حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

انسحاب «المسافر».. و«أولاد العم» و«الفرح» يحصدان جوائز «القومى للسينما»

كتب   محمد طه

اختتمت الدورة الـ١٦ للمهرجان القومى للسينما فعالياتها، أمس، بحضور فاروق حسنى وزير الثقافة وعلى أبوشادى رئيس المهرجان، ومنحت إدارة المهرجان شهادة تقدير للفنانة نيلى كريم عن دورها فى فيلم «واحد صفر»

وجائزة لجنة التحكيم وقدرها ١٠ آلاف جنيه للمخرج شريف عرفة، عن فيلم «أولاد العم» وجائزة الموسيقى وقدرها ١٠ آلاف جنيه للفنان عمر خيرت، عن الموسيقى التصويرية لنفس الفيلم وجائزة المونتير وقيمتها ١٠ آلاف جنيه للفنانة داليا الناصر، عن الفيلم نفسه وجائزة الديكور وقدرها ١٠ آلاف جنيه، للفنان إسلام يوسف عن دوره فى فيلم «الفرح»

وجائزة التمثيل دور ثان نساء وقدرها ١٠ آلاف جنيه للفنانة سوسن بدر عن دورها فى الفيلم وجائزة التمثيل نساء وقدرها ١٥ ألف جنيه للفنانة دنيا سمير غانم، عن فيلمى «طير إنت» و«الفرح» ومنحت إدارة المهرجان جائزة التمثيل دور ثان رجال للفنان عمرو واكد عن فيلم «إبراهيم الأبيض»

وجائزة التمثيل رجال للفنان خالد الصاوى عن فيلم «الفرح» وجائزة التصوير وقدرها ١٥ ألف جنيه للمصور الدكتور رمسيس مرزوق عن فيلم «عصافير النيل» وجائزة السيناريو وقدرها ١٥ ألف جنيه للسيناريست ماريم ناعوم عن فيلم «واحد صفر» جائرة الإخراج عمل أول للمخرج محمود كامل عن فيلم «أدرينالين»

وجائزة الإخراج وقدرها ٢٥ ألف جنيه للمخرجة كاملة أبوذكرى عن فيلم «واحد صفر» وجائرة ثالثة للإنتاج وقدرها ٧٥ ألف جنيه لفيلم «الفرح» وتسلمها المنتج أحمد السبكى، وجائزة ثانية للإنتاج وقدرها ١٠٠ ألف جنيه، لفيلم «أولاد العم»، وجائزة أولى للإنتاج وقدرها ١٥٠ ألف جنيه لفيلم «واحد صفر» إنتاج الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامى «جهاز السينما»، فيما أعلنت إدارة المهرجان انسحاب فيلم «المسافر» فى اللحظات الأخيرة قبيل إعلان الجوائز.

ومنحت إدارة المهرجان ٣ أفلام من بين ٢٨ فيلم «تحريك» جوائز وكانت جائزة أفضل فيلم قدرها ١٢ ألف جنيه للمخرج مصطفى عبدالمنعم عن فيلم «آخر رنة» وجائزة لجنة التحكيم وقدرها ٨ آلاف جنيه عن فيلم «الجمل» للمخرج خالد عبدالعليم، كما منحت الفيلم الروائى القصير «أقل من ساعة» جائزة أفضل فيلم وقدرها ١٢ ألف جنيه للمخرج محمد ممدوح ومن بين الأفلام التسجيلية التى فازت فيلم «جيران» للمخرجة تهانى راشد وقدرها ١٢ ألف جنيه، والجائزة الثانية كانت من نصيب فيلم «شارلى جالى» للمخرج إسلام كمال وقدرها ٨ آلاف جنيه.

المصري اليوم في

01/05/2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

المهرجان القومي للسينما

 

