حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

خالد النبوي: عـاوز اتعلم واستمتع ومش ح امشـي!!

كتب امل فوزي

أن تكون قادراً علي العمل محاولاً أن تبذل ما في وسعك للاستمتاع أولاً بما تفعله وتنجزه ولأنك تحترم المهنة التي تؤديها ولأنك تريد بحق أن تكبر وتتطور وتمتع الآخرين فهذه هي السينما، وذلك هو خالد النبوي.. الفنان المتميز الذي راهن الكثيرون عليه من رواد السينما المصرية، راهن عليه المبدع يوسف شاهين وراهن عليه الرائع صلاح أبوسيف الذي رشحه لفيلم المواطن مصري وكان خالد لم يتخرج من الأكاديمية بعد، المواطن مصري الذي كان ثاني فيلم وجواز مرور لخالد النبوي إلي السينما المصرية.

هذا الممثل الذي ينطبق عليه جملة غابت كثيراً عن ثقافتنا وهي:

(إنه يعمل في صمت).

ذلك الصمت الذي يضايق البعض أحياناً، ولهم منطقهم، ولكن لخالد النبوي أيضاً فلسفته ومنطقه في الصمت ولكنني- وبشكل شخصي- استمتع بمنطقه أيضأ في الحديث.. ربما لأن حديثه يأتي بعيداً عن الأطر الضيقة المحدودة.. ربما لأن الرحابة التي يدرب نفسه وروحه عليها داخلياً تنعكس في آرائه.

خالد النبوي الذي يتعرض في أوقات كثيرة للهجوم غير الموضوعي بغير سبب أكثر بكثير من الهجوم عليه بأي سبب مقنع.

كانت آخر هذه الهجمات التي طرأت عليه قبل إعداد هذا الحوار للنشر هي هجمة من طراز «الضرب في مقتل»، والحقيقة أنها هجمة تشبه النكتة البايخة، خالد النبوي الذي لا يتأخر في الاشتراك في مظاهرة في الشارع المصري للتنديد بأي ظلم خارجي أو داخلي يتهمونه بالتطبيع!!! ألم أقل لكم إنها بايخة وساذجة كمان!!

خالد النبوي الذي يقدم دوراً في «لعبة عادلة» ضد السياسة الأمريكية وحربها علي العراق، والفيلم كله ضد الإدارة الأمريكية لدرجة أغضبت الكثير من الأمريكيين في مهرجان كان نفسه.. هل تصدقون أنه يتهم بالتطبيع لأن الفيلم الذي يضم مئات الممثلين به ممثلة أمريكية من أصل إسرائيلي، يحاسبونه علي أنه لم يعرف أين ولد كل ممثل في الفيلم، وكأنهم نسوا أفكاره وقناعاته بأنه لن يقبل أن ينفذ اي دور في فيلم يتناقض أو يخالف مصريته، فجأة وبلا منطق تخرج علينا أصوات تنادي بالتحقيق مع ممثل مصري الكل يعرف عنه وطنيته وأفكاره، نسوا أنه من قضي شهوراً لتجسيد شخصية المخرج المصري خالد في فيلم دخان بلا نار، ذلك المخرج الذي سافر إلي لبنان لتصوير وتجسيد القهر في العالم العربي وقد اختار لبنان لأنها بلد الحرية... ثم يقولون عنه «مع التطبيع».. أليس عبثاً وسخفاً وقدرة لامتناهية في الأذي غير المبرر؟!!.

لكن مع كل هذا العبث وقدرة البعض علي استسهال تشويه الآخرين بمنتهي القسوة، فقد اخترت ألا يكون هذا العبث جزءا من الحوار.. لأنه لا يرد علي ذلك التشويه إلا بجملة واحدة أري أنها كافية لمن يفهم ويدرك قائلا:

«عيب أوي.. لما يفشلوا في تلفيق تهمة لي.. يتهموني بالتطبيع.. مش هييجي اليوم إللي اسمح فيه لحد يزايد فيه علي وطنيتي....»

