حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

المكسيكي غيلرمو أريغا من الكتابة إلى الإخراج

«الأرض المحترقة».. دراما الآباء والأبناء

زياد عبدالله - دبي

ما عاد الكاتب المكسيكي غيلرمو أريغا يكتفي بكتابة السيناريو ليأتي مواطنه أليخاندرو غونزاليس إيناريتو ويصنع منها أفلاماً لها أن تكون حاضرة بقوة في ذاكرة المشاهدين حول العالم، كما هو الحال مع «بابل» ،2006 وقبله فيلمان مثل «21 غراماً» ،2003 و«الحب كلب» ،2000 والتي كانت تشكل ما يشبه الشراكة الناجحة بين غليرمو وإيناريتو، والتي كانت حصيلتها هذه الأفلام التي امتازت بإيقاع خاص ونقاط التقاء أسست لأسلوب صار يعرف به إيناريتو، ودائماً عبر سيناريو متشابك يكتبه أريغا وحركية عالية في الزمن وعدد كبير من الشخصيات التي تلتقي مصائرها وتنفصل عبر الرهان على خيوط سردية منفصلة سرعان ما تتصل، وليصوغ إيناريتو كل ذلك بإيقاع عالٍ وصاخب في «بابل» و«الحب كلب»، وبطيء لكنه موتور ومشدود في«21 غراماً».

غلـيرمو أريغا قرر الآن أن يخرج بنفسه ما يكتبه والنتيجة فيلمه المعنون The Burning Plaiَ «الأرض المحترقة» الذي يعرض حالياً في «ريل سينما» دون دور العرض الأخرى، ولنكون أمام تجربته الإخراجية الأولى، ولنا هنا أيضاً أن نشير إلى أن إيناريتو في جديده «جميل» الذي عرض في الدورة الأخيرة من مهرجان «كان» قام بكتابة سيناريو ذلك الفيلم وبالتأكيد إخراجه.

لن تكون مشاهدة «الأرض المحترقة» إلا مسبوقة بتوقعات سرعان ما يتم اكتشاف صوابها، خصوصاً حين وضع ما قدمنا له في عين الاعتبار، فأريغا سيقدم أيضاً اسلوبه في السيناريو، سنكون أمام شخصيات كثيرة وحركية في الزمن ومصائر تبدأ بما يوحي بأنها منفصلة لا رابط بينها، فإذا بها تتشابك وتلتقي وتمضي يداً بيد حتى النهاية، مع تقسيم الزمن إلى ماضٍ وحاضر افتراضيين، فما نشاهده في الحاضر ليس إلا نتاج الماضي، وكل الشخصيات أصبحت ما هي عليه، لأنها تحاول الهرب من الماضي أو التصالح معه، دون أن يترك الماضي أيضا عائماً أو دون نهايات.

في اللقطة الافتتاحية من الفيلم نقع على«كرافان» يحترق، لقطة سريعة تقطع وينتقل الفيلم إلى سيلفيا (تشارليز ثيرون) أمام نافذة غرفة نومها، وفي السرير رجل نائم، إنها تقف عارية أمام النافذة، وحين تراها أم وابنائها يبدأون بالإسراع من خطواتهم والإشاحة بوجوههم.

سنتعرف الى سيلفيا في الحال، إنها امرأة تدير مطعماً، وهي تتنقل من رجل إلى آخر، بخفة ودون تفكير وفي اتباع لما نجهله، لكن ذلك لا يقودنا إلى أنها امرأة تتبع متعتها، بل على العكس، وكل ما توحي به هذه الخفة هو الضياع وبحثها عما يمنحها توازناً ما، وإلى جانب ذلك يتضح ما حدث في ذلك «الكرافان» المحترق، ونحن نرى فتية يعاينون هيكله المتفحم والمحترق، وكيف احترق رجل وامرأة فيه، وقد عثر عليهما متعانقين حتى إن الفصل بين جسديهما كان بمنتهى الصعوبة.

