حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

'عسل إسود': مصر الحلوة ناقصة 'طحينة'!

أحمد حلمي بطل يبحث عن وطن نموذجي بمقاييس أمريكية

القاهرة من كمال القاضي

عندما يصل الفنان الى مرحلة النضج الفني تبدأ مسؤوليته الحقيقية تجاه فنه، ومن ثم لا يصح أن يُعامل من جانب الجمهور أو النقاد بوصفه 'مشخصاتي' يأتي بحركات بهلوانية تثير الضحك وتبعث البهجة في النفوس، وانما يتعين ان يتم تفسير دوره وتحليله على ضوء ما يقدمه السيناريو من معطيات دالة وموحية تحتم على المشاهد أن يرى الفيلم بعينين مفتوحتين وألا يكون الضحك هو غايته الوحيدة مهما بلغت جرعات الكوميديا به.

أحمد حلمي بطل فيلم 'عسل إسود' ممثل له سوابق في الدراما الرمزية والتراجيديا الإنسانية فمن قبل قدم أفلاماً مثل 'كده رضا، آسف على الإزعاج، ألف مبروك' وكلها أعمال كانت تحمل مضامين ومعاني تجدر بالتوقف أمامها وقد قرأت نقديا في سياقها الفني وقت عرضها، ولأن التجربة الأخيرة المشار إليها من نفس النوع وذات الفصيل فإن تناولها سيكون أيضاً محاولة لفك رموزها، ولنبدأ أولا من العنوان، حيث درج على لسان العامة استخدام كلمة 'عسل إسود' للإشارة إلى الأشياء التي تحمل وجهين، أحدهما مقبول يمثل المذاق الحلو والآخر مرفوض يضاهي اللون الأسود، وهنا يمكننا منذ اللحظة الأولى تحديد ماهية الفيلم المنطوي على وجهين للسخرية وبعدين للموضوع، حيث البطل أحمد حلمي أو 'مصري' وهو الاسم المشتق من الجنسية يعود الى القاهرة بعد غربة طويلة استمرت عشرين عاما في أمريكا حصل خلالها على الجنسية الأمريكية وصار مواطناً مزدوج الهوية والثقافة يتمتع بحصانة الدولة العظمى مما يجعله رجل فوق العادة، هذه الإزدواجية هي 'الثيمة' الأساسية للأحداث يعتمد عليها السيناريست خالد دياب في إبراز المفارقات والتناقضات بين مجتمعين تقابلا في شخص واحد، وكذلك يتفانى المخرج خالد مرعي كي يدلل بالصوت والصورة على حالة التمييز التي يواجهها الشاب المصري - الأمريكي داخل مجتمع يكيل بمكيالين ويفرق بين الأجنبي وابن البلد في ابسط الحقوق الإنسانية حتى وإن أكدت الأوراق الرسمية تطابق جميع مواصفات اللون والطول والعرض والسن والاسم والعنوان على المواطن المصري بعينه فهو في نظر المجتمع والسلطة شخص آخر يكون أمريكيا حين يبرز جواز السفر الأمريكي فيحظى بكل العناية والرعاية والاهتمام وينقلب مصرياً عندما لا يتوافر لديه ذلك الجواز الأمريكي، وعليه فهو مواطن عادي - لا حصانة ولا حماية ولا رعاية له، يقف في مؤخرة الصفوف ويعاني الأمرين من الغربة داخل بلده التي تفتح ذراعيها لكل من له نفوذ وتطبق قانون الامتيازات الأجنبية ويصبح ما من سبيل أمام المواطن المصري إلا اللجوء إلى الجهات الرسمية والدبلوماسية لإثبات جنسيته المستعارة ليكون بمنأى عن الأخطار والمضايقات متحصناً بقوة الدولة العظمى التي تحكم العالم بالحديد والنار وتبث الرعب في قلوب الحكومات والمجتمعات فيرفعون مواطنيها على أكف الراحة، فيما يداس بالأقدام المواطنون الأصليون للبلاد، هكذا تتسرب المعاني الكوميدية في العسل الأسود فتحيله الى 'مازوت'، إذ نلحظ التباينات الواقعية مجسدة في صور درامية شديدة الوقع قوية الصدمة، فالبطل منذ نزوله أرض المطار يتحول الى شخص مستباح ورهينة في أيدي المرتزقة، سائق السيارة الأجرة الانتهازي 'لطفي لبيبي' وموظف الاستعلامات بالفندق السياحي وعوام الناس من المقهورين والجوعى والمرهونة أرزاقهم على الابتزاز والاستغلال وهم المهمشون العائشون على فائض الأغنياء من الهبات والصدقات وتلك صورة يقابلها السيناريست خالد دياب بصورة أخرى مغايرة يؤكد من خلالها تزاوج الأنماط الاجتماعية في المحيط الواحد ويعلي من شأن القيمة الإنسانية وخصال الشهامة والكرم، عند المصريين الفقراء الذين تمثلهم أسرة الفنانة إنعام سالوسة وإدوارد فهي تحتفي بالضيف الغائب منذ سنوات وبرغم ضيق ذات اليد والعيشة الضنكة تمد له يد العون وتحتويه طوال مدة الضيافة لحين عودته مرة أخرى لوطنه الثاني الأكثر أماناً وتحضراً، هذه اللمحة يقدمها دياب ايضا بشكل مختلف نسبياً في مشهد الإفطار الجماعي على موائد الرحمن وحالة التواصل بين الطبقة الثرية والطبقات المعدمة في شهر رمضان ولعله المشهد الوحيد لضيفة الشرف الراقصة دينا جاء معبرا عن وجود روح التكافل وهي الميزة المفتقدة في المجتمعات الأوروبية المتقدمة، وأتصور ان ما ورد من مشاهد أفضت إلى معان في هذا الإطار هي محاولة من جانب المخرج خالد مرعي لخلق نوع من التوازن فيما يتعلق بالمحاسن والمساوىء في المجتمع المصري كي لا تبدو الصورة قاتمة تماما ويصبح التهجم على مصر وتجريدها من محاسنها هو الغاية الأساسية من الفيلم وإن كان هذا ما وصل بالفعل لبعض السادة 'الوطنيين' المشغولين طوال الوقت بسمعة مصر كأن مصر تعنيهم وحدهم فقط، بينما هم في الحقيقة يقفون حائلا أمام أي نقد بناء ليبقى الوضع على ما هو عليه!

