حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

اليوبيل الذهبى للتليفزيون المصرى حدث كبير للاحتفال طوال العام

بقلم   سمير فريد

يبلغ التليفزيون المصرى يوم ٢٣ يوليو المقبل ٥٠ عاماً (اليوبيل الذهبى)، وبالطبع فإن عام ٢٠١٠ بأكمله، وليس يوم الافتتاح فقط، يجب أن يخصص للاحتفال بهذه المناسبة.

وقد قرأت أن التليفزيون فى إطار الاحتفال بيوبيله الذهبى سوف يبث قناة جديدة باسم «التراث» يعرض فيها إنتاجه بالأبيض والأسود قبل أن يتحول إلى الألوان فى السبعينيات. وهى فكرة رائعة، ولكن اسم «التراث» غير مناسب لأنه يعنى بالنسبة للكثيرين التراث الأدبى أو الفكرى، وربما يكون من الأفضل أن يكون اسمها ببساطة «أبيض وأسود»، وأن تقتصر فعلاً على عرض الإنتاج المصور بالأبيض والأسود سواء من إنتاج التليفزيون، أو من الأفلام المصرية.

وهذه القناة فرصة لترميم تراث التليفزيون ونقله على أحدث الشرائط التى تعيش مدداً أطول، والمحافظة عليه. فالمواد السمعية، والسمعية - البصرية من التراث القومى لأى بلد. وقد أنتج التليفزيون أفلاماً ومسلسلات سينمائية ٣٥ مللى و١٦ مللى من مختلف الأطوال ومختلف الأجناس السينمائية (روائى - تسجيلى - تحريك)، وهى جزء لا يتجزأ من تاريخ السينما فى مصر وفى أى بلد، ولا أحد مع الأسف يعرف مصير هذه الأفلام والمسلسلات.

نتمنى فى عام اليوبيل الذهبى للتليفزيون أن يصدر كتاباً وثائقياً علمياً عن الأفلام والمسلسلات السينمائية التى قام بإنتاجها، وأكثر من كتاب عن إنتاجه من البرامج والمسلسلات المصورة بكاميرات الفيديو، بل أن يصدر جميع الرسائل الجامعية التى أجيزت فى الكليات والمعاهد عن التليفزيون، ولم تنشر فى كتب، وأن ينظم حلقات بحثية عن تاريخه وحاضره ومستقبله، بعد أن أصبح التليفزيون هو الوسيلة الأساسية لصنع الوعى بألف لام التعريف، والمؤثرة فى عامة الناس أكثر من أى وسيلة أخرى كما هو معروف ومؤكد الآن.

ونتمنى أيضاً أن يبدأ التليفزيون مرحلة جديدة فى علاقته مع السينما ليكون مثل كل تليفزيونات العالم عنصراً فاعلاً فى الإنتاج مع شركات السينما، ففى كل الدنيا، وبمنتهى البساطة، يدعم التليفزيون الإنتاج السينمائى المحلى عن طريق شراء الحقوق مقدماً لمدة معينة، ولعدد محدد من العروض، وبذلك يوفر للمنتج سيولة نقدية يستطيع بها أن ينتج فيلمه، وهذه هى العلاقة الصحية والصحيحة بين السينما والتليفزيون.

المصري اليوم في

10/05/2010

 

 

هؤلاء المبدعون الذين تفخر بهم السينما المصرية ويصنعون مستقبلها

بقلم   سمير فريد

الفيلمان الجديدان اللذان يعرضان فى مصر الآن «هليوبوليس» أول فيلم روائى طويل من إخراج أحمد عبدالله السيد، و«تلك الأيام» من إخراج أحمد غانم، من التجارب الفنية المهمة التى شهدتها السينما المصرية فى السنوات العشر الأولى من القرن الميلادى الجديد، وإن تم إنتاج الأول فى العام الماضى، وتم إنتاج الثانى هذا العام.

ويختلف الفيلمان من حيث إن «هليوبوليس» صوّر «ديجيتال» وتحول إلى سينما وتم إنتاجه بواسطة شركة المخرج شريف مندور الصغيرة، أما «تلك الأيام» فصور سينما وتم إنتاجه بواسطة شركة المنتج محمد العدل الكبيرة وبدعم من وزارة الثقافة، ويجمع بين الفيلمين أنهما من توزيع شركة الفنانة إسعاد يونس، وهى القاسم المشترك بين كل التجارب الجديدة، وتؤكد بذلك أنها فنانة بحق، ومن القيادات المثقفة القليلة فى صناعة السينما فى مصر.

