حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ضوء

الحقيقة السينمائية والعين السينمائية

عدنان مدانات

تصدر قريباً الترجمة العربية لكتاب “الحقيقة السينمائية والعين السينمائية” من تأليف المخرج السوفييتي دزيغا فيرتوف 1896-،1954 والذي في عام 1961 بدأ اسمه وبعد وفاته بسبعة أعوام، يبرز على نطاق عالمي، وذلك على أثر قيام المخرج الفرنسي والعالم الاجتماعي جان روش بإخراج فيلم تسجيلي بعنوان “أحداث صيف واحد”، حيث أطلق جان روش على أسلوبه اسم “سينما الحقيقة” (سيني فيريتيه)، تكريماً لذكرى فيرتوف، الذي أنشأ الجريدة السينمائية عام 1923 والمسماة “الحقيقة السينمائية” . في الفترة نفسها أطلق المخرج الفرنسي الشهير جان لوك غودار على المجموعة التي تعمل معه اسم “مجموعة فيرتوف السينمائية” تخليداً لذكرى دزيغا فيرتوف، ومنذ ذلك الحين أصبح المخرجون التسجيليون في مختلف بلدان العالم يكتشفون بالتدريج التراث النظري والعملي الذي صنعه فيرتوف وأضافه للسينما التسجيلية، وأدرك المنظّرون تأثير فيرتوف الخالد في مجمل تطور السينما التسجيلية .

اشتهر فيرتوف ليس فقط كسينمائي تسجيلي صاحب تجربة رائدة مستكشفة لجوهر السينما، بل أيضاً، صاحب نظرية متحيزة للسينما التسجيلية ومنافسة للنظريات التي كانت تفهم السينما من خلال الأفلام الروائية وحدها، وهي النظرية التي عبّر عنها من خلال مقالاته ويومياته . في المقالات واليوميات، يجد القارئ أسس وتفاصيل نظرية المونتاج عند فيرتوف، وأسس وتفاصيل منهج “الحقيقة السينمائية” وأسلوب “العين السينمائية”، كما يمكن للقارئ من خلال هذه المقالات واليوميات المتناثرة أن يتعرف الى الفهم الثوري لنظرية الفيلم التسجيلي “الوثائقي”، وأن يتعرف أيضا الى تاريخ تطور الفيلم التسجيلي وتطور وسائل التعبير فيه . عانى دزيغا فيرتوف كثيراً في حياته، ومن المعلوم أنه توقف كلياً عن الإخراج في السنوات العشر الأخيرة من عمره بسبب من عدم رضى السلطات عن نهجه التجريبي الحر، غير انه أثناء حياته، استطاع أن يخلق مدرسة خاصة به، ولكن تطرفه في عرض أفكاره وخاصة موقفه من السينما “الفنية” الروائية، أدى إلى أن يوجد أعداء كثيرين له، أسهموا إلى حد كبير في خلق مأساته الكبيرة والتي هي توقفه عن الإخراج بعدما وصل الى مرحلة النضج وأنجز العديد من التجارب المبدعة والتي ستؤثر لاحقا، بعد وفاته في مسيرة السينما العالمية، خصوصاً من خلال الجمع ما بين الروائي والتسجيلي في الأفلام بقصد إضفاء المزيد من المصداقية على مواضيعها .

تجاوز فيرتوف في أفكاره المستويات والإمكانات التقنية التي كانت موجودة في عصره . لقد برهن التطور التقني الحالي على صحة آرائه، بل إنه يمكن القول بجرأة إن أفكاره ما زالت أكثر تطورا من المستوى الذي وصلت إليه تقنية السينما الآن، وهنا يمكن أن نورد تصريحا لأحد السينمائيين التسجيليين قيل عام 1965 أثناء مهرجان لايبزغ الدولي للسينما التسجيلية: “إننا نبحث جميعا الآن عن وسائل جديدة للتعبير السينمائي، وعندما نجدها نكتشف أن دزيغا فيرتوف قد استعملها بعبقرية أخاذة منذ ثلاثين عاما” .