لن نفسد متعة تتبعكم أحداث الفيلم لدى مشاهدته من خلال الربط بين اللقطات المتوالية سابقة الذكر، والتي ستتوالى بحيث تصبح حادثة «الكرافان» ماضي سليفا، وكذلك الأمر بالنسبة لأولئك الفتية الذين سيكونون أبناء الرجل المحترق، ولنتعرف إلى مصير واحد منهم، وكيف يقع في غرام ابنة المرأة التي كانت مع والده، بمعنى أن نقطة الارتكاز الرئيسة ستكون قائمة على علاقة نيك (جواكيم دي ألميدا) وهو متزوج ولديه أبناء بجينا (كيم باسنجر)والتي تكون متزوجة وأم لأربعة أولاد، واحتراقهما في عش غرامهما الموجود في أرض منبسطة مترامية، ومن ثم لتحضر الدراما من خلال وقوع ابن نيك بغرام سليفيا التي تكون ابنة جينا. لن يكون بغريب على اريغا أن يقدم لنا دراما قوية، ولعل هذا متوقع وحاضر بقوة من خلال ما تقدم، إذ إن الفيلم سيجمع في النهاية جميع خيوطه الدرامية وعلى التقاء بين الحاضر والماضي، ولتحضر المصائر وقد وصلت نهاياتها، لكن في النهاية، الفيلم يشبه كثيراً كل ما قدمه أريغا من خلال أنياريتو، لكن دون لمسة هذا الأخير، التي ستبدو غائبة بالتأكيد عنه، وعلى شيء ربما يدفعنا للسؤال كيف كان سيصنعه إيناريتو؟ والإجابة افتراضاً ودون اتكاء على معلومات في هذا الخصوص، قد تكمن بأن إيناريتو لن يكون مهتماً بإخراج هذا الفيلم، لأنه في النهاية تكرار لما سبق، وهو الذي قال في معرض حديثه عن جديده «جميل» الجميل حقاً، إنه كان يجرب تتبع شخصية واحدة بعيداً عن تشابك الشخصيات وكثرتها في أفلامه السابقة، وفي تتبع أيضاً لخط زمني أفقي، دون ارتدادات أو «فلاش باك»، وليكون ناجحاً تماماً بتقديم فيلم له أن يكون من أجمل ما شاهدت هذا العام. فيلم «أرض محترقة» يستحق المشاهدة حقاً، ولعله وإن جاء متأخراً - إنتاج 2008 - كعادة هكذا أفلام لدى عرضها محلياً، فإنه يشكل فسحة بعيدة عن ما يطفو على شاشاتنا المحلية، فسحة تحمل حداً أدنى من المغايرة.

الإمارات اليوم في

29/09/2010

 

م. نايت شيامالان...

محبوب من شبّاك التذاكر ومكروه من النقّاد

فيلادلفيا - ستيفن ريا 

حقّق فيلم The Last Airbender للمخرج م. نايت شيامالان الذي اقتبسه عن سلسلة الرسوم المتحرّكة على قناة نيكيلوديون Avatar: The Last Airbender، إيرادات بقيمة 125 مليون دولار في الشهر الأول من إطلاقه. كان قد حل أيضاً في المركز الثالث عشر بين الأفلام الأعلى إيراداً لهذا العام. وفي بلدان مثل روسيا، أوكرانيا، واليابان، استقطب هذا الفيلم الخيالي الذي أُنتجت مشاهده بواسطة الكمبيوتر جماهير حماسية ونحو 30 مليون دولار عند شبابيك التذاكر الإضافية.

لكن إن ألقينا نظرة إلى الآراء التي جمعتها شركة Rotten Tomatoes أو Metacritic حول The Last Airbender، يتبيّن أنه أحد أفلام العام 2010 المذمومة على نطاق واسع. فنسمع أوصافاً مثل : «مبالغة تستحوذ على العقول»، «أكثر الأفلام تشويهاً للفيلم الخيالي»، «تجربة فاشلة على جميع الأصعدة».

أو إليكم ما قاله كليف دوركسين من صحيفة Chicago Reader: «يجب تحديد الأولويات الوطنية الراهنة على الشكل التالي: خفض انبعاثات الكربون ووقف تمويل أفلام م. نايت شيامالان».

هكذا، يواجه شيامالان منتقدين مدوّيين وبأعداد كبيرة، على غرار المخلوقات المخيفة التي تتوارى في الغابات القاتمة في فيلمه The Village، أو المخلوقات الفضائية المشؤومة التي تندسّ عبر حقول الذرة في فيلمه Signs.

يعقّب المخرج، متعاملاً مع الأمر بفكاهة في أحد مقاهي «ستار باكس» بالقرب من مزرعته في مقاطعة تشيستر في بنسلفانيا: «الفيلم ظاهرة بالفعل، تلك طريقة لطيفة لوصفه. لازمني حلم هذا المشروع منذ زمن طويل... لذلك يمتّ إليّ شخصياً بعض الشيء».

