حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الكبار غاضبون يتساءلون في جنون!!

طارق الشناوي

كيف نجد حلاً لهذا المأزق الذي يثير غضب كبار نجومنا وهي موقعهم في التترات وعلى الأفيش.. دائماً ما يشكو الكبار من تدخل المخرجين بحذف مشاهد لهم ولا ينتهي الأمر عند تلك الحدود ولكن أحياناً يتدخل أيضاً النجوم الجدد ويحذفون مشاهد من أدوار الكبار!!

في مذاكرته روى "عماد حمدي" تلك الواقعة التي تعرض لها في فيلم "سونيا والمجنون" بطولة "محمود يسن" و "نجلاء فتحي" و "نور الشريف" اكتشف "عماد" أن لقطات رئيسية له قد تم حذفها مما يؤثر على تتابع أحداث الفيلم.. سأل "عماد" المخرج "حسام الدين مصطفى" لماذا تفقد فيلمك مصداقيته وتجعله غير مفهوم للجمهور بعد حذف كل هذه اللقطات التي صورتها لي؟ أجابه أفقد الفيلم مصداقيته ولا أفقد لقطة واحدة صورتها لنجلاء و "محمود يسن" و "نور الشريف".. الجمهور يدفع التذكرة لكي يراهم على الشاشة؟!

واكتشف "عماد حمدي" نجم مصر في الأربعينيات والخمسينيات مدى قسوة الزمن عليه في السبعينيات ولو راجعت تترات الفيلم لاكتشفت أن اسم "عماد" لم يأت فقط تالياً لنجلاء ومحمود ونور ولكن سبقه "سعيد صالح" و "حياة قنديل" و "روحية خالد"!! ولم يكن "عماد" فقط الوحيد الذي يأتي اسمه تالياً لأحد نجوم مصر في ذلك الحين قبل أكثر من 35 عاماً.. "أحمد مظهر" ، "شكري سرحان" ، يحيى شاهين" ، "كمال الشناوي" ، "فريد شوقي" ، "مريم فخر الدين" ، "مديحة يسري" كل هؤلاء وغيرهم سبقهم نجوم ونجمات السبعينيات بل إن "فؤاد المهندس" أستاذ "عادل إمام" بشهادة "عادل" والذي قدمه في أول أدواره التي لفتت إليه الأنظار في مسرحية "أنا وهو وهي" عندما أشترك "فؤاد" في بطولة فيلم "خللي بالك من جيرانك" جاء اسمه بعد "عادل إمام" و "لبلبة" وكل اللقاءات التي جمعته بعد ذلك مع "عادل" جاء اسمه تالياً لـ "عادل"!!

كانت مثل هذه المواقف في الحياة الفنية تتم بدون أي حساسية من الطرفين وطبقاً لمجريات السوق.. "نور الشريف" مثلاً طالب قبل عامين أن يسبقه "أحمد عز" في فيلم مسجون ترانزيت" بينما "عز" قال لا يمكن ولن أقبل ذلك وأصر على أن يأتي اسمه تالياً لنور الشريف ثم وجدوا الحل على الأفيش ولم تكتب الأسماء.. في فيلم "إبراهيم الأبيض" حدثت مشكلة بين "محمود عبد العزيز" و "أحمد السقا" بعد أن تم حذف بعض مشاهد "محمود عبد العزيز" رغم أن "السقا" قبل أقل من عشر سنوات كان يشارك في فيلم "هارمونيكا" تحت المظلة الجماهيرية لمحمود عبد العزيز.. في فيلم "الجزيرة" مع "محمود يسن" احتل "السقا" المساحة الأكبر على الأفيش واسمه سبق "محمود يسن" و"محمود" لم يعترض واعتبر أن هذا هو قانون السينما!!

لقد رفع "نور الشريف" في الثمانينيات شعار "اللي أجره أكبر مني يسبقني على الأفيش" وهي قاعدة تعبر بالأرقام عن مدى جاذبية النجوم في شباك التذاكر لأن الأجر الكبير يعني مردوداً واضحاً عند الجمهور دافع التذكرة.. الكل يحرص على أن يأتي اسمه في البداية وبدأ البعض في البحث عن حلول لإرضاء كل الأطراف.. حدث مثلاً في مسلسل "حرب الجواسيس" الذي عرض في رمضان قبل الماضي حيث كتبت أسماء كل الممثلين قبل "هشام سليم" ولكن المخرج "نادر جلال" وجد حلاً عبقرياً وهو أن يكتب هذه العبارة كل هؤلاء يلتقون مع "هشام سليم" وأرضى هذا الحل "هشام" وأرضى أيضاً "منة شلبي" التي كتب اسمها في بداية التترات!!

الدستور المصرية في

17/11/2010

 

"ماريان خوري"

طارق الشناوي

أسدل الستار في الأسبوع الماضي معلناً انتهاء تلك التظاهرة الثقافية الكبرى التي تقدمها بلا صخب ولا ضجيج الأوفق أن أقول بهدوء وهمس شديد المخرجة الكبيرة "ماريان خوري" وذلك للدورة الثالثة على التوالي وهي بانوراما الفيلم الأوروبي.. الحقيقة هي أن ثقافة المتفرج المصري السينمائية لا تتجاوز حدود الفيلم الأمريكي هذا هو ما يألفه ويعرفه أغلبنا حيث أن الإعلام الرسمي بل والخاص أيضاً ساهم في التأكيد على ذلك حيث لا تواجد إلا للفيلم الأمريكي على أغلب القنوات التليفزيونية.. في الماضي كان لدينا مساحة لتقديم بانوراما للفيلم الفرنسي على قناة التليفزيون الثانية ثم توقفت لأسباب غير معروفة وكانت نوادي السينما في الماضي وأعني بكلمة الماضي قبل نحو نصف قرن كانت قادرة على أن تلعب دوراً تثقيفياً في إلقاء الضوء على الأعمال الفنية غير الأمريكية ولكن مع الزمن تقلصت أنشطة تلك النوادي وانتقل لها أيضاً فيروس الأفلام الأمريكية الفيلم الأجنبي غير الأمريكي نجده فقط له مساحة في المهرجانات السينمائية القاهرة أو الإسكندرية.. وكالعادة فإن الجمهور حتى في المهرجانات يفضل الفيلم "الأمريكي" الذي يعرفه محققاً مقولة أرسطو "الإنسان عدو ما يجهل".. ما تفعله البانوراما الأوروبية وبإصرار من "ماريان خوري" هو أنها تحيل العدو إلى صديق.. في هذه الدورة كنت قد شاهدت عدداً من الأفلام من قبل في المهرجانات التي حضرتها منها "جميل" المكسيكي الأسباني المشترك الحاصل ممثله الأول "خافييه باراديم" على جائزة أحسن ممثل والذي يتناول حياة رجل يقترب من مشارف الموت ولكن ما يؤرقه هو توفير الأمان لأسرته بعد رحيله خاصة وأن زوجته وقعت في إدمان الخمور.. الخيط الدرامي السحري في هذا الفيلم هو أنك تظل تغفر للرجل أخطائه الصغيرة في محاولاته غير المشروعة لتوفير الأمان المادي ولو لبضع سنوات قليلة قادمة لأسرته بعد رحيله.. وفي البانوراما أيضاً الفيلم الفرنسي الممتع "رجال وآلهة" الذي يستند إلى واقعة حقيقية حدثت عام 1996 في ذروة التطرف الإرهابي الذي رفع شعار الإسلام في الجزائر.. الفيلم يقدم العلاقة الحميمة بين الكهنة الفرنسيسكان في تلك القرية والمواطنين ثم كيف أن الإرهاب بعد أن أطل برأسه أحالهم من أصدقاء إلى أعداء وانتهى بجرائم قتل لعدد من الرهبان.. وتتعدد الأفلام الهامة مثل "أزرق صادم" الهولندي ، "زنديق" الفلسطيني ، "مرحباً" الفرنسي" والذي سبق عرضه بمهرجان الإسكندرية وحصل على جائزة "عروس البحر" و"الشريط الأبيض" الألماني الحاصل على جائزة "السعفة الذهبية" من "كان".

