حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ثقافات / سينما

الفن السابع: هشاشة عربيّة!

سيّار الجميل

لقد بدأت السينما العربية بمصر منذ زمن بعيد، وكانت انطلاقتها ممتازة، بتوفر عناصر حسب مواصفات ذلك الوقت، وقد استمرت بلا انقطاع رفقة انجازات مهمة محلية اغلبها، وقد مرّت عليها مراحل عانت فيها من الترهل والضعف والتردي، إذ أنها لم تنجح ولو لمرة واحدة في أن تفرض نفسها عالميا.. صحيح أن ممثلا مصريا مثل الفنان عمر الشريف كان قد وصل درجة العالمية، ولكن ليس من خلال المنتج الفني المصري،بل من خلال إبداعاته العالمية لقصص غير مصرية. وهو نفسه قد تراجع اليوم ليعود ممثلا محليا.. وصحيح أن مؤلفا روائيا مبدعا، مثل نجيب محفوظ قد حصل على جائزة نوبل، ولكن لم يصلها من خلال السينما العربية التي مثّلت أمهات أعماله، بل من خلال الرواية بعد ترجماتها إلى الانكليزية.. إن السينما العربية كلها تعاني اليوم من الضعف والتأخر، مثلما تعاني كل الإبداعات العربية من ضعف وهزال، بل وتصل بعض الأفلام إلى درجة الإسفاف!

دعونا نتساءل عن أسباب هذا التردي، وإخفاقات هذا الفن السابع للوصول إلى درجة العالمية بأي فلم من الأفلام التي باستطاعتها أن تدير اهتمام الناس في أرجاء الأرض.. ربما كانت هناك روايات عربية ممتازة، ولكنها عموما غير منفتحة على المناخ العالمي، ولم تعرف كيف يكون باستطاعتها توظيف الإبداع العربي في أن يشارك على قدم المساواة الآخرين في معالجة قضايا تعاني منها الشعوب كلها. لقد بقيت الاهتمامات مختزلة نفسها في شباك تذاكر يتدافع الشباب عليه عربيا ليعيش تفاهة هزلية، أو مشاهد خليعة، أو تمثيلية يقال عنها رومانسية، أو فيلما ومسلسلا تافها.. لقد أساء المخرجون العرب القدماء والجدد في دغدغة مشاعر الشباب المكبوتة بصور ومواضع وأغاني لا تمت بصلة إلى الفن السابع! وغدا هذا الفن ينتجه أناس لا تهمهم إلا جيوبهم! وأصبح كل من هب ودب يكتب ويمثّل ويخرج وينتج على هواه من دون أي دراسة، أو تجربة، أو أية اعتبارات وخبرات.. كان من المؤمل أن يكون الفن السابع واحدا من أهم الوسائل العربية للتعبير عن قضايا وطنية وإنسانية، وعن مآس اجتماعية ومعيشية.. بدل كل هذا الذي أنتج منذ خمسين سنة! ولعل دخول التلفزيون، منافسا للسينما في الحياة العربية قد اثر تأثيرا سيئا على الفن السابع، ووقف بالضد منه منافسا على المستوى المحلي الذي ليس من مهامه إلا المحافظة على الانغلاق! نعم، لقد كان التلفزيون سببا في الضعف الذي حاق بالسينما ودورها، وخصوصا عندما غزت المسلسلات التلفزيونية كل البيوت، وغدت لها تقاليدها، عندما يمر شهر رمضان في كل سنة.. تكون المسلسلات عديدة وحافلة، بعد أن اخذ إعدادها زمنا طويلا، وتفّرغ لها الممثلون والكوادر الفنية.. ناهيكم عمّا ينفق ماليا عليها..

