حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

114 دقيقة من الفزع والرعب في عالم الأسرار

«طقوس» رحلة الشك والإيمان في مواجهة الأرواح الشريرة

دبي ـ أســامة عسـل

في بناء شديد الإتقان أنجزه كاتبا السيناريو مات باجيلو ومايكل بتروني وبأداء مذهل كالعادة للنجم أنتوني هوبكنز، أدهشنا فيلم (طقوس ـ The Rite) الذي يعرض حاليا في صالات السينما المحلية، وبقدر ما أرعبنا مخرجه السويدي ميكائيل هافستروم من أطروحاته ومضامينه رحل بنا إلي فضاءات العلم والدين للبحث عن الغيبيات، وكيف تسكن الأرواح الشريرة الجسد البشري، وفي تشويق وإثارة خلال 114 دقيقة هي مدة عرضه على الشاشة، أفزعنا وهو يطارد ويحارب تلك القوى الشيطانية ويخوض معها طقوسا وصراعا مريرا لانتزاعها، مقدما درسا مهما لحقيقة الإيمان ومقدرته على حماية الإنسان من عوالم مخيفة.

أحداث الفيلم مأخوذة عن قصة حقيقية ومستوحى من كتاب بعنوان (الطقوس: صنع التعويذة الحديثة)، يتناول حكاية الشاب (مايكل كوفريك) ويجسد الشخصية كولين أودونوغ الذي يؤكد التزامه التام للكنيسة والكهنوت، ومن اجل أبيه الذي علمه مهنة تكفين أجساد الموتى وتجهيزهم للدفن في التراب، يقرر الذهاب في رحلة إلى روما ، حيث مقر الفاتيكان ويلتحق هناك بإحدى المدارس المتخصصة في طرد الأرواح الشريرة.

يلتقي مايكل مع الأب لوكاس أنتوني هوبكنز وأيضا صحافية شابة جولي قامت بدورها أليس براغا التي انخرطت في تلك المدرسة بحثا عن موضوع صحافي متميز تقدم خلاله الكثير من الحقائق التي تكشف عوالم وأسرار ذلك الغموض الذي يحيط بعالم الأرواح الشريرة، خصوصا عندما تفصح بعد ذلك عن تعرض أخيها الصغير لتلك القوى الشيطانية واستسلامه لها حتى تنهي حياته.

يحاول الأب لوكاس جاهدا إقناع مايكل بوجود الشيطان في تلك الأرواح الشريرة التي تحاول السيطرة على الجسد البشري وتدميره للوصول به إلي جهنم، مستعينا بكل الإشارات والأحداث التي يمر بها شخصيا وتدرسها تلك المدرسة المتخصصة في علوم الأرواح والكهنوت، حيث نتعرف على حكاية مارتا الإيطالية ذات الـ16 ربيعا والتي تعرضت إلى اغتصاب من قبل أبيها وأثمر ذلك جنينا، كان الوسيلة التي دخلت من خلالها الأرواح الشريرة إلى جسدها، وجعلتها في حالة متخشبة رافضة الحياة تقوم بين الحين والآخر باستفراغ مسامير كبيرة الحجم من فمها، كما نتعرف على طفل آخر تقوم الأرواح الشريرة بمحادثته وعقابه وهو نائم تاركة على أنحاء متفرقة من جسده علامات توضح شدة ما تعرض له، وتدريجيا يسقط الأب لوكاس في لحظة ضعف تحت سيطرة تلك القوى، ويجد مايكل نفسه في مواجهتها بما يملكه من إيمان مزعزع ومشكوك في حقيقة وجودها، حيث يعتقد أن الأمر لا يعدو عن كونه مرضا نفسيا لا أكثر يؤدي بالمريض إلى حالة انفصام وتعذيب للنفس.

فيلم غير تقليدي لمخرج متميز ونجم أكثر من رائع أراد أن يقول للعالم، انه قادر على أداء وتقمص مثل تلك الشخصيات الصعبة، ولنا أن نتصور أنتوني هوبكنز 73 عاما وهو ينتقل بين الحالات الدرامية ببراعة وأيضا الجسدية بمقدرة فنية عالية في ذلك الفيلم الذي يحبس أنفاسنا بحثا حول الرموز والدلالات المشبعة بالغموض، ورحلة شديدة الحساسية تجعلنا نتساءل عن المساحة المسموح بها في جميع الأديان لمناقشة مثل هذا الموضوع القابل للجدل، فأي الأرواح الخالدة وأي الأرواح تصعد إلى السماء، وهل تبقى الأرواح على الأرض وان بقيت ماذا تعمل وكيف تعمل ومن يحركها ومن يسيطر عليها؟.

