حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

كريستن ستيوارت:

قصص الحب والدموع تركتها للمراهقين

باريس - نبيل مسعد

لمعت كريستن ستيوارت البالغة من العمر عشرين سنة في فيلم «في الطبيعة المتوحشة» الذي أخرجه شين قبل أربعة أعوام، إلا أن الدور الأول في الفيلم كان ذاك الذي تولاه الشاب إيميل هيرش، بينما اكتفت ستيوارت بالظهور في مشاهد قليلة ولكن قوية لفتت أنظار النقاد. أما النجاح الحقيقي لستيوارت، فجاء إثر تولِّيها البطولة النسائية المطلقة في الجزء الأول من ثلاثية «توايلايت»، المأخوذة عن رواية ناجحة عالمياً تتجه إلى المراهقين وتروي حكاية حب مستحيلة على طريقة روميو وجولييت، ولكن في عالم يسوده مصاصو الدماء.

وهكذا صارت ستيوارت نجمة عالمية تواصل تسلق سلم المجد من خلال دور العاشقة بيلا سوان في الجزءين الثاني والثالث من «توايلايت»، إلى أن تلقت العرض بأداء شخصية المراهقة جون جيت، التي أسست في زمن السبعينات من القرن العشرين الفرقة الموسيقية النسائية «ذي راناوايز» (وهو أيضاً اسم الفيلم) تعزف الروك أند رول، الأمر الذي كانت قد تخصصت فيه الفرق الموسيقية الرجالية فقط. ومثَّلت ستيوارت الدور مبتعدة كلياً عما قدمته في الثلاثية التي أطلقتها نجمة، كما وافقت على أداء شخصية راقصة يتبناها رجل خمسيني فقد ابنته المراهقة ويسعى إلى التعويض عن خسارته الفادحة، وذلك في فيلم «مرحباً عند الرايليز» الذي أخرجه جيك سكوت نجل المخرج العملاق ريدلي سكوتغلادياتور»، «مملكة الجنة»)، حيث تتقاسم ستيوارت البطولة مع النجم جيمس غاندولفيني بطل حلقات «سوبرانو» المعروفة عالمياً.

في باريس، التقت «الحياة» ستيوارت:

·         ما رأيك في المقارنة القائمة بين حكاية روميو وجولييت والحبكة العاطفية في ثلاثية «توايلايت»؟

- إنها واضحة في رأيي، بما أن الشخصية التي أمثلها في «توايلايت» هي شخصية إنسانة عادية تقع في غرام شاب مصاص دماء، ما يجعل قصة الحب بينهما مستحيلة. هي طبعاً على غرار غراميات روميو وجولييت، اللذين ينتميان إلى عائلتين غريمتين لا تقبل كل واحدة منهما أن يعشق أحد أفرادها شخصاً من العائلة الأخرى، كما أنها كناية عن كل الحكايات الصعبة بين الناس بسبب الفوارق في العقليات أو الدين أو الجنسيات.

·         ولكن الثلاثية موجهة أصلاً إلى المراهقين، وخصوصاً المراهقات، اللواتي شاركن في رواجها إلى حد كبير!

- الثلاثية موجهة في الحقيقة الى الذين يتأثرون بحكايات الحب المستحيلة المسيلة للدموع. صحيح أن المراهقات يشكِّلن الجمهور المثالي لهذا اللون الروائي والسينمائي، ولكن ملايين المتفرجين في العالم الذين شاهدوا الأفلام الثلاثة، ليسوا فقط من الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة عشرة والثامنة عشرة، وأنا متأكدة من أن الحضور النسائي، بصرف النظر عن حكاية العمر، هو الذي شكل الغالبية.

·         هل أنت رومانسية في حياتك وتتأثرين بالروايات والأفلام المشابهة لثلاثية «توايلايت» أو لروميو وجولييت؟

- في الحقيقة لست من الشابات اللواتي يتأثرن كثيراً بالروايات المسيلة للدموع، خصوصاً حكايات الحب، لا في الكتب ولا في السينما. وفي الحقيقة أشعر بأنني أقرب، بمراحل كثيرة، من شخصية جون جيت مؤسسة فرقة «ذي راناوايز»، والتي هي امرأة على قيد الحياة وليست نابعة من خيال أي مؤلف.

·         هل تقصدين أنك مثلها تتميزين بشخصية قوية وبعزيمة قادرة على تحريك الجبال إذا تطلبت الأمور ذلك؟

- إنها كذلك فعلاً، وأنا أشبهها إلى حد ما، بمعنى أنني أتمتع بشخصية قوية وأعرف ماذا أريد في حياتي، ولكنني لست جبارة إلى درجة تحريك الجبال أو فعل المستحيل من أجل تحقيق رغباتي. ربما لم أعش مثلها خشونة الحياة، التي تحوِّل المرء مقاتلاً لا يهمه أي شيء ويخوض المعارك إلى نهايتها.

·         هل أعجبك إذاً تمثيل شخصيتها؟

- جداً، جداً، وأقول إن دوري في «ذي راناوايز» من أحلى ما قدمته فوق الشاشة حتى الآن.