إن الفن السابع الذي قدم عربيا بعض الروائع السينمائية المعبرة عن واقع، أو المترجمة لتاريخ، أو الحافلة بالتكنيك الخصب، غدا اليوم فنا ضعيفا جدا بمادته الروائية، او بإخراجه الفني أو بعناصره التمثيلية، أو بمستلزمات الإنتاج الناجح.. انه لا يمكن أن ينقذ بسهولة بعد كل هذا الهجين الذي طفا على سطحه.. فهو بحاجة إلى ثورة فنية يقودها فنانون حقيقيون.. فضلا عن توفير مناخ غير مكبل بالقيود والتقاليد البالية.. إن أي تفكير بالتغيير من اجل تطوير الفن السابع، أو بقية الفنون الأخرى التي تعاني هي الأخرى من انحدارات كبيرة.. ينبغي أن يجد مجتمعاتنا، وقد انفتحت على مصراعيها نحو تجارب العالم.. ينبغي أن يتبلور مناخ جديد، وفضاء جديد، وتفكير جديد في الحياة العربية.. تتوفر فيه الحريات والمعرفة، ويتمتع فيها الإنسان بشخصيته وإرادته ويعمل في إطار حر مبتعدا عن كل ما يكبل مجتمعه وتفكيره وإبداعه.. فهل سيحصل ذلك؟ إنني اشك في ذلك!

www.sayyaraljamil.com

إيلاف في

08/08/2010

 

ثقافات / سينما

ارقام ذات مغزى في ارتياد البريطانيين دور السينما

إعداد عبدالاله مجيد

اعلنت جمعية موزعي الافلام البريطانية ان رواد السينما البريطانيين انفقوا 516.7 مليون جنيه استرليني على شباك التذاكر في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي. ويزيد هذا بنسبة 3 في المئة على عددهم في الفترة نفسها من العام الماضي ويشير الى ان شباك التذاكر يمكن ان يتخطى حاجز الميار جنيه استرليني بسهولة في نهاية العام.

ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن رئيس الجميعة لورد بتمان ان السينما ما زالت تقدم وسيلة "استغراقية فريدة للتفاعل مع قصة".

ولكن مراقبين دعوا الى التأني قبل الاحتفاء بهذه الارقام مشيرين الى ان امعان النظر في نسبة الزيادة البالغة 3 في المئة (نحو 15 مليون جنيه استرليني) في عدد رواد دور العرض البريطانيين سيبين انها ناجمة في الغالب عن ايرادات حققتها ثلاثة افلام عُرضت رقميا بالأبعاد الثلاثة وكانت اسعار تذاكرها اعلى من المعتاد. وكانت هذه الافلام "افاتار" و"اليس في بلاد العجائب" و"صراع الجبابرة"، التي حققت كلها نجاحا منقطع النظير.

ويتساءل المراقبون ما الذي سيحدث حين تفقد تكنولوجيا الأبعاد الثلاثة بريقها وجاذبيتها، وهل سيبقى الجمهور مستعدا لدفع اسعار اعلى لمشاهدة ما أصبح عاديا ومألوفا؟

اللافت ايضا في بيانات جمعية موزعي الافلام البريطانية التي تنشرها دوريا هو العدد الصغير من الأفلام التي تسهم في تضخيم الأرقام. فان افاتار حقق 64 مليون جنيه استرليني في الأشهر الستة الاولى من العام واليس في بلاد العجائب 42 مليونا وصراع الجبابرة اكثر من 20 مليونا ومثله فيلم الرجل الحديدي 2 والجزء الثاني من الجنس والمدينة. وبذلك يكون المجموع 170 مليون جنيه استرليني. بكلمات اخرى ان خمسة افلام حصدت نحو ثلث ما انفقه رواد السينما البريطانيون على شباك التذاكر في الفترة الممتدة من كانون الثاني/يناير الى حزيران/يونيو. ويتبدى انعدام التناسب بشكل ساطع إذا علمنا ان موزعي الافلام البريطانية ضخوا في السوق خلال هذه الفترة 288 فيلما.

بصرف النظر عن حرية الفرد في مشاهدة الفيلم الذي يروق له فان الارقام التي ابتهجت بها جمعية موزعي الافلام البريطانية لا تعني بالضرورة بوادر عافية في ارتياد دور العرض. فعدا الجمهور الواسع الذي استقطبته حفنة من الافلام الضخمة ما زالت الافلام الأخرى تنتظر المزيد على شباك التذاكر.

إيلاف في

08/08/2010

 

نساء الميديا جميلات أكثر من كونهنّ عارفات؟!

حنان عاد 

أخشى ما أخشاه أن تلبث صورة المرأة في المجتمع ككلّ، تلك الصورة الملتبسة.

