حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

تموت حباً

قيس قاسم

«البجعة السوداء»

«بحيرة البجع» لتشايكوفسكي، حورها كاتب السيناريو مايك هايمان، الى «البجعة السوداء»، مغيرا الشيء القليل في الحكاية المعروفة، عبر اضافة بجعة أخرى، سوداء اللون الى جانب البيضاء، وهذه المرة ستلعب هي الدور الحاسم في العمل، بعدما حولت الساحرة الأميرة العاشقة الى بجعة طائرة، لن تعود الى وضعها الطبيعي، ولن تلتقي حبيبها الأمير، إلا من خلال التضحية بنفسها.

هذا المناخ السوداوي يشتغل عليه المخرج دارين آرنوفيسكي بطريقته الخاصة التي تعرفنا عليها في «قداسة الحلم» وفي عمله الأخير «المصارع»  لعب دور البطولة فيه الممثل ميكي روكي، جامعا هذه المرة الحكاية بالواقع الحقيقي الذي عاشته راقصة الباليه نينا سايرس (الممثلة ناتاليا بورتمان) التي كان عليها الجمع بين الشخصيتين: السوداء والبيضاء، وهو تحد كبير سيتقرر في ضوئه مستقبلها كعضو في فرقة مركز لينكولن في نيويورك سيتي.

هذا ظاهر الحكاية أو قصة الفيلم، لكننا سنعيش، وفي الشريط نفسه عالما باطنيا، مختلفا، يختلط فيه الخيالي بالواقع، فتضيع الحدود الفاصلة بينهما، يتحول معه المناخ الثقافي الراقي الى مناخ خوف ورعب، لكن على طريقة آرنوفيسكي، حين يشتغل أعمال إثارة وخوف، فهو يمضي عميقا في داخل النفس البشرية للبحث عن المناطق المعتمة فيها، متقصيا، في الوقت ذاته، سبل ظهورها الى الخارج، وليست هناك فرصة مناسبة كالتي يوفرها له سيناريو فيلمه الجديد الذي يلعب على منطقتين: بيضاء وسوداء، منطقتين متداخلتين لدرجة يصعب على المشاهد التمييز بينهما، ولهذا سيمضي معهما مرغماً، لمعرفة نهاية الحكاية، وماذا ستفعل الراقصة نينا في جانبها المظلم، وكيف ستبرزه علنا خصوصاً وان العمل متوقف على هذه النقطة، ومتوقف على معايشتها الجانب المعتم في داخلها، حتى لو كان هذا دورا في عرض باليه، أو حتى في الواقع، فالحدود هنا ملغاة بل ان آرنوفيسكي ألغاها، تماما وبطريقة حاذقة.