من الناحية الفنية كتب أحمد عبدالله السيد سيناريو فيلمه مباشرة للسينما من دون أصل أدبى، وقد شرفت بعضوية لجنة تحكيم مسابقة ساويرس الأولى للسيناريو، التى كان يرأسها الكاتب الكبير وحيد حامد، ومنحت الجائزة لسيناريو «هليوبوليس» وسيناريو «واحد - صفر» الذى كتبته مريم نعوم وأخرجته كاملة أبوذكرى، ولكن مع الأسف بينما قدرت لجنة تحكيم المهرجان القومى الشهر الماضى فيلم «واحد - صفر»، لم تقدر «هليوبوليس»، بل لم تقدر «عين شمس» الذى فتح آفاقاً جديدة للسينما المصرية.

أما «تلك الأيام» فقد كتبه أحمد غانم مع علا عزالدين حمودة عن رواية بنفس العنوان لوالده فتحى غانم (١٩٢٤ - ١٩٩٩) أحد أعلام الأدب والصحافة فى مصر فى القرن العشرين، وقد كان لى أيضاً شرف المشاركة فى عضوية لجنة تحكيم مسابقة دعم وزارة الثقافة الأولى برئاسة الناقد الكبير على أبوشادى، التى اختارت الفيلم ليدعم مع أفلام أخرى.

ساندت عايدة عبدالعزيز «هليوبوليس»، وساند محمود حميدة «تلك الأيام»، وكلاهما من أعمدة فن التمثيل مع الممثلين الجدد فى الفيلمين، ومنهم أحمد الفيشاوى الذى يبدأ بداية جديدة مع «تلك الأيام»، وفى «هليوبوليس» تلمع حنان مطاوع، وتؤكد يسرا اللوزى مع خالد أبوالنجا أنهما يمثلان الروح الجديدة التى بعثها المستقلون فى السينما المصرية، بعيداً عن مقاييس السوق السائدة، وهم من دون شك صناع المستقبل.

المصري اليوم في

09/05/2010

 

«هليوبوليس» و«تلك الأيام»: المستقلون قادمون إلى السوق

بقلم   سمير فريد

تشهد دور العرض فى مصر عرض «هليوبوليس» أول فيلم روائى طويل من إخراج أحمد عبدالله السيد، وعرض «تلك الأيام» أول فيلم روائى طويل من إخراج أحمد غانم، وكلاهما من المخرجين الشباب الذين يأتون إلى السوق من حركة السينما المستقلة، التى بدأت فى مصر فى العقد الأخير من القرن الميلادى الماضى، وأنتجت مئات الأفلام القصيرة، وكلاهما من غير خريجى معهد السينما بالجيزة.

وجدت هذه الحركة كنتيجة من نتائج الثورة التكنولوجية الكبرى التى طورت كاميرات الفيديو إلى الديجيتال، وأصبحت وسيلة للتعبير بلغة السينما إلى جانب كاميرات السينما، ولا أقول بدلاً منها، أو أن هذه أفضل من تلك، فكل منهما وسيلة «مختلفة»، وإن استخدما نفس اللغة والقيمة فى النهاية تأتى من الإبداع، وليس من الوسيلة.

وما تتميز به كاميرات الديجيتال أسعارها القليلة، والتكاليف المحدودة للأفلام التى تصنع بها، على نحو لا يقارن بأسعار كاميرات السينما، أو تكاليف إنتاج أفلامها، إلى جانب سهولة حركة كاميرا الديجيتال لوزنها الخفيف، وقد أدى ذلك إلى ما يمكن أن نطلق عليه عصر «ديمقراطية السينما» حيث أصبحت الكاميرا مثل القلم بالفعل، ولم يعد الأمر مجرد تشبيه الكاميرا بالقلم.

أما فى البلاد التى لم تعرف صناعة السينما بالمعنى الحقيقى لهذه الصناعة، فقد أدى عصر «ديمقراطية السينما» إلى إنتاج الأفلام رغم عدم وجود صناعة، وأما فى البلاد التى تعرف تلك الصناعة مثل مصر، فقد أدى إلى وجود سينما مستقلة على هامش الصناعة تتميز بالتحرر من مقاييس السوق، وبالتحرر من الرقابة والبيروقراطية التى تفرض من بين ما تفرض أن يكون صناع الفيلم من خريجى معهد السينما، وبالتالى تحولت إلى معمل للتجديد والابتكار فى الكثير من أفلامها القصيرة، وليس كلها بالطبع.

