حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

اشتركت في أفلام بهدف الانتشار وده كان غلط

مرفت أمين: قدمت في بداياتي أدوار مكانش المفروض أقدمها

حميدة أبو هميلة 

دون أي مبالغة هي الأجمل بين ممثلات جيلها هي الأكثر حفاظا علي طلتها والأكثر اعتناء بنفسها كأنثي وكممثلة.. تتمتع بمرونة جعلتها تحمل لقب «نجمة» إلي الأبد، وهي دوما مطلوبة في السينما والتليفزيون.. تحمل تفاصيل شخصيتها المرحة..الناعمة..الهادئة معها بين كل مرحلة عمرية وأخري وتنتقل بين السنوات بخفة ورشاقة دون أن نلمح للزمن أثرًا كبيرًا علي ابتسامتها المنطلقة داخل الشاشة وخارجها.. ميرفت أمين صاحبة الرصيد السينمائي الذي تجاوز المائة فيلم، هي إحدي فتيات الأحلام التي رافقت أجيال عديدة، ومازالت تمثل لدي جمهور السينما عشقا خاصا حتي الآن..جانب كبير من أفلامها يمثل علامات حقيقية في تاريخ السينما منها مثلا"زوجة رجل مهم»، و«حافية علي جسر الذهب»، و«سواق الأتوبيس»، و«الأراجوز»، و«آسفة أرفض الطلاق».. وغيرها كثير.. لنا معها لقاء خاص عبر تلك السطور

·         اعتاد المشاهد أن يراك في كل موسم رمضاني من خلال عمل تليفزيوني جديد لكنك قررت هذا العام عدم التواجد.. ما السبب؟

- عرض علي أكثر من عمل لكن ما حدث هو أنني وجدت أن مفيهاش حاجة جديدة، فهي تشبه معظم الأدوار التي قدمتها في التليفزيون من قبل، وعموما أنا أبحث عن نص كوميدي يعيدني للشاشة الصغيرة لأنني أريد أن أقدم شيئا مختلفا تماما.

·         وهل تعتبرين الطلب عليك في التليفزيون بنفس حجم الطلب علي نجوم آخرين مثل ليلي علوي والهام شاهين ويسرا؟

- أنا لا يشغلني هذا الأمر إطلاقا وكل ما يهمني هو أن أقدم عملا جيدا، وعموما أنا أحب كل هذه الأسماء التي ذكرتها وأنتظر أعمالها كل عام، لكنني أعلم أيضا أن أعمالي قد يظلمها العرض الأول، لكن الناس بتحبها عند مشاهدتها مرة أخري.

·         ألا يؤثر فيك أن تتغيبي عن السينما سنوات طويلة بعد أن كنت تقدمين عدة أفلام في العام الواحد؟

- طبعا حاجة صعبة جدا، لكنني أعود وأقول إن هذه سنة الحياة، فمن الطبيعي أن تقل عروض السينما في هذه المرحلة العمرية، وأنا كل ما يمكنني أن أفعله أن أنتظر حتي يأتي نص جيد، ولا أمانع في الظهور كضيف شرف، أو المشاركة في بطولة جماعية لكن بشرط أن أقدم دورا له عمق ومؤثر في الأحداث وليس مجرد ديكور.

·         لماذا لم تفكري في أن تنتجي لنفسك مثلما فعلت ممثلات غيرك؟

- أعتقد أن إلهام شاهين وجدت الحل في أن تتولي هي عملية الإنتاج للأدوار اللي نفسها تعملها، لكن أنا منفعش في الإنتاج لأني فاشلة جدا في الحساب، وعموما السينما بها أزمة إنتاج أيضا بسبب ارتفاع الأجور،والحل في أن يساهم الممثلون بأجورهم كي ينقذوا الصناعة.