بمجرد عودتي من الخارج اتصل بي المخرج عمرو بيومي ليدعوني لمشاهدة فيلمه التسجيلي «كلام في الجنس» المعروض ضمن فعاليات المهرجان القومي للسينما ثم قال لي بشبه حرج: «هو الميعاد وحش بكره الساعة عشرة صباحا في مسرح الجمهورية»! لم أفهم معني أن يعرض الفيلم التسجيلي في مسرح الجمهورية ثم لماذا العاشرة صباحا حيث إننا اعتدنا أن العروض القصيرة والتسجيلية تعرض في المسرح الصغير بالأوبرا وفي مواعيد مناسبة وليست العاشرة صباحا!المهم أنه بسبب هذا الموعد- الغريب- لم اتمكن من الذهاب لمشاهدة الفيلم وعندما طالعت جدول العروض اكتشفت هذا التغير الكبير في شخصية العروض فبالفعل عروض التسجيلي والتحريك والقصير تعرض في العاشرة صباحا في الجمهورية ثم تبدأ من الثانية ظهرا عروض الأفلام الطويلة وشعرت بضيق شديد وإن ثمة مؤامرة علي السينما القصيرة والتسجيلية أو تجاهل متعمد لقيمة هذه العروض الذي نتظرها من السنة للسنة لمشاهدة كل إنتاج السينما المصرية منها وهي الأفلام التي لا تعرض تجاريا أو تليفزيونيا أو حتي في السوبر جيت!وكان من نصيبي أن أقوم بإدارة ندوة عن مجموعة أفلام المركز القومي للسينما - وهي المجموعة نفسها التي كان من المفترض أن تشارك في المهرجان العام الماضي- وذهبت لكي ألمس بنفسي مدي تأثير موعد العروض ومكانه علي نسبة الحضور وما حسبته لقيته ففي مقابل امتلاء المسرح الصغير في السنوات السابقة التي كانت الأفلام تعرض فيها الساعة الرابعة ظهرا وأحيانا الخامسة لم يكن هناك ما يزيد علي 15 فرداً في الجمهورية والذين أغلبهم صناع الأفلام أنفسهم أو أقاربهم.وبسؤال بعض المواظبين اكتشفت أن هذا هو الحال كل يوم فالميعاد ميت بالبلدي فلا طلبة ولا موظفين من المهتمين أو شبه المهتمين يمكن أن يحضروا.. حتي الصحفيين يتكاسلون ويفضلون العروض المسائية للأفلام الطويلة رغم أنها لأفلام عرضت طوال العام الماضي وليست فيها جديد وعندما بدأت الندوة لم يكن قد تبقي أكثر من عشرة أفراد متفرقين في الصالة وتذكرت مشهد المسرح الصغير في العام الماضي وأنا أدير ندوة بها أكثر من 100 شخص جاءوا لمشاهدة التجارب القصيرة والتسجيلية ومناقشة صناعها وسألت لماذا لم تقام العروض في المسرح الصغير مثل الأعوام السابقة فقالوا إن المسرح الصغير به إصلاحات قلت وأين مركز الإبداع قالوا :فيه عروض !فقلت أي عروض وفي أي مواعيد؟ألم تجد إدارة المهرجان ميعاد أسوأ من هذا؟ وألا تستطع أن تدبر مكان عرض مناسب في وقت مناسب لأسبوع واحد فقط؟ ثم لماذا لم يتم عرض الأفلام الطويلة صباحا؟ ثم تصبح فترة الظهيرة للأفلام القصيرة والتسجيلية ثم تستكمل الفترة المسائية بالأفلام الطويلة فيصبح هناك سبب وجيه لجذب الجمهور من خلال «حشر» العروض (غير الجماهيرية) وسط العروض (الجماهيرية) فقال البعض إن نجوم الأفلام سوف يرفضون أن يحضروا حفلات صباحية..كدت أن أقول لهم بصراحة"طز"لكنني أمسكت نفسي..و«هؤلاء» الذين يجيبون هم من تطوعوا بالإجابة عن أسئلتي..بعضهم من إدارة المهرجان وبعضهم من الجمهور الذي تساءل في البداية مثلي ثم رضي بالأمر الواقع وجاء حبا في مشاهدة الأنواع السينمائية اليتيمة التي لا تجد نجوما يجبرون إدارة المهرجان علي عرضها في أوقات مناسبة.

الدستور المصرية في

30/04/2010

 

أبطال «عصافير النيل».. تظنهم أحياء من التنفس!

دعاء سلطان

عندما أكل البطل تفاحا بطعم ورائحة الجاز.. سالت دموعي، وعندما طلبت «نرجس» من زوجها أن ينير لها تربتها بكيت أيضا، وبكيت للمرة الثالثة عندما ماتت «نرجس» في غرفة مظلمة.. لا أتذكر آخر فيلم بكيت فيه، وأنا أشاهده، لكني أعتقد أنه كان منذ سنوات.