كان إبراهيم البطوط أول من صنع أفلاماً مستقلة روائية طويلة، وحقق فيلمه الطويل الثانى «عين شمس» نجاحاً كبيراً فى المهرجانات الدولية عام ٢٠٠٨ بفضل المركز السينمائى المغربى الذى تحمل تكاليف تحويله من ديجيتال إلى سينما بقرار من مدير المركز الناقد والسينمائى الكبير نورالدين صايل، وفى عام ٢٠٠٩ عرض الفيلم فى السوق فى مصر، والآن مع عرض «هليوبوليس» و«تلك الأيام» يمكن أن نقول: المستقلون قادمون.

المصري اليوم في

08/05/2010

 

إضافة اسم أبوظبى إلى مهرجان أبوظبى واستبعاد صفة الدولية!

بقلم   سمير فريد

أعلنت إدارة مهرجان الشرق الأوسط السينمائى الدولى الذى ينعقد فى أبوظبى عن تغيير اسم المهرجان مع دورته الرابعة التى تنعقد من ١٤ إلى ٢٣ أكتوبر المقبل إلى مهرجان أبوظبى السينمائى.

ومن اللافت المبررات التى جاءت فى بيان تغيير الاسم، فكل مهرجانات العالم تذكر فى اسمها المدينة التى تقام فيها، ولا يحتاج الأمر إلى أى مبررات! ومن اللافت أيضاً استبعاد صفة الدولية من اسم المهرجان الجديد!

وقد تشرفت بوضع لائحة مهرجان أبوظبى فى دورتيه الأولى والثانية، وكنت أعمل مستشاراً فنياً للمهرجان مع التليفزيونية اللامعة نشوى الروينى وكانت المدير التنفيذى. وما إن عرض على العمل حتى كان السؤال الأول لمدير عام هيئة أبوظبى للثقافة والتراث محمد خلف المزروعى، وهى الهيئة التى تنظم المهرجان: لماذا تطلقون عليه: مهرجان الشرق الأوسط السينمائى الدولى، وليس مهرجان أبوظبى السينمائى الدولى؟!

وكانت إجابة المزروعى، وهو صديق عزيز رغم استقالتى بعد الدورة الثانية، وسوف نظل صديقين لأننا اختلفنا حول مسائل فكرية وفنية، والخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، بأن هذه مجرد تسمية لا تعنى أن المهرجان مخصص لأفلام دول الشرق الأوسط، وإنما نريده مهرجاناً دولياً بكل معنى الكلمة.

وبناء على هذا قمت بوضع لائحة المهرجان كمهرجان دولى فى دورتيه الأولى والثانية، وأترك تقييم الدورتين لمن يريد ويعرف كيف يقيم المهرجانات، فالمرء لا يصنع عملاً ويقوم بتقييمه، ومن البدهى أن يترك ذلك للآخرين، وفى الدورة الثالثة العام الماضى أعلن المدير التنفيذى الجديد الأمريكى بيتر سكارليت أن المهرجان سوف يكون اسماً على مسمى، أى سيكون لأفلام دول الشرق الأوسط، وأقام مسابقة وجوائز خاصة بهذا المسمى وها هو هذا العام يغير اسم المهرجان، ويستبعد من الاسم الجديد صفة الدولية!

لم يعلن بعد ما الذى سيترتب على الاسم الجديد للمهرجان، وأتمنى ألا يكون المزيد من التخبط لحرصى على تطوره إلى الأفضل، فقد ساهمت فى تأسيسه مساهمة كبيرة سوف أعتز بها دائماً، وسبب قبولى العمل به لم يتغير، وهو السياسة التى تستهدف أن تكون أبوظبى من المنارات الثقافية فى العالم العربى والعالم. مبروك لأبوظبى وجود اسمها فى المهرجان أخيراً، والمهم الآن المهرجان ذاته.

