حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أحلام سينمائية شابة في واقع بلا سينما

بغداد - ربيع الهاشم

بان الربيعي، سينمائية عراقية شابة تجمع بين الإخراج والتخصص الأكاديمي في السينما.. وهي الآن بعد نيلها شهادة الدكتوراه من أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد تستعد لإنجاز أكثر من فيلم، ففي ذهنها الكثير، وطموحها - كما تقول - يمضي بخطواتها الواثقة على الطريق التي يمكن أن تحرك واقع السينما العراقية.

غير أن المسألة تنطوي على شيء من المفارقة تتمثل في الحلم بإنجاز سينمائي على هذا النحو في واقع تم تغييب السينما فيه. «إلا أن هذا ما يحصل»، كما تقول، وتضيف: «حين دخلت قسم السينما في أكاديمية الفنون الجميلة كان في ذهني أن أصبح أستاذة جامعية أدرّس هذا الفن لطلبتي. وأكملت دراستي الأولية، ثم واصلت دراستي العليا فنلت شهادة الدكتوراه في الفنون السينمائية. وفي أثناء دراستي أنجزت فيلمين قصيرين، الأول منهما كان بعنوان «زمن رفعت نادر» (32دقيقة) وهو من تأليفي وإخراجي، وقد حاز الجائزة الأولى للإخراج في مهرجان بغداد لقسم السمعية والمرئية عام 2001.. وهو فيلم يتحدث عن الأوهام التي تجعل الإنسان يجري وراء السراب الذي يصور له الزيف كونه الحقيقة، وكيف يتمكن هذا الإنسان من اكتشاف ذلك والتغلب على الحالة. أما الفيلم الثاني، الذي نال جائزة أفضل فيلم في مهرجان بابل السينمائي الأول عام 2010، فكان بعنوان «مملكة الماء» (20دقيقة)، وهو الآخر من تأليفي وإخراجي، ويتحدث عن الإنسان الذي يقدم على قتل مسراته نتيجة ما يقع عليه من ضغط يتحول به من كونه انساناً مسالماً يحب الطيور، ويعشق الحياة على ما تواجهه به من صعاب، الى قاتل شرس لكل من يرى فيه سبباً في ذلك».

تجريب خاص

إلا أن بان بعد ان درست التجريب في السينما من خلال أطروحتها الجامعية «منطق التجريب السينمائي» وجدت الموضوع يدفعها، وبإغراء كبير، لخوض مجال العمل السينمائي.. «جعلني أفكر في فيلم من تجريبي أنا، أتعامل من خلاله مع عنصر من عناصر اللغة السينمائية فأجعله متسيداً على العناصر الأخرى لأحصل على اشتغالي الشخصي، وأدخله في علاقة جدلية مع السرد الفيلمي، بتميز وفرادة، إنجازاً لشكل يأتي نتاجاً لتفرد عناصر اللغة السينمائية وعناصر السرد الفيلمي، فأحصل بذلك على فيلم تجريبي، وإن يكن قصيراً، يكون، كما آمل بأن يكون، شذرة تضيء الطريق أمامي نحو الفيلم التجريبي الطويل

إن تأكيد هذه السينمائية الشابة على الفيلم التجريبي نابع من رؤيتها التي تذهب فيها الى أن هذا الفيلم يمكن «أن يقدم معالجات غير مسبوقة لعناصر اللغة السينمائية»، سيما و«أن تاريخ السينما التجريبية قد فتح الأبواب مشرعة لكل مغامر أمسك بكاميرته فصوّر ما رأى فيه فتحاً جديداً للفن السينمائي»، وعلى هذا فإن الأمل يحدوها في أن تأخذ الطريق ذاته لتنتج فيلماً من واقعها العراقي الذي تجده «واقعاً يكتنز بموضوعات لها زخمها الخاص، ولم تقترب منها كاميرا السينمائي بعد».. وتؤكد بثقة كبيرة منها بالنفس، أنها «قادرة على أن تغرف من هذا الواقع الثر بحكاياته وصوره الملتبسة... فيكفي أن أكون عراقية، وأعيش في بغداد لأعرف كيف أستثمر هذا كله في مشروعي - حلمي: صناعة فيلم تجريبي طويل من هذا الواقع، وعن هذا الواقع

ينبثق حلم بان الربيعي هذا من تفكيرها بواقع السينما في العراق، وتتساءل: «لماذا لم يأخذ هذا الفن مجاله أو يلعب دوره كما ينبغي؟» جواباً على هذا السؤال ترى الأسباب «في قبولنا، نحن الشباب، بواقع صعب فرض علينا. فنحن درسنا السينما، وتكونّا فكرياً كسينمائيين قادرين على العمل بالشريط السينمائي. أما عملياً فلم نتعامل مع هذا «الشريط» على الإطلاق، ورضينا القيام بإخراج أفلام سينمائية بكاميرا تلفزيونية كوننا لا نزال طلبة. أما المحترفون فلم يستسيغوا التعامل بالمتاح بعد أن كان الفيلم متاحاً والإنتاج تتكفل به الدولة».. وتلقي الفنانة الربيعي بالمسؤولية عن هذا، الذي تجد فيه حالة استلاب لقدرات جيل من السينمائيين، «على الوضع السيءّ منذ عام 1991، ليكون آخر فيلم سينمائي يصور في العراق هو ما أخرجه الفنان المبدع محمد شكري جميل.. وقد ظل بعيداً، فهو لم يدخل الى العراق، لا لشيء إلا لأن العالم يعرف، وببساطة، خطورة أن تكون بأيدينا أداة فعالة كالسينما تنقل هذا الواقع الثري بدراما الحياة فيه». وتستدرك: «ولكي لا أتجنى على الجميع أقول: إن من الفنانين الكبار من قبل العمل معنا نحن الشباب الصغار عمراً، الكبار بما مررنا به من تجارب عشناها في ظل ظروف رافقتنا منذ الطفولة الى اليوم».