هذه الدورة من البانوراما تقدم إطلالة على سينما المخرج التركي "فاتح أكين" وهو واحد من أهم المخرجين في العالم بأفلامه "على الجانب الآخر" ، "عبور الجسر" ، "صوت اسطنبول" ، "في الجدار" ، "مطبخ الروح".. بالإضافة إلى إطلالة البانوراما أيضاً على الأفلام التسجيلية من خلال عدداً منها حاصلة على جوائز كبرى مثل "شواطئ أنييس" وأغلبها أفلاماً فرنسية ولا أدري لماذا فقط أغلبها هذه المرة فرنسية.. ويبقى أن هذه الأفلام تعرض ولديها ترجمتان إنجليزية أو عربية وأحياناً الاثنين معاً حتى تتيح الفرصة للجميع للاستمتاع بالفيلم وهي خطوة هامة جداً لا تتحقق مثلاً في بعض عروض الكثير من المهرجانات وكثيراً ما يقدم المهرجان لقاءات مع صناع الأفلام والجمهور في لقاءات متميزة مثل تلك التي استضاف فيها المخرج الفلسطيني "ميشيل خليفي" الذي يعود للقاهرة بعد أكثر من عشر سنوات.. "ميشيل" ممن تعارفنا أن نطلق عليهم "عرب إسرائيل" وهم يصرون على أنهم عرب فلسطين.. وهم مضطرون لحمل الجنسية الإسرائيلية عنوة لأن هؤلاء ولدوا بعد عام 48 عندما استولت إسرائيل على الأراضي الفلسطينية ورفضوا الرحيل وهم يعيشون في تلك الأراضي التي نطلق عليها داخل الخط الأخضر مجبرون على حمل الجنسية الإسرائيلية بينما يحملون جنسيتهم الفلسطينية في قلوبهم وإذا كانت إسرائيل تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية فإن علينا في المهرجانات العربية أن نفتح أمامهم الأبواب وهذا هو ما فعلته تحديداً "ماريان خوري".. قدم "ميشيل" أفلاماً هامة مثل "الذاكرة الخصبة" ، "اللآلئ الثلاثة" ، "عرس الجليل" وصار عنواناً بل ورائداً للسينما الفلسطينية ولكنه نادراً ما يأتي إلى مصر للمشاركة في المهرجانات وكسرت "ماريان خوري" هذا الحائط الصلد الذي يحول دون تواجده هو وأفلامه في المهرجانات العربية وهكذا رأيناه في القاهرة وكم كانت فرحته وهو بين أقرانه وجمهوره المصري.. وهو مصر على أن فيلمه فلسطيني الجنسية والفيلم إنتاج بلجيكي لأن شركته الإنتاجية هناك وهو لم يحصل على أي تمويل إسرائيلي ولا يوجد بين فريق العمل أي من الإسرائيليين.

تستحق "ماريان خوري" التحية والتقدير فهي تصنع بانوراما سنوية للفيلم الأوروبي بعدد قليل جداً من الموظفين لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة تنظم العروض وتقام الندوات وتستقبل الجمهور حتى الثانية صباحاً وتقدم أيضاً دراسات تتناول ذوق ورغبات الجمهور ونستطيع أن نرى "ماريان" تنتقل برشاقة بين مدينة نصر حيث تعرض أفلام البانوراما في سينما "سيتي ستارز" ثم تتوجه إلى حي المنيل لتعرض البانوراما بسينما "جلاكسي" وفي نفس اللحظة لتعيد للفيلم الأوروبي حقه المهدور في مصر.. قامت السينما لمصرية على أكتاف النساء أمثال "عزيزة أمير" ، "آسيا" ، "بهيجة حافظ" ، "ماري كويني" ، "أمينة محمد" ومن الواضح أن الثقافة السينمائية الأوروبية للمشاهد المصري سوف تظل عالقة باسم "ماريان خوري"!!     

الدستور المصرية في

16/11/2010

 

"منى الشاذلي" لن تذهب إلى الحظيرة!!

طارق الشناوي

اضرب المربوط يخاف السايب سواء أكان قناة أم برنامج أم مذيع.. الواقع أنه لا يوجد في الإعلام بكل أطيافه ما ينطبق عليهم تعريف "سايب" الكل "مربوط" من رأسه حتى قدميه الحقيقة هي أن الإعلام الخاص المصري بل والعربي من خلال المكاتب المصرية وبنسبة لا بأس بها تتم بين الحين والآخر فلترة البرامج التي يقدمها والسيطرة عليها.. نعم هناك هامش من الحرية للإعلام الخاص.. إلا أن العين الحمراء دائماً ما تبرق لتقول لهم نحن هنا ويتم إرسال تعليمات واضحة تطلب من القائمين على المحطات تضييق الهامش ولا يملك أصحاب تلك القنوات سوى الاستجابة الفورية.. لا أحد يستطيع سوى أن يشعر بأن الدولة في علاقتها بالإعلام الخاص تعامله بقدر كبير من الحيطة والحذر فهي تريده أن يلعب نفس الدور الذي عجز إعلام الدولة الحكومي على أن يحقق فيه أي أهداف لصالح النظام هكذا تصورت الدولة عندما بدأت قبل عشر سنوات في الموافقة على السماح لهذه القنوات الخاصة..

لا شك أن أصحاب تلك المحطات خاضعون للدولة لأنهم أساساً رجال أعمال وبالتالي لديهم مشروعات وأموالهم كلها في يد الدولة وبعضهم يتفاخرون بأنهم أعضاء في الحزب الوطني ولجنة السياسات ويباركون التوريث إلا أنهم كانوا يعتقدون أن الدولة سوف تستوعب دورهم لجذب المشاهد المصري الذي ذهب بعيداً إلى الفضائيات العربية.. إلا أن النظام لم يتحمل ذلك لأنه كلما نجحت القنوات الخاصة في اكتساب شعبية فإنها تفضح في نفس الوقت ضعف الإعلام الحكومي وهوانه ليس فقط على الفضائيات العربية ولكن أيضاً على القطاع الخاص المصري.. في البداية كان يصل شغبهم أحياناً في تلك القنوات إلى رئيس الوزراء وفي فترة سابقة كان يصل إلى حدود وزير الداخلية.. إلا أن يد النظام طالت أصحاب هذه القنوات فأصدرت تعليمات تعتبر وزارة الداخلية خط أحمر.. ما هو المطلوب من القنوات الفضائية وما هي الممنوعات التي لا يجوز الاقتراب منها؟!