لعلّ شيامالان يعي أمراً ما. ففي العام 1999، رُشّح The Sixth Sense، فيلم الأشباح القاتم الذي صوّره هذا المخرج في فيلادلفيا، لستّ جوائز أوسكار (بما فيها أفضل صورة وأفضل مخرج)، وحقّق إيرادات بقيمة 672.8 مليون دولار في أنحاء العالم، وكان موضوعاً لقصّة الغلاف في مجلة نيوزيك حيث وُصف شيامالان بـ{سبيلبرغ المقبل». هذا وقدّم الجملة التي باتت جزءاً من الثقافة الشعبية: «أرى أمواتاً».

منذ ذلك الحين، واصل شيامالان إخراج أفلام ناجحة. حتماً لم يستقطب أيّ منها عدداً ضخماً من المشاهدين كما The Sixth Sense، لكنها لم تفشل أيضاً باستثناء Lady in the Water في العام 2006.

إلا أنّ أصحاب المدوّنات، النقّاد، مستخدمي تويتر، والمشاركين في المنتديات الإلكترونية الذين يعبّرون بنبض قوي وغاضب عن ازدرائهم بالمخرج على شبكة الإنترنت، غير مقتنعين بذلك.

في هذا الإطار، يقول بول ديرغارابيديان، رئيس قسم شباك التذاكر في موقع Hollywood.com: «م. نايت شيامالان لا يحظى بالاحترام. حين يبرع المرء في إخراج أول فيلم رئيس له ويستمتع بمثل هذا النجاح الضخم عند شباك التذاكر وعلى الصعيد النقدي، سيعمل طوال حياته المهنية للحفاظ على تلك العلامة المميزة... وبرأيي كان بالفعل مضطراً إلى القيام بذلك». يضيف: «لكنه كسب في النهاية مع The Last Airbender الذي حقق نجاحاً باهراً... ففيما كان النقاد منشغلين بمهاجمته، كانت الجماهير منشغلة بمشاهدته».

في المقابل، يذكر شون توب، الذي يؤدي دور المعلّم الذي يتحكّم بالنار، «العم آيروه»، في The Last Airbender يقول إنه لا داعٍ للانتقادات اللاذعة. يقول هذا الممثل: «أتفهّم أن النقاد لديهم عمل يقومون به، وأن الفيلم لا يخلو من العيوب، لكن من السيئ أن تصبح المسألة شخصية وتطاول بعض الانتقادات شخص شيامالان. التعليقات مبالغ فيها».

من جانب آخر، تقول أوليفيا ويليامز، التي جسّدت شخصية زوجة بروس ويليس في The Sixth Sense: «أنا معجبة جداً بكيفية مواصلة شيامالان عمله بتصميم في وجه الانتقادات».

أمّا بالنسبة إلى شيامالان، الذي يبدي شغفاً واضحاً بالإخراج، إذ تلمع عيناه عندما يتحدث عن مصمم الأصوات البارع راندي توم، الذي تعاون معه للمرة الأولى في The Last Airbender، فقد بدا الاختلاف منطقياً أخيراً.

فبينما يشبّه وجود اسمه فوق عنوان الفيلم بوضع جون غريشام أو ستيفن كينغ اسمهما على غلاف كتبهما، يقول إن كثيرين يرون في مثل هذه الخطوة تعجرفاً.

يعقّب شيامالان: «أظنني بتّ أعرف السبب»، وهو يطلب قهوة مخفوقة يعدّها له أحد الموظفين المبهورين بالمشاهير في «ستار باكس»: «إنه عرض الأفلام بطريقة تبدو وكأنها موجّهة من الكاتب... ههنا في الولايات المتحدة، يُعتبر ذلك وصمة عار». لكن «لا نفترض أن غرور جوني ديب جامح حين نرى اسمه فوق عنوان الفيلم»، حسبما اعترض شيامالان، الذي بدا مع ذلك في غاية الغرور في كتاب متزلّف يروي سيرته الذاتية بعنوان The Man Who Heard Voices.

من ثم يتابع مشدداً: «الرجل الذي يتحدثون عنه غير موجود، وهذا ما يربك في الأمر...أشعر بتواضع كبير أمام المسؤولية التي تفرضها هذه الأفلام. يعمل مئات الأفراد، فضلاً عن أسرهم، على هذه الأفلام... لذا أشعر وكأنني مسؤول عنهم، وعن فيلادلفيا حيث ترعرعت... بهذا المنطق تعاملت مع المسألة، لأستطيع فهمها».

