل أي عمل أو أرفضه.

·         هل لك إخوة وأخوات؟

- نعم لدي ثلاثة إخوة وأخت واحدة وأنا قريبة جداً منها وأحبها بطريقة جنونية، فهي في السابعة عشرة من عمرها وتتخذني مثالاً في كل تصرفاتها، وأمنيتي الشخصية هي أن أكون على مستوى هذه المسؤولية.

·         هل تقيمين مع عائلتك؟

- لا، فهذا ليس في إطار الممكن، لأنني أقيم الآن في لندن بسبب عملي، بينما تسكن عائلتي مزرعة كبيرة في الريف الأسترالي، علماً أنني كبرت هناك وسط الدجاج والحيوانات المختلفة.

·         ما رأيك في المقارنة الجارية بينك وبين نيكول كيدمان؟

- إنها مقارنة سخيفة مبررها الوحيد كوني أسترالية مثل كيدمان، وأنا إن كنت أحبها كممثلة وأقدرها كإمرأة ذكية تعرف ما تريده، لا أعتبر نفسي أشبهها أو أستطيع خلافتها فنياً بأي حال من الأحوال، لكن الإعلام في حاجة مستمرة إلى إجراء المقارنات وإلا عجز عن تصنيف فنانة جديدة مثلي.

·         يتضمن فيلم «ساكر بانش» المستقبلي الخيالي والذي توليت بطولته حديثاً لقطات كثيرة مبنية على الحركات الرياضية الآسيوية، فهل تخيلت نفسك بروس لي نسائية أثناء تصوير هذه المشاهد؟

- أجل فهذا بالتحديد ما شعرت به. وبما أنني أحب أفلام الكاراتيه الآسيوية منذ صباي، فقد شعرت وكأنني طفلة تلعب أمام الكاميرا. لذا أشكر المخرج زاك سنايدر على منحي مثل هذه الفرصة للتسلية وكسب المال في آن.

الحياة اللندنية في

05/08/2011

أفلام جديدة

(05-08-2011)

«لائحة القتل»

إخراج: بين ويتلي - تمثيل: نيل ماسكل، مايانا بورنغ

> يدور هذا الفيلم حول شخصية قاتل بالأجرة ما إن يقرر التوقف عن هذا العمل الخطير حتى يكتشف وزوجته أنهما باتا على شفير الإفلاس. وهكذا لا يعود أمامه مناص من أن يصغي إلى تحريض زوجته التي تشير عليه أن يقبل بتنفيذ آخر طلبية يوصى عليها شراكة مع زميله المعتاد ورفيقه في العمل. إن اللائحة تضم ثلاثة أسماء مطلوب قتل أصحابها. إذاً لائحة واحدة أخيرة ثم التقاعد المريح. ولكن ماذا لو أن صاحبنا اكتشف بعد فوات الأوان أن الأسماء التي تضمها اللائحة عددها أكثر من ثلاثة بكثير؟ ما العمل إن كانت هذه اللائحة الأخيرة من دون نهاية؟

} «مشروع نيم»

إخراج: جيمس ماش - «تمثيل»: القرد نيم والعالم هيربرت تيراس

> كان المشروع جريئاً وطريفاً في ذلك الحين أي قبل أربعين سنة تقريباً. ضج العالم به حينها، لكنه اليوم يبدو منسياً تماماً. ومن هنا أهمية هذا الفيلم التوثيقي الذي له نكهة السبعينات من دون أن يخلو من حداثة علمية مؤكدة. ففي عام 1973 أراد عالم النفس هيربرت تيراس أن يتحدى نظرية صاغها نعوم تشومسكي ومؤداها أن الإنسان وحده هو المخلوق الذي يمكنه أن ينطق. فأتى بقردٍ وليدٍ أطلق عليه اسم تشيمسكي (!) ثم جعل هذا القرد يترعرع في بيئة إنسانية طوال سنوات عدة موفراً له كل إمكانات تعلم النطق. ولكن من البديهي أن المشروع لم ينجح بمقدار ما توقع له صاحبه. وكان كل ما تبقى منه هو مجموعة مشاهد مصورة شكلت إطار ومضمون هذا الفيلم الذي يهدف إلى إحياء المشروع من جديد... لعل وعسى!