نعود الى الفيلم ونقول إن الحذر لا يمنع القدر فبرغم الاحتياطات الدرامية والفنية التي اتخذها كل من دياب ومرعي فقد وقعا في المحظور وظلا في نظر البعض متهمين يسيئان الى واقعنا الاجتماعي ويدقان المسامير في نعش الوطن، والحقيقة ان هذه النظرة قاصرة جدا لأن السينما الجادة هي التي تشير إلى المثالب والأخطاء وليس من وظيفتها تقديم الحلول كما يطالب البعض، ثم أن الفيلم قدم في الربع الأخير معالجة ايجابية اعتقد انها تجب ما قبلها تمثلت في الانتصار لمنظومة القيم الإنسانية التي لا يوجد لها نظير في أي دولة أوروبية أخرى، فضلا عما قامت به كاميرا مدير التصوير سامح سليم من جولات سريعة بين المناطق السياحية والأثرية لتأكيد المرجعية التاريخية لمصر وحالة الالتحام بين أبناء شعبها بمختلف أطيافهم وطوائفهم والأغنية الشجية المصاحبة لمشاهد أو كادرات النهاية، كلها شكلت مع الموسيقى التصويرية للفنان عمر خيرت حالة شجوية - فنية مكتملة العناصر أراها قد عززت الإحساس بالانتماء لهذا البلد الأمين الذي يسهل عليها أن ننتقده ويصعب علينا أن نفرط في شبر واحد منه، حتى وإن قست ظروفه وبات طاردا لأبنائه كما يرى أو يزعم البعض، وما يريد أن يقوله الفيلم وأصحابه هو معنى آخر قوامه الحب وليس العكس فاللوحة السينمائية وإن تشكلت مفرداتها من بعض الصور السوداء ونضحت بالمذاق اللاذع فهذا لأن المأمول والمرجو هو البياض النقي والطعم اللذيذ، عندئذ 'عسل أبيض'.