·         في رأيك هل فنانات هذا الجيل أقل حظا منكن بسبب ما يتعرضن له من هجوم وتقييم أخلاقي لأدوارهن مثلما حدث مع مني زكي مثلا في فيلمها «احكي ياشهر زاد»؟

- فيما يتعلق بفيلم «احكي ياشهرزاد» بالتحديد ليس به ما يخدش الحياء أصلا فأنا شاهدته ولم أفهم ماسر هذا الهجوم عليه، لكنني أعود وأقول إن السبب في هذا هو الممثلات أنفسهن اللاتي اخترعن مصطلح السينما النظيفة وماشابه فمن الطبيعي أن يتعرضن لهجوم لأنهن من جعلن الجمهور يتعامل معهن من هذا المنطلق الذي يخلط بين سلوكهن الشخصي وما يقدمنه علي الشاشة، زمان الناس كانت أهدي، وكان عادي إننا نروح أي فندق نلاقي الناس لابسة مايوهات عادي ونازلين البسين لكن دلوقت الستات بيروحوا حمام السباحة يحطوا إيدهم علي خدهم أو بيروحوا بالمايو الشرعي أو الجينز، لأن الناس مبقتش متقبلة حاجة زي دي، المشكلة إن حتي عدد من نواب مجلس الشعب أصبحوا يتعاملون بنفس المنطق ويهاجمون الفنانات وأدوارهن وحتي ملابسهن، وأنا أقول لهم أن أكيد البلد فيها مشاكل كتيرة أهم..ياريت يركزوا عليها بدلا من التفرغ لأدوار الفنانات وملابسهن، ثانيا ماهو فيه أفلام أجنبية بتتعرض فيها كوارث سودا ومحدش بيتكلم..اشمعني المصري؟

·         تقولين هذا الكلام في الوقت الذي قال فيه عادل إمام تصريحا مشابها عندما رفض عمل ابنته في المجال الفني وقال باللفظ «معندناش ستات تشتغل في الفن؟

- الأمر مختلف فهذا رأي شخصي وعموما هو حر في بيته، وأنا اتفهم هذه الطريقة في التفكير لأنه يخشي علي ابنته من الإجهاد الكبير في المهنة، أنا كمان مكنتش حابة أن تعمل ابنتي في المجال لكنني لم أمنعها هي التي رفضت، فالمهنة أصبحت أكثر إرهاقا وعدد ساعات العمل يصل لأكثر من نصف اليوم وهذه طريقة غير آدمية.

·         بمناسبة الحديث عن عادل إمام لماذا ترددت في أداء مشهد تقليدك لهيفاء وهبي في فيلمكما معا «مرجان أحمد مرجان» الذي عرض منذ ثلاثة أعوام؟

- أنا فقط كنت أخشي من رد فعل الناس خصوصا وان المشهد هدفه الإضحاك فكنت خايفة يفهموه علي انه حاجة تانية، وعلي فكرة عندما جاء وقت هذا المشهد أثناء العرض الخاص للفيلم كنت باتفرج، وأنا أخفي وجهي من كتر القلق خصوصا وأن هيفاء كانت حاضرة، لأن الموضوع كان هيتقلب ضدي لو الناس مضحكوش بس الحمد لله ضحكوا، وكل ما حدث وقت تنفيذ المشهد هو أنني رفضت التصوير وأنا ارتدي الشورت فقمت بتنفيذ الجزء الأعلي والموديل تم تصويرها من الجزء الأسفل، وأنا لم أرفض لأي أسباب سوي أنني في مرحلة عمرية لا تسمح بهذا.

·         لكن فيما يتعلق ببدايتك هناك عدد من الأفلام التي قدمتها في لبنان في أوائل السبعينيات دوما تتعرضين بسببها للنقد الذي يصل لحد الهجوم؟

- أعلم تماما أن هناك عددًا من الأدوار ماكانش المفروض أقدمها، وعارفة إن فيه اختيارات في المرحلة دي كانت غلط، وكل الناس بتغلط لكنني لا أتوقف إطلاقا سواء عند نجاح أو فشل كي أستطيع أن أتحرك، وأنا أعلم أنني في بعض الأحيان مكنتش بحسبها صح

·         هل تندمين حاليا علي تقديمك لبعض هذه الأدوار؟

- أنا لم أندم إطلاقا علي أي دور قدمته، فأنا أتجنب مشاهدة أعمالي كي أبعد نفسي عن فكرة الندم لأن لو الدور معجبنيش مثلا أكيد مش هاعرف أنط جوه الشاشة أشيله، ولهذا السبب أنا لا أحتفظ بأفلامي فلا أحب اجترارها وأنا لا احتفظ سوي بنسخة فيلمي «الأراجوز» وعودة مواطن لأن شركة الإنتاج هي اللي باعتلي النسخة، فقد اعتدت علي مشاهدة الأفلام في العرض الخاص ووقتها أقيم نفسي ثم لا أعود إليها مرة أخري.