} «الحارس»

إخراج: جون مايكل ماكداف - تمثيل: بريندن غليزون، دون شيدال

> يكلّف ضابط الشرطة الإرلندي الغريب الأطوار التحقيق في جريمة من النوع المعتاد وقعت على احد الطرقات. في الوقت نفسه، يصل من الولايات المتحدة الأميركية ضابط من الـ «أف بي آي» مكلف بالتحقيق في تلك المنطقة من بريطانيا في جرائم لها علاقة بإحدى منظمات تهريب المخدرات العالمية. على رغم تعارف الضابط الإرلندي وزميله الأميركي، يحدث الكثير من التصادم بينهما بشيء من الصدفة. في نهاية الأمر سيتبين ان ليس في الأمر صدفة طالما يكتشف الإثنان ان ثمة بين الجريمة المحلية ومنظمة التهريب اكثر من علاقة.

} «رعاة بقر وأغراب»

إخراج: جون فافرو - تمثيل: دانيال كريغ، هاريسون فورد

> منذ زمن بعيد لم يجتمع في فيلم مغامرات واحد كمّ من النجوم يوازي عددهم عدد ما في هذا الفيلم من ممثلي الصف الأول في هوليوود. أما الموضوع نفسه فبالكاد يبدو على مستوى ضخامة الإنتاج: يدور الموضوع قبل منتصف القرن التاسع عشر في آريزونا الأميركية. وتبدأ الأحداث مع راعي بقر يفيق ذات صباح ليجد أنه من دون أن يعرف كيف، فقد كل شيء بما في ذلك ذاكرته. لاحقاً وفيما هو يحاول استعادة ذاته والذاكرة سيتبين له أنه «مجرم» مطلوب تحت اسم جيك لونيرغان. كما سيكتشف لدهشته انه، مثله في هذا مثل من التقاهم من سكان البلدة الآخرين، بات «مسكوناً» من شياطين من نوع غريب... وطبعاً لن نكمل هنا بقية الحكاية لأن المفاجآت ستكون كبيرة، لكننا نؤكد أننا أمام فيلم غريب وجديد من نوعه يحمل في تطوراته معانيَ كثيرة.

الحياة اللندنية في

05/08/2011

 

فيلم "عسل أسود"، أنت أمريكي، إذن أنت حرّ!

* مها حسن ـ باريس 

لا يمكن لأحدنا ألاّ يشعر بالضيق وهو يشاهد بداية فيلم "عسل أسود"، من إنتاج سنة 2010، تأليف خالد دياب وإخراج خالد مرعي وبطولة أحمد حلمي. حيث يتعرض "مصري سيد العربي"، لاستغلال وسوء معاملة منذ وصوله إلى مصر، عائداً إليها من أميركا، حاملاً حلمه الرومانسي عن البلد الأم.

مصري العربي"أحمد حلمي" هاجر إلى أميركا مع عائلته، منذ كان طفلاً في العاشرة من عمره، وبعد عشرين سنة، قرر العودة إلى بلده، مصرّاً على أن يستعمل جواز سفره المصري لا الأمريكي، رغبة منه في الانتماء إلى مصر.

منذ وصوله إلى المطار، يتم التعامل معه بازدراء، كما يتم عادة التمييز بين العرب والأجانب، لا في مصر وحدها، بل في معظم مطارات العالم. وبعد الابتزاز الذي يتعرض له من"راضي" السائق الذي يستنزف "دولاراته"، مستغلاً طيبة "مصري" وحبه للبلد وعدم تصوره بأن يتعرض للكذب والابتزاز، يرفض الفندق الذي حجز فيه، من أمريكا، ووفقا لجنسيته الأميركية، استقباله، لأنه قادم بجواز مصري، تختلف معلوماته، عن المعلومات المستخدمة أثناء الحجز، وأهمها، الجنسية الأميركية. يتعرض لحالة جديدة من الابتزاز في فندق آخر، يستنزف "دولاراته"، فقط لأنه يحمل جواز سفر عربي.

