حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

شعرية الرؤى والمعالجة الفيلمية

فيلم (أحلام بلون الحداد) للمخرج أوروك علي

منذر الإبراهيمي

يقدم المخرج (أوروك علي) فيلمه الروائي القصير في مهرجان كلية الفنون الجميلة (الذي يحتفل بيوبيله الفضي) بالاستناد في ثيمته ومعالجته الفيلمية الى قصة (اربعة احلام لقتيل) للقاص العراقي محسن الخفاجي ضمن مجموعته القصصية الصادرة عام 1979..

وقدم المخرج تفعيلا لمجموعة من الترحيلات والاشتغالات التي عمقت المناخ الدرامي للفيلم مع محافظته على الجوهر الثيموي للقصة وبنائها ضمن نظام الوحدات الثيموية التي تشكل الفضاء السردي الموحد مستنداً الى الخاصية الجشتالية (نسبة الى الجشتالت).. وتأتي الوحدة الاولى لتكشف بحث الام عن ابنها الذي استشهد في الحرب ،ويقوم من ميتته ليتحاور معها ضمن اشتغال ترميزي و(افتراضي) يمزج الام بالوطن و(الكاروك بالحياة وبالبراءة) والجندي بالتضحية والموت.. بعودة الجندي الى مدرسة صباه في الوحدة الثانية من الفيلم يكشف وهو جالس بجانب طفولته بأنه قد رسم امنيته (التي طلبها معلم الرسم) بان يصبح جنديا ، لكنه يرسم نبوءة استشهاده، حيث الجندي في الرسم ينزف دماً.. ويعود في الوحدة الثالثة الى شبابه حيث كان يرسم في احد المقاهي ليضع كفه المدمى على اللوحة.. بعدها ينتقل الى باب بيته في الوحدة الرابعة ليرى خطيبته ويستذكر علاقتهما العاطفية، هي التي تنتظره وتخبر الشخص الذي يتعرض لها في منطقة الباص بانها تحب خطيبها وتنتظره وسوف لن تقبل حبيباً حتى لو عاد مستشهداً من الحرب .. واخر الوحدات تكون انتظار الدفن في مشهد كان فيه اشتغالات التكوينات والاضاءة وحركة القطع والكاميرا قد خلقت لوحات تشكيلة بصرية عمقت الموسيقى شحناته العاطفية كما عمقت دلالاته التعبيرية كما هو الحال في المشهد الاول .. وهكذا تشكل الفيلم ضمن بنية سمفونية من خلال الوحدات الثيموية.. انه واحد من الافلام التي تشكل نقلة نوعية في مخاضات السينما العراقية وشحة الدعم والتجارب.. فيلم يكشف عن طاقة مغيبة لكادر العمل وللرؤى التي تقف وراءه من كتابة السيناريو الى الاخراج والتصوير والمونتاج والموسيقى التصويرية والتمثيل، فضلاً عن رعاية مشرف العمل (د. دريد شريف) ولا يغفل جهد ادارة شركة (لانا) للانتاج الفني التي احتضنت العمل ودعمته على المستوى الانتاجي.

