حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

كاتب سيناريو نبي يؤكد جنسيته الفرنسية ويفتخر بجزائريته

عبد الرؤوف ظافري: لست فتى تائهًا يبحث عن هويّته

نبيلة رزايق من الجزائر

إنه شخصية تثير من حولها الكثير من الجدل والنقاش بسبب آرائه الجريئة العنيفة تجاه ما يحدث بالمجتمع الفرنسي خاصة من خلال ما يصرح به عبر الحصص الحوارية أو أعماله التلفزيونية والسينمائية التي يكتبها. إنه عبد الرؤوف ظافري فرنسي الجنسية جزائري الأصل هو كاتب سيناريو معروف على الصعيدين الأوربي والعالمي. من اشهر أعماله فيلم Un prophet "نبي" (2.5 مليون متفرج و8 جوائز سيزار) وفيلم "مسرين" (3 ملايين متفرج). إلتقته "ايلاف" خلال زيارته الأخيرة للجزائر بمناسبة عرض فيلمه "نبي" وسألته عن هذا الأخير وأسئلة أخرى حول الهوية والسينما فأجاب عليها بكثير من الجرأة:

         تألقتم من خلال كتابة سيناريو فيلم "نبي" لمخرجه جاك اوديار الذي ظفر بـ 8 جوائز سيزار في فرنسا سنة 2008 منها جائزة السيناريو، ما الذي كنت تود قوله من خلال هذا الفيلم؟

أردت فقط نقل حقيقة ما يحدث.. من خلال قصة ابن المهاجر العربي، مثلي انا الذي يعيش في المجتمع الفرنسي، فعلى الرغم من حريته، كأنه في سجن كبير، سجن الشكوك والأحكام المسبقة. كما لم أرد للفيلم أن يحمل نظرة استعمارية يظهر فيها الصورة النمطية لابن المهاجر بل أردت لبطلي "مالك الجبانة" والذي يعني أيضا ملك المقبرة، وملك المساجين وملك المهمشين أن يظهر فخورًا بأصوله مثلي انا ومثل البطل طاهر رحيم الفرنسي من أصول جزائرية.

         كيف كانت كواليس كتابة "نبي" ولماذا هذا العنوان المثير للكثير من الجدل والنقاش خاصة في صفوف المجتمعات العربية؟

البداية كانت سنة 2000 لقد استغرقت كتابة سيناريو هذا الفيلم أكثر من خمس سنوات وأنجز من طرف مجموعتين من4أشخاص البداية كانت معي و الصديق نيكولابوفايلي كتبنا 120 ورقة واستغرقت حينها العملية سنتين ولما عرضته على مخرج الفيلم جاك اوديار أراد إضافة بعض التفاصيل للقصة الأساسية التي اعتمدها انطلاقًا من السيناريو الذي أنجزته ويمكن القول ان الجانب المظلم والعنيف بالفيلم هو من إبداعي أما الجانب العاطفي والرومانتيكي فهو للفريق الثاني واستغرقت هذه العملية بدورها عامين حيث عكف جاك اوديار رفقة توماس بيدغان على إضافة ماكان يريد وما تشاهدونه الآن بالفيلم و كل ما تعلق بتعاطف المشاهد مع بطل الفيلم.و انا في هذه الإثناء كنت قد انتهيت من كتابة فيلمي"مسرين".

أما بالنسبة للعنوان فأنا في البداية اقترحت عنوان "النبي"Le prophet لكن المخرج تحسس من الأمر وطلب أن يكون العنوان ما هو عليه الآن أي "نبي" Un prophet علمًا أنني لم أرد أن يكون للأمر علاقة بالجانب الديني ولكنني كنت أريد ان اظهر التحول الانساني والتحدي الذي عاشه بطل الفيلم "مالك الجبانة" الذي دخل عالم السجن وهو أمي لا يعرف شيء لكن بإرادته واستخدامه لذكائه الفطري تعلم اللغة الفرنسية والكورسيكية واستطاع في الأخير السيطرة على عالم الإجرام والسجن. وهو نفس العالم الذي يسير عالمنا ومصائرنا اليوم يكفي أن نسال كيف تأسست الولايات المتحدة الأمريكية التي تسيطر الآن على العالم كله.