> لكنها أدمنت الكحول وتعاطي المخدرات في فترة ما من نجاحها الفني، كما يبدو في الفيلم، فهل أنت معجبة بهذا السلوك في مواجهة الحياة؟

- لا، وأنا لا أشرب نقطة خمر في الحقيقة. إن الذي أعجبني فيها هو صمودها، وكيفية نجاحها في فرض فرقة نسائية على دنيا موسيقى الروك أند رول، التي كانت قبلها، وحتى من بعدها هي وفرقتها، رجاليةً بحتة.

·         تقولين انك لم تعرفي خشونة الحياة، فهل يعني ذلك أنك من عائلة مرفهة؟

- نعم، تماماً، فأبي يعمل في الإنتاج التلفزيوني، وأمي تكتب السيناريوهات، وستُقْدِم قريباً جداً على إخراج أول فيلم لها، وستسند بطولته لي. أنا لم أجرب الفقر، ولا حتى التمرد والفرار من البيت العائلي، مثلما يفعله كثيرون من الشبان من أجل خوض تجارب مختلفة ومتنوعة في الحياة. لقد كبرت في جو هادئ، وكنت تلميذة مجتهدة، مثلما أنا الآن ممثلة مجتهدة وبعيدة عن المشاكل التي قد تعرقل سير حياتي المهنية أو الشخصية.

·         هل أنت عاشقة في الفترة الحالية؟

- انفصلت حديثاً عن خطيبي منذ ثلاث سنوات، ولست مستعدة لمعاودة التجربة في شكل سريع.

·         هل هذا كلام معقول بالنسبة الى شابة عشرينية ناضجة مثلك، فماذا تركت للكبار إذاً؟

- أنا عشرينية بالفعل، ولكنني ناضجة، ونادراً ما أتصرف مثل الشابات في مثل عمري.

·         وكيف تديرين شعبيتك وأموالك؟

- بالنضوج نفسه الذي أدير به سائر أمور حياتي، أي بعين العقل والحكمة وباستشارة والديَّ والاستفادة من خبرتهما في الحياة.

·         وثروتك؟

- أستثمرها وأبذرها في الوقت نفسه، بمعنى أنني أصرف الكثير منها في السفر وعلى الثياب والعطور ومواد الماكياج وتزيين بيتي الجديد، إذ أنني غادرت بيت أهلي منذ شهور قليلة فقط وأقيم الآن في بيت لا يبعد عن بيتهما سوى أمتار قليلة. أُنفِق المالَ إذاً ثم أنتظر فرصة عمل جديدة، وأدخر تقريباً كل ما أتقاضاه في هذه المرة. أنا في شكل عام حريصة على المال، ولكن من دون أن أبلغ حد البخل أبداً، لا على نفسي ولا على غيري.

·         أنت إذاً عاقلة ورصينة جداً في النهاية؟

- ربما، ولكن الطريقة التي تقول ذلك بها تجعلني أشعر بأنني شابة مثيرة للملل أكثر من أي شيء آخر.

·         ليس هذا المقصود اطلاقاً، حدثينا بعض الشيء عن فيلمك الثاني النازل قريباً الى الصالات، وهو «مرحباً عند الرايليز»؟

- أحمل عن هذا الفيلم أطيب الذكريات، لمجرد أنني تقاسمت بطولته مع العملاق جيمس غاندولفيني بطل حلقات «سوبرانو» ذات الشهرة العالمية، وأيضاً لأنه من إخراج جيك سكوت نجل السينمائي الكبير ريدلي سكوت الذي خاض هنا أول تجربة مهمة له كمخرج. أمثل في الفيلم شخصية راقصة شابة في ناد ليلي تتعرف ذات ليلة على رجل خمسيني من رواد النادي فقد ابنته في ظروف مروعة، ويعثر في الراقصة على شيء يذكِّره بملامح الابنة الراحلة وشخصيتها، فيقرر تبنّيها وإحضارها إلى بيته كي تقيم معه ومع زوجته. ولكن الأمور لا تسير مثلما خططه الرجل، وتنقلب حياته في غمضة عين إلى جحيم. الفيلم قوي وزاخر بالمواقف الدرامية، وأنا كما ذكرت للتو، سعدت بالعمل إلى جانب فنان أراه في التلفزيون مرة كل أسبوع، وأنتظر حلقات مسلسل «سوبرانو» التي يؤدي بطولتها بفارغ الصبر.

·         وكيف تصرفت أمامه؟

- مثل الصبية التي تتردد إلى مقر ديزني لاند للمرة الأولى، إلا أنني بقيت في هذه الحالة من الإعجاب والتعجب طوال فترة التصوير، ما لم يمنعني من ممارسة عملي على النحو الأفضل.

·         هل أعجبك التنويع في أدوارك، منتقلة من ثلاثية «توايلايت» إلى «ذي راناوايز» إلى «مرحباً عند الرايليز»، وهذا غير دورك القصير ولكن الجميل في أول أفلامك «في الطبيعة المتوحشة»؟

- أعشق التنويع، وهو صلب مهنة التمثيل أصلاً، وأفضِّله على تكرار الدور ذاته ثلاث مرات في ثلاثية «توايلايت» مثلاً، خصوصاًً أنني سأضطر إلى المشاركة في أجزاء جديدة مكملة للثلاثية.

