حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"في انتظار أبو زيد"...في مهرجان مرسيليا

أحمد بوغابة - المغرب

من اللحظات المهمة التي سجلناها في المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمرسيليا (فرنسا) المعروف اختصارا ب "الفيد" (FIDMarseille) والذي واكبه موقع الجزيرة الوثائقية كمنبر عربي وحيد في التظاهرة من لدن كاتب هذا النص، هو الاستقبال الاستثنائي الذي حظي به الفيلم السوري اللبناني المشترك في المسابقة الرسمية الدولية بعنوان "في انتظار أبو زيد" للسوري محمد علي الأتاسي خاصة وأن عرضه جاء بعد أيام قليلة من وفاة الباحث المصري نصر حامد أبو زيد وما أثاره هذا المفكر المُجدد من أفكار سببت له مشاكل في بلده بمصر فهجره نحو المنفى.

لقد كان الجميع ينتظر الفيلم، ولم يخب ظنهم، لأن المفكر الراحل كان كعادته مثار جدل في خطابه وردوده وأيضا يدرك كيف "يلعب" لعبته الجماهيرية من خلال التلفزيون حتى يمرر أفكاره ويستهزئ بخصومه ويجادلهم ويظهرهم في صورة الذين لا يفقهون في ما يقولونه ماداموا يرددون المواقف والنصوص عن ظهر قلب بدون فهم واستيعاب ما يتفوهون به.

وبما أنه – أي المفكر نصر حامد أبو زيد مقتنعا بفكره والبحوث التي أجراها والاستنتاجات التي خلُص إليها فلم يكن يجد بالتالي حرجا في المواجهة المباشرة معهم. وبذلك حاول تقريب الجمهور إليه معتقدا أنه يفكر بعيدا عن المُسلمَات وأنه تقدم بالجديد انطلاقا من مراجع أساسية في الفكر العربي والإسلامي. ولم يبخل بنقده على الغرب أيضا الذي لا يرى في الإسلام إلا ظواهر سطحية وليس عمقه بحيث تحدث عن المناقشات في الأوساط السياسية العُليا بأوروبا عن الحجاب والبرقع وترك الجوهر الفكري والسياسي.

كما أن "قصة" تطليقه في مصر من زوجته ابتهال يونس عُنوة ودون موافقتها وهي الأستاذة الجامعية الواعية والمسؤولة والراشدة على نفسها، أعطت بدورها للفيلم قوة درامية لم يستغلها "المخرج" جيدا بل ترك الميكرفون للسيدة ابتهال التي عبرت عن فكرها وتشبثها بزوجها واستهزأت بمن تجرأ عليها. وهذه الصورة الناطقة وجدت تضامنا وتعاطفا من لدن المشاهد الغربي في المهرجان الذي تتعدد فيه الفئات الجماهيرية أغلبها واعية بدور الفيلم الوثائقي.  

وعليه، فإن نجاح الفيلم يرجع أساسا وبالدرجة الأولى للراحل نصر أبو زيد إذ هذا الأخير هو الذي شحنه بقوته المعرفية وما ذكره بلسانه حول تعامله مع وسائل الإعلام، خاصة المرئية (التلفزيون)، وبالضبط المحافِظة والتقليدية إذ لا يمانع من المرور منها لنسفها ثقافيا من الداخل ردا على موقف المخرج الذي كان يحاول إقناعه بالعدول عن المشاركة في إحدى تلك القنوات، لأن "المخرج" يعتقد نفسه أكثر ذكاء و"جذرية" و"نضالية" لكن في الواقع يريد "سرقة" النجومية التي يتمتع بها المفكر الراحل. لقد كان "المخرج" يظهر ويختفي لأنه كان له دور الصحفي المُستجْوِب للعلامة كما لم يكن "المخرج" محايدا في علاقته بنصر حامد أبو زيد أو بالموضوع عامة.

