حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فى فيلم تسجيلى لتهانى راشد إنتاج استوديو مصر

محاكمة الإمبريالية الأمريكية فى "جيران"

صفاء الليثى

تشغل فكرة الحنين لما قبل ثورة 23 يوليو الأذهان فى مصر منذ فترة، ولكننا فى "جيران" لا نشعر أن الحنين هو دافع المخرجة فقط، بل يبدو واضحا أن ما جذبها لتناول الفكرة هذا السياج الأمنى حول السفارة الأمريكية، والأبنية العالية وعلى رأسها مبنى السفارة نفسه، أو المبنى القبيح للسفارة الكندية. 

أجمل ما فى فيلم "جيران" للمخرجة تهانى راشد المصرية المقيمة فى كندا أنه لا توجد رؤية مسبقة عن التحولات الاجتماعية التى شهدها حى "جاردن سيتي" بقلب القاهرة لدى المخرجة، بل هو بحث حقيقى تتبعت فيه أصحاب المساكن من فيلات وشقق ومحال أعمال متنوعة. يرصد البحث المصور ما حدث للحى ومن ثم لمصر مع قيام الثورة حتى الآن، لينتهى إلى ما آل إليه كثكنة عسكرية للأمريكان وسفارتهم المحوطة بسياج أمنى من كتل الحديد، بينما مساكن جاردن سيتى لا يخلو منها إفريز السلم من الحديد المشغول.  

على مدى 140 ق مربوطة جيدا فى بناء مشدود، تركت تهانى الشخصيات التى قابلتها لحديث مفتوح عن ذكرياتهم فى الحي، شرق الفيلم وغربه بمعنى أنه لم يتتبع مسارا محددا لا للمكان ولا للزمان وأحيانا كانت تترك فكرة معلقة كقوس مفتوح تعود لاستكماله فى مرحلة ما من الفيلم، فعلى سبيل المثال يتحدث السفير الأمريكى عن فكرته لتجميل الحي، تمر شخصيات ومقابلات ثم نسمع من الجابرى صاحب بازار" قالنا السفير حنجمل الحى هو ده التجميل بتاعهم"، ويشير إلى السور الحديدى القبيح وقصارى الزرع الضخمة من الحديد الفولاذ - على الأرجح الذى تصنع منه الدبابات. 

يرد اسم عبد الناصر على لسان أغلب من التقتهم، سواء الابنة الثرية لحسين رشاد أحد رجالات ما قبل الثورة، صاحبة البيت العامر بصور الوالدة الجميلة وهى مع الملك فاروق وغيرها من علامات على زمن، تذكر اسمه بلا ضغينة "الرئيس عبد الناصر.." رغم مصادرة الثورة لقصرها، ويذكره ساكن سطح العمارة العجوز من صعيد مصر الذى ربا أبناء تعلموا فى مجانية عبد الناصر ومنهم المحامي...الخ، فى معرض حديثه بالفيلم يذكر محمود أمين العالم " بحب عبد الناصر رغم أنه سجننى " يقولها مع ضحكة صافية، متسامحة وهو نفس التسامح والتفهم الذى تبديه ابنة المانسترلى وهى تتحدث عما قام به عبد الناصر وثورة يوليه التى أحدثت تغييرا ملموسا، ثم يظهر د. علاء الأسوانى بالبلطو الأخضر لأطباء الأسنان، يذكر عبد الناصر بإنجازه فى المساواة بين الطبقات.  

فيلم "جيران" يمثل التعاون الثانى بين تهانى راشد والمنتج كريم جمال الدين بعد فيلم "البنات دول" عن بنات الشوارع، قامت منى أسعد فى "جيران" بدور مشارك فى الفيلم كباحثة ومنتجة فنية ومخرجة منفذة، والعمل الهام شكلا وموضوعا تعود فيه المخرجة تهانى راشد لسابق تألقها الذى ظهر فى عملها المهم "أربع نساء من مصر" الذى رصدت فيه أيضا التحولات التى مرت بها مصر خلال تتبع ما حدث لأربع نساء مصريات من توجهات مختلفة، د.أمينة رشيد ابنة الباشوات التى ارتبطت بالدكتور سيد البحراوى ابن الفلاحين المصريين، شاهندة مقلد ودورها فى الحركة الوطنية المصرية، وصافيناز كاظم وتحولها من اليسار الشيوعى إلى الفكر الإسلامي، وحجابها وابنتها الذى كان ظاهرة لافتة وقتها. فى جيران مشهد للفتيات بحجابهن مختلف الألوان، تمارسن حرية الاختلاط متجمعات فى جاردن سيتى الذى كان أرقى أحياء القاهرة بنسيج سكانه من صفوة المجتمع ورجال الجاليات الأجنبية، وأهمها السفارة الإنجليزية ومعها الآن السفارة الأمريكية.  

