حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

اوليفرستون الحياة على الحافة:

سينمائيّ حرب فيتنام يوثق اليسار الجديد في أمريكا اللاتينية

ابراهيم درويش

في هذه الايام ينشغل المخرج الامريكي اوليفرستون كعادته في ادارة حروبه والبحث عن مغامرة ولملمة غبار معارك اخرى، قدح من الالة الاعلامية الامريكية، مدح، لكنه وهو في سن الستين من العمر لم يترك حس المغامرة، فجندي المدرعات في حرب فيتنام لا يريد التخلي عن حس المقاتل وضرورة المقاومة حتى النهاية، ولدى ستون دائما مشاريع تمت واخرى على الطريق، وما لم يتم بعد يتمنى ان ينهيه قبل موته. لديه هذه الايام فيلمان مهمان انتهي منهما، فيلم ' جنوب الحدود' ( 2009) عن هوغو تشافيز ' وعصابته' من اليسار الجديد في امريكا اللاتينية، وتتمة اخرى لفيلمه السابق عن ' وول ستريت: حيث لا تنام النقود' ( 2010) الذي انتج نسخته الاولى عام 1987 وستبدأ عروضه قريبا.

فيلمان يحاولان نقد وتحليل وتسجيل لحظات عالمين ايديولوجيين متضادين، احدهما يعيش حالة من الاحياء في دول امريكا اللاتينية وآخر نظام منتصر يعاني من اكبر ازماته منذ ثلاثينيات القرن الماضي. ويؤكد الفيلمان الجديدان فكرة ' التميز' عن جيله من المخرجين وصعوبة قراءة انتاجه الفني ضمن اطار او جنس فني سينمائي واحد، ولا يمكن والحالة هذه تحديد انتاجه السينمائي ( 20 فيلما روائيا) وعدد آخر من الافلام الوثائقية فهو يتحرك من نوع سينمائي الى آخر، وهذا التحول والبحث الدائم هو جزء من شخصيته وافكاره وتربيته العائلية فهو دائم العودة الى الماضي واستعادته وعيشه من فترة لاخرى، وفي كل رحلة تجريب او تحول، قد ينجح ستون ويحصل على اوسكارات، يقترب او يفشل كما في فيلمه ' الاسكندر العظيم' ( 2004) الذي لم يلق ذلك النجاح الكبير وبعده عاد وغير اتجاهه في مجال الاخراج السينمائي. في النسخة الجديدة من ' الستونية' يبدو اوليفر وكأنه تقمص دور المقاتل القديم ولكن بنكهة ' اليساري' فقد اطلق شاربه بشكل جعله يبدو بصورة رجل لاتيني من امريكا اللاتينية، مما يثير حسا من التناقض في ان الرجل هو نفسه الذي قاتل في فيتنام وحصل على وسام ' القلب القرمزي' للشجاعة ووسام النجمة القرمزية، كما حصل على 3 جوائز اوسكار عندما قدم افلامه في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي عن تلك التجربة. ومن هنا وبشكل متناقض يبدو ستون في ' جنوب الحدود' وهو يصاحب قادة الجيل الجديد من اليسار الذين يقودون دول امريكا اللاتينية. ويظل ستون هو نفسه الذي اخرج فيلم ' بلاتون' ( 1986) ونال عليه اوسكار و ' ولد في الرابع من تموز' ( 1989) ـ جائزة اوسكار ثالثة، و' سماء وارض' ( 1993) وفي التسعينيات من القرن الماضي قدم فيلما احدث ضجة في العالم الفني واعتبر متطرفا في نزعة العنف والعدوان ' ولدوا ليقتلوا' ( 1994). وبعدها تحول المخرج الى دراسة حياة رؤساء ورجال سياسة امريكيين في افلام تجمع بين التحقيق الصحافي ونظرية المؤامرة والتوثيق مثل ' جي اف كي' ( 1991) و ' نيكسون' ( 1995) واخيرا فيلمه الذي اعده قبل نهاية فترة ولاية الرئيس السابق جورج بوش ' دبليو' ( 2008). هذه الاعمال الفنية تعطي صورة عن رجل متعدد الاهتمامات في مجال الفيلم الروائي والتسجيلي والملحمي التاريخي ' الاسكندر العظيم' اضافة إلى مشروعه التاريخي الطويل الذي سينتجه لصالح قناة ( اتش بي او) ' تاريخ اوليفر ستون السري لأمريكا'. وتبدو انشغالات المخرج مترافقة مع اهتمامه بالكتابة، فقد كتب نص فيلم شهير لم يعجب السلطات التركية، ونال جائزة اوسكار عليه ' قطار منتصف الليل' ( 1979) ، كما ساهم في تمثيل ادوار في السبعينيات من القرن الماضي وظهر في عدد من افلامه التي اخرجها، وعاد للكتابة الروائية التي حلم بها عندما ترك الجامعة وقبل ان ينضم للجيش حيث اصدر عام 1997 روايته الاولى، ذات المنحى الذاتي والتي بدأ بكتابتها وهو في سن السابعة عشرة وعاد اليها عندما بلغ الخمسين من العمر. وفيها حاول ستون في رواية ' حلم طفل في الليل' ( 1400 صفحة) استعادة علاقته مع امه التي اثرت عليه، بشخصيتها القوية وإثر قرار الانفصال عن والده لويس ' لوي' ستون، الامر الذي غير مسار حياته. ومن المؤثرات الادبية عليه روايات جوزيف كونراد خاصة ' لورد جيم' واعمال زوربا اليوناني وموسيقى جورج هاريسون.

