حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

واجهت انفصال والديها بإجادةالكاراتيه

إيلينا أنايا: لا أنافس بينلوبي كروز

إعداد: محمد هاني عطوي

الممثلة الإسبانية إيلينا أنايا تعتقد بالحظ الحسن وبالمقابلات أو اللقاءات الاستثنائية، وعندما نحدق في وجهها نلمح فيه جمال ناتالي بورتمان ومشاكسة فيكتوريا أبريل مفعمة بالحيوية والإرادة وحب الحياة، لا يصدق من يراها أنها بلغت الخامسة والثلاثين من العمر، بل يعطيها بالكاد خمسة وعشرين عاماً .

كان فيلمها “التحدث معها” الذي أخرجه “بيدرو ألمودوفار” عام 2002 والذي جسدت فيه دور “أنجيلا” وهي الزوجة السابقة لصحافي محب لرياضة مصارعة الثيران دخل في غيبوبة إثر إصابته في إحدى الجولات، من الأفلام التي حملتها إلى القمة في بلدها إسبانيا ثم إلى مهرجان كان، حيث استطاعت أن تحفر لها اسماً مميزاً في عالم السينما وغدت إحدى نجمات الصف الأول في إسبانيا .

ولدت إيلينا أنايا في 17 يوليو/تموز 1975 في بلنسية بإسبانيا وبدأت مشوارها الفني 1995 في فيلم “لوسيا والحب” الذي أخرجه لها خوليو ميديم ونالت عنه جائزة “الجويا” وهي النسخة الإسبانية من جوائز الفرنسية أو السعفة الذهبية لمهرجان كان، ثم ظهرت في فيلم “الكابتن ألاتريست” إلى جانب الممثل فيغومورتنسن وفي فيلم “ميسرين” إلى جانب فانسون كاسال . وعلى مدى 9 سنوات “كدست” إيلينا النجاح تلو النجاح إلى أن حققت نجومية كبرى في فيلم “فان هيلسنغ” 2004 الذي جسدت فيه دور مصاصة الدماء “إليرا” زوجة دراكولا “ريتشارد روكسبورغ” عن كل هذه النجاحات وربما الاخفاقات البسيطة كان لإيلينا أنايا حديث مطول مع مجلة إيل الفرنسية هذا نصه:

·         بعد طفولة قضيتها بين البحر والجبل كنت لا ترغبين كثيراً في الذهاب إلى المدرسة وكان حلمك الأول هو التمثيل، هل حققت حلمك القديم الآن؟

- هذا صحيح، فمنذ صغري، كنت أحلم بأن أصبح ممثلة وكنت لا أرى نفسي إلا هكذا، ولذلك التحقت بالمدرسة العليا لدراسة فن الدراما بمدريد بعد أن قدمت اختباراً أمام الممثل مانويل مورون لفيلم “العائلة” للمخرج فرناندو ليون دي أرانوا ومن حسن حظي أنني اجتزت هذا الاختبار ولذا تابعت مسيرتي في دروس الكوميديا والعمل بالسينما في الوقت نفسه .

·         كان حلمك أيضاً العمل مع المخرج بيدرو ألمودوفار . حديثينا عن تجربتك معه .

- الحقيقة كنت أتوق لهذا اللقاء ولم أكن أعرف كيف يتسنى لي الوقوف أمام كاميرته، وعندما حدث ذلك تخيلت نفسي للوهلة الأولى أحلم، ولكن الحلم أصبح حقيقة بالفعل، فبيدرو هو الذي عرفني بعالم الموضة وحضرنا معاً عروض “ديور” الشتاء الماضي وعندما اتصل مدير مكتبه كنت سأطير من الفرح .

·         هل يعني هذا أن المغامرة التي بدأتها قبل عشر سنوات، أصبحت حقيقة فعلية، مع فيلمك الذي أخرجه لك ألمودوفار “الجلد الذي اسكن فيه” والذي قدم في مهرجان كان الأخير خاصة أنك تشاطرين فيه البطولة الممثل الشهير العالمي أنطونيو بانديراس؟

- عملت سابقاً مع النجم العالمي بانديراس قبل 21 عاماً في فيلم “ربطة عنق”، واليوم أعود مجدداً للعمل معه في هذا الفيلم المقتبسة قصته من رواية “My gale” أي “ذاكرة في قفص” للكاتب الفرنسي تييري جونكيه، وهي الأكثر مبيعاً في إسبانيا . وهذه القصة تروي حكاية جراح تجميل فقد زوجته في حادث سيارة واغتصبت ابنته ولذا يشرع في عملية انتقام دموي عنيفة .