تبدأ أحداث «عصافير النيل» في ممر مظلم لمستشفي فقير وقبيح.. يلتقي فيه البطلان عبد الرحيم «فتحي عبد الوهاب» وبسيمة «عبير صبري» بالصدفة.. لقاء بسيطا ومفرحا.. لم يفسده سوي مرض البطلين ومكان اللقاء.. يسترجعان معا ماضيهما الذي مر عليه أكثر من عشرين عاما، ويرجع بنا الفيلم إلي الوراء في فلاش باك طويل، مستعرضا أبطاله علي صوت الراوي «حلمي فودة» الذي أزعجني أسلوبه في الحكي، ولم أستطع الانسجام معه علي الإطلاق، وأجد أنه أفسد علي المشاهدة خلال اللحظات التي يروي فيها.

كان الفيلم يتنقل بنا بين الأزمنة.. يرجع إلي الماضي ثم يعود إلي الحاضر، ثم الماضي ثانية وهكذا.. شعرت من خلال هذا التنقل بين الأزمنة برغبة طفولية محببة لدي المخرج في اللعب بالزمن الذي لا يبشرنا بنهايات سعيدة، ويعاقبنا بمستقبل مشوه الملامح ومغرق في الارتباك والغموض، ورغم كل ذلك لم يكن الفيلم نفسه كئيبا، بل شجيا، ولم يكن أبدا محبطا، بل محزنا، وإجمالا كان شفافا موجعا وحنونا.

يذهب عبد الرحيم لاصطياد سمك من النيل، فلا يصطاد سوي عصفور مسكين ظل يرفرف علي السنارة، ولم نعرف مصيره فيما بعد، تماما كأبطال الفيلم.. عصافير يتم اصطيادها، بينما لا تصطاد شيئا.. فالبطل الذي فشل في اصطياد السمك، فشل في حياته كلها في تحقيق أي شيء.. هو أصلا لم يكن يحلم بشيء.. شاب ريفي.. بلا طموح وبلا مميزات وبلا هدف، سوي أن يعمل كساعي بريد.. لا يملك شيئا واضحا سوي فحولة جنسية.. الجنس متعته الوحيدة، والشيء الوحيد القادر علي ممارسته، حتي لو كان في أسانسير المصلحة التي يعمل فيها.. لا يتردد في خسارة مستقبله الوظيفي من أجل شهوة ممارسة الجنس العابث.. والحقيقة أنه لم يخسر شيئًَا، فلا الوظيفة مهمة ولا هو شخصيا مهم.

وفي مقابل عبثية شخصية عبد الرحيم وعدم مسئوليتها، يتألق نبل وطيبة وإخلاص شخصية البهي التي جسدها الرائع محمود الجندي كأجمل ما يكون، والتي أعتبرها من أجمل الشخصيات الدرامية التي ظهرت علي شاشة السينما خلال السنوات العشر الأخيرة.

والبهي موظف في البريد يخرج علي المعاش في سن الستين، ولكنه لا يمل من إرسال شكاوي لكل الكبار إلي أن يصل إلي رئيس الجمهورية، فقط لأنه يجد أنه يستحق أن يمد فترة عمله إلي سن الخامسة والستين ، ليزيد من معاشه، وطبعا لا حياة لمن تشتكي!

شخصية البهي غنية بالتفاصيل المبهرة، فهو رجل يعول أسرة مكونة من زوجته نرجس «دلال عبد العزيز» شقيقة عبدالرحيم وأب لثلاثة أبناء.. درس في مدرسة أجنبية، ونفاجأ بذلك خلال الأحداث عندما وجدناه يؤدي مشهدا من «هاملت» لشكسبير باللغة الإنجليزية، وتأتي براعة المخرج هنا في وضع كلمات شكسبير التي يؤديها البهي علي مشاهد لعبد الرحيم وزوجته، وهما يمارسان الجنس بشره واضح، وكأن المخرج يرغب في أن يؤكد لنا الفارق بين البهي وعبد الرحيم دون ضجيج، وإن طال المشهد بعض الشيء، وتظهر أثناء ذلك في خلفية المشاهد المتلاحقة مشهد من فيلم «شباب امرأة» يذيعه التليفزيون في تحية للمخرج الكبير صلاح أبو سيف.