جنوب الحدود

فيلم ' جنوب الحدود' ( 70 دقيقة)، والذي افتتح به مهرجان البندقية افلامه العام الماضي وبحضور هوغو شافيز نفسه وستبدأ عروضه في لندن نهاية الاسبوع الحالي، يمثل تجربة مثيرة ، وكتب نصه بمساعدة طارق علي، الروائي والناشط البريطاني من اصل باكستاني وصاحب كتاب ' قراصنة الكاريبي: محور الامل' ( 2006). والفيلم يتكون من محورين الاول مخصص لهوغو شافيز اشهر رؤساء امريكا اللاتينية وموقف امريكا منه واعلامها، ويصور فيه ستون بناء على لقطات مأخوذة من الاعلام الامريكي الكيفية التي يعبر فيها الاعلام عن استعداده لخدمة مشروع بوش والحرب على الارهاب واكثر من هذا تنفيذ اجندة وزارة الخارجية الامريكية، فيما يظهر مدير الاستخبارات السابق جورج تينت ليحذر من خطورة شافيز لانه يدير بلدا غنيا في النفط، اما كوندوليزا رايس ـ وزيرة الخارجية السابقة ـ فتقول ان الادارة تنظر نظرة سلبية الى نظام كركاس.

وفي هذا الجزء ينقل ستون عن فوكس نيوز تصويرها لشافيز انه اخطر على امريكا من اسامة بن لادن، وانه رجل مخدرات، وينقل اهتمام الاعلام الامريكي بالمعارضة لشافيز وعلاقات الاخير مع اعداء امريكا، ايران وقبلها صدام. ويمضي ستون ليقابل شافيز ويتحدث اليه، يلعب معه كرة القدم، ويلاحق قصته منذ البداية في كوخ في حي فقير في ' سابانيتا' في اقليم بارنياس ( 1954)، ويزور معه الكوخ ويذكره بدراجته القديمة ويطلب منه ان يركبها وعندما يحاول الرئيس ركوبها تنكسر لثقل وزنه وعندها ينفجر الرئيس بالضحك.

كيمياء بين المخرج والرئيس

ستون كمخرج يترك المجال لأبطاله ويلعب دور المحلل النفسي للرئيس ويتركه يقول ما لديه ويستفيد كمخرج من الامكانيات المفتوحة لديه، فهو يتعامل مع الرئيس على قدم المساواة ويشعر المشاهد بوجود نوع من ' الكيمياء' بينهما والتفاهم الذي يضفي على الفيلم حيويته ويطلعنا على افكار الرئيس وحضوره الشخصي والبلاغي، ويقول ستون ان هناك في هوغو حضور يهدد المشاهد ويخيف الاخرين، ويتمثل ' في حضوره الجسدي'. ويأخذ شافيز ستون في رحلة الى الشوارع والاحياء ويطلعه على برامج حركته الثورية والمكان الذي سجن فيه عندما فشل انقلابه عام 1992 ثم انتخابه عام 1997 وصعوده في السلك العسكري، ويقول شافيز ان الخطة الامريكية في فنزويلا تقوم على النفط وانها تشبه العراق، تقوم كما يقول على التخلص من صدام ثم النفط ونفس الامر في فنزويلا : شافيز ثم النفط.