·         تردد في بداية الأمر أن النجمة العالمية بينيلوبي كروز هي المرشحة الأولى للقيام بدور البطولة في هذا الفيلم أمام بانديراس وذلك عندما كان اسم العمل سابقاً هو “العنكبوت” هل لك أن توضحي لنا الأمر؟

- الواقع أنني وبينيلوبي كروز لسنا في طور المنافسة أبداً، وعندما علمت بالأمر اتصلت بها وتركت لها رسالة ثم عاودت الاتصال بي وبينت لي أنها مسرورة جداً لأجلي وقدمت لي النصائح وقالت لي بالحرف: “ثقي بالمخرج بيدرو واتبعي جيداً ما يقوله لك فهو يعرف جيداً ماذا يفعل، ولا تخافي وأعتقد أن أمامك فرصة ذهبية لا تعوض وأنا احسدك عليها” .

·         ولكن ماذا عن اسم الفيلم الذي تغير ولماذا بقيت التسمية بالإسبانية علماً أن شركة “جلين باسترز فيلم” أعلنت في مهرجان “كان” الماضي لمجلة “فارايتي” الأمريكية أنها ستتولى توزيع الفيلم عالمياً؟

- كان ألمودوفار اشترى حقوق الرواية 2002 من المخرج البريطاني نيكولا روج وأعلن حينها عن نيته في تحويلها إلى فيلم وفي النهاية كسر ألمودوفار جدار الصمت الذي كان يخيم على جلسات التحضير الخاصة بالفيلم وأعلن اسمه الجديد خاصة أن البطلة التي أجسد دورها هي المحرك الرئيس لأحداث الفيلم ودورها “صعب” من الناحية الجسدية لأن وجهها مغطى بقناع أو جلد ثان من اختراع الجراح الذي لم يرد لابنته أن يتشوه وجهها بعد عملية الاغتصاب ومن هنا جاء اسم الفيلم “الجلد الذي أسكن فيه” .

·         ما رأيك في العمل مع المخرج ألمودوفار عن كثب؟

- عقدنا جلسات عمل مكثفة قبل 3 أشهر من البدء في التصوير، وكانت هذه الفترة فرصة لمشاهدة الأستاذ عن كثب وملاحظة مقدار الاهتمام الذي يعطيه لكل التفاصيل ومدى الحس الفني العالي الذي يتميز به . وأعتقد أن نظرته للعالم وللأمور بشكل عام خاصة جداً . إنه بالنسبة إلي “المعلم الفائق” الذي يعيش على كوكب آخر ويراقب كل شيء من مكان عالٍبدقة متناهية وعندما ينطق بكلمة “أكشن”، يجب أن يكون الجميع على أهبة الاستعداد للعمل بنشاط وسرعة ويكاد الزمن يمر معه من دون أن تشعر به علماً بأن اللقطة أو المشهد الواحد يمكن أن ينتهي بالمرة الخامسة وممكن أن يعيده 35 مرة .

·         كيف تقيمين العمل مع النجم أنطونيو بانديراس؟

- التصوير مع هذا الممثل والمخرج متعة كبيرة، فالمرء يشعر أولاً بالثقة لأن بانديراس البطل الإسباني في أمريكا و”هوليوود” يقف أمام ممثلة مثلي ربما لم تصل شهرتها بعد إلى أماكن كثيرة، وهنا لابد أن أذكر أن النجم بانديراس وألمودوفار، لم يلتقيا منذ عام 1990 أي منذ فيلم “اربطني” لأن بانديراس كان معتمداً على نجمات هوليوود كما أنه اعتذر عن عدم عرض بيدرو في فيلم “كعوب عالية” الذي أخرجه في عام 1991 وكانت بطلته فيكتوريا أبريل، مفضلاً العمل مع الأمريكي أرن جليمشر في فيلم “مامبو كينغ” إلى جانب الممثلة ماروشكاديمتريس .

والغريب أن من يشاهد هذين العملاقين يعملان معاً يظن أنهما افترقا قبل يوم واحد فقط وليس قبل سنوات لأن جو الضحك والفكاهة كان مهيمناً على المكان . وهنا لابد لي أن أقول إنني كنت في هذا الجو المبتدئة الصغيرة بين عملاقين لكنهما قبلا بي بكل ود وحماس .