بدأ حديثه قائلا: «اوعي تفتكري إن الفرحة بالنجاح تخصني وحدي» هذا النجاح وتلك الفرحة تخص أساتذتي في المعهد، تخص زملائي الذين تعلمت منهم، تخص صناع السينما الذين فهمت منهم الكثير، خالد النبوي نتيجة لكل هذا، وتمثيل خالد في فيلم في المسابقة الرسمية بمهرجان كان لن يوضع في الـCV الخاص بخالد فحسب، وياريت الناس تدرك أن نجاح أي شخص مصري في الخارج يخص مجهوده وإرادته ولكن الفرحة بالنجاح تخصنا جميعاً كمصريين.. مش كده ولا إيه؟!!

·         وهذا هو ما يثير دهشتي أحياناً، وهو تصوري أننا لم نعد قادرين علي الاستمتاع بنجاحنا وكأن هناك سوء تقدير لذاتنا بأننا لا نستحق النجاح أو حتي الاختلاف.. فما تفسيرك؟

- يصمت قليلاً.. خليني أفكر معك بصوت عال.. ربما لأن نجاحاتنا أصبحت فردية أكثر منها جماعية، ربما لأننا لم نعد قادرين علي تقدير مواهبنا وإبداعاتنا، فلم تعد تفرق معنا النجاحات.. الحقيقة «أننا محتاجون أن نتدرب جميعاً علي أن نفرح بنجاحاتنا ونجاحات الآخرين»، لأن النجاح ليس سهلاً، ولأننا محتاجون أن نشعر وندرك أننا نستحقه .

·         الاختيار صعب

الاشتراك في فيلم مثل «لعبة عادلة» أو «مملكة الجنة» من قبل ليس بالأمر السهل، والحقيقة أن الاختيار ليس صعباً علي منظومة الفيلم الأمريكي العالمي نفسه، ولكن الاختيار كان صعباً أيضاً علي خالد، فكما يقول: أن تقبل فيلماً غربياً ليس سهلاً، لأنه كالمشي علي الأشواك، قد يكون الدور رائعاً وكبيراً مثلما حدث معي في فيلم (عدي صدام حسين) حيث كنت مرشحاً لبطولة مطلقة، ولكنني فضلت أن أقوم بدور العالم العراقي والذي جسدت فيه دور عالم عراقي نووي يفضح ممارسات الإدارة الأمريكية في حربها علي العراق. فالمعيار بالنسبة لي أن يكون دوراً يتفق مع قناعاتي ومع أفكاري واتجاهاتي.

أنا علي يقين بأن هناك فجوة كبيرة بين سياق صناعة الفيلم المصري والفيلم الهوليوودي وقبل أن أكمل سؤالي عن المقارنة بين نمط وطريقة العمل هنا وهناك، التقط خالد ما أريد قوله فأجابني قائلاً : «بصراحة، أنا ما بلخمش نفسي بالمقارنة لأنها مُعطِلة جداً، ودعينا نتفق أن الفرق بين صناعة السينما وطريقة العمل فيها هناك وبين ما يحدث عندنا في السينما هو الفرق بين الشارع عندنا وبين الشارع عندهم، هو نفس الفرق بين المصالح الحكومية عندهم وعندنا وهو نفس الفرق بين مدارسهم وتعليمهم وبين مدارسنا وتعليمنا، لذلك لا أعطل نفسي بالمقارنة أو حتي التفكير بأنني أتحدث مع كل فرد في البلاتوه عن الأصول في اتباع نظام العمل، لأنه شيء سخيف ومباشر ولن يحبه الناس، فالبني آدم بطبعه لا يحب النصيحة ولا الانتقاد، لكن يكفيني أن اقول لك انني عندما أشاهد الناس تدخن وترمي السجائر في البلاتوه الذي أعتبره مكاناً مقدساً، لا أفعل سوي أن أمسك بالمقشة وأكنس البلاتوه وهنا ينتبه الكثيرون وربما يحرجون. فالفعل أفضل بكثير من الكلام.

ويصمت لحظة ثم يقول: «أنا عاوز اتعلم واستمتع».

استمتع واستفيد من جلسات العمل التي يحضرها المخرج والمنتج والماكيير والكوافير ومصممة الأزياء - وهي بالمناسبة لا يطلق عليها ستايلست لأننا ممثلون ولسنا موديلز في ديفيليه - ويحضرها المساعدون الأوائل في الإخراج والإنتاج، الكل يتشاور ويحترم رأي الآخر، دون شعور بالتعالي من أحد.. وهذه الروح المركزة والموجهة لطاقة العمل نفسه أكثر من الانشغال بأية أمور تافهة هي التي تشعرني بالمتعة الحقيقية.. متعة الاستفادة.