حتى الموت

كرست نينا حياتها كلها للباليه، وطموحها في الوصول الى المجد، كانت تغذيه في داخلها والدتها التي كانت هي الأخرى راقصة باليه، وكانت تعتبر نجاح ابنتها نجاحا لها بشكل من الأشكال، إذا هي لعبت الدور الرئيس في «البجعة السوداء»، وهي التي حلمت في شبابها لأخذ بطولة «بحيرة البجع» ولم يتحقق لها ما أرادت. أما حلم نينا، وطموحها فقد تجسدا في «البجعة السوداء»، خصوصاً وأن المدرب توماس ليروي أبعد الراقصة بيث مكنتري (الممثلة وينونا رايدر) عن دورها، ولهذا وجدت نينا في غيابها فرصتها الذهبية، وكان عليها قبول شروط المدرب الصعبة، والتوافق مع مزاجه المتطلب وسلوكه المتغطرس الذي يخلط فيه العمل بعلاقاته العاطفية والتي يبدو ان نينا كانت قد وقعت في حبه من دون أن تعلن ذلك. كان يريد منها اظهار الجانب المظلم فيها، فإستجابت، وراحت تتخيل، وتذهب بعيدا في توسيع بقعة التخيل «المرضي» الى الدرجة التي تصورت فيها زميلتها ليلي (الممثلة مينا كونيس) غريمة عنيدة لها، تريد ازاحتها عن دورها الجديد بكل السبل، ولذلك عملت المستحيل لابعادها، كما انها قبلت اللعبة التي وضع شروطها المدرب فوجدت نفسها في تصادم مع والدتها أولا ومع نفسها ثانيا. وهنا تأتي المقاربة بين فيلم «المصارع» وبطله راندي الذي كان يصارع نفسه قبل مصارعة الآخرين فوق الحلبة أو حتى في الحياة نفسها. فدرجة الغيرة والطموح عند نينا كان يقابلها استسلام للقدر وقبول بالمصير عند راندي، لكن التصادم الداخلي كان يجمعهما.  وإذا كان «المصارع» قد أخذ طابعا عنيفا متوافقا مع المستوى الاجتماعي المتدني الذي عاشه البطل، فإن الصراع في «البجعة السوداء» أخذ بعدا «ثقافيا» أزاح لنا الستار عن جزء من طبيعة الكائن البشري في كل مستويات وجوده. فالصراع الداخلي في عالم الباليه لا يقل شدة عما هو عند المتصارعين على الحلبات، بل هو أشد قسوة باعتباره صراعا مكتوما يعبر عنه في «البجعة السوداء» بالهلوسة والمشاهد المخيفة لسيل الدماء من جلد نينا وسلوكها العاطفي المرتبك. هذا التعبير عن التمزق الداخلي كان مطلبا للمدرب أكثر منه اختيارا لشكل التعبير عن سوداوية نينا التي كانت تحاول اخفاءها عبر الوظيفة «الراقية» التي تؤديها بوصفها راقصة باليه، وكان هذا كافيا بالنسبة الى المدرب توماس (الممثل فينسيت كاسيل) لأخذ ما يريد منها. أما تجسيده أمام الكاميرا كما أراده المخرج آرنوفيسكي فقد تطلب من الممثلة ناتاليا بورتمان جهدا خارقا لتحقيقه. وفي ما عدا التدريب الشاق لإتقان حركة راقصة الباليه، والجهد الجسدي المبذول لمطابقة وزن الجسم وشكله مع الدور الذي تلعبه، كان عليها في الجانب الآخر الحفاظ على التوازن القلق، بين اجادة الدور كله والأداء المتطابق لراقصة البالية. لقد أدت ناتاليا بورتمان دورا سيؤهلها، من دون شك، لترشيحات الأوسكار، وسينقلها الى مستوى آخر، بعدما نجحت في الجمع بين بجعتين، احداهما كانت بيضاء اللون، والأخرى سوداء ضحت بحياتها من أجل أميرها ومن أجل فن أحبته حتى الموت!

الفيلم الـ50 لوالت ديزني رابونزل

أكثر من سبب جعل من فيلم التحريك «رابونزل» فيلما متميزا. على مستوى الانتاج حمل الفيلم الرقم 50، من سلسلة الأفلام الطويلة التي أنتجتها شركة والت ديزني منذ تأسيسها، وكلفته هي الأغلى بين أفلامها، إذ تجاوزت ميزانيته ربع مليار دولار. وعلى مستوى الجوائز رشحته رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية «غولدن غلوب» للتنافس على جوائزها المخصصة لأفضل فيلم تحريك لهذا العام، وعلى الارجح سيمهد اختيارها هذا لترشيحه في ما بعد لجوائز الأوسكار. أما على مستوى الجودة، وهذا هو الأهم، فـ«رابونزل» أو كما جاء عنوانه بالانكليزية «تانجلد» يستحق المديح من دون تردد.