·         يقال إنك لاعبة ماهرة في “الكاراتيه” فمنذ متى وأنت تهوين هذه اللعبة؟

- انفصل أبي وأمي وأنا في سن صغيرة ولكي تعوضني جدتي “لأمي” عن هذا الوضع المؤلم أدخلتني مدرسة لتعليم فنون القتال والدفاع عن النفس وبخاصة الكاراتيه حرصاً عليّ ولرفع معنوياتي ولاعتمادي على نفسي في الحياة خاصة أنني كنت صغيرة . والحقيقة أن لجدتي فضلاً كبيراً عليّ لأنها فعلت ذلك، فلقد احببت هذه الرياضة ومارستها لأكثر من 51 سنة ولا أزال أمارسها بمفردي بعد ممارستي لرياضة الركض .

الخليج الإماراتية في

06/07/2011

 

وقفن على الحياد بين القائمتين السوداء والبيضاء

نجمات “هاربات” من السياسة 

إذا كانت الثورة المصرية قد قسمت الفنانين إلى قسمين: الأول شارك في الثورة ودافع عنها وهم من أطلق عليهم نجوم “القائمة البيضاء”، والفريق الثاني من هاجمها وانتقدها ودافع عن النظام السابق وهم من أطلق عليهم نجوم “القائمة السوداء”، فإن هناك مجموعة من النجمات يشكلن فريقاً ثالثاً لا ينتمي إلى أي من القائمتين البيضاء والسوداء لأنه يعلن عدم فهمه السياسة . من أبرز نجمات هذا الفريق؟ وهل شعار ممنوع الاقتراب من السياسة الذي رفعنه وراءه بالفعل عدم فهم للسياسة أم كان نوع من الهروب من أي مواقف سياسية يمكن أن تحسب عليهن فيما بعد؟

الفنانة حنان ترك من هؤلاء الفنانات وهي تعترف بأنها لا تفهم في السياسة وأن عدم فهمها هذا هو الذي جعل موقفها من الثورة غير معلن في البداية خاصة أنها كانت خارج مصر عندما اندلعت الثورة، حيث كانت تشارك في جمع تبرعات من أجل غزة، لكنها بعد أن بدأت تلم بالتفاصيل وبعد أن شاهدت الشباب يستشهدون في ميدان التحرير أصبحت مع الثورة بكل قلبها، وزاد من موقفها هذا عدم ارتياحها من الخطاب الثاني للرئيس السابق مبارك، حتى إنها بمجرد عودتها إلى مصر قررت النزول إلى ميدان التحرير وشاركت في علاج المصابين بالمستشفى الميداني، وتضيف حنان: ما حدث درس لكل الفنانين وأنا أولهم من أجل أن نفهم أكثر في السياسة ليس لكي يكون لنا دور سياسي وإنما ليكون لنا موقف واضح ومبني على فهم صحيح لأي حدث سياسي .

تؤكد الفنانة منة شلبي أنها لا تفهم في السياسة ولا ترى عيباً أبداً في أن تعلن هذا بكل صراحة بل وترى أن هذا الاعتراف أفضل بكثير ممن يدعون فهم السياسة ويتحدثون فيها فيورطون أنفسهم أمام الناس . وتكمل منة:  بدأت في الفترة الأخيرة أقرأ أكثر في السياسة، فالثورة جعلتنا جميعا نهتم بالسياسة حتى إنني مثلاً وقت الاستفتاء على التعديلات الدستورية كنت أقرأ كثيراً في الدستور من خلال شبكة الإنترنت وخاصة المواد التي تم الاستفتاء على تعديلها وأصبحت بالفعل في الفترة الأخيرة أكثر شغفاً بالسياسة، وإن كان هذا لا يعني أنني سأنضم لحزب سياسي، فعلاقتي بالسياسة ستقتصر فقط على القراءة ومتابعة بعض البرامج على الفضائيات، لكنني لا أفكر في أن يكون لي انتماء سياسي محدد من خلال أي حزب .