القدس العربي في

06/07/2010

 

زينات صدقي افضل من قدمت الكوميديا قبل وفاتها جلست 16 عاما في بيتها دون عمل

لندن ـ القدس العربي

زينات صدقي صاحبة أخف ظل في السينما المصرية، اشتهرت بأدوار بنت البلد، وقدمت ثنائيات عديدة مع "إسماعيل يس" و"عبدالسلام النابلسى" و"عبدالفتاح القصرى".

حياتها كانت... سلسلة طويلة من العمل والفشل والنجاح والثروة والفقر، ولم يبق من ذلك سوى حقيقة لا يختلف عليها اثنان: أن زينات صدقي أفضل من قدمت الكوميديا على شاشة السينما.

ولدت زينب محمد سعد، والتي اشتهرت لاحقا باسم «زينات صدقي» في العام 1913 بمدينة الإسكندرية «220 كيلو مترا شمال غرب القاهرة».

عرفت طريقها إلى الفن من خلال عملها كراقصة في ثلاثينات القرن الماضي ثم انضمت إلى فرقة «نجيب الريحاني» وكان أول عمل لها في الفرقةدورها في مسرحية «الدنيا جرى فيها إيه» واشتهرت في هذه الفترة بدورالخادمة سليطة اللسان، ونقلت نفس الشخصية... إلى السينما. كان أول أعمالها السينمائية فيلم «وراء الستار» العام 1937، ثم قامت بتقديم أفلام عديدة... وصلت إلى 150 فيلما، ومن بين أعمالها التي علقت بأذهان الجمهور «الآنسةحنفي»، «ابن حميدو»، «إسماعيل ياسين في الأسطول»، «حلاق السيدات»... والذي يعد الفيلم الوحيد الذي لعبت بطولته، مع نهاية الستينات.

بدأت زينات صدقي في الاختفاء التدريجي ولم تظهر إلا في أعمال قليلة أشهرها فيلم «معبودة الجماهير» وكان آخر أعمالها «بنت اسمها محمود» وتوفيت في 2 مارس 1978، لتنطفئ أجمل ضحكة... لكن صداها لايزال يتردد داخلنا وقبل وفاتها جلست 16عاما في بيتها من دون عمل.

تكريم رئاسي

وكانت قصة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مع زينات صدقي... شاهدا على غياب أهل الفن معها فقد روي أن الرئيس عبدالناصر قرر أن يكرم نخبة من الفنانين... ومن بينهم زينات صدقي... إلا أن المعنيين لم يستطيعوا العثور عليها، فما كان من الرئيس المصري إلا أن طلب من جهة أمنية إيجادها ونجحت بالفعل في العثور عليها في أطلال بيت متهالك في أحد الأرياف، وبدت في حالة رثة، فكرمها الرئيس عبدالناصر وأمن لها مسكنا، ومعاشا... حتى توفيت. كما روي أن سأل الرئيس المصري الراحل أنور السادات الدكتور رشاد رشدي عن أسباب عدم إدراج اسم زينات صدقي بين الفنانين المقرر تكريمهم في العيد الأول للفن العام 1976وكان الدكتور رشاد في هذا الوقت مدير الأكاديمية الفنون المنظمة للحفل ولم يجد ما يبرر به هذا السهو غير المقصود في حق فنانة ونجمة كبيرة انزوت داخل دائرة النسيان والتجاهل ولم يعد أحد يسأل عنها منتجي السينما ومخرجي التلفزيون لا يرشحونها للعمل، لدرجة أنها لجأت للقضاء تشكو مخرجا استبعدها في آخر لحظة من تسجيل دورها في أوبريت لزكريا أحمد، بعد ذلك قررت أن تعيش على هامش الاضواء والنجومية، أدركت أن الزمان لم يعد زمانها.

