حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

النجوم يتهافتون على التصوير في شوارعها

السينما العالمية تتجمل بلقطات إماراتية

محمد رُضا

الاهتمام الإعلامي الكبير باختيار شركة “باراماونت” دبي مكان تصوير الجزء الرابع من مغامرات “المهمّة مستحيلة” وعنوانه “المهمّة مستحيلة: البروتوكول الشبح” كان في محلّه . والأثر الذي تركه في ساحة الإنتاجات السينمائية العالمية بالغ الأهمية في عالم مليء بالاختيارات ومتخم بالمنافسة بين الدول الساعية لأن تعرض خدماتها المختلفة مقابل أن تجذب رؤوس الأموال والمشاريع السينمائية اليها .

الفيلم، الذي يخرجه براد بيرد منتقلاً من عالم أفلام الأنيماشن إلى السينما الروائية الحيّة ويقوم ببطولته توم كروز، صوّر في دبي قدراً لا بأس به من مشاهده، وجال فريق العمل أنحاء مدينة دبي بحثاً عن الأماكن الصالحة لتصوير مشاهد جلّها من المطاردات التي تتطلّب خبرة مهنية عالية . والصحف السينمائية المتخصصة بصناعة وإنتاج الأفلام وهي “ذ هوليوود ريبورتر” و”فاراياتي” و”سكرين إنترناشنال” لم تكتف بإيراد الخبر على صفحاتها ومواقعها، بل اهتمت بنشر صور للقاء الذي تم بين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبين المنتج والممثل توم كروز الذي أصبح لديه، بلا ريب، إلمام أكبر لا بالحياة الإماراتية فحسب، بل بصنو الشخصية العربية الواعية والمنفتحة والقيمة الكبرى للتقاليد الإنسانية والحضارية لبلد بات نموذجاً لما تطمح إليه العديد من دول العالم من استقرار ونجاح .

فيلم توم كروز الجديد هذا، لن يكتفي بتصوير مشاهده في دبي، بل هناك، وحسب السيناريو مشاهد سيتم التقاطها في فانكوفر، في كندا كما في ستديوهات براغ، في الجمهورية التشيكية .

والمتوقّع حدوثه، حين ينطلق الفيلم الى عروضه العالمية خلال الصيف المقبل، طغيان تلك المشاهد التي سيتم تصويرها في دولة الإمارات على سواها ليس فقط لأن جزءاً لا بأس به من الأحداث يدور فيها، بل أيضاً لأن الغرب اعتاد أماكن التصوير الأمريكية والكندية والأوروبية الغربية والشرقية والجديد دائماً يفوز على القديم خصوصاً في المجال البصري، حيث تتسع حدقة العين مندهشة وهي

تتابع أحداثاً تقع في بلد تتعرّف فيه، ولو يسيراً، على ثقافة ومجتمع وتكوين جغرافي ومعماري يختلف تماماً عن المعتاد .

دبي ستكون محطّة فيلم آخر عنوانه “فلامينغو دبي” من بطولة الفرنسية فانيسا باراديز وسيرجيو لوبيز، كما تستضيف الممثل والمنتج الأمريكي شون بن المعروف ضمن برنامج الدورة السابعة من مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي تشير كل الأنباء المنشورة منها وتلك التي لا تزال خفية، بأنه سيكون مفاجأة المهرجانات العربية هذا العام .

ومع أن فيلم “لعبة عادلة”، الذي تم إنتاجه إماراتياً، وهو بطولة شون بن وناوومي ووتس، فشل في حشد جمهور أمريكي غفير (رغم أنه تمتّع بتقدير عال بين النقاد الأمريكيين والغربيين عموماً) إلا أنه سجّل جانباً آخر من الحضور الإماراتي في الساحة الدولية . والواقع أن مسألة الربح والخسارة تتبع خبرات عليها أن تتوفّر بكثافة وعقول تعمل بمنأى عن الأماني والتمنيات وحدها، ولديها معلومات فعلية عن أوضاع السوق وأحواله المختلفة . الصعوبة هنا هي كيف يمكن أن يلتحق الإنتاج المحلّي غير العربي بعداد الأفلام الثلاثة الناجحة بين كل عشرة أفلام منتجة وليس العكس . معادلة تتطلّب إلماماً يبدأ من السيناريو وينتهي الى آخر تفاصيل العرض والتوزيع . لكن إذا كان النجاح أمراً بالغ الأهمية فإن المثابرة لا يقل عنه أهمية . إنه ما يحفر الأساس ويرفع البنيان ويحقق النتائج المأمولة .