عنوان «رابونزل» مقتبس من اسم بطلته الأميرة ذات الشعر الطويل، وهو عنوان القصة الألمانية التي كتبها الأخوان غريم، والآن حولها المخرجان الأميركيان نايثن غرينو وبايرون هاورد الى السينما بأسلوب جمع بين الشكل الكلاسيكي مع الافادة القصوى من تقنيات الحاسوب، وبنظام الأبعاد الثلاثة «3 دي». وحكاية رابونزل كثيرة الشبه بالحكايات القديمة التي تدور حول أمير أو أميرة يتعرضان للأذى من قبل قوة شريرة أو حاقدة كما حدث هذه المرة، حين انتزعت الساحرة العجوز الأميرة من حضن أمها الملكة، وأخفتها في برج عال مهجور لا أحد يستطيع الصعود اليه سواها، بعدما أقنعتها بأنها أمها الحقيقية واسمها غوثيل، وانها لا تريد لها الاختلاط بالعالم الخارجي، خوفا عليها، كونه عالما مليئا بالأشرار، وربما، بسبب جمالها ستتعرض الى الكثير من المصاعب، لهذا ظلت الأميرة (صوت الممثلة ماندي مور) هناك وحدها، 18عاما، لا يزورها أحد سوى الساحرة، وذلك للإطمئنان على بقاء شعرها طويلا، كما هو، فهي منه، ومنه فقط، تستمد شبابها وخلودها، فالشعر الطويل فيه قوة سحرية تمنع عنها المرض والكهولة. هذه القصة التقليدية أضيفت اليها شخصية اللص الظريف فلين رايدر (صوت الممثل زيتشري ليفي) الذي وصل عن طريق الخطأ الى برجها العالي ووقع في حبها، والبقية معروفة لكم!

الأسبوعية العراقية في

16/01/2011

 

 

الإسلام على الشاشة بين السينما العربية والغربية

محمد رُضــا 

حين قام المخرج الراحل مصطفى العقاد بتقديم "الرسالة" و"عمر المختار" واجه المعضلة إياها: هل من سبيل لتقديم الإسلام جيّداً لمواجهة الصورة السلبية المنتشرة في السينما الغربية عموماً؟ وكيف؟. الصعوبة كانت مضاعفة في الفيلم الأول كون الثقافة الإسلامية لا تسمح بتصوير الأنبياء بمن فيهم النبي محمد صلى الله عليه وسلّم، بالتالي فإن ما كان على العقّاد فعله في هذا الإطار الحديث عن الفكرة وليس عن صاحبها. عن الدين وليس عن الرسول0

تحرر العقاد أكثر بكثير حين أنجز "عمر المختار" لكنه واجه سؤالا بديلاً: كيف يمكن تقديم شخصية  مقاتل حمل السلاح لكنه كان مسلماً ممارساً للدين الحنيف؟ العقلية الغربية لا تقبل أن يرفع راهب الإنجيل بيد والسلاح بيد آخر ولو أن أفلاماً روّجت لهذه الصورة لكنها  كانت خيالية وليست عن شخصيات واقعية. بالتالي، لا تستطيع (على نحو شبه مطلق) قبول شخصية رجل يحمل الله في قلبه ويواجه الآخرين بالعنف

ردُّ العقاد على هذا السؤال هو إظهار شراسة الإحتلال الإيطالي لليبيا وتعسّفه وكيف قاد ذلك الإحتلال الى إقامة أول معسكرات تجميع للمدنيين، أي قبل معسكرات الهولوكوست و، في الجانب الآخر، تقديم شخصية رجل يدرّس التلامذة طالباً منهم التعلّم والإستنارة0

في نهاية الفيلم يلتقط صبي النظّارة الطبيّة التي سقطت عن عيني عمر المختار بعدما اقتيد للإعدام. رمز صغير على أن الطريق من هنا وصاعداً سيكون علماً وثقافة ومعرفة0