كانت تمتلك إرادة كافية وعزة نفس كبيرة، تمنعها من مجرد التفكير في تسول تمثيل دور، مهما كان عائده المادي، تدهورت ظروفها المادية بسرعة منذ منتصف الستينات من القرن الماضي، لكنها رفضت أن تتسول للعمل، كانت تبيع أثاث منزلها كي تأكل، وسمع بمأساتها الناقد الفني لجريدة الأخبار جليل البنداري، ونشر مقالا عنها وكتب «لم أصدق أن فنانة عظيمة من تلميذات الريحاني يحدث لها هذا، إن أخف الممثلات دما تبيع أثاث بيتها قطعة قطعة منأجل الطعام».

بعد 10 سنوات من نشر هذه المأساة... كرمها السادات، ودعاه الحضور حفل تكريمها، واستلام شيك بألف جنيه من الرئيس، ولم تجد في دولاب ملابسها فستانا مناسبا، لكنها حضرت الحفل بعد تدبير جيب وبلوزة ومنحها السادات معاشا استثنائيا مدى الحياة، ورقم هاتفه الخاص للاتصال به إذاكانت في حاجة لمساعدة. عادت إلى منزلها الذي يقع في شارع جانبي متفرع من عماد الدين «وسط القاهرة» وقلبها يرقص من الفرحة والسعادة، أخيرا سوف تسددما تراكم عليها من ديون وتعيش بقية أيامها مستورة، وتذكرها المخرجون ومنتجو السينما ورشحوها لأعمال فنية، لكنها قالت بكبرياء: «آسفه أرفض الشفقة».

وبعد شهور من تكريمها... تدهورت حالتها الصحية، وظلت 3 أشهر... تصارع الآلام بسبب متاعب في الرئة وهبوط في القلب ونصحها البعض بالاتصال بهاتف الرئيس لعلاجها على نفقة الدولة، إلا أنها رفضت بعناد وإصرار ولفظت آخر أنفاسها يوم 2 مارس 1978 عن 66 عاما.

وكشفت ابنة شقيقة الفنانة الكوميدية زينب محمد سعد، الشهيرة بـ"زينات صدقي"، عن أسرار خاصة بحياتها الفنية والشخصية، منها قصة هروبها من أهلها للعمل بالفن، وقربها وزواجها من أحد رجال الحكم بمصر وقتها.

قالت السيدة عزة محمد مصطفى ابنة شقيقة الفنانة الراحلة زينات صدقي في الذكرى الـ32 لوفاتها، هربت الفنانة زينات صدقي من الإسكندرية مع والدتها بعد وفاة والدها، لرفض عمها عملها في مجال الفن، وسافرت إلى لبنان للعمل مع بديعة مصابني، حسب مجلة "الإذاعة والتليفزيون".

وأضافت الحفيدة أن الفنانة الراحلة كانت قريبة من رجال السلطة والحكم في مصر وقتها، حيث كان زوجها الثاني أحد رجال ثورة يوليو، وكان زواجهما سريا، ولم يستمر على الرغم من أنها كانت تعتبره حبها الأول والأخير، كما كرمها الرئيس أنور السادات ودعاها لفرح إحدى بناته، وخصص لها معاشا شهريا كبيرا وقتها قدره 100 جنيه.

وكان من المواقف الكوميدية في حياة الفنانة الراحلة زينات صدقي أن مدير محل جروبي بوسط البلد طلب البوليس خوفا من تكسير المحل نظرا لتزاحم الجمهور عليه لرؤيتها رغم أنها كانت تتخفى وراء نظارة سوداء، عندما كانت جالسة مع حفيدتها عزة داخله.

أيضا كان "وسواس النظافة" لديها أحد الأسباب الذي كان وراء خلق مواقف كوميدية في حياتها فقد كان لا يجروء أحد من أبناء شقيقتها "عزة وطارق" - رغم حبها لهما - أن يقتربا من أدوات أكلها الخاصة، ولا يقترب منها إلا خادمين فقط كان لهما الحق في لمس هذه الأدوات هما "عثمان" السوداني الذي كان يعمل لديها بالمنزل، و"فلتس" الذي كان يعمل لديها بالمسرح.