الانتخابات ونزاهتها تبدو الآن خط أحمر تستطيع أن تدرك أن سقف الحرية كلما ارتفع أثر ذلك على إعلام الحكومة ولهذا المطلوب أن ينخفض إلى أقصى الدرجات لأنه طبقاً لقانون الأواني المستطرقة إذا ارتفع سقف الحرية بمقدار خمس درجات مثلاً فإن الإعلام الحكومي إذا أراد المنافسة عليه أن يرتفع بنفس النسبة ولهذا كان لابد من سيطرة الدولة على الإعلام الخاص حتى لا تفضح قصور الإعلام الرسمي.. هذا الأسلوب يذكرني ببعض بطلات السينما والتليفزيون عندما يتدخلن في اختيار الفنانات اللائي يشاركنهن البطولة ويتعمدن اختيار القبيحات عديمات الموهبة حتى تصبح المقارنة في النهاية لصالحهن ثم يتدخلن بعد ذلك في المونتاج لحذف أي مشهد مؤثر لهن.. هذا هو بالضبط ما يمكن أن تذهب إليه خطة وزير الإعلام في السيطرة على القنوات الخاصة أن يلعبوا دور الفتاة القبيحة "العانس" ليظل تليفزيون "ماسبيرو" هو – الفيديت – الحسناء إلا أن هذه الحسناء يظهر قبحها ويملأ كل الكادر بمجرد أن نرى قناة تليفزيونية عربية ويخسر في هذه الحالة الإعلام المصري بجناحيه الحكومي والخاص.. أمام كل هذه الممارسات يبدو لي وكأن معركة الإعلام الرسمي الحقيقة ليست من أجل البقاء ولكن الفناء.. آخر ورقة تلعب بها الدولة من الممكن أن تراها في هذه الشكوى التي تقدموا بها ضد "منى الشاذلي" بسبب الحلقة التي قدمتها في برنامجها "العاشرة مساء" عن مرشحي الحزب الوطني رغم أنها كانت تقف تماماً على الحياد وقدمت حلقة "مربوطة" بها أسماء معروف ولاءها للحزب الوطني والنظام إلا أنهم قرروا ضربها بحجة عدم الحياد.. ثم وجهوا لها الضربة الثانية بهذا الخبر الذي نشرته جريدة الأهرام الرسمية أكثر من مرة يشير الخبر بلهجة العارف ببواطن الأمور أن "منى الشاذلي" في طريقها إلى حظيرة "ماسبيرو" لتقدم برامجها على قنواته في حدود معلوماتي أن الخبر عاري تماماً من الصحة لا "منى" تريد ذلك ولا الإعلام الرسمي يتحملها ولكن المقصود هو ضرب المربوط ولو بإطلاق الشائعات؟!

الدستور المصرية في

14/11/2010

 

"شعبولا" فهم الفولة

طارق الشناوي

مش هانتخب البرادعي

ولا حتى في الخيال

الريس لسه كويس

والصحة عال العال

كبير وعنده خبرة

ويعرف حاجات كتير

وأهل زمان قالو لنا

إن الكبير كبير

أنا هانتخبك يا ريس

لو حتى دمي سال

وإن ما ترشحتش انت

أنا هانتخب جمال

لا يحتاج الأمر إلى ذكاء حاد من "شعبولا" وشاعره الملاكي "إسلام خليل" الذي عليه أن يبدأ أولاً بالتأكيد على أنه لا يمكن أن ينتخب "البرادعي" فهو يكره "البرادعي" مثلما يكره إسرائيل في أغنيته الشهيرة والوحيدة التي رددها له الناس.. بعد ذلك يذهب إلى تأييد الرئيس حسني مبارك باعتباره الكبير ولكن عليه أن يضع احتمال- صغنون – وهو أن ربما يتراجع الرئيس في اللحظة الأخيرة في هذه الحالة فإنه يغني "وان ماترحشتش انت أنا هانتخب جمال".. إنه يتصرف بحكمة رجال السياسة المخضرمين الحاليين هم مثله تماماً يقولون أيضاً إن ماترشحتش انت أنا ح انتخب جمال!!

لا يترك "شعبان" أي موقف متعلق بالرئاسة إلا ويسارع بإعلان تأييده الغنائي.. لا توجد مناسبة إلا وكان "شعبان" حاضراً أنفلونزا الطيور، الخنازير، المعيز كل الأحداث المحلية والقومية والعالمية وغيرها استقبلها "شعبان" بأغنية حتى حذاء "الزايدي" الذي انطلق إلى رأس "بوش" قبل ثلاثة أعوام كان "شعبان" جاهزاً له بالمرصاد بأغنية مع "إسلام خليل".. هل أحد منكم يذكر شيء من كل تلك الأغنيات.. لم يكتف "شعبان" بالغناء للرئيس وابن الرئيس ولكنه لم ينس أيضاً أغنية لحفيدة الرئيس "فريدة" بمجرد ميلادها وضع لها "إسلام خليل" اسمها في أغنية لم يرددها أحد بعده؟!

ما يدهشني في هذا الأمر ليس غناء "شعبولا" للرئيس ولكل أفراد عائلة الرئيس ولكن كيف أن الدولة لم تدرك أنه قد أصبح ورقة منتهية الصلاحية وصار يعاني حالياً البطالة والأفول ولهذا افتتح مؤخراً مقلة لبيع اللب والسوداني فلا شريط جديد ولا حفل ولا مسرحية ولا حتى فرح يدعى إليه وربما لهذا السبب قرر ممارسة لعبة التوريث وبدأ يسمح لأبنائه الثلاثة "سيد" و "خميس" و "عبد الرحيم" بالغناء لاستكمال المسيرة – الشعبولية – في صناعة الأغاني البشعولية – من البشاعة - أرجو ألا يعتقد أحد أن "إسلام خليل" يصحو في الصباح الباكر مثلاً ليقول أنا بكره البرادعي وبحب الريس وحشني الريس وعايز أكتب أغنية للرئيس فيسمح له بالكتابة للرئيس ينبغي أن يحصل فريق العمل على ضوء أخضر من الدولة بالغناء وهنا يصعد السؤال لماذا تبدو الدولة سعيدة وهي تستمع إلى "شعبولا"؟! ربما لأنها لا تزال تعتقد أنه يملك قدر من المصداقية في الشارع إذا كان "عمرو دياب" و "تامر حسني" و "شيرين" هم الجسر الغنائي القريب إلى الشباب فإن "شعبولا" هو الماسورة لأبناء البلد هكذا من الممكن أن ترى الحسبة السياسية والحقيقة المؤكدة في الشارع بعيدة عن ذلك تماماً.. أفهم أن تلجأ الدولة إلى "شيرين" لتغني للرئيس فهي المطربة الأولى الآن و "عمرو" و "تامر" كل منهما لديه حضور لا يمكن إنكاره في الشارع ولكن "شعبان" ظهر بعده أكثر من مطرب شعبي أزاحه تماماً عن المقدمة مثل "عبد الباسط حمودة" أو من الممكن مثلاً أن يلعب هذا الدور الآن "سعد الصغير" فهو الظاهرة  الحديثة الأكثر مشاغبة وحضوراً في الشارع ولكن يبدو أن الدولة لا تزال متشبثة بشعبان وكان صار مثل مواد الدستور 76 و 77 و88 لا يجوز المساس بهم.. "شعبولا" فهم الفولة ولهذا يغني للرئيس وابن الرئيس الدولة لم تفهم حتى الآن الفولة ولهذا تسمح له بالغناء للرئيس وابن الرئيس؟!

الدستور المصرية في

11/11/2010

 

وهم اسمه "البوتكس"!!

طارق الشناوي

لأول مرة أقرأ هذا التعبير "إدمان البوتكس".. وهو مادة صارت تستخدم عن طريق حقن الوجه أو دهانه من أجل الحصول على بشرة لامعة بلا تجاعيد.. الإدمان للكحول أو المخدرات أو الكُله أو البنزين أو الأكل أشياء تعارفنا عليها ولكن "البوتكس" عندما يصير إدماناً نجد أنفسنا بصدد حالة جديدة.