·         ولماذا قدمت هذه الأعمال من الأصل طالما أنك غير راضية عنها؟

- قد يكون قصورًا في الرؤية ويمكن لأن السينما ما كنتش في حساباتي أصلا فمكنتش بحسب خطواتي بطريقة دقيقة، وقد يكون لأنني كنت أبحث عن الانتشار والتواجد من خلال أكبر عدد من الأعمال، وهنا أؤكد مرة أخري، أن نجوم هذه الأيام أكثر حظا لأن انتشارهم يتحقق سريعا ومهومش محتاجين يعملوا كل ده علشان يوصلوا للناس.

الدستور المصرية في

22/06/2010

 

«الثلاثة يشتغلونها» فيلم ناجح كوميدياً بتقدير جيد وراسب في السياسة بتقدير ما دون الضعيف جداً

إيهاب التركي 

حمل فيلم «الثلاثة يشتغلونها» فكرة جذابة وبراقة للغاية، رغم عنوان الفيلم المبتذل وأفيشه شديد الركاكة الذي أوحي للجمهور أنه فيلم للأطفال علي عكس الحقيقة، وأما عن الفكرة الجذابة للفيلم، فهي تتركز تحديداً في بداية الفيلم الذي تناول بشكل ساخر تدهور مستوي التعليم في مصر من خلال افراز نموذج البطلة طالبة الثانوية العامة «نجيبة» التي تقوم بدورها «ياسمين عبد العزيز»، وهي طالبة متفوقة قدمها الفيلم بشكل كاريكاتوري للغاية.. فتاة تحفظ وتصم المناهج الدراسية دون فهم أو وعي لما تردده كالببغاء.. إنها أيضاً جاهلة تماماً بما يدور في الحياة الخارجية والمجتمع.. لا تشاهد التليفزيون ولا تختلط بأصدقاء، وهو النموذج نفسه الذي قدمته الممثلة الشابة مروة عبد المنعم في دور «دينا طحن» بمسلسل «الرقص علي السلالم المتحركة، وهو وللمصادفة كانت ياسمين عبد العزيز مشاركة في بطولته!

يتجاوز الفيلم أسباب وجود شخصية مثل نجيبة في المجتمع، ويتجاوز نقد ورصد تفاصيل ومشاكل التعليم ليقفز إلي غرض الفيلم الأصلي، وهو توضيح أن وجود الطالب الجاهل رغم تفوقه الظاهري يجعل منه هدفاً سهلاً للأفاقين والمنافقين في عالم السياسة والدعوة الدينية أو حتي الحياة المستهترة اللاهية، ويغرق الفيلم في مهاجمة نماذج من المجتمع تقابلها نجيبة أثناء دراستها الجامعية، مثل شلل الشباب التافه المستهتر الذي يمثله نبيل (أمير المصري) أو الشباب الناشط سياسياً الذي يوجهه معارض يركب الموجة ويستغل الشباب مثل خالد (نضال الشافعي) أو الداعية الشاب الذي يتاجر بالدين مثل عامر حسان (شادي خلف)، والحقيقة أن الفيلم في ظاهره ونواياه جيد، ولكن الانتقائية التي شابته تجعل من مواقفه السياسية والفكرية اشتغالة في بعض الأحيان للمتفرج من المؤلف الذي أراد تمرير أفكاره علي طريقة حواديت الأطفال، فما تقابله نجيبة في حياتها سواء الداعية أو المعارض مثل بعبع الحواديت تماماً.. اختيار زاوية واحدة ونمطية لتصوير الشباب الحالي أو المعارضة أو دعاة الفضائيات جعل من أفكار الفيلم أفكارا موجهة حملت بعض التشويه والتسطيح والخلط لتيارات سياسية.. إنها نفس منطق الصحافة القومية والإعلام القومي الذي يصور أي معارض ومخالف بصورة ضبابية، ونموذج ذلك نراه بشكل أكبر في شخصية المعارض السياسي خالد، وكيف يظهر في الفيلم، فهو عضو مهم في حزب معارض ومنسق عام حركة «خنقتونا» وجماعة «6 فبراير» في إشارة واضحة إلي حركتي «كفاية» و«6 ابريل»، وهو أيضاً «عجن» درامي لتيارات سياسية مختلفة بصورة متعمدة لتظهر كلها وكأنها شيء واحد، وكما لم يركز الفيلم علي الرصد الساخر لتدهور التعليم كما هو مفترض، لم يقترب بأي نقد صريح لوزارة التربية والتعليم أو الحزب الوطني أو الحكومة، ولم يبرز أي جوانب ايجابية في شخصيات المعارضين أو الدعاة، ولهذا جاء النقد هنا نمطي وبلا مبررات، وفقد الفيلم التجريد الكاريكاتوري حينما بدأ في «التلسين» الدرامي علي حركات سياسية محددة، وليوسف معاطي مواقف شبيهة في سيناريوهات سابقة حينما قدم مشهدا لا ضرورة له في فيلم (السفارة في العمارة) يصور فيه «محمد شومان» شخصية مراسل قناة إخبارية اسمها قناة «المنارة» ينهي تقريره الاخباري ويفاجأ بحذاء يلقي عليه من ناحية الجمهور، وكان واضحاً أن الفيلم يتخذ موقف الحكومة المعادي لقناة الجزيرة والمنار.