·         ولماذا تقبلين؟

- لأن الدور صنع شهرتي، ولأنني عندما ألمحت للشركة المنتجة برغبتي في مغادرة هذا العمل رفعوا أجري في شكل مغرٍ لم أستطع مقاومته أبداً.

·         كم تتقاضين؟

- 2 مليون دولار عن الفيلم الواحد.

·         ومن هو مبتكر الأزياء السعيد الحظ الذي تنفقين هذه الأموال في اقتناء تصاميمه؟

- إنهم خمسة، يستفيدون من ثروتي في عالم الموضة، وأفضِّل عدم ذكر أي أسماء أو أفضليات، فالموضوع حساس، لأن كل دُور الأزياء تعرفني.

الحياة اللندنية في

03/12/2010

 

 

المواضيع المميزة عندما تغرق في لغة متفاوتة الجودة

دمشق - ندى الأزهري

ربما كانت تظاهرة «إنتاجات المؤسسة العامة للسينما» في الدورة الأخيرة لمهرجان دمشق السينمائي، من أهم التظاهرات التي سمحت للجمهور السوري بمشاهدة بعض من أفلام بلده التي أنتجتها المؤسسة خلال سنوات التسعينات وما بعدها. وساهم عرض «مطر أيلول» لعبداللطيف عبدالحميد و «حراس الصمت» لسمير ذكرى في المسابقة الرسمية، و «روداج» لنضال الدبس في الاختيار الرسمي، بالاطلاع على ما وصلت إليه السينما السورية الحديثة.

عشرة شرائط حديثة وقديمة قدمت ضمن التظاهرة، وبعضها يعد من تحف السينما السورية، مثل «الليل» (1992) لمحمد ملص و «صندوق الدنيا» (2002) لأسامة محمد. كان لمن سمع بهذه الأفلام أن يحظى أخيراً بمشاهدتها ليكتشف من جديد براعة محمد ملص وتميّز أسامة محمد. وعلى رغم الكثير من النقد في حينه الذي عاب على «صندوق الدنيا» تعقيداته ورمزيته، فثمة سؤال فرض نفسه بعد مشاهدة الفيلم: أهو من الأفلام التي يتوجب الانتظار سنوات لتقديرها والاستمتاع بها وبأسلوب أسامة محمد الذكي والمغلف بالكثير من السخرية والترميز؟

صمت ومطر

الأفلام السورية الأكثر جدة لقيت إقبالاً أوسع من الجمهور، وكان يجب الحجز مسبقاً للعرض الثاني لشريط «مطر أيلول» لعبداللطيف عبدالحميد، امتلأت الصالة على آخرها وأفترش البعض الأرض، ساد جو من الحماسة القاعة وكان تجاوب الجمهور مع مجريات الأحداث على أشده، فما الذي أثار هذا الإعجاب؟ يعرف عبدالحميد بحرفيته (تسعة أفلام) كيف يتواصل مع مشاهده وكيف يوصل له الفكرة بمهارة وخفة روح لا شك فيها، وعلى رغم استعماله الفانتازيا والأسلوب السردي غير التقليدي إلا أنه يجعل المتلقي في حال من التشوق للمتابعة. لكن اعتماد عبدالحميد للمبالغات الفكاهية التي تثير الإعجاب لم يفلح تماماً في تغطية شيء من الخواء في السيناريو وفي الوقوع في فخ التكرار، تكرار الحدث، وتكرار الحوار، ما كان يطرح التساؤل في بعض المواقف «وماذا بعد؟». ثمة مشاهد أعادت إلى الأذهان فيلم إيليا سليمان الرائع «سجل اختفاء» وذلك في طريقة تقديم الحدث والأسلوب الإخراجي (غسيل السيارة، ظهور أشخاص فجأة على مسرح الحدث، الصمت الذي يرافق الحدث).

العشق أصاب أسرة مكونة من أب وأولاده الخمسة. كلهم متيَمون يبحثون عن لقاء، نظرة، لمسة... لكن القدر سيكون لهم بالمرصاد فالقاضون على الأحلام يجولون الشوارع والمسكونون بهاجس الانتقام لن يدعوا هذه العائلة البسيطة تتنعم بالحب، إنهم رجال غامضو الهوية الوظيفية يتربصون بالمواطن البسيط، وهؤلاء كانوا أخبث من أن يلعبوا دورهم بوضوح فتبدو المصائر وكأنها قضاء وقدر لا يد لهم فيه. أسلوب السخرية الذي اعتمده المخرج استدعى مبالغة في أداء الممثلين وفي تعابيرهم وكانت مشاهد زيارة الخاطبين للمخطوبات من أكثرها توفيقاً. فيلم ممتع لكن لم يكن ليضيره نواة أكثر صلابة.

