حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

ولد وبنت

استجبت لدعوة د.محمد العدل وذهبت لمشاهدة فيلم «ولد وبنت» بمركز الإبداع الأسبوع الماضي.كان «ولد وبنت» هو التجربة الجادة الوحيدة التي فاتتني مشاهدتها منذ بداية العام الحالي واكتشفت أنها تستحق في الكثير من جوانبها أن انتهز الفرصة للاضطلاع عليها! صحيح أنني لم أتحمس لـ «أوضة الفيران» (مشروع تخرج كريم العدل) وتعجبت من تعجله في خوض تجربة فيلم طويل إلا أنني لمست قدرا لا بأس به من النضج المبكر الذي يستفز طاقات البعض لخوض تجربتهم الأولي..فكريم لديه قدرة علي صياغة جمل بصرية جيدة لكن الأهم أنها تأتي نابعة من الموقف الدرامي والانفعال الداخلي للشخصيات وهو إدراك مبكر لخطورة الشكلانية التي يقع فيها الكثير من المخرجين في التجربة الأولي (حيث يبدو الكادر مرسوماً و«شكله حلو» لكنه لا يمت بصلة للصراع الدرامي بداخله)، كما أنه يعتمد علي اللقطات الطويلة زمنياً ذات الحجم الثابت والتي تمنح الممثل قدرة علي التصاعد انفعالياً بأدائه دون توزيع هذا الانفعال علي أحجام مختلفة وهو أسلوب يستلزم توجيهاً ناضجاً للممثل، لأنه يحتاج لإطلاق شحنته مرة واحدة دون مبالغة أو افتعال وقد تمكن كريم من الوصول مع مجموعة الوجوه الجديدة إلي تلك المرحلة في أكثر من مشهد، كما أن فكرة السرد الزمني بصرياً هي في رأيي أنضج ما في الفيلم فتحقيق الإيهام الزمني دون إشارة مكتوبة علي الشاشة أو بشكل حواري يحتاج إلي تركيز شديد من قبل صناع التجربة لإقناع المتفرج أن هذه الأحداث تدور في الفترة الزمنية الفلانية من خلال الملابس أو موديلات السيارات أو حتي شكل علب البيبسي بالإضافة إلي الانتباه للبرويه البصري، أي الأشياء الموجودة في خلفية الكادر مثل موديلات السيارات الحديثة في كادر يصور التسعينيات مثلا، فالأحداث تدور من منتصف السبعينيات وحتي وقتنا الحالي، وهو جهد لا بأس به من مصممة الملابس والمخرج الفني وقد ضحكت عندما وجدت في أحد المشاهد السيارات مغطاة في الخلفية بمفارش من نفس النوع والشكل، ولكنني أحترم صانع الفيلم الذي يحاول احترام عقليتي ويجتهد كي يقنعني بما يقدمه. وظلت أزمة التجربة كما هو واضح في السيناريو، فالمصادفات التي تحرك الأحداث تبدو أكثر من أن تكون (قدرا) كما أنها تمنع الشخصيات من الفعل وتضعهم في خانة رد الفعل وكلما كانت حركة الشخصيات قائمة علي الفعل النابع من قرار مُتخذ بناء علي تكوين الشخصية كلما اتسقت الدراما وبدت أكثر قوة كما أن جمل الحوار جاءت بلاستيكية جدا تكاد تسمعها وهي تطقطق في فم الممثلين، ولكنني تذكرت رأياً قديماً يقول إن المخرج الجيد يمكن أن يصنع تجربة معقولة من سيناريو سيئ ولكن ليس العكس، وكنت أجده رأياً غير علمي، لكن يبدو أن هناك بعض التجارب التي لا تزال الآراء القديمة تصلح للتطبيق عليها.