قام المخرج ومن خلال الرؤية الاخراجية والاشتغال الفيلمي للمعالجة السينمائية بترحيل منظومة الاشتغال الفلسفي والفكري والجمالي.. فبدءاً بالتكوينات البصرية اعتمد على التثليث وتشغيله ضمن التكوين وعناصر توزيعه البصري، حيث شكل المثلث العنصر الرئيس داخل التكوينات البصرية.. المثلث في الوحدة الاولى يتشكل من الام وابنها الجندي ومهد الطفل (الكاروك).. فتارة يكون رأس المثلث هو (الكاروك) لتكون الولادة هي الرأس والاركان الثانية هي الجندي (الموت والاستشهاد) والام (الوطن او الام المفجوعة باستشهاد ابنها)، وتارة يكون الموت هو رأس المثلث او الام المفجوعة ـ الوطن.. ان هذا التبادل في مرتكزات رؤوس المثلث يشكل العلاقة التثليثية بين عناصره ودلالاتها.. ويتكرر هذا التثليث في المدرسة وفي منطقة الباص واخيراً في مشهد التوابيت.. وعلى الرغم من القيم الجمالية التي شكلتها التكوينات البصرية داخل الفيلم والتي كان لها حضور واضح وخاصة في المشاهد التي كانت فيها عناصر تشغيل الاضاءة مبهرة وخلاقة كما لو كانت تشكيلية رامبرانتية (نسبة الى الرسام رامبرانت) خاصة في المشهد الاول الذي جمع الام والجندي والكاروك والمشهد الاخير الذي يجلس فيه بين التوابيت ، حيث تتحول في بعض اللقطات الى قارب يجلس فيه الجندي الذي ينتظر دفنه .. ان الدلالات التشفيرية والاشتغال الرمزي وأبعاده الفكرية والفلسفية قيم أساسية داخل منظومة الفيلم من حيث جدلية الموت وجدلية العلاقة بين الابن ( الجندي) والأم المفجوعة( الوطن) وماشكله (الكراوك) من كونه حبل المشيمة (الحبل السري) الرابط بينهما ورمز النقاء من خلال اللون الأبيض .. كما إن رسم الصبي في المدرسة لجندي مدمى وحضور الجندي إلى المقهى ووضعه ليده المدماة على اللوحة التي يرسمها الشاب في المقهى هي بمثابة نبوءات للموت وحضور آخر لجدلية الحياة والموت .. أن التشكيل البصري وحركة الفيلم تمتزج ومنذ المقطع المكتوب في المقدمة إلى البحث الكلكامشي (نسبة إلى كلكامش) عن وسيلة لإنقاذ صديقهُ أنكيدو الذي مات .. الأم هنا تأخذ باطنياً دور كلكامش والجندي يأخذ موضع انكيدو .. أن هذا الترحيل لملحمة كلكامش وأن كان غاطساً ويقف في الظل خلف ثيمة الفيلم إلا أنه ترحيل عمق أدوار الترميز وتأويلاته ومنح عمقاً مضافاً .. وقد شكلت موسيقى ( مصطفى السوداني) المتزاوجة بين المحلي العراقي والمناخ الاوركسترالي السمفوني بعدا إبداعيا منح الفيلم قيم التوظيف الخلاق للموسيقى على المستوى العاطفي وعلى مستوى التعميق الدرامي والفكري بالإضافة إلى البعد الجمالي .. كما عمق المونتاج والتصوير للمبدع الشاب( محمد عكلو) طاقة للخلق الإيقاعي للفيلم وتلويناته وتصاعده ، على الرغم من أن السمة التأملية واضحة في البطيء الإيقاعي ، إلا أن هذا متأت من وطأة الموت وفكرة الموت تتناسب مع هذا الإيقاع ويبقى الشحن العاطفي السايكلوجي للثيمة يمنح التوثب الإيقاعي وخاصة الثيمة الافتراضية بعودة الجندي من الموت .. ولا بد من الإشارة إلى إبداع الممثلين حيث جسدت دور الأم الممثلة (بتول كاظم) وكان لها حضور إبداعي في التقمص والانفعال الإنساني ورفعة إحساسها بالدور والتماهي معه حد الالتصاق .. وكشف الممثل ( محمد البصري) عن طاقة خلاقة في التجسيد التراجيدي للدور وبذلك قد كشف عن هذه الطاقة المسكوت عنها لتقديمه الكثير من الأدوار الكوميدية ضمن أعماله الأخرى.. وتأتي الأدوار الأخرى داعمة وكاشفة عن إبداع التمثيل لدى الطاقات الشابة وخاصة لدى (هبة) وأبو حيدر الفتلاوي .. ان هذا العمل واحد من الأفلام التي ستؤثر وتحفر بصمتها في ذاكرة الإبداع السينمائي العراقي..

الصباح العراقية في

11/06/2010

 

آمال ياسين : اكتشفت أن الفن في بلدنا كذبة كبيرة !

عبد العليم البناء 

لعل الفنانة آمال ياسين واحدة من القلائل اللواتي ولجن عالم الفن وهي تعرف ما تريد فامتلكت ناصية الإبداع بجدارة مكرسة رسالتها الفنية بوعي مؤطر بالفكر وعدم الاستسهال فكانت أدوارها على الشاشة الصغيرة راسخة وراكزة في آن واحد. في هذا الحوار تفتح ياسين قلبها وعقلها في آن واحد دون تزويق أو وجل لتكشف عن ثقتها بنفسها وثقافتها ووعيها.. وصراحتها الصادمة أحياناً..