  • لكنك في مشهد الزنزانة وبعد قتل مالك لصديقه العربي بإيعاز من الزعيم الكورسيكي استخدمت الآية القرآنية "اقرأ" عندما كانت روح من قتل تطوف من حوله في زنزانتة لماذا؟

- هذه الفكرة بالذات لم تكن فكرتي أنا بل كانت من إبداع المخرج جاك اوديار وصديقه توماس بيدغان لأنه كان معجبا بشخصية الرسول وبهذه الآية القرآنية تحديدا، خاصة وأن بطل الفيلم قرر كتابة قدره الذي لم يتحكم فيه بالأساس. علمًا أن المخرج جاك اوديار غامر بالأساس عندما أخرج فيلما جل أبطاله فرنسيين من أصول عربية: طاهر رحيم، وعادل بن شريف، وهشام يعقوبي، وسليمان دازي، ورضا كاتب، يظهرون للمرة الأولى أمام شاشات السينما وليسوا نجومًا فرنسيين من الطراز الأول وذلك ينطبق على كاتب السيناريو أي أنا عبد الرؤوف ظافري.

  • على ذكرك عبارة فرنسي من أصول عربية تعيش فرنسا منذ مدة مع قضية تحديد وضبط هوية الفرد الفرنسي هل تعانون انتم من هذا الإشكال وكيف تحدد هويتك المركبة والمعقدة للآخر؟

شخصيًا لا مشكلة لدي أعيش وأنا أقول دومًا : أنا فرنسي الجنسية وأفتخر بأصولي الجزائرية التي اعمل على إبرازها في قصصي وكل كتاباتي التلفزيونية والسينمائية واعرف أني فرنسي ومن أي بلد أنا ومن وأي بطن خرجت ولست فتى تائه يبحث عن هويته. وفرنسا بالاساس تعاني من السياسة العنصرية التي انتهجتها تجاه أوائل أفواج المهاجرين الجزائريين والمغاربة الذين استغلتهم لإعادة بعث ما دمرته الحرب العالمية الأولى والثانية وأبناء هؤلاء ذوي الجنسية الفرنسية لا يمكن لهم ان ينكروا أصولهم ولن يرضوا البقاء في الصفوف الخلفية للمجتمع الفرنسي وما حدث في الضواحي خلال الثمانينات والتسعينات وحتى سنة 2000 لا يمكن أن نحصر أسبابه في الظروف الاقتصادية الاجتماعية المزرية بل نتيجة للسياسية العنصرية التي تنتهجها السلطات المحلية اتجاه هؤلاء الشباب المحكوم عليهم إما بان يصبحوا عمال مصانع أو رواد سجون فهل هناك رئيس بلدية بفرنسا من أصول عربية؟ طبعًا لا، على الرغم من أن شريحة الشباب الفرنسي من أصول عربية من المثقفين والأذكياء كثيرة ولا تتاح لهم الفرصة.

  • مواصلة لفكرة الحملات الدعائية المغرضة كيف تعلقون على ما حدث من جدال من حول فيلم رشيد بوشارب "خارجون على القانون" خلال عرضه بالمنافسة الرسمية لمهرجان كان السينمائي أخيرًا؟

عن أي جدال تتحدثين (يقولها ضاحكا) لا أريد ان اخوض في الموضوع مع الذين جادلوه هباء ولكن رأيي أن رشيد بوشارب أخرج فيلما- لم أشاهده بعد- يتحدث عما حدث من مجازر في منطقة سطيف وكل الشهادات التاريخية تقول أن ماحدث تمثل في مقتل 100 معمر فرنسي أمام آلاف الجزائريين العزل الذين اغتيلوا غدرًا لأنهم خرجوا في مسيرة سلمية للاحتفال بانتهاء الحرب العالمية وتحقيق وعد حق الشعوب في تقرير مصيرها رافعين الراية الوطنية الجزائرية سنة 1945 ما كان ثمنه مقتلهم لان رفع الراية كان جرم يعاقب عليه المحتل الفرنسي.نحن في فرنسا لدينا الكثير من العنصريين ومن أبرزهم النائب الفرنسي ليونال لوكا الذي قاد الحملة التشهيرية ضد الفيلم لمصالحه الانتخابية وأنا ادعوا الجماهير الفرنسية إلى مشاهدة الفيلم عندما يخرج لقاعات السينما،وان تحكم بنفسها عليه وإذا كان هناك من الفرنسيين من يعانون من أزمة من بعض الحقائق التاريخية يجب أن نقول لهم أن ما حدث في سطيف حقيقة تاريخية لا يمكن إخفاؤها أو نكرانها.