كل ذلك، وسينما الكيان العدو القابع في هذه المنطقة من العالم تسعى بشكل حثيث لجذب الشركات للتصوير فوق فلسطين، ولا أحد يأتي . أحد الإعلانات المنشورة في الصحف الأجنبية ومواقعها مؤخراً، تُظهر فتاة صغيرة تجلس على أرجوحة وفوقها عبارة تدعو للمجيء والتصوير في “اسرائيل” واكتشاف الوجه السلمي منها . محاولة مستميتة وشبه يائسة لجر قدمي الشركات الأجنبية للتصوير هناك . لكن ما يواجه هذه المحاولة بجدارة هو اختيار الإمارات، وليس الكيان الصهيوني، مكاناً لتصوير واحد من أكثر أفلام العام المقبل ترقّباً وأكثرها بذخاً (تجاور ميزانية “المهمة مستحيلة 4” المئة مليون دولار) .

إلى هذا لابد من الإشارة إلى أن هناك حالياً ما لا يقل عن عشرة مشاريع سينمائية عالمية سيتم تصويرها في ثلاث دول متجاورة وهي الإمارات وقطر والأردن من بينها فيلم من بطولة أنطونيو بانديراس بعنوان “ذهب أسود” وآخر من إخراج الألماني المعروف فرنر هرتزوغ عن الكاتب البريطاني الراحل غرترود بل، وثالث من المفترض أن يكون تصوير بعض مشاهده انتهى، ويجمع بين الأمريكي روبرت دي نيرو والبريطاني جاسون ستاتام بعنوان “النخبة القاتلة” . 

هوليوود تستعير الكوميديا الفرنسية

منذ سنوات ازداد الطلب الأمريكي على الأفلام الفرنسية، ليس بدافع عرضها في البلاد، ولا رغبة في توزيعها في مناطق أخرى من العالم، بل استيحاء لأحداثها ورغبة في إعادة صنعها بالكامل .

هذا الأسبوع ينطلق فيلم “الأيام الثلاثة المقبلة” الذي يقود بطولته راسل كرو في دور زوج ليس لديه وسيلة لإخراج زوجته (إليزابث بانكس) من السجن الذي أودعت فيه بتهمة قتل رئيستها في العمل، إلا بحياكة خطّة خطفها من المستشفى الذي دبّر أمر انتقالها إليه .

الفيلم من إخراج بول هاجيز الذي سبق له بإخراج “صدام” و”وادي إيلا” لكنه اشتهر أكثر بما كتبه من سيناريوهات مثل تلك الثلاثية التي وضعها للمخرج كلينت ايستوود وشملت “مليون دولار بايبي”، و”رايات آبائنا”، و”رسائل إيوو جيما” ومثل سيناريو آخر فيلمي جيمس بوند شاهدناهما وهما “كازينو رويال” و”كَم العزاد” .

لكن في حين أن تلك السيناريوهات كانت مقتبسة من أعمال أدبية فإن سيناريو هذا الفيلم، الذي قام هاجيز بكتابته بنفسه، مأخوذ عن فيلم فرنسي عنوانه “أي شيء لأجلها” أطلقته السينما الفرنسية قبل عامين وحقق نجاحاً محدوداً .

النسخة الجديدة ممتازة في تنفيذها، لكنها ما زالت واحدة من العديد من الأفلام الحديثة التي تم اقتباسها من أعمال السينما الفرنسية . كما لو أن هوليوود ما عادت تمتلك الأفكار التي يمكن معالجتها، أو كما لو أن هوليوود قررت أن النظرة الطازجة للمواضيع المختلفة تفرض عليها البحث عن مصادر أجنبية لها . مهما كان من أمر فإن “الأيام الثلاثة المقبلة” ليس سوى آخر العنقود قبل أن تتبعه مشاريع أخرى منقولة من السينمات الأوروبية المختلفة وعلى الأخص الفرنسية .

