حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

اذهب وراء إحساسك..

«نص ساعة جواز» علي الطريقة الأمريكية

بقلم : ماجدة خيرالله

أعرف ما الذي داربرأسك وأنت تشاهد أحداث الفيلم الأمريكي"اذهب وراء إحساسك" أو Just go with it الذي يلعب بطولته "آدم ساندلر" و"جينيفر أنستون" و"نيكول كيدمان"، نعم الأحداث تبدو شديدة الشبه بأحداث الفيلم المصري، "نص ساعة جواز" الذي تم إنتاجه في عام 1969ولعبت بطولته شادية ورشدي أباظة وماجدة الخطيب، طبعا فاكر الفيلم، لأنه يعرض كثيرا علي القنوات المخصصة لعرض الأفلام المصرية، وهو من إخراج فطين عبد الوهاب وكتب له السيناريو والحوار أحمد رجب! لكن اطمئن الخواجات ما سرقوش الفيلم المصري، لأن ببساطة كده الفيلم المصري ايضا كان مقتبسا ومش حا نقول مسروق، من الفيلم الامريكي "زهرة الصبار" الذي تم إنتاجه ايضا في نفس العام وربما نفس الشهر، والفيلم الامريكي كان من بطولة والتر ماثاو وجولدي هون وإنجريد بيرجمان! وحصلت عنه جولدي هون علي جائزة اوسكار افضل ممثلة مساعدة! والحكاية أن هذه الافلام الثلاثة مأخوذة عن مسرحية فرنسية بنفس الاسم "زهرة الصبار"كانت تقدم علي مسارح برودواي لفترة طويلة، ثم تم تقديمها في إطار مشروع "مسرح التليفزيون" وكانت من بطولة سناء جميل وعبدالرحمن أبو زهرة، وماجدة الخطيب وصلاح السعدني ! المسرحية الفرنسية والمسرحية المصرية هي أكثر الاعمال المقتبسة من المسرحية الفرنسية جمالاً واكتمالاً، وكانت تعرض كثيرا في سهرات الخميس ، أيام مجد التليفزيون المصري، ثم اختفت تماماً وأخشي أن تكون ضمن الأعمال التي تم تسريب شرائطها وبيعها للخارج، أو تبديدها بشكل أو بآخر!وأحداثها تدور حول طبيب أسنان شاب، له علاقات عاطفية متعددة، وحتي يضمن ألا تطالبه أي من صديقاته بالزواج يدعي من البداية أنه متزوج، إلي ان يقع في حب فتاة بريئة تكره الكذب جدا، وتحترمه لانه من وجهة نظرها كان صادقا معها منذ البداية، وأخبرها بأمر زواجه المزعوم، ونظرا لشدة حبه لها، يقرر الزواج بها، ويدعي أنه سوف يطلق زوجته لعدم التوافق بينهما ولأنها هي التي طلبت منه الطلاق، وهنا تصر الفتاة علي مقابلة زوجته، حتي يطمئن قلبها إلي أنها لن تتسبب لها في اي ضرر، ويقع الطبيب الدونجوان في مأزق، ويضطر ان يطلب من سكرتيرته ومساعدته في عيادة الاسنان، أن تقبل أداء دور زوجته لمدة نصف الساعة، تلتقي فيها بحبيبته وتقنعها أن الحياة الزوجية "المزعومة" بينهما اصبحت مستحيلة وأنها غير نادمة علي الطلاق منه، بل هي علي علاقة بآخر وتلح في طلب الزواج، ولكن الفتاة البريئة تصر علي أن تلتقي بهذا الشخص الآخر حتي تطمئن علي حياة زوجة حبيبها بعد انفصالها عنه، وتتعقد الحكاية لان الطبيب المغامر يجد نفسه مضطرا للبحث عن رجل يمكن ان يمثل دور العاشق لسكرتيرته العانس التي كان يشبهها بالعسكري، وكلما وافق الطبيب علي شرط من شروط حبيبته البريئة التي لاتريد أن تبني سعادتها معه علي أنقاض علاقته الزوجية "المزعومة" يفاجأ بالفتاة تطالبه بمزيد من الضمانات ، وخلال تلك الرحلة من العلاقات المتشابكة وسوء الفهم الناتج عن الكذب المتراكم الذي يؤدي الي مزيد من الكذب، يكتشف الطبيب أن سكرتيرته العانس كانت تهيم به حباً، من طرف واحد، ويكتشف ايضا أنها كانت أكثر جمالا مما يعتقد، ولكنها لم تفكر يوما في إظهار جمالها، كما تكتشف الفتاة البريئة أنها كانت ضحية كذبة كبيرة عاشتها مع الطبيب الذي كانت تعد نفسها للارتباط به، وتعتقد أنه أكثر الرجال الذين صادفتهم صدقا وأخلاقاً!وتنقلب الكذبة الي حقيقة ويتزوج الطبيب بسكرتيرته التي وجد أنها أكثر امرأة تستحق ان يرتبط بها! بعد عرض زهرة الصبار علي مسرح التليفزيون ونجاحها الكبير، فكر المنتج السينمائي الراحل رمسيس نجيب أن يحول المسرحية الي فيلم سينمائي يلعب بطولته فؤاد المهندس وشويكار، مع الوجه الجديد عادل إمام الذي ظهر معهما في مسرحية أنا وهو وهي ، في شخصية وكيل المحامي دسوقي افندي! لكن حدث اختلاف بين المنتج والثنائي فؤاد المهندس وشويكار حول الأجر، حيث طلب كل منهما مبلغ 800 جنيه حتة واحدة! الأكثر شعبية ووجد رمسيس نجيب أن هذا الاجر فيه مبالغة كبيرة، وفشل في اقناعهما بالحصول علي 500 جنيه لكل منهما!وقتها قرر الانتقام منهما وعرض الفيلم الذي كتب له السيناريو والحوار الصحفي الساخر أحمد رجب، علي شادية ورشدي اباظة وهما في سوق السينما أفضل كثيراً وأكثر شعبية، وأعلي أجراً طبعا، حيث كان رشدي اباظة يحصل علي خمسة آلاف جنيه، أما أجرالفنانة شادية فكان ضعف هذا الرقم لانها مطربة وممثلة في آن واحد، ولأن معظم أحداث الفيلم تدور في عيادة طبيب أسنان ، مما يحتم ارتداء بطلي الفيلم للبالطو الأبيض، وخوفاً من أن يصاب المشاهد بالملل، اضطر رمسيس نجيب و"هو أشهر وأنجح منتج في تاريخ السينما المصرية"، أن يطعم الفيلم بمجموعة من عناصر الابهار، وكانت ماجدة الخطيب في بداية حياتها الفنية، فقرر الاستعانة بها لتلعب دور الفتاة التي تقع في حب الطبيب"رشدي اباظة"، كما استعان بالوجه الجديد "آنذاك"، نجلاء فتحي لتظهر في عدة مشاهد ساخنة من الفيلم، كما طلب من السيناريست أحمد رجب أن يفرد مساحة كبيرة لعادل إمام باعتباره نجم الكوميديا القادم، وطلب عادل أجر 100 جنيه، وكانت رقما كبيراً لوجه صاعد، ولم يتردد المنتج في الموافقة. أسخف المعالجات كما أضاف المنتج عدة أغنيات لشادية، من ألحان بليغ حمدي، أهمها أغنية "سكر حلوة الدنيا سكر"! وبقية أحداث الفيلم أنت عارفه وحافظه كويس، أما الفيلم الأمريكي "اذهب وراء إحساسك " الذي يعرض الآن بالقاهرة فهو الأسخف بين كل المعالجات المأخوذة عن مسرحية زهرة الصبار، وقد لجأ السيناريست الي عدة إضافات منها تحويل طبيب الأسنان الي طبيب تجميل، ليعطي مساحة للسخرية من النساء المهووسات بإجراء الجراحات التجميلية التي يمكن أن تفسد أكثر مما تصلح، أما جنيفر أنستون التي لعبت دور السكرتيرة فهي لا تتمتع بأي قبول، رغم كل محاولات الإضحاك وزرع مواقف كوميدية مبنية علي فكرة سوء الفهم، إلا أن الفيلم يفتقد ويخلو فعلا من الطرافة، وتكاد تكون الشخصية التي قدمتها نيكول كيدمان هي الوحيدة المبتكرة في هذا الفيلم، فهي صديقة قديمة لجنيفر أنستون تلتقيها بعد سنوات انقطعت فيها أخبارهما، وتدعي كل منهما كذباً أنها تعيش في قمة السعادة مع زوجها، لتثير أحقاد الاخري، ويدخلان في منافسة في مسابقة للرقص علي طريقة بنات جزيرة هاواي، فتفوز" جنيفر أنستون" رغم محاولات "نيكول كيدمان" المستميتة، وفي نهاية لقائهما تعترف كل منهما للأخري انها كانت تكذب عليها عندما ادعت انها تعيش حياة زوجية مستقرة، ويتضح أن جنيفر انستون تمثل انها زوجة جراح التجميل المشهور آدم سندلر، أمام خطيبته، أما نيكول كيدمان فتعترف لصديقتها ان زوجها الذي تدعي أنه مقطع السمكة وديلها ماهو إلا شاذ جنسياً!يقوم الفيلم علي فكرة أن الأكاذيب الصغيرة تتضخم وتتشابك وتنتج عنها سلسلة من الأكاذيب لاتنتهي، ويبقي أن الفيلم المصري «نص ساعة» جواز هو أفضل تلك المعالجات الكثيرة المأخوذة عن المسرحية الفرنسية زهرة الصبار!