فيلم (طقوس) يدعونا إلى تفجير الأسئلة، فنحن أمام شخصية مايكل الشاب الباحث عن أدق التفاصيل، رغم إيمانه بمعتقداته الدينية إلا انه يظل يسأل ويبحث بينما يحاول أن يختصر له لوكاس الكهل الطريق ويدله إلى النتيجة بأنه لا بد من ترسيخ الإيمان أولا حتى وإن كان ما حوله يدعوه إلي الإلحاد والشك.

فإلى أين يصل ذلك الشاب ومعه تلك الصحافية في بحثها؟، ومن ثم تتوالى الأسئلة، لماذا تلك المدرسة وهذه التعاليم؟، ولماذا روح التشكيك عبر مشاهد مفزعة تجعلنا نتلفت حولنا في ظلمة صالة العرض، وتدفعنا إلي مزيد من الرعب عند عودتنا إلي منازلنا وحجراتنا المظلمة؟!.

لا ينتهي الفيلم بالاستسلام إلى حقائق مؤكدة بل يغوص في تعاليم دينية وأيضا أمور لا منطقية تحتاج أن نعيد النظر في كل ما يحيط بنا، لكن يظل في الذاكرة تلك المشاهد المتأججة فكرا وفنا في لقطات كتبت بعناية ونفذت باحتراف تفوق فيها أنتوني هوبكنز على أداء الشاب كولين أودونوغ الذي كان يحتاج إلى قوة أكبر ومجهود أكثر خلال مواجهة عملاق مثل هوبكنز.

(طقوس) فيلم من نوعية خاصة تستحق المشاهدة ، وهو تجربة ممتعة في سراديب مشكلة دينية شائكة، تفتح الطريق أمام أعمال أخرى في هذا المجال الذي لن ينتهي البحث فيه أبدا إلي يوم القيامة.

فيلموغرافيا

ــ الفيلم: طقوس

ــ سيناريو: مات باجيلو ومايكل بتروني

ــ إخراج: ميكائيل هافستروم

ــ الأستوديو: نيو لايف السينمائي

ــ مدته: 114 دقيقة

ــ تصنيفه: دراما رعب وإثارة

ــ الإيرادات: أكثر من 32 مليون دولار حتى الآن

كولين أودونوغ

ممثل أيرلندي قدم من قبل أدوار صغيرة في أفلام مثل (ديسمبر المتوحش) و(العيادة)، ويعتبر فيلم (طقوس) هو أول بطولة له في إنتاج أميركي ضخم، ويعد من الوجوه الجديدة المبشرة في سينما هوليوود.

أليس براغا

برازيلية الأصل من مواليد 15 أبريل 1983 في مدينة ساو باولو، بدأت مشوارها الفني في فيلم «في مدينة الله» عام 2002، نقطة التحول في حياتها المهنية عندما لعبت فيلم (أنا أسطورة) أمام النجم ويل سميث.

أنتوني هوبكنز

ممثل بريطاني من ويلز حامل رتبة (فارس) من مواليد 31 ديسمبر 1937، يعتبر أحد أعظم الممثلين السينمائيين اشتهر بدور القاتل المتسلسل هانيبال ليكتر في فيلم (صمت الحملان) عام 1991، والذي أتبعه بفيلم (هانيبال) ثم فيلم (التنين الأحمر)، من أفلامه المهمة (الرجل الفيل)، ( دراكولا)، (أساطير الخريف)، (بقايا اليوم)، (قابل جو بلاك) و (قناع زورو).

حصل على نجمة في ممشى المشاهير في هوليوود عام 2003 وعلى زمالة الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون في عام 2008، كما حصد جائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن (صمت الحملان)، ورشح لجائزة الأوسكار لفيلم (بقايا اليوم) 1993 و(نيكسون) 1995 و(أميستاد) 1997 وأفضل ممثل مساعد لفيلم (الأسد في الشتاء)، وفاز بـجائزة بافتا لأفضل ممثل عام 1973 عن أدائه دور بيير بيزوهوف في مسلسل (الحرب والسلام) الذي أنتجته البي بي سي.