أما نواة فيلم «حراس الصمت» فقد كانت شديدة الصلابة، فرواية غادة السمان «الرواية المستحيلة، فسيفساء دمشقية» كانت عماده، كانت ذكريات سورية الخمسينات فكرة رائعة ومنتظرة وجديدة على السينما ولكن، لكم جاء الفيلم دون مستوى الحدث! كان الجمهور السوري متشوقاً هو الآخر ولكن تعليقاً لمشاهدة شابة أثار انتباهي، «ما فهمت شي!» قالت. ولعل ذلك لم يأت، وبالتأكيد، من غموض فكرة الفيلم، بل من سرد ذهب في كل الاتجاهات، ومن تنقل مستمر بين حاضر الشخصية الرئيسية «زين» وبين ماضيها، وجاء تداخل حكايات شخصيات أخرى ليزيد من «تعقيد» العمل.

أسلوب خطابي

من خلال حكاية زين الفتاة الشابة المتمردة، يسلط السيناريو الضوء على دمشق الخمسينات، العائلة الدمشقية المحافظة في محيطها الذي يعج بالتحولات السياسية والاجتماعية. الفتاة ذات الميول الأدبية تطمح لمصير أفضل من مصير أمها التي راحت ضحية التفكير المحافظ، يساندها والدها المنفتح خلافاً لأسرته. في أسلوب خطابي، اعتمده العمل مع أكثر من شخصية، كان الأب (في أداء باهت وجامد) يخاطب نفسه كما يخاطب المشاهدين أحياناً، ويشرح مبررات أسلوبه في تربية ابنته، ما جعل السرد الكلامي يسود على حساب السرد البصري. لقد حضر المشاهد ليشاهد وليس ليستمع لأحد يقرأ له ويتوجه نحوه بالكلام وإلا لكان اكتفى بالرواية. ولم تُجدْ الصورة التعبير عن الفكرة، وحين فعلت (الطيران، صعود الجسد الميت إلى السماء، الدجاجة المذبوحة...) أتت مفتعلة وثقيلة.

غرق العمل في تفاصيل جانبية لا تفيد السياق الدرامي وبدت مشاهد كمشهد الحمَام والطهور مقحمة وفلكلورية، وكان على التوليف أن يقول كلمته بحزم ليخلص الفيلم من كل هذه التفاصيل الزائدة والرموز الثقيلة، وكذلك من كثرة الحكايا (قصة الخادمة وقصة العم...)، وكثرة العروض الراقصة التي لم تكن تنتهي إلا لتبدأ من جديد، فالمخرج استخدمها لتمرير نقاشات دينية وللحديث عن التيارات السياسية التي كانت سائدة في تلك الفترة في سورية من ماركسية إلى قومية عربية وقومية سورية وإخوانية... وفيما كانت الفتيات يتمايلن على أنغام الموسيقى الغربية، كن يتداولن أمور الدين والسياسة!

أما إنتاج القطاع الخاص السوري فجاء مخيباً للآمال، فالفيلم الثالث لنضال الدبس «روداج» الذي أراد الخوض في قصة حب رومانسية ومن خلالها صراع الإنسان للتغلب على خوفه وتردده، أتى دون الطموحات، وبقي المشاهد خارج الفيلم ولم يتفاعل مع شخصياته لا سيما مع البطل الرئيس الذي كان يكتفي بالصراخ والحركة للتعبير عن مشاعره، كما جاء أداء بقية الممثلين ضعيفاً باستثناء البدوي. وبدت أجواء الغرابة والغموض التي أحيط بها البطل الثاني سلوم حداد غير مقنعة بل غير مبررة. وعلى صعيد الصورة لم يتم استغلال المحيط الصحراوي في إضافة جمالية ما إلى المشهد. لكن، من المهم ملاحظة هذا الحراك في السينما السورية سواء على صعيد الأفلام الروائية أم القصيرة والوثائقية وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى ظهور مزيد من الأفلام الجديرة بالمتابعة.

الحياة اللندنية في

03/12/2010

 

فيلم «ملحمة حلال»...  مواجهة بين قيم الإسلام والكيبيك

مونتريال – «الحياة»

يشهد العديد من صالات مونتريال السينمائية عرضاً أول لفيلم «ملحمة حلال» باللغة الفرنسية. وهو من النوع الدرامي ومن إخراج بابك الياسا (إيراني) وإنتاج مؤسسة «بوريال فيلم» الكندية. يندرج الفيلم في إطار التنوع والتعدد في المجتمع الكيبكي. وتدور أحداثه حول زوجين مسلمين (جميلة وهادي) افتتحا ملحمة حلال في مونتريال بعد أن أعياهما البحث عن عمل آخر. وحاولا جاهدين الانفتاح على المجتمع الكيبكي والاندماج مع عاداته وتقاليده والتعايش مع ثقافته وقطعا في هذا السبيل شوطاً كبيراً. إلا أن الأمور تتعقد بسبب خارج عن إرادتهما ويهدد حياتهما الزوجية بالانهيار. فقد أصبح مستقبل الزوج مرتبطاً بوالد هادي الذي جاء حديثاً الى كيبك حاملاً معه موروثاً كبيراً من المفاهيم المحافظة. وما أن تناهى الى مسامعه أن جميلة زوجة عاقر، حتى ساوره القلق واستبد به الغضب ودفع ابنه للتخلص منها بأي ثمن والبحث عن امرأة أخرى ولسان حاله يردد: «هكذا هي تقاليدنا ووجودنا في كيبك لا يغير في الأمر شيئاً»، الأمر الذي أربك الزوجين ونغص حياتهما وأدخلهما في دوامة من الحيرة وجعل هادي أمام حلين لا ثالث لهما إما أن يتمرد على أوامر أبيه فيصبح في أوساط عائلته ومجتمعه عرضة للتشهير ومثالاً سيئاً للارتداد على ما نشأ عليه من قيم وتربية وأخلاق، وإما أن يرضخ مرغماً ويستجيب لطاعته، فيخسر زوجته وسعادته واستقراره وما بناه من آمال وطموحات مستقبلية.