جريدة القاهرة في

29/03/2011

 

إليزابيث تايلور.. سيدة الإمبراطورية

بقلم : الأمير أباظة 

لم تكن إليزابيث تايلور مجرد ممثلة سطع نجمها علي الشاشة الفضية فأضاءت موهبتها شاشات العالم.. كانت ليزا واحدة من أهم نجمات العصر الذهبي للسينما في عاصمة السينما العالمية هوليوود بدأت حياتها الفنية وهي لم تتعد العشر سنوات من العمر وخلال هذه السنوات قدمت 70 فيلماً بعضها الآن من كلاسيكيات السينما العالمية.. مثلتها أمام العديد من نجوم وأساطير هوليوود رغم شهرتها الفائقة التي حققتها بفيلم كليوباترا إلا أنها حصلت علي الأوسكار مرتين عن فيلمين ليس من بينها هذا الفيلم الإسطوري. حصدت ليزا عدة القاب منها «آخر ساحرات الجيل الذهبي في هوليوود» وقطة هوليوود المدللة. ورغم ان فيلم «كليوباترا» ليس أهم أفلامها إلا أن أشهر هذه الأفلام، بل أشهر أدوارها علي الإطلاق وهو الفيلم الذي تعرفت خلاله علي النجم ريتشارد بيرتون الذي وقعت في غرامه وتزوجته. ولعل أهم ما يميز فيلم «كليوباترا» أيضا أنه أول فيلم يصل فيه أجر ممثل أو ممثلة إلي مليون دولار. قدمت تايلور خلال حياتها الفنية بطولة 70 فيلماً علي مدار نصف قرن، كما قامت الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا بمنحها وسام سيدة الإمبراطورية في احتفال أقيم بقصر باكنجهام الملكي. كان عام 1957 هو عام السعد عليها حيث فازت فيه بأول جائزة في حياتها، «الجولدن جلوب» كما فازت بوسام «غصن الغار الذهبي» 1958- 1959 وجاء عام 1960 لتفوز بالأوسكار وجائزة الجولدن جلوب كأفضل ممثلة، ووسام الغار الذهبي الذي حصلت عليه مرة أخري عام 1965. كما حصلت علي الأوسكار مرة أخري عام 1966 كأحسن ممثلة عن فيلم «من يخاف فرجينيا ودلف» الذي حصدت عنه العديد من الجوائز بالإضافة إلي الأوسكار، ففي نفس العام حصلت علي جائزة أحسن ممثلة من دائرة النقاد السينمائيين بمدينة نيويورك وفي العام التالي 1967 حصلت علي عدة جوائز عن نفس الفيلم منها جائزة «بافتا» البريطانية وأحسن ممثلة من دائرة النقاد السينمائيين بمدينة كانساس وجائزة غصن الغار الذهبي بالإضافة إلي جائزة المجلس الوطني للاستعراض كأحسن ممثلة. وفي 1972 حصلت علي الدب الفضي من مهرجان برلين كأفضل ممثلة، كما حصلت في نفس العام علي جائزة ديفيد دي دوناتلو لأفضل ممثلة أجنبية إيطالية، كما فازت بجائزة من جامعة هارفارد عام 1977 وعادت عام 1985 لتفوز بجائزة الجولدن جلوب عن مجمل انجازاتها كما فازت بالتفاحة الذهبية كأفضل نجمة سينمائية للعام، وجائرة أخري من مؤسسة الفيلم الأمريكي عن مجمل أعمالها 1993، و كرمتها الأكاديمية البريطانية لفنون الفيلم والتليفزيون 1999، كما نالت ميدالية من الرئاسة الأمريكية 2001، وجائزة من مركز جون كيندي للفنون المسرحية عام 2002، وفي عام 2005 حصلت علي جائزة «بافتا» البريطانية للتميز الفني. كما نالت جائزة أوسكار خاصة عام 1993 لنشاطاتها في التصدي لمرض نقص المناعة المكتسب «الإيدز». تكريم خاص تعد ليزا من الفنانات القلائل علي مستوي العالم اللاتي صنعت لهن دمي وتماثيل عن شخصيتها الإنسانية أو شخصياتها الفنية التي قدمتها، حيث قامت إحدي الشركات الأمريكية المتخصصة في صناعة العاب الأطفال بإنتاج دمية «عروس» لها. حيث قامت الشركة بتقديم مجموعة «دمي» للشخصيات التي مثلتها خلال مشوارها الفني والتي عمل المصممون لها علي ان تكون قريبة الشبه بملامح اليزا خاصة عينيها الجميلتين. أزواجها في الوقت الذي لمع فيه اسمها من خلال أفلامها كان التعثر هو السمة البارزة في حياتها الخاصة، حيث تزوجت ثماني مرات من سبعة رجال، إذ تزوجت مرتين من ريتشارد بيرتون. حيث تعتبر من أكثر نجمات هوليوود زواجاً، طلقت سبع مرات، وأصبحت أرملة مرة واحدة بعد وفاة زوجها المنتج المسرحي مايكل تود في حادث طائرة. جمالها الباهر جعلها محط انبهار الرجال في وقت مبكر من عمرها فلم تكن قد تجاوزت السابعة عشرة من عمرها عندما تعرفت علي المليونير هاورد هيوز. ثم كان زواجها الأول من مليونير الفنادق كونراد هليتون لمدة سبعة أشهر حيث تزوجته في 6 مايو 1950 حتي 29 يناير 1951، وانتهي هذا الزواج بالطلاق، وهو رجل أعمال ينتمي لأسرة هيلتون شديدة الثراء، إلا أنه كان مدمناً للكحوليات وكان يعتدي عليها بالضرب فكان يؤذيها جسديا ونفسياً فتم الطلاق. بعد طلاقها منه بعام تزوجت الممثل البريطاني مايكل وايلذنج في 21 فبراير 1952 واستمر زواجهما حتي 26 يناير 1957 ورزقا بولدين هما مايكل وكريستوفر، ولم يستمر طلاقها سوي شهر واحد تزوجت