ونذكر هنا أن أحد النقاد المعادين لفيرتوف كتب في العشرينات يقول: “إن فيرتوف يصنع أفلاما سيفهمها المشاهدون بشكل كامل فقط بعد خمسين عاما” . هذا بالطبع، لا يشكل إدانة لفيرتوف، بقدر ما يشير إلى عبقريته المبدعة، تلك العبقرية التي وصفها المخرج التسجيلي الفرنسي الكبير كريس ماركر على هذا النحو:

“الكلمات تصبح مساوية للصور .

الأفكار تصبح مساوية للحقائق .

الفن يتساوى مع الحياة .

كيف يسمى هذا باللغة الروسية؟

يسمى هكذا . . . دزيغا فيرتوف” .

كان فيرتوف يؤمن بعمق بإمكانات السينما التسجيلية والتي يعتبرها أساسا لفن السينما بينما كان يرفض السينما “الفنية” الروائية ويعتبرها دخيلة على جوهر السينما، أو شكلا من أشكال استعمال الأدب والمسرح في السينما . من هنا كانت تجربته في فيلم “الرجل والكاميرا السينمائية” الذي يوصف كبيان سينمائي مصور، والذي هو أساسا فيلم عن لغة السينما نفسه، وقد لا نتفق مع فيرتوف في رفضه للسينما الفنية، ولكننا لن نستطيع أن نرفض رأيه هذا بحزم، ولنذكر هنا أن أفضل مدارس السينما الفنية، مثل الواقعية الجديدة في إيطاليا، والسينما الواقعية عموما، وكذلك السينما السياسية الحديثة، تزداد أكثر فأكثر اقترابا من صيغ الفيلم التسجيلي كما روّج لها فيرتوف، ومع ذلك، فإن فيرتوف كان قد تنبأ بمثل هذه المدارس، أي مدارس السينما الفنية الروائية المتأثرة بالتسجيلية، وكان أيضا يرفض هذا الاتجاه، لأنه كان يسعى لخلق السينما الصافية بوسائل السينما التسجيلية وحدها باعتبارها تعكس صور الواقع الحقيقية، وفي كل الأحوال، فإن هذه الآراء التي أثارت الكثيرين ضد فيرتوف في حينه، لم تدحض بعد، بل على العكس من ذلك فلا تزال المهمة المطروحة الآن أمام السينمائيين المبدعين هي أن يبرهنوا عليها، وهي آراء سليمة من الناحية النظرية، وأما من الناحية العملية فإن إمكانات التطور التقني، هي التي ستقدم الجواب النهائي في هذا المجال.

الخليج الإماراتية في

17/04/2010

 

صباح السبت

فاتن حمــامـــة

بقلم : مجدي عبد العزيز

أمضيت خلال الأيام الماضية أوقاتاً ممتعة مع كتاب أتصور أنه يمثل إضافة جديدة للمكتبة الفنية ولا غني للدارسين أو الهواة عن اقتنائه نظراً لأهمية صاحبة الكتاب  والدور الذي لعبته في تشكيل الوجدان المصري عبر سنوات طويلة.

الكتاب أصدره شيخ النقاد السينمائيين أستاذنا عبدالنور خليل عن سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والعصر الذهبي للسينما المصرية ويقع في ٦٧١ صفحة ويضم لقطات من أشهر الأفلام التي قدمتها للشاشة الفضية ثم يأخذنا بأسلوب جذاب وشائق لنتعرف علي بداية مشوار طفلة صغيرة أصبحت فيما بعد واحدة من أهم نجمات الساحرة الفضية فقد شاهدناها تكشف بشدة عن موهبتها في فيلم »يوم سعيد« مع الموسيقار محمد عبدالوهاب وإخراج مكتشفها المخرج العبقري محمد كريم.
وتعلقت عيوننا بالطفلة الموهوبة فاتن حمامة وهي تجسد دور »أنيسة« في فيلم »يوم سعيد« ثم ازدادت تألقاً
ولمعاناً في ثاني أفلامها »رصاصة في القلب« مع الثنائي عبدالوهاب وكريم مرة أخري معلنة عن نفسها بقوة فهي منجم من الذهب في الأداء التمثيلي ولها »طلة« تخطف العين والقلب وتمتلك صوتاً ملائكياً فيه صفاء الحياة ودفء المشاعر والأحاسيس وهو الشيء الذي جعل منها نجمة سينمائية متفردة في كل شيء ووضعها علي قمة الهرم التمثيلي في العصر الذهبي للسينما المصرية وصنع منها أسطورة تتغني بها الأجيال حتي يومنا هذا.