المصري اليوم في

06/05/2010

 

«جيران» من جاردن سيتى إلى جاردن سيتينج

بقلم   سمير فريد

هاجرت تهانى راشد من مصر إلى كندا، وهناك عملت فى «ناشيونال فيلم بورد»، أعرق مؤسسات الأفلام التسجيلية فى العالم، وأخرجت أول أفلامها عام ١٩٧٢، وفى ٢٥ سنة أخرجت عشرة أفلام تسجيلية كندية حتى عام ١٩٩٧ عن موضوعات مختلفة داخل وخارج كندا، وكان فيلمها العاشر التسجيلى الطويل «٤ نساء من مصر» أول أفلامها عن مصر، وفيه أكدت أن الهوية الثقافية ليست بالضرورة الهوية القانونية للمخرج أو الفيلم.

جاء هذا الفيلم قبل ثلاث سنوات من نهاية القرن العشرين الميلادى، وليس للأعوام أو العقود أو القرون دلالات فى ذاتها، وإنما الدلالات للأحداث المؤثرة فى تاريخ هذا البلد أو ذاك. وعلى سبيل المثال فالقرن الواحد والعشرين بدأ عام ٢٠٠٠ من حيث التقويم الميلادى، ولكنه بدأ تاريخياً فى ١١ سبتمبر ٢٠٠١ مع أحداث نيويورك وواشنطن، ومع نهاية القرن العشرين كان من الطبيعى أن يتأمل كل مصرى تاريخ مصر فى ذلك القرن على نحو شامل، خاصة أنه ينقسم إلى قسمين متساويين تقريباً مع ثورة يوليو ١٩٥٢، وجاء «٤ نساء من مصر» تأملاً للنصف الثانى من القرن بعد الثورة.

وفى العقد الأول من القرن الجديد أخرجت تهانى راشد فيلمين تسجيليين طويلين عن مصر من إنتاج ستوديو مصر الذى يحاول مؤجره المخرج والمنتج الفنان كريم جمال الدين إعادة بعض من تاريخه المجيد، أما الفيلم الأول «البنات دول» عن أطفال الشوارع فى القاهرة، فكان أول فيلم تسجيلى طويل من مصر والعالم العربى يعرض فى مهرجان كان أكبر مهرجانات السينما فى العالم، وذلك عندما اختير للعرض خارج مسابقة المهرجان عام ٢٠٠٦، وأما الفيلم الثانى «جيران» عن حى جاردن سيتى فى القاهرة فقد عرض لأول مرة فى مهرجان أبوظبى عام ٢٠٠٩.

كل فيلم من أفلام تهانى راشد الثلاثة عن مصر هو حدث فى تاريخ السينما المصرية، فالأفلام تدور فى الواقع وقت تصويرها، وتعبر عنه، ورغم اختلاف الموضوعات فإن هناك عنواناً «كبيرًا» للأفلام الثلاثة، وهو مصر بعد نصف قرن من ثورة يوليو، ويبدو ذلك بوضوح فى الفيلمين الأول والثالث. وإذا كان «٤ نساء من مصر» عن تجارب أربع مثقفات مرموقات تجمعهن الصداقة رغم التناقضات الطبقية والفكرية بينهن، وتروى كل منهن تجربتها فى عصر الثورة، فإن «جيران» عن التحولات التى شهدت مصر فى ذلك العصر من خلال حى جاردن سيتى فى القاهرة.

موقف نقدى

وفى الأفلام الثلاثة رصد معبر للواقع من دون أحكام مسبقة أو مطلقة، ودعوه للمتفرج أن يتأمل ما يراه، وتكون له حريته فى الحكم على ما يراه، ولكن ليس معنى هذا أن صانعة الفيلم «محايدة»، أو من دون موقف، فهناك موقف نقدى ضد اعتقال المثقفات الأربع فى عهدى عبدالناصر والسادات فى «٤ نساء من مصر»، وضد وجود أطفال الشوارع فى «البنات دول»، وضد تحول حى جاردن سيتى من حى سكنى راق إلى حى أقرب إلى الأحياء العشوائية التى تكاثرت فى مصر منذ الثمانينيات، ومن السخف الحديث عن هذه الأفلام، أو غيرها من الأعمال المماثلة فى الفنون والآداب بتقسيمها إلى فسطاطين (ضد الثورة ومع الثورة)، وإنما هى أعمال عن الواقع وماذا نفعل إزاءه من أجل المستقبل أيا كان الموقف من أى حدث وقع فى الماضى.