أمام هذه المشاهد المأسوية، يبدو سيناريو الفيلم محكماً وجريئاً. فهو يضع المشاهد أمام مواجهة صعبة بين ثقل الموروثات الإسلامية المحافظة من جهة والقيم الكيبيكية المتحررة من جهة أخرى. ولكن مرونة الإخراج تتحاشى بذكاء تعميم هذه الحالة على مجمل الجالية الإسلامية أو توصيفها كظاهرة للانطواء أو العزلة عما حولها.

وعلى رغم هذا الحذر الشديد يرى بعض النقاد الكيبيكيين أن الفيلم يثير صدمة ثقافية بين المجتمعين الإسلامي والكيبيكي سيما وأن هذا الانفصام ليس طارئاً وانما بات ظاهرة لا تزال تداعياتها مستمرة منذ أحداث أيلول عام 2001 ومثار نقاشات وسجالات واسعة حول العديد من القضايا الخلافية الحادة التي فجرتها أخيراً ما يسمى «الملاءمات المعقولة» حول إشكالية الرموز الدينية والحجاب والنقاب وتعدد الزوجات وجرائم الشرف وصولاً الى الحركات الراديكالية.

يذكر أن «ملحمة حلال» يأتي في خضم هذا السياق من القضايا التي تشكل مادة مسرحية يتناوب على أدائها عدد من الكوميديين المغاربة على خشبات مونتريال وغيرها من المدن الكندية أمثال خديجة أسد ورشيد بدوري ويعالجونها بقالب فكاهي لا يخلو من السخرية والنقد اللاذع الموجه أساساً لبني قومهم قبل غيرهم.

بطلة الفيلم منى شكري التي تقوم بدور جميلة في الفيلم. ولدت في كيبك وهي من أصول مغاربية. وحائزة على دبلوم في الفن الدرامي من «الكونسرفاتوار» الكيبكي عام 2005. بدأت حياتها الفنية كممثلة كوميدية، إلا انها اشتهرت في ما بعد بالعمل السينمائي حيث شاركت في أفلام كندية عدة كان آخرها «الحب الوهمي» الذي عرض في مهرجان «كان» الدولي. أما اللاعب الآخر فهو زوجها ماني سليمانلو في دور هادي. تخرج من الكلية الكندية للمسرح عام 2008.

الحياة اللندنية في

03/12/2010

 

السينما وتغيرات المناخ

تونس - صالح سويسي

ستكون مدينة القيروان ابتداء من غد السبت 4 كانون الأول (ديسمبر) عاصمة عالمية لسينما البيئة من خلال احتضانها الدورة الثامنة للمهرجان الدولي لفيلم البيئة والذي تنظمه جمعية الفن السابع. وتتواصل الدورة الجديد لغاية 10 من نفس الشهر، وينتظم المهرجان تحت إشراف وزارة البيئة ووزارة الثقافة بمشاركة عدد من الجمعيات السينمائية والبيئية التونسية. وسيشارك في المهرجان ما يقرب من 70 فيلماً من ثلاثين دولة عربية وأجنبية، منها 28 فيلماً ضمن المسابقة والتي اختار لها المنظمون محور «الصورة والتغيرات المناخية» موضوعاً رئيساً، وتلتئم الدورة التي تتزامن مع السنة العالمية للتنوع البيولوجي تحت شعار «المستقبل بين أيدينا» كما تتزامن مع السنة الدولية للشباب. ويتضمن برنامج المهرجان إلى جانب عروض الأفلام التي ستتوزع على مدن كثيرة، ندوة علمية وموائد مستديرة ومعرضاً حول الشواهد البيئية، فضلاً عن زيارات ميدانية لأحد المواقع الطبيعية البيئية بالقيروان.

وسيتم خلال الافتتاح تقديم أوبريت «القدس» ويقدمها مجموعة من الأطفال، وتكريم عدد من الوجوه السينمائية والبيئية البارزة على المستوى الوطني والدولي وتقديم لجنة التحكيم مع عرض حوصلة لسبع دورات مضت من المهرجان الدولي لفيلم البيئة كما مع تقديم شريط سينمائي طويل.