قرأت أن الممثلة "داني ميونج" شقيقة المطربة العالمية "كايلي ميونج" صارت مدمنة لتلك المادة.. "البوتكس" تستخدمه عدد من سيدات المجتمع ليس فقط بالطبع نجمات السينما والمذيعات ولكننا نلاحظ على وجوه المشاهير شاهدت مؤخراً مذيعة تليفزيونية كبيرة تؤكد في حديثها عبر البرنامج الشهير الذي استضافها أنها لا تخشى مرور السنوات وتسعد بأن توصف بأنها أم وجدة ثم لاحظت وجهها مشدوداً على الآخر مما أفقده التعبير ورغم ذلك تتطلع لكي تواصل مشوارها على الشاشة الصغيرة ولا أتصور أن تلك المذيعة لو تركت نفسها لبصمات الزمن سوى أنها سوف تزداد جمالاً فلقد كانت صاحبة أجمل وجه عرفته الشاشة الصغيرة.. شاهدت مثلاً تلك النجمة الكبيرة التي لا تكف عن الدخول في معارك إعلامية تؤكد من خلالها أنها قدمت أعظم المسلسلات والأفلام أنها النجمة الأولى ولم تدرك أن الأمر لم يعد متعلقاً بموهبتها هل هي قادرة على الأداء أم لا ولكن ملامح وجهها صارت تخونها تماماً.. الممثل وجه وعينين يجب أن تنطق عينه بالإحساس الذي يعتمل بداخله يعبر عن كل تلك المعاني.. عندما يفقد الوجه تعبيراته بفعل "البوتكس" يحيل وجه الفنانة إلى عروس من البلاستيك.. ما الذي يتبقى بعد ذلك من أسلحة لدى الفنان كيف ينتقل من موقف إلى آخر بينما تخذله دائماً ملامحه.. هل يستطيع الإنسان أن يخدع الناس بوجه لامع دائماً أم أن هناك توافق في التعبير بين الداخل والخارج.. هل نحن نكتشف أننا كبرنا من خلال تجاعيد الوجه وبياض الشعر أم أننا في داخلنا تنبت لنا تجاعيد أيضاً إنها بصمات الزمن ورأي السنين وهو بالمناسبة ليس رأياً سلبياً دائماً.. لجبران خليل جبران تعبير جميل يقول أن الماس هو رأي الزمن في الفحم.. يكمن الفحم في أعماق الصخور عندما تمر أحقاب نراه وقد صار ماساً.. هكذا مشاعر الفنان ووجهه يحيلها الزمن إلى قوة تعبير.. قبل رحيل الفنانة القديرة "أمينة رزق" 90 عاماً شاهدتها على مسرح "الهناجر" تؤدي دورها في مسرحية "شهرزاد" لم أر تجاعيد الوجه ولكن تعبيرات الوجه هي التي ظلت في ذاكرتي.. كل شيء يبدو شاباً وعصرياً في هذه الفنانة التي لم تعرف يوماً شيئاً اسمه "بوتكس"!!

نصيحة إلى أي مذيعة أو نجمة.. صالحوا الزمن تصالحوا الجمهور الزمن يحيل الفحم إلى ماس والبوتكس يحيل الماس إلى فحم!!

الدستور المصرية في

10/11/2010

 

مصر تحصد جائزة "الدوحة"

طارق الشناوي

تستطيع أن تعتبر وأنت مطمئن أن مصر كانت هي العنوان المميز والأكثر بريقاً لهذه الدورة من عمر مهرجان "الدوحة" في دورته الثانية التي انتهت قبل أسبوع.. كنت حاضراً في الدورة الأولى التي عقدت في العام الماضي وأيضاً كانت مصر لها حضورها من خلال نجومها وأفلامها.. كانت الدورة الأولى من مهرجان "الدوحة ترايبكا" أشبه ببروفة لإقامة مهرجان عربي وله مساحته العالمية وهو ما تم بالفعل في الدورة الثانية حيث ارتفع عدد الأفلام إلى51 فيلماً في الأيام الخمسة التي استغرقها المهرجان وبالطبع كان الطموح أكبر ولكن من الواضح أن إدارة المهرجان تتبع سياسة الخطوة خطوة وهكذا في هذه الدورة بدأت تتضح ملامح المسابقات وعدد من ورش العمل والحلقات الدراسية وكان أهمها تلك التي تناولت الكوميديا واختلافها من بلد إلى آخر من بين الذين رصدوا شهادتهم في هذا الشأن المخرج المصري الأصل الأمريكي الجنسية "أحمد أحمد" والذي عرض له في المهرجان فيلمه "زينا بالظبط" وهو فيلم تسجيلي يرصد من خلاله مشوار فرقته الكوميدية التي جابت العديد من دول العالم ومن بينها بعض الدول العربية مثل لبنان، السعودية، مصر وبالطبع كانت الرحلة إلى مصر هي الأكبر مساحة على الشريط السينمائي لأنه من خلالها بدأ في التعرف على جذوره المصرية والتقى بأهل الحي والجيران وأقاربه ليرسم صورة مصرية من خلال رؤية لرجل مصري الملامح والانتماء خفيف الظل كل ما فيه ينطق بمصريته ما عدا لغته لأنه لا يتحدث سوى فقط باللغة الإنجليزية ومفرداته العربية قليلة جداً لا تتجاوز سلامو عليكو.. عليكو السلام وذلك لأنه لم يعش أبداً في مصر.. أيضاً كان الهدف من خلال هذه الفرقة أن يرى العالم الوجه الحقيقي للعرب والمسلمين فهم بالتأكيد ليسوا هم الإرهابيين كما تصورهم بعض أجهزة الإعلام حيث أن المخرج رصد تلك المفارقة وهي أن الأمريكيين وبنسبة كبيرة لا يعرفون الفارق بين العربي والمسلم يعتقدون أن كل المسلمين هم عرب بالضرورة والعكس أيضاً صحيح.. أتصور أيضاً أن المخرج لو انتقل إلى أوروبا سوف يكتشف نفس المفارقة أن أغلبهم لا يعرف الفارق بين مسلم وعربي ورغم أن هذه قضية أساسية تناولها الفيلم إلا أن هدف المخرج الأكثر وضوحاً كان هو تأكيد جذوره المصرية.. الحضور المصري كنا ندركه بالطبع منذ إصدار كتالوج المهرجان ويتصدره "عادل إمام" وأيضاً هذا التكريم الخاص الذي حصل عليه "عادل إمام" من خلال تعبير "إنجاز العمر" الذي قالت إدارة المهرجان أنها تمنحه إلى "عادل إمام" صاحب مشوار 50 عاماً ورصيد متميز من العطاء الفني.. كرمته على المسرح ثلاث من الفنانات اللائي عملن معه "يسرا" 19 فيلماً و "لبلبة" 9 أفلام و "رجاء الجداوي" التي زاملته 19 عاماً على خشبة المسرح.. كنت أنتظر أن يتسلم جائزة إنجاز العمر مثلاً من "روبرت دي نيرو" الذي حضر للمهرجان باعتباره النسخة العربية من "ترايبكا" الأمريكي الذي يرأسه "دي نيرو" ولكن ولا أدري لماذا لم تدرك إدارة المهرجان أن الأوفق هو حصوله على تلك الجائزة من نجم عالمي له أيضاً علاقته الوطيدة بترايبكا بينما اكتفت إدارة المهرجان بأن قدمت له "يسرا" الجائزة؟!