بالانتقال إلى فيلمه المقبل، أو بالأحرى أفلامه، يضفي شيامالان اللمسات الأخيرة على سيناريو فيلم مشوّق عن والد يفقد ابنه. يُشار إلى أن شيامالان يعيش مع زوجته، بافنا فاسواني، طبيبة نفسية التقى بها حين كانا يدرسان في جامعة نيويورك، وابنتيه. سيؤدي بطولة هذا الفيلم برادلي كوبر، غوينث بالترو، وويليس الذي شارك في The Sixth Sense وUnbreakable ، إن سمح له جدول أعماله بذلك، وسيتم التصوير في فيلادلفيا (بلا شك). في هذا الإطار، يقول شيامالان إن The Last Airbender شبيه بفيلم Taken إنما مع عناصر خارقة للطبيعة.

يخطّط شيامالان كذلك الأمر لإنتاج تتمّتين إضافيتين لـThe Last Airbender. وصلت تكلفة هذا الفيلم، بصوره المولّدة بواسطة الكمبيوتر، مؤثّراته البصرية، مواقع تصويره في غرينلاند، ونسخته الثلاثية الأبعاد، إلى ما يُقدّر بـ150 مليون دولار، أغلى مشروع نفّذه شيامالان حتّى الساعة. على حدّ قول المخرج، لن تتخذ شركة باراماونت على الأرجح قراراً بشأن التتمتين قبل حساب إجمالي الإيرادات في فصل الخريف. وحتّى ذلك الحين، سيعمل شيامالان على نصّه الأصلي، ويحاول الاسترخاء وعدم القلق أو استباق الأمور.

يقول ضاحكاً: «أحاول أن أكون مختلفاً. أنا عادةً نظامي ودقيق، لكني أحاول التعامل مع الأمور باسترخاء أكبر. سرّ زوجتي واقع أنني أسير في الأرجاء قائلاً: لن أتوتر مهما حدث». يضيف من جانب آخر: «نحن جميعنا منجرفون جداً في الثقافة الأميركية، لذا أرغب في تمضية مزيد من الوقت في تناول شيء ما في المقهى إلى جانب فطيرة محلاة، وربما في الكتابة».

من المشاريع الأخرى التي بدأ شيامالان العمل عليها، والتي تشكّل سبباً آخر لاحتقاره في عالم المدوّنات الإلكترونية، سلسلة Night Chronicles من الأفلام المشوّقة الخارقة للطبيعة والمنخفضة الميزانية من توزيع شركة يونيفرسال وبتصميم شبيه بأسلوب هيتشكوك. يبتكر شيامالان مواضيعها، ويستعين بكتّاب ومخرجين آخرين لإنجازها. أفتتح الجزء الأول من السلسلة بعنوان Devil، حول مجموعة من الناس عالقين في مصعد، في 17 سبتمبر (أيلول) الجاري. لكن حين عُرضت مقتطفات من هذا الجزء في إحدى دور السينما في نيويورك منذ بضعة أسابيع، ضحك الجمهور حين ظهرت على الشاشة عبارة «من فكر م. نايت شيامالان». بنتيجة الأمر، عرض بيريز هيلتون شريطاً مصوّراً عن تلك اللحظة على موقع YouTube (لكنه أُزيل في ما بعد)، وصبّت المقالات الصحافية كافة اهتمامها على ما جرى.

فكيف كان رد شيامالان؟

أولاً لم يبالِ بالأمر، من ثم توقّف لبرهة وتابع: «تظهر ملايين المقالات كهذه يومياً في جميع الصحف عن المواضيع كافة. هل سيرفضون إذن مشاهدة الفيلم بسبب ذلك؟ إنه فيلم جيّد بالفعل».

من جهتهما، يستبعد مخرجا Devil، الأخوان درو وجون إك داودل، فشل الفيلم. قالا في إحدى الرسائل الإلكترونية: «يزيد ذلك حماستنا لإطلاق الفيلم. كتب شيامالان نصّاً رائعاً، وبصفته منتجاً، أوجد مناخاً سمح لنا بإخراج فيلم أصيل داخل مناخ الاستوديو الراهن... نعتقد بأن سلسلة The Night Chronicles ككل ستشكّل مساهمة مهمة في عالم الأفلام من هذا النوع».