وستكون الإضاءة الأولى للمهرجان في يومه الثاني مع مائدة مستديرة بعنوان «مشروع مدينة الغد» بمشاركة ضيوف المهرجان ونوادي البيئة، كما تنطلق ورشات المهرجان وهي ورشة كتابة السيناريو، وورشة التصوير والإخراج وورشة الإنتاج وورشة الفيلم الوثائقي، وانطلاقاً من الساعة الثالثة مساء تنطلق عروض الأفلام للجماهير داخل المسابقة وخارجها، اليوم الثالث ينطلق برحلة استطلاعية في رحاب المدينة العتيقة لضيوف المهرجان مع تواصل عمل الورشات وعرض الأفلام. الإضاءة الثانية للمهرجان تكون مع ندوة حول «الفيلم الوثائقي البيئي واقع وآفاق» ويدير الحوار المخرج التونسي علي العبيدي بمشاركة ضيوف المهرجان وثلة من رجال الثقافة والسينما. في اليوم الخامس وإلى جانب عروض الأفلام والورشات ينظّم المهرجان رحلة استطلاعية لمحمية التواتي بالقيروان. الإضاءة الثالثة ستكون مع ندوة حول صورة البيئة المزدوجة «التنمية المستدامة بين التشريع والسياسة في تونس والمتوسط» بمشاركة أحمد عمران عميد المعهد الأعلى للدراسات القانونية والسياسية بالقيروان وبمشاركة ضيوف المهرجان. في اليوم الختامي سيتمّ عرض إنتاج الورشات ثمّ حفل اختتام الدورة الثامنة للمهرجان الدولي لفيلم البيئة وتوزيع الجوائز.

ويضمّ المهرجان مسابقة خاصة بطلبة المعاهد العليا وتحمل اسم «بانوراما السينما» وتتضمن المسابقة عشرة أعمال. ويشارك في المهرجان ضيوف كثر من بنغلاديش وفرنسا ومالي وإيران وسويسرا ومصر والبرتغال وليبيا وبلجيكا ولبنان. وتضمّ لجنة تحكيم الدورة الثامنة جاكلين شهوان من لبنان وفروق عبدالخالق من مصر والصحبي العلّاني من تونس وإيلينا ميشال كاربين من رومانيا وغابرييلا قابس من بولونيا.

الحياة اللندنية في

03/12/2010

 

قصر طوسون القاهريّ مقراً لذاكرة السينما

القاهرة - «الحياة»

التعاون المصري - الفرنسي المرتقب لتنفيذ المشروع القومي لإنشاء الأرشيف القومي للسينما المصرية؛ تم بتوافق تام بين الجانبين في شأن اختيار قصر «الأمير عمر طوسون» في القاهرة، ليكون مقراً ومتحفاً للسينما؛ لما يتميز به القصر من طراز معماري فريد وعراقة متميزة تليق بصناعة السينما المصرية التى يتجاوز عمرها المئة عام. وأكد وزير الثقافة المصري فاروق حسني أن التعاون المصري - الفرنسي في هذا المجال سيتضمن بحث أوجه التنسيق المشترك في شأن التراث السينمائي النادر والمقتنيات السينمائية الموجودة في كلا البلدين وكيفية الاستفادة منهما في المشروع، الذي يتم تنفيذه في إطار اتفاقية التعاون السينمائي بين الجانبين المصري ممثلاً في المركز القومي للسينما، والفرنسي ممثلاً في المركز الوطني للسينما الفرنسي، والتي تم توقيعها على هامش فعاليات مهرجان «كان» السينمائي خلال دورته الماضية في فرنسا، وبالتعاون مع السفارة الفرنسية والمركز الثقافي الفرنسي في القاهرة.

وقال فاروق عبدالسلام المشرف على المشروع إن وزارة الثقافة استضافت أخيراً وفداً فرنسياً برئاسة بياتريس دي باستر مديرة الأرشيف والمقتنيات وحفظ التراث السينمائي بالمركز الوطني للسينما الفرنسي، في زيارة لمدة ثلاثة أيام، رافق خلالها رئيس المركز القومي للسينما الدكتور خالد عبد الجليل، حيث تفقد الوفد الكثير من المواقع التي رأى الوزير فاروق حسني أن تكون هدفاً للزيارة وفي مقدمها «قصر الأمير عمر طوسون» والذي رشحه وزير الثقافة ليكون مقراً للسينماتيك ومتحف السينما. وأوضح أن السيدة بياتريس دي باستر اختارت أحد المخازن المجهزة تجهيزاً علمياً بأحدث التقنيات التكنولوجية لتكون مخزناً لنيجاتيف الأفلام. مشيراً إلى أن هذا المخزن يتميز بالاتساع وحداثة التجهيزات بحيث يمكن استخدامه لعشرات السنوات المقبلة. كما أشار إلى أن وزارة الثقافة ستكلف أحد المكاتب الاستشارية المتخصصة لإعداد مشروع متكامل للأرشيف السينمائي ومتحف السينما والسينماتيك ليكون من أهم المشاريع القومية التي سيتم تنفيذها لتليق بالتراث السينمائي المصري والحفاظ عليه ضمن منظومة متكاملة تنتهجها وزارة الثقافة للحفاظ وحماية التراث السينمائي المصري.

