حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رؤية خاصة

اختراق

بقلم:رفيق الصبان

لا أدري لماذا ألحت عليّ فجأة وأنا أري آخر أفلام كريستوفر نولان وليوناردو دي كابريو (اختراق) الذي أطلقت عليه شركات التوزيع لدينا عنواناً آخر لا يمت إليه بصلة هو »البداية« قصة قصيرة سبق أن قرأتها منذ زمن للكاتب الأمريكي الراحل »ترومان كابوني« بعنوان »أحلام مباعة« تروي قصة فتاة وحيدة تعيش في شقة منعزلة في مانهاتن بنيويورك.. وتقضي أغلب أوقاتها.. جالسة علي مقعد في حديقة »سنترال بارك« تحلم أحلاماً مختلفة تهبها سعادة داخلية غامرة.. وتجعلها تنشئ لفترة ما وحدتها وبؤسها وانعزالها.. إلي أن تلقي إنسان غريب تدهشه هذه الراحة النفسية التي يقرأها علي وجهها.. ويسألها عن السبب. فتجيبه بأنها هذه »الأحلام« التي تراها وتتراءي له وتمنحها القوة والشجاعة علي مواجهة أحداث العالم القاسية.

ويدهش الرجل ويعرض عليها عرضاً غريباً.. هو أن »تبيعه« هذه الأحلام التي تراها.. مقابل مبلغ معين من النقود.. يهبها إياها كلما روت له حلماً خاصاً بها.. وتوافق الفتاة سعيدة، ولكن بعد مضي مدة.. استهلكت فيها الفتاة أحلامها كلها.. يختفي الرجل.. تاركاً إياها لوحدتها القاسية ولجفاف نفسها التي أصبحت الآن خالية جرداء عاجزة عن أن تخلق حلماً واحداً صغيراً يعينها علي مواجهة وحدتها وبأسها وشقائها.

»اختراق« كريستوفر نولان.. يحوم حول الفكرة نفسها.. دون أن يحقق هذه الشاعرية المرهفة والحادة كنصل السكين التي تميز كتابات القصاص الأمريكي الكبير.. إنه يبني فيلمه علي محورين إنسانيين شديدي التأثير.. ثم يحيطه بأحداث دموية وحركية وخيالية يترك فيها خياله السينمائي جامحاً متمرداً كحصان عربي أصيل.. مستغلاً كل إمكانيات الإبهار والدهشة التي حققتها السينما الأمريكية في أعوامها الأخيرة.

المحور الأول هو محور بطل الفيلم كاب (ليوناردو دي كابريو) وزوجته الميتة التي يعيش علي ذكراها.. ويعيدها حية في أحلامه ومغامراته، وتلعب دورها الفرنسية الموهوبة ماريون كوتيارد التي بدأت تشق لنفسها طريقاً ملكياً في السينما الأمريكية بعد أدوارها المبهرة في فيلمي (عدو الشعب) و(تسعة) والتي جعلتها محط أنظار أغلب المخرجين الأمريكيين الذين وجدوا فيها سحراً فرنسياً خاصاً وعطراً له رائحته النافذة التي تفتقدها الآن كثير من النجمات الأمريكيات الشهيرات.

إذن »كاب« الذي يمتلك القدرة علي التسلل إلي رؤوس الآخرين.. وزرع بؤرة للأحلام تنمو ببطء حتي تحتل المساحة المرغوبة كلها الذي يستطيع »كاب« بعدها أن يتحكم في تصرفات ومصير هذه »الضحية«.. التي أصبحت طوع بنانه.

تجربته الأولي كانت مع زوجته »بيل« التي أحبها.. وجذبها إلي عالم الخيال والأحلام لكي تعيش معه.. ما عجزت أن تعيشه في الواقع، ولكنها بعد أن عادت إلي نفسها وكان لابد لها أن تعود.. فإنها وجدت هذا الواقع صعباً لا يمكن الحياة فيه، وبقيت معلقة في الهواء.. بين واقع ترفضه.. وحلم لا يمكنها الاستمرار فيه.. لذلك لم تجد حلاً أخيراً إلا »الانتحار« تاركة كاب وحدة مع ولديه اللذين باعدت بينه وبينهما هذه الأحلام المرسومة التي أصبحت تمثل عالمه العملي الذي يعمل فيه، ورسم شخوصه ويتلاعب بحياتها وموتها خلال فترة »الحلم« التي يتحكم فيها تماماً بضحيته.