مصر كان لها حضورها المميز أيضاً منذ افتتاح المهرجان من خلال رئاسة لجنة التحكيم التي أسندت إلى "يسرا" وكان من بين أعضاءها الفنانة العالمية "سلمى حايك" المكسيكية الجنسية اللبنانية الأصل..وجاء التكريم الأكبر للسينما المصرية في نهاية أحداث المهرجان بتلك الجائزة التي حصلنا عليها وهي أفضل فيلم عربي التي حصدها "إبراهيم بطوط" بفيلمه "الحاوي" والجائزة مقدارها 100 ألف دولار.. الفيلم بالطبع يحتاج إلى مقال تفصيلي يستحقه ولا شك بكل ما يحمله من صدق فني مهما كان لي من ملاحظات.. الفيلم يقع في إطار ما تعارفنا أن نطلق عليه تعريف السينما المستقلة حيث لا نجوم في العادة تسند لهم البطولة بالإضافة إلى أن الفيلم يتم تصويره بكاميرا ديجيتال بميزانيات ضئيلة جداً.. أشار "بطوط" مثلاً إلى أن الفيلم لم تتجاوز تكاليف تصويره قبل التحويل إلى نسخة 35 مم والمونتاج النهائي 40 ألف جنيه مصري فقط إلا أن أهم ما في هذه النوعية من الأفلام ليس كل ما ذكرت آنفاً ليست الميزانية الضئيلة ولا عدم الاستعانة بالنجوم ولكن الأهم من كل ذلك أنها تعبر عن إرادة مخرجيها ولا تخضع أبداً لسطوة النجوم وهو ربما تستطيع أن تفسر من خلاله لماذا أصبحنا نادراً ما نحصل على جوائز في المهرجانات العربية وترفض أفلامنا في أغلب المهرجانات الكبرى لأن الشاشة السينمائية في العادة تؤكد أن إرادة المخرج غائبة.. بينما على الجانب الآخر نجد أن الفيلم المصري مثل "الحاوي" يحصل على جائزة "الدوحة" لأفضل فيلم عربي من بين عشرة أفلام كانت تتنافس معه وبعد 24 ساعة فقط من إعلانه هذه الجائزة يحصل "الميكروفون" على جائزة "قرطاج" التانيت الذهبي وهي المرة الثانية لنا طوال تاريخ "قرطاج" التي نحصل فيها على جائزته الكبرى الأولى كانت عام 72 عن مجمل أعمال "يوسف شاهين".. كما أن المخرج المصري الكبير "توفيق صالح" حصل على تلك الجائزة عن فيلمه السوري "المخدوعون" أي أن جائزة "توفي صالح" تحسب لرصيد السينما السورية!!

سبق لكل من "عبد الله" و"بطوط" أن حصدا أكثر من جائزة عن أول أفلامهما "عين شمس" بطوط و"هليوبوليس" عبد الله.. ويبدو أن هذا هو الأمل المرتقب للسينما المصرية لكي تحصل على جوائز وهي ضرورة أن تعبر الأفلام عن أفكار مخرجيها وليس عن شطحات نجومها.. ويبقى أن للسينما المصرية عرسان وليس عرساً واحداً الثاني كان "قرطاج" أيضاً الذي لم أستطع أن ألبي دعوته لتواجدي في نفس الوقت في "الدوحة" التي شهدت العرس الأكبر للسينما المصرية ونجوم السينما المصرية!!

الدستور المصرية في

08/11/2010

 

العيب في الناس أم في الفنان!!

طارق الشناوي

عبارة موحية رددها الموسيقار الكبير "محمد عبد الوهاب" في نهاية الثمانينيات قبل سنوات قليلة من رحيله عندما سألوه عن حال الغناء أجابهم قائلاً المستمع الآن الله يرحمه.. ورغم ذلك فإن هذا المستمع الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى كما قال "عبد الوهاب" ظل الموسيقار الكبير يلحن له حتى آخر نبضة في حياته وقدم له "من غير ليه" بصوته ثم "أسألك الرحيل" بصوت "نجاة".. أكثر من ملحن بعد "عبد الوهاب" اقتبس نفس المعنى مع تغيير فقط في الكلمات عندما يسألونهم لماذا لا تلحنوا الآن وأين الجماهير من ألحانكم يقولون جهاز استقبال العمل الفني أصبح دون المستوى يقصدون بالطبع الجمهور.. تحمل هذه العبارة هجوم حاد على الناس كما أنها في نفس الوقت تؤكد تعالي الملحن عن الوصول إلى جمهوره.

هل حقاً أن جهاز استقبال الجمهور أصبح لا يميز بين الغث والسمين أم أن بعض المبدعين عجزوا عن فك "شفرة" هذا الجيل فاعتبروا أن المستمعين دون مستوى ألحانهم أو بتعبير أدق إبداعهم في كل المجالات أغنيات وأفلام ومسرحيات.. دائماً لكل جيل مفردات في الحياة وأسلوب التخاطب وأحلام وآمال ولهذا تتغير لغة الحوار تولد كلمات وتموت كلمات والفنان حتى يظل على الموجة مع الناس عليه أن يستقبل كل هذه المتغيرات قبل أن يرسل إبداعه إلى جمهوره.. الفنان إذا توقف عن الاستقبال يجد نفسه وكأنه بمفرده في صحراء يتحدث ولا أحد يجيب يصرخ بلا صدى.. لا شك أن الزمن يلعب دوراً سلبياً في جهاز استقبال الفنان حتى يصبح قادراً على استيعاب مفردات الحياة ولكل ما هو جديد كما أن الزمن يخصم أيضاً منا أهم ما في الإبداع وهو اقتحام المجهول أقصد روح المغامرة التي هي سر الإبداع.. الفنان كلما تقدمت به السنوات بات غير قادر بدرجة ملحوظة على الاستقبال كما أنه يفضل ما تعود عليه واختبره من قبل فيرسله لجمهوره بدون أن يعرف طبيعة الجمهور مع يقيني بالطبع بأن بعض الفنانين الكبار استطاعوا مع مرور الزمن الحفاظ على تجددهم وتواصلهم مع الجمهور فكانوا أكثر شباباً حتى من المبدعين الشباب.. الأصوات الحالية لا تستطيع أن نعتبرها مجرد حناجر غير قادرة على إيصال الإحساس.. لا شك مثلاً أن "أنغام" ، "شيرين" ، "اليسا" ، "نانسي" ، "عمرو" ، "راغب" ، "فؤاد" ، "صابر" ، "وائل جسار" ، "رامي عياش" ، "جنات" وغيرهم يملكون إحساساً وينفذون إلى قلوب الناس وهم بحاجة إلى نغم صادق وعصري يرتدي زي هذا الزمن.. لا أتصور أن المستمع - الله يرحمه – كما قال "عبد الوهاب" هو المسئول ولا نستطيع أن نتهم جهاز استقباله بالعطب ولكن على كل فنان أن يعرف أولاً هل لا يزال قادراً على استقبال كل ما هو جديد.. وبعد ذلك يتأكد هل لا يزال قادراً على استيعاب كل ما هو جديد أم أنه يعاني من التشويش؟!

الإبداع وفي كل المجالات يحتاج إلى يقظة دائمة.. لقد رحلت الفنانة القديرة "أمينة رزق" 90 سنة وهي تحتفظ بلياقتها الإبداعية وقدرتها على الأداء الدرامي بأسلوب عصري.. الفنان التشكيلي "صلاح طاهر" 92 عاماً لم يتوقف عن الإمساك بالفرشاة حتى رحيله وكان دائماً قادراً على إدهاشنا.. الأديب السوري "حنا مينا" 85 عاماً - أمد الله في عمره - لا يزال يقدم أعماله الإبداعية رغم أنه قبل ثلاثة أعوام فقط كتب وصيته.. رحل "يوسف شاهين" وهو في الثانية والثمانين من عمره وكانت تجمعه جلسات عمل مع الكاتب "ناصر عبد الرحمن" لتقديم فيلم جديد يحمل اسم "الشارع لنا".. كان "يوسف شاهين" حتى اللحظة الأخيرة حريص على أن يعرف ما هو نبض الشارع.

حتى يستمر الفنان في العطاء عليه ألا يتهم الناس في ذوقهم ولكنه يسعى لكي يخاطبهم فنياً بنبضات ومفردات عصرهم.. العيب في أحيان كثيرة نكتشف أنه كان في الفنان بعد أن توقف جهاز استقباله على اكتشاف شفرة الإبداع الجديدة وتحول فقط إلى جهاز إرسال ولكن لا أحد يتجاوب أو يردد ما يرسله!!

الدستور المصرية في

07/11/2010

 

"مارلين مونرو" في المريخ

طارق الشناوي

لن يقتصر التصوير ثلاثي الأبعاد على ما يجري فقط على الأرض سينتقل أيضاً للفضاء وتحديداً إلى "المريخ".. مؤخراً اتفق المخرج "جيمس كاميرون" مع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" باستخدام كاميرا ثلاثية الأبعاد في رحلتها المزمع انطلاقها إلى المريخ في مطلع العام القادم لتصوير كل شيء عن هذا الكوكب.. وهكذا أصبح التصوير ثلاثي الأبعاد حقيقة على الأرض وأيضاً في الكواكب المحيطة بنا!!