         بمعني؟

- بمعني أن أكون جزء من منظومة العمل هناك يتيح لي فرصة «المراقبة والتأمل والتعلم والملاحظة، ثم أعود لأستمتع بتجسيد شخصية مثل علي الحلواني في الديلر..

         هناك مجتمع دلوقتي في مصر اسمه علي الحلواني؟

- ده حقيقي... علي الحلواني الذي يعيش بيننا ويجاورنا، لكننا لا نراه ولا نفهم منطقه، شاب لديه طاقات وطموحات، ويريد النجاح بطريقته ووفق رؤيته ويريد أن يصل لهذا النجاح بطريقته لأنه يعاني من الفقر الرهيب، ولا أحب أن يفسر كلامي علي الفقر عذراً للفساد، لكنني أراه تفسيراً وسبباً أساسياً للفساد، فأنا لا أحب أن يرضي الفقير بفقره، ولكن أؤمن أن هناك جهات ومؤسسات وأشخاص عليهم أن يوظفوا طاقات هذا الفقير التي قد تكون إما قصة نجاح شرعية مثل كثيرين من علمائنا الذين اصبحوا رواداً في العالم ومن الممكن أن تصبح طاقات الفقير - إن لم تستغل بشكل صحيح - قصة نجاح غير شرعية وفاسدة مثل علي الحلواني..

         تتعرض للانتقاد كثيراً، أفلامك قد يثار حولها بعض الصراعات أو المشاكل مثلما حدث مع «المسافر» أو «الديلر»، ألا تتفق معي أن صمتك يفسر أحياناً بالتعالي أوبأن علاقتك بالصحافة متوترة؟

- صدقيني، لا توجد مرة شعرت فيها أن لدي كلاما مهما ومفيدا للناس ويحترم الناس إلا وقلت رأيي فيه، لكنني اخترت أن أعمل وأن يكون عملي كممثل يحترم مهنته وفنه هو وسيلة التعبير التي أجيدها سواء أحبها الناس أم انتقدوها، لكن الكلام للكلام والثرثرة أمور لن أتورط فيها، لأنني مؤمن بأنه لا يصح أن يستهلك الإنسان طاقته في الأمور المجانية.. فلو هاجمني أحد، هو اختار أن يعبر بهذه الطريقة وأنا اخترت ألا أكون نقطة في دائرة اختياراته.

         لكنها امور محبطة؟

- دربت نفسي أن أعذر الآخر واتجاوز.. لأني بجد عاوز أحافظ علي طاقتي وروحي.. أقصد الروح من الداخل.. كثرة الكلام والتورط في الانشغال بالصراعات أمور مهلكة للنفس البشرية ومشوهة للروح.

         وبم تفسر الأجواء السلبية التي أصابت فيلم «الديلر» قبل ظهوره وبعد عرضه، رغم تحقيقه لإيرادات جيدة ؟

- بصراحة.. ألوم علي بعض العاملين في الفيلم أنهم تحدثوا أكثر من اللازم عن الفيلم قبل عرضه وتحدثوا عن المشاكل أكثر من الحديث عن مجهودات العمل فيه، وهذا أثر سلباً حتي في توقعات الناس والنقاد عن الفيلم، ففي رأيي أن صناعة العمل السينمائي من الأمور المقدسة.. كل معلومة عن الفيلم لابد وأن تكون في الوقت المناسب، لكن هاقولك إيه ؟» حاجات كتير ماشيه غلط.. هتيجي علي السينما»!

         خالد النبوي الأب لثلاثة أولاد رائعين.. هل نجحت في ذلك؟

- بمنتهي الصراحة، لن ادعي أنني نجحت، لكن أنا مثل أباء مصريين كثيرين يحلمون بأن يربوا أبناءهم علي القيم «قيم العمل والشرف والكرامة والوفاء والإخلاص والعزة والاحترام والضمير والشجاعة...» وأن يجدوا أن هذه القيم متسقة مع واقعهم.. لهذا أقول لك بمنتهي الصراحة: «أنا متلخبط وقلقان وخايف علي أولادي».

         هل جاءك شعور ما بأنك من فرط حبك للبلد.. تريد أن تتركها وتبتعد حتي لا تخسر ما تبقي من حبك لها؟

- عملتها مرة قبل كده.. وما قدرتش أكمل.

