حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"بن علي" ركب الطائرة فأصبحت "هند" بطلة؟!

طارق الشناوي

أخيراً تكلمت "هند "بصوت عال وهي تعدد مساوئ  نظام "بن على".. تشعر "هند" بأن الكثير من مشاعر الغضب توجهت إليها بسبب توقيعها قبل أقل من عام على بيان يطالب الرئيس "بن على" بالترشيح للرئاسة مجدداً في 2014 خرقاً للدستور الذي يحول دون ترشحه لأنه في هذه الحالة كان سيتجاوز مبدأ دستوري أصدره "بن على" يحذر أن يتولى الحكم من تجاوز 75 عاماً.. بالطبع صدر الدستور في أعقاب ثورة التصحيح 1987 التي تخلصت من "الحبيب بو رقيبة" على اعتبار أن عمره وحالته الصحية لا تسمح له بأن يمارس الحكم وتولى "بن على" مقاليد الرئاسة لمدة 23 عاماً وقرر مثل كل الحكام العرب أن يستمر على الكرسي حتى آخر نبضة!!

اختارت الدولة التونسية بعض الشخصيات العامة لإصدار بيان يدعو الرئيس لكي يواصل بقائه على الكرسي تطلب منه أن يتفضل ولا يترك أبداً مقعد الرئيس وتم اختيار "هند" من بين عشرات الفنانين التوانسة للتوقيع على البيان ولم يكن بالتأكيد اختياراً عشوائياً ليس فقط لأنها هي الأشهر ولكن لأن "هند" تحمل أيضاً شهادة عليا في القانون الدولي وتستعد لنيل درجة الدكتوراه وكأنها تمنح لاختراق الدستور غطاءً قانونياً شرعياً.. منذ الإعلان عن اسم "هند" بين الموقعين وهناك قدر من رسائل الغضب تصلها من الشباب التونسي ولم تكن وقتها تملك أن تحكي وتقول لماذا وقعت.. ما أعلنته "هند" بعد 14 يناير ليلة هروب "بن علي" وركوبه الطائرة أنها تعرضت لضغوط ولم تملك الجرأة لكي تقول لا وأنها تمنت أن تتغلب على خوفها ولم تستطع ولهذا صمتت على اغتصابها فكرياً وأجبروها على التوقيع وأكدت أن صهر الرئيس التونسي المخلوع هو الذي مارس الضغط ولم يسمح لها بأن تقف حتى على الحياد.. اختارت "هند" شخصية يكرهها التوانسة أكثر مما يكرهون "بن علي".. هل تعرضت "هند" بالفعل إلى تلك الضغوط التي أشارت إليها والتي منعتها أيضاً من أن تقف على الحياد.. هل حدث ذلك بالفعل أم لأن "هند" مثل أغلب الفنانين العرب لا تملك سوى أن ترضخ للحاكم بل إن اغلبهم يسعى لتوطيد أواصر الصداقة وإعلان الولاء الدائم للحاكم خاصة وأن الأبدية هي دائماً النظام السائد في النظم العربية وهكذا يصبح من المستحيل أن يرد أحد لهم طلباً.. الحقيقة تظل مستحيلاً الوصول إليها وسط هذا الضباب الكثيف فلا أحد سيصدق صهر الرئيس لو كان لا يزال على قيد الحياة وقال مثلاً أن "هند" هي التي سعت للتوقيع على البيان بدون ضغوط!!

ويبقي الأهم وهو أن الكل يحتمي في النهاية بالجماهير.. الرئيس المخلوع استنجد بالشعب لكي يحافظ على بقائه حتى 2014 مؤكداً أنه لن يفعلها ويرشح نفسه مخترقاً الدستور والنجمة التي وقعت على البيان المشبوه لجأت للجمهور لكي تؤكد للشعب أن ولائها كان للناس وليس للحاكم.. حتى المطرب "لطفي بو شناق" الذي غنى لبن على قال أيضاً أنها الضغوط وأن ولائه الأول والأخير لتلك الجماهير؟!