كان حى جاردن سيتى من أحياء الطبقة الأرستقراطية المصرية، ولذلك كان أغلب مبانيه من القصور الصغيرة (الفيلات) أو العمارات الضخمة ذات الشقق الفسيحة الفاخرة، وكان ولا يزال من أحياء السفارات، ففيه سفارات الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة (بريطانيا) وكندا وغيرها من السفارات، وكانت الطبقة الارستقراطية فى مصر قبل الثورة، مثل الطبقات الأرستقراطية فى المجتمعات المماثلة لا تتكون من مواطنى البلد فقط مثل عائلات سراج الدين وبدراوى، وإنما أيضاً من ذوى الأصول العربية أو الأوربية مثل عائلة صيدناوى اللبنانية وأصولها من صيدا، كما هو واضح من اسمها، ومن المسلمين والمسيحيين واليهود مثل عائلة موصيرى اليهودية، أى أنه كان من أحياء الطبقة الحاكمة سواء التى تحكم عبر العمل السياسى، أو عبر دورها المحورى فى السوق.

الآن، وكما نرى فى الفيلم، تحولت أغلب القصور إلى أطلال مهجورة، وانتشرت الشركات والبنوك والمحال التجارية الصغيرة لخدمة سكان العمارات الجديدة وسكان أسطح العمارات القديمة، وانتشر باعة الخضروات والفاكهة على الأرصفة، وأصبحت بعض الأراضى الخالية- نتيجة هدم بعض الفيلات- ملاعب للأطفال، بل ومنها ما حوله أحد خفراء هذه الأراضى إلى أرض زراعية، ولم يعد من الممكن مجرد السير فى الشوارع المزدحمة، وأصبح أحد البوابين (حراس العمارات) لا يحصل على أجر من السكان، وإنما ينظف ويحرس مقابل حياته وأسرته فى مدخل العمارة.

شهادات متنوعة

ويقدم الفيلم شهادات عشرات الشخصيات من أبناء وأحفاد أصحاب القصور وسط الأطلال المهجورة، إلى سكان الأسطح والمداخل والزوايا حيث يعيشون، إلى بعض المهنيين حيث يعملون، وبعض الذين وفدوا إلى الحى، وكذلك سفيراً بريطانيا وأمريكا. وتتنوع هذه الشهادات فى الفيلم تنوعًا كبيرًا، فورثة القصور لا يجمعون على أن ما حدث كان شرًا كله، وسكان الأسطح لا يجمعون على أنه كان خيرًا كله.

وبينما نرى سفير بريطانيا يروى كيف تقلصت السفارة بعد الثورة، ولم تعد تصل إلى شاطئ النيل، حيث كانت تقطع طريق الكورنيش، نرى سفارة أمريكا وقد توسعت فى مبنى عملاق، ونرى السفير يدعو «الجيران» إلى حفل فى حديقة السفارة ليخفف من معاناتهم نتيجة إغلاق الشوارع المحيطة بها لأسباب أمنية بعد حرب العراق عام ٢٠٠٣، وإفلاس العديد من المحال نتيجة صعوبة الوصول إليها.

صنعت تهانى راشد «٤ نساء من مصر» بالأسلوب الكلاسيكى للأفلام التسجيلية، وصور الفيلم على شريط سينما ٣٥ مللى، أما «البنات دول» و «جيران» فقد تم تصويرهما «ديجيتال»، وقامت بالتصوير فى كليهما نانسى عبد الفتاح، وهى أول مدير تصوير من النساء فى تاريخ السينما المصرية وبقدر ما يمنح «الديجيتال» إيحاء قويًا بالواقعية، بقدر ما يغوى بالتطويل، بسبب سهولة الحركة أكثر من التصوير بكاميرا السينما، فضلاً عن التكاليف المالية الأقل نسبيًا، ولذلك تحتاج الأفلام التسجيلية المصورة بكاميرا الديجيتال إلى براعة فى المونتاج، خاصة مع توفر مادة غزيرة.