من جانب آخر، يُعتبر Twelve Strangers، الشبيهة قصّته بقصّة 12 Angry Men إنما بعناصر خارقة للطبيعة، الفيلم الثاني ضمن سلسلة Night Chronicles. هذا ويتطلّع شيامالان إلى مخرجين محتملين، ويعمل على قصّة ثالثة.

يعقّب: «ملأت هذه الأجندات بالأفكار والشخصيات. من ثم قلت: هل من أحد مهتم بصناعة أفلام منخفضة الميزانية حيث بدأت أتعامل مع أعظم المخرجين الطموحين؟». ويضيف: «صناعة الأفلام عملية موحشة، وتلك هي طريقتي لحث الناس الجدد والحماسيين على التحديّ والتحدّث إليّ وإخباري بما يفكّرون به».

بلغ شيامالان لتوّه الأربعين من العمر. فقد أخرج تسعة أفلام سينمائية في غضون 18 عاماً، لكن الأولين Praying With Anger (الذي شارك فيه أيضاً كممثل)  وWide Awake كانا فيلمين مستقلين قصيرين. في المقابل، قاربت إيرادات أفلامه السبعة في شبّاك التذاكر في أنحاء العالم المليوني دولار أميركي. ويبدو شغفه بالأفلام والإخراج أقوى من أي وقت مضى.

مع ذلك، قد يشعر المرء بأن موقفه يتغيّر، وأنه أدرك في النهاية أن الآخرين في العالم يسيئون فهم ما يراه مسألة كبرياء في عمله.

يقول عن التغييرات التي يشعر بها وواقع أنه بات في الأربعين: «ربما الأمر مصادفة، وربما لا. لعلّني أصبحت أكثر تفكّراً في الأمور. لم يعد رأسي مسلّطاً إلى الأسفل كثيراً، محاولاً فحسب تسديد الكرة في المرمى، بل بتّ أنظر أكثر من حولي وأستغرق في التحليل والتفكير».

يتابع: «لا أعلم إن كان ذلك جيّداً أم لا، لكنني بدأت بشكل عفوي أتفحّص ذاتي».

 

Devil... ليس عظيماً لكنه ليس سيئاً

روجر مور

يغوص م. نايت شيامالان عميقاً في جانبه الذي يؤمن بالخلاص مع Devil، فيلم تشويق خارق للطبيعة وشبه ديني أُطلق كجزء من ثلاثية نايت The Night Chronicles. تدور قصّته المثيرة للاهتمام حول إجهاز الشيطان على أشخاص عالقين في مصعد في مبنىً شاهق في فيلادلفيا أمام أنظار حرّاس الأمن الذين يشاهدون، مرتعبين، ما يحدث عبر شاشة مراقبة.

قصّة Devil من النوع الذي كان رود سيرلينغ ليتناولها في إحدى حلقات The Twilight Zone آنذاك. ابتكر شيامالان الفكرة، وأنتجها واستعان بآخرين لكتابة نص هذا الفيلم البسيط الذي تبلغ مدّته 76 دقيقة.

يمتعنا راوي الفيلم الذي يؤمن بالخرافات بذكريات «عن قصص اعتادت أمّي إخبارها لنا»، قصص عن كيفية «طواف الشيطان في الأرض». من هذا المنطلق، يشكّل الانتحار أحد الدلائل الأكيدة على أن الشيطان سيعذّب المُقدّر لهم دخول النار في الحياة. لذلك تهيئنا تلك الصدمة التي نتلقاها عندما يقفز أحدهم عبر نافذة من طابق عال وهو يمسك بيده مسبحة للمصعد الذي لن يصعد.

يُحتجز بداخله خمسة أشخاص: مندوب مبيعات فظّ وصارم (جيفري أريند)، امرأة جذّابة (بوجانا نوفاكوفيك)، حارس أمن كثير التعرّق (بوكيم وودباين)، امرأة نكدة مسنّة (جيني أوهارا)، وشاب غامض (لوغان مارشال غرين). جميعهم متوتّرون، لكن رئيس الأمن (مات كرايفن) يطلب منهم عبر مكبّر الصوت ألا يقلقوا، لأنه سيخرجهم قبل أن يُصابوا بنوبات الهلع.

لكن ذلك لم يحدث، فضلاً عن أن الشرطي (كريس ماسينا من فيلم Vicky Cristina Barcelona) الذي أُرسل للتحقيق في قضية الانتحار يعمل على قضيّة جديدة، حيث يُعاين جثة قُتلت على يد مجهول في إحدى اللحظات الكثيرة التي تختفي فيها الأضواء وتعلو أصوات ضرب كرة سلّة من المقصورة المجاورة. في تلك المرحلة نعي بأن الراوي هو الذي يملك الحل: حارس الأمن اللاتيني الكاثوليكي، راميريز.