في حين كانت الصور التي روّجتها الأفلام الغربية عن الإسلام والمسلمين عدائية بدافع إثارة الجمهور وخلق عدو يواجهه البطل التقليدي،  فإن التشويه الذي أصاب الإسلام كان إما مقصوداً عن  عمد وإما تلقائي في نتيجته من حيث تعاطيه  ومفاهيم نمطية محددّة مستوحاة من ظروف سياسية واجتماعية مثل موقف الدول العربية من إسرائيل في الستينات، ومثل مصر والعدوان الثلاثي، والقضية الفلسطينية التي نجح الإعلام الإسرائيلي في جعلها تبدو حالة دفاع إسرائيلي عن النفس، والثراء البترولي الذي أصاب بعض دول المنطقة، كما من مفاهيم مغلوطة ساهم الأدب في تكوينها (عالم ألف ليلة وليلة وحكايات السلاطين).  من ناحيتها فإن الأفلام الحديثة التي طُرحت حول الموضوع الإسلامي تُلغي (بقصد او بدونه) الكثير من  الصور النمطية السابقة لتحل مكانها إما صوراً غير نمطية او صوراً نمطية مختلفة عن تلك السابقة0

في "إنذار بورن"، ثالث أجزاء سلسلة مغامرات عميل السي آي أيه  [بول غرينغراس- 2007 ] يواجه بطل الفيلم الأميركي جاسون بورن (مات دامون) المُطارد من السي آي أيه أحد مطارديه: مغربي يعمل لصالح الجهاز الأميركي مكلّف بقتله. معركة يدوية كبيرة تقع بين الإثنين. وفي حين أن مثل هذه المعارك بين البطل الأميركي وغريمه العربي كانت تكشف مهارة الأول القتالية وجهل الثاني او لجوئه لحلها بالخنجر او السيف ("غزاة تابوت العهد المفقود" مثلاً) تكشف هنا عن مهارة متوازية على نحو كامل بحيث أن انتصار الأميركي على العربي تحصيل حاصل لبطولته الفيلم وليس لتفوّقه أساساً0
من ناحية، هذا وحده لا يلغي طموح المسلم بشخصية اسلامية صحيحة المواصفات، لكن من ناحية أخرى فإن المطروح هنا شخصية تستدعي الإعجاب وكونها تعمل لصالح المخابرات الأميركية يرفع عنها الكثير من التعامل عدائياً معها0

ما تطرحه  السينما السائدة التي ينتمي اليها "إنذار بورن" من صور، لا يقل أهمية عما تطرحه الأفلام الفنية او ذات الرغبة في جمهور ذي مُلكية فكرية أعلى كما الحال في عدد من الأفلام الأوروبية التي بدأنا نراها في السنوات الأخيرة0

عدّة أفلام في هذا الصدد من مخرجين لهم أكثر من باع في هذا الطرح. في العام 2006 قام المخرج الجزائري الأصل رشيد بوشارب بتحقيق فيلمه "البلديّون" او كما سُمّي في أسواق عالمية "أيام المجد"،  وفيه إظهار لدور الجنود العرب الذين عملوا تحت راية الحلفاء في الحرب العالمية Days of Glory الثانية، في عملية تحرير فرنسا من الإحتلال الألماني0

تبعه المخرج بفيلم عنوانه "نهر لندن" (2009) حول صداقة غير متوقّعة بين أم إنكليزية مسيحية وأفريقي مسلم (برندا بليثين وصدّيقي كواياتي على التوالي) كل منهما خسر ولداً خلال يوم الإرهاب الذي قام به اسلاميون متطرّفون0

الفيلمان مثيران جداً على سطح ما يتعاملان به من شخصيات. في عالم لم يعد مضطراً للتفريق بين المسلم والعربي (حتى مع علمه بأن معظم المسلمين ليسوا بالضرورة عرباً) تعامل رشيد بوشارب مع شخصيات عربية من دون منحها مواصفات اسلامية في فيلمه الأول "البلديون". أما في الثاني فتعامل مع شخصية رجل مسلم من دون أن يكون عربياً. ما حققه تلاقي الناحيتين في حلقة تستكمل مدارها: العرب مسلوبون من الهوية والإستحقاق في الفيلم الأول، والمسلمون مُعاملون سواسية كوجه واحد في حين أن الحقيقة وجود تباين كبير بين المسلم وبين المسلم المتطرّف في الفيلم الثاني0

