حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أحمد راتب:

أمثل.. بالفطرة واللي ذاكر.. ذاكر من زمان

كتب ايه رفعت

بشكل متنوع ظهر الفنان أحمد راتب في رمضان الماضي من خلال أكثر من عمل حيث قدم شخصية الرجل المسالم الذي يدعو إلي الفضيلة ويعلم ابن شقيقه كيف يواجه الحياة بعلمه وثقافته وليس بالفلوس وذلك من خلال دور «أنس» في مسلسل «اللص والكتاب»، كما قدم شخصية النحاس باشا في مسلسل «الجماعة» والذي كان له السبق والتحذير من خطر الإخوان المسلمين أيضًا استطاع أن يرسم شخصية اليهودي بشكل مغاير عما قدمته الأعمال الفنية السابقة حيث قدم شخصية «مانويل» في مسلسل «سقوط الخلافة» بطريقة السهل الممتنع علي حد قوله، وعن هذه الأعمال وآرائه في بعض القضايا الفنية تحدث راتب في هذا الحوار: < في البداية تحدث راتب عن دوره في مسلسل «اللص والكتاب» قائلاً: دور أنس من أجمل الأدوار التي قدمتها في حياتي.. لما يحمله من رسالة واضحة وصريحة نحن بحاجة إليها في المجتمع الآن. فهو يدعو إلي العودة للثقافة والقيم والانتماء الوطني والتعليم والتعمق في الفكر وعدم معالجة الأمور بسطحية. فالفرق بين أنس وأخيه الذي يؤدي دوره الفنان حسن حسني أنه ربي «فطين» علي الأخلاق والقيم، فليس المهم أن يعطي الأب لابنه نقودا فقط، ولكن الأهم هو أن تنقل لابنك ثقافة مجتمعه وتجعله يحمل مفاهيمك الأساسية وعادات وتقاليد تجعله يواجه ظروف المجتمع، وما جذبني في هذا العمل هو مدي حاجة المجتمع لأشخاص مثل «أنس» ليعيدوا إصلاحه.

·         وهل شخصية أنس ترمز لطبقة اجتماعية اندثرت؟

- لا هو يرمز للطبقة الوسطي الأصيلة والتي تتلاشي وتختفي شيئًا فشيئًا وهي التي يُبني عليها الأمل لإنقاذ المجتمع.. لأن الطبقة الدنيا أو المعدمة ليس لها تفكير سوي كيفية أكل العيش، والطبقة العليا لا تهتم سوي بتجميع المادة. بينما الطبقة الوسطي (اتهرست) بينهما ولكن لايزال بها قليل من الأشراف الذين يسعون للرقي بالمجتمع من جديد.

·         في رأيك نحن بحاجة إلي كم «أنس» لإصلاح الأوضاع الحالية؟

- في ظل وجود كل هذا الكم من الفساد للأسف لا يكفينا سوي ملايين من أنس.

·         ولكن شخصية أنس الطيبة والمتسامحة جعلت أخاه المادي يتحكم به طوال الوقت؟

- بالطبع ولكن في النهاية ظهر له صوت ورفض تحكم أخيه الظالم.. وما نريد أن نوضحه من خلال المسلسل هو أن هناك بعض الأشخاص عندها حلم وصبر وكرم أخلاق ولكن المجتمع يفسر ذلك علي أنه ضعف منها وانعدام شخصية.. مثلما فعل «سيد» مع اخيه «أنس» والذي كان يعتبر طيبته ليست إلا خوفا من جبروته.

·         الشخصية تحمل جوانب متناقضة كيف قمت بربط ابعادها؟

- بالطبع الشخصية لها أبعاد وانتقالات كثيرة.. ولكن من الصعب أن أقول كيف لاني لا اعرف كيف.. فالممثل غير الموهوب هو من يقول أنه قسم كل جانب علي حدا واستذكر الشخصية جيدا وغيره من الكلام المتعلق بدراسة الشخصية. ولكن أنا أفعل ذلك بالفطرة والمنطق والموهبة، فأنا لم أحدد مراحل الشخصية ولكن كل ما علي تقديمها بشكل لائق منذ القراءات الأولي للورق.

·         ننتقل إلي دور «مانويل» في مسلسل «سقوط الخلافة»، لماذا وافقت علي هذه الشخصية؟

- في البداية تم عرض الدور علي كضيف شرف حتي أنه لا يتعدي الـ 50 مشهدا من اجمالي المسلسل ولكنه حصل علي اهميته وقيمته من خلال الأحداث وتوفيقي في أداء الشخصية، فالمسلسل يوضح تاريخ اليهود ويؤكد أنهم هم كارثة الدنيا الكبري.. فالبرغم من فساد وظلم الخلافة العثمانية إلا أن الشعوب العربية منذ قديم الأزل تتقبل حاكمها أيا كان وتعيش في ظله، إلي أن يأتي لها التغيير من الخارج.. وغالبا ما يكون العامل الخارجي لاناس لهم مصالح وراء تغيير هذا الحكم. فما حدث في سقوط الخلافة العثمانية مثلما حدث في حرب العراق عندما أطاحت امريكا ببطش وظلم صدام حسين ولكن لم يكن الإطاحة به لمصلحة الشعب العراقي ولكنها كانت لمصالح شخصية وقد جاء سقوط الخلافة العثمانية علي يد اليهود في هذا الوقت والذين كانت لهم مصالح خفية وراء الاطاحة بهذه الخلافة، وهي أن تنقسم الدول العربية لكي يستطيعوا احتلال أرض فلسطين وتنفيذ وعد الانجليز لهم.