بعد عدة مواقف، يشعر المشاهد فيها بالحنق، إذ يتعرض "مصري" للضرب المبرح والتوقيف لدى الشرطة، لأنه كان يصوّر دون إذن، وغيرها من المواقف المهينة، يقرر "مصري" جلب جواز سفره الأميركي، ومن اللحظة التي يصله البريد إلى الفندق، محمّلاً بجوازه الأمريكي، حيث يرمي من نافذة الفندق، وإلى مسافات هائلة، جوازه المصري، منذ تلك اللحظة، تنقلب اللعبة، ويبدأ "مصري" المصري، أو العربي، المستغَل والمستهجن، ليتحول إلى سيد أمريكي، لا يستطيع أحد المساس بحقوقه وحريته.

ولأنه طيب ورومانسي وأخلاقي على الطريقة الكلاسيكية، وهذا ما أضعف الفيلم كثيراً، إذ أنه من غير المنطقي، أن يعيش شخص في الغرب، وفي أمريكا ذاتها، حيث ثقافة التشكيك بالآخر، والحذر، ولا يكون المواطن الغربي عرضة سهلة للابتزاز، ولكن ربما أراد فريق الفيلم التدليل على أن "مصري" العربي في الجوهر، يتمتع بطينته الأصلية من الطيبة والرومانسية، إذن، بسبب أخلاقيته هذه، يتصرف ببطولة نادرة، بحيث يتبنى موقفاً للدفاع عن السائق"راضي"، والذي استغله في بداية الفيلم، وطالبه بأسعار غير واقعية، لم ينتبه "مصري"لها، بسبب غربته عن البلد، إلا أن "مصري" يتضايق من الظلم الذي عومل به السائق أثناء تعرض سيارته لأذى من شخصية، يختصرها الشرطي بـ"الوطن"، إذ حين يتدخل"مصري" سائلاً الشرطي، مدافعاً عن حق السائق:"أليست الشرطة في خدمة الشعب؟"، يجيبه الشرطي:"كان هذا من قبل، اليوم، الشرطة والشعب في خدمة الوطن". يصرّ مصري على إحقاق الحق، وأن الوطن لا ينحصر بشخص، ليتحول إلى صيد ثمين للدولة، حيث يواجه شخصية مهمة أثناء تظاهرة كبيرة، ليرفع جواز سفره الأمريكي، مصراً على استرداد حق السائق البسيط، ومكرراً ببعض الغرور الساذج، أنه أميركي، ولا يمكن لأحد مسّه أو إهانته. يستغل رجال الأمن موقف "مصري"، ويوقعونه في فخ جديد، يعيد ليقلب حياة"مصري"، من أمريكي حر، إلى شخص دون أوراق. إذ يطلب منه رجل الأمن، لفض التظاهر، أن يعلن على الميكرفون، أنه أميركي ولا يمكن لأحد مسّه، وما أن يفعل، حتى يتجمّع المتظاهرون المصريون عليه، وهم يتظاهرون أساساً ضد أمريكا، لينهالوا عليه ضرباً، إلى أن يفقد وعيه، ويستيقظ لاحقاً، ليجد نفسه دون أوراقه، ودون هاتفه، ولا نقوده.

لا يستطيع العودة إلى أميركا، ولا حتى النوم في الفندق، فيتحول إلى متشرد ينام على الأرصفة. بعد تجارب مريرة، يستخرج أوراق ثبوتية مصرية، وجواز سفر مصري، ليذهب إلى السفارة الأميركية، التي ترفض إعطائه تأشيرة السفر، كون ملفه غير مستوفٍ لشروط الفيزا.