بعده من مايكل تود المنتج المسرحي الأمريكي الحائز علي جائزة الأوسكار عن فيلم «حول العالم في ثمانين يوما» واستمر زواجهما حتي 22 مارس 1958 حيث توفي في حادث طائرة.. وفي 21 مايو 1959 تزوجت المغني الأمريكي إيدي فيشر أحد أشهر مطربي الخمسينات من القرن الماضي وتم طلاقها منه في 6 مارس 1964، وبعدها تعرفت علي النجم ريتشارد بيرتون أثناء تصوير فيلم «كليوباترا» حيث ربط الحب بينهما وتزوجا في 15 مارس 1964 بعد تسعة أيام من رحيل زوجها وشاركت معه في عدة أفلام منها «ترويض النمرة»، «كليوباترا»، واستمر زواجهما عشرة أعوام حتي27 يونيو 1974 حيث تم الطلاق بينهما والذي استمر لمدة ستة عشر شهراً حيث تم الزواج الثاني بينهما في 10 أكتوبر 1975 ولكنه لم يستمر طويلاً حيث وقع الطلاق الثاني في 29 يوليو 1976، ثم تزوجت السياسي الأمريكي أحد أقطاب الحزب الجمهوري الذي كان يعمل في البحرية الأمريكية وهو أحد محاربي الحرب العالمية الثانية وتزوجها في 4 ديسمبر 1976 بعد خمسة أشهر من طلاقها من بيرتون واستمر هذا الزواج حتي 7 نوفمبر 1982، ثم كان زواجها الثامن والأخير من عامل البناء لاري فروتنسكي في السادس من أكتوبر 1991 واستمر حتي 31 أكتوبر أيضاً عام 1996 ولم يعرف عنه سوي أنه ثامن أزواج ليزا. ولدت إليزابيث روزموند تايلور في السابع والعشرين من فبراير 1932 في العاصمة البريطانية لندن من عائلة ثرية هاجرت إلي الولايات المتحدة الأمريكية فور نشوب الحرب العالمية الثانية وهي تملك الجنسية الإنجليزية والأمريكية فقد كان والدها إنجليزيا بينما كانت أمها أمريكية. وقد عاشت حياة متقلبة علي الرغم من نجاحها الفني وتصدرها لأغلفة المجلات وأخبار الصحف العالمية، وقد ورثت موهبة التمثيل عن والدتها التي كانت تعمل ممثلة مسرح وتلقت في طفولتها دروساً في الباليه، في وقت مبكر من حياتها. وعندما أتمت العاشرة من عمرها اكتشفها أحد العاملين في ستوديوهات هوليوود، وتم ترشيحها لتمثيل أول فيلم لها عام 1942 ثم توالت مشاركاتها في الأفلام ومنها «ناشيونال فيلفيت» وهي في الثانية عشرة ثم قدمت فيلم «سيزيتا» في الخامسة عشرة وبعدها أثارت انتباه الجميع بأدائها الرائع وأنوثتها. ثم فيلم «مكان تحت الشمس» في التاسعة عشرة.. بعده قدمت فيلم «كليوباترا» مع ريتشارد بيرتون ليفوق كل التوقعات حيث ارتفعت أسهمها إلي عنان السماء بعد النجاح الأسطوري للفيلم الذي تقاضت عنه مليون دولار. نشاط خيري ساهمت اليزا في وقت مبكر في الأنشطة الخيرية التي تهدف لمساعدة مرضي الإيدز فعملت علي إنشاء مؤسسة عالمية خيرية لمكافحة مرضي الإيدز بالإضافة إلي قيامها بحملة سنوية لجمع التبرعات التي وصلت إلي 50 مليون دولار.. من أجل أنشطة مكافحة مرض الإيدز بالإضافة إلي تخصيص جزء من التبرعات لإجراء البحوث والتجارب العلمية لمكافحة هذا المرض اللعين. كما قامت إليزا بالتبرع لأحد مستشفيات جنوب أفريقيا بمبلغ مالي ضخم من أجل شراء الدواء اللازم لعلاج المصابين بالإيدز، هذا المبلغ الذي قيل عنه ان سيوفر العلاج المجاني لمائة مريض طوال عام. اليزا قدمت العديد من المساهمات الخيرية الأخري فقدمت تبرعات لتوفير الأدوية للمرضي المحتاجين بلوس انجلوس. مع المرض ليزا كان لها تاريخ طويل مع المرض بدأ عام 2004 باكتشاف الأطباء إصابتها بضعف في عضلة القلب، وفي عام 2009 قامت باجراء عملية جراحية لاستبدال صمام في القلب إلا أنها في فبراير الماضي دخلت المستشفي مرة أخري بعد إصابتها بأعراض أزمة قلبية وظلت هناك حتي وفاتها في 23 مارس الحالي. وكانت شائعات قد انتشرت قبل دخولها المستشفي عن إصابتها بمرض الزهايمر وهو ما نفته تايلور مؤكدة انها لا تعاني الزهايمر أو أي مرض خطير، وانها تعاني بعض الألم في الظهر نظراً لكونها تعاني اعوجاجا في السلسلة الفقرية منذ صباها الأمر الذي جعلها تستخدم كرسيا متحركا في تحركاتها. وكانت اليزا قد خضعت للعلاج من آثار إدمانها الكحول وتمكنت من التخلص من السمنة التي تعرضت لها لتعود إلي رشاقتها مرة أخري، وان كان قد واجهت بعض المشاكل المرضية التي تمكنت من تخطيها، حتي وافتها المنية عن 79 عاماً بعد معاناة مع المرض حيث توفيت بمستشفي سيدارس سيناسي بلوس انجلوس وسط أولادها الأربعة. وقد أقيم لها قداس دفن خاص صغير في لوس انجلوس ووري جثمانها في جبانة «فروست لون» في جلينديل خارج لوس إنجلوس وهو المكان الصغير الذي دفن فيه صديقها مايكل جاكسون في عام 2009 الذي كانت ترتبط معه بعلاقة وثيقة بل انها دافعت عنه أثناء محاكمته بتهمة التحرش بالأطفال.