عصابة شافيز في الجنوب

شافيز يؤكد لستون ان ما يقوله هو الحقيقة وان اراد التأكد فعليه ان يذهب الى الرؤساء الاخرين من امريكا اللاتينية الجديدة ومن هنا يقوم ستون برحلة - جولة تأخذه الى البرازيل يقابل فيها لولا دا سيلفا الذي يقول له انه ليس مهتما بالمواجهة بقدر ما هو مهتم بالحصول على معاملة على قدر المساواة بين الشمال والجنوب. ويتحدث لولا عن التقدم الذي حققته بلاده من ناحية التخلص من ديونها المفروضة عليها من صندوق النقد الدولي وانها حققت فائضا قيمته 260 مليار دولار. في الارجنتين يقابل نستور كرشنر، والذي ينقل اليه كلمات جورج بوش له من ان الحرب جعلت امريكا قوية فيما يبدو لقاءه مع زوجته التي خلفته في الرئاسة كريستين، تلقائيا ومن دون رسمية، ويتجرأ ويسألها عن عدد ما تملكه من احذية في خزانتها لترد انها لو كانت رجلا ، هل كان سيسألها عن عدد البناطيل التي تملكها؟ وفي مشهد آخر تطلب كريستين من واحد من مساعديها احضار صورة من غرفة جانبية وعندما يتأخر تتساءل عن السبب الذي يجعل الرجال بطيئين. ونكتشف ان الصورة ما هي الا صورة جماعية تجمعها مع لولا وكاسترو وشافيز. وتقول كريستين ان القارة يحكمها لأول مرة اشخاص يشبهون شعوبهم، وتقول انظر الى وجه ايفو انه مثل وجه بوليفيا وشعبها. عندما يقابل ستون مع فريقه ايفو في بوليفيا يعطيه موراليس ورق نبات ' كوكا' كيف يتخلص من اثر التعب والاجهاد بسبب درجة الارتفاع ويلعب معه الكرة ويحدثه موراليس عن المؤامرات التي حيكت من اجل منعه من الترشح للرئاسة وتهديده بالسجن والتي لم تنفع. كما يشير موراليس الى ان الميديا هي عدوه لانها تكذب وتحاول تقديم حقيقة غير ما يحصل في بلاده اما رئيس الاكوادور رفائيل كوريرا والذي يواجهه بسؤال انه يمثل الوجه السيىء او الشقي لليسار في امريكا اللاتينية، فيجيب قائلا انه ليس ضد الامريكيين كشعب وناس وطريقة حياة ولكنه ضد السياسة الامريكية وانه درس وعاش في الينوي ويتهم امريكا بـأنها لم تدفع ولا فلسا عن القاعدة العسكرية في بلده واذا كان من حق امريكا ان تقيم قاعدة في بلاده فلماذا لا يكون للاكوادور قاعدة عسكرية في ميامي. اما راؤول كاسترو فيعلن ان بلاده مستعدة لحرب الخمسين عاما القادمة. ومع الرؤساء يتحدث الى رئيس الباراغواي، فرينادو لوغو، والغائب الوحيد عن ' عصابة' شافيز هو دانيال اورتيغا رئيس نيكاراغو. جاءت فكرة ' جنوب الحدود' من منتج فيلمه ' الكومندان' إثر لقائه مع فيديل كاسترو عام 2003. وما نتج عن الرحلة فيلم ' غريب' كما يصفه ستون فهو فيلم تسجيلي وغير تسجيلي ولكنه يظل فيلما عن شافيز وحركة شعبية يسارية الطابع في اكبر قارة في العالم كما يقول.