لا نشهد الكثير من الحركة، إذ يبقى الوضع برمّته هادئاً للغاية لفترة طويلة جداً. لكن حين يحاول راميريز (جايكوب فارغاس) تفسير ما يتعذّر تفسيره عبر إسقاط خبزه المحمّص أرضاً من الجهة اللزجة، يتخطّى Devil بالفعل الإحراج الذي ولّده الوعد المرح الذي أضحك الجماهير من صميم قلبها خلال عرض إعلان الفيلم في الصيف الماضي. فمع ظهور عبارة «من نسج فكر نايت شيامالان» بكل تباهٍ على الشاشة، كان يمكن سماع أصوات الاستهزاء في أنحاء صالات العرض. وقد شاع الخبر على نطاق واسع إلى حدّ صدور أشرطة مصوّرة عبر الإنترنت تسخر من فكرة أن الرجل الذي أزعجت أفلامه منذ عرض فيلم Signs هواة أفلام الرعب وأرعبتهم لا يزال يعتبر نفسه «علامة مميّزة».

لكن على رغم ذلك كله، والوعظ كله بشأن الوقوع في الذنب، الاعتراف بالخطأ، العقاب والخلاص، ينجح Devil في إصابتنا بالقشعريرة من شدّة الخوف بسبب استخدامه الفاعل والمحكم لرزمة من الصور المأخوذة عن قرب، المفاجآت التي تظهر في الوقت المناسب، ورهبة توقع الأحداث المرعب. الفيلم ليس عظيماً، إنما ليس سيئاً، وقد يحظى الرجل الذي فرض أفلام The Happening، Lady in the Water، وThe Last Airbender على المؤمنين بذلك الثناء يوماً ما. لا شك إذن في أن شيامالان قلق لأنه لم يحصل على تقدير كمخرج (جون إيريك داودل لفيلمه Quarantine الذي يحبس الأنفاس) لفيلم لا يُنزل على الأقل من قيمة «علامته».

الجريدة الكويتية في

29/09/2010

 

The Town...

لوس أنجليس- كينيث توران

يضم بن أفليك وريبيكا هال، القنفذ والثعلب، قواهما لإحداث الأثر الممتاز في The Town، فيلم سريع الأحداث يجمع بين عمليات السطو والرومانسية، ويعزز صيت أفليك كممثل يتمتع بموهبة إخراج حقيقية.

الشيء الوحيد المهم الذي يعرفه القنفذ حق المعرفة، أو بالأحرى أفليك المولود في بوسطن، هي بلدته الأم. فهناك تدور أحداث هذا الفيلم، وGone Baby Gone الذي شكّل أول تجربة له في الإخراج، فضلاً عن فيلم Good Will Hunting الحائز جائزة أوسكار والذي دفع بحياته المهنية إلى الأمام.

في المقابل، لا يعرف الثعلب أموراً كثيرة، لكن هال ممثلة متجددة تُظهر أدوارها الرائعة المتنوعة بدءاً من Vicky Cristina Barcelona وPlease Give إلى ثلاثيةRed Riding، مدى قدرتها على تجسيد أي شخصية في أي وقت.

يكشف لنا The Town أيضاً بأن كون أفليك يقوم بأفضل أعماله في بوسطن لا يعني أن جهوده تقتصر على هذه المدينة. فقد شارك (إلى جانب بيتر كريغ وآرون ستوكارد) في كتابة نص الفيلم المحبوك جيّداً، وحصل على أداء ممتاز من ممثلين رائعين شاركوه التمثيل مثل جيريمي رينر من The Hurt Locker، جون هام من Mad Men’s، كريس كوبر، بيت بوسلثوايتي، وبلايك لايفلي.

كذلك يبدو أفليك أكثر ثقةً بنفسه ومرتاحاً في لباس المخرج هذه المرة، وممثلاً ليس مضطراً إلى إثبات موهبته. فواقعية الفيلم الواضحة أقل بروزاً مما كانت عليه في فيلمGone Baby Gone، لكن أفليك قادر على توليد حس قوي بما يكفي بالواقعية للسماح لنا بالاقتناع بصحة الفيلم المستبعدة.