الصورة الملتبسة هذه رهن بأمرين هما حدّان لسيف واحد وكلاهما قاطع وخطير.

الحدّ الأول هو التقليد والتراث المتطرفان، أي الرافضان مواكبة ضرورات التطور.

والعصرنة، الثاني الانجرار خلف مبالغات وأوهام تتكاثر كالفطر على ضفاف الحداثة المفترضة والنموّ الحضاري والاجتماعي، وأعني بهذا انغماس المجتمع عامةً في ذهنيات تدميرية وان بدت بّراقة:الاستهلاك السريع وسلطة الإغراء الجسدي، أي في اختصار، تسلّط مفهوم المادية على معظم جوانب الحياة البشرية. وتبدو المرأة في هذا السياق هي الوسيلة والضحية في آن واحد. هي الوسيلة لأنها اللعبة الجميلة الملائمة للترويج والدعاية والجذب والإغراء. وهي الضحية _ سواء أدركت ذلك أم لم تدركه_ لأنها تتيح بذلك تقديم نفسها على أنها مجرد موضوع وليست عنصراً فاعلاً في المجتمع وجديراً قيادة عملية التنمية والشراكة الفعلية في الإنتاج والتغيير والتوعية في سبيل مجتمع أفضل وإنسان أفضل وحياة أفضل. وليس هذا سوى نتيجة للترسبات الذهنية القديمة التي طالما اعتبرت المرأة، الكائن البشري القاصر فكراً وقدرات، لمصلحة اعتبار الرجل دوماً المتفوّق والظافر والسيد. وأخطر تلك الصفات التي كرّست للرجل منذ بدء التاريخ البشري هي الأولى، وهي تعني تالياً ان جوراً وتشبثاً أعمى، أن لا حظ للمرأة في الألمعية المتقدّمة، أو بالأحرى حظوظ الاعتراف بألمعيتها تلبث قليلة جداً برغم كل ما يحكى ويشاع شرقاً وغرباً أن المرأة باتت اليوم ندّ الرجل مئة في المئة. والأكيد أن المرأة نفسها ما زالت إلى اليوم تساهم في هذا المناخ أما جهلاً وإما عمداً أو تخاذلاً، وجميع هذه الاحتمالات بغيضة وقبيحة. ثم إننا لن ندخل هنا في براهين وأمثلة حسية صارخة أثبتت عبر العصور زيف الفرضية القائلة باقتصار التفوق على الرجال. بات عصرنا الراهن يتسم بثقافة جديدة في مجال حقوق الإنسان، ثقافة لا تقبل بتهميش دور المرأة في المجتمع، ذاك أن ثمة علاقة عضوية ولازمة ومحتومة لا محالة بين تحقيق التنمية الشاملة القائمة تحديداً على أسس الديموقراطية، وبين تحرير المرأة من جميع أشكال التمييز. لكن أين صورة المرأة بين ما يفترض أن تكون عليه من خلال التطبيق الفعلي لحقوق الإنسان، وبين الصورة الواقعية التي هي عليها بدءاً بالعائلة مروراً بالمجتمع، وصولاً إلى الميادين المهنية والعلمية؟

المرأة عنصراً فاعلاً في الميديا:

الآن، أين وسائل الإعلام من هذه الثقافة؟ هل تحاول تلاؤماً مع صورة المرأة وفق ثقافة حقوق الإنسان؟ أو ليست غالبية هذه الوسائل مساهمة في المزيد من تهميش المرأة، بحيث تنزع دوماً أو في أحسن الأحوال غالباً إلى زجّ المرأة في فخّ مكتظ بمعايير جمال المظهر وطغيانه وتسلّطه إلى حدّ الوقاحة غالباً؟ ومن هنا تحريضها الواعي وغير الواعي على المبالغة في التركيز على الموضة والأزياء والماكياج والتجميل، لمصلحة النقص المريع في الحسّ الثقافي والفضول المعرفي وتطوير القدرات الذهنية والفكرية. ومن هنا سيطرة البرامج التي تعنى بالمواضيع المذكورة وما يماثلها على معظم شاشات التلفزيون الأرضية والفضائية، حين أن صدر تلك الشاشات الرحب يكاد لا يتسع ولو لبرنامج ثقافي أو أدبي يتيم، جدي ورصين وعميق (وأنا من اختبرت عملياً عاماً بعد عام النبذ الذي تعامل به في التلفزيونات عامة أفكار البرامج الثقافية) والحجة دوماً_ الواهية والمضللة حتماً_ أن برنامجاً ثقافياً مجرداً من النكهة الترفيهية أو أقله التبسيطية _ إن لم نقل التسخيفية _ لا يحظى باهتمام المشاهدين أو المستمعين.وهنا يمكن التوقف، بل ينبغي التوقف عند النقاط الجوهرية التالية المتعلقة بصورة المرأة في الإعلام وخاصة المرئي منه:

الترفيه سيد الشاشات:

1_نزعة الإعلام إلى ترجيح كفة الترفيه على كل ما عداه تستتبع حتماً فتح أبوابه على مصرعيها للمرأة الأقل ثقافة أو ذات الكفاية الضئيلة، وتالياً فانّ المرأة الإعلامية المتفوقة ثقافياً ومعرفياً والطامحة إلى تقديم المادة الإعلامية المغايرة والعميقة لن تجد الحيز الملائم لتقديم ما لديها، بل تكاد تلام _ وهذا وليد محاولات حسية شخصية لخرق السائد في المخططات التلفزيونية حيث طغيان العوامل التجارية الصرفة _ على اختياراتها الثقافية البحتة غير آبهة بـ«ضرورات الترفيه» أولاً وأولاً وأولاً.

الترفيه يتطلّب الشكل لا المضمون:

2_ النزعة نفسها إلى الترفيه تجعل الأولوية تلقائياً لشكل المرأة التي تقدّم المادة الترفيهية، وهنا لا يعود مهماً إطلاقاً مستواها العلمي والثقافي ويبطل جميع ما تعلمته طيلة أعوام في كلية الإعلام. هذا إذا غضضنا النظر عما يشبه « الغزو» التلفزيوني من غير الإعلاميات المتخصصات ومنهن عارضات أزياء وملكات جمال وأحياناً ممثلات، وليست هذه الإشارة انتقاصاً من أي من هؤلاء النساء اللواتي قد يكنّ بارعات في مجالهن ، إنما القصد فقط في هذه الحالة، السؤال عن جدوى التخصص في كليات الإعلام.
ولعلّ ما يستوقف في المقابل أيضاً أن فتيات وفيرات العدد إنما يتوجهن إلى كلية الإعلام يقودهن هدف وحيد هو التلفزيون وأضواؤه، كأن الجامعة ليست إلا الذريعة وحصان طروادة الكفيل بنقلهنّ إلى دائرة الشهرة والضوء، وهذا ما يفسّر ثغرات عميقة في ثقافة معظمهن ولو كن وافدات من المقاعد المسماة أكاديمية.

التمرّد على مقولة «كوني جميلة واصمتي«.

3-أما الطامة الكبرى فإذا كانت المرأة الإعلامية تجمع في شخصها التفوق المعرفي والثقافي من ناحية والجمال من أخرى. ثمة ميل اجتماعي ينسحب على المجال الإعلامي وفحواه اعتبار أن على المرأة الجميلة ألا تتعب نفسها كثيراً في ميادين التمحيص والبحث والكدّ العقلي طالما أن جمالها كفيل إيصالها إلى حيث تشاء من الأمكنة والمكانات (من مكانة) ومن ضمنها طبعاً التلفزيون طالما أنه لا يذهب إلى أبعد من السطح والشكل، ولا يأبه للعمق والجوهر. وهي عرضة دوماً لكلام من هذا القبيل: وماذا جاءت امرأة بجمالك تفعل في عالم مهنة المتاعب؟ أنت امرأة خلقت للسينما! وهنا تبرز المفارقة المضحكة المبكية: عارضات أزياء وملكات جمال وجميهعن آتيات من عالم المظهر بديهياً يأتين إلى الإعلام الذي يفترض به الذهاب إلى أبعد من المظهر، هذا اذا لم نعد إلى جوهر الإعلام وفق ما تعلّمناه أصلاً على مقاعد الجامعة وهو المضيّ إلى لبّ الحقيقة؛ حين أنّ فتيات ونساء جميلات كنّ اخترن أصلاً مهنة المتاعب وهن يردن تمرّداً على مقولة «كوني جميلة واصمتي»، بل وهن يعرفن أنهن قادرات على إثبات بلاهة تلك المقولة. وثمة من يسارع إلى مبادرتهن بالقول إن من المؤسف عدم إفادة السينما وعوالم الجمال والأناقة من هبة جمالهنّ! وقمّة السخرية أن هذا الكلام لا يتوانى عن قوله قيمون على وسائل إعلامية بما فيها حتى المكتوبة.