هل تنتصر التقنية الثلاثية 3.D. وتصبح هي السينما السائدة في العالم بعد أن يزداد عدد الشاشات المؤهلة للعرض لاستقبال العديد من هذه الأفلام في العالم كله؟ دعونا قبل أن نجيب على هذا السؤال نقلب قليلاً في صفحات الماضي.. هذه التقنية ليست وليدة السنوات الأخيرة كما يعتقد البعض ولكننا بدأنا نعرفها منذ الخمسينيات قبل نحو 60 عاماً كان التليفزيون وقتها قد بدأ يستحوذ على جمهور السينما في أمريكا وأوربا فقرر صناع السينما وهي تسعى من أجل البقاء أن تبحث عن طوق نجاة ومن أجل حماية النوع السينمائي من الفناء والاندثار أمام الغزو التليفزيوني فكانت تلك التقنية هي الحل.. في البداية أصيب الجمهور الذي شاهد تلك الأفلام بدوار ولم تكن لا تقنية التصوير أو العرض قادرة على تحقيق هذه المتعة فلم يكن "الديجيتال" قد اخترع بعد ولا المستجدات العلمية داخل دار العرض قادرة على مساعدة الجمهور للاستمتاع ولهذا ماتت التجربة ولم تكتمل مسيرة سينما البعد الثالث إلا أن العالم ظل في حالة ترقب لما هو قادم حتى ولو كانت مجرد أمنية بدت في تلك السنوات مستحيلة.. ثم حدثت القفزة الأخيرة خلال الأعوام العشرة مع بداية الألفية الثالثة.. العالم العربي لم يكن مهيئاً لها وليس لدينا دور عرض قادرة على استيعاب تلك التقنية.. مؤخراً بدأت أكثر من دولة عربية خاصة في الخليج ثم لبنان في إعداد دور عرض لاستقبال هذه الأفلام وفي مصر في العامين الأخيرين فقط أصبح هناك سبع شاشات مهيأة لذلك وهي قابلة للزيادة العددية.. المخرج "جيمس كاميرون" صاحب "أفاتار" ظل أكثر من 12 عاماً وهو ينتظر تلك الفرصة التي تتقدم فيها التقنيات لاستيعاب فيلمه بعد أن أخرج "تيتانيك" عام 1997 الحاصل على عشرة جوائز "أوسكار" لم يقدم منذ ذلك العام أي أفلام ولكنه لم يتخل عن حلمه ليقفز به خطوات.. الفيلم لا يعتمد على نجوم شباك ولكن الناس ذهبت إلى مخرج صار اسمه منفرداً هو نجم الشباك وانتقلوا إلى تلك الحالة التي أرادها لهم في "افاتار" وهي التجسيم أي أنك تصبح جزءاً من الشاشة.. السينما منذ أن اخترعها الأخوين "لوميير" لويس و أوجست عام 1895 وهي تحاول أن تحاكي الواقع.. الإمكانيات كانت بالطبع محدودة ولكن هناك دائماً توجه إلى الواقعية وهكذا بدأت السينما صامتة ثم عرفت الصوت عام 1927 ثم بعدها بأقل من عشر سنوات تم التلوين وباتت ترنو للتجسيم لأن الحياة بها صوت ولون وأيضاً مجسمة ولهذا فإن السينما المجسمة هي سينما المستقبل وربما بعد عقدين من الزمان سوف تصبح الأفلام المصورة بالتقنية العادية مثل أفلام الأبيض والأسود الآن لا تتجاوز 10% فقط من كم إنتاج الأفلام في العالم كله وليس صحيحاً أن أفلام الخيال العلمي والأطفال هي فقط المؤهلة لسينما الأبعاد الثلاثة أتصور أن كل النوعيات الدرامية السينمائية ستذهب إلى هذا الاتجاه مثل أفلام الرعب والرومانسية والحركة الكل سوف يسعى إلى هذا الاتجاه.. الآن يحاولون مع أفلام "شارلي شابلن" القديمة بإنتاج هندي فرنسي مشترك لكي يتم تقديمه مرة أخرى مجسماً.. "جيمس كاميرون" وعد جمهوره بأنه سوف يعيد تقديم فيلمه الشهير "تيتانيك" بتقنية الأبعاد الثلاثة بعد أن يتحول الشريط السينمائي إلى ديجيتال.. المخرج والنجم الأمريكي الراحل "أورسون ويلز" يفكرون في إعادته مرة أخرى للحياة من خلال مزج بعض مشاهد من أفلامه القديمة مثل "المواطن كين" بعد تحويلها إلى 3D.. عشاق "مارلين مونرو" سوف يشاهدونها مجسمة أمامهم.

وماذا بعد هل تتوقف السينما عند فقط حدود التجسيم؟ الحقيقة أن السينما لن تتوقف عند هذا الحد بالرؤية والسمع والتجسيم ولكن أيضاً انتظروا الرائحة.. أتصور أن السينما بعد أن تمتلك ناصية السينما المجسمة سوف ترنو إلى التعامل أيضاً بحاسة الشم عندما يلتقي البطل مع البطلة في الحديقة تشم رائحة الزهور وعندما يتواعدان على شاطئ البحر تشم رائحة اليود وعندما يتعاركان ضرباً بالرصاص تشم رائحة البارود ثم ننتقل بعد ذلك إلى حاستي اللمس والتذوق.

نعم كل شيء يبدأ بالخيال وينتهي إلى الواقع الملموس ولهذا انتظروا أن نشاهد الفيلم السينمائي بالحواس الخمس.. أما أنا فأنتظر أن أرى مرة أخرى نجمتي المفضلة "مارلين مونرو" مجسمة وذلك عندما يصنعون لها فيلم عنوانه "مارلين مونرو في المريخ"؟!

الدستور المصرية في

06/11/2010

 

"نسخة مطابقة".. كعب داير في المهرجانات!!

طارق الشناوي

منذ أن عرض فيلم عباس كيروستامي "نسخة مطابقة" في مهرجان "كان" بعدها أصبح هدفاً دائماً لكل المهرجانات العربية.. شاهدته في "أبو ظبي" و "الدوحة" وينتقل بعدها إلى "دمشق" و "القاهرة" و"مراكش" حيث أصبح هو فاكهة المهرجانات العربية.. يحاول البعض أن يجد تعريفاً جامعاً مانعاً للسينما الإيرانية باعتبارها مجرد سينما محجبة وكم يظلم هذا التعريف تلك السينما لأنها في الحقيقة سينما ثرية بالأفكار سواءً ارتدت البطلات الحجاب أم خلعته.. نحن بصدد مخرج يقدم أفكاره بعيداً عن القيود الشكلية التي تفرضها الرقابة الإيرانية ورغم ذلك نرى في الفيلم كل ملامح السينما الإيرانية التي شاهدناها من قبل في كل أعمال "كيروستامي".. كانت الفرصة مهيأة أمامه لتقديم مشاهد في فيلمه الغربي الإنتاج لا تتقيد بالقواعد الصارمة للرقابة الإيرانية لأنه يقدم فيلمه بالطبع لجمهور آخر ومن خلال شركة إنتاج لا يمكن أن ترضي بفرض شروط مسبقة على الواقع الفني!!