وقد تم الاتفاق مع الجانب الفرنسي على تدريب الكوادر الفنية التي سيتم الاستعانة بها فى هذا المشروع القومي على يد خبراء فرنسيين من خلال زيارات عمل مشتركة بين القاهرة وباريس. ومن المقرر أن تقام ندوة في إطار مهرجان القاهرة السينمائي بعنوان «الحفاظ على التراث السينمائي المصري» تشارك فيها السيدة باتريس دي باستر والتي تتحدث عن التعاون المصري - الفرنسي في شأن السينماتيك والأرشيف السينمائي والمشروع المتكامل الذي تقدمت به للمركز القومي للسينما المصرية في هذا الشأن والسيد ريجي روبير المدير في السينماتيك الفرنسي اللذان سيقومان بزيارة قصر «عمر طوسون» للاطلاع على عمل اللجنة التي شكلها وزير الثقافة في هذا الشأن.

الحياة اللندنية في

03/12/2010

 

عن الكتابة السينمائية الأخرى ... آفاق إبداعية جديدة

الدار البيضاء - مبارك حسني

هناك حيرة خاصة تنتصب عند الحديث عن السينما عبر المكتوب، وتتجلى كصعوبة لها خاصيتها، سواء كان هذا الحديث عملاً معرفياً أكاديمياً أو ممارسة كتابية عاشقة. السبب يكمن في كون السينما عالماً دلالياً واسعاً يدخل في تركيبته المال والإنسان والآلة والفن والفكر وحتى المعمار مأخوذ لوحده. أيضاً لكون السينما ظاهرة حاضرة بقوة في المعيش اليومي لا تُغفل مطلقاً بعد مرور مئة وعشر سنوات سنة على وجودها بين أشياء الناس والعالم، ولمعاصرتها لأبرز قرن في تاريخ البشرية، ثم للعلاقة الغريبة التي انقلبت حالياً والتي جعلت الناس يحاكون ما تمليه فضاءاتها الجذابة بعد أن كانت تحاكي ما تنقله آلتها العينية الزائلة في صلب كينونتها والمسماة عدسة.

ما نقصده بالكتابة هنا هو اتجاه مخيلة كاتبة بالتحديد والاختيار الطوعي إلى ملء بياض الأوراق عقب لقاء صدامي (ولو أمام رداءة عرض أو في مشاهدة فردانية بواسطة الأقراص) مع الصورة المتحركة في ظلام قاعة (ولو افتقرت إلى أبسط ضروريات المشاهدة) أو ظلام وحدة فرجة خاصة. أي تسطير هذا البياض بالحرف، وبالتالي خلق نص كتابي سينمائي المنبع والرائحة والمنحى.

لقد صار من المألوف الحديث عن مكتبة سينمائية خاصة تضم نفائس فعلاً لعباقرة إخراج، كإيزنشتاين وفرانسوا تروفو وكيروزاوا، ونقاد متأدبين (وليس محترفين) كأندري بزان وسيرج داني، أو اعتبار مقالات حول أفلام كتبها خورخي لويس بورخيس الكاتب الأرجنتيني المتفرد منذ زمان بعيد، أو كتاب مراسلات الكاتب البلجيكي جورج سيمنون والمخرج فديريكو فيلليني، اعتبارها أحداثاً لها قدر رفيع من الروعة، أو النصوص المتفرقة لكن المشعة إبداعاً، التي ارتأى كاتب من طينة رولاند بارت تخصيصها للفن السابع كخطاب له علامات خصبة ومأسوف على ندرتها (ربما هنا تكمن قيمتها العالية)، وقريباً منا كتابات المخرج المغربي مومن السميحي في كتابيه «حديث السينما 1 و2» أو النقاد العرب البارزون.

هي أمثلة ونماذج تستدعي تساؤلات مشروعة لعاشق السينما أمام تواري أو تلخيص المكتوب السينمائي إلى مرتبة ثانية بعد المكتوب الآخر أو المكتوب الشائع (التاريخي). وللمقارنة، فالكل يشاهد الأفلام، والقلة هي التي ترتاد معارض الفنون التشكيلية، وتقرأ الروايات، وترتاد عروض المسرح، لكن في كل هذه الفنون توجد أدبيات مرافقة. ولكن، لماذا تسمو كتابات الفن التشكيلي والأدبي والمسرحي كثيراً إلى درجة الإبداعية، والعكس يحصل بالنسبة للفن السابع في بلداننا العربية؟ أعني في حين أن الواقع والتتبع داخل هذا الإطار الضيق يكشف عن غنى ومتعة في الكتابة ليست بالفعل مضيعة للوقت أو تحريفاً للقراءة الخالصة، بما أنها تفيد في فهم جوانب أساسية في العصر المعاش، وعصرنا العربي جزء منه، نجد أن هناك كتابات عربية كثيرة لكنها لم تصنف بالشكل الواجب. ونقترح هنا تصنيفاً نظرياً عاماً إلى أربعة أنواع من الكتابة، على أمل أن يتم ذات يوم تطبيقها وإيراد أصحابها، وهو مجهود أكاديمي صرف نرجو أن تفطن إليه الجامعة.