·         وما أهمية عرض هذه السيرة التاريخية في الوقت الحالي؟

- لكي نعلم دور اليهود في تخريب الدنيا منذ القدم.. كما نعلم تفكيرهم الدءوب ومثابرتهم للحصول علي الأشياء علي مدار السنوات مع التخطيط الدقيق.. فمانويل خطط لفترة طويلة ودأب علي الأمر حتي تم سقوط الخلافة بالفعل.

·         وما متناقضات الشخصية التي وضحتها في مانويل؟

- التلوين علي كل جانب والتفكير في الشخصية التي يتحدث إليها.. فعندما نراه يتحدث لأحد الجنرالات من الدول العظمي والذين يساعدونه في مخططاته نجده يتحدث بأدب واحترام شديد.. بينما تظهر شخصيته الديكتاتورية والمتحكمة مع من هم أدني منه.

·         تم تقديم شخصية اليهودي كثيرًا ما الذي جدده أحمد راتب بها؟

- أنني جعلته بني آدم طبيعيا جدا وهو واع ومتعلم ودارس ومثقف وليس مجرد طاغية.

·         وهل عدت لمراجع تاريخية قبل بدء تصوير دورك بالمسلسل؟

- لا .. اللي ذاكر ذاكر من زمان.. فهذا تاريخ دولنا العربية وأنا اعرفه منذ أن كنت شابا ودرسته، وهو محفور في ذهني.. فليس لي حاجة للرجوع لكتب التاريخ.

·         في رأيك هل تم توزيع المسلسل بشكل سيئ في شهر رمضان الماضي؟

- المشكلة هنا أن الاعلام منذ فترة كبيرة يهتم بالفلوس والاعلانات التي تأتي علي العمل الدرامي وعلي هذا الأساس يتم تسويقه.. فمسلسل باللغة العربية الفصحي سواء كان ديني أو تاريخيا لا يشكل عامل جذب لأصحاب الاعلانات مثل مسلسل آخر يحمل مضمونا خفيفا. ولكن يجب أن تكون هناك استراتيجية اعلامية بجانب المكسب المادي، وهي أنه يجب زيادة عرض مثل هذه الأعمال لزيادة ثقافة الشعب ومعرفته بتاريخه.. وهذا ما كان يحدث قديما فانا اذكر عندما تم عرض مسلسل «أم كلثوم» بعض الناس قالوا إنه لن يحقق رواجًا اعلانيا ولكن التليفزيون قام بعرضه في أوقات جيدة لزيادة ثقافة المجتمع وقتها.. ومن بعدها تم بيع المسلسل وتسويقه وحصل علي شهرة واعلانات ومكاسب مادية كبيرة. ولكن للاسف هذه الاستراتيجية اصبحت غير موجودة الآن والكل يجري خلف المكسب فقط.. فهذا لم يحدث مع سقوط الخلافة عمدا ولكنه عبارة عن خلل في الاعلام نفسه.

·         قدمت شخصية «النحاس باشا» بشكل مميز في مسلسل «الجماعة»؟

- المسلسل لم يتعرض لحياة النحاس الشخصية ولكن تم التركيز علي حياته السياسية ومواقفه العملية الجادة، وتنبؤاته بخطر جماعة مثل الإخوان المسلمين في هذا الوقت وتأثيرها علي المجتمع. فهو كان زعيمًا وسياسيا من الدرجة الأولي ويعتبر رمزًا من رموز مصر، لذلك كان يجب أن اظهره بشكل قوي وفي منتهي الشموخ لأن الرموز المصرية يجب أن تتسم بالقوة. ولم استشر أحدا في أداء هذا الدور وبرغم ذلك أكد لي الكاتب محمد صفاء عامر انني أجدت تقديم شخصية النحاس لأنه كان بالفعل كذلك.

·         ألم ترجع لشخص يعرف تاريخ «النحاس»؟

- المسلسل لم يتحمل الاهتمام «بالحواشي» الخاصة بالشخصية.. فمثلا ما أعرفه عن النحاس في حياته الشخصية أنه كان رجلاً بسيطاً يقول ما في قلبه بتلقائية ولا يخشي أحدا وهذا ما حاولت توضيحه من خلال تقديمي للدور.

·         وهل صحيح ما قيل حول تدخل الرقابة لحذف بعض مشاهد المسلسل؟

- بالنسبة لدور النحاس باشا لم ينقص منه حرف واحد.. ولكن بالنسبة لباقي المسلسل فأنا لا أعلم لأني لم أطلع سوي علي الورق الذي يخص دوري فقط.

·         البعض اعترض علي عرض المسلسل في هذا التوقيت السياسي فما رأيك؟

- لا أعتقد أن المسلسل له توقيت محدد للعرض أو زمن محدد فهو ليس سوي فكرة في ذهن المؤلف وقام بتقديمها.. ولو كان علي توقيت الانتخابات فأنا أري العكس تماما فمن الممكن أن يعطي هذا المسلسل دعاية مجانية لهم.