·         قلت لها في البدء : لعلك كنت محظوظة حين دخلت عالم الفن منذ نعومة أظافرك ، ماذا تقولين؟

فاجابت بحسرة : حتى الآن لا أعرف السر ولكنني صدمت لاحقافبعد سنوات اكتشفت أن الفن في بلدنا كذبة كبيرة.! ولو قارنت أعمالنا بأي عمل عربي ولا نقول عالمي تجد أن لا فن عندنا فكل شيء بدائي. كذلك المؤسسات الفنية المسؤولة لا تهتم بواقع الفنان وهذه مشكلة أزلية . وهناك تمييز كان وما زال. وتطلق آمال العنان لنفسها مؤكدة : هناك من يمرض ولا أحد يعرف عنه. وهناك من يموت ولا نجد مجلس تأبين له باستثناء البعض. وكل الذي يخرج به الفنان رصيد من حب الناس.وأنا وجدت هذا الحب والأهم منه الاحترام فالشارع العراقي يميز بين الفنان الحقيقي وغيره بعين ناقد خطر.

·         سألتها: ولكن هل تتذكرين اللحظات الأولى وأنت تبدأين خطواتك في هذا العالم الساحر فردت باقتضاب وبجزم: لم يعد ساحراً ولا مدهشاً.. لهذا لا أستطيع أن أتذكر شيئاً منه بدقة تحيلني إليه.

*ومن كان قدوتك.. إذا؟ تجيب آمال مؤكد ة: لم يكن لي قدوة فنية بل كان العمل الفني هو الهاجس.

* طيب.. على ما يبدو أن الكاميرا سرقت آمال من الخشبة التي تألقت عليها يوماً؟ سألتها مستدرجاً إياها للحديث عن بداياتها فقالت وهي أكثر وضوحاً:

- يقولون ان (الكاميرا) هي من يعشق الوجه. أظنها أحبتني ولهذا أنا وفية لهذا المحب. كما أن سنوات العمل معها جعلتني أتعامل باسترخاء وهي تلتقط أدق المشاعر والأحاسيس وكل تفاصيل الصمت.

·         ومتى ستعقدين الصلح مع المسرح وخشبته؟ سألتها ثانية لأعرف سر القطيعة بينها وبين المسرح

فقالت:- لا خلاف ولا زعل كي نعقد الصلح. ثم لماذا الإصرار على العمل في المسرح. ليس شرطاً على الفنان أن يعمل في كل مجالات الفن. فكثير من نجوم العرب والعالم ليس لديهم أعمال مسرحية بقدر أعمالهم في السينما والتلفزيون. ثم أن الحب يا سيدي له دور مهم في العمل والقناعات أيضاً.

·         كنت من المحظوظات في الوقوف أمام عدة نجوم عرب وبأدوار مهمة. ماذا تقولين عن هذه التجربة؟ ودون أن تتعكز على ماضيها تجيب بثقة:

- سيان عندي الوقوف أمام نجم عربي أو عراقي. وقد وقفت أمام كبار النجوم العرب وسمعت منهم كلمات إعجاب بأنني امتلك وجهاً جميلاً معبراً وقتذاك. وصار هذا شيئا من الماضي.

·         في الدراما التلفزيونية سجلت حضوراً باذخاً وبدرجات نجاح عالية ، أيها يمكن أن تتوقف عنده آمال؟ المسرح ام التلفزيون ؟ دون تردد أكدت آمال:

- أتوقف عند جميعها دون استثناء لأنني منذ بدايتي ومع كل عمل أفكر باحترام المشاهد. ولهذا حاولت على مدى سنوات المحافظة على هذا الاحترام من خلال ما أقدمه للجمهور. ولقد كانت الحصيلة احترام الناس لي.