الدستور المصرية في

22/07/2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

منذ عام كامل وأنا أتجنب الكتابة عن الحلقات «الفنية» التي يقدمها برنامج «العاشرة مساءً » وتحديدا منذ الحلقة التي استضافت فيها مني الشاذلي صناع فيلم «إبراهيم الأبيض».. ولكن بعد مشاهدتي حلقة الأسبوع الماضي مع صناع فيلم «الكبار» شعرت أن المسألة تحتاج بالفعل إلي تنفيسة أطلق من خلالها شكوي مكبوتة في صدري منذ الموسم الماضي.في حقيقة الأمر ليس للشكوي علاقة فقط بالعاشرة، لكن بالأسلوب الذي تتبعه البرامج الحوارية «الكبيرة» في التعامل مع الأفلام السينمائية خاصة خلال مواسم الصيف والأعياد وأتصور أن البعض كتب منذ فترة عن الدعاية المجانية التي يقوم بها صناع الأفلام لأعمالهم من خلال استضافتهم في مثل هذه البرامج وهو أمر صحيح تماما وإن كانت مسألة المجانية أو الأجر المدفوع مسألة شكلية، فالمنظومة الإعلانية التي تسيطر علي كبري القنوات وحتي علي قنوات التليفزيون الحكومي تجعل فكرة استضافة «نجوم» فيلم معين والإعلان عن هذه الاستضافة قبلها بيوم أو بأسبوع أو حتي بشهر فكرة تجارية شديدة الأهمية خاصة أن المنفعة تصبح متبادلة، فالبرنامج يضمن نسبة إعلان جيدة نتيجة تصوره أن نسبة المشاهدة سوف ترتفع لوجود هؤلاء الكواكب الزاهرة علي مقاعده طوال ساعة أو ساعتين وصناع الأفلام يضمنون دعاية «مجانية» لفيلمهم طوال هذه المدة بل احتفاء وتكريم و«تظبيط» من مقدمي البرامج علي اعتبار أن المصلحة «رايح جاي» وعيب «تحرجني» وأنا «في بيتك» وهنا يصبح وجود عنصر ثالث سواء مسألة مزعجة مرهقة أو غير مجدية اقتصاديا وهو عنصر «النقاد» سواء علي مستوي الاستضافة الشخصية(وجود مباشر) أو الاستشهاد بمقالاتهم (وجود غير مباشر) ومن هنا تتحول الحلقة في غياب هذا العنصر شديد الأهمية والمرتبط بشكل عضوي وجيني بالعملية السينمائية إلي مجرد «شو» متفق عليه مسبقا..كل الأسئلة معروفة وكل الإجابات معدة سلفا!

وفي الماضي كنت دائما أتعجب من فكرة انتقاد مصطلح أن هذا الناقد يرتدي نظارة سوداء وكان البعض يقصد منها أنه يري الأشياء غامقة وسوداوية، بينما كنت أراه تعبيراً شديد الذكاء، حيث إن الناقد الذي يضع نظارة سوداء لن يري هذا الإشعاع «الإعلاني» الذي يطلقه «النجم» لكنه سوف يري فقط حجمه الحقيقي كفنان فلا تنبهر عيناه ولا يعميها تألقه! المشكلة أيضا أن مقدمي البرامج يسمحون أو يشاركون من باب إكرام الضيف واجب في الهجوم علي أو انتقاد مواقف النقاد وآرائهم وكتاباتهم دون أن يكون هناك من «يرد غيبتهم» بالبلدي ثم من قال إن الجمهور يستفيد من استضافة صناع فيلم يتحدثون فيه عن هول ما لاقوه أو فصاحة ما عبروا عنه أو عبقرية ما قدموه دون أن يكون هناك طرف آخر قادر علي التحليل والتقييم والإشادة بالجيد والتنكيل والحط من شأن الفاسد والفاشل والتافه ومن قال إن النقاد لا يصنعون دعاية «مجانية» للتجارب الناضجة بكتاباتهم وآرائهم في الصحف والبرامج ؟وقديما بلورها أستاذنا سامي السلاموني قائلا: (إن جزءاً من مهمة الناقد هو الدعاية للأفلام الجيدة) وقال جزءاً من مهمته ولم يقل لو تفضل أو راودته الفكرة، بل تحدث بصيغة الجزم وكأن مهمة الناقد لا تكتمل بغير هذه الدعاية لأنها دعاية موضوعية قائمة علي تفكيك العمل والوقوف علي عناصره الأولية والتغزل في مفاتنه والإشادة بثغراته وهفواته وهي دعاية في صالح المتفرج الذي يهم الناقد أن يشاهد عملاً جيداً تم وضعه في ميزان بكفتين! ولكن للأسف ما تقوم به برامجنا «الكبيرة» حالياً مع صناع الأفلام من «النجوم» هو الكيل علي ميزان بكفة واحدة وبدون سنجة أو أرقام.