كان الراحل نصر حامد أبو زيد هو المبتدأ والخبر في الفيلم. ليس كموضوع رئيسي فحسب أو كمُستَجوَب فقط وإنما نجازف بأنه هو "المخرج" الحقيقي إذ نبحث، عند تعمُقنا في المحتويات السينمائية للفيلم، عن المخرج المفترض الذي قد يضيف شيئا في اجتهاده الفني لنصل إلى نتيجة يؤكدها لنا الفيلم بأن المخرج لم يكن أكثر من شخص يجري استجوابا ويلقي أسئلة ليس إلا. فلو لم يكن المفكر الراحل يدرك - كما قلنا سلفا - دور الكاميرا في إشاعة مواقفه لما عرف الفيلم ذلك النجاح الذي شحنه بقوة شخصيته وأفكاره بل كنا سنكون أمام برنامج تلفزيوني حواري عاد جدا لصحفي مبتدئ. وعليه فلا يمكننا القول بوجود "مخرج" فعلا لهذا الفيلم فالانتماء الحقيقي هو للمفكر الراحل الذي سحب البساط من صحفي أراد أن يصبح مخرجا فلم يفلح.

تعاطف الجمهور الفرنسي مع ناصر أبو زيد وأفكاره وتصريحاته ومع زوجته ابتهال يونس وليس مع "الفيلم" الذي يفتقد لمقومات "الإخراج" السينمائي بعيدا عن الصورة التقليدية للتلفزيون لذا فإن المضمون انتصر على الشكل وغطى على مختلف العيوب التقنية وأنقذ "المخرج" ومنتوجه الذي هو في بورتريه تلفزيوني فقط. إن حسن النية وحدها لا تصنع أفلاما جيدة. وتبنّي أفكار المفكر نصر أبو زيد الغنية بالبحث والتجديد غير كاف لتعطي المشروعية السينمائية لكل من أخذ كاميرا ثم التقط بعض "الصور" لأبي زيد فنقول له "أمين". إن مفكرنا يستحق أكثر من ذلك بكثير.

إن محتوى الفيلم – وليس غيره - هو الذي أهله لكي يحصد جائزتين أساسيتين من المهرجان المذكور (الفيد بمرسيليا) وهما الجائزة الدولية التي تحمل اسم "جورج بوريكراد" في فقرة المسابقة الدولية وكذا جائزة "ميدياتيك". وقد ترأس اللجنة الدولية المخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو بينما لجنة ميدياتيك تتكون من 5 أعضاء من ممثلي المكتبات العمومية المحلية

الجزيرة الوثائقية في

02/09/2010

 

مهرجان الاسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط

واهتمام  خاص "بسينما المرأة" في هذه الدورة السادسة والعشرون

لمى طيارة 

كثيرة هي المهرجانات السينمائية العربية حتى تكاد لا تخلو دولة عربية من وجود مهرجان واحد على الأقل إن لم نقل أكثر، ولكن قليلة هي المهرجانات التي تستهدف عرض الأفلام السينمائية الجيدة بغض النظر عن حداثة إنتاجها أو عن كونها أفلاما سبق لها وان عرضت في مهرجانات أخرى. ومهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط الذي تنظمه الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما واحد من تلك المهرجانات والذي سيفتتح دورته السادسة والعشرون يوم الأربعاء القادم  14 أيلول ويستمر إلى غاية 19 منه بالفيلم المصري "المسافر"ٍ للمخرج أحمد ماهر، الفيلم الذي سبق له وان عرض في مهرجانات أخرى عديدة قبل أن يصل إلى الإسكندرية ، كما انه احد الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية .

ومن ضمن التحضيرات الخاصة بدورة هذا العام فقد اختارت الجمعية المصرية للنقاد والسينما - والتي يرأسها الكاتب ممدوح الليثي- "سينما المرأة" كبرنامج يقام على هامش المهرجان واختيرت لرئاسته الفنانة ليلى علوي كتقدير لها، لما قدمته طوال سنوات عملها للمرأة ،من خلال تجسيدها وبصدق صورة المرأة العربية وخاصة المصرية ، بشكل يعبر عن مشاكلها ومعاناتها. وسيتضمن البرنامج ندوات للخوض في واقع المرأة العربية تحت عنوان "المرأة والسينما... وقضايا لم يعد مسكوتا عنها"، وتطرح محاور عديدة  منها: قضايا المرأة في السينما .. صور إيجابية وصور سلبية ، و الرجال أفضل من عبروا عن خبايا المرأة في السينما و أيهما أكثر جذبا للسينما في المرأة .. العقل أم الجسد وأخيرا نساء مبدعات في السينما.. كما ستقدم البرنامج بانوراما لسينما المرأة وقضاياها وسيعرض من خلالها نماذج من إبداعات المرأة والأفلام التي تتناول قضاياها وتعكس واقعها.

تكريم دولي ومصري... 

من ضمن المكرمين في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط اختير كل من ، الدكتور رياض  نعسان آغا وزير الثقافة السوري  بصفته احد الأعلام في مجال الثقافة والأدب و الرواية ،و الكاتب الصحفي الفرنسي روبير سوليه احد اكبر المحررين في جريدة لوموند الفرنسية والذي ينحدر من أصول عربية ولد وعاش بمصر في سنوات عمره الأولى قبل أن يهاجر إلى فرنسا ويستقر بعاصمتها باريس. وقد  صدرت له مؤخرا رواية تحمل اسم "سهرة في القاهرة" ، بالإضافة إلى  المخرجة التونسية  مفيدة تلاتلي مخرجة الأفلام السينمائية التي اهتمت بمعاناة المرأة في تونس، وأحد أهم أفلامها وأكثرها شهرةٍ "صمت القصور" الذي لعبت بطولته حينها هند صبري وهي طفله، وكانت التلاتي قد شغلت مرات عديدة منصب عضو في لجان تحكيم كان أهمها عضويتها في لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي  2001

أما عن التكريم المصري فستكرم الممثلة الكبيرة  المعتزلة نجلاء فتحي والتي بدورها ستكون ضيفة شرف المهرجان بالإضافة إلى تكريم  كل من الأسماء الكبيرة ذات التاريخ الفني والسينمائي،  كالممثل  جميل راتب  والمخرج على بدرخان والسيناريست مصطفى محرم مدير التصوير محمود عبد السميع والناقده إيريس نظمى والكاتبة حسن شاه  ومهندس الصوت جميل عزيز كما ستعرض أفلام للمكرمين وتقام ندوات لهم .

المسابقة الدولية...

اختارت لجنة المشاهدة في مهرجان الإسكندرية 35 فيلما من حوالي 14 دولة من دول البحر المتوسط لتشارك في المسابقة  الدولية معظمها أفلام ذائعة الصيت  سبق لها وان شاركت في مهرجانات عربية وعالمية هامة وحصلت على جوائز فيها ، وهي على التوالي فيلم "مرحبا "  للمخرج الفرنسي فيليب ليوريه، الذي يصور معاناة المهاجرين السريين ولقد سبق للفيلم أن حقق نجاحا كبيرا في فرنسا وعرض على أعضاء البرلمان الفرنسي لما يحمله من انتقادات لسياسة الهجرة الفرنسية. ثم الفيلم اليوناني"مدير المبنى " وفيلم "حراقة"  للمخرج الجزائري مرزاق علواش والذي سبق وان نال عنه جائزة أفضل فيلم روائي طويل  في مهرجان دبي السينمائي لشبكة حقوق الإنسان وكانت هذه أول جائزة تمنح من قبل هذه الشبكة ، وفيلم "السود" من كرواتيا. أما تركيا فستشارك بفيلم  "خطوة نحو الظلام" واسبانيا فبفيلم "امرأة بدون بيانو" للمخرج خافيير ريبولو، الفيلم الذي سبق وعرض في مهرجان مراكش للفيلم الدولي 2009، والفيلم الايطالي "المساحة البيضاء" من بطولة مارغاريتا باي والذي سبق عرضه أيضا في مهرجان البندقية السادس والستين للأفلام . أما لبنان فستشارك بفيلم "كل يوم عيد"  للمخرجة ديما الحر والذي سبق له وان شارك في مهرجانات عديدة، كان آخرها مهرجان الرباط لسينما المؤلف ، وفيلم "على الطريق" من البوسنة و"شرق غرب شرق" الألباني وفيلم  "9:06 " السلوفيني والفيلم المغربي  "المنسيون" لحسن ين جلون والذي يدور حول شبكات ومافيا الدعارة في المغرب.