بطلة الفيلم "جولييت بينوش" لا ترتدي الحجاب وليس هناك ما يمنع من أن تقيم علاقة داخل أحداث الفيلم مع النجم الذي شاركها البطولة "وليام شيمل" إلا أن المخرج رأى فنياً أن هذا يتناقض مع العمق الفكري الذي تتناوله الأحداث.. فكرة الفيلم كما روت "بينوش" حكاها لها "كيروستامي" أثناء زيارة لها في طهران.. الفكرة قائمة علي الوهم الذي يصل بنا إلي شاطئ الحقيقة.. بأن يعيش الإنسان قصة مختلقة هو الذي ينسج أحداثها فيعتقد من فرط المعايشة أنها حدثت له بالفعل.. قالت "بينوش" إن "كيروستامي" في البداية أكد لها أنه كان البطل الحقيقي للحكاية وبعد أن صدقته أكد لها مرة أخري أن كل ما ذكره لها لم يكن له أساس من الصحة وكان تفسير "جولييت بينوش" أن "كيروستامي" يريد أن يختبر معها الفكرة وإلي أي مدي هي صدقت أيضاً تلك الأحداث وقرر أن يلاعبها بنفس قانون اللعبة الدرامية التي وضعها في فيلمه!!

تؤدي "بينوش" دور امرأة فرنسية الأصل لديها "جاليري" تعرض فيه اللوحات والتماثيل المقلدة تلتقي مع كاتب بريطاني بإحدى المدن الجنوبية الإيطالية.. الكاتب لديه بضع ساعات قليلة علي موعد إقلاع الطائرة التي ستعود به إلي بريطانيا وتبدأ شرارة الحب في الكنيسة التي يزورها الكاتب بصحبة صاحبة الجاليري وهكذا حدث نوع من التوافق بين إتجارها في اللوحات التي تحاكي بها الأصل وبين حياتها الشخصية!!

ويتجولان معاً فيعتقد البعض أنهما زوجان.. تؤكد "بينوش" لمن يسألها عنه تشير إلى أنهما زوجان قبل 15 عاماً.. وتكبر كرة الثلج ويزداد حجم الكذبة وتخبر أصحاب فندق بجوار الكنيسة أنهما أمضيا شهر العسل في هذا الفندق وتطلب منهم بأن يسمحوا لها بأن تصعد هي وزوجها المزعوم إلي الغرفة التي شهدت شهر العسل المزعوم وتمسك بالوسادة وتقول له إن رائحته لا تزال تعيش فيها.. ويبدأ هو أيضاً في الاقتناع بأن ما ترويه "بينوش" هو الحقيقة وتقترب الساعة من موعد مغادرة الطائرة وضرورة ذهابه ونستمع إلي صوت دقات جرس الكنيسة الذي يعلو وتنتهي الأحداث بصوت الأجراس.. بينما السؤال هل سيتحول الوهم إلي حقيقة وهل ما ذكرناه كان بالفعل وهماً؟.. تلك هي النسخة الأصلية أو بالأحرى "المطابقة" التي أرادها "كيروستامي" حيث إن بها كل مواصفات الأصل فلماذا لا نستبدلها ونتعامل معها باعتبارها هي الأصل؟ هذا هو السؤال المطروح داخل الفيلم وكأن هذه الحكاية المختلقة تشبه تماماً لوحاتها المقلدة - طبق الأصل - التي تبيعها في الجاليري الخاص بها؟!

أداء ممتع لجيولييت بينوش التي صارت في العشر سنوات الأخيرة أيقونة السينما الفرنسية حتى إنهم اختاروا صورتها لتصبح بوستر الدورة الأخيرة في مهرجان "كان" وحصلت بالفعل على جائزة أفضل ممثلة عن هذا الفيلم.. لم يكن بطل الفيلم لديه القدرة نفسها علي مجاراة إبداع "بينوش" المليئة بالتلقائية والسحر وظل المخرج "عباس كيروستامي" محتفظاً بنفس ملامحه الإبداعية وهي التأمل لكل ما يدور في الحياة وأفلامه مثل "طعم الكرز" الحاصل علي "السعفة الذهبية" في مهرجان "كان" قبل 13 عاماً وأفلامه مثل التي أخذت عناوينها من الأرقام مثل "10" و "5" وغيرها كلها قائمة علي تأمل الحياة.. لم يقدم "كيروستامي" بطلة محجبة ورغم ذلك شاهدت فيلماً إيرانياً خالصاً يجوب الآن كل المهرجانات العربية "كعب داير" باعتباره فيلماً إيرانياً أصيلاً رغم أنه من الناحية العلمية فيلماً إيطالياً فرنسياً مشتركاً لأن جنسية الفيلم تنسب إلى جهة الإنتاج.. "كيروستامي" يبدو أنه حطم هذه القاعدة!!

الدستور المصرية في

03/11/2010

 

أفلام تبحث عن "زبيب"!!

طارق الشناوي

في العديد من اللقاءات التي تجمع بين صناع الأعمال الفنية والنقاد يحدث نوع من إعادة قراءة العمل الفني.. الناقد لديه زاوية رؤية قد تتوافق أو تتناقض مع المخرج والبعض يضيف من عنده الكثير تبعاً أحياناً لما يريد أن يراه في الفيلم أو ربما تفرض قناعاته السياسية والفكرية عليه تلك الرؤية.. أيضاً بعض المخرجين عندما يحللون أعمالهم هم الذين يضعون من عندهم قراءات أخرى للعمل الفني.. أتذكر في مهرجان "أبو ظبي" الذي انتهت فعالياته الجمعة الماضية أن بعض المخرجين مثل "مورالي نايير" مخرج الفيلم الهندي "عنزة عذراء" عندما سألوه عن فيلمه الساخر الذي يقدم في إطار رؤية فانتازيا خيالية علاقة تجمع بين بطل الفيلم وعنزة عذراء لا يقترب منها أي "جدي" أجاب بأن الفيلم يناقش فكرة التوحد التي يعيشها البعض حيث أنه لا يرى التواصل في معناه العميق إلا في هذه العنزة والحقيقة أن الفيلم ربما انطلق من هذه النقطة التي أشار إليها المخرج إلا أنه سبح إلى آفاق أخرى جمع بين البسمة وأيضاً الدمعة في أكثر من لقطة كان لديه رؤية لم تصل إلى حدود تناول قضية التوحد بل هذا المزج المغلف بخفة الظل كان له كل ذلك الحضور.. أيضاً "سيرك كولومبيا" الفيلم البوسني للمخرج "دانيس تانوفيتش" قدم هذا التقابل بين أب وابنه.. أب سافر إلى ألمانيا هروباً من سيطرة  الشيوعيين إبان حكم "تيتو" ولكنه يعود بعد أن تقطعت أواصر يوغوسلافيا وتفرقت بين عدة دول دينياً وعرقياً.. بينما ابنه عند نهاية الفيلم يقرر الهرب إلى ألمانيا بعد أن صارت يوغوسلافيا على شفا حرباً أهلية الأب يتمسك بالأرض ارغم أنها مهددة بالدمار والابن يفر منها.. في المؤتمر الصحفي الذي عقده المخرج بعد نهاية عرض الفيلم مباشرة قال له أحد الحاضرين أن الابن قام بهجرة عكسية رداً على هجرة أبيه أجابهم لم أحسبها هكذا ولكنه استحسن الفكرة.. هذه المرة أضاف له الناقد معنى ربما قدمه لا شعورياً.. أما فيلم "دعني أدخل" الذي عرض في مسابقة "عروض عالمية" وهو فيلم عن مصاصي الدماء وإعادة لفيلم سويدي عنوانه "دع ا لشخص المناسب يمر".. الفيلم في النهاية يقدم هذا الإطار الدموي الذي تتميز به هذه النوعيات من الأفلام وغالباًما نرى علاقة حب بين فتى أو فتاة من عالم البشر وآخرين من مصاصي الدماء ولكن المخرج الأمريكي "مات ريفز" عند تحليليه لفيلمه في المؤتمر الصحفي الذي أعقب العرض يضيف أبعاداً أخرى عن المشهد السياسي وكيف أن القرار العالمي الذي طرح بدوره رؤية اجتماعية كان هو الدافع الخفي لتقديم هذا الفيلم وأنه لم يسعى لبناء فيلم عن مصاصي الدماء لمجرد اللعب بورقة الرعب والعنف ولكن هناك هم فكري وعقائدي يحركه ولكن الشاشة لم تكن تقدم أي شيء مما ذكره المخرج!!