بطلة الفيلم «ياسمين عبد العزيز» رغم أنها في الإطار العام للفيلم قدمت عملاً أفضل من فيلمها الساذج السابق (الدادة دودي)، ونفس الشيء يمكن أن يقال عن المخرج «علي إدريس» إلا أنها كممثلة لم تتطور كثيراً، مازالت تمتلك خفة ظل طبيعية لا تعتمد علي أدوات تمثيلية كبيرة، لذا فهي تلجأ كثيراً إلي المبالغة في الأداء، وقد اجتهدت في تقديم شخصية نجيبة دون خصوصية أو حساسية في الانتقال من حالة إلي حالة، فقد قدمت شخصية طالبة الثانوية العامة وطالبة الجامعة المستهترة والناشطة السياسية والداعية الدينية كأنها 4 شخصيات وليست شخصية واحدة.. هي نجيبة التي تتغير أفكارها دون أن تتغير ملامح رئيسية فيها، فنجيبة تتحدث بطريقة خاصة بها ثأثأة في نطق الحروف، ولكنها حينما تغير اللوك الخاص بها يتغير أيضاً طريقة نطقها وتتحدث بصورة طبيعية. حمل الفيلم أيضاً بعض المبالغات غير المنطقية.. منها أن الملابس توحي أن زمن الفيلم كله في الشتاء رغم أن الأحداث تتم طوال العام ومنها نتيجة الثانوية العامة التي تظهر في الصيف دائماً، أيضاً نجيبة تحصل بسهولة علي ملفات زملائها من إدارة الكلية لتبحث عن عريس بينهم، وزميلها نبيل يراهن علي أن نجيبة ستجلس بجواره في لجنة الامتحانات وستساعده في الغش رغم انه رهان غير مضمون، وأيضاً نجيبة تبادل ورقة إجابتها مع نبيل فينجح هو في امتحانات التيرم، بينما ترسب هي، فمن غير المنطقي أن امتحانات التيرم في الجامعة تتم في مادة وحيدة ويوم واحد، أضف لهذا بالطبع مسألة موافقة ناظرة مدرسة حكومية علي أن تعمل نجيبة مدرسة في المدرسة بلا مؤهلات أو موافقة الوزارة، ولكن رغم كل ذلك، فالفيلم احتوي علي بعض المواقف الكوميدية الضاحكة ولم يكن في سوء الفيلم السابق لنفس مجموعة العمل التي قدمت (الدادة دودي)، ويمكن القول أن الفيلم نجح كوميديا بتقدير جيد ورسب سياسياً بتقدير ضعيف جداً.