اشتهر عن هوبكنز تحضيره الجيد لأدواره، وبرع وتميز دائما بأداء أفلام الرعب التي تحقق صدى ونجاحا نقديا وجماهيريا واسعا، وهى التي افتتحها بفيلم مغمور نسبيا هو (سحر)، برزت فيه إمكانياته الهائلة لأداء الشخصيات المخيفة.

وبسؤاله حول فيلم (طقوس) خلال حواره مع إحدى المجلات العالمية وكيف حقق نجاحا كبيرا في تخويف الجمهور، أجاب بابتسامة كبيرة: أستطيع الاستحواذ على الناس، وأعرف جيدا كيف أقوم بهذه الأدوار، وهذا ليس لأني مخيف، ولكن لأني أعرف كيف أخيف الناس وأوتر أعصابهم، وأعتقد أنها هبة، وبالطبع يساعدني في هذا حينما أعمل سيناريو قوى ومخرج متمكن مثلما هو الحال في فيلم (طقوس).

البيان الإماراتية في

08/03/2011

 

المخرج الإيرانى فرهادى:

إما أن تعبر عن الوجه السياسى للنظام أو أن تعبر عن رغبات الناس

رشا عبد الحميد 

بعد حصول فيلمه «انفصال نادر وسيمين» على جائزة الدب الذهبى كأفضل فيلم فى مهرجان برلين السينمائى الدولى وحصول ممثليه على جائزتى أفضل ممثل وممثلة، قرر المخرج الإيرانى أصغر فرهادى أن يتحدث لأول مرة عن فيلمه الذى يلقى الضوء على الفجوة بين الطبقة المتوسطة من «المثقفين» والطبقة الافقر التى تضم الايرانيين التقليديين الذين يقدسون المعتقدات الدينية باعتبارها أهم ما فى حياتهم، وهو ما يعكس ما يدور فى الحياة الاجتماعية لإيران والانقسامات الطبقية الواضحة هناك والذى أشار إليه فرهادى قائلا: «عندما تقدم فيلما يناقش قصة اجتماعية فى إيران ستجد فى النهاية انه يعبر عن الأحداث السياسية أيضا فلا مفر من ذلك على الرغم من أنى لا أحب السياسة».

فرسالة فيلمه كما فصلها: «رسالتى هى تشجيع الناس على التفكير فى موضوعات معينة وإعادة النظر فى منظومة الاخلاقيات التى تحكم المجتمع فقصة فيلمى تدور حول أحد نماذج الحياة الاجتماعية فى إيران فـ«سيمين» سيدة إيرانية فى منتصف العمر تريد أن ترحل من بلدتها مع زوجها «نادر» وابنتهما التى تبلغ احد عشر عاما لتبنى حياة جديدة فى أى مكان آخر خارج إيران ولكن نادر يرفض ويختار أن يرعى والده الذى يعانى من مرض الزهايمر فتقرر سيمين أن تترك البيت وتنفصل عن زوجها ويعلن نادر انه لن يتخلى عن واجبه الأسرى تجاه والده وتشعر وأنت تشاهد الفيلم بالشفقة على أبطال العمل وما يعانونه بسبب الصراع بين الحياة التقليدية والحياة بالقوانين العصرية، وهو ما يوجد بكثرة فى إيران ويشير العمل إلى كيف يمكن أن يكون الانسان على صواب فى موقف معين ولكنه يجرح غيره إذا قام به فانفصال المرأة عن زوجها يضمن حياة ابنتها ولكنه فى نفس الوقت يجعلها تعانى، وهو ما يجعل من يريدون الحياة العصرية يبحثون عن تعريف جديد للأخلاق، فالفيلم ينتقد العلاقة بالدين والقوانين والقضاة الذين يحكمون القضايا الاجتماعية بشكل لا يلتفت إلى الظروف كما ينتقد التقاليد التى تعجز عن مواجهة الواقع».

وأكد ايضا أن فكرة الفيلم خرجت من تجاربه الشخصية ومن الوضع فى إيران وبعض الصور فيه خيالية.

