حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

احتفلت بعيد ميلادها الثمانين

فاتن حمامة.. هل تعود؟ سؤال يتردد رغم مرور السنين

القاهرة - خالد بطراوي

على الرغم من غياب سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة عن جمهورها منذ أن قدمت آخر أعمالها مسلسل «وجه القمر» عام 2001 فإن أخبار عودتها الى التمثيل لا تتوقف أبدا، تارة من مخرج يتحدث عن ترشيحها لبطولة فيلم يحمل عنوان «دولة الأناضول»، وتارة من مؤلف يدعي أنه اقنعها بالعودة الى التمثيل من خلال مسلسل تلفزيوني سيت كوم، وتارة ثالثة من منتج يقسم بأغلظ الأيمان أنه اقترب من التوقيع معها لبطولة عمله الجديد.

وبدا الأمر على هذا النحو وكأنه محاولة لتوريط فاتن حمامة في العودة الى التمثيل، الطريف أن سيدة الشاشة العربية تظل بالفعل، آخر من يعلم، عن تلك الأعمال بل وتفضل التزام الصمت تجاه كل الاخبار.

عودة فاتن حمامة الى الأضواء خبر أسعد الكثيرين من عشاقها ومحبيها الذين اشتاقوا الى رؤيتها بعد طول غياب. لكن الذي لا يعرفه الكثيرون هو أن رغبة فاتن حمامة في العودة من جديد جاءت من خلال السيناريست هاني فوزي الذي كتب لها آخر أفلامها السينمائية «أرض الأحلام» عام 1993.

وحين عرض عليها هاني فوزي فكرة فيلم جديد يكتبه، أبدت له موافقتها المبدئية على الفكرة، لكنها بعد فترة اعتذرت له عن عدم قيامها ببطولته ليتوقف المؤلف عن استكمال سيناريو الفيلم لأنه لا يصلح إلا لسيدة الشاشة فاتن حمامة، لكن تجددت منذ فترة بسيطة المفاوضات بين الكاتب محفوظ عبد الرحمن والفنانة فاتن حمامة حول سيناريو جديد يعكف على كتابته بعنوان «دولة الاناضول» لكن المفاجأة الكبرى التي لا يتوقعها أحد هي أن الكاتب محفوظ عبد الرحمن أكد أن هذا الكلام غير حقيقي بالمرة، لم يعلن هذا المشروع وليس هذا من طبعه في أي عمل كتبه من قبل، والواقع أنه هو وفاتن حمامة صديقان مقربان لا تشغلهما هذه الأمور فقد عرض عليها الفكرة وهي لم تعلق وبالتالي لم يكمل المشوار وانتهى الموضوع عند هذا الحد، ففاتن حمامة لا تتحدث عنه وهو بدوره التزم الصمت.

من دون شك كلنا شوق الى رجوع فاتن حمامة إلى شاشة السينما أو التلفزيون مرة أخرى، ولكنني أعلم أن ما لا يدرك كله لا يترك كله، ولهذا اتمنى أن يعود على الأقل صوتها. احساسي يؤكد لي أنها لن تقف امام الكاميرا مرة أخرى لكن من الممكن أن تفعلها امام الميكروفون. فهل نستمع إلى سيدة الشاشتين ونجمة القرن العشرين فاتن حمامة في مسلسل إذاعي خلال شهر رمضان القادم.

طبيعية تلقائية

فاتن حمامة من القلائل اللاتي استطعن التعامل مع مراحل اعمارهن بوعي وذكاء شديدين، فكانت سيدة تعي متى تكون الفتاة الصغيرة حبيبة البطل ومتى تصبح أما ومتى تكون جدة.

إنها قدرة على العطاء لا مثيل لها على صعيد السينما العربية، بل على صعيد السينما في العالم كله.

إذا كان الفنان سليمان نجيب قال لها يوما: «أبوكي ما غلطش أنه سماكي فاتن، لأنك فعلا فاتن»، فإن الرائد الكبير زكي طليمات اكتفى وقال: فاتن وبس.

وقفت فاتن حمامة أمام الباشا الأناني المستبد في «نهر الحب» ودافعت عن قوانين الأحوال الشخصية لمصلحة المرأة في «أريد حلاً» وناضلت عن الوطن في «لاوقت للحب».. وأخيراً أصبحت الفتاة المضطهدة بائعة اليانصيب في فيلم «عائشة» هي الأم الأرملة «عيشة» المسؤولة عن أسرة بكاملها في «يوم مر .. يوم حلو».. إنها فنانة قابلة للتشكيل في كل دور تظهر فيه، سواء كانت غنية أو فقيرة، كريمة أو وضيعة، ضاحكة أو باكية، راضية مستكينة أو ثائرة متمردة، غانية أو متعبدة، طفلة أو فتاة أو سيدة، إنها هي فاتن حمامة في كل حالاتها وفي كل أدوارها، منذ أن رأيناها في أول أفلامها «يوم سعيد» عام 1940 إلى آخر أفلامها «أرض الأحلام» عام 1993.