وقد توفرت هذه البراعة فى «البنات دول»، ولم تتوفر بنفس القدر فى «جيران» (١٠٥ دقائق) حيث يوجد ربع ساعة زائدة على الحاجة الدرامية على الأقل، وهذه الإطالة ليست فى الشخصيات وإنما داخل التعبير عن كل شخصية. والبحث عن الوثائق التاريخية المشكلة الكبرى التى واجهت صناع الفيلم من دون شك نظرًا لعدم وجود أرشيف للوثائق السينمائية أو للوثائق السمعية والسمعية البصرية عمومًا، وقد قامت المخرجة المساعدة منى أسعد بجهد كبير فى هذا الصدد حتى إنها استعانت بمشاهد من أفلام روائية طويلة قديمة تدور أحداثها فى الحى. ومن وجهة النظر الكلاسيكية كان وجود مشهد أو حتى لقطة من تمثيلية فى فيلم تسجيلى من الخطايا التى لا تغتفر، ولكن هذا الأمر لم يعد كذلك فى عصر ما بعد الحداثة حيث التعبير بكل الصور وكل الأصوات التى تتوفر.

مشاكل فنية

ولكن المشكلة فى فيلم «جيران» عدم كتابة عناوين الأفلام روائية على الشاشة، وعدم كتابة أسماء الشخصيات إن لم يكن تعريفاً مختصراً بها، فمن الذى يعرف أن المتحدث فى بداية الفيلم هو مرسى سعد الدين أو المتحدث فى نهايته هو محمود أمين العالم، إلى آخر الشخصيات التى ظهرت فى الفيلم. إن التعريف هنا جزء لا يتجزأ من المعنى، صحيح أن بعضهم شخصيات معروفة مثل سعد الدين والعالم، ولكنها معروفة لقلة من المثقفين المصريين، ومن المفترض أن الفيلم موجه لكل من يشاهده من خارج دائرة المثقفين، ومن خارج مصر كلها، كل الأفلام لكل من يشاهدها فى كل مكان.

والمشكلة الأكبر فى الفيلم عنوانه، فمن يشاهده يدرك أن المقصود قول سفير أمريكا فى الحفل لضيوفه «أنتم جيراننا»، وبذلك يصبح الموضوع هو الحصار المفروض على السكان وأصحاب المحال حول السفارة، بينما هذه المسألة ثانوية رغم أهميتها، وموضوع الفيلم حى جاردن سيتى كله بين الماضى والحاضر، وتحولاته ودلالات هذه التحولات، وكان الأصح أن يكون العنوان «جاردن سيتى».

هناك مشهد معروف من فيلم «لعبة الست» عام ١٩٤٦ تقول فيه الشخصية التى تمثلها مارى منيب، وهى شخصية امرأة فقيرة تتطلع إلى عالم الأثرياء أنها سوف تنتقل للسكن فى جاردن سيتينج، ويتضمن «جيران» هذا المشهد فى سياقه، وكان أفضل نهاية لأنه عن تحول جاردن سيتى إلى جاردن سيتينج فى الواقع، وليس فى الخيال.

المصري اليوم في

05/05/2010

 

أفريقيا تفقد الممثل العالمى كوياتى بعد فوزه فى مهرجان برلين السينمائى

بقلم   سمير فريد

كما لم يعرض فى مصر أى فيلم من إسرائيل، لم يعرض فيها أيضاً أى فيلم من أفريقيا السوداء! وبينما يوجد بها مهرجان لدول البحر المتوسط، لا يوجد بها مهرجان لدول أفريقيا السوداء، أو حتى دول نهر النيل، أو دول البحر الأحمر. ولا يزيد عدد الكتب المؤلفة والمترجمة عن أفريقيا على واحد فى المائة مما صدر فى مصر ويصدر كل عام!

وبينما تنشغل مصر بمن يستخدمون قضية الشعب الفلسطينى لتحقيق أطماعهم والتغطية على مشاكلهم الداخلية العميقة فى إيران وتركيا وإسرائيل، يأتى ذلك على حساب السودان الذى قال عنه مصطفى النحاس يوماً للإنجليز قولته الشهيرة «تقطع يدى ولا تقطع السودان من مصر»، وعلى حساب الاهتمام بدول نهر النيل، أو شريان حياتنا، كما نطلق عليه.

لو كانت الأوضاع طبيعية لكان ممثل المسرح والسينما الأفريقى الأسود سوتيجى كوياتى معروفاً لدى الجمهور فى مصر، ولكانت وفاته فى باريس يوم ١٨ أبريل خبراً فى الصحف المصرية، وقد توفى الفنان الذى ولد عام ١٩٣٦ فى باماكو عاصمة مالى بعد أن أصبح أول ممثل من كل أفريقيا البيضاء والسوداء يفوز بجائزة أحسن ممثل فى أحد مهرجانات السينما الكبرى الثلاثة (كان وفينسيا وبرلين) عندما فاز العام الماضى فى مهرجان برلين عن دوره فى الفيلم البريطانى «نهر لندن» إخراج الفرنسى الجزائرى الأصل رشيد بوشارب.