عبد اللطيف قشيش أنجز فيلمه الفرنسي "كُسكُس بالسمك" معنياً بحياة مهاجر مسن وعلاقاته مع محيطيه العربي والفرنسي الذي يعيش وسطهما. المخرج يرسم صورة إنسانية صادقة وعميقة للعربي وعائلته محاطة بإطار البيئة الفرنسية العامّة ويفرض تعاملاً من نفس النوعية الإنسانية على المشاهد الغربي مستبدلاً صورة العربي الذي يشكّل خطراً على مجتمعات ما بعد 2001 الى صورته كضحية وضعه من دون أن يلوم الفرنسيين على هذا الوضع0

الجزيرة الوثائقية في

16/01/2011

 

حفل كبير لإعلان النتائج اليوم

سباق "الغولدن غلوب" يصل إلى خط النهاية

محمد رُضا  

تعلن اليوم في حفل كبير نتائج ترشيحات جوائز الغولدن غلوب التي تقيمها جمعية مكوّنة من نحو 87 ناقداً وصحافياً يراسلون أكثر من 50 جريدة ومجلة حول العالم . جريدة الخليج ومجلة كل الأسرة من بين الصحافة المعتمدة في هذا الجسد الصحافي الذي سابقاً ما اعتبره البعض في هوليوود دخيلاً عليها، أما الآن فتنظر إليه كأحد أهم المناسبات السينمائية السنوية .

مع أن الجائزة لا تملك الشهرة ذاتها التي يتمتّع بها الأوسكار، الا أنها تسببت في وجع رأس مزمن للجائزة الأولى من حيث الانتشار كون الكثير من نتائج الغولدن غلوب مؤشراً مؤكداً لما ستأتي به نتائج الأوسكار ما يجعل أكاديمية العلوم والفنون السينمائية (راعية الأوسكار) تشعر بأن الغولدن غلوب يخطف منها حس المفاجأة بعيداً عن هذا الجانب، فإن ما يميّز الغولدن غلوب تعدد فروعها السينمائية والتلفزيونية . ويتبدّى ذلك من خلال المسابقات الخاصّة بالأفلام فهناك خمس مسابقات تخص هذا الجانب هي: أفضل فيلم روائي درامي، أفضل فيلم روائي كوميدي او استعراضي، أفضل فيلم أجنبي، أفضل فيلم تحريك وأفضل فيلم مصنوع للتلفزيون .

كل واحدة من هذه المسابقات يشمل خمسة أفلام تم اقتراحها للمنتسبين لكي يختاروا الفيلم المفضّل لديهم ومجموع الأصوات الخاصّة بكل فيلم سيحدد الفيلم الفائز . إذا ما نظرنا الى مسابقة أفضل فيلم درامي، فإن المنافسة شديدة بين الأفلام الخمسة من دون تفريق: وهي خطاب الملك الذي افتتح مهرجان دبي في الدورة الماضية، والبجعة السوداء والشبكة الاجتماعية والمحارب وبداية .

الأمر أسهل توقّعاً بالنسبة للأفلام المتنافسة على جائزة أفضل فيلم كوميدي، إذ يبدو أن أليس في أرض العجائب هو الذي يقود الدفّة . إن لم يفز هو فلربما فاز الأولاد بخير أو ببرليسك .

على صعيد أفضل فيلم أجنبي، فيلمان يبرزان أكثر من سواهما: بيوتيفول الإسباني المكسيكي والحافة الروسي، لكن هذا لا يعني أن الأفلام الأخرى، وهي الحفلة (فرنسا) وأنا حب (ايطاليا) وفي عالم أفضل ليس لديها دفع أكيد .