والفيلم السوري  "بوابة الجنة" للمخرج ماهر كدو والذي سبق وأن شارك في مهرجان دمشق السينمائي  وأخيرا فيلم  "المسافر" للمخرج احمد ماهر والذي سبق وان اشرنا له.

وسيرأس لجنة تحكيم أفلام المسابقة الدولية المخرجة التونسية مفيدة التالي إلى جانب الممثل المصري المخضرم هشام سليم والنجمة المصرية نيللي كريم إلى جانب العديد من الأسماء ذات السمعة المرموقة في الإضاءة والتصوير والمونتاج أمثال المصورة الهندية سابينا جاديحق و المونتير روبرتو بربينيانى والسيد  جورج باباليوس رئيس المركز السينمائى في اليونان و فنان الموسيقى التصويرية الفرنسي إيريك سيرا 

مسابقة للديجتال واستفتاء وجوائز إعلامية  للنقاد 

إلى جانب المسابقة الدولية للمهرجان هناك  مسابقة لأفلام الديجتال الخاصة بطلاب معهد السينما في مصر وهي متنوعة الأقسام ما بين روائي وتسجيلي وقصير وتحريك. وسيترأس لجنتها  السيناريست د.رفيق الصبان بمشاركة كل من  المخرج أحمد عبد الله وكاتبة السيناريو مريم نعوم. وستبلغ جوائزها المالية ما قيمته الإجمالية 32 ألف جنيه مهداة من الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما .

كما سيتضمن المهرجان جوائز إعلامية واستفتاء للنقاد على الفيلم  الأفضل في السينما المصرية لعام    2010  وعلى أفضل 10 أفلام في السنوات العشر الأخيرة، وسيشارك  نحو مائة ناقد وصحفي في الاستفتاء الذي ستنظمه الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما.

بينما ستترأس لجنة الإشراف عليه السيدة إيريس نظمي والتي كانت تشغل منصب رئيس مهرجان الإسكندرية سابقا، إلى جانب الناقد المصري طارق الشناوي والناقدة خيريه البشلاوي والناقد السوري المقيم في مصر الدكتور رفيق الصبان وآخرون..

كما ستشهد دورة هذا العام مسابقة للسيناريو تحت اسم جائزة "عبد الحي أديب" سيتنافس فيها 153 سيناريو على جوائز مالية تبلغ قيمتها 250 ألف جنيه مهداة من أسرة شيخ كتاب السيناريو عبد الحي أديب.

الجزيرة الوثائقية في

02/09/2010

 

