حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فيلم هندي ممتاز خسره الاوسكار سنة 2005 'اسود':

حكاية انتقال صبية عمياء من الجهل الى المعرفة

اسماعيل عزام

لي حكاية مع مخرج هذا الفيلم وهو المخرج الهندي سانجاي ليلا بهانسالي، فرائعته المسماة بـ ''devdas'' والتي أخرجها سنة 2002، جعلتني أتيقن أن كل ما يخرجه ممتاز، ألا أنني غيرت رأيي بعد مشاهدة فيلم آخر له سنة 2007 وهو ''saawariya'' والذي كان فيلما مخيبا بحق، لذلك كان أمر مشاهدة فيلم black'' يقع بين مطرقة إبداع ''devdas'' وسندان فشل ''saawariya''.

الحق يقال، أنني بعد مشاهدتي لفيلم ''black''، أحسست بأنني شاهدت شيئا غريبا عجيبا، شاهدت إبداعا سينمائيا حقيقيا لا علاقة له بغالبية أفلام بوليوود، فهذا الفيلم بكل صراحة حرام أن تلبسه الثوب الهندي الفضفاض الذي يجعل من السينما مجرد تجارة لربح المال، بل العكس، عليك أن تلبس هذا الفيلم رداء المجد والتميز وتضعه في خزانتك رفقة أفلام عالمية كتبت أسماءها بأحرف من ذهب في التاريخ السينمائي.

قصة الفيلم هي لفتاة اسمها ميشيل، تعاني تقريبا منذ عامها الثاني من إعاقة جسدية بحيث أنها لا تستطيع لا الكلام ولا السمع، وأكثر من ذلك لا تستطيع البصر، وبالتالي كان أمر تعلمها أشبه بالمعجزة، معجزة تحققت على يد معلم اسمه'سهاي' والذي استطاع أن يعلمها بل أكثر من ذلك استطاع أن يدخلها الجامعة لتتخرج في مجال الفن.

قراءتنا للعنوان وفرضيتنا بان الفيلم يحتل فيه السواد مكانة عظمى أمر بدأ تقريبا قبل بداية الفيلم، فحتى اسم الشركات المنتجة تمت كتابته بالأبيض في بحر من السواد، ليتطور الأمر بعد ذلك إلى ثنايا الفيلم، فالأسود حاضر في كل لقطة بدءا باللباس أو الديكور، مرورا بالأجواء الليلية المخيمة على الفيلم، وانتهاء بالألوان الغامقة التي سيطرت على الفيلم ككل بحيث تستحيل أن تشاهد الألوان البراقة التي غالبا ما تجدها في الأفلام الهندية من قبيل الأصفر أو الأزرق أو الأحمر. عالم هذه الفتاة هو عالم اسود، لا شيء فيه يرى أو يسمع، حتى الأبجديات التي تكونه مختلفة فعوض أن يبدأ بالطريقة المعروفة أي a b c d تجده يبدأ بـ b l a c k، عالم غريب وقاس، لكن'ميشيل' استطاعت أن تعي بهذا العالم عن طريق لغة الإحساس والإشارات، ولعل الجواب الذي قدمه المعلم لأبيها يختصر طريق التعليم فعندما سألهكيف ستتعلم ابنتي الدراسة؟ أجابه المعلم وهو يشير إلى أصابعه هذه هي التي ستعلمها.

الإطار العام للفيلم عبارة عن رسالة طويلة، أو بالأحرى الفيلم عبارة عن سيرة ذاتية تكتبها 'ميشيل' إلى السيدة 'نير' وهي صديقة المعلم، لتحكي لها كيف استطاع معلمها أن يحولها من إنسانة همجية إلى إنسانة متعلمة قادرة على الإبداع، وهذا ما نستشفه من المشهد الأول التي تظهر فيه 'ميشيل' رفقة آلتها الكاتبة وهي تخط كلمات تخبر فيها المتلقي بعاهتها الجسدية وبعلاقتها مع المعلم، بعد ذلك تتبسط خيوط تلك العلاقة الغريبة التي جمعت المعلم بتلميذته، فالحرمان كان القسم المشترك بينهما، 'ميشيل' تجد العالم مختلفا معها بحيث لا تستطيع التفاهم معه، والمعلم فشل في مشواره التدريس بحيث قضى 30 سنة كمدرس ليتم طرده في النهاية، هكذا كانت الحاجة هي السبب الأولى في هذا اللقاء إنسانة تحتاج لساحر من اجل أن تعي بوجودها الإنساني ومعلم غدره الزمن فصار يحتاج إلى كائن اجتماعي يعطيه سببا لوجوده.