الموجة فعليا بدأت في الثمانينيات . قبل ذلك، هناك حفنة من الأفلام التي اقتبستها السينما الأمريكية من جارتها الفرنسية . لكن من مطلع الثمانينيات ارتفعت الوتيرة على نحو ملحوظ حتى بلغ عدد أفلام هذه الموجة نحو خمسين فيلماً حتى الآن . ففي سنة 1982 شاهدنا “اللعبة” وهو فيلم كوميدي من بطولة الراحل رتشارد بريور عن فيلم أخرجه فرنسيس فيبير أولاً . الكوميديا هي أيضاً مفتاح اقتباس الفيلم الذي قام توم هانكس ببطولته تحت عنوان “الرجل ذو فردة الحذاء الحمراء” عن فيلم فرنسي بالعنوان نفسه، ومن بطولة الكوميدي بيير ريشار .

في الفترة ذاتها تمت إعادة صنع واحد من كلاسيكيات السينما الفرنسية الجديدة وهو “نفس لاهث” الذي حققه قبل خمسين سنة الفرنسي جان-لوك غودار . النسخة الفرنسية كانت من بطولة جان-بول بلموندو وجين سيبرغ . الأمريكية قادها رتشارد غير وفاليري كابرينسكي .

وأحد النجاحات الأولى تمثّلت بفيلم “ثلاثة رجال وطفل” الذي اجتمع له، سنة 1987 كل من توم سيليك وستيف غتنبرغ وتد دانسون . وفي العام نفسه قام المخرج الأمريكي المبتعد بول مازورسكي بتحقيق فيلم عنوانه “صعلوك بيفرلي هيلز” من بطولة نك نولتي ورتشارد دريفوس وبت ميدلر . الفيلم نال نجاحاً تجارياً ملحوظاً لكن القليلين يعرفون أن الأصل هو فيلم من روائع جان رنوار حققه سنة 1932 بعنوان “بودو الذي أنقذ من الغرق” مع ميشيل سيمون في دور البطولة .

جل هذه الأفلام كوميدية لكن هناك أعمالاً درامية وتشويقية من بينها، من دون ترتيب “ديابوليك” (1996)، “كليو” (2009)، “سومربي” (1993) و”والدي البطل” (1994) .

والاقتباس لن ينته قريباً، في قيد الاستنساخ، الفيلم البوليسي “36” وفيلم الرعب “ذئب في باريس” والكوميديا العاطفية “ريفيفي” من بين أخرى، وهذا الأخير سيقود بطولته آل باتشينو الذي كان صرّح مؤخراً بأنه أخطأ في اختياراته من الأفلام خلال السنوات الخمس الأخيرة .

كذلك، هناك نيّة، ولو غير مؤكدة، بإعادة تحقيق فيلم “الجزائر” الذي تم إنتاجه فرنسياً سنة 1937 تحت عنوان “بيبي لو موكو” من بطولة جان غابان، وأعيد إنتاجه أمريكياً سنة 1983 من بطولة الفرنسي شارل بوييه . 

أوراق ناقد

الفشل ليس حلاً

الإقبال المرتفع الذي يلاقيه عادل إمام عبر فيلمه “الزهايمر” ليس نجاحاً إلا من زاوية ما يعود به إلى ذلك الممثل المخضرم من مكاسب معنوية ومادّية . الحقيقة، هي أن استمرار نجاح عادل إمام وفشل معظم الأفلام الأخرى في تحقيق نتائج موازية ما يجعل المسألة أقرب إلى حفرة يقع فيها الإنتاج المصري بكامله هذه الأيام ومنذ بضع سنوات .

الأكثر من ذلك، أن الإقبال شبه الدائم على الأفلام الكوميدية المصرية دون سواها، هو أيضاً ليس نجاحاً للسينما المصرية بل تضييق خناق . أفلام العيد، إذا ما تابعناها، هي مجموعة من الأفلام الكوميدية ذات المستوى الراضخ لما يطلبه الجمهور، أو بالأحرى، لما يطلبه فريق من الجمهور مع تجاهل الفئات الأخرى منه .