وعندما نقول أن كوياتى ممثل أفريقى أسود نعنى حرفياً هذا التعريف لأنه أصلاً من غانا وولد فى مالى وعمل فى بوركينا فاسو، وفى العديد من الدول الأفريقية الأخرى، وعندما نقول إنه ممثل عالمى نعنى حرفياً هذا التعريف أيضاً لأنه عمل على المسرح وأمام كاميرات السينما فى باريس ولندن وغيرهما من العواصم الأوروبية رغم أنه لم يدرس فى أى مدرسة للتمثيل، وإنما كان يقول إنه تخرج فى مدرسة الحياة والشارع، وكان من الممثلين المفضلين عند بيتر بروك، سيد المسرحيين الأحياء فى العالم اليوم، ومثل معه فى «ماها باراتا» و«أنتيجون» و«العاصفة» و«هاملت» وغيرها من روائع المسرح العالمى.

بدأ كوياتى حياته لاعباً لكرة القدم، واختير مرتين للمشاركة فى منتخب مالى، ثم اتجه للتمثيل، وأسس فرقة المسرح الشعبى عام ١٩٦٦. وقد عبر وزير الثقافة فى بوركينا فاسو فيليبى ساوادوجو عن أسفه لوفاة الفنان، وقال إنها «خسارة كبيرة للسينما والمسرح فى العالم وأفريقيا وبوركينا فاسو».. كما نعاه بيتر بروك، ونعاه رشيد بوشارب الذى كان قد اختاره للتمثيل فى فيلمه «السنغال الصغيرة» ثم فى «نهر لندن» الذى توجه فى برلين.

المصري اليوم في

04/05/2010

 

الفيلم العالمى المنتظر عن دارفور الذى تحاربه الحكومة السودانية

بقلم   سمير فريد

كان من المتوقع أن يعرض مهرجان كان الـ٦٣ (١٢ ــ ٢٣ مايو) الفيلم الدنماركى «الانتقام» إخراج سوزان بير، وهى من أهم صنَّاع السينما فى بلادها والعالم اليوم، وتدور أحداثه فى دارفور، ولكنه لن يعرض فى مهرجان فرنسا الأكبر، والأرجح أن يعرض فى مهرجان فينسيا الـ٦٧ (١ ــ ١١ سبتمبر).

كانت وكالة الأنباء الألمانية قد أبرقت، حسب المنشور فى «المصرى اليوم» فى ٩ يناير الماضى، أن هناك احتمالات لتفجر أزمة جديدة بسبب فيلم دنماركى عنوانه «الانتقام» للمخرجة الدنماركية سوزان بير، يجرى تصويره حالياً، وتؤكد الحكومة السودانية أنه مناهض للمسلمين، وقد أعلن وزير الخارجية الدنماركى بير ستيج موللر، منذ يومين، أن بلاده ليس لديها أى خطط للمناقشة حول هذا الموضوع، أو التدخل فى مضمون الفيلم.

وهكذا تأتى من الدنمارك فنانة كبيرة مهمومة بشؤون العالم فى كل أفلامها لتصنع فيلماً عن دارفور، بينما يكتفى المخرجون العرب والأفارقة بـ«الفرجة» على الأحداث «المصيرية» بحق، وتكتفى الحكومة السودانية باستخدام ذلك التعبير «مناهض للمسلمين»، باعتبار أنها تمثل الإسلام، وكل من يعارضها يناهض كل المسلمين!

ومن الأفلام التى كان من المتوقع عرضها فى مهرجان كان، ولن تعرض، وأصبح من المنتظر عرضها فى مهرجان فينسيا أيضاً، الأفلام الأمريكية «البجعة السوداء» إخراج دارين أرنوفسكى، و«العاصفة» عن مسرحية «شكسبير» إخراج جولى تايمور، و«فى مكان ما» إخراج صوفيا كوبولا، والأفلام الفرنسية «فينوس السوداء» إخراج تونسى الأصل عبداللطيف قشيش، الذى أصبح من أعلام السينما الفرنسية، مثل جزائرى الأصل رشيد بوشارب، و«صوت الجليد» إخراج برتراند بلير و«إعادة النظر فى الغجر» إخراج بارتا باس، و«الشجرة» إخراج جولى بيرتو شيللى.