جريدة القاهرة في

29/03/2011

 

سينما ما بعد الثورة.. الرقباء يمتنعون

بقلم : ياقوت الديب 

الرقابة علي الفنون لايفرضها سوي نظام ديكتاتوري مستبد فاقد الثقة في أدائه، يقف علي أرضية رخوة ومهتزة قابلة للغوص أسفل سافلين ، وعقلية خربة تظن أن القهر النفسي والفكري سبيلا للاستقرار ، وفكر جامد متحجر عفي عليه الزمن ولفظته نظم الحكم الديمقراطية السليمة ... نظام يروج له اعلام انتهازي يديره حفنة من الأشرار مدفوعي الأجر بالملايين الحرام والمنهوبة من ثروات الشعب تحت مسميات اخترعوها هم أنفسهم لا أنزل الله بها من سلطان ، وجل رسالتهم وهدفهم المعيب هو تغييب الوعي لدي الشعب وابعاده بكل الطرق والأساليب الدنيئة عن ساحة المشاركة أو ابداء الرأي. هكذا كانت نظرتنا لما يسمي بجهاز الرقابة علي المصنفات الفنية في العهد البائد الذي فرض مناخا فاسدا لايستطيع معه أي شريف مهما حاول أن ينجومن قيوده الحديدية وفروضه الأمنية ومحاذيره الغبية وتابوهاته التحذيرية التي عطلت العقول وقيدت الإبداع ولجمت الأفواه بحجة الحفاظ علي أمن البلاد وقيم المجتمع وعدم ازدراء الأديان ... آن الأوان لتغيير فلسفة هذا الجهاز لتواكب ما قامت من أجله ثورة الشعب وماطالبت به من تحقيق لمبدأ طال انتظاره عشرات السنين منذ ثورة يوليوعام 1952 ألا وهو إقامة حياة ديمقراطية سليمة لكنه للأسف لم يتحقق في أي عهد من عهود الحكومات السابقة أقسمت بأغلظ الإيمان أنها سوف ترعي مصالح الشعب رعاية كاملة ، وأن تحافظ علي الدستور والقانون ، وما الي ذلك من مظاهر المراسيم الشكلية التي تفترض فينا الغباء وعدم الوعي وبلادة الحس. مصنفات فنية وفي الآونة الأخيرة تعالت الأصوات وتسابقت الأقلام وتنوعت الآراء وتباينت حول مايسمي بجهاز الرقابة علي المصنفات الفنية في مصر ، ذلك الجهاز الذي لجأ طواعية لأجهزة أخري في الدولة والسماح لها بأن تتدخل تدخلا سافرا فاق كل حدود الأدب في التعامل مع مصنفاتنا الفنية: السينمائية والمسرحية والغنائية وغيرها من منتجات العقول المبدعة الواعية بأدواتها ، حتي وصل الأمر لأن تكون كلمتها هي العليا وكلمة القائمين علي جهاز المصنفات هي السفلي بحجة أمن الوطن والحفاظ علي قيم المجتمع ، في الوقت الذي تأكد فيه أنها كانت تسمح فقط بمرور كل ما هو بذيء وخارج عن حدود اللياقة والقيم المجتمعية ، من مشاهد البرنوالخليعة غير المبررة دراميا في السينما ، وكلمات الأغاني الهابطة ومفرادتها الوضيعة التي روجت لثقافة الميكروباص تحت مسمي الأغاني الشعبية، وإفيهات مسرحية غاية في السفالة وقلة الأدب، كل هذا بنية خالصة من أصحابها ألا وهي نية جمع أكبر قدر ممكن من الملايين وطز في الثقافة والقيم والأصول المرعية لبناء دولة عصرية من المفترض أنها صاحبة حضارة عمرها آلاف السنين ... وبحجة حرية الإبداع في السينما والمسرح والأغاني ، هذه هي الحرية المسموح بها في الإبداع ، شريطة أن يبتعد هذا الإبداع عن نظام الدولة وعن نقد الحاكم أومن يلوذ بطرفة من حاشية المنتفعين علي اعتبار أن هذا من الخطوط الحمراء غير المسموح بتعديها أومجرد الاقتراب البريء منها ، الي جانب تابوهات المتسلطين التي وضعوها تحت مسمي الحفاظ علي قدسية الأديان ، والآداب العامة وهذا يعني ببساطة امكانية تطويق أي ابداع أومنعه من الأساس ، وببساطة أكثر ووفقا لرؤيتهم يمكن وضع كل ابداعات مصر الفنية التي انجزت منذ زمن الفراعنة وحتي تاريخه في قائمة الممنوعات ، اذن ما يسمحون به فهومن فرط كرمهم وما يمنعونه فهوحق لهم ... منطق مغلوط ومعكوس وقياس معيب ووصمة عار في جبين الإبداع المصري ، يجب أن نتخلص منها وتحديدا مع تفجير ثورة الشعب في 25 يناير. تسيب وانفلات لكن يبقي أن نشير الي أن هناك فرقاً كبيراً بين حرية الإبداع وبين التسيب أو الانفلات والانحطاط الأخلاقي ، للأسف مازالنا أمام حفنة من المبدعين ينظرون الي هذه الحرية نظرة تجارية بحته ويتصورون أن الحرية تعني فعل ما أريد بغض النظر عن حرية الآخرين أوسلامتهم ، البلطجي يظن أنه حر فيما يرتكبه من جرائم وآثام ، اللص يتخيل أن من حقه السرقة ولوبقوة السلاح الأبيض أوالناري ، الغشاش يعتقد أن الآخرين مغفلون وسذج ، المرتشي يقنع نفسه بأن الرشوة هدية والنبي قبل الهدية ... كل هؤلاء الفاسدين والخارجين عن الناموس البشري في طباعهم وتكوينهم المشوه يتصورون أنها الحرية التي يجب ألا تعيق أهدافهم أوتحقيق طموحاتهم المريضة والمرفوضة من المجتمع البشري. نحن ضد وجود ما يسمي بجهاز الرقابة علي المصنفات الفنية في وضعه الراهن وبشكل خاص بعد ثورة شعبنا العظيم في 25 يناير ، وعلي هذا الجهاز أن يختار له دورا أكثر تفهما وملائمة ومعاصرة لما نعيشه الآن في مصر من جو يبدو صحيحا ومناخا صحيا مأمولا، واما أن يبتعد بشرف عن ساحة التسلط علي الفن والإبداع ، ومن المرجح أنه سوف يعيد حساباته علي أساس أن بعبع ما يسمي بأمن الدولة سوف يزول للأبد كحجر عسرة أمام المبدعين ويتفرغ لما هوأهم في متابعة الأرهاب وأذياله والجواسيس وأعوانهم ليصبح جهازا وطنيا بمعني الكلمة ، نفتخر به في تحقيق هذه المهام الوطنية ، بعيدا عن تدخلاته السافرة كما في العهود البائدة عمال علي بطال وفي كل كبيرة وصغيرة حتي ظن كل منا أنه من أصحاب الملفات فيه. الحرية المرتقبة علي الجانب الآخر نأمل أن يكون المبدعون في مصر أهلا لهذه الحرية المرتقبة والتي تحتضنها بيئة ديمقراطية سليمة، ويغيروا ما في أنفسهم تماشيا مع مصر الجديدة ، وأن يحكموا ضمائرهم دون رقابة أووصاية أوتوجيهه ... يحكمهم فقط ضمير خالص لمصلحة هذا الوطن الذي دفع من أجل حريته مئات الشهداء بأرواحهم وآلاف المصابين بجراحهم ثمنا لهذه الحرية التي سوف نتمتع بها جميعا دون مقابل حقيقي دفعناه ، جل ماقدمناه أننا هتفنا مع الثوار في ميدان التحرير وغيره ، وربما لم يخرج كثيرون من بيوتهم وظلوا مترقبين عن بعد وقلوبهم مع الثورة علي استحياء ، وحتي الذين خذلوا الثورة ... الكل لاشك سوف ينعم بهذه الحرية ، لكن تبقي حرية الإبداع قضية أخري يعوزها الكثير من النقاش ... فهل نحن فاعلون؟

جريدة القاهرة في

29/03/2011

 

«الملاكم» و«تروجرىت»..