في نطاق سينما التحريك فإن النتيجة شبه محسومة بين فيلمين أساسيين: توي ستوري 3 والإيهامي وهو فرنسي . وكلاهما أفضل من أي من الأفلام الثلاثة الأخرى .

هذا التقسيم بين أفلام درامية وكوميدية يفتح المجال لعدد أكبر من الممثلين ليدخلوا السباق وبالفعل هناك  ست مسابقات في هذا الإطار: أفضل ممثل في فيلم درامي، أفضل ممثلة في فيلم درامي، أفضل ممثل في فيلم كوميدي، أفضل ممثلة في فيلم كوميدي، أفضل ممثل مساند وأفضل ممثلة مساندة . بالإجمال، هذه المسابقات يشترك فيها 30 ممثلاً سينمائياً (ونحو ذلك تلفزيونياً) .

الأبرز هذا العام: كولِن فيرث عن دوره في خطاب الملك كأفضل ممثل درامي، بذلك يتقدّم على جيسي أيزنبرغ الشبكة الاجتماعية وجيمس فرانكو 127 ساعة ورايان غوزلينغ بلو فالنتاين ومارك وولبرغ (المحارب) .

في المسابقة الموازية للممثلات، لا يمكن إغفال أن نتالي بورتمن هي المرشّحة الأولى عن دورها في البجعة السوداء، لكن لو كان التفضيل هنا يعني شيئاً فإن جنيفر لورنس في عظمة الشتاء تحمل الفيلم بجدارة على كتفيها وتقدّم دوراً لا يُضاهى .

في مجال التمثيل الرجالي الكوميدي، نلحظ أن  جوني دب مرشّح مرّتين، مرّة عن دوره في أليس في بلاد العجائب وأخرى عن دوره في السائح  وإذا ما نالها فستكون عن الفيلم الأول . فوز أحد آخر سيكون مفاجأة باستثناء أن بول جياماتي أدّى دوراً بارعاً في نسخة بارني .

في الصعيد نفسه نسائياً، بطلتا فيلم الفتيان بخير وهما أنيت بانينغ وجوليان مور تتنافسان على الجائزة . هذا التنافس قد يغري البعض بتوجيه الجائزة الى آن هاذاواي عن الحب وأشياء أخرى . لكن ماذا عن أنجلينا جولي في السائح؟ لديها فرصة جيّدة إن لم يكن بسبب إدائها بالضرورة، فبسبب شخصيّتها التي تستدعي الاهتمام والاحترام ولشيء من تاريخها الممتد لنحو عشرين سنة على الشاشة . 

نقد

السينما المصرية في الخط الثالث

واحد من أفضل علامات العام المنصرم خروج مجموعة مختلفة عن السائد من الأفلام المصرية التي التقت في كونها امتداداً للسينما التي تتناول قضايا اجتماعية بأسلوب واقعي . إنه ليس خطّاً جديداً بل امتداد لخطّين سابقين: واحد بدأ في الخمسينيات من القرن الماضي وشمل أفلاماً لكمال سليم وصلاح أبوسيف وأحياناً ليوسف شاهين وهنري بركات، وآخر بدأ في السبعينيات من خلال أفلام  لعاطف الطيّب وبشير الديك وخيري بشارة ومحمد خان .

الخط الثالث  يتكوّن حالياً من أسماء جديدة، كما كان حال الأسماء السابقة حين بدأت العمل في تلك السنوات الغابرة: محمد دياب، هاشم العيساوي، أحمد عبدالله وابراهيم البطوط . ولا يجب أن ننسى الجانب الوثائقي من هذه السينما ما يعني بالضرورة ماريان خوري التي كانت أنجزت أحد أفضل الأفلام الوثائقية العربية في العام الماضي وهو ظلال وذلك بالمشاركة مع المخرج المغربي مصطفى الحسناوي .