الحلم بروح شابة

- «حلمي؟ هدفي؟» تتساءل الفنانة بان الربيعي، وتقول بثقة: «ما أعمل عليه هو أن أجمع بين الكبار بأعمالهم وفنهم والروح الشابة الجديدة في أعمال تتسم بالتجريب، لنصنع سينما عراقية تضاهي سواها، بأفلام أحلم بإخراجها ومن ثم الذهاب بها إلى أبعد بقعة في العالم لأمثّل بها بلدي العراق.. وأنا واثقة من أنها ستكون تجارب قوية، متجددة، ونابضة بالحيوية والحياة».

أما لماذا التأكيد على السينما التجريبية؟ فالأمر ينطلق من رؤيتها الفنية - النقدية التي ترى في التجريب عالماً جديداً «في تصوّر الموضوع وفي تطور الحدث بما يساعد في تحقيق فيلم متميز»، فضلاً عن كون «السينما التجريبية سينما طليعية». وتضيف: «إن إغراء التجريب يأخذني في تياره الى مثل هذه النقطة البعيدة في الحلم بصناعة فيلم طويل يشارك فيه الصغار الكبار من الفنانين ممن يعيشون على أرض العراق... كي نبقى».

الحياة اللندنية في

11/06/2010

 

سمك لبن تمر هندي

أمينة خيري 

الجشع التلفزيوني عواقبه وخيمة. يبدأ البرنامج ترفيهياً خفيفاً، يخاطب شريحة بعينها من المشاهدين. ربات البيوت، الطلاب المتغيبين عن الدراسة، الشباب المتعطل من العمل وأصحاب المعاشات. أولئك غالباً يكونون زاهدين تماماً في السياسة الداخلية والخارجية على حد سواء. فالداخلية أقعدتهم في البيت، إما لتقلص فرص العمل أو انهيار نظام التعليم أو للسكوت على الهجمات المتخلفة المطالبة بعودة المرأة إلى البيت. والخارجية لم تكن مدرجة أصلاً ضمن أولويات تفكيرهم أو اهتمامهم. ولذلك بدت فكرة البرنامج المعتمد على فقرات صغيرة متنوعة تقرأ الطالع، وتفسر الأحلام، وتعلم فن تنسيق الزهور، وتضع المكياج، وتزيله، وتخسس، وتشفط الدهون، وتحل المشكلات المتفجرة مع الجيران بمثابة الخلطة السحرية لجذب تلك الشريحة القابعة في بيوتها صباحاً. وتسير الأمور على خير ما يرام، ويتم الاتفاق مع عدد من الدجالين من قراء طالع برج الحمل وأفول برج القوس، بالإضافة إلى «بروفسور» عالمي متخصص في فك طلاسم العلاقة المريبة التي جمعت بين زوج ابنة المشاهدة التي حلمت به ومعه المرأة اللعوب سيئة السمعة التي كانت تسكن في الشقة المواجهة.

وفجأة يظهر برنامج آخر في التوقيت نفسه على شاشة قناة منافسة، لكنه ذو اتجاهات سياسية واقتصادية رصينة، ولا يعتد بالجانب الترفيهي إلا من خلال فقرات مقتضبة عن أحدث إصدارات السينما العالمية أو أغرب حوادث المدن الغربية. فهو يناقش قضايا الرأي العام التي تقضّ مضاجع الشعب والنظام، وتفتح ملفات الأزمات الاقتصادية والبورصات العالمية، ولا يكتفي بطرح المشكلة طرحاً نظرياً من خلال الخبراء والمحللين، بل ينزل إلى الشارع ويصول ويجول بين المواطنين.

هنا يشعر أصحاب البرنامج الترفيهي المتخصص في البحث في حركة الكواكب وتأثيرها على علاقات الحب وقصص الهيام وتفسير أحلام مدام سهام وصديقتها الآنسة أنغام بأن قضمة كبيرة من كعكة المشاهدين قد تم التهامها بعيداً منه. ويبدأ في البحث والتقصي عن أسباب تفوق البرنامج المنافس، وحين يعي أن تفكيره النمطي الذي جعله يصدق أن الاهتمام بالسياسة والاقتصاد قاصر على رجال الأعمال وكبار الموظفين وطلاب كليات الاقتصاد والعلوم السياسية ما هو إلا أكذوبة كبيرة، يفتش عن مخرج. لكن الأمر ليس بهذه السهولة. فعلى رغم رغبته في الانخراط في الاهتمام بالسياسة والاقتصاد، إلا أنه لا يريد أن يفقد ما بناه - أو ربما خلقه - من قاعدة مشاهدة لا تعنيها من حياتها إلا معرفة توافقات الأبراج وطرق إزالة ظلال العيون. وبالتالي يبدأ في العمل بمبدأ خلط اللبن بالسمك بالتمر هندي. وبعد الفقرتين يستضيف أقدم نائبة برلمانية لتتحدث عن أسباب إحجام المرأة عن ترشيح نفسها، وهو ما يعقبه حديث عن أفضل الطرق لإزالة بقع السجاد وفوائد إضافة ماء الورد لترطيب الوجه قبل وضع كريم الأساس. وتكون النتيجة في النهاية برنامجاً لا لون له أو طعم أو رائحة.

الحياة اللندنية في

11/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)