عرض أيضاً فيلم "رسائل بحر" في المسابقة الرسمية للمخرج "داود عبد السيد" هذه المرة أضاف أكثر من ناقد زميل الكثير من اللمحات.. أحياناً يلعب عدد من النقاد دوراً في تحلية البضاعة الأدبية والفنية ويضيفون تفسيرات خارج النص لم تخطر على بال مبدع العمل.. البعض يجد هذه الإضافات تعلي من شأن عمله الإبداعي ولا يكتفي بإظهار سعادته بهذا التفسير الذي لم يخطر له على باله بل ويتعمد التأكيد بأنه كان عامداً متعمداً وأن على النقاد أن يغوصوا أكثر ليحصلوا على دُرر أكثر.. قرأت مؤخراً سيرة حياة الكاتب "أرنست هيننجواي" صاحب الرواية الأشهر "العجوز والبحر" عندما بدأ النقاد في البحث عن تفسير لتلك الرواية التي أصبحت واحدة من أشهر وأخلد  الروايات في الأدب العالمي اعتبروها تقدم رؤية فلسفية للحياة لأن العجوز يبدأ رحلته في الصيد وعندما يعثر على سمكة كبير يمسك بها بقوة وفي نفس الوقت يتحرك قاربه الصغير في اتجاه الشاطئ وعندما وصل كانت أسماك القرش قد التهمت سمكته الكبيرة ولم يبقى منها إلا هيكل عظمي.. قالوا أن هذا الموقف يشبه رحلة الإنسان في الحياة عندما تبدأ وهو يعتقد أنه يمسك كل متع الحياة بيديه ثم ينتهي الأمر بنهايته كهيكل عظمي مثل بقايا سمكة "هيمنجواي".. التشبيه يضفي الكثير من الزخم الفكري والفني على رائعة الأديب العالمي ورغم ذلك فإن هذا الثناء لم يرضه ولم يجعله يشعر بأنه قد صار طاووساً بين كل أقارنه الأدباء بل أزعجه كثيراً وقال أنه لم يتعمد أي من هذه الرموز وأضاف أن هذه التفسيرات تشبه وضع الزبيب على ا لخبز من أجل تحسين الطعم وأن كثير من الكتاب يهزمون أنفسهم بأنفسهم عندما يستسلمون للزبيب!!

في فيلم "داود عبد السيد" مثلاً أثار قارب مكتوب عليه اسم "القدس" في نهاية فيلم "رسائل البحر" الكثير من التفسيرات حيث رأينا في المشهد الأخير بطلي الفيلم "بسمة" و "آسر ياسين" وسط البحر وحولهما الأسماك النافقة واسم "القدس" يتصدر الرؤية لم يكن "داود" يقصد شيئاً هو فقط استأجر قارباً وكل القوارب مكتوب عليها أسماء مثل "ما تبصليش بعين رضية بص للي اندفع فيّا" أو "الحلوة دي من العتبة" و "بعيد عنك حياتي عذاب" و "رمش عينه اللي جرحني".. سيل منهمر من التفسيرات السياسية ذات الصلة بالطبع بمدينة القدس بما تحمله من قيمة روحية لأصحاب الديانات الثلاث انهالت على "داود" سواء في القاهرة أو عند عرض الفيلم في أبو ظبي أضافوا زبيب وجوز هند ومكسرات وكان "داود" منضبطاً ومدركاً لتلك الخطورة حتى لا ينساق وراء إضافات فارغة تحطم رؤيته للفيلم ولهذا كان أول المعترضين على مكسبات الطعم واللون والمعاني التي أضافها بعض النقاد.. وظل "رسائل البحر" خبز ممتع بلا "زبيب". الفيلم السينمائي يملك بالتأكيد أبعاد متعددة عند قراءته ولكن البعض منها قد يضيف أو يتمنى أشياء لم تحدث فقط إلا في خياله وبعض مبدعي الأعمال الفنية أيضاً يطيب لهم ذلك!!

الدستور المصرية في

02/11/2010

 

النجوم وأحضان الجوائز!!

طارق الشناوي

البحر يحب الزيادة والنجوم في علاقتهم بالجوائز مثل البحر تماماً يسألون دائماً هل من مزيد ولا يعرفون أبداً الاكتفاء أو الشبع.. تابعت ما نشرته الجرائد عن جوائز رمضان التي حظي بها كل من قدم مسلسلاً تقريباً حيث أن أغلب الجرائد والمجلات والجمعيات منحت – رشة جريئة – لكل الفنانين الذين كانت لهم أعمالاً رمضانية حتى ضيوف الشرف حصلوا أيضاً على جوائز بل إن بعضهم اخترع جوائز تفصيل على ملامح الفنان مثل هذا أفضل مسلسل مصري وذاك أفضل مسلسل فضائي عربي وهذا أروع نجم شاب وتلك أفضل نجمة شابة وأتحدى أن يعرف أحد من الذي فاز ومن الذي فاته قطار الجوائز مع العلم بأن لا أحد من النجوم لم "يتشعبط" في لمحطة الأخيرة لهذا القطار؟!

الجوائز لم يحرم منها أحد تقريباً كل من تمنى جائزة جاءت الجائزة تسعى إليه وأغلب المسلسلات تم تكريمها وأغلب الأبطال والصاعدين كل منهم كان يحمل جائزة وتردد كالعادة أن هناك أسماء تم الإعلان عنها ثم لم تأت للاحتفال فتم تغييرها بأخرى في اللحظات الأخيرة.. إلا أن المولد في نهاية الأمر تم نصبه ثم انفض بعد أن بدأت الناس تنسى مسلسلات رمضان وأغلب الحاضرين شعر بنشوة الانتصار.. والفنان في كل الأحوال يأتي لكي يحتضن جائزته وهو سعيد المهم الصورة التي سوف تنشر بعد ذلك في الجرائد وتتناقلها أيضاً الفضائيات.. بعض الفنانين بالطبع ليسوا بحاجة إلى جائزة ولكنهم أصيبوا في السنوات الأخيرة بعدوى مرض نهم الحصول على مزيد منها كان بعضهم في الماضي يرفضون التكريمات ويقللون من شأن الجوائز حيث كان القسط الوافر منها يذهب إلى منافسيهم في تلك السنوات وعلى رأسهم "أحمد زكي" و "نور الشريف" وأظن وليس لدي في حقيقة الأمر أرقاماً موثقة ولكني فقط أظن أنه عندما نتناول جيل السبعينيات من النجوم سيظل "أحمد" و"نور" هما حاصدا الجوائز في هذا الجيل ولكن كان وقتها للجوائز قيمة أدبية تجعل الفنان يتباهى بها!!

وبالطبع زاد في السنوات الأخيرة عدد الجمعيات واللجان التي تمنح جوائز ولكن بلا قيمة ولا صدى ورغم ذلك فإن صورة الفنان وهو يحمل جائزة صارت هي الأهم بالنسبة له فهو يسعى أن تطلع الصورة حلوة.. الناس عادة لا تتذكر اسم الجمعية أو الجريدة ولا قيمة الجائزة يتبقى فقط لمدة أسابيع ضيئلة الصورة التي نشرت بالجرائد وتتناقلها أكثر من قناة فضائية.. ومع الزمن سوف ينسى الناس الصورة وينظرون للأصل.. ما الذي قدمه الفنان قبل وبعد صورته وهو يحتضن الجائزة؟!

الدستور المصرية في

01/11/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)