الدستور المصرية في

22/06/2010

 

«Horsemen»

جرائم وحشية ودماء وتعذيب للمشاهد في فيلم متوسط القيمة الدرامية

إيهاب التركي  

يحلو لبعض الأفلام اختيار أسوأ سلوك يمكن أن يخرج من البشر للتعبير عن أطهر العلاقات الإنسانية بين البشر، أفلام الأكشن والجريمة والقتل تجمع في معظمها علي أن الجريمة لا تفيد، بالطبع هناك أفلام معاصرة جعلت من الأمر جدلياً أو افتراضياً، فمن الممكن أن ينجو اللص السينمائي بغنيمته ولا تعثر عليه الشرطة السينمائية أبداً إذا كان نجماً وسيماً وخفيف الظل، ويتناول فيلم (فرسان) Horsemen أو (فرسان الظلام) حسب التسمية التجارية قضية اجتماعية إنسانية بصورة مزعجة ومؤلمة للغاية، مشاهد التعذيب والذبح والبقر والدماء التي كانت حاضرة في مشاهده بين الحين والآخر مزعجة للغاية رغم أنه ليس من تلك الأفلام التي تجعل الدماء والوحشية هدفاً لنوعية من الجمهور متعطشة لمشاهدة العنف والدماء، يمكن القول هنا أننا أمام «دماء» مبررة في سياق الدراما، وراء الفيلم فكرة إنسانية وإشارات من وحي الكتاب المقدس ولكن اختار لها المؤلف «ديف كالاهام» قالب شديد القسوة والعنف، وكانت الرقابة موفقة حينما قصرت مشاهدته للكبار فقط.

الفيلم الذي اكتنف أحداثه غموض شديد تناول المصاعب التي تواجه محقق الشرطة بريسلين «دينيس كويد» الأرمل الذي فقد زوجته منذ فترة قصيرة بعد معاناة مع مرض السرطان، والذي توترت علاقته بابنيه بعد إهمالهما وانهماكه في عمله، في نفس الوقت يتعرض بريسلين لقضية صعبة ومركبة تتعلق بسلسلة جرائم قتل مروعة ومحيرة في وسائلها وأهدافها، يبدو الفيلم في البداية كما لو كان فيلمًا عن جرائم لقاتل متسلسل يترك للمحققين إشارات ورموز تبدو كما لو كانت توقيعه الخاص، ومثل هذه النوعية من الأفلام تلعب علي جاذبية غموض الجريمة والسعي للكشف من ورائها وهو غالباً شخص معقد نفسياً أو قرر معاقبة المجتمع والخلاص من ألم الظلم الذي تعرض له عن طريق ارتكاب جرائم بصورة مروعة تحدث صدي لدي المجتمع والمؤسسات الأمنية، وفي (فرسان الظلام) ميل لصبغ الفيلم بالأجواء النفسية خاصة شخصية المحقق الذي يؤديها «دينيس كويد»، فهو كزوج مفجوع في زوجته مازال يعاني من آثار صدمة هذا الفقدان رغم أنه لا يبدي هذا الشعور، يفتقد وجوده ابنيه الأكبر والأصغر، ولكنه بعد أن كبت حزنه داخله أعطي عمله أولوية كبري حتي إنه لا يكاد يلتقي بأبنائه أو حتي يدخل غرفهم، ويبدو هذا الخط الدرامي الأسري موازياً لخط الجرائم المتتالية التي يحقق بها نتيجة خبرته الخاصة في علم الطب الجنائي الخاص بالفم والأسنان، فأول سلسلة في هذه الجرائم تكون اكتشاف صياد لصينية مغطاة بها أسنان بشرية منزوعة من صاحبها بصورة وحشية وقاسية، وهذه الصينية الملقاة في مكان ناء وغير مأهول وبجوار عدد من الأشجار مكتوب عليها «تعال وشاهد»، وهذا المشهد الغامض المحاط بأجواء مخيفة وسط غابة شديدة البرودة وسماء رمادية وأرض من الجليد البارد كانت مفتاح الفيلم وقدمها المخرج «جوناس أكرلوند» ومدير التصوير بصورة جيدة للغاية، وبالإضافة إلي بعض المفاجآت والتحولات الدرامية في القصة خاصة في مشهد النهاية، فنحن أمام فيلم جريمة له عناصر قوية تؤهله إلي أن يكون فيلم جريمة ودراما نفسية جيد، ولكن مع كل هذا لا يمكن مقاومة الإحساس بالملل في كثير من أوقات الفيلم، والإحساس أيضا أن البطل لم يعايش الشخصية بصورة مقنعة، «دينيس كويد» ممثل لطيف وجذاب علي الشاشة ولكن كل هذا لم يثمر أو يساعد في التعاطف مع الشخصية التي يؤديها والتي يختلط الأمر علي المشاهد أحياناً إذا كان يقوم بدور طبيب شرعي أو محقق شرطة.. حوار الشخصيات لم يحمل أي جاذبية وكان فاتراً للغاية، ومن عناصر ضعف الفيلم الرئيسية.. دور الابنة المتبناة التي قامت به الممثلة الصينية «زي زانج» ظهر بشكل نمطي رغم انه من أهم الأدوار.. رسالة الفيلم يمكن توقعها وبالتالي توقع كثير من أحداث الفيلم بعد حوالي نصف ساعة من زمن المشاهدة.. لسنا إذا أمام فيلم فني رائع من نوعية فيلم Seven الذي قدمه المخرج «ديفيد فينشر» عام 1995 وتألق فيه عدد من النجوم مثل «مورجان فريمان» و«براد بيت»، وكلا الفيلمين حملا نفس العناصر والنوع والأسلوب مع اختلاف كبير في النتائج والإبهار الفني والأداء التمثيلي التي يمكن أن نقول بلا تردد أنها لم تكن في صالح فيلم «دينيس كويد» بأي صورة من الصور.