·         البعض اعترض علي عرضه في ظل التيار الديني المنتشر حاليا.. معللين أنه يزيد من تعاطف الجماهير مع الإخوان؟

- الجمهور تعاطف مع حسن البنا في بداياته وذلك نظرا للتيار الديني غير المبرر المنتشر حالياً لأنه كان يستعطف الناس بقول «قال الله وقال الرسول» فمن يرفض كلام الله والرسول صلي الله عليه وسلم؟ ولكن اعتقد أن من أصدر حكما علي المسلسل بأنه أعطي انطباعاً جيداً عن الإخوان وحبب الناس أكثر فيهم كان متسرعا قليلا.. لأن الجماهير فقدت تعاطفها مع البنا منذ بداية التفجيرات والعمليات الإرهابية والجيوش العسكرية السرية التي كان يعدها وقتها.. وهذا ما نبه إليه النحاس باشا عندما قال «يعني إيه عايز دولة إسلامية؟

ده واحد عنده حب الزعامة عايز يحكم».

·         لماذا أحمد راتب مقل في أعماله السينمائية؟

- لا أعمل بالسينما إلا لو كانت وحشتني فقليل من الأفلام جيدة وأغلبها له اتجاهات غير مرضية للعقل والمنطق سواء في الكوميديا أو الأكشن أو التراجيدي لكن حاليا أشارك في فيلمين جيدين من وجهة نظري هما «زهايمر» مع عادل إمام و«فاصل ونواصل» مع كريم عبدالعزيز.

·         حدثنا عن أدوارك في الفيلمين؟

- بالنسبة لـ«زهايمر» فأنا أقوم بدور صديق الفنان عادل إمام الذي يشارك أثناء أحداث الفيلم في مؤامرة ضده.. أما بالنسبة لفيلم «فاصل ونواصل» فأنا أقوم بدور والد زوجة كريم عبدالعزيز التي ستقوم بدورها الفنانة دينا فؤاد وسيقوم هذا الرجل بالدخول في مشاحنات وقضايا ضد كريم لكي يحصل علي حضانة حفيده بعدما تتوفي ابنته.

·         وما رأيك في عرض الأعمال الفنية في مواسم محددة طوال العام؟

- كل هذا نابع من التفكير في المكسب.. فبالنسبة للسينما اخترعوا موسم عيد الفطر وعيد الأضحي لكي «يلموا العيدية من العيال».. وموسم الإجازات لكي يكسبوا من الطلبة المتفرغين.. وبالنسبة للدراما فهو شهر واحد يعرض به كل إنتاج العام وبقية العام يصبح عبارة عن إعادات لمسلسلات قديمة فلماذا لم يقدموا الفيلم الجيد عندما ينتهي إنتاجه وعدم التمسك بعرضه في أحد المواسم؟ ولماذا لا يقوم التليفزيون بتنسيق العروض حتي يعطي للناس حق التثقيف والترفيه من خلال وضع استراتيجية إعلامية محددة بجانب اهتمامه بالمكسب المادي.. كل هذا لا يحدث حتي مع الأفلام أو المسلسلات المدعومة من الدولة والتي بدأت هي الأخري تطبيق شروط الربح المادي.

·         وماذا عن المسرح؟

- آخر دور قدمته في «أولاد الغضب والحب» ولكن بعدها لم أجد مسرحًا جيدًا.. لأنه مرتبط بعوامل كثيرة تتسبب في فشله مثل الورق والفوضي المرورية وأسعار التذاكر والأجور القليلة.

·         هل النص المسرحي السيئ وراء الأزمة التي يعاني منها المسرح حاليا؟

- لا فهناك عوامل خارجية لا يستطيع المسرح التحكم بها.. فمثلا يجب أن نوفر للناس النقود الكافية للمعيشة لكي يتبقي منها لشراء تذاكر المسرح.. كما أن أحدا لن يستطيع الذهاب للعتبة أو قصر العيني في ظل الظروف المرورية الحالية لمشاهدة مسرحية تعرض حتي ولو كانت تحفة من تحف الزمن.

·         لماذا لم نر حتي الآن اسم الفنان أحمد راتب كبطل مطلق؟

- هذا شيء أنا أقصده فلقد رفضت أن أكون سلعة أو حصانا في سبق خيل.. فالمنتجون يتعاملون مع النجوم علي أنهم سلعة يتم طرحها في الأسواق ومسيرها للرواج أو للبوار.. وقد يكمل الحصان السبق وقد لا يكمله.. أنا أريد أن أظل كما أنا أذهب للدور الذي يشبع موهبتي ويوضحها ويجعلني أعطي الجديد دائما.

·         هل تعتقد أن جيل النجوم الشباب الحالي أكثر حظا من جيلك؟

- لا يوجد جيل أكثر حظا من الآخر فكل جيل يظهر منه نجوم قد يتركون علامة وقد لا يشعر بهم أحد.. وأكبر مثال علي ذلك تألق النجم الراحل أحمد زكي وهو كان من أبناء جيلي.. والجيل الحالي موهوب جداً وأتمني لهم جميعا النجاح والاستمرارية.

