حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ناومي واتس: لو كان هيتشكوك حياً لاختارني بطلة أفلامه

باريس - نبيل مسعد

ناومي واتس ممثلة أسترالية شقراء جميلة وذات جاذبية مميزة، لكنها في الوقت نفسه تمثل الدليل القاطع على أن هذه الصفات لا تكفي لصنع نجمة سينمائية، فهي عملت في مسلسلات تلفزيونية في بلدها قبل أن تأتي إلى هوليوود لتجرب حظها حيث استمرت في العمل التلفزيوني العادي من دون أن تعرف النجاح أو الشهرة. وفجأة لفتت السينمائي الأميركي دافيد لينش فطلب مقابلتها من أجل اختبار لفيلمه «مالهولند درايف» حيث كان يفتش عن ممثلتين واحدة شقراء والثانية سمراء لأداء البطولة. وحازت واتس على شخصية الشقراء المعقدة في هذا العمل الصعب المبني على المشاكل السيكولوجية وغموض النفس البشرية. وفي مهرجان «كان» السينمائي لعام 2001 فاز الشريط بجائزة السيناريو قبل أن يلقى رواجاً عالمياً في صالات العرض، الأمر الذي سمح للجمهور بالتعرف إلى الفنانة التي لم تكف عن العمل منذ ذلك الحين.

تبلغ واتس من العمر أربعين سنة، وإن كان الحظ قد لعب دوره بشكل فعال في مصيرها الفني عبر اكتشاف لينش لها إلا أن ذلك لا يلغي موهبتها الفذة وقدرتها الكثيرة على التنويع في أدائها مثلما أثبتته في «مالهولند درايف»، فالجمهور لم يعجب بمظهرها وحسب بل أيضاً بطريقتها في تقمص شخصية امرأة معقدة تتأرجح تصرفاتها بين النعومة والشراسة في غمضة عين إلى درجة أن البعض ظن أن هناك ممثلتين مختلفتين في الدور نفسه. بعد تجربتها مع لينش ظهرت واتس في فيلم «المصعد رقم 2» وهو من النوع المخيف وذي النوعية الرديئة يستحسن تجاهله على قائمة أعمال الفنانة والتركيز على الأفلام التي تلته مثل «الحلقة» و«الحلقة رقم 2» و«الطلاق» للمخرج جيمس أيفوري، و«نحن لم نعد نسكن هنا» الذي تقاسمت بطولته مع الممثلة لورا ديرن الآتية أيضاً من عالم لينش بما أنها نجمة أحد أجمل أفلامه «متوحش في القلب» الذي لم يترك جائزة دولية من دون أن يحصدها.

وبين أهم الأفلام التي أدت واتس بطولتها «كينغ كونغ» في حلته الجديدة بعدما اشتهر هذا القرد الضخم المتوحش ذي القلب الحنون للمرة الأولى في عام 1934 حينما مثلت الدور النسائي الرئيسي في الشريط المخصص له ومغامراته النجمة الراحلة فاي راي، ثم أعيد تصوير الحكاية ذاتها مرة ثانية في 1977 على يد السينمائي جون غيليرمين وحلت الحسناء جسيكا لانغ مكان فاي راي قبل أن يمسك السينمائي الأسترالي بيتر جاكسون زمام السيناريو مرة ثالثة ويسخّر المؤثرات المرئية والصوتية لأحدث التطورات التكنولوجية لخدمة «كينغ كونغ» الألفية الجديدة مانحاً بطولته إلى واتس.

في مهرجان «كان» الأخير عرض الفيلمان الأميركيان «ستلتقين رجلاً طويلاً وأسمر» وهو كوميدي للسينمائي وودي آلن، و«لعبة عادلة» الدرامي من إخراج دوغ ليمان، والقاسم المشترك بين العملين هو تولي واتس بطولتهما. في الأول تتقاسمها مع أنطوني هوبكينز، وفي الثاني مع شون بين. وبما أن الفيلمين سيعرضان في الصالات الفرنسية في الصيف المقبل، زارت واتس باريس للترويج لهما فالتقتها «الحياة» وحاورتها.

·         حدثينا عن تجربة العمل بإدارة وودي آلن، مع العلم أن كل ممثلات العالم يحلمن بالتمثيل في أحد أفلامه؟

- جميع الممثلات فعلاً وأيضاً جميع الممثلين. ويعود السبب في ذلك إلى كون آلن حالة فريدة في السينما الأميركية فهو لا يعمل في هوليوود ويصور أفلامه في نيويورك أو في برشلونة أو لندن أو باريس من دون أن يلجأ إلى الشركات الأميركية الضخمة بل إنه يعمل منذ سنوات طويلة مع المنتج نفسه ويخرج أفلامه بموازنات ضئيلة لا تحول دون أن تكون النتيجة النهائية كبيرة أو أن يتهافت على العمل معه كبار النجوم بأجر زهيد لا علاقة له بما يتقاضونه عادة.