ومن بين الحقائق التاريخية التي يتجاهلها الكثير من المؤرخين وحتى الفرنسيين أنه في سنة 1945 عندما حرر الأمريكيون فرنسا وكل أوربا طرحوا مشروع مارشال لإعادة اعمار المنطقة وكان من بين بنوده بالنسبة لفرنسا أن تتخلى على مستعمراتها المغاربية واذا تمكنت فرنسا من تنفيذ ذلك مع تونس والمغرب فان الامر كان مستحيل للجزائر خاصة بعد اكتشاف الغاز والبترول.ومع كل هذا نقول ان رشيد بوشارب كان ذكيا عندما تطرق لهذه الحقيقة التاريخية التي نوقض مضجع بعض الفرنسيين كما حدث مع فيلمه "الاهالي".

ويجب ان نقول هنا ان الفرنسيين لديهم مشكل في الاعتراف بحقائق تاريخهم يكفي أن نذكر هنا بان أجمل فيلم اخرج عن حرب الجزائر كان "حرب الجزائر La bataille d'Alger " لجيليو بونتي كورفو وموسيقى إينو موريكونه سنة 1967 رشح الفيلم لجوائز الاوسكار بهوليود ولم يعرض لغاية الآن في أي قناة تلفزيونية فرنسية اللهم القناة الألمانية الفرنسية Arte أليس الأمر غريب؟ هناك مشكل حقيقي مع التاريخ ويجب أن نستحوذ نحن كجيل سينمائي على هذا المنحى السينمائي وألا نتركه للآخر يجب ان نتكلم نحن عليه مثلي انا ورشيد بوشارب وآخرون.

  • في الفترة الأخيرة كثرت الأفلام التي تتطرق للماضي الاستعماري الفرنسي ببلدان المغرب العربي هل يمكن للسينما أن تقوم بدور طرح الأسئلة وكشف المستور؟

من مهام السينما طرح الأسئلة وليس الإجابة عليها لأن الإجابة عن الأسئلة من مهام المشاهد. ويكفي ان أذكر لك هنا ما حدث مباشرة بعد عرض فيلم "نبي" بفرنسا كانت هناك ردت فعل متعجبة ومستنكرة مما جاء في الفيلم من حقائق مرة وواقع المجتمع الفرنسي المهمش حيث تعجب المجتمع الفرنسي من ظروف المساجين بالسجون الفرنسية بعدما اكتشفوا أنها لم تكن نوادي 5 نجوم –كما كانوا يعتقدون- وان بها الكثير من العرب المسلمين لينطلق الكثيرون في ضرب ناقوس الخطر والحذر.

  • نلاحظ من خلال سيناريو الفيلم والجانب العنيف المكثف فيه ان نظرتكم سوداوية للعالم لماذا؟

أنا لي رؤية جد متشائمة تجاه العالم والإنسانية جمعاء وهذه النظرة نشأت من كوني شخص مطلع ويقرأ الكثير الكثير وإذا كانت هناك فظاعة في القرون الماضية كالتي اقترفها الماغول والنازيين فان الفظاعة التي نعيشها في القرن 21 ومن بعد إعلان مبدأ حقوق الإنسان وحرية التعبير لا تقارن مع فظاعة تلك الأزمة وما يحدث في مناطق متعدّدة من هذا العالم لخير دليل على ما أقول.