إنها أفلام مثل “سمير وشهير وبهير” و”عائلة ميكي” و”ولاد البلد” و”الرجل الجامد بسلامتو” و”محترم إلا ربع” و”ابن القنصل” و”بلبل حيران” مع ممثلين أمثال أحمد السقا ومحمد رجب ومحمد لطفي وشيكو وأحمد فهمي، وسواهم .

تغيب عن الساحة الأنواع التي عرفتها السينما المصرية في عصرها الذهبي وما قبل وما بعد: الأفلام المقتبسة عن الروايات الأدبية، سير الشخصيات، الدراميات الاجتماعية، القصص العاطفية الرصينة، وحتى أفلام الأكشن والتشويق .

بالتالي، لو كنت في القاهرة وتريد أن تشاهد فيلم أكشن ما عليك سوى الذهاب الى حيث يُعرض فيلم “لا يمكن إيقافه” مع دنزل واشنطن، وإذا أردت فيلماً تشويقياً خفيفاً فعليك ب”أحمر” مع بروس ويليس او بفيلم “الأيام الثلاثة المقبلة” بطولة راسل كرو إذا كانت النيّة فيلماً تشويقياً جاداً ومدروساً .

طبعاً كلها أفلام أمريكية بسبب سوء معاملة الموزّعين العرب عموماً للأفلام غير الأمريكية . لكن على الأقل، هناك صنعة جيّدة بالنسبة لنصف المعروض من هوليوود، بينما يغيب هذا المستوى عن معظم المطروح من قِبل واحدة من أهم سينمات المنطقة .

على هذا الأساس، فإن عدو السينما المصرية الأول ليس من يكتب منتقداً، بل من يصنع هذه الأفلام التي تحد من قدرة المشاهد، أينما كان، على التفكير . وليس من يتمنّى لها العودة إلى الوضع الذي يمكن معه الحفاظ على عناصر تلك الصناعة، بل من يختصر الطريق دوماً صوب الربح السريع، ويرفض أن يتحمّل مسؤوليّته حيال الوطن والمواطنين . حيال الإسهام في رفع مستوى الفن والثقافة عبر الإقدام على أفلام تطرح ما يُفيد أو ما يُثري أو ما يحمل، على الأقل، ترفيهاً واعياً ومصنوعاً بمعايير ذكية .

لقد ارتاح المنتجون العاملون إلى هذه النوعية من الأفلام مركّزين جل طاقاتهم (وأموالهم) فيها . كذلك فرح العديد من المخرجين الجدد بأن المنتجين يطلبونهم أكثر من سواهم لإنجاز هذه الأفلام . لكن هذا بالتحديد مصدر الأزمة ذلك أنه يعكس الفشل في مواصلة ما حفلت به السينما المصرية من أمجاد ويدفع بالإنتاجات إلى هاوية فعلية . إنه الفشل حتى مع إنجاز حفنة من هذه الأفلام ما يكفي لاسترداد تكاليفها . والفشل لا يجب أن يكون حلاً .

م .ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

28/11/2010

 

جديد بول هاغيز وراسل كرو

«الأيام الثلاثة المقبلة»..الهروب من السجن دون معلّم

زياد عبدالله 

مهما بدت الحياة هادئة ومستقرة فإن شيئاً سرعان ما يندلع، حدث جلل لن تنجيك منه التوقعات ولا الحرص ولا حتى الوساوس. المسألة مسألة وقت، السينما إن أرادت للأكشن أن يحدث فليس هناك ما يمنعها، يمسي كل شيء تمهيداً له وسرعان ما يندلع وتنقلب حياة الشخصيات رأساً على عقب.

هكذا ستقول لنا السينما الأميركية، وعلى شيء يجعل ذلك متكرراً إلى ما لا نهاية، الزوايا حادة، الكاميرا سرعان ما تدور وتركض وتلهث، والبطولة دائماً مسألة وقت، كل من يتعرض لظلم أو يجابهه الأشرار سرعان ما يمسي قادراً على سحق جميع الأعداء والانتصار لما نكون متعاطفين معه. لا داعي للهلع أو الترقب فالنهاية لن تكون مخيبة، مع ذلك يمضي الفيلم كل الفيلم في بناء هذا الترقب وتضليل المشاهد وإيهامه بأن البطل في خطر داهم وهو لن ينجو، لكن دائماً تتصاعد الأحداث والمخاطر وينجو البطل، ينتقم، يقتل، بما يضمن نجاحه بالوصول إلى بر الأمان الذي يستحقه.