الدستور المصرية في

15/07/2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

إحسان عبد القدوس 

حياتي في السينما 2: سميحة وسنية وفي انتظار درية ؟

لست أدري أن كان هذا الفيلم يعني الكثير بالنسبة لي فقط أم أن هناك العشرات مثلي الذي يمثل لهم الوسادة الخالية أيقونة سينمائية ترتبط بحياتهم العاطفية في الربع الأول من أعمارهم مع «وهم الحب الأول» رغم كل ما في الفيلم من سذاجة ومباشرة وصدف لا نهائية لكنه من الأفلام القليلة التي تجعلني دوما أطفئ بروجيكتور النقد الذي يعرض الفيلم مفصصا علي شاشة الذهن تاركا نفسي أغرق في الجملة الموسيقية الساحرة لأغنية أسمر يا أسمراني من ألحان كمال الطويل والتي اختارها أبو سيف برقة غريبة علي مخرج كان يحاول الانتماء للتيار الواقعي لتكون التيمة الموسيقية الأساسية لعلاقة الحب بين صلاح وسميحة التي لم يقدرلها أن تكتمل أبدا. . في حياة كل منا وهم كبير اسمه الحب الأول هكذا كان أبو سيف يحافظ علي الجملة الشهيرة أو المورال الذي يكتبه إحسان عبد القدوس مفتتحا به رواياته ملخصا للقارئ الهدف من ورائها أو مكثفا مغزاها في إجمال شديد يأتي بعده التفصيل خلال صفحات الكتاب وفي الوسادة الخالية والطريق المسدود نجد أبو سيف ينقل تلك الجمل من مقدمة الكتاب إلي تيتر الفيلم وكأنه ليس اقتباسا للنص سينمائيا فقط ولكن للشكل الروائي الذي اشتهر به عبد القدوس. . بالنسبة لي كانت تلك الجملة علي فطريتها وشيوعها جملة شديدة العبقرية والذكاء خاصة عندما كنت أتوحد مع شخصية صلاح أو عندما أجبرتني الحياة علي التوحد معها أكثر من مرة حتي كانت المرة الحقيقية والاخيرة التي ألصقت وجه الحبيبة بالوسادة كما التصق وجه سميحة بوسادة صلاح ساعتها شعرت أن تعلقي بالفيلم خلال سنوات مراهقتي لم يكن سوي نبوءة لما سوف يحدث لي بالفعل في الحياة الواقعية. . كنت أكره سمحية صلاح قبل أن ألتقي» بسميحتي «وصرت أكرهها أكثر بعد أن خرجت من الفيلم وتجسدت في لحم ودم وكنت أضحك علي الصدفة التي جعلت زوج سميحة الدكتور فؤاد من دون كل أطباء مصر هو الذي ينقذ حياة صلاح من الموت ومازلت أضحك علي تلك الصدفة لكنني أعلم أنها أكثر رحمة بكثير من «صدفة» أن تتزوج حبيبتي من صديقي بعد هجرها لي لألقي بنفسي في حضن سنية! وشخصية سنية الراقصة «بتاعة الفراخ» التي يلجأ كل صلاح إلي أحضانها لكي ينسي كل سميحة هي أكثر شخصيات الفيلم رقة وعذوبة وضعفا والتي تستحوذ علي كل شفقتي أكثر من صلاح رغم توحدي معه ودرية رغم شعوري بمعاناتها! فسنية في آخر السلم الغذائي العاطفي أو في أوله لست أدري المهم أنها الطرف الأضعف في عملية الهتك الشعوري التي يمارسها صلاح طوال الفيلم كرد فعل عكسي لهتك سميحة لمشاعره وفي حياة كل صلاح منا أكثر من سنية ولكنها كالفيلم تماما تختفي بلا رجعة ودون شرح درامي. . فقط تذوب ويسقط ذكرها خلال الأحداث! أما درية فلقد التقيت بالعديد منها ولكن في كل مرة لم تكن تفتش عن الدبلة الثانية في أصبعي لتتأكد أنني خلعتها وهي علي فراش المستشفي وأنا مازلت في انتظارها مستلهما روح الشكوي الشهيرة التي أطلقتها زينات صدقي في فيلم شارع الحب فيا رب (املالي الوسادة الخالية أنني لا أنام).