خلال الأحداث التي يمر فيها الزمن متنقلا بخفة بين الحاضر والماضي والعكس، نشاهد نحن ونستمتع بتفاصيل ومشاهد عديدة.. مشاهد شديدة العذوبة، ولقطات ذكية ومواقف كوميدية وقفشات مضحكة راقية، وحوار سلس، وتنقل خفيف رغم حدته بين الأزمنة والمشاهد والمواقف.. وشخصيات ثرية يأتي الفضل الأول فيها إلي الرواية البديعة للأديب الأروع إبراهيم أصلان، ثم إلي براعة وأمانة وتدفق المخرج وكاتب سيناريو الفيلم مجدي أحمد علي في نقل الرواية وتحويلها إلي فيلم، ثم إلي الممثلين والفنيين الذين كانوا في أحسن وأجمل حالاتهم.

ينقطع النور باستمرار في منطقة شارع فضل الله عثمان بإمبابة والتي يسكن فيها أبطال الفيلم.. تخاف نرجس من الظلام بشدة، ويطمئنها وجود البهي إلي جوارها.. يشعل لها «وابور الجاز» «ولمبة جاز»، وتطلب منه بطفولة وصدق ملموس في صوتها، وتترجاه أن يستأجر لمبة لينير لها تربتها بعد وفاتها، ولو لأسبوع واحد، فيرد عليها بواقعية وصدق في مجاراتها، ويؤكد لها أن ذلك سيكون مكلفا جدا.. يا الله.. كيف يتحدث هؤلاء البشر عن الموت بهذه الجرأة المطلقة، كيف لم يرد عليها الزوج بكلمة «بعد الشر عليكي».. هل لأنهم يعرفون جيدا أن حياتهم لا تعني سوي الموت، وأن الموت الفعلي لا يعني سوي أن أجسادهم فقط ستتحلل مع التراب؟! هل حياتهم ما هي إلا موت يجاهدون خلاله لأن يصلوا إلي التربة، ويحاولون فقط أن ينيروها لمدة أسبوع واحد فقط؟ لماذا تخاف نرجس من الظلام بعد الموت إذا كانت أصلا تعيش فيه وهي حية؟ أي حياة هذه التي تساوي الموت، وتفسر لنا كيف يعيش الأموات؟ لماذا إذن يعيشون بكل هذه الرغبة في البقاء، ولماذا يحاولون أصلا أن يمدوا فترة الموت أو يمدوا بقاءهم في وظيفة لا تعني لهم شيئا؟! لا إجابة أيضا سوي أنه الأمل غير المبرر بماض قوي يستندون إليه مثلا، وغير مبرر في ظل حاضر مؤلم ومستقبل غائم.. عبد الرحيم نفسه ظنت زوجته أنه مات وصرخت، ثم فاجأها بأنه مازال حيا لا يرزق! فلماذا يتمسك بالحياة بهذا الشكل؟!

عندما ماتت نرجس وحاول ابنها عبدالله أن يوقد لمبة غرفتها قبل دفنها، عاندته اللمبة ولم توقد.. حتي بعد أن ماتت تضن عليها الحياة ببعض من ضوء لن ينفعها في شيء، ولكنها عادة الحياة في البخل مع البسطاء من البشر، فعندما تأتي فرصة أن يأكل أبطال الفيلم التفاح صدفة، يجدون رائحته «جاز»، ليضحكوا جميعا عندما يقول عبد الرحيم: «أنا كنت فاكر التفاح طعمه كده».. فابدأ ليس هذا هو طعم التفاح، ولا صلة لحياتهم هذه بالحياة من قريب أو من بعيد.

وفي أكثر من مشهد كاشف يقدم لنا الفيلم قسوة وحنان أبطاله، ففي مشهد يصلي فيه البهي وعبدالرحيم في المسجد، تقع من جيب أحد المصلين قطعة نقود معدنية.. يضعها جارهم في جيبه أثناء سجوده، بينما يضحك البهي وعبد الرحيم بطفولة، ومع دوران الزمن عشرين لفة، نشاهد نفس الجار، وهو يتعرض للتنكيل والضرب بالجنازير من قبل جماعة إسلامية متطرفة، لأنه لم يستيقظ لصلاة الفجر.. هكذا كانوا رائعين في تجاوزهم عن أخطاء صغيرة يرتكبها بعضهم، وهكذا صاروا عنفاء في أخطاء صغيرة يرتكبها بعضهم، وهكذا سيصبحون عابثين في المستقبل غير السعيد الذي ينتظرهم، وسيلعب بأحلامهم، تماما مثل الطفلة التي كانت تفرغ إطار سيارة الجار دون مبرر سوي اللعب والعبث المطلق.. مستقبل يعدهم بأنهم سيكونون مطاردين مثل عبدالله من تهمة ممارسة السياسة.. أي سياسة، فلم يحدد الفيلم طبيعة انتماء عبدالله السياسي.. يهرب هو من واقعه ويطارد أحلامه بواقع بديل، ويطاردونه هم لأنه يحلم.. إنه المستقبل الذي يبدأ بامرأة عجوز تائهة، تبحث عن حقها في أرض ضاعت منها في الماضي بشكل مبهم ومدهش في عبثيته.