مشاهد كاب مع زوجته.. من أجمل مشاهد الفيلم وأرقها وأكثرها عذوبة وتأثيراً زادها قوة إخراج متمكن وأداء خلاب من كل من دي كابريو الذي نضج لدرجة لا تصدق وأصبح يحق له بكل جدارة أن يتبوأ مركز الصدارة بين ممثلي جيله.. إنه يثبت في هذا الفيلم أنه ليس »دمية حلوة« صنعها سكورسيزي، واستطاعت أن تفرض تأثيرها الجبار من خلال الأفلام التي صنعها له.. بل إنه ممثل قادر علي أن يتجاوز نفسه وأن يلعب هذه الأدوار شديدة الصعوبة وشديدة التعقيد التي تتطلب من الممثل مهارة غير اعتيادية وقدرة علي التنقل بين العواطف المختلفة وإبهار حركي ونفسي.. قل أن نجد له مثيلاً اليوم بين الممثلين المعاصرين.

دي كابريو.. انطلق بركاناً ب»جزيرة شاتر« وهاهو الآن.. يضيف إلي حممه البركانية المتوهجة أعاصير الشتاء وأمواج البحر الهادرة التي استخرجها كريستوفر نولان من أعماقه.

ماريون كوتيارد.. التي وضع لها المخرج موسيقي مصاحبة لظهورها أغاني قديمة لاديث بياف تذكرنا بدورها الذي لا ينسي في الفيلم الذي قدمته عن حياة هذه المغنية العبقرية، والتي جعلها تتصاعد درامياً في كل مشهد لها.. وتضيف لأدائها نغمة خاصة.. إلي أن تصل إلي مشهدها الأخير المذهل مع دي كابريو والذي تأرجحت فيه بين الحياة والموت.. بين الحلم والواقع.. بين الدهشة والإيحاء.

المحور الثاني الذي ينهض عليه هذا الفيلم المليء بالحركة والإبهار البصري.. لا ينهض هذه المرة علي وتر عاطفي يجمع بين رجل وامرأة متحابان.. يقرران قهر الزمن والحياة.. بل علي وتر إنساني بحت.. يجمع بين مليونير فاحش الثراء وابنه.. الذي تفصله عند دوامات مختلفة من الحياة والتي يعاني خلجات الموت.. تاركاً وصية خاصة لابنه في خزانة ذات أرقام لا يعرفها أحد، وتتضافر شركات منافسة يرأسها رجل ياباني بادي القسوة.. لكي يحصل الابن علي كامل هذه الثروة وأن يبددها.. حتي لا يبقي لهذه الشركة الكبيرة من أثر.

ويلجأ هذا الياباني كاب.. لكي يتسلل إلي عقل الوارث الصغير.. وكما يزرع فيه بذرته القاتلة، ولا أريد أن أصف هنا مهارة السيناريو في إضافة كم المطاردات والحركة المبهرة لهذا الجزء خاصة عندما تصل الأمور إلي هذه القلعة الجبلية المحاطة بالثلوج الكثيفة والتي يحرسها جنود يرتدون الزي الأبيض ويحملون أسلحة الموت.. والتي تضافر السيناريو مع التصوير المركز الذي وصل إلي درجة عالية من الإبداع مع الإيقاع اللاهث ليصور لنا الخلجات الأخيرة في حلم يتقطع وحياة تستمر.. ولقاء عاطفي مذهل بين أب قاسي لا يرحم، وابن أساء فهم قسوة أبيه.. وفي لحظة من الصفاء المدهشة، وبعد أن عجز الجميع عن معرفة سر أرقام الخزينة التي تحتوي علي الوصية المطلوبة، يكشفها الأب لابنه الذي يفتح الخزينة، ليجد فيها عوضاً عن الوصية طائرته الورقية الصغيرة التي كان يتلاعب بها وهو لازال في حضن أبيه والذي احتفظ بها هذا الأب كآخر خيط عاطفي حقيقي يربط بينه وبين ابنه.

من خلال هذين المحورين إذن، محور الزوج وزوجته المنتحرة، والأب المحتضر وابنه العاق الذي تسللت »جرثومة« الأحلام إلي رأسه.. وأدخلته عالم الأوهام.. يتحرك فيلم كريستوفر نولان في جولات ودورات يختلط بها السحر السينمائي بالإبهار البصري.. بالديكورات المدهشة التي تعاون أجندة الخدع السينمائية علي إعطائها كثافة درامية مؤثرة كمشهد هذه العمارات الشاهقة التي تتهاوي أمامنا كأوراق كوتشينة عملاقة.. تهوي تاركة وراءها فراغاً مهولاً يحملنا مرة واحدة إلي أبعاد ميتافيزيقية يتفنن دائماً هذا المخرج الكبير في استعراضها.