مشوار من الإبداع

وبعيداً عن الشاشة السينمائية ففاتن حمامة هي هي لا تمثل. طبيعية لا تفتعل. فإذا تحركت أمامك تصورت أنها تتحرك في قصة تمثلها. مع أن قصة حياتها بغير تزييف ولا خيال مؤلف. على أنك لو استعرضت قصة حياتها لوجدت أن فيها الكثير من المفارقات والمفاجآت وحبكات المواقف المثيرة.
ولدت فاتن أحمد حمامة فى 27 مايو عام 1930 في المنصورة عاصمة الدقهلية في مصر، وذلك حسب سجلها المدني لكنها وحسب تصريحاتها ولدت في حي عابدين في القاهرة وكان والدها سكرتير المدرسة الثانوية بالمنصورة.

في الوقت الذي كانت فاتن حمامة تتلقى فيه أصول التنشئة والتربية على يدي أبيها في المنزل وفي المدرسة على يدي معلمها، كان الموسيقار محمد عبد الوهاب قد أتم تقديم موهبته في ثلاثة أفلام هي «الوردة البيضاء، دموع الحب، ويحيا الحب عام 1938».

يوم سعيد

لقد اعتاد محمد عبد الوهاب والمخرج محمد كريم أن يقدما في كل فيلم وجهاً جديداً أو أكثر فلما كان الفيلم الرابع «يوم سعيد» عام 1940 تسابقت الطامعات في الشهرة إلى مكتب فيلم محمد عبد الوهاب، تسابقت الوجوه الجديدة من هاويات التمثيل والسينما كما تتسابق ملكات النحل على حقل مليء بالأزاهي ، في الوقت نفسه كانت هناك مجلة قديمة تصدر عن دار الهلال هي مجلة «الاثنين» قد نظمت مسابقة لاختيار أحلى طفل وأحب طفلة، ورصدت للفائزين والفائزات بعض الجوائز المادية والهدايا.

وأراد الأب أحمد حمامة أن يفرح بنشر صورة طفلته أكثر مما تطلع إلى الجوائز، فصحبها – فاتن – إلى مصور صديق التقط لها صورة بملابس متطوعات التمريض، تماماً كما كانت تلتقط للذكور الصور بملابس الضباط.

وما إن وصلت الصورة إلى إدارة المجلة حتى حظيت بإعجاب المشرفين على المسابقة واستقر الرأي على أن تنشر الصورة على الغلاف وليس بالداخل مع سائر المرشحين والمرشحات، وكان هذه التمييز اعترافاً مسبقاً بأنها الفائزة الأولى.

وعندما رأى المخرج محمد كريم الصورة طلب من أحد مساعديه أن يأتيه بعنوان الصغيرة فاتن حمامة.

وفي اليوم المحدد وصلت فاتن حمامة مع أبيها ورحب بهما المخرج محمد كريم في مقر «فيلم عبد الوهاب» في القاهرة بشارع توفيق.

وظهر فيلم «يوم سعيد» وفي يوم وليلة أصبح اسم الطفلة فاتن حمامة على السنة الملايين، ولدت نجمة، أصبحت حديث كل بيت، معبودة الأطفال وحبيبة الأمهات والآباء، صورتها معلقة فوق سرير كل طفل وطفلة، اسم فاتن. هو موضة الأسماء في هذا العام كل أم تطلق على مولودتها الجديدة اسم فاتن.

إن رحلة نجمة القرن العشرين فاتن حمامة زاخرة بالأعمال الفنية والأدوار المتميزة التي أصبحت علامات بارزة في تاريخ السينما المصرية، شاركت في 97 فيلماً سينمائياً حققت من خلالها نجاحات فنية ومادية لا يمكن التغاضي عنها أو المرور عليها مرور الكرام. وقد أنتجت من هذا العدد فيلمين فقط هما «موعد مع الحياة» و«موعد مع السعادة» والفيلمان من إخراج عز الدين ذو الفقار.

وفي السبعينيات قدمت للتلفزيون سبعة أفلام تمثيلية قصيرة، وفي الثمانينيات قدمت أول مسلسل تلفزيوني فيديو هو «ضمير أبله حمكت» إخراج انعام محمد علي، ومسلسل «وجه القمر» إخراج عادل الأعصر، كما نالت 35 جائزة، وفي استفتاء أحسن مائة فيلم الذي اجراه مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1996 بمناسبة «مئوية السينما المصرية» حصلت فاتن حمامة على المركز الأول وبرصيد 11 فيلما اختيرت ضمن أفضل مائة فيلم.