لم تكن الصفوة المصرية حاضرة فقط فى الفيلم بل فى العرض الأول للفيلم بقاعة فى حى المنيل القريب من جاردن سيتى والذى كان سكانه يتعاملون مع الحى الراقى كأن يذهبون للمدرسة بها كما هو الحال مع الفنان التشكيلى عادل السيوى أحد من التقتهم تهانى راشد فى الفيلم، وكانت تعليقاته الطريفة والصادقة مثار إعجاب المشاهدين، وطرافة حديثه وصدقه كانت سمة للكثيرين ممن ظهروا فى الفيلم....، كلمات لا تنساها بعد المشاهدة مثل " العصافير بطلت تصوصو"، ومن يسمى الحى " قلعة الملل البرجوازى ". 

استضافت المخرجة بدرية بائعة خضروات، وربيع جودة بواب، وحسن عبد الحميد بائع فاكهة، وأحمد فريد صاحب محل ساندوتشات، وسعد على شلو مزارع وخفير، وإبراهيم عبد الفتاح سايس، وعائلة بركة ساكنى سطوح، وهشام وهانى الجابرى صاحبى بازار، هؤلاء الحرفيون جيران للمثقفين من الطبقة الوسطى المصرية، محمود أمين العالم الكاتب والمفكر، علاء الأسوانى طبيب أسنان وكاتب، عادل السيوى فنان تشكيلى درس بمدرسة الإبراهيمية فى الحي، وفية خيرى كاتبة، أحمد بندارى باحث، وأطرفهم عصام عبد الفتاح لواء شرطة سابق يتحدث فى الفيلم بالفرنسية ثم يكشف لنا سر ذلك. هؤلاء من النخبة المثقفة جيران لعلية رشاد، وراوية المانسترلي، وسليم صيدناوي، نادية العجة، وإيرين رستم.. قدمتهم المخرجة تقريبا بنفس الأسلوب يصعدون سلالم القصر أو الشقة الفخيمة ويحكون عن ذكرياتهم. وأخيرا السفير الأمريكي، والسفير البريطانى وبعض من العاملين بالسفارتين.  

"جيران" وثيقة مهمة عن مصر وناسها، ودون قصد تدين الساسة ورجال المال الذين أفسدوا ويفسدون جمال الحياة فى حى اشتهر بأشجار حدائقه، التى حولتها الامبرالية الأمريكية إلى حدائق من فولاذ.  

العربي المصرية في

18/04/2010

 

يدافع عن التطبيع السينمائي.. ويتهم معارضيه بـ«الفاشية»

إدعاءات السيد سمير فريد

محمد الروبي 

بعد صمته طوال أحداث الأزمة التى تسبب فيها المركز الفرنسى للثقافة والتعاون، وبعد أن انتهت الأزمة بانتصار الإرادة الشعبية وإجبار المركز على تقليص عدد أيام المهرجان إلى يومين وبعرض أفلام فرنسية إلى جانب أخرى رومانية بدلا من سبعة أيام حافلة بأفلام مصرية، خرج علينا السيد سمير فريد بكتابات متتالية فى عموده "صوت وصورة" بجريدة المصرى اليوم، ترتدى عباءة الحكمة بأثر رجعي، وتتهم شرفاء الوطن بالفاشية وتلومهم على الوقوف فى وجه فرنسا التى (ساهمت فى تعليم الدنيا ما الحرية)!! 