ومن اليابان هناك الفيلم الجديد للمخرج الفيتنامى تران آن هونج «الغابة النرويجية»، ومن أوروبا الفيلم الإيطالى «عائلة سعيدة» إخراج جابريللى سالفا توريس، والألمانى «ثلاثة» إخراج توم تويكر، والنرويجى «بيت لعيد الميلاد» إخراج بينت هامر، والمجرى «حصان توريت» إخراج بيللا تار، والبريطانى «الكلمة الأخيرة» إخراج دافيد ماكينزى.

المصري اليوم في

03/05/2010

 

الفيلم العالمى المنتظر عن فلسطين من مهرجان «كان» إلى مهرجان «فينسيا»

بقلم   سمير فريد

مهرجانات السينما الكبرى فى العالم ثلاثة كل سنة: «برلين» فى فبراير، و«كان» فى مايو، و«فينسيا» فى سبتمبر، وما إن يعلن برنامج برلين حتى تتطلع الأنظار إلى برنامج كان لعرض الأفلام الجديدة المنتظرة، وما إن يعلن برنامج كان حتى تتحول الأنظار إلى برنامج فينسيا لعرض ما لم يعرض فى برلين ولا كان.

ظهر الجمعة قبل الماضى اكتمل برنامج كان الـ٦٣ (١٢-٢٣ مايو) وربما لأول مرة فى تاريخ المهرجان الأكبر يعرض فى مسابقة الأفلام الطويلة ١٨ فيلماً فقط، والمعتاد ٢٠ أو نحوها، والسبب «الرسمى» المعلن لعدم عرض هذا الفيلم أو ذاك من الأفلام المنتظرة أنه لم يتم فى التوقيت المناسب، ولكن قد يكون هناك سبب آخر، أو أسباب أخرى غير معلنة رسمياً.

ومن أهم الأفلام التى كان من المتوقع عرضها فى «كان» هذا العام الفيلم الأمريكى «شجرة المعرفة» إخراج تيرانس ماليك، والفيلم الفرنسى «ميرال» إخراج جوليان شنابل، وإذا كان من المعروف عن ماليك أن أحداً لا يستطيع أن يحدد متى ينتهى من المونتاج فى سعيه الدائم إلى الكمال الشكلى، فقد تردد بقوة أن عدم عرض «ميرال» يرجع إلى أنه اختير للعرض خارج المسابقة، بينما يريده شنابل داخل المسابقة، ولذلك فضل العرض فى مسابقة «فينسيا» على العرض خارج مسابقة «كان».

جوليان شنابل فنان تشكيلى أمريكى أخرج أربعة أفلام فقط منذ عام ١٩٩٦، وجاء فيلمه الثالث «جرس الغوص والفراشة» عام ٢٠٠٧ من تحف فن السينما، وفاز بجائزة أحسن إخراج فى مهرجان «كان» ذلك العام، وفيلمه الرابع «ميرال» أهم الأفلام العالمية عن قضية فلسطين منذ «هاناك» إخراج كوستا جافراس عام ١٩٨٢، وتدور أحداثه فى فلسطين من ١٩٤٨ بعد تقسيم فلسطين وإنشاء إسرائيل إلى عام ١٩٩٤ عن كتاب مذيعة التليفزيون الإيطالية الفلسطينية رولا جابريل الذى يدور حول حياة هند الحسينى مؤسسة دار الطفل للأيتام فى القدس قبل التقسيم، وتقوم بدورها الممثلة الفلسطينية هيام عباس.

صرح شنابل عشية بدء تصوير الفيلم فى إسرائيل وأراضى السلطة الوطنية الفلسطينية فى ١٩ أبريل ٢٠٠٩ «إننى أسير على خيط رفيع لصنع هذا الفيلم، إنها اللحظة المناسبة، لقد كان ما حدث أخيراً مفزعاً» فى إشارة إلى حرب غزة فى يناير ٢٠٠٩، وتشترك فى تمثيل الفيلم فريدة بينتو نجمة فيلم «مليونير العشوائيات» الذى أخرجه دانى بويل، ويشترك فى تمثيله أيضاً النجم الأمريكى المعروف وليم دافو.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

02/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)