هذا الفيلم ليس واقعياً من زاوية نزوله الى الشوارع لتصوير الناس في حياتها العادية وما تخوض فيه من مشاغل ومشاكل، بل يمضي، من دون تعليق صوتي ومن دون الحاجة الى تفعيل ما هو ماثل أمام الشاشة، ليقدم حكايات من داخل أسوار مصحّة نفسية بأسلوب تصوير راصد يحمل الكثير من الحزن  والشجن حول موضوع قد لا يغرب عن البال قريباً، فتبقى صور حالاته المطروحة علينا ماثلة ومؤثرة متناولاً حياة بعض المرضى الذين هم على مشارب مختلفة يعانون من أسباب متعددة دفعت بهم إلى المكان . لكن طوال الوقت، هناك تذكير بالعالم الخارجي ومسؤوليّته حيال هذه النماذج المنسية .

الأفلام الأخرى تختلف في طروحاتها الواقعية . إذا ما كان المخرج إبراهيم بطوط متميّزاً عن أترابه الآخرين هنا بشيء، فبحقيقة أن فيلمه الجديد حاوي هو من رعيل منهج اختطّه ونجح به: تفعيل حركة سينما مستقلّة ينفي البعض وجودها أساساً .

في الحقيقة أن عدم الاعتراف بها لا يقوم على سوء نيّة في كل الأحوال، بل على اختلاف في الرؤى، فالبعض يعتبر أنه حتى تكون هناك سينما مستقلّة بالفعل، عليها أن تتحقق عبر آلة إنتاجية تختلف تماماً عن الحلقات التي على كل فيلم المرور بها سواء أكان سائداً أو مستقلاً . هذه الحلقات هي الإنتاج والتوزيع والعرض الجماهيري ثم الجمهور نفسه . من هذا المنظور لا توجد سينما مستقلّة لأنها تحتاج إلى كل هذه الحلقات وتمارسها .

رغم ذلك لا يمكن تجاهل دور إبراهيم بطوط الذي خطف فيلمه الأخير حاوي جائزة مهرجان الدوحة . المخروجون الثلاثة الآخرون، وهم هاشم عيساوي وأحمد عبدالله ومحمد دياب، يشكّلون حالة متجانسة فمنهجهم الواقعي يجمع بينهم بشدّة . الأول عبر فيلمه الخروج والثاني عبر ''ميكروفون'' والثالث من خلال فيلمه 678، وكلّها أفلام جيّدة رغم  نواحٍ محدودة يشكو فيها الفيلم الواحد من ضعف هنا او هناك: الخروج من نهاية أقل أهميّة وأكثر تشاؤماً مما يجب، ميكروفون من تكرار الحالة الواحدة على طول الشريط، و678 من انهيار الفيلم في نصف ساعته الأخيرة متحوّلاً الى قصّة عليها أن تنتهي بعدما كانت لمعظم الوقت حالة اجتماعية تحقق غاياتها .

اللقاء بين هذه الأفلام جميعاً ليس مصادفة، بل هو نتيجة الرغبة في تغيير السائد السينمائي وهو ما ينتقل بالمخرج من محطّة الي أخرى بحثاً عن عالم أفضل يتمنّاه لفنه كما لمجتمعه . ولا عجب أن الأفلام المذكورة تقصد البحث في مواطن ضعف المجتمع، فهي تشعر به وتريد أن تخدمه بفنّها ورسالتها وكل ما نطلبه لها هو أن يقبل عليها الجمهور ولا يخذلها خلال عروضها التجارية المرتقبة . 

أوراق ناقد

في حب وليام شكسبير

في العام ،1968 كان عمر المخرجة جولي تايمور 34 سنة حينما تصدّت لإحدى مسرحيات وليام شكسبير وقامت بتصويرها فيلم فيديو . المسرحية هي العاصفة، واحدة من أكثر مسرحياته التزاماً بالزمن والمكان موحّدين في إطار محدد إذ تقع أحداثها في بضعة أيام وفوق جزيرة صغيرة . بعد كل هذه السنين، تعود المخرجة تايمور لتقديم فيلم آخر من كتابة شكسبير وهو العاصفة مرّة أخرى .