وقد نفت الحفيدة أن تكون زينات صدقي من يهود مصر كما قال الدكتور محمد أبو الغار في إحدى المقابلات التليفزيونية، وأشارت إلى أن والدتها كانت تنوي رفع دعوى قضائية ضده لكن أدركها الموت.

كما نفت عزة أن تكون زينات صدقي قد تعرضت للإفلاس قبل وفاتها وقامت ببيع أثاث منزلها بالكامل، مؤكدة أنها باعت أثاث منزلها الغالي لتسديد الضرائب، واشترت أثاثا آخر أقل منه في الثمن.

كذلك نفت دفنها في "مقابر صدقة"، وأكدت أن هذا المدفن هو مدفن خاص بزينات صدقي، وقد كتب عليه "عابر سبيل" بناء على رغبتها حيث كانت تدفن به الفقراء الذين لا يملكون مكانا لدفنهم، ومنهم ممثل مغمور بفرقة الريحاني يدعى محمد فوزي فقيل وقتها عنها أنها زوجته.

أما عن أسباب مرضها فقد قالت: أصيبت زينات صدقي بماء على الرئة، ورفضت الذهاب إلى المستشفى للعلاج، وتوفت بعد أسبوع فقط من مرضها، وكان "الكريز" آخر ما أكلته من فاكهة الدنيا.

القدس العربي في

06/07/2010

 

زوجته لم تجد مصاريف الجنازة فتكفل بها فريد الاطرش

عبد السلام النابلسي صديق البطل خرج من مصر مديونا وافلس في بيروت

لندن ـ القدس العربي  

ستمر هذا الاسبوع الذكرى 42 لرحيل أحد أساطير الكوميديا في القرن العشرين وهو الفنان الراحل عبدالسلام النابلسي الذي استطاع ان يكوّن لنفسه شخصية فنية مميزة وايضا مساحة فنية لا يستطيع احد غيره ان يملأها لأنه كان يعتقد ان فن الاضحاك يعتمد على الناس أنفسهم.

ولد عبدالسلام النابلسي في احدى قرى منطقة عكار بالقرب من مدينة طرابلس في شمال لبنان في 23 أغسطس 1899 وكان لوالدته اكبر الأثر في حياته لأنها كانت دائما تبث فيه روح الاعتماد على النفس وتحمل المسئولية لذا كانت له شخصية مستقلة منذ صغره بالاضافة الى خفة الظل والمرح وايضا النظرة البسيطة للحياة. أما والده فكان له تأثيره على نشأته الدينية لدرجة جعلته يأتي لكي يدرس بالازهر الشريف حتى يسلك القضاء الشرعي مثل عائلته ذات الباع الطويلة في هذا المجال.

وفي العام 1925 جاء عبدالسلام النابلسي للقاهرة وعمل بالصحافة الفنية والادبية في اكثر من مجلة ومنها مجلة «مصر الجديدة» و«اللطائف المصورة» و«الصباح» وكان يذيل كتاباته باسم «ممثل».

وجاءت الفرصة الأولى للنابلسي في السينما على يد السيدة آسيا في فيلم «غادة الصحراء» من اخراج وداد عرفي في العام 1929. وان كان فيلم «وخز الضمير» في العام 1931 للمخرج ابراهيم لاما هو الذي فتح له أبواب السينما في الثلاثينيات في تلك الفترة بعدد من رموز الفن في ذلك الوقت منهم الاخوان لاما وتوجو مزراحي ويوسف وهبي وآسيا واحمد جلال.