أما عن تمويل الفيلم والسبب فى رفضه للتمويل من جانب الحكومة أوضح قائلا: «لم أرغب فى أن تنتج الحكومة العمل لذا حصلت على قرض من أحد البنوك الايرانية ولم يكن هذا صعبا، خاصة بعد نجاح فيلمى الأخير «عن ايلى» وهى ليست المرة الاولى التى انتج فيها أعمالى، فآخر ثلاثة افلام كانت كذلك والسبب هو اننى لم أرغب فى أن يفرض احد وجهة نظره على العمل أو أن يقول لى ما أفعل وهو ما يحدث عندما تنتج الحكومة أى عمل سينمائى وبسؤاله عن مدى اهتمامه وسعادته بما حققه من نجاح خاصة بعد أن أصبح من المخرجين الايرانيين الذين تسلط عليهم الأضواء ويحصدون جوائز مهمة ألان صرح قائلا: «على الرغم من أنها ليست هذه هى الجائزة الاولى لى فى مهرجان برلين فقد حصلت عام 2009 على جائزة الدب الفضى عن فيلم «عن ايلى» إلا أن شعورى هذه المرة مختلف، حيث أن رد فعل النقاد هذا العام كان مشجعا جدا كما أنى لم أكن أتوقع الفوز وأنى سأعتلى هذا المسرح مجددا».

لم يعلق أو يتحدث فرهادى عما حدث لزميله جعفر بناهى من سجن واكتفى بالصمت وهو ما جعل الجميع يتساءل عن ذلك وجاء رده قائلا: «أشعر بالحزن لزملائى ويصعب تجاهل الأمر وربما بالنسبة للناس فهم فقط يشعرون بالشفقة أما بالنسبة لى الأمر أصعب لأنى أعرفه بشكل شخصى فلا يمكن لأحد أن يتخيل مدى صعوبة الأمر عليه عندما أبلغته أنى مسافر إلى برلين وانه لن يستطيع، أما عن صمتى فهذا لأنى عندما أردت تقديم افلامى لم يكن أمامى سوى اختيارين، إما أن اقول ما أريد والنتيجة هى أن أقع فى المشاكل ولا استطيع أن اقدم أفلاما مرة اخرى أو أن اقول ما يمكن أن اقول وأستمر فى عملى وأنا اخترت أن اقدم أفلامى وأحاول التعبير عن مشاعرى فى أفلامى فأنا لست بطلا وانما صانع افلام، واضاف ايضا قائلا «وان كنت تحدثت عنه ما الذى كان سيتغير فى الامر»!

واكد فرهادى أن صناعة السينما فى إيران تواجه الكثير من الصعوبات قائلا: «المشاكل لم تتغير أو تختلف من فترة طويلة فهناك زاويتان للأمور إما أن تعبر عن الوجه السياسى للحكومة أو أن تعبر عن توقعات الناس فالحكومة مازالت لم تتقبل بعد العصرية وحرية الفنانين الذين يجب أن يعيشوا مثل السمك فى الماء لأنه كلما توافرت الحرية للفنان اصبح العمل سهلا».

وأضاف ايضا أن الصعوبات لم تتوقف عند هذا الحد وإنما وصلت الى اختيار فريق العمل الذى اصبح فى غاية الصعوبة، حيث إن اغلب الممثلين يعملون فى المسلسلات التليفزيونية الايرانية ويراهم الناس كل يوم لذا يكون الاختيار محدودا جدا ولكن على الرغم من كل هذه المشكلات فلا أستطيع أن أترك إيران، وكما قال عباس كيروستامى ذات مرة فرق كرة القدم تلعب أفضل على أرضها، وهو ما أشعر به فربما أغيب عاما أو اكثر ولكن فى النهاية اشعر بأنى فى حاجة الى العودة الى جذورى فى إيران».

وفى النهاية، صرح فرهادى قائلا: لقد اعتدنا الخوف لأننا كبرنا معه ولم يعد الأمر يشكل فرقا الآن سواء العمل داخل ايران أو خارجها».

«واما عن مشاريعى القادمة، فأخطط الى تنفيذ فيلم خارج إيران وتحدثت مع المنتجين وجزء من العمل تم بالفعل وسيكون هناك جزء من الإنتاج من فرنسا».