منبر لأسماء الكثيرين من رؤساء أمريكا اللاتينية الجدد

تقنيا يبدو فيلم ' جنوب الحدود' قريبا من فيلم مايكل مور ' الرأسمالية قصة حب' ويرى معلقون امريكيون ان مايكل مور ابدع من ناحية التعامل مع الموضوع أكثر مما أبدع ستون، مع ان نهاية الفيلمين تتحدث عن بارقة امل بحدوث تغيير مع انتخاب باراك اوباما حيث يعبر شافيز عن امله في ان يكون اوباما روزفلت جديداً وبداية ' صفقة جديدة'. ومع ان فيلم ستون لم يلق الحفاوة في امريكا مثل ما لقيه في امريكا اللاتينية حيث تساءلت مجلة ' تايم' عن سر الحب الجديد بين اوليفرستون وشافيز، الا ان اهمية الفيلم انه يمنح رؤساء الجنوب فرصة للحديث مباشرة مع الامريكيين في وقت تواجه فيه دولهم حصارا من الادارة الامريكية. وهو ما اشار اليه ستون في لقائه مع جريدة ' اوبزيرفر' قائلا انه وان عامل كمخرج ابطاله على قدم المساواة الا انه منحهم منبرا خاصاً لأسماء الكثيرين من رؤساء امريكا اللاتينية ( الجدد) لم يسمع بها الامريكيون'. وهناك نقطة مهمة في النقاش حول اهتمام المخرج بموضوع التحولات في امريكا اللاتينية تلك التي تتعلق ببحثه عن مغامرات، قد تنجح او قد تفشل، وتجربته في فيتنام التي تركت اثرها عليه. وكونه ابن عائلة جمهورية محافظة، فهو حسب اعترافه كان يكره روزفلت ويكره كاسترو، ويكره الحرب التي يخوضها حتى الان مع انها انتهت في فيتنام قبل عقود، فهو يقول ان فكرة امريكا عن العالم عندما شارك في فيتنام هي نفسها لم تتغير ' نفس القصة في افغانستان والعراق وجنوب امريكا، البيض يقابلون ناسا يعتقدون انهم ـ اي البيض- احسن منهم، واعتقد ان هذه الحرب هي كل حياتي ورأيتها، مرات ومرات ولو استطعت ان افعل شيئا واحدا فيما تبقى من عمري فسيكون اخراج هذه الحرب'.

نتاج أزمات عاطفية

تشير هذه العبارات الى العلاقة العاطفية القائمة بين المخرج وافلامه فعلاقته مع الافلام هي نتاج ازمات شخصية إذ عندما انفصلت عنه زوجته الثانية اخرج فيلم ' ولدوا ليقتلوا'، ويفهم في هذا المنحى جوّ افلامه عن فيتنام التي انتجها مدفوعا بتسجيل تجربته هناك، كما ان فيلم ' وول ستريت ' الذي انتج حلقته الاولى عام 1987 جاء نتاجا لعلاقة والده مع عالم المال فوالده كان مضاربا، ومؤيدا لحرب ' الضرورة' في فيتنام ولم يغير موقفه الا قبل سنوات من وفاته وهذا التأييد كان مصدر توتر بينهما.
الغريب ان اقرب افلامه الى قلبه هي تلك التي تـُمنى بالفشل، فـ ' نيكسون' الذي يظل افضل الرؤساء الامريكيين بالنسبة له هو فيلم محبب ويعتبره من انضج افلامه، وكذا ' الاسكندر العظيم' الذي كان يريد ان يعده كفيلم للتخرج في الجامعة.