لا مجال للأفكار.. إن فيلم »الاختراق« فيلم صعب لا يقدم نفسه بسهولة ولا يفصح عن لوغاريتماته بطريقة تسهل علي المشاهد قراءته.. بل هو علي العكس يتفنن في خلق العقبات أمام الفهم السهل ولا يشفي غليل المتفرج إلا بعد أن يأخذه إلي مدارات التيه أكثر من مرة.. كما في سرده مثلاً للعلاقة بين الزوج والزوجة والتي لا تنفك طلاسمها إلا في المشهد الأخير.. أو شخصية هذه الفتاة الصغيرة المنحرفة التي تصاحب »كاب« في جولاته المجنونة غير القابلة للتصديق، والتي تعطي نظرة الشباب المتسائلة الطموح.. والتي سيتركها المخرج لغزاً لا يحل حتي النهاية.

كريستوفر نولان.. في الاختراق الذي ساهم أيضاً في إنتاجه.. اختار الدرب الوعر المليء بالأشواك والأحجار الصغيرة.. التي تدمي الأقدام.. قبل أن يصل بنا.. إلي بحره الواسع المتلاطم وأمواجه الهادرة.. وجد دي كابريو الملقي علي الرمال.. والذي يوجه للمشاهدين نظرة جمع فيها كل العمق النفس والعذاب الروحي والتساؤلات الغامضة التي أحاطا بها المخرج شخصيته الفذة.

إنها قفزة سينمائية عملاقة.. يقفزها مخرج.. أثبت أكثر من مرة أنه من هؤلاء الذين أصبحت السينما الأمريكية تعتمد عليهم لتؤكد مكانتها الكبري التي لا ينافسها فيها أحد.

هذا التحكم الفريد في أداء ممثلين كافة.. هذه القدرة علي خلق الأجواء (خصوصاً هذا الجو الأسطوري الثلجي الذي يقدم فيه لحنه الأخير المميز في هذه السيمفونية المتعددة الأصوات).

هذه الصورة الخلابة التي تجمع بين عفوية وبساطة.. بين سحر الواقع وغموض الميتافزيقيا، وهذا الإدارك العميق للدور الذي يمكن أن تلعبه الموسيقي (دون أن نحس بها كالعادة هادرة هائجة) في رسم عواطف الأبطال وتصرفاتهم وردود أفعالهم.

وأخيراً هذا الإيقاع الذي يقطع النفس والذي لا يسقط من المخرج مرة واحدة رغم طوال الفيلم النسبي (ساعتان ونصف الساعة).. إنه حقاً درس سينمائي شديد العمق وشديد المتعة يقدمه مخرج بالغ الذكاء لمتفرجين يريدون أن يفكروا.. قدر ما يتمتعوا.. أن يقنعهم بأنهم قادرين إذا أرادوا علي الإمساك بالقمر والنجوم معاً.

أخبار النجوم المصرية في

05/08/2010

 

المنيا تبع الفن وزهره المدان٤

بقلم: موفق بيومي 

وتبقي المنيا أحب البلاد الي ولولا أن »لقمة العيش« اخرجتني منها.. ما كنت خرجت مثلما توجد من النساء من تجبرك علي احتراف العشق فهناك أيضا من المدن من تحث أهلها وتدفعهم الي الابداع.. مدينة المنيا واحدة من تلك المدن التي تدعوك - عفوا بل كانت تدعوك - هي وكل ما فيها الي التعامل مع الفن باقتدار وباعتباره ضرورة من ضرورات الحياة لا يمكن اغفالها أو الاستغناء عنها لم تكن »مينا أيام زمان« في يوم ما صغيرة الي درجة الملل كما انها لم تكبر وتتوحش - مثلما هو الحال الآن - حتي تتوه فيها وتضيع منها وتضيع منك.

احتضنت المنيا منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتي قيام »حركة يوليو المباركة«، احتضنت جالية أجنبية كبيرة ومؤثرة بقنصلياتها - اليونانية والانجليزية والايطالية - ومدارسها ونواديها وعاداتها وتقاليدها وأزياءها وتعايشها - بل اندماجها وتداخلها - مع المجتمع المنياوي شديد النقاء والطيبة وهو ما سمح لهذه الجالية أن تمارس أحد أهم الادوار المفترضة في أي جالية بأي مكان وهو أن تكون قناة وصل ثقافية بين حضارتين مختلفتين وقد انعكس هذا النجاح والتواصل في صورة مجتمع تجاري نشط ومتفتح مقبل علي الحياة ومتقبل لمباهجها المشروعة وقابل للتعلم والاستزادة والتطوير كما انفردت المنيا - مدينة واقليم - بانها - مع أسيوط - صاحبة أكبر نسبة للتواجد القبطي بجميع مذاهبه حتي شديد الندرة منها - مثل الاوفنست - وصاحبة أكبر عدد من أبراج الكنائس علي أرضها وحتي الطائفة اليهودية معدومة التواجد خارج المدن شديدة الاهمية تواجدت بكثافة ونشاط ملحوظين - وموثقين - بالمنيا وكان لها معبد صغير جميل في »درب الهواري« بمنطقة »المطافيء« اشترته الطائفة الانجيلية وضمته الي احدي كنائسها في أعقاب تقلص أعداد اليهود بالمدينة منذ حرب ٨٤ ثم يوليو ٢٥، كل هذه المعطيات والخلفيات أهلت مدينة المنيا - بل والاقليم كله - لتتبوأ مكانة ومكان متميزين في دنيا الفن وعالم الفنانين.