لقد تلقيت منه مكالمة هاتفية في أول الأمر عبر لي فيها عن رغبته في منح بطولة فيلمه الجديد، ممثلة تشبه نجمات أفلام ألفريد هيتشكوك في زمن الستينات من القرن الماضي. وأضاف أنه يراني في هذا الشكل وبالتالي يتمنى لقائي للتكلم معي عن الفيلم والدور المعني. ودارت هذه المكالمة بأسلوب بسيط وطبيعي جداً إلى درجة جعلتني أشعر بأنني أتكلم مع صديق وليس مع وودي آلن، وسرعان ما زال الارتباك الذي انتابني في بداية الحديث وحلت مكانه الثقة بنفسي وبالشخص الذي كان على الهاتف معي. وحدث الشيء نفسه في ما بعد عندما حصلت على الدور ومثلت تحت إدارة آلن إذ إنني اكتشفت رجلاً خلوقاً وهادئاً يعبر عما يحتاجه من الممثلين بكلمات قليلة جداً وفي الوقت نفسه واضحة جداً. لقد ارتحت إلى العمل بإشرافه وأدركت ما الذي يدفع النجوم إلى السعي للحصول على أدوار في أفلام آلن من دون أن يكون للأجر علاقة بالموضوع.

شبيهة غريس كيلي

·         هل تشبهين في رأيك الشخصي بطلات هيتشكوك فعلاً؟

لم أكن أرى نفسي في هذه الصورة قبل أن يلفت وودي آلن نظري إلى الموضوع، والآن اقتنعت بأنني كنت ربما قد مثلت في أفلام هيتشكوك لو كان لا يزال على قيد الحياة إذ إنني لست بعيدة في مظهري عما كانت عليه الراحلة غريس كيلي بطلة العديد من أفلامه والتي صارت في ما بعد أميرة موناكو.

·         تنتقلين من هذه الكوميديا إلى فيلم درامي مع شون بين هو«لعبة عادلة»، فهل ترتاحين إلى اللونين بالطريقة نفسها؟

- تخصصت إلى حد ما في الدراما حتى الآن، وذلك ليس بمحض إرادتي ولكن لمجرد أن الفيلم الذي أطلقني، وهو«مالهولاند درايف». كان ينتمي إلى اللون المأسوي وبالتالي فتح أمامي باب الدراما واسعاً في السينما. لذا تجدني أسعى إلى العثور على أدوار فكاهية تسمح لي بتقديم الدليل على موهبتي الكوميدية أيضاً، ولهذا السبب أيضاً سعيدة بكون وودي آلن منحني بطولة فيلمه إضافة إلى المبررات التي ذكرتها من قبل. وللرد على سؤالك، أقول نعم، أنا أرتاح إلى اللونين على السواء. ومن أبرز المزايا التي وجدتها في شأن فيلم «لعبة عادلة» الدرامي، عملي إلى جوار شون بين الذي أعرفه جيداً وأتفق معه كلياً منذ أن عملنا معاً في فيلم «مرور».

·         ماذا كان رد فعلك عندما تلقيت العرض بخلافة كل من فاي راي وجسيكا لانغ في النسخة الحديثة من فيلم «كينغ كونغ»؟

- طرت من الفرح بطبيعة الحال لأن «كينغ كونغ» عمل سينمائي أسطوري تعرفه كل الأجيال، ولكنني شعرت بخوف كبير حيال مدى قدرتي على تحمل المسؤولية والمقارنة التي لا بد من أن يجريها المتفرج بين البطلات الثلاث اللاتي مثلن الدور نفسه. إلا أن المخرج بيتر جاكسون عرف كيف يخلصني من هذا التوتر ويعيد إلي ثقتي في إمكاناتي الفنية، وأول شيء أمرني به هو عدم مشاهدة أي من النسختين السابقتين حتى لا أتأثر بأسلوب أداء فاي راي أو جسيكا لانغ خصوصاً الأخيرة لأنها أقرب مني في ما يخص العمر أو طريقة الأداء وهي من أكبر نجمات المسرح والسينما الحاليات، بينما رحلت فاي راي غير أنها انتمت إلى زمن كان فيه التمثيل مبنياً على المبالغة في التعبير عن المواقف.