كتابات السيد سمير فريد عن الأزمة لم تخرج عن المعنى ذاته الذى سبق وأن كرره فى مقالات عديدة أشاد فيها بأى انتاج إسرائيلى سينمائي، لكنها تميزت هذه المرة بكثير من شطط وتناقض وصراخ، بل والادعاء زورا وبهتانا علينا وعلى كل من فضح جريمة المركز الفرنسى بأقوال لم نقلها، فها هو يؤكد بيقينه المعهود أن بعض الكتابات الصحفية وبعد سحب الفيلم من المهرجان طالبت دولة فرنسا "بالاعتذار عما كانت تنوى أن تفعله" وهو مالم يحدث.. بل العكس هو الذى حدث، فحينما علمنا أن المركز قام بسحب الفيلم الإسرائيلى اعتبرنا ذلك اعتذارا كافيا عن خطأ غير مقصود، وصدقنا ادعاءات موظفى المركز بأنهم لم يعلموا بجنسية المخرجة، وبأنهم اختاروه حسب جنسية إنتاجه و.. و... وقلنا "يا دار ما دخلك شر".. لكن وبعد فرض الفيلم مرة أخرى بأوامر من الخارجية الفرنسية، وبعد ما قاله المتحدث الرسمى باسم الخارجية الفرنسية بلغة متعالية ووقحة، وبعد توجيهه اللوم للفنانين المصريين الذين انسحبوا من المشاركة فى المهرجان، كان لابد لنا من وقفة حاسمة تعلم هذا المأفون الفرنسى درسا لا ينساه، وكتبت أنا شخصيا مقالا اقرب إلى البيان تحت عنوان "إلى كل شريف على أرض مصر.. فلنجتمع تحت راية لا لعرض الفيلم الإسرائيلي". 

هذا هو ما حدث وهو ما يعلمه السيد فريد تماما، إلا أنه ادعى أن دولة فرنسا (العظمى حسب وصفه) غضبت منا حين طالبناها بالاعتذار (عما كانت تنوى أن تفعله) فتعنتت وقالت: "طيب والله ما أنا معتذرة.. وكمان ها اعرض الفيلم.. بس هه)!! 

هكذا يريدنا السيد فريد أن نصدق أن فرنسا (العظمي) تصرفت مع الأزمة برد فعل لا يليق إلا بخلافات الأطفال!! 

ومع ذلك، ورغم هذا المنطق المعوج المضحك نقول للسيد فريد اننا نتحداك أن تعيد نشر جملة واحدة قرأتها فى أى جريدة مصرية معروفة أو غير معروفة طالب فيها صحفى مصرى فرنسا بالاعتذار بعد قرار سحب الفيلم.. نتحدااااك. 

وبعيدا عن هذا (الكذب) دعنا يا سيد فريد نناقشك فى بعض بديهيات أثارتها كتاباتك الأخيرة، ولنبدأ بهذا اليقين الذى أنهيت به مقالك يوم الاثنين الماضى الذى حمل عنوان "الحرية الغائبة فى أزمة مهرجان لقاء الصورة" لقد قلت، وبالنص: "إن المركز الفرنسى حر فى عرض فيلم لمخرجة إسرائيلية، وكل سينمائى مصرى حر فى أن يشارك فى المهرجان أو لا يشارك، وكل مصرى حر فى أن يشاهده أو لا يشاهده، وحر فى أن يعتبره تطبيعا مع إسرائيل أو لا يعتبره، بل حر فى أن يوافق على التطبيع أو يرفضه"!! 

ما هذا يا رجل.. يبدو أنك تفهم الحرية بما يتناقض تماما مع معناها الحقيقي.. فالتطبيع مع الكيان الصهيونى يا سيد سمير هو خيانة لإرادة شعب رفض التطبيع بكل أشكاله (ونكرر.. بكل أشكاله) والخيانة يا سيد سمير ليست وجهة نظر، لكنها جريمة يحق على مقترفها عقاب الفضح والتجريس والنبذ حتى يتوب، ولك فى على سالم مثالا فجا، وبالتالى فليس كل مصرى حر فى أن يشارك أو لا يشارك، وليس كل مصرى حر فى أن يوافق على التطبيع أو لا يوافق.. وإذا شارك أو وافق فعليه أن يحتمل عقاب فعلته المخزية، فهو ليس حرا فى أن يقبل العقاب أو يرفضه. 