ولا بدّ من الإشارة في المقابل إلى استثناءات لناحية وجود امرأة إعلامية كفوءة قلباً وقالباً أي أن ما تقدّمه رصين ومختلف ومفيد وتريد له أن يتخطى الاعتماد الأحادي على الترفيه والمظهر الأنيق والطلّة البشوشة المجانية.

خلل عضوي في عالم الميديا يربك دور المرأة:

في هذا السياق تحسن الإفادة من كتاب الباحثتين الدكتورة نهوند القادري والدكتورة سعاد حرب بعنوان» الإعلاميات والإعلاميون في التلفزيون، بحث في الأدوار والمواقع»، والتوقف تحديداً عند عبارة «المقدّمات الجميلات المبتسمات دائماً وأبداً في محطاتنا التلفزيونية «وحيث أن «المؤسسات الإعلامية تلهث في معظمها وراء جمهور متعجّل بأفكار وصور نمطية عنه ما دفعها إلى الاستعانة بالنساء للإيحاء بالإغراء في شكل اختزل الإعلاميات على اختلافهن بأولئك المرئيات منهن». وفي أحد الاستبيانات في الكتاب حول العلاقة مع الجمهور» فضلت الإناث تسليته بينما فضل الذكور مساعدته وتقديم الإرشاد له. وفي مسألة التقويم معنوياً ومادياً تبين أن الإعلاميات وجدن أكثر من الذكور إنصافاً في رواتبهن، و»فيما حصر الإعلاميون عوامل النجاح والإخفاق في الخبرة، حددتها الإعلاميات في الشكل الحسن والهندام الجيد وعمر الشباب. واستتباعاً تظهر الإناث أقل جرأة من الذكور في خرق القوالب المعهودة في العمل الإعلامي وهن يمارسن نقداً أقلّ من الذكور لسياسة المؤسسة علماً أنهن أقل موافقة عليها. كما تلفت الاستبيانات إلى أن الأنثى كمسؤولة لم تزل غير مرغوب بها حتى بين النساء، وفي الموازاة فان عدد الإعلاميات اللواتي يُرغَب بالإفادة من تجربتهن وخبرتهن حتى في أوساط النساء، أقل بكثير من عدد الإعلاميين. وثمة خلل آخر عضوي في عالم الميديا يربك دور المرأة وبه ترتبط صورة المرأة الإعلامية الظاهرة والخفية. هذا الخلل عكسه استبيان وفيه أن «النساء أقل تواجداً من الرجال في المواقع الأولى وأقل حصولاً على الترقية، مما أظهر اختلافاً بين النساء والرجال في أسباب الترقي، اذ أعادت النساء الترقي إلى العلاقات الخاصة والشخصية مع المسؤول سواء كان تملقاً من جانب الذكور أو إغراء من جانب الإناث، وأيضا إلى درجة القرابة منه، وهن اعتقدن أن تخطي السقف المرسوم للترقي يرتبط أحياناً بكونه حكراً على الصحافية التي تملك داراً للأزياء...

(هنا ينتهي الاستناد الى الكتاب البحثي للقادري وحرب).