القدىمة تكسب فى أفلام الكاوبوى الأمرىكى

بقلم : رفىق الصبان 

فىلمان من الأفلام التى دخلت حلبة التنافس لجوائز الأوسكار ىعرضان على شاشاتنا فى الوقت نفسه الذى ىعرض فىه الفائز الكبىر «خطبة الملك» الذى كان الحصان الأسود.. الذى اخترق جمىع المتسابقىن لىفوز بقصب السبق الذهبى محققا مفاجأة لم ىتوقعها أحد. الفىلمان هما الملاكم أو المصارع .. سمه كما تشاء عن قصة حقىقىة لواحد من أبطال «البوكس» الأمرىكى .. والثانى هو «تروجرىت» القصة التى سبق أن أخرجها قبل ثلاثىن عاما أو ىزىد «هنرى هاتادى» ولعبته «كاترىن هىورن» إلى جانب «جون واىن» الذى حاز على أول أوسكار له فى حىاته عن أدائه لدور الشرىف الأعور السكىر الذى ىذهب للبحث عن قاتل ترافقه ابنة القتىل فى سهول الغرب الواسعة. رؤية معاصرة قرر الأخوان كوهىن اللذان قدما قبل سنوات فىلما عن الغرب برؤىة معاصرة شدىدة القوة وشدىدة التأثىر بعنوان «لا مأوى للرجال المسنىن» حازا بواسطته على عدد من جوائز الأوسكار.. وها هما الآن ىعودان إلى أفلام الغرب التقلىدىة لىقدماها من خلال منظار خاص بهما وبأسلوبهما مبتعدىن تماما عن الفىلم القدىم .. مكتفىن فقط بفكرته الرئىسىة من خلال إعداد جدىد ونظرة سىنمائىة واعىة .. استغلا فىها كل إمكانىاتهما الكبىرة الواضحة. الفىلم نراه من وجهة نظر الفتاة ذات الأربعة عشر ربىعا التى تقرر الثأر لمقتل والدها الذى رأته رأى العىن .. فتترك البىت باحثة عن رجل قانون ىملك القدرة على القتل والمتابعة .. كان ىدعى فى ذلك الزمن بالشرىف .. لكى ىساعدها فى العثور على القاتل الذى تعرفه ولم تنس ملامحه. الفىلم إذن ىرتكز على هذه المراهقة الصغىرة والتى اختارها المخرجان من بىن خمسة عشر ألفا من الفتىات اللاتى تقدمن إلىهما للحصول على الدور .. وتم إسناد دور الشرىف السكىر إلى «جىن برلدجز» الذى رشح هذا العام لجائزة أحسن ممثل فى جوائز الأوسكار ولكنه لم ىنلها .. ونالها الممثل الإنجلىزى «كولىن فرث» عن أدائه المؤثر لدور الملك جورج السادس الذى ىعانى مرض التلعثم فى الكلام. ولكن هذا لا ىنقص أبدا من أداء «برلدجز» الشدىد التأثىر.. والعمق معا .. فى دور مركب وملئ بالمشاعر الخفىة النابضة التى تتستر وراء قناع من البرود واللامبالاة والمصلحة المباشرة . المراهقة الصغيرة الفىلم رؤىة المراهقة الصغىرة بعد مرور خمسة وعشرىن عاما على مرور الأحداث ونراها فى نهاىة الفىلم عانسا لم تتزوج .. تبحث عن هذا الرجل «المدهش» الذى ساعدها فى مهمتها وأنقذها من الموت بإعجوبة .. والذى اضطر فى آخر أىامه أن ىكون «فرجة» فى سىرك متنقل .. ولكنها تعثر علىه بعد فوات الأوان .. بعد أن ىكون قد قضى نحبه .. فتقف أمام قبره والسماء الواسعة أمامها وكأنها هذه المرة فى وقفة تحد مع السماء . نهاىة عبقرىة لفىلم أراد فى ظاهره أن ىكون فىلما آخر من أفلام الغرب ولكن مهارة وذكاء وموهبة الأخوىن كوهىن احالته إلى فىلم ىنبض بالمشاعر من خلال رسم دقىق وموفق لجمىع الشخصىات التى تمر فىه مهما كانت جانبىة أو عابرة. الفىلم ىمتلئ بمشاهد لا تنسى تتجاوز فىها الطبىعة الرائعة التى عرف المخرجان كىف ىحولانها إلى عنصر درامى فعال لها دور مؤثر لا ىقل عن دور الأبطال أنفسهم.. إلى مشاهد قتال قدماها وكأنها بالىة.. تتحرك فىها الأجساد وفق موسىقى داخلىة غىر منظورة .. خصوصا فى هذا المشهد المؤثر الذى ىواجه فىه الشرىف اللصوص الأربعة .. وتدور بىنهم جمىعا معركة غىر متكافئة تبهر المتفرج بإىقاعها وحركتها.. أو مشهد عبور الفتاة الصغىرة النهر الهائج بجوادها الذى تحبه أمام أنظار الشرىف والصدىق «مات دىمون» الذى ىرافقهم بدوره للبحث عن القاتل «تشىنى» لقتله سىناتورا ثم هربه دون عقاب .. ثم مشهد مقتل هذا الجواد .. بعد أن استبد به المرض والتعب.. فى رحلة ثلجىة باردة رافقت فىها الفتاة حلىفها العجوز. سمة شاعرية مشاهد العنف الكثىرة التى تقدم بأسلوب فنى جذاب رأىناها دائما فى أفلام الأخوىن كوهىن المختلفة.. انها تحمل سمة شاعرىة خفىة رغم قسوتها الظاهرة وشدة العنف فىها ولكن فنىة المخرجىن تحول هذا العنف والقسوة إلى نوع من الفنىة التى لا ىمكن مقاومتها وهذا أسلوب أصبح ىمىز أفلام هذىن الأخوىن.. منذ فىلمهما الأول «دم سهل» . «جىن برلدجز» ىضع موهبته كلها لإبراز هذه الشخصىة المؤثرة شخصىة الشرىف الأعور التى وهبت جون واىن رغم تواضع أدائه التمثىلى أول وآخر اوسكار فى حىاته. ولىس هناك مجال لمقارنة أداء «برلدجز» بأداء «واىن» فنحن أمام مدرستىن مختلفتىن تماما سواء فى التعبىر الخارجى أو الداخلى وفى طرىقة الإمساك بالشخصىة وتقمصها .. الأولى تعتمد على الأداء التقلىدى لأفلام رعاة البقر .. المعتمدة على قوة العضلات وحسن تصوىب المسدس والثانىة على التعبىر عن الأحاسىس الداخلىة للبطل وعن صراعه مع نفسه ومع الآخرىن. البطولة الأولي «مات دىمون» رغم أدائه البطولة الأولى .. فى أفلام كثىرة ناجحة اكتفى بأن ىلعب دورا هامشىا فى هذا الفىلم الكبىر أسوة بجوش برولىن ( وهو قاسم مشترك أعظم فى أغلب أفلام الأخوىن كوهىن) الذى لعب دور تشىنى القاتل الهارب الذى ىبحثون عنه.. والذى تواجهه المراهقة الصغىرة فى مشهد القتل الأخىر الذى وصل به إلى قمة الأداء. كل شىء فى «تروجرىت» يسحر المشاهد الإخراج المعبر والأداء التمثىلى الرائع وقدرة السىنارىو على أن ىحول قصة من قصص الغرب المعتادة إلى شىء ىشبه الأسطورة. وقد ساعد التصوىر المبهر للمساحات الشاسعة والصحارى الغربىة والأكواخ الصغىرة والأشجار العملاقة على أن ىعطىنا تأثىرا لا ىمكن الفكاك منه.. تساعده على ذلك موسىقى شدىدة الرقة أحىانا .. وعنىفة إلى درجة اللااحتمال أحىانا أخرى.. كما فى مشاهد شنق الأشقىاء فى الساحة العامة.. التى نراها من خلال عىن الشابة المراهقة. ولا ىمكننا إلى الوقوف أمام أداء الفتاة الصغىر لقد عاشت بكل كىانها فى جسد هذه المراهقة العنىدة التى تتحدى الأخطار كلها والدنىا بأجمعها للثأر لأبىها القتىل. ذكاء حاد عِناد طفولى ىقترن بذكاء حاد «كما فى مشهد مساومتها مع التاجر العجوز للحصول على الجواد» وبنوع من الأنوثة الخفىة المتسترة وراء قناعة من الخشونة المصطنعة .. أداء كان ىؤهلها طبعا للترشىح بالفوز بأوسكار الأداء .. لولا وجود الأداء المعجز لـ«ناتالى بورتمان» فى فىلم البجعة السوداء .. والذى أطاح بجمىع المتنافسات اللاتى كن أمامها. ولا ىمكننى أن أكون على هذه الدرجة من الحماس لفىلم المصارع أو الملاكم الذى مثله الممثل الصاعد «مارك دىلبرج» إلى جانب المدهش «كرىستان بال» الذى لعب دور الأخ السكىر ومدىر أعمال أخىه الملاكم.. بعد أن فقد اللىاقة التى تؤهله لمتابعة صعوده فى فىلم مأخوذ عن قصة حقىقىة ىروى صعود شاب إلى مرحلة البطولة رغما عنه .. وىتأثر من أسرته المكونه من أخ سكىر ومن أم طموحة مستبدة وولود أنجبت خمس فتىات إلى جانب هذىن الأخىن تستغلهن فى شجاراتها وفى جمىع تصرفاتها.. مطلقات صىحات الغضب والاحتجاج أو ضحكات المرح والاستهزاء ومشكلات ما ىشبه الكورس النسائى الذى تقوده هذه الأم «النحلة» ( وقد نالت الممثلة جارد أوسكار أحسن ممثلة مساعدة .. متفوقة على المبدعة هىلنا كارتر التى لعبت دور الملكة مارى فى فىلم خطبة الملك). الفىلم رغم الجوائز التى حصدها لا ىرقى إلى أفلام الملاكمة المدهشة التى قدمتها هولىود فى تارىخها وأذكر على سبىل المثال لا على سبىل الحصر فىلم مارت سكورسىزى «الثور الهائج» الذى لعبه «دىمبرو» أو فىلم «على» وىل سمىث أو الاستراحة «ست أب» الذى لعبه «روبرت دىان» وغىرها من الأفلام التى لا تنسى بما فى ذلك سلسلة أفلام «روكى» الشدىدة الجماهىرىة. لا أنكر أن فى فىلم «الملاكم» هذا مشاهد قوىة ومؤثرة ىعود معظمها إلى أداء «كرىستان بال» ولكن النبض القوى الذى اعتدناه فى مثل هذا النوع من الأفلام مفقود إلى حد ما. العاشقة الصغيرة وبدا لى الصراع الأسرى بىن الأم النحلة والعاشقة الصغىرة شبىها ببعض الأفلام المصرىة.. كما جاءت دورات الملاكمة باردة إلى حد ما .. بالمقارنة مع شبىهاتها فى أفلام أخرى. «الملاكم» هو قصة الحىاة الأسرىة والعاطفىة والمهنىة لملاكم صغىر.. ىستمد قوته فقط من العلاقة المرتبكة التى تصل بىن الأخىن .. أخ قتله طموحه بالبطولة وأخ لا ىعبأ كثىرا بالبطولة التى تنتظره. مهما ىكن الأمر فلا شك أن حظ عشاق السىنما كان كبىرا برؤىة هذىن الفىلمىن فى وقت واحد على شاشاتنا ولكن كما كان ىبدو من المقاعد الفارغة التى ملأت صالات العرض التى ىعرضان بها .. إن عشاق السىنما الحقىقىىن فى مصر مازالوا قلة صغىرة نأمل جمىعنا أن ىزداد عددها .. كى تخرج سىنمانا المصرىة من مأزقها.