>>>

في قلب مدينة المنيا وفي أحد ميادينها الشهيرة الذي تغير اسمه - بدون سبب مفهوم - الي ميدان صيدناوي بدلا من ميدان الاقباط حيث كانت تطل عليه - ومازالت - مدرستا الاقباط الاعدادية والثانوية اللتين أنشأهما أحد ثراة أقباط المدينة وهو سعيد باشا عبدالمسيح في عام ٦١٩١ وهو أيضا الذي انشأ وفي نفس الميدان الكنيسة الرئيسية القديمة للأقباط الارثوذكسي وهي التي اعطت للميدان اسمه، في احدي الحواري المتفرعة من قلب هذا الميدان ولدت وعاشت في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي فتاة عفريتة ابنة احدي الاسر اليهودية اليونانية وقد نجحت أن تكون سببا في رسوب نصف طلاب المدرسة الثانوية التي تطل علي الحارة من الخلف بعد أن أكلت عقولهم بجمالها ورشاقتها وخفة دمها قبل أن يدفعها طموحها الفني أن تهجر المنيا الي القاهرة حيث البريق والأضواء ولتحصد الشهرة والنجومية ولكنها للأسف سرعان ما تحولت الي جاسوسة خانت بلادها مع شريكها في نفس القضية خفيف الظل الياس مؤدب انها »كيتي« نجمة الاربعينيات والخمسينيات والتي كانت علي قيد الحياة حتي بضع سنوات مضت في مدينة حيفا الاسرائيلية التي استقرت فيها منذ نصف قرن كامل من الزمان.

>>>

ها هو وجه ابنة المنيا الجميلة ميرفت أمين يطل علينا معلنا عن اضافة مميزة في قائمة النجوم المنياوية فهي ابنة أحد الاطباء من أبناء المنيا في حين كانت والدتها انجليزية أعطتها القدرة علي المزج بين ثقافتين بكل تفاصيلهما.

من أبناء المنيا أيضا المبدع العبقري حفيد الفراعنة حاصد الجوائز متعدد المهن الفنية والمواهب شادي عبدالسلام الذي يرتبط في أذهاننا بفيلمه الخالد المومياء ومشروع فيلمه الذي لم يكتمل اخناتون وان كان تاريخه الفني يضم انتاجا متميزا في العديد من المجالات الأخري.

الرائع الجميل عملاق المسرح - في الأساس - ثم السينما والتليفزيون »برنس« الفن المصري جميل راتب هو حفيد سلطان باشا حاكم المنيا والصعيد وحليف الاسرة العلوية المالكة و»مجهض« ثورة عرابي! راتب دائم الفخر بجذوره الصعيدية رغم بيعه لميراثه الشاسع من الاراضي والعقارات في المنيا الجميلة وكذلك يطل علينا الوجه الرقيق الوديع للفنان القدير رشوان توفيق.

لا يعلم الكثيرون أن الفيلم الخالد وإحدي علامات السينما المصرية »الزوجة الثانية« هو ترجمة لاحداث قصة حقيقية شهدتها احدي القري القريبة من المنيا وسجلها قلم ابنها المنياوي الكاتب الكبير وأحد رواد التراث الأدب الشعبي أحمد رشدي صالح ولكن عند تقديم القصة للسينما بعد معالجتها من جديد اكتسبت طابع ولهجة ريف الدلتا.

غير بعيد عن المنيا ومن »أبوقرقاص« نتميز باسم سليل الحسب والنسب وشقيق الوزراء والباشوات الفنان الكبير عبدالعظيم عبدالحق المعروف والمشهور لدينا كممثل متمكن وقدير في حين يجهله معظمنا كملحن رائق المزاج متفرد الموهبة.. ومازال للحديث عن الفن في المنيا.. بقية.

أخبار النجوم المصرية في

05/08/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)