أغلب الفنانين في عالمنا العربي خاصة النجوم يلجئون إلى حضن الدولة طلباً للحماية رغم أن الذي صنعهم هم الناس لكن الأمر لا يخلو عادة من نفاق لأولي الأمر وفي العادة يحصلون على الثمن من رعاية استثنائية يحظون بها فهم يتمتعون برضا الحاكم ولا يفكرون أن هذا الحاكم سوف يحتمي يوماً بالطائرة!!

كل الفنانين التوانسة أعلنوا تأييدهم للشعب بعضهم ذهب إلى تونس ليقف في الصف الأول مع الشعب الكل يراهن الآن على الشعب.. كل هذا مطلوب ولكن لا داعي لأن يعتقد البعض أن عليه الآن أن يرتدي ثوب المناضل الذي قال للطاغية لا في عز صولجانه إنهم يقولونها الآن بعد أن اعتلى الشعب سدة الحكم.. جميل أن يقفوا مع الجمهور ولكن لا داعي لارتداء ثوب البطولة والفداء.. المناضل الحقيقي هو الذي قالها قبل يوم الجمعة الماضي.. لا أحد من هؤلاء الفنانين التوانسة قالها قبل أن يركب "بن علي" الطائرة ولا أحد منهم يستحق أن نقول له برشا برشا!!

الدستور المصرية في

19/01/2011

 

بعد أحداث تونس.. ماذا ننتظر من نجومنا؟!

طارق الشناوي

هل استوعب نجومنا الدرس وتابعوا ما حدث في تونس الخضراء.. قبل اندلاع هذه الثورة الشعبية قرأت ما كتبته "هند صبري" وما كتبه الزميل "إسلام مكي" عن موقف "لطيفة" تجاه الأحداث الدامية الأخيرة في تونس.. "لطيفة" لم تعلن رأيها في حين أنها كثيراً ما صرحت بآرائها من قبل ضد الغزو الأمريكي للعراق والصلف الإسرائيلي ضد فلسطين وتضامنت مع المقاومة في غزه وغيرها من المواقف الوطنية التي تمتد دائرتها لتصل إلى أرجاء وطننا العربي المأزوم وأيضاً المكلوم.. بينما جاء بيان "هند صبري" متوازناً مع الشعب الغاضب ومع الرئيس "بن علي" قبل أن يصبح مخلوعاً!!

لماذا يبدو صوت الفنان عالياً لو تعلق الأمر بقضية عربية عليها توافق رسمي وشعبي بينما يتعمد الفنان أن يبدو مهذباً خفيض الصوت لو كانت القضية محلية وتحديداً ضد النظام القائم في بلده؟! لأننا نعيش في ظل أنظمة ديكتاتورية تستطيع أن تبطش في لحظة بمعارضيها الذين عليهم أن يتحملوا دفع الثمن وكلما زادت النجومية ازداد حرص الفنان على أن يظل مؤيداً للدولة يرسل لها دائماً ما يجعلها تثق في موقفه المؤيد دائماً لها.. الدولة لديها أوراقاً تستطيع أن تلعب بها في أي وقت ولديها أيضاً رجالها في أجهزة الإعلام الحكومية والخاصة.. الدولة تنتظر من الفنان أن يؤيد النظام وإذا لم يقل "نعم" عالية واضحة النبرات فإنها قد تقبل صمته علي مضض إلا أنها لن تسمح له بالانتقاد وكلما ازدادت نجوميته ضاقت المساحة المسموحة أمامه بالاختلاف وصار حتى صمته في هذه الحالة جريمة تنتظر عقاباً قاسياً من النظام.. لو قرأت بعناية رأي "هند" سوف تكتشف أنها تتعاطف مع الفقراء والغاضبون لكنها في نفس الوقت تتوخى الحذر وتذكر إيجابيات في النظام التونسي القائم أقصد الذي كان قبل لحظات قليلة من كتابتها لهذا البيان قائماً ولم تتصور هي أبداً أنه من الممكن أن يزول بمجرد إرادة شعبية من الناس.. التعليقات التي أكدها القراء أكثر من مرة أشارت إلى أن "هند" وقعت علي بيان يسمح للرئيس التونسي "بن علي" الترشح مرة أخرى في 2014.. لا أستطيع أن أجزم بذلك ولكن لا أستبعد حدوثه لأن النظام العربي عندما يطلب من فنان إعلان موقفاً ما فهو لا ينتظر سوى السمع والطاعة.. ألقي نظرة علي حال فنانينا في مصر ستجد أن زعيم الفنانين هو أيضاً زعيم المؤيدين.. تستطيع الدولة لو أرادت أن تنزع عنه لقب الزعيم ولهذا فهو دائماً صاحب الصوت العالي في التأييد والمبايعة والمباركة.. مثلاً أحداث كنيسة "القديسين" الدولة أعربت عن غضبها ولهذا استمعنا إلى صوت "عادل" عالياً مجلجلاً ولكن في حادث غرق الباخرة "السلام" الذي راح ضحيته أكثر من ألف مصري لم يبد "عادل" أي غضب لم ينتقد الدولة التي لم تعتبر ما حدث كارثة قومية لم يفعل ذلك لأنه يعلم أن الثمن غالياً!!