وتعترف الفنانة رانيا فريد شوقي بأنها أدركت غلطتها عندما فضلت الابتعاد عن السياسة تماماً، وأنها تشعر بالتقصير تجاه نفسها وأن الثورة غيرت لديها هذه السلبية وجعلتها أكثر حرصاً على فهم السياسة ومتابعة ما يجري سواء من خلال القراءة أو متابعة الكثير من البرامج والمناقشات السياسية . وتكمل رانيا: ليس مطلوباً مني بالطبع أن أنافس السياسيين في فهمهم للسياسة، لكن على الأقل لابد أن أكون على وعي بما يحدث في مجتمعي لأنني في النهاية مواطنة ستتأثر بأي تغيير سواء للأفضل أو الأسوأ، وهذا أمر أدين بالفضل فيه للثورة لأنها جعلتني بالفعل أدرك أهمية فهم السياسة وهو ما أفعله الآن .

“كنت مع الثورة من أول يوم والأمر لا يحتاج إلى فهم في السياسة”، بهذه الكلمات بدأت الفنانة رانيا يوسف كلامها وأضافت: لا أدعي أنني أفهم جيداً في السياسة أو أنني أقرأ كثيراً فيها، لكن في نفس الوقت كنت من المؤمنين بالثورة ومطالبها رغم أنني لم أنزل ميدان التحرير، لأنني كنت كأم خائفة جداً على بناتي خاصة أن الكل يعلم الأيام العصيبة التي مررنا بها والتي كانت تخيف أي أم على أولادها، لكن مطالب الثورة لم تكن تحتاج إلى خبراء بالسياسة بدليل أن الملايين الذين شاركوا فيها معظمهم بسطاء لا يفهمون كواليس السياسة، لكنهم نزلوا لأن مطالب الحرية والعدالة والتغيير والقضاء على الفساد لا تحتاج إلى سياسيين ليتكلموا عنها .

أما الفنانة منة فضالي فتؤكد أنها لا يمكن أن تدعي فهمها كل تفاصيل السياسة، ولذلك تفضل الصمت في قضايا كثيرة لأن أهل السياسة في رأيها هم أفضل من يتحدثون عنها، خاصة أنها مقتنعة بأنها كفنانة ليس مطلوب منها أن تكون خبيرة بالسياسة، وتضيف منة: رغم عدم فهمي في السياسة وهو ما جعلني أفضل الصمت عندما بدأت الثورة، إلا أنني شعرت بأن المطالب التي كان يرفعها شباب الثورة عادلة ولا تحتاج إلى خبير سياسي ليدرك ذلك، لأنهم كانوا يطالبون بما نريده كلنا من حرية وعدالة وحياة أفضل من دون فساد، لكنني في النهاية لا يمكن أن أدعي علمي بالسياسة وأفضل الابتعاد عما لا أفهم فيه .

الفنانة الشابة آيتن عامر تؤكد أن معظم نجمات جيلها للأسف لم يكن لهن اهتمام بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد، لكنها تعترف بأن الثورة غيرت هذا الموقف عند الكثيرات ممن بدأن بالفعل مؤخراً الاهتمام أكثر بالسياسة، وتكمل آيتن: أنا واحدة من هؤلاء لأن اهتمامي بالسياسة قبل الثورة كان ضعيفاً بعدها أدركنا كلنا أهمية أن نفهم ونقرأ أكثر حتى لا يخدعنا أحد، ورغم أنني لا أفكر في الانتماء لحزب أو تيار سياسي لكن هذا لا علاقة له بأن أكون كفنانة ملمة بالسياسة وما يحدث فيها .

وعن رأيه في عدم فهم بعض الفنانين للسياسة يؤكد الفنان يحيى الفخراني أن هذا تقصير من هؤلاء الفنانين لأن الفنان ليس مسلياً فقط وإنما له دور مهم في التأثير في الناس سواء من خلال أعماله أو مواقفه وتصريحاته، ولذلك لابد أن يكون على دراية بما يحدث حوله في المجتمع وأن يكون مثقفاً سياسياً، وليس شرطاً أن ينتمي لحزب ما، لكن المهم أن يكون له موقف سياسي واضح حتى لا يتم استغلاله فنياً في أعمال لها طابع سياسي من دون أن يكون مدركاً لأبعاد تلك الأعمال أو يتم استغلاله في إطلاق تصريحات تخدم مصالح البعض، ولهذا فمن الأفضل أن يكون الفنان مثقفاً سياسياً وأن تكون له آراؤه المبنية على فهم واقتناع .