ويغوص بنا عمنا الكبير عبدالنور خليل إلي أعماق فاتن حمامة الإنسانة والفنانة وبنت البلد الأصيلة التي لم تتنازل أبداً عن أفكارها أو مبادئها أو قيمها الأخلاقية وظلت محتفظة بسيرة ناصعة البياض منذ ظهورها علي الساحة الفنية وحتي يومنا هذا وهو يسرد لنا أهم المحطات الرئيسية التي شكلت ملامحها وجعلت منها سيدة الشاشة العربية لأكثر من نصف قرن من الزمان وكانت شاهدة علي عصر كبار صناع العمل السينمائي في مصر من المنتجين والمخرجين والمؤلفين والممثلين بل وكانت محط أنظار العالم كله بما تحمله من رقي في الأداء والثقافة والسلوكيات الرفيعة ونالت العشرات من الجوائز العالمية والمحلية في كبري المهرجانات السينمائية الدولية ورشحت أيضاً لنيل جائزة الأوسكار عن دور »آمنة« في فيلم »دعاء الكروان« وبلغ رصيدها من الأفلام أكثر من مائة فيلم.

ولم يتوقف عطاء فاتن حمامة علي شاشة السينما فقط بل امتد إلي مجال الدراما التليفزيونية واستطاعت أن يكون لها بصمة قوية بأعمال رائعة وهو ما يؤكده كتاب عبدالنور خليل عنها والذي يعد شهادة حية وصادقة علي العصر الذي عاشت فيه هذه النجمة القديرة وعبرت من خلاله عن وجهة نظرها في المناخ السياسي آنذاك وكيف واجهت العديد من الصعوبات طوال السنوات التي اضطرت فيها للغربة عن تراب وطنها إلي آخره من الموضوعات التي تتحدث عن الجانب الشخصي لها كأم محترمة وزوجة وست بيت.

وقد أسعدني الحظ بالتعرف علي سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في مكتب أستاذنا  الراحل مصطفي أمين عندما فازت بجائزة علي ومصطفي أمين الصحفية عرفانا وتقديرا بما قدمته من أعمال سينمائية وتليفزيونية بل واذاعية علي مدي مشوارها الفني الطويل وأذكر يومها وقبل ان نتجه جميعا إلي مكان الاحتفال بتوزيع الجوائز كيف كانت تتحدث بحب ووفاء عن كل الأساتذة الذين ساهموا في صنع مشوار نجاحها وكيف حافظت علي أن تظل دائما مخلصة لفنها ولزملائها ولجمهورها ولم تهتز أمام أية صعوبات أو شائعات تعرضت لها وهي تصعد سلالم المجد والشهرة من بعض أصحاب الأقلام الرخيصة في المجلات أو الصحف الصفراء.

وفاتن حمامة اختارت ان تحتجب عن الأضواء وهي في قمة عطائها الفني وتكاد تكون الممثلة المصرية الوحيدة التي لم يذكر التاريخ انها قدمت أية أعمال فنية هابطة أو حتي دون المستوي واختارت أن تعيش مع زوجها وأولادها وأحفادها في هدوء وسكون راضية عن كل ما قدمته لجمهورها من أعمال درامية جيدة الصنع توافرت لها كل عناصر المتعة والفن والفكر فقد كانت ولاتزال تعبيرا صادقا عن ضمير أمتها.

إنني أحيي كاتبنا الكبير عبدالنور خليل علي الجهد الذي بذله في إعداد وتقديم هذا الكتاب لعشاق فن فاتن حمامة التي نذوب جميعاً عشقاً فيها وهي جديرة بكل احترام وتقدير وهي فوق هذا وذاك سيدة الأداء الرفيع.