الشروق المصرية في

08/03/2011

 

'بيوتيفول': أوروبا المتبخترة نحو الجحيم

راجي بطحيش  

هنالك أكثر من ألف زاوية يمكننا من خلالها قراءة الفيلم الاحدث والأشهر في السينما غير الناطقة بالإنكليزية لهذا العام، 'بيوتيفول' فقد استقبل بعض النقاد الفيلم الإسباني بفتور وأحيانا بامتعاض أولا لأنه يطرح قصة بطله الأربعيني الذي يكتشف إصابته بالسرطان، فيمضي بإعادة إنتاج علاقاته بكل من وما حوله عبثا، في أشهره الأخيرة، وهي قصة تم تقديمها عشرات إن لم نقل مئات المرات على الشاشة، وقد أصبحت بالفعل ممجوجة.

وثانيا لأن الفيلم يحوي العديد من المشاهد التي ترقص على الحدود الفاصلة بين القذارة المحتملة والقذارة الإباحية (البورنوجرافية) غير المبررة.. ولكنني ومع كل هذه الملاحظات التي تبدو بعضها جديرة بالبحث، شاهدت الفيلم للمرة الأولى بشحنة مختلفة كليا، حيث تمركزت حواسي حول هم واحد وصادم طرحه الفيلم بعنف بديع.. ولا شك أن الحراك الثوري المتأجج في الضفة الأخرى من المتوسط لم يساهم بشكل كبير في خروجي خارج هذه الدائرة المشحونة.

يقول الفيلم، من وجهة نظري بصريا ومشهديا، جملة استراتيجية جارفة وجافة 'أوروبا ماضية نحو الانفجار المأساوي، طالما بقيت الضفة الجنوبية للمتوسط على هذه الحالة من اليأس والفقر'، وما يعزز هذه القراءة، اختيار مدينة 'برشلونة' أجمل مدن إسبانيا وأوروبا قاطبة، ومحج السياح الباحثين عن السعادة غير المشروطة، لتكون محور أحداث الفيلم، يدخل المشاهد الفيلم ويبحث يائسا عن لقطة أو حتى لمحة سينمائية تقدم ملمحا من برشلونة التي يعرفها أو سمع عن سحرها.. مدينة الجمال والسعادة الكتالونية والرخاء الاقتصادي والحرية غير المحدودة والأناقة والخيار المتوسطي الأقرب الى المثالية... بينما يلقي المخرج بنا في المستنقع البرشلوني الصادم، حيث المهاجرون الأفارقة، وتجارة الرقيق، والبيوت القذرة والنقيض المطلق للسعادة الإسبانية وتغلغل المأساة الأفريقية /العربية واختراقها حاجز الضواحي- مركز المدينة، حيث نشاهد المطاردات بين الشرطة والمهاجرين في قلب 'البوستكارد البرشلوني' أي جادة الرامبلا والبلدة القديمة.. يرسم المخرج لوحة قاتمة جدا للمدينة الجارحة الجمال وكأنه يقول لنا: لن تستطيع أوروبا كنس 'بعبع' المهاجرين وبؤسهم بعد الآن عن مراكز باريس وبرلين وروما ومدريد وبرشلونة.. وانا اقول وبوحي من موقف اوروبا الرسمي المتواطئ مع الأنظمة النفطية المجرمة في جنوب المتوسط (كما شاهدنا مع القذافي) إلى أن أصبح النفط مهددا بالانقطاع، إضافة إلى تغذيتها للفوضى العارمة في أفريقيا جنوب الصحراء كي يتسنى لها نهب ثرواتها واستعبادها من جديد، تاركة الفتات للنظم الاستبدادية الفاسدة الحاكمة هناك وتاركة المجاعات والفقر المدقع ينهش البشر.. تبدأ أوروبا في Biutiful متمثلة بعروس مدنها بدفع ثمن نفاقها واعتقادها أن الحرية والرخاء من حق مواطنيها البيض فقط... في Biutiful أيضا نشاهد رد الفعل الأوروبي الشعبي المتمثل بنمو الفاشية من جديد ولا شك ان إيطاليا برلسكوني ماضية بقوة في هذا الاتجاه... ولكن الفيلم يذهب بعيدا في هذا الاتجاه، حيث يرسم سيناريو اسود يعيد أوروبا إلى عهودها المظلمة... حين يشتري بطل الفيلم مقاول العبيد مدافئ غازية معطوبة لسعرها المنخفض، مما يؤدي الى اختناق وموت عشرات الأطفال والنساء والرجال العاملين الأجانب والنائمين في غرفة صغيرة والإلقاء بهم في أعماق البحر لتلفظهم الطبيعة من جديد إلى شاطئ برشلونة المترف كشهادة على المأساة المحدقة.