«يقصد خالد عندما سافر إلي الإمارات للعمل كمذيع هناك، وقضي عاماً كاملاً، وقد عرض عليه عقد لمدة خمس سنوات أخري بأي مبلغ يطلبه.. لكنه رفض وعاد إلي مصر.. إلي السينما التي يريد أن يقدم فيها علي الحلواني وحسن طيارة، المواطن مصري..

ذكرني خالد بسبب سفره من قبل قائلاً: «لما حسيت إني معرض للقهر، تقريباً كان بيتقال لي مش ح تمثل غير إللي المنتج عاوزك تمثله.. مقدرتش.. كنت محتاج أبعد شويه وأشوف الصورة من بعيد، ورجعت لأني ما أقدرش أكون بعيد عن البلد دي، لا أنا ولا أولادي.. الحكاية محسومة جوايا.. مش ح امشي»!

لكن ح أروح أتعلم واستمتع بالعمل في أفلام في الغرب كلما أتيحت لي الفرصة.. وسأعود لأني محتاج أتكلم في السينما المصرية عن علي الحلواني وعن مجتمعنا «المتلخبط».. والذي لن ينصلح إلا لو كل واحد فينا عمل دوره وواجبه في منطقته بشكل حقيقي ومضبوط.

         وهنا سألني خالد: عارفة إيه أحد أخطر مشاكلنا؟

وأجاب نفسه: مش عاوزين نشوف مشاكلنا الحقيقية في السينما.

هناك من يبالغ بادعاء الوطنية ومن يقدم زيفاً بادعاء عدم الإساءة إلي سمعة مصر وكلاهما منطقين يتسمان « بالرخص والسذاجة» ومع ذلك أنا مع الحرية... حرية إن الحكاية ليست حكراً علي أحد.. لأن الصادق هو الذي يفرض نفسه وما يخرج بصدق، يصل إلي الآخر بصدق. وكل واحد حر..

         وعما تراهن فيما هو قادم لخالد النبوي؟

- ليس رهاناً.. لكن أنا مؤمن بالزمن، إللي محصلش النهاردة يحصل بكره لو ربنا أراد، مقتنع جداً إنه ليس شرطاً لكي يستمتع الإنسان أن تحدث له كل المفاجآت السارة في وقت واحد.

صباح الخير المصرية في

22/06/2010

 

تنازلات أنثي

كتب جيهان الجوهري 

المخرج محمد أمين صانع فيلم «بنتين من مصر» يستحق التحية أولاً: لاختياره موضوع الفيلم عن «العنوسة» التي تمس الكثيرات، ثانيًا: لمجازفته بأسماء بطلات لم نكن نتوقع منهن هذا الأداء، ثالثًا: خروج الفيلم بشكل جيد الصنع.

عندما يعمل الفنان مع مخرج جيد متمكن من أدواته، المؤكد أن النتيجة تصب في صالح الفنان، وهذا ما حدث مع زينة عندما لعبت دور حنان «العانس» التي بلغت الثلاثين من عمرها وتحاول الفوز بأي عريس بغض النظر عن كم التنازلات التي تقدمها.

أداء زينة الجيد لهذا الدور يعتبر نقطة فارقة في مشوارها الفني.

وبمناسبة دور زينة تحديدا لا أعرف كيف التقط محمد أمين مؤلف الفيلم أيضا ما تشعر به الفتيات اللاتي يواجهن مشاكل أنثوية فهو في «بنتين من مصر» ذكرني بإحسان عبدالقدوس الذي كتب أجمل أفلام سينما المرأة.

وصبا مبارك كانت من أهم مفاجآت الفيلم، تألقت في دور الطبيبة ابنة عم «زينة» التي تواجه شبح العنوسة معها ويحسب لها نجاحها في توصيل ما تطلبته الشخصية، خاصة في المشاهد التي اعتمدت علي انفعالاتها الداخلية بدون حوار مثل مشهد انتظار جثة شقيقها عمر حسن يوسف، ومشاهدها مع أحمد وفيق صديق الإنترنت.

وطارق لطفي له أدوار قليلة جيدة تعد علي أصابع اليد، ويعتبر دوره في «بنتين من مصر» ضمن هذه الأدوار.