صورة المرأة في الانتاجات الدرامية:

لا شك في أن ثمة أعمالاً درامية دأبت منذ أعوام على وضع المرأة في الإطار الأفضل من حيث تنامي استقلاليتها وحضورها الفعّال والمنتج في المجالين الاجتماعي والمهني، والأكيد أن هذه الأعمال تستحق التقدير والثناء، لكن بعضها يبدو أحياناً في بعض المعالجات حائراً بين صورة المرأة في المجتمع الغربي وصورتها في المجتمع اللبناني وصورتها في المجتمع العربي. تارة تبدو المرأة في الحبكة الدرامية المرأة الراشدة الممتلئة بذاتها والعارفة ماذا تريد وماذا عليها أن تفعل وما هي الأسلحة الواجب عليها التسلّح بها من علم وثقافة ونضج نفسي وفكري كي تكون مستقلة وفي الوقت عينه فاعلة ومؤثرة ومنتجة في بيئتها ومجتمعها، لكنها قد تظهر طوراً غير مقنعة تماماً في انتزاع حقوقها بل قد تظهر في بعض محطات المعالجة الدرامية غريبة الأطوار أو ذات سلوك نافر أحياناً لا يمكن هضمه بسهولة حتى من جانب المشاهد العصري والمتقدّم في فكره وعقله ومسلكه.

صورة المرأة في البرامج السوسيو _تثقيفية:

بالانتقال إلى البرامج الاجتماعية أو السوسيو_ثقافية أو السوسيو_تثقيفية فان المرأة تبدو غالباً في الصورة المُرْضية بل أحياناً المثيرة جداً للاحترام والإعجاب، ومعظم أولئك النساء اللواتي يحللن ضيفات على تلك البرامج ينتمين إلى مجالات علمية أو مستندة أقلّه ألى أرضية علمية ومنها الطب والعلوم الاجتماعية والأنتروبولوجية والنفسية والسياسية فضلاً عن مجالات العناية بالصحة والرعاية الاجتماعية المتعلقة بالأطفال والمسنين والمدمنين على المخدرات والكحول والمصابين جسدياً....في هذه البرامج تحديداً تثبت نساء كثيرات درجة عالية من الكفاءة في معالجة مواضيع شائكة جداً، ويثبتن أيضاً تمرُّساً واحترافاً علميين كبيرين في مجالات تخصّصهنّ. وحتى هندام المرأة ولباسها يبدو غالباً في رصانة خطابها الكلامي أيضاً.

صورة المرأة في البرامج الترفيهية:

تظهر عامةً نموذجاً للمرأة المتأرجحة في سلوكها ومظهرها وكلامها بين متناقضات:

الثقافة والخفة، الرصانة والإغراء، الذكاء والسطحية.... وان كانت الصفات الثانية تغلب الأولى أحياناً كثيرة، ما خلا بعض النماذج النسائية التي تكسر هذا التأرجح لمصلحة النموذج الأنثوي المضيء ولو في برنامج ترفيهي خفيف.

صورة المرأة في الكليبات الغنائية:

حتماً هنا أيضاً لا يمكن التعميم الكلّي لكننا نقصد هنا الصورة الغالبة في شكل عام على معظم الكليبات الغنائية على شاشاتنا اللبنانية والعربية. ليست صورة المرأة في الإطار الحسن إطلاقاً، بل العكس هو الأصحّ. وهذا يطال المرأة المغنية أو المؤدية (أو المتكلّمة بمرافقة أنغام خفيفة، هكذا ببساطة!) كما يطال المرأة الممثلة في الكليب. تركيز مقزّز أحياناً كثيرة على أماكن محدّدة من الجسد الأنثوي في موازاة افتعال تعابير إغوائية عارمة في مناطق الشفتين والعينين وملامح الوجه عامة. ويمسني كثيراً كامرأة تساؤلي أي صورة للمرأة نطبع من خلال هذه المشهدية اليومية المسيطرة في أذهان أطفالنا بناتاً وصبياناً؟ أي ثقافة نُرَاكِم في ذاكرتهم الطفولية الطرية؟وأي انعكاس لتينك الصورة والثقافة سيكون على حياتهم مستقبلاً؟

إغراء وجنس مبطّن بالجملة والمفرّق في تلك الكليبات، والأخطر هنا أن هذه الأخيرة تمرّر على شاشاتنا ليلاً نهاراً، في أي وقت! ولا حساب لأي خطط تربوية أو عواقب وخيمة ستترتب من جرائها على سلوك أبنائنا وصحتهم النفسية والجنسية في الأيام والأعوام الآتية. وذروة الخطر أن المرأة هي تحديداً الأداة والوسيلة لهذه «اللعبة»الجنسية المغلّفة بغلاف الغناء والموسيقى والفن!