تدور أحداث The Town، المقتبس عن رواية Prince of Thieves لتشاك هوغان، في تشارلزتاون، حي عمّال في بوسطن يرتقي ببطء إلى الطبقة المتوسطة، وقد أنتج على ما يبدو عدداً كبيراً من الساطين على المصارف مقارنةً بالمناطق الأخرى في العالم.

يتألف فريق السطو من أربعة مجرمين محترفين وليدي الحي، يضعون أقنعة على شكل جمجمة ويفرغون بكل مهارة أحد المصارف في كامبردج المجاورة. الفريق سريع، محترف، وقوي فضلاً عن أنه يتمتع بذكاء كاف للتحقق من النقود المزيّفة التي تستخدمها البنوك لإحباط عمليات السرقة والأموال الطعم التي تتعقب السارقين، ويدرك بأن التحدث بصوت عال والظهور بشكل مخيف يسهلان المهمة إلى حد كبير.

الخبير الاستراتيجي والمخطط بين هؤلاء الأربعة دوغ ماكراي (أفليك)، رجل يقظ، ذو تصميم ويتمتع بذكاء فطري. يبدو ماكراي، بفضل وشمه ونظرته الشرسة ووجهه الذي يبدو عليه التعب في آن، على نحو مقنع من طبقة العمّال وأيضاً كشخص يستطيع أن يعكس عمق مشاعره إن تطلّبت الظروف ذلك، أمر لم يلبث أن حدث.

ففي ظل ظروف عادية، ما كان ماكراي ليلتقي كلير كيسي (هال)، مديرة البنك الذي يسطو عليه بالتعاون مع زملائه المقنّعين. لكن حين تبدو كلير مرتعبة أثناء فتحها الخزنة، يأخذ بيدها ويخفف من توتّرها كما مدرّب في صف يوغا، ثم تُفاجأ حين يقرر صديقه الحميم وشريكه جيم عفوياً اختطافها لفترة وجيزة.

جيم هو العنصر غير المتوقع في عصابة ماكراي، بمعنىً آخر الرجل الذي يستطيع القيام بأي شيء. يجسّد شخصيته رينير، ممثل رائع بارع في تلطيف التهديد الخطير وربما الجنوني. يستحضر وهو ماكراي ذكريات طفولتهما، ويتّضح بأن الأخير واعد ماكراي شقيقة جيم العنيدة، كريستا (ليفلي) لفترة وجيزة. هكذا، حين ينتاب جيم القلق من أن كلير، التي تبيّن أنها تعيش في الجوار، قد تستطيع التعرّف إليهم، يتطوّع ماكراي للتأكد من ذلك بنفسه لتجنّب المخاطر.

يدبّر عندئذ ماكراي لقاءً في إحدى غرف الغسيل في الجوار، وبما أن كلير تعيش مرحلة حساسة ما بعد صدمة السرقة، تبدو أكثر تجاوباً مما قد تكون عليه في ظروف أخرى مع اهتمام رجل وسيم يتمتع بجاذبية. هكذا، نجد أنفسنا أمام علاقة تزداد جديةً على نحو مقنع بفضل مهارة الإخراج عموماً والتمثيل خصوصاً.

ما ساهم في ذلك الوقت الذي استُغرق لإعداد خلفية محبوكة عن ماكراي، تتضمن والديه وأيامه الخوالي. وهنا نتعرّف إلى والده المسجون القاسي (الذي يقوم بأداء مؤثر في المشهد الوحيد الذي يظهر فيه) فضلاً عن فيرجي كولم (بوسلثوايتي)، زعيم عصابة من المدينة.

من جانب آخر، يولي The Town في قصّته أهمية متوازية لانتهاكات القانون، مستعرضاً عمليات سطو حماسية عدّة، ومطاردة حامية للسيارات عبر الأحياء الضيّقة في بوسطن. وبما أن قوّة أفلام الجرائم التقليدية لا تبرز إلا بالقوة التي يتعقّب بها رجال القانون الأشرار، اختير هام لأنه الممثل المثالي لأداء شخصية العميل الخاص العنيد لدى مكتب التحقيقات الفدرالي، آدم فراولي، الذي يتعقّب ماكراي وفريقه بلا هوادة.

على رغم أن مكتب التحقيقات الفدرالي يبدو دوماً على بعد خطوة من القبض على ماكراي، إلا أن القلق ينتاب هذا المجرم الذي عليه في النهاية اتّخاذ بعض القرارات الحاسمة.