وإياد نصار خطيب زينة في الفيلم لعب الدور بسلاسة ودون مبالغة وأحمد وفيق قدم دورا من أجمل أدواره، وكذلك رامي وحيد وسميرة عبدالعزيز وعمر حسن يوسف الذي يتقدم في كل فيلم عما قبله.

تحية أخيرة لإسعاد يونس التي تحمست لإنتاج فيلم جيد يحترم الجمهور ويناقش موضوعا في غاية الأهمية، وهذا ليس بجديد عليها، فقد تحمست من قبل لموضوعات أفلام رفضتها شركات إنتاج كبيرة مثل «أسرار البنات»، و«ليلة سقوط بغداد» و«سهر الليالي».. وغيرها.

صباح الخير المصرية في

22/06/2010

 

«تلك الأيـام»: توهـــج حميدة وجنون منتج

كتب جيهان الجوهري 

رواية «تلك الأيام» لفتحي غانم لا تخص زمنًا محددًا، اسمها يحمل دلالة علي دوران الأيام والرغبة في التغيير المفروض أن الأحداث الرئيسية للرواية تدور في 6 أشهر فقط تبدأ من شهر فبراير عام 1962 لتنتهي في 22 يونيه من نفس العام وقد ارتبطت هذه الفترة علي أرض الواقع بإعادة تشكيل النظام السياسي حيث أصدر الرئيس عبدالناصر بيانه السياسي عام 1961 الذي حدد فيه معالم التنظيم الشعبي الديمقراطي، فكرة الرواية الأساسية قائمة علي علاقة الإنسان بالسلطة، المفروض أن بطل الرواية سالم عبيد تعلم من أستاذه الفرنسي في السوربون أن بلده لا يحتمل الحقيقة بحكم أنظمتها السياسية وثقافتها السائدة، وإن ذلك هو السبب في أن أغلب الكتابات الجادة عن بلده مكتوبة بأقلام أجنبية لكن سالم عبيد لم يقبل هذا الاتهام من أستاذه وأصر علي كتابة تاريخ وطنه موضحا الحقائق كاملة من خلال مقال «السخرية والكرباچ»

وبمجرد نشر المقال قامت الحكومة وطردته من الجامعة، وظل سالم عبيد مقصيا مقموعا إلي أن قدم التنازلات الكافية وأرضي جلالة الملك والحكومات المتحالفة معه في خدمة الاحتلال البريطاني ليعود إلي الجامعة بعد هذه السقطة التي حددت علاقته مع السلطة سواء في العهد الملكي أو العهد الجمهوري.

رواية «تلك الأيام» تتعدد بها الشخصيات المحيطة ببطل الرواية سواء في قريته أو حياته بالقاهرة، في الرواية نري زوجته لاتتردد في خيانته مع كثير من الرجال لذلك يستعين بإرهابي قديم لقتلها وبغض النظر عن أوجه الاختلاف بين الرواية والفيلم المؤكد أن العمود الفقري للرواية هو الذي استند عليه كل من علا عز الدين وأحمد غانم في كتابة السيناريو والحوار للفيلم.

الرواية في شريط سينمائي

نحن في الفيلم نغوص داخل العالم النفسي لثلاث شخصيات رئيسية. الأولي هي د. سالم عبيد «محمود حميدة» الأستاذ الجامعي الذي يسعي لدراسة الإرهاب ليستفيد به في أحد أبحاثه لذلك يستعين بالضابط المتقاعد علي النجار «أحمد الفيشاوي» الذي كان يطارد الإرهابيين أثناء تواجده في الخدمة وقتل أحدهم بدلا من تقديمه للمحاكمة وظل يشعر بعقدة الذنب لأنه في لحظة اعتبر نفسه قاضيًا وجلادًا، وفي خط متوازٍ كانت هناك وعود من قبل المسئولين لسالم عبيد بأنه سيكون ضمن التشكيل الوزاري الجديد وبالطبع تزداد مساحة التنازلات التي يقدمها سالم عبيد للوصول لأهدافه بغض النظر عن اقتناعه بما يفعله. فهو لا ينسي كلمات أستاذه الفرنسي في السوربون مسيو لافارچ «طارق التلمساني» الذي علمه أن نصف الحقيقة التي ستذكرها ستجعلك «تحيا» بينما كل الحقيقة مصيرك «المقصلة»، أيضا أبرز الفيلم علاقة د.سالم عبيد بالسفيرة الأمريكية واحتفاظه بالجنسية الأمريكية، وفي ظل هذه الأحداث نجد سالم عبيد مشغولاً بمراقبة زوجته أميرة «ليلي سامي» بطريقته الخاصة فهو يعلم جيدا أنها تحتقره ولا تحبه لمشاهدتها له وهو يقدم تنازلات لأحد الذين سيستفيد منهم للوصول لأغراضه، ورغم ذلك فهو يرفض طلاقها فهو أحبها عندما كانت تلميذته في الجامعة ولاحظ حبها لأحد زملائها «عمر حسن يوسف» وبمجرد علمه بوفاته يتقدم للزواج منها وكان قبولها له من منطلق أنه سيوفر لها ولأسرتها حياة غاية في الرفاهية.