مهرجان المدينة: ليالي وجد صوفي وسينما

كمال الرياحي. تونس 

انطلقت فعاليات الدورة 28 لمهرجان المدينة بتونس من 15 أوت 2010 لتتواصل إلى غاية يوم 7 سبتمبر المقبل وتنظم هذه الدورة باسم" زبير التركي” (1924 - 23 أكتوبر 2009) وهو رسام ونحات تونسي من رواد الفن التشكيلي في تونس صاحب تمثال ابن خلدون الشهير بقلب العاصمة التونسية. وتتزامن هذه الدورة مع التحضير لإطلاق السنة الوطنية للسينما والتي ينتظرها جمهور السينما وصناعه بكثير من الترقّب فكان طبيعيا أن ينتزع الفنّ السابع في هذه الدورة لمهرجان المدينة مكانا مهمّا. و قد كان فضاء نادي الطاهر الحداد العريق والموجود بالمدينة العتيقة الفضاء المخصّص للتظاهرة السينمائية المميّزة التي انطلقت يوم الأربعاء تكريما للمخرج التونسي الطيب الوحيشي بعرض فيلم رقصة النار للمخرجة والمنتجة سلمى بكار وهو فيلم يرصد سيرة الراقصة التونسية الشهيرة حبيبة مسيكة وهي راقصة من أصل يهودي سطع نجمها في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي. وقد كانت لها مساهمات مسرحية في مسارح تونسية وعربية مع فرقة المستقبل لمحمود بورقيبة وفرقة جورج أبيض. وقد تمكنت سلمى بكار من رصد تفاصيل من حياتها المشوقة التي انتهت حرقا على يد حد عشاقها  يوم 20 فيفري 1930. الفيلم من إنتاج 1995 بطولة سعاد حميدو و فيودور أتكين ونجيب بالقاضي ورؤوف بن عمر وجميل الجودي...من انتاج فينيسيا فيلم ومدته ساعة ونصف. وقد أثار الفيلم منذ عرضه الأول كثيرا من الجدل خاصة لما عرفت به المخرجة بعد ذلك من جرأة في طرق تيمات ضمن ما أصبح معروفا اليوم بالمسكوت عنه وقد عمّقت مسيرتها بعد ذلك بفيلم خشخاش الذي أحدث جدلا أكبر. كان جمهور نادي الطاهر الحداد على موعد مجددا مع فيلم ظل مهما رغم كل الاختلافات حوله فنّيا. وقد توقف الهادي خليل في إحدى مقالاته عند بعض هنات الفيلم الممزق بين التاريخ والأسطورة ومشروعية تضخيم شخصية المغنية اليهودية.

اليوم الثاني كان احتفاء بالمخرج الطيب الوحيشي الذي سميت الدورة باسمه وعرض له فلمان هما“مجنون ليلى” "أوبرا ماكينغ أوف". وفيلم مجنون ليلى من انتاج(1989) وهو عن قصة لاندريه ميكال وسيناريو للطيب لوحيشي وهو عبارة عن مقاربة سينمائية خاصة لقصة الحب الشهيرة بين قيس وليلى. الفيلم من بطولة: طارق آكان وصافي بوقيعة وفاطمة بن سيعدان.

ليلة الخميس 26 أوت خصصت لما سُمّي بالسينما الشعرية بعرض شريط طوق الحمامة المفقود للمخرج الناصر خمير الذي يصف الناقد هادي خليل أعماله بقوله" تؤكد أفلام خمير...على قيمة الحكايات والخرافات في ضخ المخيال والحفاظ على حيويته وتدفقه.بؤرة هذا المتن الحكائي ألم خفي في الذاكرة الجماعية مثل جرح غائر دفين لا شفاء منه،جرح اتلاف اندلس العرب إلى الأبد.."

والحق أن الناصر خمير يمثل تجربة سينمائية فريدة ومنشقّة أمكن لها أن تحقق خصوصيتها ضمن المشهد السينمائي العربي بتلك العلاقة السرية التي يربطها المخرج بين الحكي والتشكيل والخرافة. سينما متحررة تخلق ايقاعها الداخلي الخاص لترتفع بالتجربة السينمائية إلى مرتبة الشعرية البصرية.