1 - كتابة أساسية: ممارسة مفكَّر فيها بتأن وروية، بما أنها نظرية بحتة، تتوخى تأطير الاندهاش القوي لجاذبية الفن السابع على ذاكرة الأجيال، بعد أن صار فعلُ ارتياد قاعات العرض فضاءً آخر لتكوين الفرد. وتتجلى أهمية التنظير في تحليلاته وتأملاته العميقة في الفعل السينمائي، يساعد على الإدراك والإمساك أكثر بفنية الصورة وإمكانياتها الجمالية والفكرية. ولقد قام الأمر على مداد أقلام رجال ذوي حس جمالي وأساس ثقافي صلب رأوا في قماش العرض الأبيض عالماً تمثيلياً يذهب في معناه بعيداً، ويمزج بين الإنسان والتاريخ والمجتمع ولهاثه وراء السعادة. لنقرأ هنا تأملات أندري بازان وتحليلات جيل دولوز الفلسفية حول ماهية الصورة السينمائية...

2 - كتابة موازية: تأتي بعد العمل السينمائي، وهي ميدان ثان مقابل، بهدف رسم التجربة وفعل الخلق، وهنا يعمل التكوين السينمائي في تشكيل الأثر المكتوب الذي يظل أثراً تاريخياً عميقاً، ساحراً لذاته مهما بلغ شأو الصورة. ثم أليست الأفلام الخالدة هي تلك التي تعكس ملحمية الرواية وإيقاعية الشعر وصفاءه دونما انسلاخ عن خالص الجوهر الصوري المؤسس لكل فيلم، كما تُبين ذلك أفلام اليابانيَّيْن أكيرا كيروزاوا وميزوكوشي.

وتتميز الكتابة الموازية بقوة أدبية وغنى أسلوبي وبلاغي، كما نجد في كتابات جان كوكتو وبيار باولو بازوليني مثلا، اللذين كانا أيضا روائيَّيْن وشاعرَيْن. هنا الفنان يظل نفسه، درجةُ تمكُّنِه من الوسيلة هي المحدِّدة لإطار تعبيره الفني. ويبقى دائماً ظلُّ العمل على الورق، يترجم السينمائيُّ ما تكتبه الصورة، التي مهما اتسعت نواحي حريتها تضيق.

3 - كتابة إلحاقية: هي رغبة نقدية، تعريفية أو توثيقية، تُكمل العمل السينمائي أو تعضده، تنطلق منه لتعلقها الجامح بالمكتوب، يُلجأ إليها حينما يتأمل السينمائي عمله بعيداً عن ضوضاء الصناعة والجماعة، ولمّا تعاند الكلمة نزوة الترميز غير الخطي، ذلك الذي يختفي في ثنايا تلاحق صور. هي حالة استمرار للفيلم، يتجاوز المخرج قيد المونتاج التام وساعات العرض المحددة، ويبدأ الخطاب الذي إن أمسك به مبدع (مخرج أو مشاهد خاص)، يصير لائحة من الكشوفات النيرة. نستحضر هنا أحاديث فيلسوف السينما جان لوك كودار الكثيرة والعميقة الدلالة، والتي تتعالق مع أفلامه بشكل عضوي، أو أكيرا كيروزاوا وهو يحلل ويكشف إحدى صورة البليغة، مثلاً لقطة مكبرة لصف من النمل على ساق زهرة بألوان طبيعية، أو الأحاديث العميقة التي أدلى بها ألفرد هيتشكوك للفرنسي الرائع فرانسوا تروفو.

4 - كتابة توظيفية: تأخذ وتقتبس وتستثمر الإرث السينمائي الكبير، قصد الاشتغال في حقول معرفية أخرى. تتولى الصورة السينمائية مكانة المرجع الذي يساند الأطروحة، ويوسع النقاش، ويغني المقال. اللقطة السينمائية كصفحة مرقمة تتم العودة إلى مشاهدتها. هامش يُحال عليه لتأكيد الفهم ولتأريخ الحدث كفقرة في رواية. ينكتب النص في هذه الحالة انطلاقاً من لمسة تقنية بارعة، محرِّرة بالفعل مخزوناً ما من الإبداع الحِرَفي.

في النهاية تبدو الكتابة عن السينما فتحاً لآفاق جديدة جدة السينما ذاتها، أرستها ضمن ما أرست من مهن وفرجة وشعب دراسية.. حتى صار ضرورياً أن تتبع الكتابة المشاهدة أو تسبقها كما لو أن المتعة تكون بدون ذلك ناقصة أو على الأصح أن تزداد. إن نصاً لشخص ذي مقدرة على تكوين جملة بعينها عن شريط سينمائي، تجعل هذا الشريط يسمو ومشاهده ينشرح. من ثم تبدو الكتابة المقصودة عملاً هاماً، بل انجازاً، حينما يكون التوافق بين الصورة المتحركة وإيحاءاتها البلاغية على مستوى الكتابة.

الحياة اللندنية في

03/12/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)