الدستور المصرية في

22/06/2010

 

إذا كان هذا الكم الكبير من الناس يرغبون في ممارسة الفن.. فمن هؤلاء الذين يكرهون الفن إلى درجة وصف الممثلة بالعاهرة ووصم الفنان بالقواد؟!

دعاء سلطان 

في مسرحية «شاهد ماشافش حاجة»، قال عادل إمام جملة أجدها أكثر الجمل مبالغة وكذبا في حياتنا، فقد قال سرحان عبد البصير بطل المسرحية: «لو كل واحد ساكن جنبه واحدة رقاصة يعزل.. يبقي البلد كلها هتنام في الشارع»!

مازلنا نضحك علي هذه الجملة حتي الآن، ومازلت أتعجب من تصديق الكثيرين لها، لكني أندهش أكثر من بعض هؤلاء المصدقين المفتخرين برقص دينا في أفراح أبنائهم، وإحياء لوسي لحفلات عيد ميلادهم.. أما أكثر ما يصيبني بالدوار بعد كل هذه المشاهدات، فهو حالة الشراسة التي يعلق بها القراء علي أخبار ومقالات وصفحات الفن عموما علي الإنترنت سواء في موقع الدستور الإلكتروني أو في المواقع الإلكترونية الأخري.. حالة العداء التي تنضح بها السطور للفن وأهله، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن الفن بضاعة تعاني الكساد في مصر، بل وفي الدول العربية جمعاءءءءء!

كما أن أسلوب النقاش علي كل ما له علاقة بالفن في حياتنا يدفع أي شخص لديه ذرة رغبة في مشاهدة عمل فني بالاختباء خلف أول حائط يقابله، لكن وفي المقابل، وعلي صفحات الإنترنت حيث مجموعات الفيس بوك وفي طيات الرسائل الإلكترونية الموجهة للفنانين والصحفيين المتخصصين في الفن، وعند اللقاء المباشر مع الفنان في الشارع أو في أي مكان يصطاد فيه أي شخص أي فنان، نجد الصورة مختلفة تماما.. هنا يظهر الانبهار، والاحترام الغريب، والتعبير المبالغ فيه عن الإعجاب، ثم وهذا هو المذهل، لن تتحدث مع فنان تجري معه حوارا، إلا وأكد لك أن الآلاف من الجماهير ترغب في التعاون معه كتابة أو تلحينا أو إخراجا أو أي شيء والسلام، ولن تجد صحفيا فنيا وضع بريده الإلكتروني علي المقال الذي يحرره، إلا ووصلته مئات الرسائل من كتاب سيناريو أو أشخاص راغبين في ممارسة الفن بأي شكل من أشكاله.. تأليفا أو إخراجا أو تلحينا أو غناء أو تمثيلا، والأدهي أن أكثر من 50% علي الأقل من الصحفيين في كل جريدة أو مجلة قد دخل الصحافة الفنية من باب الرغبة في كتابة السيناريو أو التمثيل، لكنه كان خبيثا فقرر البدء من الصحافة الفنية عله يصل إلي ما يريده.