و"ناصر خمير مخرج مسرحي وسينمائي وشاعر وكاتب ورسام ونحات وخطاط تونسي ولد سنة 1948 في مدينة قربة. تحصل على منحة من اليونسكو لدراسة السينما في فرنسا. يشتغل الآن في مركو جورج بمبيدو الوطني للفن والثقافة. فازت أفلامه بالعديد من الجوائز الدولية، وقدمت عروضه المسرحية المعروفة "الحكواتي" على مسارح في أفريقيا وأوروبا وأميركا، وأقيمت معارض تشكيلية لأعماله في تونس وباريس وعواصم أوروبية أخرى، وأصدر عدة كتب تجمع بين النصوص والرسوم"
الليلة الرابعة خصصت للسينمائيين الهواة بعرض مجموعة من الأشرطة المتوجة بجوائز الدورة الأخيرة للمهرجان الدولي للسينمائيين الهواة بقليبية.

لتختتم التظاهرة ليلة السبت 28 أوت بسهرة السينما الوثائقية حتى الفجر وهي سهرة صوفية يتقدمها عرض فيلم"وجد" لمحمود بن محمود القيم ببلجيكا وقد سبق أن عرض في دول كثيرة من ضمنها اليمن في مركز الدراسات والبحوث اليمني ووجد استحسانا كبيرا عند الجمهور والمثقفين تحديدا عن فيلم يقدم الطرق الصوفية وفكرهم ليكون خير رسالة في التسامح يكون فيه المرء لا يدين إلا للحب. المخرج مازال ينتظر التصريح بتصوير فيلمه"الأستاذ" كما يعرض في نفس الليلة فيلم غرس الله لكمال العريضي وأغاني فال للطيب الوحيشي والحضرة للفاضل الجزيري.

وهكذا تكون السهرات السينمائية بنادي الطاهر الحداد اختيرت بعناية لتكون متناغمة مع الأجواء الرمضانية فكل الأفلام المعروضة يربطها خيط رفيع يتماس مع فكرة السمر والحكي والتقاليد والطرب والإنشاد الصوفي.

فيلم "وجد"

فيلم "وجد" لمحمود بن محمود واحد من أهم الأفلام التي عرضت في هذه التظاهرة حيث كانت هذه المناسبة فرصة لأحباء السينما الوثائقية لمشاهدة فيلم من منتجها المتميز. فقد قدم محمود بن محمود رؤية سينماتوغرافية مخصوصة لمقاربة طرق الصوفية في العالم الإسلامي. وقد كانت تحرّك الفيلم فكرة الانتقام لحلم الأب بالقيام برحلة البحث عن الجذور التركية. واستعادة شغفه بالطرق الصوفية. رحلة انطلق فيها بن محمود من تونس يقتفي خطى والده من جامعة الزيتونة والطريقة الشاذلية  ليخرج بالحلم إلى جامع الأزهر ليرصد حلقات تجويد القرآن وترتيله معرّجا على مسجد الحسين حيث يكون المولد النبوي الشريف فرصة للتعرف عل الطرق الصوفية.ثم تأتي حركة خروج الفكرة في اتجاه الشرق الأدنى لملاحقة القوّالين في الهند من أتباع طريقة الشيشتية حيث يخصص لها المخرج الأهم من الفيلم والذي يكشف العلاقة الوثيقة بين حركات التصوف العربي الإسلامي بالطقوس الوثنية ليرسو الفيلم في اسطنبول أين مجالس المولاوية وشطحات الدراويش، قبل أن يعود إلى افريقيا لكن هذه المرة في السينغال مع الباي فال حيث الطريقة المريدية ذات التأثر بالوثنية.