·         طيب.. سأترك لك الخيار للوقوف عند المخرجين الذين اضافوا الشيء الكثير لآمال؟ بجوابها على سؤالي هذا فاجأتني حين أكدت:

- المخرجون عموماً لهم الفضل في منحك دوراً في أعمالهم لا أكثر. اما أن يضيفوا فهذا شيء لم أجده على مدى سنوات عملي الطويلة. باستثناء آخر عمل مع عمران التميمي. وجدته مخرجاً تلفزيونياً يضيف للممثل الكثير من الملاحظات. كما أنه يطلب إعادة المشهد عدة مرات إذا لم يقتنع بالأداء وهذا شيء نادر الحصول في أعمالنا الآن. كما أنه أعطاني مساحة واسعة في التلوين بالأداء.

·         ظهرت في فترة زخرت بوجوه نسوية جديدة.. كيف فرضت حضورك وتألقت وسطهن؟ تجيب آمال على سؤالي هذا دون أن تستطرد ولكنها كانت دقيقة في التوصيف:

- في تلك الفترة ظهرت وجوه نسائية شابة تميزت بالجمال والموهبة والدراسة الفنية. وكل واحدة اختلفت عن الأخرى في أسلوب أدائها. كانت هناك هند كامل، آسيا كمال، سها سالم، إقبال نعيم، سهير أياد، هديل كامل، ليلى محمد، نهلة داخل، سناء عبد الرحمن.. واعتذر إن نسيت أخريات.

·         وما الذي ميزك عنهن.. وهل شعرت بمنافسة أو غيرة من بعضهن؟ تجيب آمال مستطردة:

- أنا اختلف عنهن ولا اختلف معهن. الغيرة تجدها في كل مجال من مجالات الحياة بين النساء عموماً وليس فقط بين الفنانات بل بين ربات البيوت وبمختلف مستوياتهن الثقافية أو العمرية. أظنه شيئا عاديا.. ولكن صدقني لم تعرف الغيرة طريقها لنفسي منذ وعيت وحتى هذه اللحظة لأنني أشعر دائماً أن في داخلي شيئا يميزني ليس فقط في مجال عملي بل في حياتي الشخصية أيضاً.

·         وأين تضع آمال نفسها الآن بين نجمات الفن العراقي؟ تخرج آمال عن جديتها هنا فتجيبني متسائلة:

- بعد كل هذه السنوات تسألني أين أضع نفسي بين النجمات العراقية.. أنا يا سيدي من برج القوس..!

·         طيب.. هل شعرت في لحظة ما أنك قد حققت كل ما لديك كنجمة؟ هنا تجيبني آمال بعمومية واضحة.. ولكنها صادقة:

- كل فنان لا ينتهي طموحه. يبقى يحلم ويطمح ويسعى للأفضل. وأنا بذلت ما بوسعي وحققت ما أجد فيه احتراماً للمتلقي. وهذا قدر المستطاع. ولكن العمل الفني يا سيدي ليس فردياً وله مكملات غير الممثل.

·         وما الذي يعوز آمال ياسين لكي تصبح نجمة عربية؟ تجيب آمال على سؤالي بطريقة غير تقليدية ومعروفة لدى الآخرين فتعلن عن رأي مغاير:

- أعرض العمل المحلي في الفضائيات فتصبح نجماً عربياً إذا كان بمفهوم الانتشار. أما إذا كان القصد مشاركات في أعمال عربية فهذا ليس طموحي لأن مشاركات النجوم العرب الآخرين في أعمال مصرية أجدها نشازاً على العين والأذن.علينا أن نقدم عملاً عراقياً خالصاً نصاً وإخراجاً وإنتاجاً بمستوى لائق ليعرف العرب أعمالنا ونجومنا . أنا شخصياً أحب الخصوصية والهوية في العمل الفني فالوحدة الفنية فاشلة كما الوحدة السياسية.

·         أحس بين ثنايا الجواب هناك بعض الغرور فهل تتفقين معي؟

تجيب باقتضاب :- رحم الله امرىء عرف قدر نفسه..!

·         من بين محطاتك الفنية ما هي الأعمال أو الأدوار التي ندمت على تقديمها؟ تجيب جازمة:

- لم أندم على أي عمل لأن كل الأعمال تقدم لأي ممثل وعليه أن يقبل أو يرفض.

·         وانا أهم بلملة أوراقي لأنهي حواري معها سألت آمال ياسين عن كلمتها الأخيرة فقالت:

- أتمنى أن أكون قد وفقت في ما قلته وأعلنته من آراء إذلم يكن لدي خيار آخر غير الذي قلته..

الصباح العراقية في

11/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)