الموقف السياسي للفنان العربي يظل مقنناً بشروط أولها ألا يصطدم بالنظام القائم بل المطلوب هو الترويج له كلما أمكن.. صحيح أن الدولة لم تصنع الفنان وأن النجم الجماهيري تتحقق نجوميته من الناس إلا أن الفنان يعلم أيضاً ما الذي تملكه الدولة من أسلحة.. تستطيع أن تشوهه تستطيع التعتيم الإعلامي عليه تملك أن تدفع بآخرين يشاركونه المقدمة ويملئون "الكادر" بدلاً منه.. هل نسينا ثورة الغضب ضد كل ما هو جزائري في أعقاب مباراة كرة القدم كيف اعتقد نجومنا أن هذه هي إرادة الرئيس وعائلة الرئيس حيث أن السيد "علاء مبارك" كان هو أول صوت يشجب فأيدوا قرارات المقاطعة والشجب لكل ما هو جزائري بل زايدوا عليها ووصل الأمر إلى أن تتوجه شتائم إلى بلد نسخر من شهدائه.. نعم حدث كرد فعل تطاول إعلامي جزائري ضد مصر ولكني أرى أن موقف الفنانين كان مخزياً وعندما تغيرت بوصلة الرئيس "حسني مبارك" وتوجه لزيارة "بو تفليقة" الكل تراجع عن مواقفه بل الغريب أنهم أنكروها.. أكثر من فنان وفنانة عندما تقول له صرحت بالشجب وأعلنت المقاطعة لكل ما هو جزائري يقول لك أبداً لم يحدث رغم أن كل أقاويل هؤلاء الفنانون مسجلة على أشرطة تقدمها بين الحين والآخر القنوات الفضائية؟!

هذا هو مع الأسف واقع الحال في عالمنا العربي ولهذا لا تتوقعوا الكثير من نجومنا ولكن هل تعلموا شيئاً من درس تونس؟! أتمنى وبنفس القدر أشك فهم لا يتعلمون أبداً مثل هذه الدروس.. لأن لا أحد مستعد أن يدفع الثمن!!

الدستور المصرية في

15/01/2011

 

حدث في كنيسة "المرعشلي"