طريقة التدريس كانت طريقة صعبة وغريبة لم تعجب الأبوين، لكن غرابتها كانت سبب نجاحها وبالتالي فقد توالت الدروس بشكل مميز رغم صعوبة البدايات، فكان السلوك الحسن هو الدرس الأول، والحروف هي الدرس الثاني، أما الدرس الثالث فقد كان هو الدرس الأكثر تأثيرا، فهو درس التعرف على الأشياء وفيه تعرفت الفتاة على الماء، ليصير وعيها بالأشياء حاضرا لدرجة أنها تعرفت بسرعة على أمها وأبيها ومعلمها وباقي من في محيطها..

من اكبر التحديات التي نجح فيها المخرج، كان تحدي تبليغ المتلقي اللغة التي تتواصل بها 'ميشيل' وهو ما تأتى بالتكرار وتحويل كل شخصية لإشارات 'ميشيل' إلى كلمات، فحتى عندما يتواصلون معها فهم يستعملون لغة اللسان والإشارات في آن واحد، وذلك لتسهيل العملية على المتلقي، ولجعله يغوص في أعماق الفيلم الذي بقدر ما تتواجد فيه أمور قد يقول العقل باستحالتها، بقدر ما يعود به الفيلم إلى الواقعية التي اتضحت من خلال عدد من المشاهد، مثلا حين أهدى المعلم لتلميذته عصى، فكأنه يخبر المتلقي بأنه مهما فعلت هذه الفتاة فهي ستبقى مختلفة عن الآخرين، بالإضافة إلى فشلها الدراسي المتكرر في الجامعة والذي يبين أن تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة ليس بالأمر الهين أو اليسير.

ولعل ابرز معالم الواقعية في الفيلم، هي اللقطة الممتازة التي أحست فيها 'ميشيل' بالأنوثة بعدما حضرت زفاف أختها، هذا الإحساس كان وقعه قاسيا على 'ميشيل' التي تحركت فيها المشاعر الأنثوية، ولأنها لا تعرف رجلا في عالمها الأسود يتواصل معها بشكل مستمر سوى معلمها، فقد كان طلبها غريبا للمعلم الذي أحس بمشاعرها، فما كان له سوى أن أهداها تلك القبلة المحرمة التي جعلته يودعها ويتركها وحيدة في عالمها الأسود.

من خلال الفيلم نستخلص عددا من الدروس والعبر، فإصرار المعلم على تعليم الصغيرة رغم رفض الأب يبين عمق العلاقة الإنسانية التي جمعته بها منذ البداية، ويعلمنا الفيلم كذلك أن مواجهة ما تخاف منه كفيلة بطرد هذا الخوف وبالتقدم بك نحو الأمام، وهذا واضح من مشهد التعرف على الأشياء، حيث استطاعت'ميشيل' ان تتخلص من خوفها من الماء بعدما ألقاها فيه المعلم، وهناك أيضا درس علينا جميعا أن نتعلمه وهو أن الفشل لا يمثل سوى ذلك الطريق الأول نحو النجاح، فـ'ميشيل' قضت 12 سنة في الكلية حتى استطاعت أن تتخرج لتحقق حلمها في وقت يتخرج فيه الآخرون في 4 سنوات أو أقل، دون أن ننسى بعض الإحالات المميزة التي رمز إليها الفيلم ومنها أن الأب كثيرا ما لا يحب أولاده إلا من خلال انجازاتهم عكس الأم التي تبقى معهم في كل لحظة من الحياة بحلوها ومرها، وهناك أيضا الإحالة على الغيرة بين الأختين، فرغم ان 'ميشيل' كانت فتاة معاقة، إلا أن أختها كانت دائما تحس بالغيرة منها وذلك لأنها محط اهتمام الجميع.

من الناحية الفنية، تناغم الفيلم بشكل ساحر خلاق، عدد من المشاهد تم تسطيرها بعبقرية إخراجية فذة، ففي كل لقطة من الفيلم تسحرك الكاميرا والأجواء المحيطة بها، من هذه المشاهد المميزة اذكر مشهد الماء في وسط الفيلم والذي شكل مسار تحول الأحداث، حيث تناغمت الموسيقى بشكل ساحر مع الأداء ومع التصوير، ليتم ابتكار مشهد يحبس الأنفاس، أيضا هناك مشهد سقوط الثلج الذي أحست به 'ميشيل' قبل سقوطه، دون ان أنسى المشهد الرائع والمميز وهو مشهد النسيان الذي نسي فيه العلم تلميذته وذهب في طريق آخر غير الطريق التي تتواجد فيها.. عكس اغلب أفلام بوليوود، 'black' كان خاليا من أي وقفة غنائية، وهذا نوع من التجديد حاول المخرج بثه في الفيلم، لكن هذا لم يمنع وجود موسيقى تصويرية ساحرة امتزجت بالمشاهد لتخلق لنا عالما اسودا بكل معالم الجمال الممكنة.