جريدة القاهرة في

29/03/2011

 

السينما المصرية .. محنة الفن والتجارة

بقلم : د. وليد سيف 

تجري علي قدم وساق عملية ترقيع الأفلام الجاهزة للعرض والسيناريوهات المعدة للتصوير. فيضاف إليها هنا وهناك بعض مشاهد وحوارات عن الثورة وضرورة قيامها ثم قد يأتي مشهد الختام بلقطات إخبارية من مظاهرات التحرير وخطبة إعلان التنحي ثم لقطات تسجيلية للفرحة العارمة تعم الشارع .. ولا مانع من أن نأتي بالبطل والبطلة يلوحان بعقدي عمل وشقة تمليك بعد أن عجزا عن إيجاد سكن أو وظيفة منذ تولي نظيف الوزارة. وقد وقف إلي جوارهما جدو الذي أحيل للمعاش منذ حكومة عبيد وهو يعود إليه البصر أو ربما تنحل عقدة أذنيه فيخترق سمعه هدير الجماهير وهي تهتف :الشعب يريد تغيير السماعات. ولكن هذا النظام الترقيعي في السينما هو جزء لا يتجزأ من النظام الذي أعتقد أن ثورة 25 يناير قامت من أجل تغييره . والمسألة لاتتعلق بمشكلات درامية أو فنية أو أزمة سيناريو كما يزعم البعض ولكنها مشكلات تتعلق بتركيبة ذهنية جبلت علي الترقيع واستسلمت تماما لفكرة التملق والنفاق فإن لم تتملق حاكما أو مسئولا فهي تتملق ائتلاف ثورة أو مجلسا عسكريا، وإن لم تنافق جمهور المشاهدين فهي تنافق جماهير التحرير. وفي رأيي أن هذا هو أصل الداء الذي نعانيه في مختلف المجالات ولكنه يتجسد في السينما بصورة صارخة . فالسينما المصرية لها وضع في منتهي الخصوصية بين السينمات العالمية تسويقيا وإنتاجيا. فهي صناعة كادت أن تكون احتكارية في المنطقة لأكثر من نصف قرن . ولا شك أن هذا ساعدها لتلعب دورا مؤثرا في تشكيل وعي أو لا وعي الجماهير في وطن عربي كبير تسيطر عليه الأمية . وتعد السينما وسيلة الترفيه الأساسية خارج البيوت، المتاحة للغالبية والتي من خلالها يتم بث الكثير من المفاهيم في أذهان جمهورها الحقيقي الذي يشكل الشباب غالبيته . كما لعبت السينما المصرية دورها كسفير للثقاقة والفن المصري في الوطن العربي مع أجيال متلاحقة من أبناء الوطن العربي الذين توحدت خبراتهم وثقافاتهم مع شقيقهم المواطن المصري . الدولة في الملعب وعلاوة علي هذا كان للفيلم الجيد دوره في نشر الثقافة والفن المصري علي الساحة العالمية سواء من خلال العروض الجماهيرية في الخارج أو أسابيع الأفلام أو المهرجانات الدولية . وقد لمست قيمة الفيلم المصري حين عملت ملحقا ثقافيا بموسكو والتقيت أثناء رحلاتي في الأقاليم هناك بشيوخ روس يسألونني عن محمود يس بطل فيلم سونيا والمجنون أو يطلبون عروضا لأفلام مصرية مثل باب الحديد والحرام وزوز . وعلمت أن الفيلم المصري كان هو الفيلم الأجنبي الوحيد تقريبا الذي كان يعرض في مختلف أنحاء الاتحاد السوفييتي السابق بأنحائه المترامية وجماهيره الغفيرة . كما كانت أفلامنا الدينية والتاريخية أيضا من أهم مصادر الثقافة في مختلف الجمهوريات الإسلامية بل وبلدان العالم الإسلامي كله. ربما لكل هذا وصل اهتمام الدولة بالسينما في الستينات إلي حد اتجاه القطاع العام إلي الإنتاج ليصبح اللاعب الأساسي في هذا المجال لفترة امتدت لما يقارب العقد الكامل . وقد نجح القطاع العام في مصر في اتاحة الفرصة ماديا وموضوعيا لنشأة تيار واع في السينما المصرية تمخض عن مجموعة من روائع أفلامنا منها علي سبيل المثال المومياء لشادي عبد السلام والأرض ليوسف شاهين. وهو لم يتوان أيضا عن إنتاج أفلام تجارية لتلبية احتياجات السوق بجانبه الترفيهي المحض مثل أخطر رجل في العالم والثلاثة يحبونها . ولكن الدولة في ظل سياسات الخصخصة والانفتاح رفعت يدها عن السينما كمشروع ثقافي ومولتها من حين لآخر كمنتج إعلامي في ظل إنتاج التليفزيون ثم جهاز السينما. بل إن الدولة في ظل تعديلاتها وتنظيماتها جعلت تبعية السينما لقطاع الأعمال والإسكان والسياحة! وبذلك ابتعدت وزارة الثقافة حتي عن مجال الدعم السينمائي - ولم تعد إليه إلا مؤخرا وعلي استحياء من خلال فيلم وحيد هو المسافر - علي الرغم من أن كبري الدول الرأسمالية تدعم السينما بأشكال وأساليب مختلفة حماية لها كصناعة وحرصا علي استمرارها لتواصل دورها المهم في الثقافة والترفيه والمتعة الفنية . نجوم علي المعاش ظل مستوي السينما ينحدر من سيئ إلي أسوأ علي أيدي مجموعة من التجار يحصلون علي قيمة بيع أفلامهم قبل تصويرها من الموزع الخارجي . ولم يعد يشغلهم مستوي الفيلم أو يحرصون علي تكامل عناصره أو تطوير تقنياته أو حتي قياس شعبية نجومه، لأن الموزع الخارجي كان يشترط في الغالب أسماء النجوم القدامي الذين يعرفهم الجمهور في الخارج والذين ربما تكون أسهمهم في الداخل قد تراجعت بشدة . وظلت السينما كنوع من الاستسهال تعتمد علي نفس نجومها القدامي مهما تقدم بهم العمر حيث كانت أسمائهم تضمن عائدا متواضعا، ولكنه مضمون ومقبول، من تسويق الأفلام للدول العربية . وهكذا ظلت السينما طوال العقود الثلاثة الماضية تخرج من كبوة إلي أخري وتتدهور أحوالها فنيا طبقا لآراء نقادها، وتجاريا طبقا لتصريحات فنانيها وخبرائها . ويصل استهتارنا بالسينما إلي حد إهمالها كتراث لم يعد ملكنا وأصبحنا نسمع كل يوم عن ظهور كيانات جديدة تسعي لامتلاكه في ظل غياب وتكاسل من مؤسسات الدولة ورؤوس أموالها الوطنية. ترجع كل هذه المشكلات المتراكمة إلي غياب الدور المفترض أن تقوم به الدولة والكيانات الأهلية لصالح السينما من أجل الوصول إلي حلول علمية من واقع التجارب المحلية السابقة والعالمية المعاصرة للنهوض بها من جديد والوصول إلي المكانة التي تستحقها كفن جماهيري وصناعة ضخمة وتجارة بإمكانها أن تدعم اقتصادنا بقوة تماما كما كانت في الأربعينات والخمسينات. هناك بلاد استطاعت أن تحقق طفرة كبيرة في مجال صناعة وإنتاج وتسويق أفلامها وتنهض بها نهوضا كبيرا في السنوات الأخيرة ومنها تركيا وإيران وقد استطاعت كل منها أن توجد لنفسها مكانة كبيرة علي الساحة الدولية في المهرجانات أو في العروض التجارية والثقافية. وكذلك استطاعت الهند أن تسترد أسواقها الواسعة من جديد وأن تتنافس مع الأفلام