الفيلم  الذي عرض في نسخة 35 مليمتر في فضاء غير سينمائي في الهواء الطلق مرر الكثير من الرسائل كانحسار الطرق الصوفية في تونس مع أن بعض الصحفيين والمتعبين اعتبروا الفيلم لم يتعمق بالبحث في الطرق الصوفية التونسية التي مازالت في تونس الأعماق وبدت تونس مجرد مرحلة وعتبة لمقاربة وملاحقة الصوفية في الشرق والشرق الأدنى. كما أشار المخرج إلى علاقة المرأة في الإسلام وخاصة تغييب صوتها في الترتيل والذكر. كما كان الفيلم مناسبة لكي يطرح فيها المخرج العلاقة الرحمية للطقوس الصوفية وبعض الطقوس الإسلامية بجذورها الوثنية وما قبل الإسلام وخاصة ما تصل بالنذور وزيارة الأضرحة وما تعلق بها من طقوس. وقد سبق إن تحدث الناقد اليمني عبد العزيز المقالح عن فيلم محمود بن محمود مشيدا بقيمته قائلا: "هناك كتابات كثيرة عن صلة التصوف بالأدب وبالشعر خاصة، لكن أحداً -فيما اعلم- لم يتحدث أو يتناول بالكتابة الصلة بين الصوفية والسينما، وهو موضوع جدير بالاهتمام، ولعل الأشقاء في تونس الحبيبة سيكونون سباقين في هذا المضمار، وفي حرصهم على إخراج هذا الفيلم البديع، الذي يجعل مشاهده يتجول في أقطار شتى، متتبعاً بشغف ومحبة مناهج المتصوفة في هذه الأقطار، ودور التصوف الاشراقي والعرفاني في ترقية الأرواح، ونشر التسامح والقبول بالآخر، انطلاقاً من مبدأ شيخهم العظيم ابن عربي، الذي يحدد مذهبه الروحي الإنساني في أبيات شهيرة منها هذا البيت:

أدين بدين الحب أنىّ توجهت

ركائبه فالحب ديني وإيماني"

اطلبوا السينما ولو كانت في الصين

تزامنت ليلة السينما الصوفية بفضاء الطاهر الحداد مع ليلة سينمائية أخرى في دار الثقافة ابن خلدون لكن الليلة الثانية اختارت أن تكون صينية حتى الفجر مع السينمائي الصيني ونغ كار واي Wong Kar-waiوهو أحد عمالقة السينما الآسوية اليوم وذلك بعرض مجموعة من أفلامه. وهي أفلام جديدة للمخرج منها  فيلم 2046 . ولقيمة هذه التجربة السينمائية تمنى بعض المتابعين للشبان السينمائي في تونس أن يعاد الاحتفاء بهذا المخرج في أجواء أخرى خارج رمضان لأن في أفلامه ما يثير الجدل والتفكير وفيها من العمق ما يجعلها مادة دسمة للحديث عن راهن السينما العالمية والإضافة الأسوية التي يقدمها مخرجين من قيمة ونغ كار واي.

السينمائيون الشبان يحتجون

التقينا على هامش تلك التظاهرات مجموعة من المخرجين والممثلين الشبان الذين أبدوا استياءهم من تهميش أعمالهم في برمجة رمضان خاصة أن هذه السنة ترفع شعار السنة الدولية للشباب. وأبدى البعض استغرابه من إعادة بعض الأفلام التي كاد المشاهد يملها ومنها عرض الحضرة. وحدثنا أحدهم مازحا سيأتي اليوم الذي يعلبون فيه لنا الحضرة سندويتشات. والحق أننا لمسنا مظاهر هذا الملل من خلال العدد القليل من المشاهدين والمتابعين لهذه العروض والتي تخلت على تسعيرتها الرمزية ومع ذلك لم يحضر الجمهور. بعض التظاهرات الأخرى كانت مرتجلة وبرمجت في آخر وقت وبرمجة نفس التظاهرة سينما حتى الفجر في مكانين مختلفين في نفس الليلة يعكس هذا الاضطراب في التنسيق.

ويبقى حضور السينما في هذه الدورة من مهرجان المدينة أمر مهما وإن كنا تمنينا أن تكون عروض الأفلام مشفوعة بحوارات ونقاشات وبحضور أصاحبها من المخرجين والممثلين.

الجزيرة الوثائقية في

02/09/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)