طارق الشناوي

في ليلة عيد ميلاد المسيح عليه السلام علي باب كنيسة السيدة العذراء "مريم" المعروفة باسم كنيسة "المرعشلي" التقيت وأنا في طريقي للدخول بالفنانة "اسعاد يونس" ومعها عدداً من الأصدقاء قالت لي بمجرد أن رأتني أنت جاي تتضامن معنا قلت لها أنا جاي أدخل الكنيسة لرؤية أصدقائي والتهنئة بالعيد.. لم أرتح لتعبير أتضامن ولكني لم أجد أن التوقيت يسمح بالمناقشة هنأت "اسعاد" بالعيد ومضيت في طريقي ولكن ظل رنين الكلمة في أذني.. أنت تتضامن مع قضية أو تتضامن مع إنسان لديه قضية ما.. مثلاً أنا أشعر بأني متضامن مع المخرج الإيراني "جعفر بناهي" الذي حكم عليه بالسجن 6 سنوات والتوقف عن ممارسة الإخراج 18 عاماً أخرى لأنه كان يشرع في تقديم فيلم يفضح فيه ما حدث من تزوير في الانتخابات الإيرانية الأخيرة. لم أملك مع المخرج الإيراني سوى سلاح التضامن ولكني في مأساة كنيسة "القديسين" أعيش المأساة نفسها لا أعزي صديقي القبطي ولكني أعزي نفسي ولهذا لم أقل لاسعاد أنني متضامن ولم أقل لها أيضاً أني غير متضامن.

داخل الكنيسة رأيت وجوهاً بعضها أعرفها لم اسأل أحد إذا كان جاء كمتضامن أم جاء مثلي لأنه شعر أن عليه أن يأتي لتهنئة أصدقائه بالعيد مثل الكاتب الصحفي "جمال فهمي" والإذاعية اللامعة "بثينة كامل".. بادرتني الفنانة "ألفت إمام" عندما رأتني قائلة أقوالك تتوافق مع أفعالك.. أيضاً لم أحسبها هكذا شكرتها علي رأيها ولم يتسع أمامي المجال لكي أقول لها أنني لم أفكر لا في أفعال أو أقوال أنا ذهبت فقط للكنيسة لأنني كنت أريد أن أذهب في تلك الليلة!

داخل قاعة الصلاة في الكنيسة شاهدت الأستاذ الكاتب الكبير "صلاح منتصر" ومعه السيدة زوجته تبادلنا التهنئة بالعيد ولم اسأل ولم يسأل عن التضامن.

ما الذي حدث حتى يصبح تعبيرك عن موقف ما هو تضامن ومشاركة وليس هو الموقف نفسه نعم صار المجتمع المصري يشعر في قطاع كبير منه بأنه قد تضامن مع الآخر في محنته لكنه لا يعيش مشاعر المحنة نفسها بعد أن صرنا فريقين كل فريق قد يشعر في لحظة ما بهذا الإحساس وهو التضامن.. لقد لاحظت هذا العام أن طلبة كلية الإعلام جامعة القاهرة الذين أدرس لهم مادة النقد الفني قد صاروا أيضاً لديهم نفس المشاعر صاروا فريقين الطالبات المسيحيات يجلسن متجاورات حتى بعد انتهاء المحاضرة.. في البداية قلت لماذا صنع الأقباط دائرة تحوطهم ثم تنبهت إلى أنه أيضاً لماذا لا أنظر إلى دائرة أخرى أكثر اتساعاً صنعها المسلمون وهكذا فإن كل دائرة صارت لا ترحب بالأخرى وكأنها تقيم سور عالي يمنع الآخر من الاقتراب؟!

لا أعتقد أن ما رأيته مع طلبة كلية الإعلام يخص هذه الدفعة ولا تلك الكلية.. الدوائر التي رأيتها لها تنويعات أخرى في كل جنبات الحياة المصرية.. الكل صنع دائرة يحتمي بها صارت مثل المسجد والكنيسة هذا للمسلمين وذاك للأقباط.. لهذا عندما يتحدثون عن حذف خانة الديانة من الرقم القومي أراها دعوة تنظر أولاً إلى الشكل وليس الجوهر.. الخانة قابعة في نفوس عدداً كبيراً منا صار ينظر إلى الحجاب علي الرأس أو الصليب على الصدر أو موشوم في معصم اليد أو إلى ذقن طالت بضعة سنتيمترات ليحدد بعدها الهوية الدينية قبل أن يشرع في التعامل مع هذا الإنسان.. البعض يقرأ الاسم أولاً ليتأكد مع صاحب أي ديانة يتحدث.. ما الذي يفيد "وليم" أو "بولس" أو "حنا" لو حذفنا خانة الديانة من الرقم القومي بينما الكل يعامله باعتباره مسيحي قد تتطرف دائرة إسلامية وتبعده عنها فلا يحظى مثلاً بالوظيفة التي يستحقها لأنه "وليم" أو "بولس" أو "حنا".. وقد تتطرف دائرة أخري مسيحية وتمنحه وظيفة لا يستحقها لأنه "وليم" أو "بولس" أو "حنا"!!