يناقش الفيلم موضوع البلد، والمقارنة بين حقوق المواطنين والأجانب. حيث يكاد يكون جواز السفر الأجنبي، الأمريكي في حالة الفيلم، هو جواز سفر نحو الحرية، والكرامة، ومنع الاعتداء.

يتعرض أيضاً لحلمين متناقضين، حلم الهجرة، للحصول على الأمان والحرية، وحلم العودة المختلف. ففي السفارة الأمريكية مثلاً، نعثر على شاب، يحاول أن يحفظ، عن ظهر قلب، بعض الأجوبة النمطية"الكليشيهات"، عن حبه لمصر، كاذباً، فقط، لحصوله على الفيزا، وما أن يحصل عليها، حتى يغيّر أقواله، ويبدأ بوصف الشعب المصري بعبارات سيئة. هذا الشخص الذي عاش ألم الشارع اليومي، وأدرك أن خلاصه هو السفر، في الوقت الذي يشكل حلم العودة للمهاجر، حالة رومانسية تصطدم مع الواقع اليومي، والفقر، والروتين الإداري، وتعقيدات الحياة التي لم تنسجم مع حلم البلد الجميل، الموطن الذي حلم دوماً، بالرجوع إليه.

ثمة بعض"البهارات" الجمالية، التي حاول فريق العمل إدخالها في الفيلم، لإعطاء بعض الإيجابية على البلد، ولإضفاء مسحة من جمال مختبئ في التفاصيل، جعلت بطل الفيلم ينحاز في النهاية إلى خياره الرومانسي ذاته، رغم اصطدامه بالواقع، وهذا أيضاً يتنافى مع العقلانية التي يتربى عليها المواطن الغربي. ربما لا يزال"مصري العربي" كما اسمه، مصرياً وعربياً، ولكن من اللامنطق مسح عشرين سنة من العيش الغربي، حيث تربى ودرس وتعلم و تأطّر في مناهج الغرب، الأمر الذي ينافي خياره الرومانسي الأخير، الذي يمثل خيار فريق الفيلم، لا خيار المنطق. ربما أيضاً، وكما قال توفيق الحكيم، ذات يوم، بأن الفصل الأخير، هو فصل الرقابة، أي أن فريق العمل، أعاد "مصري" من الطائرة التي كانت ستقلّه إلى أرض الأمان، إلى أمريكا، بعد سلسلة المعاناة التي عاشها، والمعاناة الأشد التي عايشها وشاهدها في تفاصيل العيش اليومي مع العائلة المصرية التي استرجع طفولته معها، ربما إذن قام فريق العمل بهذا الحل الرومانسي إرضاءً للرقيب، لا الرسمي، وإنما الشعبي، أي رقابة المشاهد العربي، الذي سينفر من "تقبيح" وجه البلد، وسيرفض،بدوافع وطنية أيضاً، وأخرى تمس كيانه كعربي، أن يكون الغرب، أو أمريكا هو الخلاص النهائي.وربما يبقى الحل العاطفي،هو الحل العربي، أمام المنطق الغربي.. سؤال كبير يتعلق ببنية الفكر العربي التقليدي، يبنغي الاشتغال عليه في أكثر من فيلم أو رواية أو كتاب نقدي، لتغيير الصورة النمطية عن الحلول العربية العاطفية، والإيمان بالنقد والمنطق وتكريسهما في ثقافتنا، لمواجهة أزماتنا. 

عن الكاتبة:

مها حسن روائية وصحافية سورية، مقيمة في فرنسا، تكتب في الصحافة والمواقع العربية.
صدر لها : " اللامتناهي ـ سيرة الآخر " رواية ـ عام 1995 في دار الحوارـ اللاذقية ، سوريا، " لوحة الغلاف، جدران الخيبة أعلى " رواية ـ عام 2002 ـ سوريا/ " تراتيل العدم" رواية ـ عام 2009 ـ دار الريس ـ لبنان ـ بيروت حصلت على جائزة هيلمان/هامت التي تنظمها منظمة
Human Writs Watch الأمريكية في عام 2005.

بوابة المرأة في

05/08/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)