وهنا يا سيد سمير نجدنا مضطرين إلى لفت انتباهك إلى عدة خطوات قمت بها (دون وعى بالتأكيد) ربما تجرك دون أن تقصد (بالتأكيد) إلى فخ التطبيع الذى يعاقب عليه القانون الشعبى بالفضح والتجريس فانتبه.. وحتى تنتبه سنلقى عليك بضعة أسئلة لعلها تسهم فى إفاقتك منها مثلا: لماذا وافقت على كتابة مقدمة البرنامج المطبوع للمهرجان الذى احتوى على فيلم لمخرجة إسرائيلية وأنت الذى يؤكد فى كل حين أنه ضد التطبيع بل واعتبرت عدم مشاهدتك للفيلم انه موقف ضد التطبيع حسب ما كتبت فى مقالك يوم الخميس الماضي؟. لماذا إذن كتبت المقدمة التى تدعو فيها صراحة إلى (التعايش بين الأعراق)!! فهل كتبت هذه المقدمة وأنت تجهل بمشاركة المخرجة الإسرائيلية، أم أنك كنت تعلم علم اليقين؟ أرجوك أجبنا.. وأجبنا أيضا عن السؤال حول موقفك من الأزمة نفسها وابتعادك التام عن المشاركة ولو بالكتابة فى عمودك اليومى ـ أثناء الأزمة لا بعدها ـ تفسر لنا هذا اللبس وتعتذر عن خطأ غير مقصود قد يفهم على أنه (لا سمح الله) موافقة صريحة منك على المشاركة الإسرائيلية؟ 

أما السؤال الثالث فيخص موقفك من هذا الشكر الذى وجهه إليك المركز الفرنسى منشورا فى البرنامج الأخير المصاحب للمهرجان بعد انسحاب الأفلام المصرية وبعد الوقفة الاحتجاجية التى شارك فيها رموز عديدة من شرفاء الوطن فى مجالات مختلفة.. ما معنى هذا الشكر يا سيد سمير؟ هل يشكرونك مثلا على دعمهم فى إقامة المهرجان رغم انسحاب واعتراض الشرفاء؟ أم يشكرونك لأنك أنقذت لهم المهرجان باستضافة أفلام رومانية بديلة للأفلام المصرية المنسحبة؟! إن هذا الشكر الذى وجهه إليك المركز يا سيد فريد يثير حولك ما لا نرضاه لك.  

وأخيرا يا سيد سمير نرجوك أن تكف عن هذه الدعوة الساذجة الخاصة بحل (الدولتين).. ولتسأل نفسك سؤالا واحدا: "ولماذا لا تكون دولة واحدة.. يحيا عليها اليهودى والمسيحى والمسلم والملحد، تحت راية واحدة.. راية فلسطينية عربية؟ ولماذا لا تدعو معنا إلى سلام حقيقى يؤكد على أننا لا نرفض عيش اليهود فى فلسطين، بل إننا لم نرفض، ولن نرفض أبدا، أن تأتى الانتخابات الديمقراطية فى هذه الدولة برئيس وزراء يهودي.. لماذا؟  

وإذا كنت غير مصدق استحالة تحقق حل (الدولتين) أحيلك إلى مقال الباحثة الجادة والمجيدة الدكتورة منار الشوربجي، المنشور الأربعاء الماضى فى جريدة "المصرى اليوم" الذى يحمل عنوان (حل الدولتين صار سرابا) كما أحيلك إلى مقال الدكتور رفعت سيد أحمد المنشور فى اليوم نفسه بالجريدة نفسها الذى يحمل عنوان (التطبيع فعل فاضح فى التاريخ العام) وفيه من الأرقام والحقائق العلمية ما يعينك على فهم ما يلتبس عليك، ومنه ستدرك أن الذين يروجون للتطبيع بحجة (اعرف عدوك) إما إنهم سذج أو خونة مع سبق الإصرار والترصد. 

ولعلك لاحظت يا سيد سمير أننى أحلتك إلى قراءة المنشور فى جريدة (المصرى اليوم) التى تكتب أنت فيها.. ولم أحلك إلى جرائد أخرى ربما تراها (فاشية)..فهل ستقرأ؟..أرجوك. 

فنحن بانتظار عودتك إلى الصف.  

العربي المصرية في

18/04/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)