بول هاغيس سيفعل ذلك في جديده The Next Three Days (الأيام الثلاثة المقبلة) الذي يعرض حالياً في دور العرض المحلية، حيث يمكن مشاهدة الفيلم دون توقع شيء، مثل «كراش» كما فعل في ذلك الفيلم الذي كتبه وأخرجه عام ،2004 وحصد عليه ثلاث أوسكارات، بما فيها أوسكار أفضل فيلم في ذاك العام، وقدم فيه أربع قصص تدور أحداثها في لوس أنجلوس تبدو منفصلة وسرعان ما تتشابك وتتصل. هاغيس حينها أثبت أن جودته مخرجاً تضاهي جودته كسيناريست، هو الذي كتب سيناريوهات أفلام كثيرة لكلينت ايستوود مثلما هو الحال مع «طفلة المليون دولار» وأفلام أخرى كثيرة، ولتكون الأفلام التي يخرجها من كتابته أيضاً. في فيلمه «الأيام الثلاثة المقبلة» ستكون لعبة الفيلم قديمة، لا جديد فيها إلا الإكثار من الحذاقة والتذاكي، كما هو الحال في أي فيلم يسعى الى التشويق والإثارة، ولن يكون الفيلم إلا فيلم راسل كرو تماماً، وكل شيء عنه وحوله. لا يمهلنا الفيلم كثيرا، جون (راسل كرو) مع زوجته لارا (اليزابيث بانكس) في سهرة تنتهي بخلاف بين لارا وزوجة أخيه، بعد الحديث عن ضرورة ألا تكون ربة عمل المرأة امرأة أيضاً، ومن ثم وفي الصباح الباكر وبعد تعرفنا الى حرارة الحب الذي يجمع لارا بجون سنقع عليهما مع ابنهما، ومن ثم طرقات قوية على الباب فإذا بها الشرطة وقد جاءت لاعتقال لارا بتهمة القتل.

كل الأدلة تشير إلى أن لارا هي قاتلة رئيستها في العمل، بصماتها على أداة الجريمة ، آثار دماء الضحية على معطفها، وهناك أيضاً زميل لها في العمل شاهدها تغادر موقف السيارات الذي حدثت فيها الجريمة، التهمة جاهزة وما من منفذ للخروج منه إلى ضفة البراءة المتأكد منها جون، الساطعة سطوع الشمس بالنسبة إليه فقط. هذا يحدث في مئات الأفلام والمسلسلات وعلى مبدأ «ياما في السجن مظاليم»، وبالتالي فإن خيارات الفيلم أصبحت إما في أن يكون وراء هذه التهمة أشخاص متربصون بجون، وبالتالي سنكتشف جانبا خفياً من حياته لا علاقة له بتدريسه اللغة الانجليزية وآدابها، وهم من أوقعوا بزوجته عقابا له على شيء نجهله، أو أن يتفرغ ويمضي يبحث عن الحقيقة ويلعب دور المحقق الشخصي الذي يستثمر ذكاءه وحكمته في اثبات براءة زوجته.

لكن جون لن يمضي في كلا الخيارين، بل سيقرر تهريب زوجته من السجن، سيقع على خيار سيجده في البداية متأتياً من فهمه لشخصية «دونكي خوته» كما يدرسه لطلابه، سيصارع طواحين الهواء لكن الحقيقية هذه المرة، وسيمضي بحثه في اتجاه إيجاد ما يمكنه عمله في هذا الخصوص، هو الذي سيثبت لنا في النهاية بأنه خارق الذكاء. السؤال عن الكيفية التي سيقوم بها جون بتحقيق هرب زوجته سيكون كل ما سيحمله الفيلم، وهو يضعنا هذه المرة أمام هرب لا يشبه الهرب من «إصلاحية شوشان»، بل الهرب سيأتي من الخارج ودون أن يكون من تنفيذ عصابة محترفة، بل من قبل إنسان عادي لن يبقى عادياً أبداً، لا بل سرعان ما سيتكشف عن براعة لن تكون إلا إجرامية في النهاية، دون أن تتمكن الصعاب التي يتعرض لها، وهو يبحث عمن يزوده بجوازات سفر ورخصة قيادة مزورة، أن تنسينا أنه لا علاقة له بالعوالم التي يخوض غمارها، فهو سرعان ما ينجح في السطو على أموال تاجر مخدرات، ونحن نراه لا يعرف أين يضع الرصاص في المسدس الذي يشتريه.