أخبار اليوم المصرية في

16/04/2010

 

الحوار السينمائيّ... البذاءة من الواقع إلى الشاشة

القاهرة - فايزة هنداوي 

لماذا بات الحوار السينمائي في قفص الاتهام؟ هل يمثل هذا التدني انعاكساً للواقع، كما يشير البعض، أم أنه مجرد وسيلة لمغازلة غريزة الجمهور وتحقيق إيرادات عالية؟

يجب ألا تتعالى السينما على لغة الواقع أو تنفصل عنه، برأي سيد فؤاد مؤلف فيلم «كلمني شكراً»، فالفنون ترصد الواقع والألفاظ المستعملة في السينما متداولة في الشارع بين الشباب الذين يمثلون النسبة الأكبر من رواد السينما.

يضيف فؤاد أن تلك الظاهرة ليست حكراً على السينما المصرية فحسب، إنما تعتمد عليها السينما الأميركية بشكل أساسي، لذا تحقق الأخيرة نجاحاً بعيداً عن الادعاء والتزييف.

دور الرقابة

رداً على الاتهامات التي توجه إلى الرقابة على المصنّفات الفنية بأنها تجيز هذه اللغة المتدنية، يؤكد
د. سيد خطاب، رئيس جهاز الرقابة، {أن موجة العشوائيات التي اقتحمت السينما في الفترة الأخيرة أفرزت هذا الحوار».

يضيف خطاب أن إجازة هذه الأفلام تعني أن الرقابة بريئة من تهمة مصادرة الإبداع، إلا أنه كشف أن الأخيرة لن توافق في الفترة المقبلة على سيناريوهات تتضمن حوارات متدنية أو مبتذلة.

بدوره، يلاحظ الكاتب محفوظ عبد الرحمن أن «تدني لغة الحوار في السينما المصرية سببه غياب الثقافة عن المجتمع وتحولها إلى ثقافة شكلية، كذلك أثر عدم الاهتمام باللغة العربية على لغة الحوار في الشارع عموماً، وهذا ما انعكس بدوره على السينما، لأن العلاقة بين السينما والواقع تبادلية فكلاهما يؤثر في الآخر».

تردي المجتمع

يوضح الكاتب يسري الجندي أن التيار الموجود في السينما اليوم انعكاس لواقع التردي السياسي والثقافي والاجتماعي، يقول: «إما أن يكون الفن مرآة للتدهور أو محاولة لتجاوزه، إلا أن تيار التدهور هو الأقوى».

يضيف الجندي «أن الرقابة ليست مستنيرة، فهي تهتمّ بالجانب الأمني أكثر من الجانب الأخلاقي، على رغم أن تأثير الأخير أكثر خطورة على المجتمع لا على المشاهد فحسب».

تتفق الكاتبة شهيرة سلام مع ما طرحه الجندي وتعتبر أن تردّي أحوال السينما انعكاس للهزيمة التي يعيشها المجتمع على المستويات كافة، «أما في ما يتعلق باللغة فهي تعبّر عن العصر الذي نعيشه، بتعبير أدق لو شاهدنا أفلام «الأبيض والأسود» سنتلمس خصوصية العصر الذي صورت فيه، ما يعني أن كل لغة تعبر عن عصرها».

تلاحظ سلام أن السينما تخلت عن دورها في الارتقاء بالمجتمع، وتحولت إلى تجارة تبحث عن الربح، وبدلاً من تقويم السلوكيات ساهمت في انتشار لغة الحوار المبتذلة.

أما الناقد وليد سيف فيرى أن الاتجاه نحو تقديم هذه النوعية من الأفلام ازداد بعدما نجحت نماذج كثيرة منها وحققت شعبية، ثم سعى صناع السينما إلى تكرارها لضمان المكسب المادي على غرار ما كان يحدث في السبعينات، وهذا مؤشر سلبي، برأيه، لأنه يعني اختفاء السينما الجادة التي تحترم عقل المشاهد ولا تؤذيه بمصطلحات سوقية باتت أكثر انتشاراً في الشارع بعد عرضها على الشاشة. يكمن الحل، بحسب سيف، في وجود سينما مضادة تحارب هذه النوعية من الأفلام.

لا يحبّذ سيف مواجهة هذه الظاهرة عبر الرقابة «كي لا نمنحها الفرصة والحجة للتضييق على الفن، فالرقابة ليست مسؤولة عن تربية الجمهور ولا صناع السينما، وليست الضمير الذي يجب أن يكون داخل كل مبدع ويوجهه نحو الأصلح».

الجريدة الكويتية في

16/04/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)