·         أيهما أقرب إليك كفنان.. الأدوار الكوميدية أم التراجيدية؟

- لا هذا ولا ذاك فالدور المكتوب بشكل صحيح وله أبعاد درامية هو ما يدخل ذهني مهما كان نوعه.

·         وبعد كل هذا المشوار الفني هل أنت راض عما وصلت له؟

- نعم بنسبة 95%.. ولكن من الممكن أن تكون هناك نسبة ضئيلة جدا تعبر عن ندمي علي بعض الأعمال التي قدمتها في بداية مشواري والتي كنت مضطرا لتقديمها لكي يتعرف الجمهور علي.

·         قيل إنك ترفض عمل بناتك بالوسط الفني.. ما ردك؟

- بالطبع لا وأكبر دليل علي ذلك أن ابنتي لبني قررت فجأة خوض تجارب تمثيلية قليلة ولم أمانع إطلاقا ولكنها تراجعت بعدها وفضلت الزواج والأولاد وأيضا هذا القرار كان خاصا بها ولم أتدخل به لكن اختيها لم تبديا أي رغبة في دخول هذا المجال برغم أن لديهما تذوقا فنيا عاليا وحسا نقديا ورؤية جيدة للأعمال الفنية.

روز اليوسف اليومية في

28/09/2010

 

صلاح السقا..رحيل فنان عاش خمسة آلاف عام

أسامة صفار

 

برحيله يكون الستار قد أسدل علي مرحلة بكاملها من تاريخ الإبداع المصري الذي امتد ليشمل الدول العربية فالمخرج صلاح السقا لم يكتف بريادته لمسرح العرائس في مصر لكنه أسس العديد من المسارح في الدول العربية وخرجت من بين يديه أجيال من المبدعين الذين يدينون له بالعلم والخبرة العميقة لكن صلاح السقا الإنسان امتلك قدرات إبداعية من نوع آخر تقف جنبا إلي جنب مع قدراته الفنية العظيمة فالرجل عاش حياته وصنع تاريخا ومجدا لم يصنعه غيره وأخرج أعمالا خالدة دون ضجيج وبتواضع لم يوجد له مثيل.

صلاح السقا أعاد إحياء فن فرعوني اختفي من مصر منذ خمسة آلاف عام ثم انتقل الي العديد من الدول واسترده الرجل مرة أخري عام 1962  ليصل ما انقطع بين تاريخ مصر وحاضرها ويترك للأجيال القادمة أعمالا فنية تشهد بالموهبة الكريمة والإخلاص في حب الفن.

ولعل ما تركه في ابنه النجم أحمد السقا من ميراث الاجتهاد والدأب يؤكد علي أن اختيارات صلاح السقا بالسفر للدراسة ثم استكمالها بمصر لم يكن مصادفة ولكنها كانت قناعات ثابتة لرجل قرر أن يصقل موهبته بالعلم وأن يخلص لعشقه الأكبر وهو الماريونيت.

ولد صلاح السقا في عام 1932وبدأ رحلته الفنية مبكرا؛ حيث حصل علي ليسانس الحقوق جامعة عين شمس، وعمل بالمحاماة، لكنه لم يستمر فيها طويلا، فبعد تخرجه بعام عمل فنان عرائس، وانصرف عن المحاماة في 1959  والتحق بدورة تدريبية لتعليم فن العرائس علي يد الأب الروحي لفناني العرائس في العالم الخبير الروسي سيرجي أورازوف، وسافر السقا إلي رومانيا ليحصل علي دبلوم الإخراج المسرحي، تخصص فن العرائس، ثم عاد إلي مصر، ليحصل علي ماجستير من معهد السينما قسم إخراج عام 1969 .

وقدم رائد مسرح العرائس خلال رحلته الإبداعية عشرات الأعمال الفنية، منها حلم الوزير سعدون، حسن الصياد، الأطفال يدخلون البرلمان، خرج ولم يعد، ورائعة المؤلف نور الدين ياسين »صحصح المصحصح« في موسم  88/87كما أخرج في السبعينيات عروضا منها: مقالب صحصح وتابعه دندش، من أشعار الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، "أبو علي" للشاعر سيد حجاب. وفي موسم  78/77قدم عرض "عودة الشاطر حسن". بينما شهد العقد الستيني من القرن الماضي ميلاد عروضه الأولي "عقلة الصباع"، "الديك العجيب"، تأليف إيهاب شاكر، وحوار صلاح جاهين، "حكاية سقا" تأليف سمير عبد الباقي، وغيرها مثل"صحصح لما ينجح"، "السما الثامنة"، و"صحصح وجميلة"، و"حمار شهاب الدين" فكرة بكر الشرقاوي وحوار عمنا صلاح جاهين، وشارك في إخراجه الفنان ناجي شاكر، و إبراهيم سالم، وحقق العرض نجاحا جماهيريا وفنيا؛ كتجربة أولي من نوعها،  وضعت عرائس هذا العرض في واجهة مسرح العرائس بعد ذلك ويعتبر موسم  62/61  موسم الخلود بالنسبة لصلاح السقا؛ حيث التقي بكلمات الشاعر الكبير صلاح جاهين، وألحان الشيخ سيد مكاوي، وعرائس الفنان ناجي شاكر؛ ليقضوا الليلة الكبيرة سويا، وتظل أهم"ليلة" في التاريخ الفني وبعد أكثر من 40 عاما علي صنعها تم عرض العرائس الأصلية للأوبريت بمؤسسة بيت الشاعر بشارع المعز لدين الله الفاطمي.