الثلث الأخير هو مربط فرس الفيلم، وهنا ستكون العودة إلى كيف ينفذ جون مخطط هرب زوجته ومعها أيضا ابنه، حيث تمضي خطته المحكمة بعد تمضيته وقتاً يتعلم فيه كل ما يحتاجه من دون معلم، وعبر الانترنت، يقابل شخصاً (ليام نيسون) حاول الهرب من السجن ثلاث مرات، يضع هذا الأخير طرف الخيط بيد جون، وليمضي بعد ذلك ويتفوق على كل من خطر في ذهنه يوماً الهرب من سجن.

الدقة في التنفيذ ستواجه ببعض الصعاب التي تضطره الى بعض التعديلات الطارئة، لكن لا تخافوا أبداً، فثمة حلول لا نهاية لها سيكون جون مستعدا لها، وليبقى السؤال، هل سينجح؟ سؤال اصبحت الإجابة عنه لا تستدعي المشاهدة، لكن لا بأس من بعض التحفيز الذي يبقى متصلا في النهاية، شاكرين السيد هاغيس على فيلم سرعان ما يتحول إلى فص ملح ويذوب.

السينما وزيادة وزن الحياة

زياد عبدالله. إنها حقيقة مفزعة بالتأكيد أن يكون كل ما نعيشه لا يزن أكثر من «21 غراماً» أي ما يعادل «نكلة» أو «قطعة شوكولاتة» كما يرد في نهاية فيلم أليخاندرو غونزاليس انياريتو المعنون «21 غراما» انتاج عام ،2003 لا بل إن توصيفها بالمفزعة ليس دقيقاً تماماً، فهذه المعلومة محملة بالعبث والعدم، فنحن حين نموت يخف وزننا الى 21 غراما، وليكون ذلك وزن كل حياتنا كونه وزن الذكريات والمشاهدات والأحاسيس والمشاعر التي عشناها.

حسناً، لم أعرف يوماً مصدر هذه المعلومة، ولم يستدع الأمر فضولا علميا، طالما أنها حقيقة لنا أن نقبلها مجازياً، كون الموت ليس إلا إيقافاً لكل ما عشناه بحلوه ومره، لكن تبقى ضآلة الوزن، خفة ما نعيش إن كان لا يتعدى الغرامات القليلة، لكن من يأبه أيضاً لذلك، فهل الأشياء تقاس بأوزانها، وهل لنا أن نعيش ما يزن فيلاً مثلا، أما ان المشاعر المفرطة لها أن تثبتنا على الأرض أكثر ونحن نريد لها أن تكون من الوزن الثقيل.

يأتي ذلك من حقائق علمية يحملها كتاب بعنوان The Minds Eye «عين العقل» الصادر هذا الشهر للكاتب أوليفر ساكس والطبيب المختص بالأمراض النفسية والعصبية، والذي لن يكون بحال من الأحوال على علاقة بالسينما أو النقد السينمائي لا من قريب ولا من بعيد، لكن في ما يرد في كتابه يدفعنا الى استعادة انياريتو، حيث ترد في الكتاب معلومة مفادها أن «كل أفكار الإنسان وذكرياته وعواطفه وتصوراته للكون والعالم، إضافة الى وعيه الذاتي، ليس إلا 1.5 كيلوغرام من قوام لزج جيلاتيني من الدهون والبروتينات والسكر والأملاح في الدماغ».