مفتاح هذا الفيلم يكمن في الإجابة عن هذا السؤال: هل من سبب محدد لوجود مثل هؤلاء البشر؟! وإذا كان وجود أبطال الفيلم علي هامش الحياة.. يصارعونها بقوة، فقط من أجل البقاء أحياء إن كانوا أحياء أصلا، وتصارعهم هي بشراسة رغم أنهم لا يؤثرون فيها، فهل من مبرر لقسوتنا نحن علي أنفسنا وعلي بعضنا البعض وعلي أبطال الفيلم؟ وأجمل ما في الإجابات أن الفيلم لا يحول الفقراء البسطاء المطحونين إلي أبطال متفائلين راضين ذلك الرضا الزائف، وسعداء بفقرهم، فالفقر لا يسعد ويرضي سوي البلهاء.

دخل الممثلون هذا الفيلم وفي داخل كل منهم رغبة في تقديم أفضل ما لديه.. لم يبخلوا علينا بشيء.. كان فتحي عبد الوهاب مبدعا بحق.. تخلي عن تشنجه وأدي من أروق المناطق داخله.. امتلك خيوط الشخصية وفهمها، وكان واعيا لكل مساحاتها، حتي جزأها الكوميدي أداه بخفة ظل مدهشة، خصوصا في مشهد تمثيله لموته، ثم في مشهد أكله للتفاح.. اختيار فتحي عبد الوهاب للدور أكثر من موفق، وتألقت دلال عبد العزيز، وفاجأتنا بأدائها لدور صعب وجريء أعتقد أن أي ممثلة من جيلها كانت سترفضه، والحقيقة أنني أشعر أن دلال عبد العزيز قررت في الفترة الأخيرة بشكل عام أن تستمتع بالتمثيل أيا كان الدور الذي تقدمه، وتلك أولي علامات النضج والوعي الفني والإنساني، وقدم محمود الجندي أداء مبهرا ومتمكنا، وقدمت عبير صبري أفضل ما لديها، رغم أن الشخصية كانت كثيرا ما تغلبها وتتفوق علي بعض من ضعف الأداء لديها، وجسد أحمد مجدي دور عبدالله بما يبشر بوجه سينمائي مستقبله مضمون النجاح والتألق.. وبشكل عام كانت كل عناصر الفيلم الأخري من تصوير لرمسيس مرزوق وموسيقي لراجح داود ومونتاج لأحمد داود وديكور لخالد أمين مناسبة تماما وتليق جدا بفيلم مهم ومدهش في كل عناصره وعلي رأسها السيناريو والإخراج.

تخرج من الفيلم وأنت غارق في تأمل حال أبطاله.. مشفقا عليهم وعلي نفسك من حياتهم البائسة ووجودهم العبثي.. لاعنا الحياة التي ظلمتهم وهمشتهم، وبالطبع لاعنا من أضاف إلي قسوة الحياة.. فجاجة المرض، وذل السؤال، وكبت الأحلام والرغبات.. كل الرغبات.

رغم المآسي الإنسانية التي يحملها الفيلم، فإنني تعاملت معه علي أنه فيلم كوميدي، فقد ضحكت خلال أحداثه ضحكا رائقا صافيا يشبه صفاء وروقان وجمال الفيلم الذي أشاهده.. فيلم كوميدي يحمل لمحات إنسانية عميقة وعذبة وقاسية ومؤلمة.. تحمل علي التأمل والتفكير المرهق في الحياة كلها.. حياتنا ووجودنا.. ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا.. من ذلك الذي قال إن السينما تجمل الواقع؟! فالحقيقة أنها لا تجمل سوي نفوسنا نحن ببعض من دهشتها وصدقها.