لا أعرف الكثير عن الفيلم السابق، لأنها صوّرته فيديو ومن الممكن أن تكون صوّرته عن مسرحية قدّمتها على الخشبة، لكن العاصفة الجديد هو بلاغة سينمائية تتعامل ومعاني المسرحية من ناحية وآفاقها البصرية الثرية من ناحية أخرى .

لم يأتِ العمل على نحو متوازن . الشغل البصري هنا يغلب الشغل على المضمون، خصوصاً حين تأخذ المخرجة من المسرحية ما كان يجب أن يبقى من دون أن تعوّض النقص، لكن المثير هنا أنها من المخرجين القلائل في العالم التي لديها رؤية خاصّة لكيف يمكن لها أن تقدّم شكسبير . بين العاصفة الأول والعاصفة الثاني أخرجت لشكسبير واحدة من أصعب مسرحياته: تايتوس . هذه المسرحية لم تلق ترحيباً كبيراً لبضعة مئات من السنين بعد كتابتها، لكن النقاد الحديثين أعادوا النظر فيها ووجدوا أن شكوى نقاد الأمس من عنفها ليست في محلّها . على ذلك، بقيت هذه المسرحية من أقل مسرحيات شكسبير انتقالاً إلى السينما وما حققته تايمور حين تصدّت للمسرحية سنة 1999 مذهل: جمالياتها تلتقي ودكانة النص من دون تعارض . رسالة المسرحية السياسية تجد طريقها الى الفيلم من دون عناء، بل تخرج تايمور عن الزمن بالمسرحية لتنقل طروحاتها السياسية الى صور آنية من هذا القرن .

والمخرجة لا تخشى التغيير . تقول لنا في لقاء خاص تبع عرض الفيلم على أعضاء جمعية مراسلي هوليوود الأجانب: حين فكّرت في إعادة تحقيق العاصفة انصب اهتمامي على إيجاد شيء جديد أضيفه، وقادني التفكير الى استبدال الشخصية الرئيسة من ذكر الى أُنثى . هذا كانت له سلبياته حيث تغيّرت تبعاً للتحويل بعض الخصائص المهمّة في العلاقة بين الشخصيات . تايمور تضيف أن هذا القرار لم يكن سهلاً: لديك مادّة تكفي لأربع ساعات، وتريد أن تلخّصها في ساعة ونصف الساعة . إذا لم تكن تعلم كيف تفعل ذلك، ماذا تترك وماذا تأخذ ولماذا؟ وكيف ستعبّر عن زمانها ومكانها ولماذا؟ فإنك أمام مشروع غير ناجح . فقط المعرفة المسبقة والواثقة للرواية تجعلك قادراً على تلخيصها من دون أن تخسر المسرحية شيئاً يذكر تبعاً لذلك .

على عكس تايتوس ليس في العاصفة أبعاد سياسية مهمّة، في حين أن شكسبير كان أوّل من تحدّث فيها عن تبعات الاستعمار الغربي للدول الأخرى: لا أوافق على ذلك . هناك سياسة مهمّة ولو في صدد آخر . الفيلم يبدأ بامرأة تنشد الانتقام بعدما خسرت حكمها على مقاطعة إيطالية وأجبرت على أن تعيش فوق جزيرة . لكنها في النهاية تتخلّى عن فعل الانتقام . تنشد الحوار . أعتقد أن هذه الرسالة سياسية .

الفيلم جيد وجميل وفي بعض الأحيان مذهل، لكنه لم يدخل أي من المسابقات الحالية في موسم الجوائز . تؤكد: هذا لا يهم كثيراً . ربما في المرّة المقبلة، وحتى إذا لم أترشّح مطلقاً، فإن لديّ شغف بعالم هذا المؤلف الكبير وسأواصل السعي لإنجازه قدر ما أستطيع .

م.ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

16/01/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)