ولم يكتف بالتمثيل فقط وإنما عمل كمساعد مخرج في العديد منها وخاصة افلام يوسف وهبي ولكنه في العام 1947 اضطر للتفرغ التام للتمثيل بعد فيلم «القناع الاحمر» وخاصة بعد ازدياد الطلب عليه بعد انتشار موجة افلام الكوميديا ذلك الوقت. وقد كانت بدايات النابلسي في أدوار الشاب المستهتر ابن الذوات ولم يكن مضحكا في افلام عديدة منها «العزيمة» لكمال سليم 1939 و«ليلى بنت الريف» لتوجو مزراحي 1941 و«الطريق المستقيم» لنفس المخرج 1943 وغيرها.

الا انه عندما تحول الى ادوار صديق البطل وخاصة لكبار المطربين ونجوم الكوميديا بدأت الاضواء تسلط عليه مثل أفلام «جمال ودلال» 1945 للمخرج احمد بدرخان وامام فريد الاطرش وايضا في فيلم «غزال شيكا بوم» 1949، وكان دائما يجيد تمثيل مدرب الرقص الذي ينتمي الى الطبقة الراقية ويتحدث بلغات اجنبية وبكبرياء واضح، وقد شارك الفنان فريد الاطرش في 11 فيلما سينمائيا منها «ما أقدرش» 1946 و«عفريتة هانم» و«آخر كدبة» 1950 و«تعالى سلم» و«ما تقولش لحد» 1951 و«عايز اتجوز» 1952 و«لحن حبي» 1953 و«رسالة غرام» 1954 و«عهد الهوى 1955، وفي نفس العام ظهر مع عبدالحليم حافظ في فيلم «ليالي الحب» ثم «فتى احلامي» 1957 و«شارع الحب» 1958 و«حكاية حب» 1959 و«يوم عمري» 1961. أما آخر أفلامه مع فريد الأطرش فكان في العام 1956 و«ازاي أنساك»، كما شارك فاتن حمامة وعمر الشريف في فيلم «أرض السلام» للمخرج كمال الشيخ في العام 1957 وقام فيه بتجسيد دور شديد الانسانية حيث لعب شخصية رجل فلسطيني يعيش مع عشيرته تحت الاحتلال الاسرائيلي ويبدو طوال الفيلم متخاذلا وجبانا لكن النهاية تكشف انه أول من ضحى بحياته اثناء مساعدة الفدائي المصري في عملية خلف خطوط العدو.

وتقاسم عبدالسلام النابلسي بطولة العديدة من الافلام مع الفنان اسماعيل ياسين منها «اسماعيل ياسين بوليس سري» و«اسماعيل ياسين الحربي» و«حلاق بغداد» و«اسماعيل ياسين في الجيش» و«اسماعيل ياسين طرزان» و«حسن وماريكا» و«حلاق السيدات» وهو من تأليفه وانتاجه. كما قام عبدالسلام النابلسي ببطولة 5 أفلام سينمائية هي «حبيب حياتي» وكان من تأليفه وانتاجه واخرجه نيازي مصطفى 1958، و«عريس مراتي» لعباس كامل 1959، و«بين السماء والأرض لصلاح أبوسيف «والفانوس السحري» و«حلاق السيدات» 1960 وهو من تأليفه وفيه تحوّل اسماعيل ياسين لممثل مساعد له ثم «عاشور قلب الأسد» لحسين فوزي 1961 والذي أنتجه له الفنان رشدي أباظة و«قاضي الغرام» لحسن الصيفي 1962، وكان آخر أفلامه في مصر وفي العام نفسه شارك في بطولة فيلم «الفرسان الثلاثة» لفطين عبدالوهاب.

ومع نهاية العام 1962 ـ وكان من المفترض أن يشارك عبدالحليم حافظ في فيلم «معبودة الجماهير» وهو الدور الذي قام به الفنان فؤاد المهندس ـ رحل إلى لبنان بعدما تفاقمت مشاكله مع الضرائب والتي بلغت 13 ألف جنيه في حينها ولم تفلح محاولاته والتي بدأها في العام 1961 لتخفيضها إلى 9 آلاف ففضل أن يرحل عائداً إلى دياره وأخذ يرسل لمصلحة الضرائب حوالة شهرية بمبلغ 20 جنيهاً فقط الأمر الذي يعني أن تسديد المبلغ المستحق عليه سيستغرق 37 عاماً، وهو ما اعتبرته مصلحة الضرائب دليلاً على عدم جديته في السداد فقررت بعد ثلاث سنوات من رحيله أي في العام 1965 الحجر على اثاث شقته المستأجرة في الزمالك والتي لم تكن بقيمة المبلغ المطلوب.