الخليج الإماراتية في

06/07/2011

 

عرض هموم البسطاء ووقف “ضد الحكومة

عاطف الطيب ثائر السينما المصرية

إعداد: مصطفى عبدالرحيم  

عكست أفلام المخرج المصري عاطف الطيب شخصيته الفنية والإنسانية، فهو “البريء” الذي إنحاز منذ اللحظة الأولى لهموم البسطاء وناقش قضاياهم، و”ابن البلد” الذي وقف “ضد الحكومة”، وشكل من طاقمه “كتيبة إعدام” ليحارب بها الفساد و”كشف المستور” . حفر اسمه بين رواد الواقعية المصرية، لأنه أجبر كاميراته على أن تنقل الحقيقة بشكل فني منقطع النظير .

على الرغم من قصر أن عمره الفني، إلا أن الطيب الذي رحل في 23 يونيو/حزيران 1995 كان أنشط مخرجي جيله، وفي أقل من خمسة عشر عاماً، قدم واحداً وعشرين فيلماً سينمائياً . كما عُرف بالدقة في اختيار موضوعاته والحرص على مناقشة القضايا المهمة، حتى في معالجاته الكوميدية كان يدس السم في العسل، ويضحك الناس على أنفسهم من شدة الأسى . وعلى طريقته المميزة في الإخراج، ترك طيب السينما المصرية نهايته السينمائية مفتوحة، في فيلمه “جبر الخواطر” الذي مات قبل أن يكمله . 

ولد عاطف الطيب في 26 ديسمبر/كانون الأول 1947 في صعيد مصر، وكانت نشأته في منطقة بولاق الدكرور الشعبية في القاهرة، أحب التمثيل منذ طفولته، وبات يحلم بأن يكون نجماً . بدأ عشقه للسينما في المرحلة الإعدادية، ولاحظ أثناء متابعته لما جذبه من أفلام، أن هناك شخصاً يحرك ويتحكم في العمل، لكنه لم يفهم من هو حتى أنقذه مدرس اللغة الإنجليزية بمدرسته الثانوية، عندما كان يحدثهم عن أهمية الفن في حياة المجتمع، وعرف منه أن المخرج هو العمود الفقري للفيلم السينمائي، عندها قرر عاطف الطيب أن يكون مخرجاً، ومن ثم التحق بالمعهد العالي للسينما بالقاهرة في 1967 .

تخرج عاطف الطيب في المعهد العالي للسينما  قسم إخراج عام ،1970 وعمل أثناء الدراسة مساعداً للإخراج مع مدحت بكير في فيلم “ثلاث وجوه للحب” ،1969 وفيلم “دعوة للحياة” ،1973 كما عمل مساعداً للمونتاج مع كمال أبو العلا .

التحق بعد تخرجه بالجيش لأداء الخدمة العسكرية، وقضى به الفترة العصيبة من 1971 إلى ،1975 التي شهدت حرب أكتوبر ،1973 وخلال هذه الفترة أخرج فيلماً قصيراً هو “جريدة الصباح” عام 1972 من إنتاج المركز القومي للأفلام التسجيلية والقصيرة .

اعتبرت تلك الفترة بالنسبة للطيب فترة تكوين ذهني وفكري، وتمكن خلالها من تكثيف مشاهداته للأفلام، وشارك في العديد من المناقشات الفكرية والفنية حول السينما .

توطدت علاقته بالمخرج العبقري شادي عبدالسلام، الذي عمل معه مساعداً في فيلم “جيوش الشمس” ،1973 الذي يتحدث عن حرب أكتوبر، واستفاد من تلك التجربة لأن طريقة وأسلوب شادي في الإخراج كانا يجذبانه .

عمل مساعداً للمخرج محمد بسيوني في فيلم “ابتسامة واحدة لا تكفي” في 1977 . ثم أخرج بعدها فيلماً قصيراً من إنتاج المركز التجريبي هو “المقايضة” عام ،1978 ليعمل بعد ذلك مساعداً للمخرج يوسف شاهين في فيلم “إسكندرية ليه” 1979 . ونهل من خبرة ووعي المخرج الكبير . بعدها عمل مساعداً للمخرج محمد شبل في فيلم “أنياب” عام 1981 .

لم يقتصر مصدر الطيب في فهم أساليب السينما على كبار المخرجين المصريين المعاصرين له في هذا الوقت، إذ عمل أيضاً في عدد من الأفلام الأجنبية التي صورت في مصر، وساعد المخرجين لويس جيلبرت في فيلم “الجاسوس الذي أحبني”، وجون جيلر من في فيلم “جريمة على النيل”، ومايكل بنويل في فيلم “الصحوة”، وفيليب ليلوك في فيلم “توت عنخ آمون”، وفرانكلين شافنر في فيلم “أبو الهول” . واستفاد الطيب من تلك التجارب، خاصة في ما يتعلق بالإعداد اليومي للعمل، والدقة المتناهية في دراسة أدق التفاصيل الثانوية .