ولم يكن الإخراج المسرحي كل دوره، وإنما راح يساهم في إنشاء مسارح العرائس ببعض الدول منها قطر، سوريا، الكويت، فرقة العرائس السودانية بأم درمان 1978  فرقة العرائس التونسية 1980  كذلك العراق، وقد أسهم بمشاركة الفنان "ألفريد ميخائيل"، في تدريب فناني العراق "أنور حيران، وطارق الربيعي"، من خلال دورة تدريبية لتحريك وصناعة العرائس. كما أنجز عشرات البحوث، أهمها "محاضرات عن تاريخ فن العرائس" بشكل عام، "وخيال الظل والأراجوز" بشكل خاص، وقررت هذه البحوث علي طلبة الأقسام الخاصة بالمعاهد، كلية التربية، ووزعت علي مشاركي الدورات التدريبة التي ساهم بها مع وزارة التربية والتعليم. هذا بجانب تأسيس مسرح شكوكو للعرائس وفرقته، وفرق العرائس بالأقاليم، ومن قبلهم مسرح القاهرة للعرائس وفرقته.

حكاية مسرح

ولبناء مسرح العرائس بالأزبكية قصة حيث أثناء أحد العروض عام 1960 وبالتحديد في 3 مارس، لاحظ صلاح السقا والعاملون معه حالة من القلق وأصواتاً وحركات غير عادية بالصالة. وبعد الانتهاء من العرض، الذي ظل مستمرا لم يبال أفراده بضجيج الصالة، اكتشف العاملون بالمسرحية وجود الرئيس جمال عبدالناصر ود.ثروت عكاشة وزير الثقافة في ذلك الوقت ، وأبديا إعجابهما بالعرض، فتقرر من بعدها  إنشاء مسرح العرائس، والذي أصبح مديرا له عام 1969  ثم مديرا عاما عام 1976. وتولي رئاسة البيت الفني للمسرح من الفترة  من1988  حتي 1990  كما تولي رئاسة المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية، بجانب إشرافه علي مسرح العرائس حتي عام 1992  فضلا عن كونه عضوا بالمجلس الأعلي للثقافة، وعضو الهيئة العالمية لفنون ومسارح العرائس تقديرا لإسهاماته الفنية، حصل علي العديد من الجوائز، ونال العديد من الدروع من مصر وبعض الأقطار العربية والأجنبية؛ حيث حصل –في بداية طريق- علي الجائزة العالمية الثانية من بوخارست، وفي 1973 حصل علي الجائزة الأولي ببرلين، كما نال شهادة تقدير في 1980 من الولايات المتحدة الأمريكية "هيئة السبموسوينان"، ثم يعرض تاريخ شخصية الأراجوز بحديقة البيت الأبيض بواشنطن. كما منحه عمدة بلدة مستل باخ بالنمسا بمناسبة عرض الليلة الكبيرة عام 1989 درع تكريم، وكانت النمسا كرمته من قبل عام  1980  ونال الدرع المميز من مهرجان جرش بالأردن 1985 والدرع الذهبي لدولة الشارقة 1986. وتقلد بالميدالية الذهبية لمهرجان دول البحر المتوسط بإيطاليا 1986. وكرمته بلاده في عيد الطفولة 1997 كما كرمه المهرجان القومي للمسرح.

تاريخ التحريك

صلاح السقا هو وريث تراث عالمي بدأ عند الفراعنة منذ نحو خمسة آلاف عام وانتقل الي قارة افريقيا فاستخدمه الأفارقة في احتفالات الصيد وانتشر في العالم كله سواء دول آسيا مثل الهند والصين والبابان أو أوروبا وبشكل خاص في اليونان والتقطه الأمريكيون أيضا وعاد الي الظهور في مصر في الفترة العثمانية ليعيد الرائد الراحل إحياءه مرة أخري علي أرض الواقع المصري والعربي ويقدم دراسات نظرية في تاريخ فن العرائس ويرصد خلالها نشأته في العالم كله وقد ظهرفي الهند منذ 4000  سنة، وتعود الكتابات الأولي فيه إلي الأسطورتين الهنديتين "ماهبا هاراتا" و"رامايانا"، وكانت عبارة عن طقوس هندية دينية وقد استخدمها المواطن الهندي في البداية من أجل نقد النظام السياسي و السخرية منه في حين استخدمها في نفس الوقت من أجل عرض القصص الدينية و يبلغ عمر هذا الفن في الصين نحو  2000 سنة ، وقد كان لمحركي وصناعي العرائس المتحركة التأثير الكبير في كافة قطاعات المجتمع في ذلك الوقت حتي أن تأثيرهم كان يمتد إلي المحاكم وقراراتها الملكية، وذلك في الفترة  -1279- 960م وكانت تحكم الصين في ذلك الوقت أسرة »سونغ«.