السؤال المهم الآن: إذا كان هذا الكم الكبير من الناس يرغبون في ممارسة الفن، فمن هؤلاء الذين يكرهون الفن إلي درجة وصف الممثلة بالعاهرة ووصم الفنان بالقواد، وإذا كان عدد من تقدم لورشة الإبداع التي يشرف عليها المخرج المهم والفنان الأهم خالد جلال تجاوز الأربعة آلاف بني آدم، فمن هؤلاء الذين يلقون كل فنان بالكفر لمجرد أنه صرح برأي لا يتوافق مع قناعتهم؟! ومن هؤلاء الذين يرغبون في خنق الفن.. رئتنا الوحيدة التي تنقي هواءنا من تلوث الزيف والقهر؟! هل من يهاجمون الفن ليسوا إلا فنانين لم يتمكنوا من مطاردة حلمهم وتحقيقه، أم أنهم بؤساء يعتقدون أن الفن رفاهية لا تمتعهم في ظل حياة تقهر أحلامنا وتقهر حياتهم، أم أنهم أشخاص «مصدقين فعلا» لمن يؤكدون أن الفن ليس إلا غواية شيطان؟!

علي كل.. لدينا هنا نموذجان.. أحدهما «خالد جلال» قرر أن يحقق رغبة أشخاص مازالوا مؤمنين بأن في هذا البلد مكانا للموهوبين دون وساطة تهدر فرصهم أو إرث يضمن حق من لا حق لهم في وراثة مكان من يستحقون، يصنع رجالا ونساء مازالوا مؤمنين بأن الفن هو الطريق المثالي لنهضة أكثر الشعوب تخلفا وضياعا..فاستحق عن جدارة جائزة الدولة للفنون هذا العام.. هذا النموذج المتمثل في خالد جلال وتلاميذه، لا يقابله ولا ينافسه سوي نموذج أجمل لشاب قرر أن يطارد حلمه بمفرده ودون مساندة من أحد، وها هو الآن يرغب في نشر رسالة الأمل في نفوس شباب يطاردون أوهام المنتجين ويتسولون فرص الصعود من أبواب الريجيسيرات وصائدي الأحلام من النصابين، وبعد فشلهم يلعنون الظروف.. المخرج عمرو سلامة هنا وفي هذه الرسالة البديعة، يؤكد لهم أنهم اختاروا الطريق الأسهل والأسرع، ولذا فإنهم لم يحصدوا سوي الخيبة والفشل وإحساس مرارة يدفعهم لعداء الفن.. يخاطب عمرو سلامة مخرج الفيلم المهم «زي النهاردة» كل صاحب حلم في ممارسة الفن، ويضعه علي طريق النجاح، ويجهض كل مبررات الفشل في نفس أي طامح لممارسة الفن تمثيلا أو إخراجا أو تأليفا أو غناء أو تلحينا.. قد يكون الطريق شاقا، لكنه بالتأكيد مثمر، وقد يكون أغلبنا كافرا بالفن، ولكن مازالت قلوبنا وعقولنا متشبثة بأهداب حضارة قديمة تؤمن بالفن وقيمته، ويبدو أن هناك من يأتي بين الحين والآخر ليفاجئنا بأن هذه الحضارة القديمة الضاربة في جذور الدنيا، مازال أثرها محفورا علي جدران معابدنا وخلايا عقولنا وشرايين قلوبنا.. سنعيدها فقط إذا تمسكنا بالحلم وأحسنا إدارة الموهبة وتوجيهها.. سنعيدها إذا احترمنا الفن!!.

الدستور المصرية في

22/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)