بعد استغناء د. سالم عبيد عن خدمات علي النجار يعاود الاتصال به بعد تأكده أن زوجته أميرة معُجبة به وتذهب لزيارته لذلك حاول إقناع علي النجار بسوء سلوك زوجته الذي سيؤثر بالتبعية علي مستقبله السياسي ويعقد معه صفقة بمقتضاها يقتل علي النجار «أميرة» إلا أن النجار يرفض الصفقة، مع تصاعد الأحداث يجد سالم عبيد نفسه بعيدا عن الترشيح لأي منصب وزاري بعد سماع المسئولين بطريق الخطأ مكالمة هاتفية له أظهرت لهم حقيقته وكذب ولائه لهم، في ذات الوقت يكتشف علي النجار أن سالم عبيد ادعي كذبا أن زوجته تخونه مع كثير من الرجال لذلك يسعي لمساعدتها في الحصول علي الطلاق من سالم عبيد ليلتقي الثلاثة في منزل والده سالم عبيد القروية والتي لعبت دورها صفية العمري وبعد مواجهة الثلاثة ينهي سالم عبيد حياته بقتل نفسه عندما يتأكد أن زوجته لن تعيش معه. فهي بالنسبة له الحياة.

الأبطال

يعتبر سالم عبيد في «تلك الأيام» من الشخصيات المهمة التي جسدها محمود حميدة وبهذا الدور استطاع إحراز هدف جديد يضيف لرصيده الفني المحترم، لا أعتقد أن هناك من كان سيلعب هذا الدور بنفس روعة أداء «حميدة» أو سالم عبيد الذي تنازل وخضع لأوامر المسئولين من أجل حلم الوزارة وأحب زوجته لدرجة قتل نفسه.

أما أحمد الفيشاوي فأعتبره نجم ماركة مختلفة عن أبناء جيله يجيد اختيار الأدوار التي تضيف له، في أدائه لدور علي النجار استطاع أن يضيف للشخصية بإحساسه وجعل المتفرج يتعاطف معه عكس ما هو موجود في الرواية.

أما مفاجأة الفيلم السارة فكانت متمثلة في ظهور سمية الألفي كضيف شرف عندما ظهرت لابنها علي النجار في مشهد الحلم.

صفية العمري فاجأت جمهورها بدور الأم القروية وهذا الدور نقلها لمنطقة مختلفة لم تتطرق لها من قبل سواء علي مستوي الأداء أو علي مستوي اختياراتها الفنية والتي كان أغلبها يدور في فلك أدوار الهوانم.

ليلي سامي اجتهدت في دور الزوجة التي فشل زوجها في شراء حبها له، مسيو لافارچ «طارق التلمساني» كان مقنعًا للغاية في أداء دوره وكذلك ماجد المصري وعادل أمين.

وأخيرا:

تحية للمنتج محمد العدل المغامر المجنون الذي أنتج فيلما تراجيديا جيد الصنع في ظل أزمة الإنتاج السينمائي، حتي إذا لم يحقق فيلمه «تلك الأيام» مكاسب مادية المؤكد أنه سيظل علامة مهمة في مشواره كمنتج سينمائي يحترم ما يقدمه لجمهوره. وتحية أيضا لأحمد غانم مخرج الفيلم والمشارك في كتابة السيناريو والحوار له لاختياره نوعية فيلم في غاية الصعوبة ليكون هو أولي تجاربه السينمائية التي يقدم نفسه من خلالها للجمهور.

صباح الخير المصرية في

22/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)