الدستور المصرية في

01/07/2010

 

رامي عبد الرازق يكتب :كادر ثابت

لكل منا حياته التي يعيشها داخل السينما  

لكل منا حياته التي يعيشها داخل السينما خاصة تلك الأجيال التي تربت علي الأفلام المعروضة ليل نهار علي شاشات التليفزيون من قبل حتي أن توجد الفضائيات، والآن أصبحت فضائيات العرض المتواصل فرصة كبيرة للذاكرة لكي تستعيد تفاصيل حياتية ارتبطت لدي كل منا بجملة في فيلم أو إفيه أو شخصية إلخ...بالنسبة لي أتصور أنني قضيت حياتي كلها في السينما أو أن السينما كانت حاضرة بشكل أو بآخر في كثير من المواقف والتفاصيل الحياتية التي لا انفك أتذكرها كلما أعيد عرض الفيلم المرتبط بها أو دار العام وعادت المواسم تهل عليّ في أوقاتها المحددة.

1- صفحة السينما / امتحانات الثانوية الشمسية 1994

كنا في نفس الشهر الحالي ونعاني من نفس الموجة الحارة التي لم يكن سقفها يتعدي الأربعين درجة في العشر سنوات الأخيرة من القرن الماضي، وجاء من نصيبي الجلوس بجانب الشباك في لجنة مدرسة العباسية الإعدادية للبنين والتي كانت بالصدفة هي نفس مدرستي التي غادرتها منذ ثلاث سنوات مجتازاً الشارع إلي«كلية إسماعيل القباني الثانوية»، كما كنا نطلق عليها وهي أشهر مدرسة ثانوية في تاريخ حي العباسية تليها الحسينية العسكرية..المهم أنني وجدت نفسي منصهراً بفعل الحرارة المصبوبة من القرص الأصفر الحارق طوال لجنة امتحان اللغة العربية، حتي إنه بعد ربع ساعة كانت ثمة بقع بيضاء تتفتح أمام عيني وتتراقص في دائرية عجيبة نتيجة انعكاس الضوء علي ورقتي الامتحان والإجابة اللتين أنظر فيهما..ناهيكم عن كمية عرق غير طبيعية لا يمكن أن يفرزها فتي نحيل مثلي؛ لأنها لا تتوازي أبداً وكمية الماء أو حتي الدم التي في عروقه..وعدت إلي البيت منهاراً وأنا أفكر في كيفية إيجاد حل لهذا الموقع العدائي الذي ينبئ بثانوية شمسية قد تصيبني بأمراض جلدية نتيجة كم الحرارة والأشعة فوق البنفسجية التي سوف أتعرض لها..هنا اقترحت علي أمي أن آخذ بعض الجرائد وأقوم بإلصاقها علي زجاج الشباك الشفاف درءاً لانصباب الأشعة الكونية المهلكة وبالفعل اصطحبت معي في اليوم التالي مجموعة من جرائد الأسبوع الفائت وبكرة «سوليتب» ورحت أفرد الجرائد وألصقها علي زجاج النافذة وبعد عشر دقائق وجدت أنني بدون قصد أو بلا وعي قصدي قمت بإلصاق صفحة السينما الخاصة بجريدة الأهرام، والتي كان يشرف عليها في ذلك الوقت علي ما أذكر الناقد فتحي العشري.

نظرت إلي الصفحة التي كنت ألتهمها أسبوعياً وشعرت برغبة شديدة في الانتهاء من الدراسة لكي أتفرغ إلي هذا المجال الذي أعشقه.. كانت ثمة صورة بربع طول الصفحة لممثلة أجنبية شابة شقراء ترتدي فستاناً قصيراً من جلد النمر، وقد زادتها حرارة الشمس سخونة جعلت كل المراقبين خلال أسابيع الامتحانات يحومون طوال الوقت حول مكاني بحجة «المراقبة الدقيقة» وتنبيهي إذا ما راودتني أية «أفكار خبيثة» للغش أو استخراج البرشام رغم أنني لم أقم بأي الفعلين في حياتي الدراسية أبدا، لكنني كلما كان الحال يضيق بي في اللجنة وأشعر بالتعب أو تخونني الذاكرة أرفع بصري تجاه صفحة السينما المفرودة أمامي فلا أري الفتاة الشقراء الساخنة وإنما عناوين الأفلام وأفيشاتها المطبوعة بطول الصفحة وأسماء الكتاب أسفل مقالاتهم فأشعر أنني أخيراً علي وشك التخلص من عبء الدراسة التقليدية والاستغراق في هذا العالم الذي كنت أشعر أنني أنتمي إليه..وللأسف لم أحتفظ بتلك الصفحات لا من أجل صورة الممثلة الساخنة وإنما كتذكار «سينمائي» من امتحانات الثانوية العامة التي لم أعد إليها أبدا.

الدستور المصرية في

24/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)