وشجع العديد من البلدان الآسيوية الأخري أيضا العرائس المتحركة، ففي تايلاند كان هناك العديد من الأشكال للعرائس المتحركة فكان هناك العرائس المتحركة بالعصا أو بالقضبان والذي يتكون من رأس فقط مثبت بطرف عصا يتم تحريكها من أسفل منصة العرض، وظهر في فيتنام عرائس الماء أما في جزيرة ( جاوة ) فقد ظهرت عرائس خيال الظل.

وأشار بعض المستكشفين إلي أنهم وجدوا بعض الأجزاء المتحركة من العرائس والتي يعود تاريخها إلي زمن قديم جدا مابين عام 4000  و5000 سنة قبل الميلاد، وتظهر الكتابة الهيروغليفية  أن الأعمال الدرامية الدينية كانت تستخدم العرائس المتحركة في عام 2000  قبل الميلاد، وفي أوروبا فقد ظهر فن العرائس المتحركة عن طريق اليونان، فقد كان أول ظهور للعرائس المتحركة في مسرح الأكروبوليس وهو من أشهر المسارح اليونانية في مسرحية للشاعر »ديونيسوس« ولم يكن محركو العرائس في ذلك الوقت يتمتعون بمكانة اجتماعية عالية فكان معظمهم من جماعات الغجر، ومع ذلك بدأت الكنيسة عام 1310 بتشجيع فن العرائس المتحركة مما ساعدها علي الانتشار وكانت إيطاليا أول البلدان اهتماما بذلك الفن فأنتجت العديد من العروض مثل مأساة  ” د.فاوست “.

وفي أمريكا الشمالية كانت العرائس المتحركة جزءا لا يتجزأ من احتفالاتهم وخاصة عند الهنود الحمر، وقد انتقل فن العرائس المتحركة أيضا إلي أمريكا والمكسيك بتأثير من أوروبا ولكن استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون رائدة لفن العرائس المتحركة عام 1960  فقد بدأ الانتقاد للأمور السياسية في أمريكا من خلال فن العرائس المتحركة في عروض مثل عرض بيتر شومان (الخبز ومسرح العرائس) وقد بدأت شعبية (فن العرائس المتحركة ينتشر عن طريق التليفزيون من خلال برامج للأطفال مثل (عالم سمسم).

آخر ساعة المصرية في

28/09/2010

 

الرجل الغامض.. فيلم يشبه هاني رمزي

ماجدة خيرالله 

أعتقد أن السيناريست بلال فضل كتب فيلم الرجل الغامض بسلامته قبل أن يكتب سيناريو المسلسل البديع »أهل كايرو« فهناك فروق شاسعة بين مستوي العملين! فالمسلسل حفر علامة فارقة في تاريخ كل من شارك في خروجه للنور بداية من المؤلف وحتي عامل الإضاءة، أوصبي البوفيه الذي كان يقدم القهوة والشاي لفريق العمل! وإذا كانت "البطن قلابة " كما يقولون يعني ممكن تلاقي واحدة تخلف عيل عبقري، وهي نفسها تخلف من نفس الراجل وتشيل في نفس البطن عيل عبيط و متخلف، برضه ممكن تلاقي مؤلف ربنا يكرمه مرة بعمل يصبح حديثا للقاصي والداني، وهو نفسه يمكن يقدم فيلما متواضع المستوي ويمر مرور الكرام، وأرجو ألا تفهم من تلك المقدمه أن "الراجل الغامض بسلامته"  فيلم كده ولاكده، إطلاقا فهو بالمقارنة ب»ولاد البلد« يعتبر تحفة فنية.