كاتب من فلسطين

القدس العربي في

08/03/2011

 

ما هكذا يُنظَّم «مهرجان السينما والتلفزيون»

باسم الحكيم  

رغم انشغال الكلّ بالثورات المتلاحقة في العالم العربي، أصرّت «نقابة السينمائيين اللبنانيين» على إقامة مهرجانها السنوي بالزفة والفولكلور

أول من أمس، اختُتمت فعاليات «المهرجان اللبناني للسينما والتلفزيون» الذي استمرّ ثلاثة أيام في فندق «كومودور» (الحمرا ـــــ بيروت)، وتخلّله عرض 19 فيلماً لمخرجين لبنانيين وعرب وأجانب في قصر «الأونيسكو» في بيروت. ورغم أهمية الحدث ـــــ من الناحيتَين الفنية والثقافية ـــــ أدّت الأخطاء التنظيمية إلى بلبلة بين المشاركين والصحافيين، إذ لم توزّع الدعوات مثلاً إلا قبل 48 ساعة من انطلاق المهرجان، مما أدّى إلى عدم وصول الدعوات إلى قسم كبير من الفنانين المكرمين والنقابات المعنيّة. ومن وصلته الدعوة، لم يتمكّن من الاطلاع على برنامج المهرجان لناحية الأفلام المعروضة وتوقيتها. وهو ما برّره نقيب السينمائيين في لبنان (وهي الجهة المنّظمة) صبحي سيف الدين بالقول: «كان في نيتنا تأجيل هذه التظاهرة الفنية بسبب الثورات في الدول العربيّة، ثم قرّرنا عدم التراجع، وإطلاق المهرجان في الموعد المعتاد سنويّاً».

لكن لا يبدو أن هذه الحجة أقنعت الفنانين الغائبين، الذين ظنوا أنّ الافتتاح هو يوم السبت بدل الخميس، مما دفعهم إلى الاعتذار عن عدم الحضور بسبب عدم احترام المهرجان للبروتوكول. هكذا لم يحضر نقيب الممثلين جان قسيس ولا الفنانان اللذان يفترض تكريمهما من النقابة وهما: جوزيف جبرايل وعصام الشناوي. واكتفى المنظّمون بتكريم بعض الفنانين والمخرجين من لبنان والدول العربيّة، منهم رئيس «اتحاد المنتجين الخليجيين» يوسف العميري، ونقيبة الفنانين في سوريا فاديا خطّاب ونقيبهم السابق أسعد عيد، ورئيس «لجنة صناعة السينما والتلفزيون في سوريا» عماد الرفاعي، ورئيس «الفضائية السورية التربوية» طالب عمران، والشاعرة السعودية سارة الهاجري، والفنانون هيام يونس، وميشلين خليفة، وجاكلين، وسمير شمص، وآمال عفيش. كذلك، لم يُفهم سبب إصرار المنظّمين على استقبال الضيوف من خلال «زفة» لبنانية رافقت ممثل وزير الثقافة غسان أبو شقرا خلال جولته على القاعتَين المخصصتَين للمهرجان.

من ناحية ثانية، يصرّ سيف الدين على الدفاع عن المهرجان وعن نقابة السينمائيين بالقول «هذه النقابة عمرها 60 سنة، وهناك من أفنى حياته فيها، هؤلاء يستحقّون التكريم». ويضيف: «لا أقوم بشيء سيّئاً، بل أحاول تكريم الفن في هذا البلد، ولا عداوة لي مع أحد، ومن يرد معاداتي فهو حر»، موضحاً أنه صنع نقابة «انطلقت من شارع الحمرا وأوصلتها إلى الاتحاد الأوروبي وكندا، لكنها آذتني مهنياً». كذلك، في حفلة الختام، بدا سيف الدين غاضباً على الصحافة مذكّراً بـ«الإعلام الأصفر الذي انتقد المهرجان قبل عامين عند تكريم المخرجين الذين نسيهم الوطن، وعنون مقالةً عنه هي «فضيحة في قصر الأونيسكو»... ثم اتهمتنا إحدى المجلات الفنيّة في العام الماضي بأننا تقاضينا من الدولة مليون دولار لنقيم مهرجاناً دون المستوى». غير أنه عاد وتراجع عن شن الحرب على الصحافة وفضّل توجيه التحيّة للعاملين فيها.

 

الأخبار اللبنانية في

08/03/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)