  • السينمائيون الفرنسيون من أصول عربية أصبحوا يشكلون علامة فارقة بالمشهد السينمائي العالمي على العموم والفرنسي على الخصوص مارايكم في الموضوع وأين تضعون نفسكم؟

في الحقيقة أنا لا أمت للسينما الفرنسية بصلة. أشاهد وأتابع أفلامها فقط حيث كان لها أمجاد في السبعينات لكن بعدها سقطت في الكليشهات أو محاولة النسخ الغبية من السينما الاميركية وبطريقة غير ذكية. علمًا أنني متأثر أكثر بالسينما الأميركية وآخذ من روحها وأجوائها لكتابة قصصي وفيلم "نبي" جاء من منطلق هذا التأثر والتأثير بعوالم الفن السابع الهوليودي. فأن ننتج فيلما بميزانية 12 مليون يورو فقط وعرب يتكلمون العربية وكورسيكيين يتكلمون الكورسيكية ومكتوب من طرف فرنسي من اصول عربية يعتبر مغامرة لان صناعة فيلم بفرنسا بهذه التركيبة البشرية الفنية كان ضربًا من ضروب الجنون والخيال لكن هذا ما حدث لأن المخرج جاك اوديار كان يريد فيلمًا عن الشباب الذين يلتقيهم في الشارع كل يوم بعيدا عن الصورة النمطية التي رسخت لها الكثير من المسلسلات والأفلام الفرنسية في السنوات الأخيرة.

من ناحية أخرى، شهدت السينما الفرنسية تنامي جيلين من السينمائيين الفرنسيين من أصول عربية الجيل الأول و يمثله كل من: رشيد بوشارب، سامي بوعجيل، جمال دبوز، رشدي زام. ويمكن أن نقول إن هذه الموجة كانت دبلوماسية في فرض وجودها بالمشهد السينمائي الفرنسي وفي تعاملها لم تكن صدامية إلا أنها عبدت الطريق للجيل الثاني الذي اعتبرني منه ويمكن اقول أننا فرضنا انفسنا بمبدأ القوة واقل دبلوماسية من الموجة الأولى الأمر الذي سمح لنا ان نكون اكثر عنفا من الناحية السينمائية.

  • حدثنا قليلا عن السيناريو القادم ومشاريعك القادمة وبماذا تفتخر من خلال كل أعمالك ووقع الشهرة عليك؟

أنا بصدد كتابة سيناريو قصة فيلم عن العصابة الشهيرة لـ"اوبر فيلييAUBERVILLER " التي ظهرت في فرنسا سنة 1980 وكانت حديث الخاص والعم وبخاصة الإعلام الفرنسي بعدما قامت بسرقة ألواح لرسامين مشهورين خلال عملية سطو شهيرة ثم عملت على بيعها لعصابة يابانية الياكوزا وكانت تطاردها الشرطة الفرنسية واليابانية إضافة الى عصابة الياكوزا الخطيرة.

من ناحية أخرى أنا رفقة المخرج اوليفيي مارشال الذي هو بصدد التحضير لفيلم عن حرب الجزائر للحديث عن جنون فرنسا بالجزائر وكيف كان يتعامل الجيش الفرنسي مع عناصر جبهة التحرير الوطني فلما عن ما لم نشاهده ونسمعه من هذه الحرب التي أسالت الحبر الكثير.

في الحقيقة أنا افتخر بكل أعمالي يكفي أن أقول إن الممثل الأميركي الشهير ايمانويل جاكسون عندما سؤل عن رايه في السينما الفرنسية وعن الأفلام التي أعجب بها قال :أعجبت كثيرا بفلمي "مسرين" و"نبي" وهما فلمان كتبت سيناريو قصتهما.

أما الشهرة فلا تعنيني في شيء هي أمنية المهزوزين والذين لا شخصية لهم أنا افتخر أنني أنجزت جزئين من فيلم"مسرين" و"نبي" أبرزت من خلالهم صورة الفرنسي من أصول عربية بطريقة واقعية بعيدة عن القالب السلبي الذي كان فيه الفرنسي من أصول عربية بالسينما الفرنسية والعربي السلبي بالمجتمع الفرنسي لم يعد له مكان الان يكفي ان فيلم "نبي" يظهر الفرنسي العربي الموجود بالمجتمع.

إيلاف في

01/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)