ولكنه للحقيقة من الأفلام التي تخرج منها كما دخلت، يعني لا إنت زعلان ولامبسوط! فالمعادلة محسوبة ومضبوطة علي مقاس بطل الفيلم هاني رمزي وإنت عارف بقي هاني رمزي مقاسة قد إيه؟ إنها لعنة التفصيل أو الكتابة من أجل إرضاء النجم، وهي أمور لاشك تقيد الإبداع وتخنق غدة الابتكار وتلجم الخيال، وتأمل حال الفيلم يدل علي قضية شديدة الخطورة، وهي أن السينما المصرية لاتسمح إلا في أضيق الحدود بتحقيق طموحات المؤلف المبدع، وربما تكون الدراما التليفزيونية فرصة عظيمة لتحقيق طفرات إبداعية لدي المؤلف والمخرج والممثل أيضا، يعني مثلا نيللي كريم التي قدمت أداء مدهشا، في مسلسل الحارة، نجدها تقبل دورا باهتا في فيلم الرجل الغامض، لمجرد ان تتصدر صورتها أفيش فيلم سوف يضيع من الأذهان قبل أن ينتهي الموسم الحالي يعني بعد أسبوعين أو ثلاثة علي الأكثر! محتاج تعرف الحكاية؟ ولو أن المسأله مش مستاهلة، لكن سوف أشبع فضولك، يلعب هاني رمزي دور شاب مكافح من بيئة شعبية يعمل في إحدي المؤسسات الحكومية "شركة الألبان"، ويكتشف الشاب تلاعبا في أسعار شراء بعض الآلات والأجهزة، ويقدم تقريرا لرؤسائه بهذا التلاعب، معتقدا أنه سوف يتلقي مكافأة علي اجتهاده، ولكنهم يطردونه من العمل ويستغنون عن خدماته، ويطلع بشيك بخمسة وعشرين ألف جنيه عبارة عن مكافأة نهاية خدمة! هذا الشاب الذي فاته سن الزواج لديه هوس جنسي، يعوضه بالذهاب الي صالة الوصول بمطار القاهرة لتقبيل النساء والتحرش بهن، وعندما تضبطه الشرطة يحاول إقناع الضابط بأنه معذور لأنه مش عارف يتجوز، وعن طريق الصدفة يلتقي عبدالراضي "هاني رمزي" بفتاة رقيقة وجميلة هي "لميس" أو نيللي كريم وهي عضوة في جمعية خيرية لرعاية أطفال الشوارع، ويدعي عبدالراضي أنه من رجال الأعمال، واسمه رياض، ويتورط في التبرع بمبلغ ضخم للجمعية وطبعا يتهرب من الدفع، ولكن لميس تطارده كي تحصل علي قيمة التبرع، ويتعلل لها بأسباب ملفقة، تنتهي بتوطد العلاقة بينهما، ولأن نساء الجمعية الخيرية علي علاقة وطيدة بوزير التنمية الاجتماعية ووزير الاستثمار، فهذا يتيح لعبد الراضي الفرصة لحضور مؤتمر للوزير الذي ينبهر بأفكار عبد الراضي، رغم أن هذه الأفكار لاتزيد علي طرح تجربة ماليزيا وبنجلاديش وبعض دول العالم الثالث التي سعت للتنمية البشرية والاستفادة من الأيدي العاملة في بلادها وتدعيم المشاريع الصغيرة، مما أدي للقضاء علي البطالة ورفع معدلات التنمية، وهي تجارب لاتغيب عن ذهن وزراء مصر، ولكن المهم في التنفيذ، والحكاية لاتستدعي هذا الانبهار الشديد الذي أبداه الوزير"أشرف زكي" بعد الاستماع الي كلمات هاني رمزي! لدرجة أنه طلب منه بإلحاح أن يكون مستشاره الشخصي، وهو الأمر الذي أثار غيرة رئيس الوزراء وجعله يستدعي هاني رمزي كي يستفيد بخبراته! وكان يجدر بالمؤلف أن يبحث عن فكرة مبتكرة فعلا،  يقدمها هاني رمزي بدلامن الكلام المرسل الذي لايؤدي إلي شيء، المهم يدخل علي الخط ، بعض العناصر الأجنبية التي تريد القضاء علي الاقتصاد المصري وتجد في عبدالراضي خطرا علي مخططها فترسل له امرأة فاتنة تعرض عليه مبلغا من المال "مش عارفة ليه؟" ويستخدم هذا المال لإجراء جراحة لشقيقته المعاقة، تصبح بعدها وبقدرة قادر، سليمة تماما وتستطيع السير علي قدميها بعد أن كانت تجلس علي كرسي متحرك! ويتزوج هاني رمزي من لميس أو نيللي كريم ونكتشف أنها هي الأخري كانت تكذب عليه وأنها من عائلة مفلسة وأمها تبحث لها عن عريس غني! وتدخل أحداث الفيلم في سلسلة من التفريعات والتلفيق الجامد ويتم قتل وزير الاستثمار ولصق التهمة بهاني رمزي، الذي تتضح براءته بعد مشهدين فقط وتوتة توتة فرغت الحدوتة! لا أعتقد أن بلال فضل يمكن أن يعتبر هذا الفيلم ضمن أعماله الجيدة، ولاشك أنه كان يتمني أن يعرض قبل مسلسله »أهل كايرو«  بسنوات، أو لايعرض مطلقا، فهو لايحمل أي إضافة لمن شاركوا فيه، أما هاني رمزي الذي تضخم جسده لدرجة واضحة تستحق منه بعض الجهد ليسترد رشاقته، فقد آن الأوان ليبحث عن صيغة مختلفة لنوعية الأدوار التي يقدمها في السينما، وإلا سوف يخرج أسرع مما يظن من حلبة السباق، فالفنان الذي لايتحرك خطوات للأمام مع كل عمل فني يقدمه، يتراجع للخلف دون أن يدري، وأنصحه بمشاهدة أفلام الممثل الأمريكي آدم ساندلر فهو قريب الشبه منه وفي نفس المرحلة العمرية غير أن الأمريكي لايكف عن تقديم نوعيات مختلفة من الأدوار تتيح له التنافس مع نجوم الكوميديا الأكثر شبابا بينما هاني رمزي مستسلم تماما لنفس نوعية الأدوار التي سجن نفسه فيها منذ خمسة أعوام، إلحق نفسك ياهاني قبل ماياكلك العوْ.

آخر ساعة المصرية في

28/09/2010

 

»المنسيون«.. وتجارة الجسد..

نعمة الله حسين 

الاتجار بالبشر.. نساء .. أطفال أخطر جرائم القرن الذي نعيش فيه.. عالم الجريمة المنظمة »مافيا« الدعارة والجنس للنساء.. والأطفال ضحاياها من العالم أجمع.. العالم الفقير  الذي يدفع بأبنائه إلي الهجرة  من محاولة للبحث عن حياة أفضل خارجه. ليس الفقر المادي فقط.. بل الفقر الاجتماعي والمعنوي في موروثات جعلت المرأة مضطهدة مقهورة وفي محاولاتها للانفلات بكيانها قد تسقط ضحية سهلة في أيدي محترفي البيع والشراء من تجار الجسد والمتعة..