وقدم عاطف الطيب في أقل من خمسة عشر عاماً، واحداً وعشرين فيلماً سينمائياً تتسم جميعها بالصدق والواقعية، وتعبر عن الإنسان البسيط، وتناقش همومه وقضاياه .

“الغيرة القاتلة” أول أفلامه الروائية في ،1982 لنور الشريف ونورا ويحيى الفخراني . وفي 1983 أخرج “سواق الأتوبيس” لنور الشريف وعماد حمدي، و”التخشيبة” عام 1984 لأحمد زكي ونبيلة عبيد، و”الزمار” لنور الشريف وبوسي وصلاح السعدني . وفي 1986 “الحب فوق هضبة الهرم” لأحمد زكي وآثار الحكيم، و”ملف في الآداب” لصلاح السعدني ومديحة كامل وفريد شوقي، و”البريء” لأحمد زكي ومحمود عبدالعزيز . بعدها أخرج “أبناء وقتلة” لمحمود عبدالعزيز ونبيلة عبيد، و”البدروم” لممدوح عبدالعليم وليلى علوي و”ضربة معلم” لنور الشريف وليلى علوي وكمال الشناوي . وفي 1989 أخرج “الدنيا على جناح يمامة” لميرفت أمين ومحمود عبدالعزيز، و”كتيبة الإعدام” لنور الشريف ومعالي زايد، و”قلب الليل” لنور الشريف وهالة صدقي . وفي 1991 أخرج الطيب “الهروب” لأحمد زكي وهالة صدقي، و”ناجي العلي” لنور الشريف ومحمود الجندي في ،1992 و”ضد الحكومة” لأحمد زكي ولبلبة، و”دماء على الأسفلت” لنور الشريف وسلوى خطاب، وفي 1993 “إنذار بالطاعة” لمحمود حميدة وليلى علوي، و”كشف المستور” لنبيلة عبيد وفاروق الفيشاوي عام ،1994 و”ليلة ساخنة” لنور الشريف ولبلبة ،1996 ولم يتمكن الطيب من إتمام فيلمه الأخير “جبر الخواطر”، بسبب وفاته وتولى المونتير أحمد متولى استكمال الفيلم .

تعاون الطيب مع الكاتب والمؤلف وحيد حامد في خمسة أفلام، بينما تعاون مع المؤلف بشير الديك في أربعة أفلام، ومع الكاتب مصطفى محرم في ثلاثة أفلام ومع الكاتب أسامة أنور عكاشة في فيلمين .

كما قدم الفنان نور الشريف 9 أفلام للمخرج عاطف الطيب وأحمد زكي خمسة أفلام وكل من محمود عبدالعزيز ونبيلة عبيد وممدوح عبد العليم ثلاثة أفلام، بينما قدمت الفنانة هالة صدقي ولبلبة فيلمين .

بشهادة من عملوا معه، كان الطيب مخرجاً من طراز فريد، يتميز بالدقة والحرص الشديد على عمله، ويطمح لتكوين صورة جمالية ممتزجة بفكر عميق وهادف، كما كان حريصاً على اختيار من يضيفون إليه، ويضيف إليهم .

وأهم ما كان يميزه تنبؤاته للمستقبل وثورته على الواقع، وبدأ نقده للحياة الاجتماعية سنة 1983 في فيلم “سواق الأتوبيس” الذي صنع شهرته وأثار جدلاً كبيراً في أوساط الجمهور والنقاد، وتعاون فيه مع نور الشريف وميرفت أمين التي كانت تدخل في مرحلة النضج الفني . ومن هذا الفيلم قدم  مثالاً للتفكك الأسري، وتكالب الناس على المادة، كما انتقد عصر الانفتاح الاقتصادي الذي بدأ في عصر الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، من خلال جندي متقاعد يعمل سائقاً لحافلة نقل عام ويواجه صراعاً لاستعادة ورشة أبيه في ظل تخلي الجميع عنه عدا رفاق السلاح الذين يقفون بجانبه حتى ينجح في الحفاظ على إرثه العائلي .