الأمريكية بقوة وأن تنتزع منها بعض أسواقها. إن الإطلاع علي تجارب بلدان شرقية ودراسة تجربتها في النهوض ومواجهة مشكلاتها بإمكانه أن يمنحنا أفكارا ملهمة . ومن التجارب الجديرة بالالتفات أيضا التجربة الروسية التي تكاد تتشابه إلي حد التطابق مع السينما المصرية كثيرا في مظاهر أزماتها وإن كانت هي استطاعت منذ بداية العقد الماضي ان تعود بقوة وأن تحقق طفرة كبيرة كفن وصناعة وتجارة . التجربة الروسية كان التحول المفاجئ في روسيا من اقتصاديات السينما الحكومية إلي نظام إنتاج القطاع الخاص أمرا شديد الصعوبة . وتأثرت صناعة السينما في فترة التحول بأمور كثيرة منها نقص السيولة النقدية وارتباطها بعمليات غسيل الأموال إلي جانب محاولات متعسرة لتحقيق أفلام قليلة التكلفة ثم الانهيار الاقتصادي الشامل الذي شهدته البلاد في عام 1998 . والأمر الأسوأ أن التدهور الكمي توازي مع انحدار المستوي الفني للأفلام التي أصبحت معظمها محاولات فاشلة لتقليد سينما العنف والمخدرات والهزل الرخيص في الأفلام التجارية الأمريكية، ولكن مع انعدام الإبهار وسذاجة المعالجات والضعف العام في مختلف العناصر الفنية. وفي ظل هذه الأجواء كانت المحاولات الجادة لتقديم سينما عميقة الفكر رفيعة المستوي تبدو أشبه بالسباحة ضد التيار. ولكن الدراسات المتعلقة بالسينما والساعية إلي إخراجها من أزمتها لم تتوقف. وأثمرت باديء ذي بدء عن ضرورة التعامل مع الشق التجاري للسينما بالاحترام الواجب . فهي صناعة ثقيلة لابد أن تدرس أسواقها وأساليب توزيعها وتحقيق العائد المطلوب من استثماراتها من خلال منحها القدرة علي مواجهة المنتجات المنافسة . وبدأ التفكير في أساليب جديدة لدعم السينما بعيدا عن الإنتاج المباشر للدولة . وسرعان ما تحققت خطوات جادة نحو تحديث مستوي الاستوديوهات وتطويرها. وعلي مستوي الأفكار والموضوعات تنبه صناع السينما الروس إلي ضرورة البحث عن الأساليب المميزة لأفلامهم ، واستلهام الروح الروسية الإبداعية المميزة من تراثهم السينمائي العريق ، لتأصيلها وتحديثها في ذات الوقت . وظهر جيل من السينمائيين الشباب الروس لديهم القدرة علي الجمع بين تقاليد السينما الوطنية ومقاييس وتقنيات السينما الغربية في آن واحد. وقرر صناع السينما أن يتناولوا موضوعاتهم بالجدية والدراسة الكافية، وبعيدا عن النظرة السطحية والانسياق وراء المفاهيم الشائعة. وانتهت السنوات العجاف من تاريخ السينما الروسية. وتحققت ولادتها من جديد عبر قدرتها علي استعادة جمهورها الذي تجاوب معها ومع سعيها نحو عرض افلام جادة تعالج أو تناقش واقعه وقضاياه وموضوعات تحترم عقله بتقنيات حديثة وبأسلوب فني رشيق ومتقدم بلا أكاذيب ولا شعارات جوفاء. اغتصاب السينما في اعتقادي أن السينما الروسية نجحت في اجتياز كبوتها لاعتمادها علي التخطيط والبحث العلمي الذي تحققت توصياته بعد دراسة جدواه وبعد أن تبناه مسئولون حقيقيون يؤمنون بقيمة هذا الفن وأهمية جانبه الصناعي وضرورة الحفاظ علي مردوده وعائده التجاري . أما الأمور عندنا فهي علي النقيض تماما، فكانت تتوالي المؤتمرات والندوات وتسود الأوراق البحثية والدراسات النقدية. وكل هذا دون جدوي، فكلها مسكنات وعمليات ترقيع لحظية. ولا يتمخض عن هذه المؤتمرات أي دراسات جادة . وإذا تحققت هذه الدراسات فإنها لا تتطور وإذا تطورت فإنها لا تفعل . المسألة لا تتجاوز تسديد الخانات من أجل أن يثبت المسئول أنه فعل كذا وتشكلت لجان بتاريخ كذا وشارك فيها الأستاذ فلان والدكتور علان . وفي الحقيقة أن إقدام وإحجام الدولة عن الإنتاج يرتبط بنظرتها للسينما ودورها ، بل ونظرة قطاعات من الشعب لها قد تعبر عنها استجوابات أعضاء مجلس الشعب حولها . فمعظمها يستنكر الأفلام المسفة والأعمال التي يطغي عليها الطابع التجاري ويدين من خلالها صورة السينما في مصر وكأنها دعوة للقضاء عليها بهذه الحجة. وعلي جانب آخر يعتقد البعض أن السينما الجادة ذات التوجه الثقافي التي يروها متجهمة هي التي تصرف الجمهور عن دور العرض وتعيد الصناعة من حين إلي آخر نحو المربع رقم صفر. ولكن مع الأسف أن كل هذه الآراء تتجاهل خصوصية وضع السينما المصرية التي ذكرناها في البداية. فهي ليست سينما محلية كمعظم سينمات العالم ولكنها سينما إقليمية. وهي ليست سينما عالمية قادرة علي اختراق حدود هذا الإقليم كالسينما الأمريكية أو الهندية لأسباب أري أنه يمكن اختزالها في اختلال تجربة الاقتصاد الحر والتي لم تتبلور حتي الآن عن اقتصاد متحرر فعليا علي الأقل من بلطجة الدولة رسميا وعرفيا . فالضرائب والرسوم من كل صنف ولون تنهال علي السينما ومعداتها وأدواتها، والرسوم تتضاعف بلا حدود، والهيئات الرسمية والحكومية لا تقدم أي نوع من التسهيلات إذا طلب منها بعض المساعدات أو حتي مجرد الاستفادة من مواقعها في التصوير، بل إنها تغالي في مطالبها المالية كدعوي للتطفيش . كما بدأت الأخبار تتوالي عن دور الفيلم المصري في عمليات غسيل أموال لصالح مسئولين كبار لتتكشف لنا جوانب جديدة من امتهان السينما علي أيدي كبار رجال الدولة البائدين . وفي ظل كل هذه المهانة والإذلال كان التليفزيون المصري يلعب دوره الرائد في إبعاد المنتجين والنجوم والفنانين عن صناعة السينما بعد أن قرر شراء كل ما تلفظه الدراما من نفايات علي شكل مسلسلات دون أن يتمكن حتي من أن يعرض نصفها تقريبا . كان التليفزيون يرفع شعاره السوقي البذيء "مفيش شيء حصري كله علي التليفزيون المصري". وفي سبيل هذا الشعار المقدس أهدر الأموال ورفع أجور النجوم إلي أرقام فلكية وساهم في إفلاس السينما بتوجيه منتجيها نحو الفيديو الأضمن ربحيا لوجود الزبون المغفل . وتفاقمت الأمور مع توقف القنوات الفضائية عن تمويل الأفلام بل والتهديد الذي واجه هذه الفضائيات بالإغلاق قبل حتي أن تتكشف مصائب رجال الأعمال الفاسدين من ضمن كبار ممولي الإعلانات والقنوات . تسهيل ودعم وإنتاج وهكذا سوف تظل صناعة السينما في مصر ضعيفة وضائعة وخانعة أمام محاولات انتهاكها ومستسلمة