وظلت القضية معلقة حتى وفاته في العام 1968 رغم تدخل العديد من رموز الفن في مصر وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم.

وفي بيروت عاش النابلسي ملكاً وأصبح عام 1963 مديراً للشركة المتحدة للأفلام وساهم في زيادة عدد الأفلام المنتجة كل عام في لبنان ومثل في أفلام «فاتنة الجماهير» و«باريس والحب» و«أفراح الشباب» و«بدوية في باريس» و«أهلاً بالحب» وأهمها مع الفنانة صباح والتي كان شاركها من قبل في أفلام «شارع الحب» و«الرباط المقدس» و«حبيب حياتي» كما انها جاءت لتقف ضيفة شرف باسمها في فيلمه «حلاق السيدات».

وفي بيروت أيضاً حقق النابلسي رغبته القديمة في الاستقرار السري بعد أن ظل متمتعاً بلقب أشهر عازب في الوسط الفني وحتى وصل الى الستين من عمره وذلك عندما تزوج من احدى معجباته «جورجيت سبات» وقام بإتمام إجراءات الزواج بفيلا صديقه فيلمون وهبي دون علم أسرة الفتاة والتي دخلت معه في صراع مرير أرغمته خلاله على تطليقها قبل أن تحكم المحكمة بصحة الزواج ويتم الصلح بينهم.

أما فيما يتعلق بوفاته فقد تلاحقت الأحداث سريعاً في الأشهر الأخيرة خاصة بعد أن أعلن بنك انترا في بيروت إفلاسه الذي كان معناه إفلاس النابلسي هو الآخر لأنه كان يضع كل أمواله في هذا البنك فزادت شكواه من الألم المعدة حتى ان الفنانة صباح والتي كانت رفيقته إلى تونس لتصوير فيلم «رحلة السعادة» قالت إنها كانت تسمع تأوهات ألمه من الغرفة المجاورة بالفندق رغم انه كان حريصا على ان يفتح صنابير المياه حتى يعلو صوت توجعاته. كما انه كان يشعر بدنو أجله لدرجة انه كان يترك مفتاح غرفته من الخارج، وبعد عودته الى بيروت أخذت حالته تزداد سوءا الى ان امتنع عن الطعام تماما قبل أيام من رحيله حتى كانت ليلة 5 يوليو 1968 حيث لفظ أنفاسه قبل وصوله الى المستشفى ولم تجد زوجته مصاريف الجنازة فتولى صديقه الفنان فريد الاطرش عن طريق شقيقه فؤاد والذي كان يحاول ان يخفي الخبر عن فريد لكنه علم به من الصحف وانهار مريضا حزنا على وفاة صديق العمر.

وبعد وفاته بأيام قليلة أعلنت الفنانة زمردة وكانت صديقته له سرا يتعلق بحقيقة مرضه حيث أكدت انه لم يكن يعاني من مرض بالمعدة كما أشاع ولكنه كان مريضا بالقلب منذ عشر سنوات وانه تعمد اخفاء ذلك حتى عن أقرب الناس اليه حتى لا يتهرب منه المخرجون والمنتجون ويبعدوه عن أفلامهم، وانها عرفت ذلك بالصدفة وذلك عندما أرسل معها بعض التقارير الطبية الى الطبيب العالمي د. جيبسون والذي كان يشرف على علاج فريد الاطرش وهو الذي أخبرها بحقيقة مرض عبدالسلام النابلسي دون ان يدري ان النابلسي يخفي ذلك وعقب عودتها صارحته بما عرفت فبكى أمامها واستحلفها ان تحفظ هذا السر وهو ما فعلته حتى وفاته في 5 يوليو 1968.

القدس العربي في

06/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)