كما انتقد مؤسسة القضاء وتخليها عن روح القانون في “التخشيبة”، وبحث عن الأمان والاستقرار في “الزمار”، وطالت أفلامه فساد الأجهزة الأمنية في سلسلة أفلام جريئة هي “البريء”، و”كشف المستور” و”ضد الحكومة”، وتعرضت هذه الأفلام لمشكلات مع الرقابة التي لم تسمح بعرضها إلا بعد أن شاهدتها جهات مسؤولة أعلى منها .

ناجي العلي” عكس حسه الوطني وهوجم بسببه

ظهر حسه الوطني من خلال فيلمه “ناجي العلي” الذي يعد محطة متفردة في رحلته السينمائية، لأن الاقتراب من فنان الكاريكاتير الفلسطيني الشهير ناجي العلي كان مغامرة تماثل الاقتراب من قنبلة موقوتة، لما يتمتع به العلي من جرأة وسخرية لاذعة .

وبسبب الفيلم، تعرض هو والشريف لحملة ضارية في مصر من مناصري السادات الذي هاجمه العلي مراراً بسبب “كامب ديفيد” .

اعتبر النقاد فيلميه “أبناء وقتلة” و”البدروم” كبوة كبيرة، عزف خلالها على نبرة الأفلام الموجودة على الساحة آنذاك . وكتب عن ذلك الكاتب مصطفى محرم قائلاً: لم أكن أرحب به بعد فيلمه “الغيرة القاتلة”، ولكن بعد ذلك النجاح الفني المدوي لفيلم “سواق الأتوبيس” رحبت بالعمل معه وألغيت  بالسيناريو الذي كتبه محسن زايد وكتبت سيناريو جديداً لقصة نجيب محفوظ الرائعة “الحب فوق هضبة الهرم” الذي يعد أحد النماذج المضيئة التي تعالج مشكلات الشباب، التي لم تقترب منها الأفلام التي صنعها شباب السينمائيين منذ عام 1995 حتي وقت الإعداد للعمل، واختار مهرجان “كان” فيلم “الحب فوق هضبة الهرم” ليعرض في مسابقة “نصف شهر المخرجين” ونال تقديراً كبيراً من الصحافة الفنية الفرنسية .

بعد تلك الكبوة استعاد عاطف الطيب تأثيره وحضوره في فيلم “قلب الليل” المأخوذ عن إحدى روايات العبقري نجيب محفوظ بالاسم نفسه . كما كان فيلم “ضربة معلم” اسماً على مسمى ونموذجاً لكيفية شد عيون المشاهدين إلى الشاشة للتعرف إلى جديد فنان اعتادوا أن يقدم همومهم ويناقش قضاياهم.

ولم يفت الطيب أن يمزج الجد بالهزل والسخرية بالكوميديا في فيلم “الدنيا على جناح يمامة”، الذي قدم فيه مع الكاتب وحيد حامد كوميديا راقية، تذكرنا بفيلمين لأستاذه صلاح أبو سيف، رائد الواقعية، هما “البداية”، و”السيد كاف” .

وسرعان ما عاد الطيب لتقديم نمطه المفضل كمخرج واقعية فى فيلم “كتيبة الإعدام”، الذي تعاون فيه مع الكاتب أسامة أنور عكاشة .

واختتم حياته الفنية بفيلم يكشف فيه التناقض بين طبقات الشعب هو “ليلة ساخنة” أعاد فيه اكتشاف الفنانة لبلبة، وحصل به على جائزة أفضل مخرج من مهرجان القاهرة السينمائي عام ،1994 ونالت لبلبة عنه جائزة أفضل ممثلة .

قدم الطيب للسينما المصرية الكثير من النجوم، لكنه اختار بطلين رئيسيين ظهرا في أغلب أفلامه، هما نجما السينما العربية والمصرية نور الشريف والراحل أحمد زكي، اللذان قدمهما الطيب بمذاق مختلف في أفلامه . وعن هذا الثنائي، قال الطيب: نور الشريف يمكن أن يعطيك إحساساً مستمراً على طول الفيلم، بأنه مظلوم أو ثائر أو غاضب أو متهم أو حزين مهما اختلفت تعبيراته، بينما أحمد زكي يتقمص الشخصية التي يؤديها بامتياز، فيعطيك أكثر من إحساس مختلف خلال الفيلم بتعدد أحاسيس الشخصية الواحدة حسب السيناريو، فهو في لقطة غاضب وفي مشهد حزين وفي مشاهد عدة ثائر، وأضاف: لو كانت موهبة نور الشريف ثماني درجات على عشر، فموهبة أحمد زكي عشر على عشر .