خانة الديانة يجب أن تنزع أولاً من القلوب.. ولهذا لا أتضامن مع أحد ولكني ذهبت لكنيسة السيدة العذراء مريم مساء يوم الخميس الماضي التي يعرفها الناس باسم كنيسة "المرعشلي" لأني أتضامن مع نفسي أتمنى أن نتضامن جميعاً مع أنفسنا ونسقط من قاموسنا مسلمون وأقباط كلمة الآخر التي رددناها بحسن نية منذ أن غنينا بعنصرية ونحن نقصد دعم روح التضامن الوطني "أنا المصري كريم العنصرين"!!

الدستور المصرية في

09/01/2011

 

حديثى مع الملك

بقلم: خالد محمود

كم أسعدنى فوز الممثل البريطانى كولين فيرث بجائزة الجولدون جلوب كأفضل ممثل عن دوره فى فيلم «حديث الملك»، لأن الجائزة توجت ما شعرت به من روعة الأداء، التى ظهر بها فيرث وهو يجسد تلك الشخصية الصعبة، التى قاومت التلعثم والتهتهة.. قاومت الخوف من مواجهة الآخر فى ظروف عادية وغير عادية.. قاومت الإحساس بضآلة الذات وأنه من الصعب أن تكون شيئا مهما.

طوال مشاهدتى لـ«حديث الملك»، وأنا أشعر بعقدة هذا البطل وأزمته ــ رغم الفارق طبعا ــ هو يعد أن يكون ملكا، وأنا ما زلت أعد نفسى لمواجهة الحياة ومحاولة العيش، هو استطاع فى النهاية أن يفك العقدة، وأنا ما زلت غارقا فيها وبها.

وفى دبى التقيت كولين فيرث فى الليلة التالية لعرض الفيلم، وقال لى: «نعم قدمت أصعب شخصية فى حياتى كممثل حتى الآن.. لكننى ما زلت أنتظر الأصعب» كانت الجملة مدهشة بالنسبة لى، فهو لا يخشى أداء الشخصيات الصعبة ويريد أن يصنع تاريخه كممثل، وهذا بالقطع تاريخا ليس سهلا. وقلت له: «لقد تأثرت كثيرا بأدائك لشخصية الأمير ألبرت، والذى صار لاحقا الملك جورج السادس، وأخبرته بأن مشاهد التلعثم والتهتهة كانت متعة للغاية، وإنه عبر أداء تلقائى ومفردات غارقة فى الإنسانية حفزنى أكثر على مواجهة الصعاب وأنه يمكننى أن أساهم فى تقرير مصيرى فى زمن أصبح الإنسان مسيرا أكثر مما هو مخير فى أمور حياته.

ضحك فيرث وربت بيده على كتفى وقال: «إن الحياة أيضا شريط سينما وحكاية لها بداية وعقدة ونهاية، ويمكنك أن تسهم فى ملامح هذه النهاية.. وربما يمكن أن تكون هذه النهاية هى البداية الحقيقية لهذه الحياة»، فبادرته سائلا: «هل يمكن أن يؤثر تجسيدك لمثل هذه الشخصية على حياتك ؟»، وقال: «لقد أثرت أنا على حياة الملك جعلته وكولين شخصية واحدة».