هناك إشارة صغيرة لمكان وقوع الأحداث وهو مدينة شيملا الهندية عند عائلة انكليزية هندية، غير هذا المعطى. تحار أن تحدد مكانا لهذه الأحداث العجيبة التي من الصعب أن تجد موطىء قدم لها في مكان وحيد من العالم، كما لو أن الفيلم موجه للإنسانية جمعاء وليس للشعب الهندي أو الانكليزي، وهذا الأمر واضح من خلال عدم كثرة الفضاءات التي سكنت الفيلم، فهي معدودة لا تتجاوز المنزل الكبير، الجامعة، بعض الشوارع، والمشفى حيث يرقد المعلم.

البنية الزمنية للفيلم، اعتمدت نمطا فيه الكثير من الاسترجاع، البداية كانت بالحاضر، ثم عودة إلى الماضي البعيد بعد ان اكتشفنا مرض المعلم، يشكل الماضي البعيد جزءا مهما من الفيلم في حدود النصف وذلك لتبيان مراحل الطفولة، لنصل إلى الماضي القريب، ودخول 'ميشيل' الى الجامعة وتدريجيا نصل الى الحاضر وذلك بعض انفصال الأستاذ عن تلميذته تقريبا قبل 15 من نهاية الفيلم، لتقدم لنا بقية الفيلم تتمة القصة في الحاضر وذلك رغبة من المخرج في الإيهام بواقعية الأحداث ولاضافة جرعات من التشويق في الفيلم..

روعة الفيلم لم تكن لتكون إلا بأداء ساحر ومميز للشخصيتين الأساسيتين، وهما شخصيتا 'ميشيل' والمعلم، فبالنسبة للشخصية الأولى أدتها ممثلتان، واحدة في الطفولة وهي الطفلة المقتدرة''عائشة كابور' والثانية في مراحل الرشد وكانت من أداء الممثلة 'راني مخرجي'، كلا الممثلتين تميزتا بتقمص غريب وخطير للدور، لدرجة تحار أن تقول بان الممثلتين تستطيعان فعلا الكلام في حياتهما العادية، فالطفلة قدمت أداء أسطوريا رغم حداثة سنها، وقد ذكرتني بشخصية'ريغان' في فيلم الرعب 'طارد الأرواح'، فبكل صراحة استطاعت هذه الطفلة أن تقدم للمشاهد شخصية 'ميشيل' في طفولتها بكل همجيتها وعنفها، بكل براءتها وبسمتها، بكل ألمها وفرحها.. أما 'راني '، فقد قدمت لنا 'ميشيل' في نضجها، واستطاعت أن تجرنا إلى أعماق هذه الشخصية لدرجة أنني أحسست بالدمع يترقرق في عيناي وأنا أشاهدها في ذلك المقطع الذي تتحدث فيه مع والدتها وتخبرها بأنها فشلت في الامتحان، 'راني' استطاعت أن تؤدي دورا صعبا يبدو انه استلزم وقتا طويلا لكي تستطيع تقمصه وهذا واضح من فهمها للغة الإشارات ولملامح وجهها التي كانت تتجانس مع كل لحظة من لحظات الفيلم..

الشخصية الثانية هي شخصية المعلم 'سهاي' والتي أداها قيصر السينما الهندية' اميتاب باتشان'، لا شيء يمكن أن يقال عن هذا الأداء سوى بأنه أداء هائل ومميز، كعادته، استطاع هذا الممثل ان يتقمص دوره بكل براعة ممكنة، وهذا يبين انه ممثل عالمي يستحق كل تلك الشهرة التي صنعها لنفسه منذ أكثر من 40 سنة، دون ان أنسى الإشادة بدور الماكياج في الفيلم والذي صنع كل شخصية بريقا خاصا بها..

من كل هذا وذاك، استحق هذا الفيلم كل الجوائز التي فاز بها، ومنها جائزة أحسن ممثل وممثلة وفيلم في الهند سنة 2005، وكم كنت أتمنى لو أن يزيد الأمر إلى ترشيح الفيلم للأوسكار ولما لا الفوز بأحسن فيلم أجنبي لتلك السنة، لكنني أؤمن دائما أن الجوائز ليست هي المقياس الوحيد لجودة الأفلام، على اعتبار أن كثيرا من روائع الفن السابع لم تتوج بالجوائز المنتظرة، ولهذا يمكنني ان أقول ان ''black'' يعتبر قفزة نوعية في السينما الهندية بحيث استطاع أن ينقلنا من أجواء ما يسمى بـ ''masala'''وهي الفن الراقص المبهرج إلى فن راق يجعل كل متتبع للسينما العالمية يقف إجلالا لهذه التحفة الهندية ولكل من ساهم في انجازها من سينارسيت عبقري ومخرج متميز وممثلين عمالقة وباقي أسطول الفيلم..