أمّا بالنسبة إلى أفليك، فكان قراره بالتمثيل في The Town وإخراجه أحد أفضل القرارات التي اتخذها أخيراً.

 

The Owls of Ga' Hoole: Legend of the Guardians

في روايات Guardians of Ga'Hoole (حراس غاهول) لكاثرين لاسكي، تتقن طيور البوم استخدام النار وعلم المعادن. كذلك تعزف العود، فيما تنشد قصائدها الملحمية عن معارك بطولية دارت أحداثها في الماضي السحيق. أما في الفيلم الذي يدور حولها، فتتحدث كلها بلكنة أسترالية.

فيلم زاك سنايدر Legend of the Guardians: The Owls of Ga' Hoole (أسطورة الحراس: بوم غاهول) إحدى روائع الأفلام المعدة على الكمبيوتر. فهو أشبه بمزيج بين The Lord of the Rings (سيد الخواتم) وHappy Feet (الأقدام المرحة). ففي هذا الفيلم عن الحرب، نرى طيور البوم الصغيرة اللطيفة من كل شكل ولون تستعرض مخالبها، مرتدية أحياناً مخالب معدنية، فيما تتقاتل للسيطرة على ممالك البوم.

يتضمن هذا الفيلم أخاً صالحاً وآخر شريراً، بطلاً أنهكته الحرب، ملكة قاسية القلب ورفيقها الذين يعاني جنون العظمة، عمليات خطف وهرب، وأعمال خيانة وبطولة. ويكثر الكلام فيه عن الأحشاء، مثل «سأمزق أحشاءك»، أو «أشعر بذلك في أحشائي» .

يضم هذا الفيلم أيضاً عرافاً، حيوان شيهم أسترالي يردد عبارة «لقد أُنبئ به» كلما حدث تطور جديد.

نعم، هذا فيلم رسوم متحركة مخصص للأولاد بمفهوم مخرج فيلم 300. يعطي جيم ستورغس في هذا الفيلم صوته لسورن، طائر بوم على وشك أن يتعلم الطيران، وكلود (رايان كوانتن) أخوه وخصمه. لقد تربيا على قصص مآثر «الحراس»، طيور بوم يصوّبون الخطأ ويحمون الضعيف ويحاربون الظلم. لكن هل يختلق والدهما (هوغو ويفينغ) هذه الأسطورة؟ يعظهما قائلاً: «إن كنتما لا تريان أمراً ما، فهذا لا يعني ألا وجود له».

بعدما يسقط الأخوان عن شجرتهما، يكتشفان بسرعة أن الأشرار في هذه الرواية حقيقيون. فيُخطف سورن وكلود ويرغمان على دخول مجتمع يستعد للحرب. تعطي هيلين ميرن صوتها لملكة من البوم الأبيض، جنس تدعوه بـ»النقي». تفصل الملكة الجنود عمن يفتشون عن الطعام بين فضلات البوم. وحدهم الحراس يستطيعون إنقاذ ممالك البوم من هذا الشر. هكذا يصبح البحث عنهم مهمة سورن.

يحصل سورن على المساعدة في قالب فكاهي من ديغر (ديفيد وينهام من فيلم 300) والشاعر المحارب الذي يهوى الغناء والعزف على العود (أنتوني لاباغليا). كذلك يؤدي جيفري راش دور طائر بوم مسن أنهكته الحرب. وقد أبدع سام نيل في تقديم دور الشرير.

يحفل هذا الفيلم الثلاثي الأبعاد بلقطات فائقة الدقة لطيور البوم وأماكن خلابة تحمل أسماء غريبة يصعب التلفظ بها. كذلك أظهرت مشاهد الطيران ريش البوم بأبهى حلله. أما لقطات القتال فتعكس ضراوة الحرب بحركات بطيئة، تقنية برع فيها سنايدر في فيلم 300.

Legend of the Guardians: The Owls of Ga'Hoole فيلم رائع ومشوّق أحياناً يفقد في بعض أجزائه الزخم والإثارة بسبب تفاصيله المعقدة، بما فيها العنوان. Ugn رغم ذلك، يُعتبر هذا التحوير لموضوع تناوله تولكين خطوة جريئة تتطلب جهداً يتخطى ما يستلزمه إنتاج فيلم عادي للأولاد. وفي عصر السرعة هذا، يمتاز هذا الفيلم الجريء بخصائص كثيرة ستروق المشاهد.

الجريدة الكويتية في

29/09/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)