الدستور المصرية في

30/04/2010

 

«The Bounty Hunter»

كيف تتعلم صناعة فيلم كوميدي رومانسي فاشل بدون معلم؟

إيهاب التركي 

تتميز الكوميديا الرومانسية بأنها أفضل أنواع الكوميديا وأنجحها في الوصول إلي عدد كبير ومتنوع من المشاهدين، وعلاقة الحبيبين أو الزوجين علي شاشة السينما من أشهر تيمات الفيلم الكوميدي علي الإطلاق.. يقدم فيلم «The Bounty Hunter» من إخراج «أندي تاننت» وسيناريو «سارة ثورب» نموذجًا لمواصفات الفيلم الكوميدي الرومانسي الفاشل.. إنه نموذج الفيلم الذي اختار كل المواصفات الخاطئة وأصر عليها بحمق شديد، وأولي هذه المواصفات أن الفكرة الكوميدية الجذابة وحدها لا تصنع فيلماً كوميدياً ناجحاً، والأمر الثاني أن منح بطولة الفيلم لنجمين محبوبين لن يدفع المشاهد للتغاضي عن كل العبث الذي قدمه السيناريو وأفسد به قصة الفيلم الظريفة بالفعل، والأمر الثالث أن مشاهد الفيلم الكوميدي من الممكن أن يتسامح مع فيلم ذي قصة ضعيفة بلا منطق وبلا تماسك درامي أو أي كلام فني مما يقوله النقاد، بشرط أن يضحك ويتسلي، وإذا تنازل المتفرج عن الشروط الفنية ولم يجد أي شيء مما يبحث عنه، فإنه من المؤكد سيشعر بالخديعة، لأنه اشتري بضاعة مغشوشة بلا مضمون عميق أو شكل جميل، ويستخدم فيلم «The Bounty Hunter» أو «صائد الجوائز» تيمة كوميدية معروفة في الأفلام الكوميدية الرومانسية وهي لقاء يحدث بين زوجين بعد انفصالهما بفترة، البطلة نيكول «جينيفر أنيستون» صحفية طموحة مهووسة بعملها بصورة تجعلها تضعه فوق كل شيء حتي زواجها، والبطل أو الزوج السابق هو مايلو بويد «جيرارد باتلر» الذي ترك الشرطة بسبب كثرة مشاكله وعمل كصائد للجوائز وهي مهنة يسخر منها رجال الشرطة عادة، وهذا العمل يقوم صاحبه بمطاردة الهاربين من المحاكمات علي ذمة قضايا أطلق سراحهم فيها بكفالة، وهو عمل يستخدم فيه مايلو موهبته كشرطي للحصول علي مكافأة القبض علي الهاربين، ويأتي له القدر بمهمة هو علي استعداد لإنجازها مجاناً لمجرد التشفي والانتقام، وهي القبض علي زوجته السابقة التي تخلفت عن حضور محاكمتها عن مخالفة مرورية بسبب سعيها لسبق صحفي، وإلي هنا الفكرة كوميدية وبسيطة وجذابة رغم أن نهايتها متوقعة ومعروفة سلفاً.. المطاردات بينهما والهروب المتكرر يصنع في البداية حالة من الكوميديا لا تلبث أن يخفت وهجها علي الشاشة، حيث يستنفذ كل من «جيرارد باتلر» و«جينيفر أنيستون» كل سحرهما السينمائي في مشاهد الرجل والمرأة اللذين لا يطيقان أحدهما الآخر، وتصبح الحاجة ملحة لخط درامي إضافي لاستمرار الأحداث ولحشوها وإطالة فترة المطاردة، وهنا يقدم السيناريو الحل علي هيئة جريمة تحقق فيها الصحفية وتصلها معلومات عن تورط شرطي في قضية مخدرات، وتصبح هي مطاردة من جهتين، زوجها الذي يرغب فقط في الانتقام منها وإهانتها، وعصابة تحاول قتلها.

من الغريب تماماً أن «جينيفر أنيستون» صاحبة النجاح الطاغي في مسلسل «الأصدقاء» الشهير لم تنجح في أعمالها الكوميدية التي تلت هذا العمل، بل هي علي الرغم من وجودها في أعمال سينمائية كل عام لا تنجح في أن تضيف جديد لمسيرتها الفنية إلا الفشل المتتالي. كاريزما «جيرارد باتلر» وخفة ظله تجعله من النجوم الذين ينجحون في الكوميديا مثل الأكشن والمغامرات، لكنه في هذا الفيلم يبدو سطحياً في أدائه عاجزاً عن الإضحاك.

الدستور المصرية في

30/04/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)