فمرحبا بكم في عالم اسود، عالم غريب، لكنه عالم ساحر يوفر لك متعة سينمائية قل نظيرها..

ناقد سينمائي من المغرب

ismailoazzam@gmail.com

القدس العربي في

24/06/2010

 

ثقافات / سينما

منظمو الاوسكار يدرسون تقديم موعد حفل توزيع الجوائز 

رويترز / لوس انجليس - يدرس منظمو حفل الاوسكار تقديم أهم حدث سينمائي في العالم لعام 2012 ومن شأن هذا ان يسرع موسم جوائز هوليوود وان يخلق تحديات لبرامج اخرى وستوديوهات سينمائية.

وأعلنت أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية في بيان يوم الاربعاء ان مجلس ادارة الاوسكار بدأ التفكير في موعد محتمل مبكر عن الموعد الحالي في فبراير شباط لكن لم يتخذ اي قرار بعد.

وقالت في بيان "هناك العديد من الاسئلة التي تحتاج الى اجابة وتحديات يجب مواجهتها فيما يتعلق بتقديم موعد العرض... ببساطة هذه الفكرة قيد الدراسة ويجري بحثها كاحتمال."

ونظمت الاكاديمية في السنوات الاخيرة عادة حفلات الاوسكار في الاحد الاخير من شهر فبراير شباط بالرغم من انه في بعض السنوات كان يدخل في شهر مارس اذار. وقالت الاكاديمية ان حفل الاوسكار لعام 2011 لا يزال موعده كما هو محدد في 27 فبراير.

وقال خبراء ان التغيير المقترح الذي درسه مجلس الادارة في اجتماعه هذا الاسبوع يمكن ان يكون له تأثير ايجابي وسلبي على صناعة السينما والبث.

ويحتل حفل توزيع الاوسكار المرتبة الثانية بين البرامج الاكثر مشاهدة في التلفزيون الامريكي ويشاهده عشرات الملايين في جميع انحاء العالم. وهذا العام شاهد الحفل حوالي 41.3 مليون مشاهد امريكي لمعرفة ما اذا كان فيلم (افاتارAvatar) الذي حاز على اقبال شديد سيفوز بالعديد من الجوائز لكن فيلم (خزانة الالم The Hurt Locker) الذي يتحدث عن حرب العراق اقتنص جائزة احسن فيلم.

وزاد عدد المشاهدين خمسة ملايين عن العام السابق في تحد للنزعة التي شهدتها السنوات الاخيرة التي تقلصت خلالها نسبة المشاهدة مع بدء قطاعات اخرى في الصناعة مثل نقابة الممثلين السينمائيين بث حفلاتها الخاصة تلفزيونيا.

وتقديم حفل الاوسكار سيمنحه فرصة مبكرة لكي يكون حفل الجوائز الكبرى الذي يبث أولا واستعراض نجوم الدرجة الاولى على البساط الحمراء وتسلم الجوائز والقاء كلمات من القلب.

وتعتزم جوائز سينمائية أخرى مثل جولدن جلوب أيضا تقديم موعد حفلاتها قبل حفل الاوسكار على امل التأثير على السباق وجذب المزيد من المشاهدين. وعلى سبيل المثال اذا قدم حفل الاوسكار الى يناير كانون الثاني ستجبر الجوائز الاخرى على حشر برامجها في جدول اقصر.

لكن التغيير من شأنه ان يؤدي الى اضطراب موسم جوائز هوليوود ويمكن ان يؤثر على الاقبال على شباك تذاكر بعض الافلام ذات الميزانية القليلة مثل (المليونير المتشردSlumdog Millionaire) الفيلم الحاصل على جائزة اوسكار والذي اعتمد على الاشادة لجذب الجمهور الى دور السينما.

وبالنسبة للاستوديوهات السينمائية فان تقليص الاسابيع قبل موسم الجوائز سيقلص بدوره الفترة الزمنية التي يمكنهم خلالها استثمار الاشادة بالمرحشين لجذب الجمهور الى دور السينما.

وقال توم اونيل المتابع المخضرم لجوائز الاوسكار من موقع ذي انفلوب دوت كومThe Envelope.com " تقديم حفل الاوسكار سيكون كارثي بالنسبة للنجاح المالي للافلام لانه سيقلص الفترة الزمنية المتاحة لهم لعرض الافلام في دور السينما.

"الوقت يكفي بالكاد لرؤية أحسن عشرة متنافسين بمجرد اعلان الترشيحات."

(رويترز)

إيلاف في

24/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)