ولقيت جهود عاطف الطيب ومحاولته الارتقاء بالفيلم العربي نتائج طيبة في المهرجانات العربية والدولية، فنال العديد من الجوائز أهمها الجائزة الفضية في مهرجان دمشق السينمائي الثالث عام 1983 عن فيلمه “سواق الأتوبيس” وكان أول مهرجان يقدر هذا الفنان ويضعه في دائرة الأضواء، كما نال عن الفيلم ذاته جائزة أفضل إخراج من مهرجان قرطاج، ونال الجائزة الأولى من مهرجان نيودلهي عن فيلم “البريء” عام 1986وجائزة أفضل مخرج من مهرجان القاهرة عام 1994 .

وكان مشهد النهاية في فيلم “سواق الأتوبيس”، عندما ضرب البطل أحد اللصوص الذين اعتادوا سرقة الناس في وضح النهار، تحذيراً واضحاً من كل اللصوص الذين انتشروا في البلاد، معتمدين على سياسة الانفتاح، ورغم الفارق في حجم السارق والمسروق، إلا أن الصفعة التي صفعها “حسن” بطل الفيلم، كانت يد كل المصريين التي صفقوا لها داخل صالات العرض عام 1983 .

وكأن الطيب أدرك أن المصريين يجب أن يتوقفوا عن السلبية ويقاوموا اللصوص مبكراً، ولم يستمع أحد إليه .

من يشاهد فيلم “سواق الأتوبيس” بعد ثورة 25 يناير، يدرك رمزية عاطف الطيب، لمصر على أنها ورشة تسقط وتنهار، ولا تجد من ينقذها إلا إذا حصل على الثمن مقدماً، بينما كان أبناؤها المخلصون أعينهم بصيرة وأيديهم كالعادة قصيرة .

وضرب الطيب المثل بالفساد والفاسدين ب”البرنس” المهرب البورسعيدي الذي حول منزله إلى مخزن، و”تابعي” تاجر دمياط الكبير، و”عوني” الذي ورط الورشة مع الضرائب، ولم يلتفت أحد لأسماء الأبطال التي اختارها الطيب بعناية، فصاحب الورشة “سلطان”، والبطل المغير “حسن”، أما المفسدون، فاختار لهم أسماء ليست على مسمى مثل “البرنس” و”عوني” .

وفي فيلمه “البريء”، بطولة أحمد زكي وحسين فهمي، تنبأ بما عُرف لاحقاً بأحداث الأمن المركزي في 1986 حين أشيع وقتها أن مجندي هذا القطاع التابع للجيش لكن وزارة الداخلية تسيطر عليه ستمتد فترة تجنيدهم، وعلى أثر ذلك خرج الآلاف منهم من المعسكرات إلى الشوارع وحدثت فوضى كانت تنذر بكارثة لولا تدخل الجيش .

فيلم عن حياته

يعكف الفنان نور الشريف على كتابة المعالجة الدرامية لفيلم سينمائي يقدم من خلاله حياة المخرج عاطف الطيب الذي قدم خلال مسيرته الفنية 21 فيلماً روائياً، لعب نور الشريف بطولة 11 منها .

ويقول الشريف: تعرفت إلى عاطف الطيب منذ أول أفلامه للسينما وهو “الغيرة القاتلة”، بل وقبل ذلك عندما كان يعمل مساعد مخرج ليوسف شاهين .

لهذا جاء فيلمه الثاني “سواق الأتوبيس” لافتاً للانتباه ومغايراً حتى للسينما السائدة، وحصلت مع أفلام عاطف على أهم جائزتين في مشواري الفني، الأولى من مهرجان نيودلهي الدولي السينمائي وهي جائزة الطاووس عن التمثيل في “سواق الأتوبيس” عام ،1983 والثانية من مهرجان القاهرة الدولي السينمائي عام 1995 عن التمثيل في فيلم “ليلة ساخنة” وربطتني به صداقة قوية، لذا قررت أن يكون فيلمي المقبل عن عاطف الطيب لأجسد حياته .

وقال الشريف “إن أسرة الراحل ترحب بتقديم هذا الفيلم لأنهم يعرفون مدى قربي من عاطف الفنان والإنسان” .

الخليج الإماراتية في

06/07/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)