وبين حوارى مع كولين فى الواقع إلى الشخصية على الشاشة كانت بعض لقطات «حديث الملك» تحوم فى ذهنى فى اللحظة نفسها.. فالبرت أو جورج السادس الذى كان يخشى الحديث على الملأ، أمام أى جمع بسبب مشكلة تلعثمه فى الكلام، وقف أمام الجميع بعد أن توفى والده الملك وتنازل أخوه عن العرش ليدلى بخطاب حرج ومهم فى وقت تعانى فيه الأمة شبح الحرب العالمية.. وانفك اللسان بكلمات بدت ثقيلة ورصينة لكنه كان مشهدا عظيما، حينما حول طرد فيرث كل مفردات الأمير الخائف وحل بدلا منهل مشاعر وأحاسيس ومفردات ملك حقيقى لا يعانى شيئا. أيضا مشهده وهو يتدرب على يد أحد معالجى أمراض التخاطب، فتارة يبدو عاجزا بلا أمل فى الشفاء وتارة أخرى تجده منطلقا وقد شفى تماما.

كشف لى كولين فيرث كم عانى من هذا المشهد وكم كان مؤلما إعادة تصويره أكثر من مرة. لكننى أقول إنها المعاناة التى تقربك من لحظة التوهج، لحظة المسك بقبضة من حديد على الذات.. لحظة أن تكون.. أن تنجح وأن تحصد.

الشروق المصرية في

19/01/2011

 

إدانة الاعلام في "الحرب التي لا تروها"

محمد موسى 

يفتتح فيلم "الحرب التي لا تروها" ، للصحفي والمخرج الاسترالي المعروف جون بليغير بمشاهد سريعة لاطلاق نار على عراقيين مدنيين في بغداد. قصة العراقيون هؤلاء ستعود بشكل مفصل في مكان آخر من الفيلم ، والذي اريد له ان يغطي فترة تقترب من المائة عام من علاقة الاعلام والحكومات الغربية ( بريطانيا وامريكيا). العلاقة التي تتجلى وتنحدر أخلاقيا في اوقات الحروب والازمات الكبيرة. أول قصص الفيلم ستكون من الحرب العالمية الاولى ، وهي الحرب الاولى التي انتبهت فيها الدول المتحاربة، الى أهمية الاعلام المرئي (والذي بدأ قبل سنوات قليلة فقط) اضافة الى الاعلام المقروء وكيف يمكن ان يسخرا في تمجيد الحرب او إبعاد الانتباه عن ويلاتها. فالجنود الذين ظهروا فرحين في الفيلم الدعائي الاول للجيش البريطاني وهم يرسلون التحيات لأمهاتهم. يجب ان يبقوا بعيدا عن الكاميرات في اوقات حالكة قادمة ، والكاميرات لن تسجل ابدا صراخ بعضهم على خطوط النار مناديا أمهاتهم البعيدات ، في وصف بليغ للمخرج.

ما بين قصص الحرب العالمية الاولى وتفاعلات قصة موقع "ويكليكس" المتواصله ، يسترجع الصحفي جون بليغير مجموعة من اهم احداث القرن ومعضلاته ، والصور التي ظهرت بها تلك الاحداث في الاعلام الشعبي الشائع ، والعلاقة المريبة بين حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وجهات إعلامية معينة ، وسقطات هذه الأخيرة الجسيمة. تبدو مهمة فضاضة من هذا النوع مجازفة كبيرة ، مقربة مشروع الفيلم من العمومية والتبسيط ، وهي التهم نفسها التي وجهها الفيلم الى الاعلام في الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا، الدولتين التي اهتم بهما الفيلم التسجيلي ، لدورهما ودلالتهما والنتائج التي تترتب على أداء الإعلام هناك ، إضافة الى قرب تجربة الصحفي الاسترالي من هاتين الدولتين وعمله في بريطانيا لسنوات.فكيف يمكن اعداد منهج او اطار بحثي واضح لبحث تجربة الإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية وتغطيته لموضوع مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في العشرين عاما الماضية دون فريق بحثي متخصص؟ لم يشأ الفيلم التقرب من موضوع الإحصائيات. هو اختار ضيوفه من مدراء مهمين في مؤسسة "البي بي سي" البريطانية وقناة "الاي تي في" البريطانية الخاصة ووجه إليهم أسئلة محددة تخص ملفات شغلت الرأي العام العالمي، مثل أسلحة الدمار الشامل العراقية والملف الإسرائيلي الفلسطيني.