 وإذا كانت »الدعارة« مهنة مسموحا بها في أوروبا »وللداعرات« شكليا من باب التحضر نقابات تحميهن، إلا أن المنغمس.. والمقترب من هذا العالم يدرك أن نصف هؤلاء النسوة تقريبا يعملن بالإكراه وتحت التهديد من قبل العصابات المنظمة.. وما صورة النقابات والحماية إلا كلام أجوف لصورة مشوهة عن الحرية.

ولقد نجح المخرج المغربي القدير الذي يمارس الصيدلة حتي الآن في أن  يكشف بصدق عما يحدث في هذا المضمار من خلال فيلمه »المنسيون« الذي تقاسم معه في  كتابة السيناريو »توفيق طه«  وبطولة كل من »يوسف جندي« .. »أمين ايتاجي«  »مريم أجادو« وهو يعد وثيقة إدانة اجتماعية لما يحدث في هذا العالم الخفي.. وتحذير لكثير من الفتيات كان يمكن أن يتجنبن الوقوع في الفخاخ المنصوبة لهن.. الفيلم بالمناسبة عرض في المغرب وحصل علي جائزة الجماهير في مهرجان تطوان 2010.. ولن نجد أحدا يقف ويصرخ ويتاجر ويزايد بأنه يشوه صورة المغاربة  من الرجال تجار النخاسة.. والفتيات اللائي يمارسن الرذيلة  لان الهدف اسمي بكثير  مما قدمه الفيلم وثيقة إدانة .. وصورة طبق الأصل لمايحدث في الواقع.

وبالطبع ستظل الهجرة غير الشرعية هي »أم المأساة« في كل مايعاني منه المغتربون.. بداية من الرحلة الخطرة أيا كانت وسيلتها.. وضريبتها الموت.. ونهاية بالحياة التي تكون معظمها في مستنقع الرذيلة للفتيات..  وعالم الإجرام والمخدرات للشباب.

ولهذا كله يستحق »حسن بن جلون« تحية خاصة أن أفلام الستة التي قدمها من قبل ولاقت نجاحا جماهيريا لم تغفل عن مناقشة أخطر قضايا المجتمع المغربي.

أحبت »يمني« »عزيز« ابن قريتها الصغيرة الواقعة في أحضان الجبال القاسية.. لكنه لم يكن يملك الكثير فتركها مهاجرا غير شرعي  عبر البحار مختبئا  بتجاويف الصنادل  معرضا نفسه للهلاك ليصل إلي بروكسل بلجيكا أرض الخلاص.. إلا أنه يجد نفسه يقيم في حجرة صغيرة في مبني أكثر حقارة حيث التكدس والقذارة والرائحة العفنة تفوح من المكان.. والمطلوب أن يعمل في الخفاء خائفا مطاردا من قبل الشرطة.. أما يمني الحبيبة التي تركها في البلدة فإن أهلها يجبرونها علي الزواج من أحد الرجال الذين يكبرونها.. لكن الزوج يكتشف أن الفتاة ليست بعذراء وبالتالي يعيدها إلي أهلها.. وقبل أن يقتلها والدها وأعمامها تقوم والدتها بتهريبها لتذهب إلي»فاس« حيث تقيم خالة لها. وبعد رحلة طويلة تكتشف أنها »توفيت« ليتقطها السائق العجوز عارضا عليها خدماته.. فيأخذ ذهبها بعد أن يقنعها بإمكانية سفرها إلي بلجيكا حيث »عزوز« حبيبها.. وبالفعل يتم تسفيرها لتجد نفسها منذ  لحظة الوصول مجردة من أوراقها.. وجواز سفرها ومحتجزة مع فتيات آخريات من جنسيات مختلفة مجبرات علي ممارسة الرذيلة.

ولاتستطيع أي  واحدة الفرار أو طلب المساعدة وإلا تعرضت للتشويه.. والقتل.. ويستمر »حسن بن جلون« في استعراض حياة هؤلاء الفتيات من خلال شهادات حصل عليها في الحقيقة.. وكل شهادة هي مأساة بعينيها. وحتي عندما تنتحر إحدي الفتيات يتم دفنها وكأنها لم تكن موجودة أصلا في الحياة.. وتشاء الصدفة أن يلتقي »عزوز« ب »يمني« ويصاب بصدمة شديدة.. إلا أنه يتماسك بعدما يعرف الحقيقة ويعمل مع أصدقائه علي إنقاذها.. ومن الغريب  أن رجال  الشرطة كثيرا ما تتواطأ مع  رجال العصابات وإن كان  في وجود  بعض الشركاء ما ينقذ الباقين.

إن هذه المشكلة  الكبيرة التي أصبح الإنسان فيها رخيصا وخاصة النساء تمتهن أجسادهن.. وكرامتهن يوميا كسلعة  مصرح بها في البيع والشراء لكن المصيبة  أن منهن من يسعين للهرب وإنقاذ أنفسهن لكن مجرد التفكير  في الفرار  يعني القتل.. أو التشويه.. وكفانا نفوس مشوهة.

آخر ساعة المصرية في

28/09/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)