قرار صعب

ولد ويليام اوليفر لوي ستون ( يهودي) عام 1946 لمضارب في نيويورك وكان والده لوي قد التقى والدته جاكلين ( كاثوليكية) عندما كان جنديا في باريس. ونشأ نشأة مسيحية لكنه تحول للبوذية وكان محظوظا بدرجة معينة حيث عاش حياة مريحة في ' ايست كوست' ونظرا لعمل والده في مجال المال كان باستطاعته تدبير اعمال له في مجال التجارة والمال. وكانت والدته تحضر وتغيب لتغيب بالكامل وهو في سن الخامسة عشرة عندما اخبره مدير المدرسة ان والده ووالدته انفصلا. وبعد المدرسة الثانوية سجل في جامعة ييل، في نفس العام الذي دخل فيه جورج بوش الجامعة، ولكنه لم يواصل الدراسة وقرر التفرغ للكتابة ـ رواية وبعدها الخدمة العسكرية. وتعتبر هذه المرحلة من احرج السنوات في حياته فلم يكن سعيدا، وخياره الخدمة في الجيش كان مخاطرة وقرار ترك الجامعة كان مؤلما لوالده ايضا لان الاب كان يظن في حينه ان ابنه يضيع كل الفرص المتوفرة امامه. ويمكن النظر الى ان رحلته في السينما منذ عودته من فيتنام الى اليوم انها محاولة لإثبات النفس، مع ان والده كان يرى في مواجهة الشيوعيين ضرورة ولم يغير رأيه في حرب فيتنام الا قبل وفاته بأعوام. بعد عودته من فيتنام التي قضى فيها اربعة اعوام دخل مدرسة نيويورك للفيلم وتخرج منها عام 1971 عن فيلمه القصير ' العام الماضي في فيت - نام'، واشرف عليه في المدرسة المخرج المعروف مارتن سكورسيزي، وتزوج زوجته الاولى نجوى سركيس ( لبنانية) وطلقا عام 1979 ثم كتب واخرج فيلم رعب ' نوبة'، وكتب عام 1979 نص فيلم اخرجه البريطاني آلان باركر ' قطار منتصف الليل' عام 1981 تزوج مرة ثانية من اليزابيث ستون وانجبت له شون كريستوفر ومايكل جاك. يعتبر عام 1986 عامه الهام في حياته الفنية فقد اخرج فيه فيلمه ' بلاتون' والتي تعتبر جزءا من ثلاثية حرب فيتنام ونال عليه اربعة اوسكارات، ثم جاء فيلمه الثاني ' ولد في الرابع من تموز' ونال عليه اوسكار ثالثة لأحسن مخرج. عام 1996 تزوج للمرة الثالثة من زوجته الحالية الكورية صن ـ يونغ يونغ وانجبت له ابنة، يارا. ثم بدأ ثلاثية ' الكومندان'، ولقاء مع كاسترو ثم فيلماً آخر عام 2004
'
البحث عن فيدل كاسترو' ولقاءات مع المعارضين لنظامه في ميامي. وسيعمل على الجزء الثالث وينهيه قريبا.

علاقات غرامية وزيجات متعددة

يعرف ستون بعلاقاته الغرامية. زوجته الاولى اللبنانية نجوى سركيس والثانية اليزابيث تركتاه لانهما لم تستطيعا تحمل غرامياته. ويعيش الان مع زوجته الكورية وهي الثالثة صن ـ يونغ يونغ التي تحملته لحدّ الان ويرى ان العقلية الاسيوية تختلف عن العقلية الامريكية ويتغزل بصوت زوجته كما جاء في حديثه لصحيفة بريطانية لكنه يظل مهووساً في عمله. وهووسه الغرامي وخياناته تبدو انعكاسا لحالته العاطفية فمن بين افلامه التي يرى انها شخصية ' الاسكندر العظيم' ، الامبراطور ابن ابوين قويين ظل يعيش اسير ظلهما. لكن الهوس يعود الى تجربة فيتنام التي كانت بمثابة البوتقة التي صهرته ولم يكن قادرا على التخلص من اشباحها. نعم اكتشف في فيتنام النساء التي يقول انهن كن مثل الفاكهة الناضجة تماما كما اكتشف غوغان النساء في البحار الجنوبية. وكل هذا يعود الى تربية متحررة من امه وابيه الذي دفع له مالا كي يذهب لعاهرة ويفقد عذريته.

مرت حياة ستون في الكثير من المراحل الصعبة، طلاق وترك الجامعة وحروب ومنها تناول المخدرات التي يصفها بالرحلات والتي كادت مرة ان تودي بحياته، واعتقل مرة لتناوله المخدرات والكحول عام 1999 وكذا عام 2005. وتجربة المخدرات تمثل مؤشرا لحياته على انه رجل يذهب احيانا الى التطرف او يصل الحافة - حافة النهاية ـ فقراره الذهاب إلى فيتنام كان جزءا من البحث عن المغامرة. ويمكن النظر الى فيلمه الاخير على انه جزء من المغامرة او البحث في المجهول، والمجهول هو مواصلة العمل حتى النهاية فبالاضافة إلى سلسلته عن تاريخ امريكا السري وثلاثية كاسترو، يأمل ان يقوم بتقديم نسخة معدلة عن روايته. وينظر ستون الى مشروعه عن تاريخ امريكا السري على انه ' مشروع كبير' سيتركه للاجيال القادمة، مشروع سيحاول فيه تقديم رؤيته وشهادته عن تاريخ امريكا السري. فالمحارب يبدو انه لم يتعب ويلق سلاحه ولديه وقت كثير يفكر فيه نظراؤه بالتقاعد والتفرغ للعبة الغولف كما هو معروف عمّن يتقاعد عن العمل.

' ناقد من اسرة 'القدس العربي'

القدس العربي في

26/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)