·         ألم تشاهدي النسختين السابقتين أساساً؟

- نعم، ولكنني رأيتهما قبل فترة طويلة جداً، وما أراده بيتر جاكسون هو ألا أكرر مشاهدتهما عمداً بهدف أن أدرس تفاصيل أداء البطلة في كل مرة.

·         حدثينا عن المخرج دافيد لينش الذي وقف وراء نجوميتك في الأساس وكيف تعرفت اليه؟

- كان لينش يحضّر لتصوير فيلمه «مالهولند درايف»، والواقع أن هذا العمل كان يُجهَّز لشبكة تلفزيونية أميركية، لذلك التقى المخرج ممثلات تلفزيونيات ليختار بطلتيه، وبما أنني كنت ممثلة متخصصة في المسلسلات التلفزيونية حزت على فرصة مقابلته وإجراء الاختبار معه. وشاء الحظ أن يتحول العمل بين يوم وليلة إلى فيلم سينمائي، وهنا ظهر مدى إخلاص لينش للأشخاص الذين يختارهم إذ رفض تبديلهم بنجوم سينمائيين مثلما طلبت منه الشركة المنتجة بهدف ضمان جذب الجمهور العريض إلى الصالات. وقاوم لينش المنتج طويلاً قبل أن ينجح بفضل اسمه وشهرته وعبقريته في أن يفرضني مع زميلتي لورا هيرينغ. فالحظ بالنسبة لي، وهذا ما أردده دوماً، يحمل اسم ومعالم دافيد لينش.

كيدمان

·         كيف كان الاختبار معه أمام الكاميرا قبل أن يمنحك الدور؟

- أولاً لم يكن الاختبار أمام الكاميرا مثلما يحدث عادة، بل تلخصت العملية في مكالمة هاتفية دامت 40 دقيقة طلب مني لينش خلالها سرد حياتي له والتكلم عن الأشياء التي أحبها والأفلام التي سبق لي الظهور فيها ثم طفولتي في أستراليا وصداقتي مع نيكول كيدمان الأسترالية مثلي، فشعرت وكأنني أمنح حديثاً صحافياً أكثر من أنني أخضع لاختبار سينمائي من أجل دور البطولة في فيلم ما.

·         وماذا بالفعل عن العلاقة بينك وبين نيكول كيدمان؟

- تعرفت إلى كيدمان في معهد الدراما في سيدني وجمعتنا على الفور صداقة قوية لا تزال تربط بيننا حتى اليوم وإن كنا لا نلتقي كثيراً مثلما كنا نفعل في أستراليا، نظراً الى ارتباطاتنا المهنية.

·         أنت جميلة وموهوبة فكيف تفسرين انتظارك النجاح فترة طويلة؟

- أشكرك على المجاملة، ولا أعرف كيف أرد على السؤال بالتحديد غير أن التواجد في المكان المناسب وفي الوقت المناسب هو سر النجاح مهما كانت الموهبة متوافرة.

·         ما الذي تغير في حياتك بعد نجاح «مالهولند درايف»؟

- أول ما تغير هو حصولي على أدوار سينمائية كبيرة من دون المرور بمرحلة الاختبار التي أعتبرها قاسية وظالمة جداً بالنسبة الى الممثلين، إذ يطلب منهم التعبير عن أشياء معينة في لحظات قصيرة من دون أي تحضير مسبق ومن دون إحاطتهم علماً بالسيناريو ككل ليحددوا معالم الشخصية المطلوب منهم تمثيلها، غير أن الأفراد الذين يستقبلونك في هذه الظروف لا يبالون بك لأنهم التقوا أكثر من عشرين شخصاً قبلك وسيستقبلون هذا العدد من جديد بعد مغادرتك القاعة. ان ظروف الاختبارات التمثيلية مهينة للممثل في شكل عام ولا أصدق أنني تخلصت منها الآن. والشيء الثاني الذي تغير لكنه لا يعجبني، هو تعرف الناس إلي في الأماكن العامة ما يمنعني من التردد إلى المتاجر والمطاعم التي اعتدتها في الماضي. أنا حزينة لهذا الشيء لأنني أعشق السير في الشوارع وزيارة المحلات، وها أنا محرومة من هذه المتعة وغيرها. لكنني لن أبكي على حالي فربما هو ثمن النجومية وفي هذه الحال أقبله بصدر رحب نظراً الى ما أعثر عليه من إيجابيات في كفة الميزان الأخرى خصوصاً الأدوار الجميلة وملايين الدولارات لقاء كل فيلم أظهر فيه.

الحياة اللندنية في

04/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)