وغالباً ما أسأل نفسي اذا كانت المؤدية غير الموهوبة في صوتها تحاول تعويضاً عبر «ابداعها» الإغوائي الجسدي فما حاجة المغنية ذات الصوت المتمكن والجميل إلى كل هذا الكمّ من الإغراء البصري في كليباتها؟

ثم ان هناك ناحية أخرى مهمة تستوقفني كثيراً، هي الحبكة السردية المشهدية للكليبات عامة. وأورد هنا مثالاً متكرراً وان لم يكن للحصر: المرأة الراقصة في ملهى ليلي لا وجود فيه إلا للرجال الحائمين حولها سكارى وهي تغني وترقص لاهية بضرب هذا على كتفه وذاك على خدّه...هذا إذا لم يتضمن السرد في الكليب مشاهد عنف وتكسير وملاكمة وأذى جسدي يطال روّاد الملهى...مشهد مخيف تدميماً وتكسيراً وعنفاً والمرأة «البطلة» في الكليب تتابع الرقص والغناء واللهو والضحك الماكر على أنقاض المشهد القاتم مبتهجة بأنوثتها التي تسببت بكل هذا الخراب!

الحبكة هذه وحبكات أخرى موازية أو مماثلة ليست سوى حبكات ماضوية بالية «أكل الدهر عليها وشرب» وتضع المرأة في صورة الماضي غير المشرّف لها والتي لا تتلاءم بتاتاً مع صورة المرأة المتحررة العاملة على انتزاع حقوقها اليوم !

صورة المرأة في البرامج السياسية

هي ذات وجهين: الإعلامية التي تقدّم البرنامج السياسي، والمرأة الضيفة فيه.

الأولى أفلحت وتفلح معظم الأحيان في إثبات كفايتها المهنية مقترنة بالشخصية الجدية التي تستلزمها البرامج السياسية بدءاً من رصانة الحضور مروراً بالسلوك وأسلوب الكلام والحوار وصولاً إلى الهندام واللباس، ما خلا بعض الاستثناءات السلبية القليلة على مستوى المظهر بحيث ظهرت وتظهر أحياناً مقدّمات برامج سياسية تذكّر طلّتهن بفنانات مبالغات في التبرّج ماكياجاً وشعراً وثياباً. في إطار آخر، وللإنصاف، تنبغي الإشارة أيضاً إلى إفادة المقدّمة من حضور إعلامي أقوى يجيّره لها فريق الإعداد العامل خلف كواليس البرنامج (وينطبق هذا طبعاً على المقدّم الرجل).

الثانية أي الضيفة وهي إمّا سياسية أو متخصصة في الشأن السياسي مهنياً وأكاديمياً.عامةً، حضور هذا النموذج الأنثوي خجول ويعزى السبب تلقائياً إلى أن المرأة اللبنانية والعربية لم تحضر بقوة حتى الآن كسياسية من ناحية وكعنصر أول في مجال الإعلام السياسي، وذلك برغم أن عدد الصحافيات السياسيات ليس قليلاً ويؤدين دوراً لا يستهان به في مجالهن. لكن سؤالاً يتبادر إلى ذهني منذ زمن: لماذا لا تستضاف تلك النساء إلا نادراً جداً في البرامج السياسية؟ لماذا دوماً تفضيل الرجل العامل في الإعلام السياسي على المرأة العاملة على قدم المساواة معه؟ الجواب حتماً لأن المجتمع العربي، واللبناني حتى، لم يكفّ إلى الآن، وبرغم كلّ الزعم بمواكبة العصر والتطور الفكري والحضاري، لم يكفّ عن اعتبار الحقل السياسي معقلاً ذكرياً بامتياز، أقلّه لكونه منذ فجر المدنيّة رمزاً نافراً للقيادة والقرار والسلطة، وتالياً فثمة للأسف نزعة باقية ولو بتراجع،الى اعتبار المرأة غير مؤهلة كفاية بعد لخوض هذا المضمار.

المستقبل اللبنانية في

08/08/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)