في هذه الحقيقة أيضاً ما يدفع الى مشاعر متضاربة، ولعل هذه المشاعر أيضاً لن تكون إلا معطى لتلك المادة اللزجة في الدماغ، وعلى شيء يدفع الى التفكير بفيلم عنوانه «واحد ونصف كيلوغرام من الحياة»، له أن يبدأ بمشهد افتتاحي يتمثل بأحدهم يشتري هذا المقدار من الجيلي، أو يصنعه بخلط البروتينات بالسكر، وإضافة بعض الأملاح المعدنية وغير المعدنية وشيء من الدهون، ليقول ها هي كل حياتي، حيث السكر لتلك المرأة التي أحبها، بينما تطفو الأم من طعم الملح الذي خلّفه غيابها، وهـــكذا في ما لا يخضع لأي معايير علمية، حيث تتحول المواد إلى معادلها الحياتي، بلا منطق، الذي ينعدم تمـــاماً أمام وقع الحــقائق العلمية، ودون أن تكون أيضاً هـــناك عملية نقل قلب رجل يموت إلى رجل تكتب له الحياة ليحب به المرأة نفســـها كما في فيلم «21 غراما»، أي دون ميلودراما مضخمة، فالأمر لا يتعدى الجيلي، الجيلي نفسه القادر أن يكون راقصاً وملوناً أو تافهاً لا معــنى له والخيار لنا. 

الإمارات اليوم في

28/11/2010

 

براد بيت في ظل شجرة تيرينس ماليك

دبي ــ الإمارات اليوم

لم تكن 2010 سنة براد بيت السينمائية أبداً، فهو لم يقدم في هذا العام أي فيلم، عدا ظهوره بالصوت دون الصورة في فيلم الرسوم المتحركة «ميغا مايند»، وذلك بتقديمه صوت شخصية «مترو مان». هذه الحقيقة ستقودنا من بيت إلى المخرج الأميركي تيرينس ماليك وفيلمه «شجرة الحياة» الذي كان مرتقباً بقوة في أغلب المهرجانات السينمائية الدولية لهذا العام، بدءاً من «كان» وصولاً إلى «البندقية» والتي كانت جميعاً تدرجه على برامج مسابقاتها وسرعان ما يعتذر ماليك عن تقديمه لأنه لم يفرغ منه بعد.

براد بيت يلعب البطولة في «شجرة الحياة»إلى جانب شون بين، والفيلم سيطلق في صالات العرض العالمية العام المقبل، متخطياً كل المهرجانات التي كانت تتوق إلى عرضه، لأنه أولا وأخيرا من إخراج ماليك الذي يعتبر واحدا من أهم المخرجين الحاليين في العالم رغم أن حصيلة مسيرته السينمائية لا تتعدى الأربعة أفلام، وهو عرضة للانقطاع المفاجئ عن تصوير أي فيلم كما حصل معه قبل فيلمه «خط أحمر رفيع» ،1998 الذي تفصله 20 سنة عن «أيام الجنة» 1978

آخر فيلم شاهدناه لماليك كان The New World (العالم الجديد) 2005 الذي صوره بكاميرا 65 ملليمتراً، الكاميرا التي توقف التصوير فيها منذ ما يقرب الـ10 سنوات، حيث إن آخر فيلم صور بهذه الكاميرا فيلم كينيث براناه «هاملت». كما أن الإضاءة كانت إضاءة طبيعية بالمطلق لم تستعمل فيها أية أضواء اصطناعية، ولم تستعمل أيضا الرافعات، وترك لفريق التصوير حرية التصوير المتواصل بغية التقاط أي مشهد عرضي أو لقطة خارج سياق الفيلم ليتم تطويعها أثناء عمليات المونتاج.

إيراد ما تقدم له أن يضعنا أمام آليات اشتغال ماليك السينمائية، من خلال «العالم الجديد» الذي يروي قصة الكابتن جون سميث (كولين فاريل) الرحالة والمكتشف البريطاني الذي يصل شواطئ فرجينيا في القرن السابع عشر، ويقع في سحر جمال طبيعتها ونقاء الحياة التي تعيشها قبيلة «بوكاهونتاس»، وليبقى ماليك ذلك المخرج المقل الذي لا تتعدى زوادته السينمائية الأربعة أفلام وليكون «شجرة الحياة» خامسها، وترقبه واجباً لكل عاشق للسينما، وبما يجعل الدور الذي يجسده براد بيت في هذا الفيلم كافياً بالنسبة إليه، ربما!

الإمارات اليوم في

28/11/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)