أمام مصادر تمويلها إذا لم تدرك الدولة خصوصية وضعها. فهي سينما تلعب دورها الترفيهي، كما أنه عليها أن تلعب أيضا دورها الثقافي والريادي ، مع الاعتذار للتليفزيون أبو ريادة . وسوف يظل بها هذا الشقاق والارتباك فهي مطالبة بتلبية قطاعات عريضة من الجماهير نسبة كبيرة منها محدودة الثقافة والوعي وراغبة في التسلية بأبسط معانيها. كما أن جانبا منها في نفس الوقت يبدعه فنانون وكوادر فنية تدربت علي أعلي مستوي وتطورت مهاراتها وثقافتها وتسعي لتقديم فن علي مستوي أعلي من الرقي قد لا ينسجم مع الجمهور الأعم . وعلي الدولة أن تدرك هذا الشقاق وأن تعلم أنها مسئولة عن رعاية سينما ذات طابع تجاري يسعي جزء من إنتاجها إلي النهوض فنيا. وأن لها عدة أدوار بإمكانها أن تلعبها لإنقاذ السينما. تتمثل أولاها في تخفيف العبء عن كاهلها من ضرائب ورسوم وفي المساعدة علي توفير ما تحتاجه بنيتها الأساسية من معدات ودور عرض سواء بالقوانين المشجعة أو بتخفيف قيود الاستيراد والتراخيص . وهناك جانب آخر يتعلق بالقوانين التي يلزم أن تحميها من أخطار القرصنة التي تتعرض لها باستمرار. ولك أن تصدق أولا تصدق ، فالقانون المنظم للسينما تمت صياغته سنة 1940 أي في عهد الملكية ولم يتم تعديله أو إعادة صياغته حتي هذه اللحظة ! علي جانب آخر لابد من عودة الدولة لإنتاج الأعمال المتميزة فنيا والمختارة بعناية من بين مشروعات متكاملة واضحة المعالم بنصوصها ومخرجيها ومختلف عناصرها. وكذلك السعي في نفس الوقت إلي دعم سينما تجارية مع تحسينها قدر المستطاع . فعلي الدولة أن تسعي لإبعاد السينما التجارية عن الابتذال والإسفاف ليس عن طريق الرقابة ولكن من خلال لجان دعم الأفلام التي يجب أن تتشكل من خبراء سينمائيين كبار في النقد ومختلف مجالات الإبداع السينمائي . وعلي هذه اللجان أن تقدم ملاحظاتها الخاصة بتطوير السيناريو نحو الأفضل. وتصبح هذه التقاريرملزمة ليس للترخيص بعرض الأفلام، فهو حق مكفول للجميع ولكن للحصول علي دعم الدولة . فلا يمكن أن يحظي منتج أفلام مثل بون سواريه بما يحظي به منتج فيلم مثل بنتين من مصر . فهناك فن راق نسعي لتدعيمه وهناك لا فن يساعد علي إفساد الذوق نسعي لمقاومته ومحاصرته حتي نتمكن من إقصائه . وعلي جانب آخر يجب أن تقوم الدولة بدورها في إنتاج أفلام تري لجانها المتخصصة أنها تسهم بدور حقيقي في النهوض بمستوي السينما وفي عرض أفكار جديرة بالطرح وفي تبني أساليب فنية متقدمة.. كما أن الدولة سوف يكون بمقدورها المساهمة في تمويل أو تحويل أفلام الديجيتال المتميزة إلي أفلام سينمائية وهي أفلام لن تكلفها الكثير ولن تعرضها لمخاطر كبيرة ولكنها سوف تتيح لها أن تتبني مشروعات فنية جيدة ومشرفة وواضحة المعالم . التجربة المكسيكية وعلي جانب آخر هناك دور تتقاعس الدولة عن القيام به في مجال توسيع أسواق الفيلم المصري. وهو الدور الذي لا أري أن هناك من بإمكانه أن يؤديه غيرها مهما زعم الزاعمون . ففتح الأسواق مسألة تتطلب جهدا ودراسة وخبرة ومكاتب في الخارج. وهي مسألة بالإمكان تحقيقها بالتنسيق بين وزارة الثقافة ووزارة التعليم العالي التي تتبعها مكاتبنا الثقافية في الخارج وهي التي لا تقوم بأي دور ثقافي بكل أسف . إن إرسال مندوبين من وزارة الثقافة لدراسة كيفية التعامل مع شركات التوزيع ودور العرض في مختلف بلاد العالم سوف تكشف لنا عن إمكانيات مهولة وأساليب متنوعة في التسويق لو أحسننا اختيار مندوبينا وتحققنا من جديتهم وقدرتهم بالمتابعة وتقدير حجم الجهد. فهناك بعض المحطات والقنوات المحلية في العديد من دول العالم الشرقي والإسلامي سيسعدها جدا أن نهديها أفلامنا وأعمالنا الدرامية. وسيمكننا بالمتابعة وعبر تجارب مدروسة أن نحيل هذه المحطات إلي أسواق فعلية لو أحسننا اختيار الأعمال التي تتناسب مع أذواق الجماهير في تلك البلاد. وفي تلك الحالة سوف يبدأ المعلنون في طلب عرض موادهم في موعد عرض أعمالنا تليفزيونيا. ويمكن أن يساهم في هذا الأمر رجال الأعمال المصريين أصحاب المشاريع التجارية في هذه البلاد. هذا الكلام ليس من وحي الخيال وإنما عن تجارب حقيقية سبقتنا إليها بلاد مثل المكسيك التي أصبحت مسلسلاتها تعرض في روسيا الاتحادية بأعلي الأسعار بعد أن كانت سفارتها تهديها مجانيا إلي قنوات التليفزيون. في اعتقادي أن الدولة إذا أخلصت النية تجاه السينما المصرية ووفرت لها الدعم والحماية والإنتاج وساعدتها علي فتح الأسواق التي سوف توفر لها علي المدي الطويل موارد أكبر سوف يتغير شكل أفلامنا كثيرا إلي الأحسن . وسوف تتوقف مع مضي الوقت عن عمليات الترقيع وغيرها من الوسائل المكشوفة لتملق الجماهير . وسوف تسعي بجدية نحو إرضاء مشاهديها وإمتاعهم دون ابتذال أو إسفاف . كما أننا سنحقق نسبة أفضل من الأفلام الجيدة راقية المستوي سواء من خلال إنتاج الدولة أو في جانب من القطاع الخاص الذي سيمتلك القدرة إن آجلا أو عاجلا علي تحقيق المعادلة الصعبة بتقديم فن جيد وجماهيري في نفس الوقت، إذا وجد دعما ماديا ومشاركة فعلية من الدولة في تحسين الأسواق وحمايتها وتقديم تسهيلات لصناعها وتخفيف الرسوم والجمارك والضرائب عن كاهلها . فالسينما المصرية ليست من صنع الشيطان ولا الأعداء وهي ليست بديلا للملاهي الليلية إذا أردنا لها أن تكون فنا محترما ومربحا في ذات الوقت . وإذا توقفنا عن التعامل معها كامرأة يريد لها بعضنا أن تكون عاهرة تلبي أحط نزوات عشاقها بينما يسعي آخرون لإجبارها علي هواية الطبيخ وتقديس الحياة الزوجية هذا فضلا عن فريق ثالث يريدها جادة ومثقفة وتجيد سبع لغات وتدير ندوات. علي الدولة أن تمول الأفلام الجادة وتدعم السينما التجارية وإن ترفع عنها أيدي البلطجية والجباة . وأن تترك لها حريتها وتدعها تتمتع بالتنوع والغزارة والانتشار لترضي أنواعها مختلف الأذواق حتي تنضج بالقدر الكافي هي وجماهيرها وتستطيع أن تحدد مصيرها بنفسها وعلي أيدي فنانيها.

جريدة القاهرة في

29/03/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)