والعجب أن الفنانة فاتن حمامة أو «فتون» – كما يناديها أصدقاؤها – ظهرت في حوالي 35 فيلماً وكان المخرجون يسندون لها دور الفتاة المسكينة البريئة، ولكن كل هذا تغير مع بداية الخمسينيات، حيث بدأت ونتيجة التوجة العام في السينما المصرية نحو الواقعية بتجسيد شخصيات أقرب إلى الواقع.

ففي فيلم «صراع في الوادي» جسدت شخصية مختلفة لأنة الباشا فلم تكن الابنة السطحية لرجل ثري وإنما كانت متعاطفة مع الفقراء والمحتاجين وقامت بمساندتهم، ثم تلاه أفلام «الأستاذة فاطمة»، «صراع في الميناء»، و«لك يوم يا ظالم».

مرحلة النضج

وترى فاتن حمامة أنها وصلت إلى مرحلة النضج الفني مع فيلم «بين الأطلال» هذا الفيلم على الرغم من أنه جاء تحفة فنية، إلا أنها أثناء تصويره لم تكن تحبه لكونه رومانسياً جداً.

ومثلت فيلم «الحرام» وهو من أحسن الأفلام التي ظهرت لها، ولكنه فشل فشلاً ذريعاً، وكان السبب هو سوء التوقيت.

كان ذلك في العام 1965، والناس تشكو الفقر والضيق والسجون والمعتقلات والحراسات والمصادرات، وعندما عرض الفيلم أخذ المتفرجون والمتفرجات يصيحون: «إحنا ناقصين فقر.. إحنا ناقصين غم، إحنا ناقصين مصائب»، وفشل الفيلم لأن الجماهير كانت تريد أن تنسى همومها وأحزانها وهزائمها لا أن تعيش فيها. مع أن هذا الفيلم كان من أحسن الأفلام المصرية، ونال جوائز مهرجان السينما.

أما فيلم «دعاء الكروان» يكفي المعنى الذي يحمله، ما هو الأقوى، الحب أم الانتقام؟

وتعتبر فاتن حمامة فيلم «ليلة القبض على فاطمة» جميل جداً، ولكنه لم يأخذ حظه، لأنه عرض في دار سينما غير مناسبة وجاء في فترة من خلال الأفلام الرديئة، كان الفيلم الجاد شيئاً ما، يتعرض للبهدلة، وقتها كانت متوقفة عن العمل لأن الأفلام التي كانت تحقق نجاحاً «هلس خالص».

وتؤكد فاتن حمامة أن فيلم «امبراطورية ميم» كوميدية خفيفة، وفيلم «يوم مر يوم حلو» فيلم واقعي للغاية وعندما قرأت سيناريو الفيلم كانت تقول: «لا مش معقول ده يحصل؟».. ثم نزلت إلى الأحياء الشعبية وأدركت أن الرواية كانت أرحم من الواقع.

كل سنة وأنت طيبة يا أم نادية وطارق.

أشياء كثيرة ليست لها

على الرغم من أن فاتن حمامة تعتبر أغلى نجمة في مصر، فإنها لا تمثل أكثر من فيلم في العام الواحد، لذلك تعتبر «أفقر» من فنانات شابات يتقاضين أجراً أقل ويمثلن عشرة أفلام في العام.

في العام 1957 أقامت فاتن حمامة عمارة في مصر الجديدة، وأمام العمارة كانت توجد محطة أوتوبيس سميت باسم محطة فاتن حمامة. فلما تأزمت أمور فاتن حمامة المالية باعت العمارة التي كان بعض ثمنها ديناً من أحد البنوك. باعت العمارة وبقيت لها محطة الأوتوبيس وسينما فاتن حمامة التي أطلق اسمها عليها عام 1984 تقديراً واعترافاً بدورها في تاريخ السينما المصرية.

لقد أدى نجاح فاتن حمامة منذ الأربعينيات إلى تحولها إلى مدرسة للتمثيل السينمائي، والمؤكد أن كل ممثلة مصرية منذ ذلك الحين، وحتى الآن، ودائماً تدين للنجمة فاتن حمامة، وانني أقول لها بمناسبة عيد ميلادها، كلنا - جمهور السينما والنقاد والعاملون في السينما - مدينون لفاتن حمامة، وهي ليست مدينة لأحد، لقد أمتعتنا بفنها أكثر من 60 عاماً، والموضوعية أن نقول لها جزاء على ما قدمت لنا من متعة فنية:

أزواج فاتن

تزوجت فاتن حمامة ثلاث مرات الأولى بالمخرج عز الدين ذو الفقار وانجبا نادية، والمرة الثانية بالفنان عمر الشريف، وانجبا طارق، وتزوجت للمرة الثالثة الدكتور محمد عبد الوهاب أحد كبار الأطباء المصريين.

القبس الكويتية في

28/01/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)