ويدين الفيلم بالكثير لشفافية الضيوف وخاصة البريطانيين والذي عبر بعضهم عن خجله الشديد من أدائه وأداء مؤسسته في تغطيتها لموضوع أسلحة الدمار الشامل العراقية. فيما اعترفت مديرة في "البي بي سي" بأنهم أخفقوا كثيرا عندما لم يبذلوا جهود تذكر في تدقيق القصص الرسمية الأمريكية والبريطانية عن موضوع الأسلحة العراقية، والتي كانت أحدى الحجج المهمة التي تذرعت بها أمريكيا وبريطانيا في حربها الأخيرة في العراق في عام 2003.وفي موضوع الأسلحة العراقية أيضا ، كشف الفيلم عن تقرير صحفي ميداني لصحفي امريكي من وكالة (أسوشيتد برس) كان قد زار كل المواقع التي ذكرها وزير الدفاع الأمريكي وقتها كولن باول في تقريره الشهير قبل حرب 2003، ليؤكد انها مغلقة منذ سنوات. لكن عندما وصل التقرير إلى العديد من الصحف ومحطات التلفزيون الامريكية ، أمتعنت معظمها عن نشره. هذه القرائن المتعددة عن تقصير العديد من وسائل الإعلام الغربي او تبعيتها واعتراف المسئولين دون جهود كبيرة بتقصيرهم ، قلل من النفس الغاضب في الفيلم ، لتفسح المجال للحظات الإنسانية الكبيرة، التي حفل بها الفيلم. مثل قصة العرس الأفغاني الذي ضربته بالخطأ طائرة أمريكية وقتلت العشرات. ولم تصل القصة وقتها الى العديد من النشرات الإخبارية الأمريكية ، او حلت في مرتب متأخرة في الأهمية في بعض النشرات. الفيلم قام  بإجراء حوار مع صحفي فوتغرافي بريطاني، كان اول الواصلين الى القرية التي وقع بها الحادث. يصف المصور في حواره المؤثر القرية المنكوبة ، والحياة التي شعر انها سلبت حتى من الأطفال الأفغان الناجيين من الحادث ، والذين صادفهم بالقرية.

الفيلم يخصص الكثير من وقته أيضا لقصة العراقيين المدنيين الذين قتلوا في بغداد على ايدي القوات الامريكية ، وتم نشر الفيديو الذي يصور ضربهم على موقع "وكيليكس" ، لتنال القصة على اهتمام وغضب عالمي واسع. الفيلم يقدم شهادة احد الجنود الامريكيين الذين وصلوا الى موقع الحادث بعد الضربة الجوية ، والذي يصف الطفلين الجريحين الذين كانا موجدين مع والدهم وقت الحادث ، كذلك يكشف الجندي عن اللغة العنصرية المستخدمة من بعض الجنود الامريكيين الذين كانوا في الحادث ، والذين دعوه لترك الطفلين لمصريهم. ورغم العاطفية الكبيرة في المأساة الإنسانية العراقية ، الا ان هذه القصة بالذات حصلت على الكثير من التغطيات الإعلامية الغربية وقت الكشف عنها في العام الماضي ،لتشذ  بالنهاية عن الاتجاه العام للفيلم ، والذي ركز على القصص الإخبارية الإشكالية والتي أثارت تغطياتها الإعلامية شكوك عن توازن وسائل اعلامية معينة.

الخوف من إسرائيل!

من حادثة باخرة السلام التركية من العام الماضي ، يبدأ الفيلم القسم الخاص بالتغطيات الاعلامية الغربية للملف الفلسطيني الإسرائيلي. والذي يعرج فيه الى حادثة قتل الإعلاميين الفلسطينيين بنار القوات الإسرائيلية دون ان يثير الاعلام العالمي كثيرا وحسب المخرج ، والذي لا يخفى تعاطفه مع الفلسطينيين. فلحظة الانفعال الوحيدة له في الفيلم ، كانت عند الحديث عن تغطيات "البي بي سي" لحادثة السفينة ، وظهور ممثل المتحدث الاعلامي للحكومة الاسرائيلية مارك رجيف المتكرر على "البي بي سي" ، وغياب شخصيات فلسطينية تمتلك نفس فصاحة المتحدث الإعلامي الإسرائيلي. ومرة اخرى تعترف ممثلة "البي بي سي" في الفيلم بتقصير ما ، في البحث عن شخصيات فلسطينية ، غير تلك التي تظهر بشكل متكرر في برامج القناة البريطانية وغيرها.

ويكشف احد ضيوف الفيلم من خبراء الاعلام البريطانيين ، إن الخوف من إسرائيل ومن انتقادها الذي يشل أحيانا قدرة الصحفيين البريطانيين في تغطياتهم للموضوع الفلسطيني الإسرائيلي ، وبحثهم المتكرر عن لغة "معتدلة" في تقاريرهم الصحفية التي تتعرض للازمات هناك.

خبرة وعاطفية

ينضم الفيلم الى مجموعة الأفلام التسجيلية الاستقصائية التي أنجزها المخرج منذ نهاية الستينات من القرن الماضي لليوم. الفيلم الجديد يستعيد بعضا من تلك الأفلام ويقدم لقطات أرشيفية منها.لا يسعى المخرج في فيلمه او افلامه الأخيرة الى ابتكار شكلي او تجديدات اسلوبية ، هو ينطلق من موضوع وغاية ، وينتظر ان تقدم اللقاءات التي يجريها مع ضيوفه التصادم الذي يعزز قوة الوثيقة التسجيلية ويزيد من إثارتها.وهو الأمر الذي يقرب افلام جون بليغير التسجيلية من من افلام زميله الامريكي مايكل مور ، في ثقتها بيقينها ، وعاطفيتها الكبيرة. وشعبيتها الصاخبة. هي تقترب أحيانا لتكون الوجه الآخر المضاد للإعلام اليمني الشعبي والذي تقدمه قنوات تلفزيونية مثل قناة "فوكس" الامريكية المعروفة. يمكن تحدي الكثير من اتهامات فيلم "الحرب التي لا تروها" ، خاصة ان بعضها يتعلق بتغطيات إعلامية ( وخاصة في الإعلام البريطاني) عمرها اقل من خمس سنوات. ويمكن سرد أمثلة من تغطيات إخبارية مميزة للبي بي سي او غيرها لمواضيع العراق او فلسطين. كذلك تجعل الصيرورة المستمرة والتنوع الإعلامي دراسة أداء القنوات التلفزيونية والصحف ناقصا كثيرا بدون وسائل الإعلام الحديثة من انترنيت ومواقع تواصل اجتماعي.

عن جون بليغير

بدأ الصحفي والمخرج جون بليغير حياته المهنية كصحفي في بلده استراليا في عام 1958 لكنه سرعان ما انتقل في بداية الستينات الى لندن والتي يقيم منذ ذلك الزمن. عمل الاسترالي في عدة وظائف صحفية منها في وكالة رويترز الدولية للإخبار كمحرر في موضوع الصراع العربي الفلسطيني ، وعدة صحف بريطانية. بدأ في عام 1968 عمله كمراسل حربي في الصفوف الأمامية في حرب فيتنام ، ليتنقل بعدها في عدة دول مغطيا العديد من النزاعات المسلحة بعضها في العالم العربي ، حيث انجز عدة افلام عن العراق وفلسطين. تفرغ منذ بداية الثمانينات لعمله كمخرج ومؤلف افلام تسجيلية ، حصل على العديد من الجوائز الصحفية العالمية منها: جائزة "الايمي" الامريكية في عام 1991 ، ومؤخرا جائزة مدينة سيدني للسلام في عام 2009.

• المعلومات الخاصة بالصحفي جون بليغير من موقعه على الانترنيت ، كما يمكن مشاهدة افلامه التسجيلية السابقة على نفس الموقع

الجزيرة الوثائقية في

19/01/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)